اسمه ونسبه
بُرير بن خُضير الهمداني المشرقي.
ولادته
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلاّ أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري.
مكانته العلمية
كان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمامينِ الإمام علي والإمام الحسين(عليهما السلام)، ومن شيوخ قرّاء القرآن الكريم، ومن أشراف أهل الكوفة من الهمدانيّين.
من أقوال العلماء فيه
1ـ قال الشيخ الصدوق(قدس سره): «وكان أقرأ أهل زمانه»(2).
2ـ قال العلاّمة المجلسي(قدس سره): «وكان من عبّاد الله الصالحين»(3).
3ـ قال السيّد محسن الأمين(قدس سره) : «كان برير زاهداً عابداً»(4).
4ـ قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «إنّ ولاءه لأهل البيت(عليهم السلام)، وتفانيه في عقيدته، كان متسالماً عليه، وإنّ جلالته ووثاقته كان معترفاً بها حتّى عند المخدّرات، فهو ثقة جليل، وزادته شهادته جلالة وقدساً تسليم الإمام(عليه السلام)(5)، فرضوان الله عليه»(6).
نصرته للإمام الحسين(عليه السلام) يوم الطف
خرج(رضي الله عنه) من الكوفة إلى مكّة المكرّمة لمبايعة الإمام الحسين(عليه السلام) ونصرته، ثمّ سار معه(عليه السلام) إلى كربلاء، وله فيها قضايا ومواعظ تدلّ على قوّة إيمانه(رضي الله عنه).
منها: قوله للإمام الحسين(عليه السلام): «الله يا ابن رسول الله، لقد مَنّ الله بك علينا أن نقاتل بين يديك، وتقطّع فيك أعضائنا، ثمّ يكون جدّك شفيعنا يوم القيامة»(7).
ومنها: إنّه كان يمازح عبد الرحمن بن عبد ربّه الأنصاري، «فقال له عبد الرحمن: دعنا فوالله ما هذه بساعة باطل! فقال له برير: والله، لقد علم قومي أنّي ما أحببت الباطل شاباً ولا كهلاً، ولكن والله إنّي لمستبشر بما نحن لاقون، والله أنّ بيننا وبين الحور العين إلاّ أن يميل هؤلاء علينا بأسيافهم، ولوددت أنّهم قد مالوا علينا بأسيافهم»(8).
وعظه لقائد جيش بني أُمية عمر بن سعد
قال (رضي الله عنه ) للإمام الحسين(عليه السلام): «يا بن رسول الله، ائذن لي أن آتي هذا الفاسق عمر بن سعد فأعظه؛ لعلّه يتّعظ ويرتدع عمّا هو عليه. فقال الحسين: ذاك إليك يا برير. فذهب إليه حتّى دخل على خيمته، فجلس ولم يسلّم، فغضب عمر وقال: يا أخا همدان، ما منعك من السلام عليَّ! ألست مسلماً أعرف الله ورسوله، وأشهد بشهادة الحق؟
فقال له برير: لو كنت عرفت الله ورسوله كما تقول، لما خرجت إلى عترة رسول الله تريد قتلهم، وبعد فهذا الفرات يلوح بصفائه ويلج كأنّه بطون الحيات تشرب منه كلاب السواد وخنازيرها، وهذا الحسين بن علي وإخوته ونساؤه وأهل بيته يموتون عطشاً، وقد حلت بينهم وبين ماء الفرات أن يشربوه، وتزعم أنّك تعرف الله ورسوله! فأطرق عمر بن سعد ساعة إلى الأرض ثمّ رفع رأسه وقال: والله يا برير، إنّي لأعلم يقيناً أن كلّ مَن قاتلهم وغصبهم حقّهم هو في النار لا محالة، ولكن يا برير، أفتشير عليَّ أن أترك ولاية الري فتكون لغيري، فوالله ما أجد نفسي تجيبني لذلك.
فرجع برير إلى الحسين وقال: يا بن رسول الله، إنّ عمر بن سعد قد رضى لقتلك بولاية الري»(9).
وعظه لجيش عمر بن سعد
طلب الإمام الحسين(عليه السلام) منه أن يعظ القوم، «فتقدّم برير فقال: يا قوم، اتّقوا الله فإنّ ثقل محمّد قد أصبح بين أظهركم، هؤلاء ذرّيته وعترته وبناته وحرمه، فهاتوا ما عندكم وما الذي تريدون أن تصنعوه بهم؟ فقالوا: نريد أن نمكّن منهم الأمير ابن زياد، فيرى رأيه فيهم.
فقال لهم برير: أفلا تقبلون منهم أن يرجعوا إلى المكان الذي جاؤوا منه؟ ويلكم يا أهل الكوفة، أنسيتم كتبكم وعهودكم التي أعطيتموها وأشهدتم الله عليها، يا ويلكم أدعوتم أهل بيت نبيّكم، وزعمتم أنّكم تقتلون أنفسكم دونهم، حتّى إذا أتوكم أسلمتموهم إلى ابن زياد، وحلأتموهم عن ماء الفرات، بئس ما خلفتم نبيّكم في ذرّيته، ما لكم لا سقاكم الله يوم القيامة، فبئس القوم أنتم. فقال له نفر منهم: يا هذا ما ندري ما تقول؟
فقال برير: الحمد لله الذي زادني فيكم بصيرة، اللّهم إنّي أبرء إليك من فعال هؤلاء القوم، اللّهم ألق بأسهم بينهم، حتّى يلقوك وأنت عليهم غضبان. فجعل القوم يرمونه بالسهام، فرجع برير إلى ورائه»(10).
خروجه لمبارزة القوم
خرج(رضي الله عنه) إلى ميدان القتال وهو يقول:
أنا برير وأبي خضير ** ليث يروع الأسد عند الزئر
يعرف فينا الخير أهل الخير ** أضربكم ولا أرى من ضير
كذاك فعل الخير من برير.
وبعدما قتل من الجيش ثلاثين رجلاً، سقط قتيلاً بضربة من بحير بن أوس الضبي.
شهادته
استُشهد(رضي الله عنه) في العاشر من المحرّم عام 61ﻫ بواقعة الطف، ودُفن في مقبرة الشهداء بجوار مرقد الإمام الحسين(عليه السلام) في كربلاء المقدّسة.
ـــــــــــ
1. اُنظر: أعيان الشيعة 3/561.
2. الأمالي للصدوق: 224.
3. بحار الأنوار 45/15.
4. أعيان الشيعة 3/561.
5. ورد تسليم الإمام المهدي(عليه السلام) له في الزيارة الرجبية.
6. تنقيح المقال 12/159.
7. اللهوف في قتلى الطفوف: 48.
8. مقتل الحسين لأبي مخنف: 115.
9. اُنظر: مقتل الحسين للخوارزمي 1/248.
10. بحار الأنوار 45/5.