جوانب من حياته :
كان مسلم المجاشعي يعيش في المدائن أيَّام واليها حُذيفة بن اليمان ، وبعد قتل عثمان وبقاء حذيفة والياً عليها بأمر الإمام علي ( عليه السلام ) ، قرأ حذيفة على الناس رسالة الإمام ( عليه السلام ) ، ودعاهم إلى بيعته متحدِّثاً عن عظمته .
ولما بايع الناس أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، طلب مسلم المجاشعي من حذيفة أن يحدِّثه بحقيقة ما كان قد جرى ، ففعل ، أصبح مسلماً .
فكان من الموالين للإمام ( عليه السلام ) ، ورسخ حبَّ الإمام ( عليه السلام ) في قلبه ، حتى قال ( عليه السلام ) فيه يوم الجمل : ( إنَّ الفتى مِمَّن حَشى اللهُ قلبُه نوراً وإيماناً ) .
شهادته :
ذكر في ( المناقب ) للخوارزمي ، عن مجزأة السدوسي ، في ذكر أحداث حرب الجمل : لمَّا تقابل العسكران - عسكر الإمام علي ( عليه السلام ) وعسكر أصحاب الجمل - جعل أهل البصرة يرمون أصحاب علي بالنبل ، حتى عقروا منهم جماعة .
فقال الناس : يا أمير المؤمنين ، إنَّه قد عقرنا نبلهم فما انتظارك بالقوم ؟!
فقال ( عليه السلام ) : ( اللَّهُمَّ إني أشهدُكَ أنِّي قد أعذرت وأنذرت ، فَكُنْ لي عليهم من الشاهدين ) .
ثمَّ دعا ( عليه السلام ) بالدرع ، فأفرغها عليه ، وتقلَّد بسيفه ، واعتجر بعمامته ، واستوى على بغلة النبي ( صلى الله عليه وآله ) .
ثمَّ دعا بالمصحف فأخذه بيده ، وقال : يا أيها الناس ، من يأخذ هذا المصحف فيدعو هؤلاء القوم إلى ما فيه ؟
قال : فوثب غلام من مجاشع يقال له : مسلم ، عليه قباء أبيض ، فقال له : أنا آخذه يا أمير المؤمنين .
فقال له ( عليه السلام ) : ( يا فتى ، إنَّ يدك اليمنى تُقطع ، فتأخذُه باليُسرى ، فتُقطع ، ثمَّ تضرب عليه بالسيف حتى تقتل ) .
فقال الفتى : لا صَبرَ لي على ذلك يا أمير المؤمنين .
قال : فنادى علي ثانية ، والمصحف في يده ، فقام إليه ذلك الفتى ، وقال : أنا آخذه يا أمير المؤمنين .
قال : فأعاد عليه على مقالته الأولى ، فقال الفتى : لا عليك يا أمير المؤمنين ، فهذا قليل في ذات الله .
ثمَّ أخذ الفتى المصحف وانطلق به إليهم ، فقال : يا هؤلاء ، هذا كتاب الله بيننا وبينكم .
قال : فضرب رجل من أصحاب الجمل يده اليمنى فقطعها ، فأخذ المصحف بشماله فقطعت شماله ، فاحتضن المصحف بصدره ، فَضُرب عليه حتى قتل .
وكانت شهادته ( رضوان الله عليه ) سنة 36 هـ .