اسمه وكنيته ونسبه :
هو زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب بن عبد العُزَّى بن امرئ القيس ، وينتهي نسبه إلى قضاعة ، ويكنى بـ ( أبي أسامة ) .
نشأته :
أصاب زيد سباء في الجاهلية وهو بن ثمان سنين ، فاشتراه حكيم بن حزام لخديجة بنت خويلد ، فوهبته لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فتبناه بمكة قبل النبوة .
ونشأ في أحضان النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأحبه حتى أنه زوَّجه بنت عمه زينب بنت جحش .
إسلامه :
أسلم زيد بن حارثة بعد إسلام خديجة ( رضوان الله عليها ) وعلي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، وقد آخى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بينه وبين عمه الحمزة ( رضوان الله عليه ) .
قصة التَبَنِّي :
لا بد لنا أن نتحدث عن تبني الرسول ( صلى الله عليه وآله ) لزيد – ولو بشيء من الاختصار – باعتباره يشكل جانباً مهماًمن جوانب حياة زيد بن حارثة .
فقد روي أن أباه وعمه جاءا إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) بعد أن تبناه ، وطالبوا به ، فقال له النبي ( صلى الله عليه وآله ) : اخترني أو اخترهما .
فقال زيد : ما أنا بالذي أختار عليك أحداً ، أنت مني مكان الأب والعم .
فقالا له : ويحك !! أتختار العبودية على الحرية ، وعلى أبيك وعمك وأهل بيتك ؟
فقال لهما : ما أنا بالذي أختار عليه أحداً .
فلما رأى ذلك أبوه وعمه طابت نفوسهما وانصرفا .
ومنذ ذلك الحين دعي بـ ( زيد بن محمد ) ، حتى جاء الإسلام فنزلت الآية الكريمة : ( أدْعُوْهُمْ لآبَائِهِمْ ) الأحزاب : 5 .
فدعي يومئذ ( زيد بن حارثة ) ، ونُسب بعد ذلك كل من تبناه رجل من قريش إلى أبيه .
هجرته إلى الطائف :
يذكر لنا التاريخ أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) عندما رحل إلى الطائف مع علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، كان برفقتهما زيد بن حارثة ، وفي الطائف ضيق أهلها على النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، ورموه بالحجارة ، وأدموا رجلاه الشريفتان ، وكان زيد يقيه بنفسه حتى شُجَّ في رأسه .
مولاته للنبي ( صلى الله عليه وآله ) وأمير المؤمنين ( عليه السلام ) :
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( أحبوا موالينا مع حبكم لآلنا ، هذا زيد بن حارثة وابنه أسامة بن زيد من خواص موالينا ، فأحبوهما ، فو الذي بعث محمد بالحق نبينا لينفعكم حبهما ) .
قالوا : وكيف ينفعهما حبهما ؟
قال ( صلى الله عليه وآله ) : ( إنّهما يأتيان يوم القيامة علياً بخلق كثير من ربيعة ومضر بعدد كل واحد منهم ، فيقولان : يا أخا رسول الله هؤلاء أحبونا بحب محمد رسول الله وبحبك ، فيكتب علي : ( جُوزُوا عَلى الصراطِ سَالِمِين ) .
وقد تبين لنا مما ذكر أنفاً مدى حب زيد بن ثابت للنبي ( صلى الله عليه وآله ) وموالاته لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) .
جهاده مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) :
كان زيد قد شهد بدراً وأحداً والخندق والحديبية وخيبر ، وكان من الرماة المعروفين .
كما أرسله رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في سرية إلى مكان يُسمى ( الفَردة ) ، وهي أول سرية خرج فيها زيداً أميراً .
ثم أرسله في سرايا أخرى ، كانت الأولى إلى ( الجَموم ) ، والثانية إلى ( العيص ) ، والثالثة إلى ( الطَّرَف ) ، والرابعة إلى ( حشِمي ) ، والخامسة إلى ( الفضافض ) ، وغيرهن من السرايا .
زواج النبي ( صلى الله عليه وآله ) من زينب بن جحش :
قال الله سبحانه وتعالى : ( فَلَمَّا قَضَى زَيدٌ مِنهَا وَطَراً زَوَّجنَاكَهَا لِكَي لا يَكُونَ عَلَىالمُؤمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزوَاجِ أَدعِيَائِهِم إِذَا قَضَوا مِنهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمرَ اللهِ مَفعُولاً ) الأحزاب : 37 .
زوَّج النبي ( صلى الله عليه وآله ) زيد من زينب بنت جحش ، فطلقها زيد ، وخلف عليها النبي ( صلى الله عليه وآله ) .
ولتوضيح الحكمة من هذا الزواج يقول السيد مرتضى العاملي : كان الزواج لضرورة اقتضاها التشريع ، حيث أنه ( صلى الله عليه وآله ) كان قد تبنى زوجها زيد ، وكان العرب يعتقدون أن آثار التبني هو نفس آثار البنوة الحقيقية ، فيحل له ، ويحرم عليه ، ويرث ، ويعامل كالإبن الحقيقي تماماً من دون فرق .
ولم يكن مجال لقلع هذا المفهوم الخاطئ إلا بالإقدام على عمل أساسي لا مجال للريب ولا للتأويل فيه .
فكان زواج النبي ( صلى الله عليه وآله ) من زوجة ابنه بالتبني هو الوسيلة الفضلى لقلع هذا المفهوم الخاطئ من أذهانهم .
وقد أشار القرآن الكريم إلى علة التزويج في الآية الشريفة التي افتتحنا بها الكلام حول زواجه ( صلى الله عليه وآله ) .
شهادته :
استشهد زيد بن حارثة ( رضوان الله عليه ) في وقعة مؤتة سنة 8 هـ ، وكان عمره خمس وخمسين سنة .
ولما بلغ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) خبر مقتل زيد بن حارثة ، مع جعفر بن أبي طالب ، وعبد الله بن رواحة ، قام وذكر شأنهم فبدأ بزيد ( رضوان الله عليه ) فقال : ( اللهم اغفر لزيد ، اللهم اغفر لزيد ، اللهم اغفر لزيد ) .