33- باب علامة أوّل يوْم منْ شهْر رمضان
1- أخْبرني الشّيْخ رض و الْحسيْن بْن عبيْد اللّه جميعا عنْ أبي غالب أحْمد بْن محمّد الزّراريّ قال أخْبرنا أحْمد بْن محمّد عنْ أحْمد بْن الْحسن بْن أبان عنْ عبْد اللّه بْن جبلة عنْ علاء عنْ محمّد بْن مسْلم عنْ أحدهما يعْني أبا جعْفر و أبا عبْد اللّه ع قال شهْر رمضان يصيبه مثْل ما يصيب الشّهور من النّقْصان فإذا صمْت تسْعة و عشْرين يوْما ثمّ تغيّمت السّماء فأتمّ الْعدّة ثلاثين
2- عليّ بْن مهْزيار عنْ عمْرو بْن عثْمان عن الْمفضّل عنْ زيْد الشّحّام عنْ أبي عبْد اللّه ع أنّه سئل عن الْأهلّة قال هي أهلّة الشّهور فإذا رأيْت الْهلال فصمْ و إذا رأيْته فأفْطرْ قلْت أ رأيْت إنْ كان الشّهْر تسْعة و عشْرين يوْما أقْضي ذلك الْيوْم فقال لا إلّا أنْ تشْهد لك بيّنة عدول فإنْ شهدوا أنّهمْ رأوا الْهلال قبْل ذلك فاقْض ذلك الْيوْم
3- عنْه عن الْحسن بْن عليّ عن الْقاسم بْن عرْوة عنْ أبي الْعبّاس عنْ أبي عبْد اللّه ع قال الصّوْم للرّؤْية و الْفطْرة للرّؤْية و ليْس الرّؤْية أنْ يراه واحد و لا اثْنان و لا خمْسون
4- عنْه عنْ عثْمان بْن عيسى عنْ رفاعة عنْ أبي عبْد اللّه ع قال صيام شهْر رمضان بالرّؤْية و ليْس بالظّنّ و قدْ يكون شهْر رمضان تسْعة و عشْرين و يكون ثلاثين يصيبه ما يصيب الشّهور من التّمام و النّقْصان
5- عنْه عنْ محمّد بْن أبي عميْر عنْ أيّوب و حمّاد عنْ محمّد بْن مسْلم عنْ أبي جعْفر ع قال إذا رأيْتم الْهلال فصوموا فإذا رأيْتموه فأفْطروا و ليْس هو بالرّأْي و لا بالتّظنّي و لكنْ بالرّؤْية قال و الرّؤْية ليْس أنْ يقوم عشرة فينْظروا فيقول واحد هو ذا و ينْظر تسْعة فلا يروْنه إذا رآه واحد رآه عشرة و ألْف و إذا كان علّة فأتمّ شعْبان ثلاثين
6- الْحسيْن بْن سعيد عنْ محمّد بْن فضيْل عنْ أبي الصّبّاح و صفْوان عن ابْن مسْكان عن الْحلبيّ جميعا عنْ أبي عبْد اللّه ع أنّه سئل عن الْأهلّة فقال هي أهلّة الشّهور فإذا رأيْت الْهلال فصمْ و إذا رأيْته فأفْطرْ قلْت أ رأيْت إنْ كان الشّهْر تسْعة و عشْرين يوْما أقْضي ذلك الْيوْم فقال لا إلّا أنْ يشْهد لك بيّنة عدول فإنْ شهدوا أنّهمْ رأوا الْهلال قبْل ذلك فاقْض ذلك الْيوْم
7- عنْه عنْ صفْوان عنْ منْصور بْن حازم عنْ أبي عبْد اللّه ع أنّه قال صمْ لرؤْية الْهلال و أفْطرْ لرؤْيته فإنْ شهد عنْدك شاهدان مرْضيّان بأنّهما رأياه فاقْضه
8- عنْه عن الْقاسم عنْ أبان عنْ عبْد الرّحْمن بْن أبي عبْد اللّه قال سألْت أبا عبْد اللّه ع عنْ هلال رمضان يغمّ عليْنا في تسْع و عشْرين منْ شعْبان فقال لا تصمْ إلّا أنْ تراه فإنْ شهد أهْل بلد آخر فاقْضه
9- عنْه عنْ يونس بْن عقيل عنْ محمّد بْن قيْس عنْ أبي جعْفر ع قال قال أمير الْمؤْمنين ع إذا رأيْتم الْهلال فأفْطروا أوْ تشْهد عليْه بيّنة عدول من الْمسْلمين فإنْ لمْ تروا الْهلال إلّا منْ وسط النّهار أوْ آخره فأتمّوا الصّيام إلى اللّيْل و إنْ غمّ عليْكمْ فعدّوا ثلاثين ثمّ أفْطروا
10- عنْه عنْ فضالة عنْ سيْف بْن عميرة عنْ إسْحاق بْن عمّار عنْ أبي عبْد اللّه ع أنّه قال في كتاب عليّ ع صمْ لرؤْيته و أفْطرْ لرؤْيته و إيّاك و الشّكّ و الظّنّ فإنْ خفي عليْكمْ فأتمّوا الشّهْر الْأوّل ثلاثين
11- عنْه عنْ فضالة عنْ سيْف عن الْفضيْل بْن عثْمان عنْ أبي عبْد اللّه ع أنّه قال ليْس على أهْل الْقبْلة إلّا الرّؤْية و ليْس على الْمسْلمين إلّا الرّؤْية
12- محمّد بْن الْحسن الصّفّار عنْ عليّ بْن محمّد الْقاشانيّ قال كتبْت إليْه و أنا بالْمدينة أسْأله عن الْيوْم الّذي يشكّ فيه منْ شهْر رمضان هلْ يصام أمْ لا فكتب الْيقين لا يدْخل فيه الشّكّ صمْ للرّؤْية و أفْطرْ للرّؤْية
قال محمّد بْن الْحسن بْن عليّ الطّوسيّ و الْأخْبار في هذا الْباب أكْثر منْ أنْ تحْصى و قدْ أوْردْنا طرفا كثيرا في كتابنا الْكبير و اقْتصرْنا هاهنا على الْقدْر الّذي ذكرْنا لئلّا يطول الْكتاب
- فأمّا ما رواه ابْن رباح في كتاب الصّيام منْ حديث حذيْفة بْن منْصور عنْ معاذ بْن كثير قال قلْت لأبي عبْد اللّه ع إنّ النّاس يقولون إنّ رسول اللّه ص صام تسْعة و عشْرين يوْما أكْثر ممّا صام ثلاثين فقال كذبوا ما صام رسول اللّه ص إلى أنْ قبض أقلّ منْ ثلاثين يوْما و لا نقص شهْر رمضان منْذ خلق اللّه السّماوات منْ ثلاثين يوْما و ليْلة
14- و روى منْ طريق آخر و هو الْحسن بْن حذيْفة عنْ أبيه عنْ معاذ قال قلْت لأبي عبْد اللّه ع إنّ النّاس يرْوون أنّ رسول اللّه ص صام تسْعة و عشْرين يوْما قال فقال لي أبو عبْد اللّه ع لا و اللّه ما نقص شهْر رمضان منْذ خلق اللّه السّماوات و الْأرْض منْ ثلاثين يوْما و ثلاثين ليْلة
15- و رواه أيْضا محمّد بْن سنان عنْ حذيْفة بْن منْصور عنْ أبي عبْد اللّه ع قال شهْر رمضان ثلاثون يوْما لا ينْقص أبدا
16- و رواه منْ طريق آخر بألْفاظ تزيد و تنْقص على ما تقدّم رواه عن الْحسن بْن حذيْفة عنْ أبيه عنْ معاذ بْن كثير قال قلْت لأبي عبْد اللّه ع إنّ النّاس يرْوون عنْدنا أنّ رسول اللّه ص صام هكذا و هكذا و هكذا و حكى بيده يطْبق إحْدى كفّيْه على الْأخْرى عشْرا و عشْرا و تسْعا أكْثر ممّا صام هكذا و هكذا و هكذا يعْني عشْرا و عشْرا و عشْرا قال فقال أبو عبْد اللّه ع ما صام رسول اللّه ص أقلّ منْ ثلاثين يوْما و ما نقص شهْر رمضان منْ ثلاثين يوْما منْذ خلق اللّه السّماوات و الْأرْض
17- و رواه منْ طريق آخر عنْ أبي عمْران الْمنْشد عنْ حذيْفة بْن منْصور قال قال أبو عبْد اللّه ع لا و اللّه ما نقص شهْر رمضان و لا ينْقص أبدا منْ ثلاثين يوْما و ثلاثين ليْلة فقلْت لحذيْفة لعلّه قال لك ثلاثين ليْلة و ثلاثين يوْما كما يقول النّاس اللّيْل قبْل النّهار فقال لي حذيْفة هكذا سمعْت
و هذا الْخبر لا يصحّ الْعمل به منْ وجوه أحدها أنّ متْن هذا الْخبر لا يوجد في شيْء من الْأصول الْمصنّفة و إنّما هو موْجود في الشّواذّ من الْأخْبار و منْها أنّ كتاب حذيْفة بْن منْصور عري عنْ هذا الْحديث و هو كتاب معْروف مشْهور فلوْ كان هذا الْخبر صحيحا عنْه لضمّنه كتابه و منْها أنّ هذا الْخبر مخْتلف الْألْفاظ مضْطرب الْمعاني أ لا ترى أنّ حذيْفة تارة يرْويه عنْ معاذ بْن كثير عنْ أبي عبْد اللّه ع و تارة يرْويه عنْ أبي عبْد اللّه ع بلا واسطة و تارة يفْتي به منْ قبل نفْسه و لا يسْنده إلى أحد و هذا الضّرْب من الاخْتلاف ممّا يضعّف الاعْتراض به و التّعلّق بمثْله و منْها أنّه لوْ سلم منْ جميع ما ذكرْناه لكان خبرا واحدا لا يوجب علْما و لا عملا و أخْبار الْآحاد لا يجوز الاعْتراض بها على ظاهر الْقرْآن و الْأخْبار الْمتواترة الّتي ذكرْناها و لوْ سلم منْ ذلك أيْضا كلّه لمْ يكنْ في مضْمونه ما يوجب الْعمل به على الْعدد دون الْأهلّة و أنا أبيّن عنْ وجْه ذلك إنْ شاء اللّه
أمّا الْحديث الّذي رواه الْحسن بْن حذيْفة عنْ أبيه عنْ معاذ بْن كثير أنّه قال لأبي عبْد اللّه ع إنّ النّاس يقولون إنّ رسول اللّه ص صام تسْعة و عشْرين أكْثر ممّا صام ثلاثين قال كذبوا ما صام رسول اللّه ص منْذ بعثه اللّه إلى أنْ قبضه اللّه أقلّ منْ ثلاثين يوْما و لا نقص شهْر رمضان منْذ خلق اللّه السّماوات و الْأرْض منْ ثلاثين يوْما
فإنّه يفيد تكْذيب الرّاوي من الْعامّة عن النّبيّ ص أنّه صام شهْر رمضان تسْعة و عشْرين يوْما أكْثر ممّا صامه ثلاثين و لا يفيد أنّه لا يصحّ صيامه تسْعة و عشْرين و لا يتّفق أنْ يكون زمانه كذلك و يكون معْنى ما صام منْذ بعث إلى أنْ قبض أقلّ منْ ثلاثين يوْما الْإخْبار عمّا اتّفق له منْ ذلك في مدّة زمان فرض اللّه عليْه ذلك دون ما يسْتقْبل في الْأوْقات بعْد تلْك الْأزْمان و يحْتمل أنْ يكون لمْ يصمْ رسول اللّه ص أقلّ منْ ثلاثين يوْما على ما ادّعاه الْمخالف من الْكثْرة دون الْقلّة و التّغْليب دون التّقْليل فكأنّه قال لمْ يكنْ صام رسول اللّه ص أقلّ منْ ثلاثين يوْما على أغْلب أحْواله حسب ما ادّعاه الْمخالفون و يكون قوْله و لا نقص شهْر رمضان منْذ خلق اللّه السّماوات و الْأرضين منْ ثلاثين يوْما و ثلاثين ليْلة على الْوجْه الّذي زعم الْمخالفون أنّ نقْصانه عنْ ذلك أكْثر منْ تمامه فإذا احْتمل الْكلام من الْمعْنى في هذا الْخبر ما ذكرْناه حملْناه عليْه و جمعْنا بيْنه و بيْن الْأخْبار الْمتواترة منْ جواز نقْصان شهْر رمضان عنْ ثلاثين يوْما ليقع الاتّفاق و الالْتيام بيْن الْأخْبار عن الصّادقين ع و
أمّا حديث محمّد بْن سنان عنْ حذيْفة بْن منْصور عنْ أبي عبْد اللّه ع أنّه قال شهْر رمضان ثلاثون يوْما لا ينْقص أبدا و في الرّواية الْأخْرى لا ينْقص و اللّه أبدا
غيْر موجب لما ذهب إليْه أهْل الْعدد و ذلك أنّ قوْله ع شهْر رمضان لا ينْقص أبدا إنّما أفاد أنّه لا يكون أبدا ناقصا بلْ قدْ يكون حينا تامّا و حينا ناقصا و لوْ نقص أبدا لما تمّ في حال من الْأحْوال و هذا ممّا لمْ يذْهبْ إليْه أحد من الْعقلاء
18- فأمّا ما رواه محمّد بْن الْحسيْن بْن أبي الْخطّاب عنْ محمّد بْن إسْماعيل عنْ محمّد بْن يعْقوب بْن شعيْب عنْ أبيه قال قلْت لأبي عبْد اللّه ع إنّ النّاس يقولون إنّ رسول اللّه ص صام تسْعة و عشْرين يوْما أكْثر ممّا صام ثلاثين يوْما فقال كذبوا ما صام رسول اللّه ص إلّا تماما و ذلك قوْل اللّه تعالى و لتكْملوا الْعدّة فشهْر رمضان ثلاثون يوْما و شوّال تسْعة و عشْرون يوْما و ذو الْقعْدة ثلاثون يوْما لا ينْقص أبدا لأنّ اللّه تعالى يقول و واعدْنا موسى ثلاثين ليْلة و ذو الْحجّة تسْعة و عشْرون يوْما ثمّ الشّهور على مثْل ذلك شهْر تامّ و شهْر ناقص و شعْبان لا يتمّ أبدا
19- و روى هذا الْحديث محمّد بْن عليّ بْن بابويْه عنْ أبيه عنْ سعْد بْن عبْد اللّه عنْ محمّد بْن الْحسيْن بْن أبي الْخطّاب عنْ محمّد بْن إسْماعيل عنْ محمّد بْن يعْقوب بْن شعيْب عنْ أبيه عنْ أبي عبْد اللّه ع قال قلْت له إنّ النّاس يرْوون أنّ رسول اللّه ص صام شهْر رمضان تسْعة و عشْرين يوْما أكْثر ممّا صام ثلاثين يوْما فقال كذبوا ما صام رسول اللّه ص إلّا تامّا و لا تكون الْفرائض ناقصة إنّ اللّه خلق السّنة ثلاثمائة و ستّين يوْما و خلق السّماوات و الْأرْض في ستّة أيّام فحجزها منْ ثلاثمائة و ستّين يوْما فالسّنة ثلاثمائة و أرْبعة و خمْسون يوْما و شهْر رمضان ثلاثون يوْما و ساق الْحديث إلى آخره
20- و رواه أيْضا محمّد بْن يعْقوب الْكليْنيّ عنْ عدّة منْ أصْحابنا عنْ سهْل بْن زياد عنْ محمّد بْن إسْماعيل عنْ بعْض أصْحابه عنْ أبي عبْد اللّه ع قال إنّ اللّه عزّ و جلّ خلق الدّنْيا في ستّة أيّام ثمّ اخْتزلها منْ أيّام السّنة و السّنة ثلاثمائة و أرْبعة و خمْسون يوْما شعْبان لا يتمّ أبدا و شهْر رمضان لا ينْقص و اللّه أبدا و لا تكون فريضة ناقصة إنّ اللّه تعالى يقول و لتكْملوا الْعدّة و شوّال تسْعة و عشْرون يوْما و ذو الْقعْدة ثلاثون يوْما لقوْل اللّه عزّ و جلّ و واعدْنا موسى ثلاثين ليْلة و أتْممْناها بعشْر فتمّ ميقات ربّه أرْبعين ليْلة و ذو الْحجّة تسْعة و عشْرون يوْما و الْمحرّم ثلاثون يوْما ثمّ الشّهور بعْد ذلك شهْر تامّ و شهْر ناقص
و هذا الْخبر أيْضا نظير ما تقدّم في أنّه لا يصحّ الاحْتجاج به لمثْل ما قدّمْناه منْ أنّه خبر واحد لا يوجب علْما و لا عملا و أنّه لا يعْترض بمثْله ظاهر الْقرْآن و الْأخْبار الْمتواترة و أيْضا فإنّه مخْتلف الْألْفاظ و الْمعاني و الْحديث واحد و مع ذلك فإنّه يتضمّن من التّعْليل ما يكْشف عنْ أنّه لمْ يثْبتْ عنْ إمام هدى ع منْ ذلك أنّ قوْله تعالى و واعدْنا موسى ثلاثين ليْلة لا يوجب اسْتمْرار أمْثال ذلك الشّهْر على الْكمال في ذي الْقعْدة و ليْس اتّفاق تمام ذي الْقعْدة في أيّام موسى ع موجبا تمامه في مسْتقْبل الْأوْقات و لا دالّا على أنّه لمْ يزلْ كذلك فيما مضى و إذا كان كذلك بطل إضافة التّعْليل لتمام ذي الْقعْدة أبدا بما تضمّنه الْقرْآن منْ تمامه حينا إلى صادق عن اللّه عزّ و جلّ لا سيّما و هو تعْليل أيْضا لتمام شهْر رمضان و ليْس بيْنهما نسْبة بالذّكْر في التّمام و اخْتزال ستّة أيّام من السّنة لا يمْنع من اتّفاق النّقْصان في الشّهْريْن و الثّلاثة على التّوالي و تمام ثلاثة أشْهر و أرْبعة متواليات فكيْف يصحّ التّعْليل بأمْر لا يوجبه عقْل و لا عادة و لا لسان و كذلك التّعْليل لكوْن شهْر رمضان ثلاثين يوْما لأنّ الْفرائض لا تكون ناقصة لأنّ نقْصان الشّهْر عنْ ثلاثين يوْما لا يوجب النّقْصان في فرْض الْعمل به و قدْ ثبت أنّ اللّه تعالى لمْ يتعبّدْنا بفعْل الْأيّام و لا يصحّ تكْليفنا فعْل الزّمان و إنّما تعبّدنا بالْعمل في الْأيّام و الْفعْل بالزّمان و لا يكون إذا نقْصان الزّمان عنْ غيْره بالْإضافة نقْصانا في الْعمل أ لا ترى أنّ منْ وجب عليْه عمل في شهْر معيّن فأدّاه في ذلك الشّهْر حسب ما حدّ له من ابْتدائه في أوّله و ختْمه إيّاه في آخره أنّه يكون قدْ أكْمل ما وجب عليْه و إنْ كان الشّهْر ناقصا عن الْكمال و أجْمع الْمسْلمون على أنّ الْمعْتدّة بالشّهور إذا طلّقها زوْجها في أوّل شهْر من الشّهور فقضتْ ثلاثة أشْهر فيها واحد على الْكمال ثلاثون يوْما و اثْنان منْها كلّ واحد منْهما تسْعة و عشْرون يوْما أنّها تكون مؤدّية لفرْض اللّه تعالى عليْها من الْعدّة على الْكمال و الْفرْض دون النّقْصان و لا يكون نقْصان الشّهْريْن متعدّيا إلى الْفرْض فيهما على الْمرْأة من الْعدّة على ما ذكرْناه و لوْ أنّ إنْسانا نذر أنْ يصوم للّه تعالى شهْرا يلي شهْر قدومه منْ سفره أوْ برْئه منْ مرضه فاتّفق كوْن الشّهْر الّذي يلي ذلك تسْعة و عشْرين يوْما فصامه منْ أوّله إلى آخره لكان مؤدّيا فرْض اللّه تعالى فيه على الْكمال و لمْ يكنْ نقْصان الشّهْر مفيدا لنقْصان الْفرْض الّذي أدّاه فيه و الاعْتلال أيْضا في أنّ شهْر رمضان لا يكون إلّا ثلاثين يوْما بقوْله تعالى و لتكْملوا الْعدّة يبْطل ثبوته عنْ إمام هدى بما ذكرْناه منْ كمال الْفرْض الْمؤدّى فيما نقص من الشّهور عنْ ثلاثين يوْما مع أنّ ظاهر الْقرْآن يفيد بأنّ الْأمْر بتكْميل الْعدّة إنّما توجّه إلى معْنى الْقضاء لما فات من الصّيام حيْث قال اللّه تعالى فمنْ شهد منْكم الشّهْر فلْيصمْه و منْ كان مريضا أوْ على سفر فعدّة منْ أيّام أخر يريد اللّه بكم الْيسْر و لا يريد بكم الْعسْر و لتكْملوا الْعدّة فأخْبر اللّه تعالى أنّه فرض على الْمسافر و الْمريض عنْد إفْطارهما في السّفر الْقضاء له في أيّام أخر ليكْملوا بذلك عدّة ما فاتهمْ منْ صيام الشّهْر الّذي مضى و ليْس في ذلك تحْديد لما يقع عليْه الْقضاء و إنّما هو أمْر بما يجب منْ قضاء الْفائت كائنا ما كان و هذه الْجمْلة الّتي ذكرْناها تدلّ على أنّ التّعْليل الْمذْكور لتمام شهْر رمضان بثلاثين يوْما موْضوع لا يصحّ عن الْأئمّة ع و لوْ سلم الْحديث منْ جميع ما ذكرْناه لمْ يكنْ ما تضمّنه لفْظ متْنه محْتملا لوفاق الْعمل على خلاف الْأهلّة و ذلك أنّ تكْذيب الْعامّة فيما ادّعوْه منْ صيام رسول اللّه ص شهْر رمضان تسْعة و عشْرين يوْما أكْثر منْ صيامه إيّاه ثلاثين يوْما لا يمْتنع أنْ يكون قدْ صامه تسْعة و عشْرين يوْما غيْر أنّ صيامه كذلك كان أقلّ منْ صيامه إيّاه ثلاثين يوْما و لو اقْتضى صيامه ص إيّاه في مدّة فرْضه عليْه في حياته ص ثلاثين يوْما لمْ يمْنعْ منْ تغيّر الْحال في ذلك و كوْنه في بعْض الْأزْمان تسْعة و عشْرين يوْما على ما أسْلفْناه من الْقوْل في ذلك و الْقوْل بعْده
بأنّ رسول اللّه ص ما صام إلّا تامّا لا يفيد كوْن شهْر الصّيام ثلاثين يوْما على كلّ حال لأنّ الصّوْم غيْر الشّهْر و هو فعْل الصّائم و الشّهْر حركات الْفلك و هي فعْل اللّه تعالى و الْوصْف بالتّمام إنّما هو للصّوْم الّذي هو فعْل الْعبْد دون الْوصْف للزّمان الّذي هو فعْل اللّه تعالى و قدْ بيّنّا ذلك فيما مضى و الاحْتجاج لذلك بقوْل اللّه تعالى و لتكْملوا الْعدّة غيْر موجب ما ظنّه أصْحاب الْعدد منْ أنّ شهْر رمضان لا يكون تسْعة و عشْرين يوْما لأنّ إكْمال عدّة الشّهْر النّاقص بالْعمل في جميعه كإكْمال عدّة الشّهْر التّامّ بالْعمل في سائره لا يخْتلف في ذلك أحد من الْعقلاء و فصْل الْقوْل بأنّ شوّالا تسْعة و عشْرون يوْما غيْر مفيد لما قالوه بلْ يحْتمل الْخبر بكوْنه كذلك أحْيانا دون كوْنه كذلك بالْوجوب على كلّ حال و الْقوْل بأنّ ذا الْقعْدة ثلاثون يوْما لا ينْقص أبدا وجْهه ما ذكرْناه منْ أنّه لا يكون ناقصا أبدا حتّى لا يتمّ حينا و الاعْتلال لذلك بقوْله تعالى و واعدْنا موسى ثلاثين ليْلة يؤكّد هذا التّأْويل لأنّه أفاد حصوله في زمن من الْأزْمان جاء بذكْره الْقرْآن ثلاثون يوْما فوجب بذلك أنّه لا يكون ناقصا أبدا بلْ قدْ يكون تامّا و إنْ جاز عليْه النّقْصان و الّذي يدلّ على جواز النّقْصان على ذي الْقعْدة في بعْض الْأوْقات
21- ما رواه عليّ بْن مهْزيار عن الْحسيْن بْن يسار عنْ عبْد اللّه بْن جنْدب عنْ معاوية بْن وهْب قال قال أبو عبْد اللّه إنّ الشّهْر الّذي يقال إنّه لا ينْقص ذو الْقعْدة و ليْس في شهور السّنة أكْثر نقْصانا منْه
و أمّا الْقوْل بأنّ السّنة ثلاثمائة و أرْبعة و خمْسون يوْما منْ قبل أنّ السّماوات و الْأرْض خلقْن في ستّة أيّام اخْتزلتْ منْ ثلاثمائة و ستّين يوْما لا يفيد أنْ يكون شهْر منْها بعيْنه أبدا ثلاثين يوْما بلْ يقْتضي بأنّ السّتّة الْأيّام تتفرّق في الشّهور كلّها على غيْر تفْصيل و تعْيين لما يكون ناقصا منْها ممّا يتّفق كوْنه على التّمام بدلا منْ كوْنه على النّقْصان فأمّا الْقوْل بأنّ شهور السّنة تخْتلف في الْكمال و النّقْصان فيكون منْها شهْر تامّ و شهْر ناقص لا يوجب أيْضا دعْوى الْخصْم في شهْر رمضان ما ادّعاه و لا في شعْبان ما حكم به منْ نقْصانه على كلّ حال لأنّها قدْ تكون على ما تضمّنه الْوصْف من الْكمال و النّقْصان لكنّها لا تكون كذلك على التّرْتيب و النّظام بلْ لا ينْكر أنْ يتّفق فيها شهْران متّصلان على التّمام و شهْران متواليان على النّقْصان و ثلاثة أشْهر أيْضا كما وصفْناه و يكون مع ما ذكرْناه على وفاق الْقوْل بأنّ فيها شهْرا ناقصا و شهْرا تامّا إذْ ليْس في صريح ذلك الاتّصال و لا الانْفصال
22- فأمّا ما رواه ابْن رباح عنْ سماعة عن الْحسن بْن حذيْفة عنْ معاوية بْن عمّار عنْ أبي عبْد اللّه في قوْله تعالى و لتكْملوا الْعدّة قال صوْم ثلاثين يوْما
فهذا الْخبر نظير ما تقدّم منْ أنّه خبر واحد لا يوجب علْما و لا عملا و الْكلام عليْه كالْكلام عليْه في أنّه لا يجوز الاعْتراض به على ظاهر الْقرْآن و الْأخْبار الْمتواترة و لوْ صحّ لمْ يكنْ فيه ضدّ لما قلْناه منْ وجوب الْعمل على الْأهلّة و ذلك أنّ الْحكْم بإكْمال الْعدّة للصّيام ثلاثين يوْما لا يمْنع أنْ يكون إكْمال ما في الشّهْر إذا نقص صيام تسْعة و عشْرين يوْما إذ الْمراد بإكْمال الْعدّة الْأيّام الّتي هي أيّام الشّهْر على أيّ حال كان و لا خلاف أنّ الشّهْر الّذي هو تسْعة و عشْرون يوْما شهْر في الْحقيقة دون الْمجاز و لسْنا ننْكر أنّ الْواجب عليْنا عنْد الْإغْماء في هلال شوّال أنْ نكْمل الشّهْر ثلاثين يوْما و أنّ ذلك واجب أيْضا مع الْعلْم بكمال الشّهْر و إذا كان الْأمْر على ما وصفْناه سقط التّعلّق به على خلاف الْمعْلوم من الشّرْع
- باب حكْم الْهلال إذا رؤي قبْل الزّوال أوْ بعْده
1- عليّ بْن حاتم عنْ محمّد بْن جعْفر عنْ محمّد بْن أحْمد بْن يحْيى عنْ محمّد بْن عيسى قال كتبْت إليْه ع جعلْت فداك ربّما غمّ عليْنا الْهلال في شهْر رمضان فنرى من الْغد الْهلال قبْل الزّوال و ربّما رأيْناه بعْد الزّوال فترى أنْ نفْطر قبْل الزّوال إذا رأيْناه أمْ لا و كيْف تأْمرني في ذلك فكتب ع تتمّ إلى اللّيْل فإنّه إنْ كان تامّا رؤي قبْل الزّوال
2- عنْه عن الْحسيْن بْن عليّ عنْ أبيه عن الْحسيْن عنْ يوسف بْن عقيل عنْ محمّد ابْن قيْس عنْ أبي جعْفر ع قال قال أمير الْمؤْمنين ع إذا رأيْتم الْهلال فأفْطروا أوْ يشْهد عليْه عدْل من الْمسْلمين فإنْ لمْ تروا الْهلال إلّا منْ وسط النّهار أوْ آخره فأتمّوا الصّيام إلى اللّيْل فإنْ غمّ عليْكمْ فعدّوا ثلاثين ثمّ أفْطروا
3- الْحسيْن بْن سعيد عن النّضْر بْن سويْد عن الْقاسم بْن سليْمان عنْ جرّاح الْمدائنيّ قال قال أبو عبْد اللّه منْ رأى هلال شوّال بنهار في رمضان فلْيتمّ صيامه
4- و عنْه عنْ فضالة عنْ أبان بْن عثْمان عنْ إسْحاق بْن عمّار قال سألْت أبا عبْد اللّه ع عنْ هلال رمضان يغمّ عليْنا في تسْع و عشْرين منْ شعْبان فقال لا تصمْه إلّا أنْ تراه فإنْ شهد أهْل بلد آخر أنّهمْ رأوْه فاقْضه و إذا رأيْته وسط النّهار فأتمّ صوْمك إلى اللّيْل يعْني أتمّ صوْمك إلى اللّيْل على أنّه منْ شعْبان دون أنْ تنْوي أنّه منْ رمضان
5- فأمّا ما رواه محمّد بْن يعْقوب عنْ عليّ بْن إبْراهيم عنْ أبيه عن ابْن أبي عميْر عنْ حمّاد بْن عثْمان عنْ أبي عبْد اللّه ع قال إذا رأوا الْهلال قبْل الزّوال فهو للّيْلة الْماضية و إذا رأوْه بعْد الزّوال فهو للّيْلة الْمسْتقْبلة
6- و ما رواه سعْد بْن عبْد اللّه عنْ أبي جعْفر عنْ أبي طالب عبْد اللّه بْن الصّلْت عن الْحسن بْن عليّ بْن فضّال عنْ عبيْد بْن زرارة و عبْد اللّه بْن بكيْر قالا قال أبو عبْد اللّه ع إذا رؤي الْهلال قبْل الزّوال فذلك الْيوْم منْ شوّال و إذا رؤي بعْد الزّوال فهو منْ شهْر رمضان
فهذان الْخبران لا يعارض بهما الْأخْبار الْمتقدّمة لأنّ الْأخْبار الْمتقدّمة موافقة لظاهر الْقرْآن و الْأخْبار الْمتواترة الّتي ذكرْناها و هذان الْخبران مخالفان لذلك فلا يجوز الْعمل عليْهما على أنّ فيهما ما يؤكّد الْقوْل ببطْلان الْعدد لأنّه لوْ كان الْمراعى الْعدد لكان الْيوْم الّذي رؤي فيه الْهلال إمّا أنْ يكون منْ شهْر رمضان أوْ منْ شوّال على الْقطْع و الثّبات و لمْ يكنْ لرؤْيته قبْل الزّوال و بعْد الزّوال معْنى يعْقل على أنّه يمْكن أنْ يعْمل عليْهما على بعْض الْوجوه و هو أنّه إذا لمْ ير في الْبلد الْهلال من اللّيْل بأنْ يخْطئوا مطْلعه و رؤي في الْغد قبْل الزّوال و انْضاف إلى ذلك شهادة شاهديْن منْ خارج الْمصْر بالرّؤْية جاز أنْ يعْمل بذلك و ليْس لأحد أنْ يقول إنّ مع شهادة الشّاهديْن لا اعْتبار برؤْية الْهلال قبْل الزّوال بلْ يجب الْعمل بشهادتهما لأنّ الْعمل بشهادتهما إنّما يجب إذا كان في الْبلد عارض منْ غيْم أوْ قتام أوْ غيْر ذلك فأمّا مع الصّحْو فلا تقْبل شهادة نفْسيْن منْ خارج الْبلد بلْ يحْتاج إلى شهادة خمْسين عدد الْقسامة و الّذي يدلّ على ذلك
7- ما رواه سعْد بْن عبْد اللّه عنْ إبْراهيم بْن هاشم عنْ إسْماعيل بْن مرّار عنْ يونس ابْن عبْد الرّحْمن عنْ حبيب الْخزاعيّ قال قال أبو عبْد اللّه ع لا تجوز الشّهادة في رؤْية الْهلال دون خمْسين رجلا عدد الْقسامة و إنّما يجوز شهادة رجليْن إذا كانا منْ خارج الْبلد و كان بالْمصْر علّة فأخْبرا أنّهما رأياه و أخْبرا عنْ قوْم صاموا بالرّؤْية
35- باب حكْم الْهلال إذا غاب قبْل الشّفق أوْ بعْده
إذا ثبت بما قدّمْناه وجوب الْعمل على الرّؤْية فلا اعْتبار بغيْبوبته قبْل الشّفق أوْ بعْده لأنّ الْفرْض يتعلّق به متى رؤي و لمْ يدلّ دليل على أنّه رؤي قبْل ذلك و لا ينافي ذلك ما رواه
1- الْحسيْن بْن سعيد عنْ حمّاد بْن عيسى عنْ إسْماعيل بْن الْحرّ عنْ أبي عبْد اللّه ع قال إذا غاب الْهلال قبْل الشّفق فهو لليْلة و إذا غاب بعْد الشّفق فهو لليْلتيْن
2- سعْد بْن عبْد اللّه عنْ يعْقوب بْن يزيد عنْ محمّد بْن مرازم عنْ أبيه عنْ أبي عبْد اللّه ع قال إذا تطوّق الْهلال فهو لليْلتيْن و إذا رأيْت ظلّ رأْسك فيه فهو لثلاث ليال
لأنّ الْوجْه في هذيْن الْخبريْن و ما جرى مجْراهما في هذا الْمعْنى إنّما يكون أمارة على اعْتبار دخول الشّهْر إذا كان في السّماء علّة منْ غيْم و ما جرى مجْراه فجاز حينئذ اعْتباره في اللّيْلة الْمسْتقْبلة بتطوّق الْهلال و غيْبوبته قبْل الشّفق أوْ بعْد الشّفق فأمّا مع زوال الْعلّة و كوْن السّماء مصْحية فلا يعْتبر بهذه الْأشْياء و يجْري ذلك مجْرى ما قدّمْناه منْ شهادة الرّجليْن منْ خارج الْبلد فإنّه إنّما يعْتبر إذا كان هناك علّة و متى لمْ تكن الْعلّة فلا يجوز اعْتبار ذلك على وجْه من الْوجوه بلْ يحْتاج إلى شهادة خمْسين نفْسا حسب ما قدّمْناه و هذا الْوجْه الّذي تأوّلْنا عليْه هذيْن الْخبريْن إنّما قلْناه لئلّا تدْفع الْأخْبار و إنْ كان الْأحْوط ما تقدّم و عليْه يجب أنْ يكون الْعمل إنْ شاء اللّه
36- باب ذكْر جمل من الْأخْبار يتعلّق بها أصْحاب الْعدد
1- محمّد بْن يعْقوب عنْ عليّ بْن محمّد عنْ بعْض أصْحابنا عنْ محمّد بْن عيسى بْن عبيْد عنْ إبْراهيم بْن محمّد الْمدنيّ عنْ عمْران الزّعْفرانيّ قال قلْت لأبي عبْد اللّه ع إنّ السّماء تطْبق عليْنا بالْعراق الْيوْميْن و الثّلاثة فأيّ يوْم نصوم قال انْظر الْيوْم الّذي صمْت فيه من السّنة الْماضية و صمْ يوْم الْخامس
2- عنْه عنْ عدّة منْ أصْحابنا عنْ سهْل بْن زياد عنْ منْصور بْن الْعبّاس عنْ إبْراهيم الْأحْول عنْ عمْران الزّعْفرانيّ قال قلْت لأبي عبْد اللّه ع إنّا نمْكث في الشّتاء الْيوْم و الْيوْميْن لا نرى شمْسا و لا نجْما فأيّ يوْم نصوم قال انْظر الْيوْم الّذي صمْت من السّنة الْماضية و عدّ خمْسة أيّام و صم الْيوْم الْخامس
فلا ينافي هذان الْخبران ما قدّمْناه في الْعمل على الرّؤْية لمثْل ما قدّمْناه في الْباب الْأوّل منْ أنّهما خبر واحد لا يوجبان علْما و لا عملا و لأنّ راويهما عمْران الزّعْفرانيّ و هو مجْهول و في إسْناد الْحديثيْن قوْم ضعفاء لا نعْمل بما يخْتصّون بروايته و لوْ سلم منْ ذلك كلّه لمْ يكنْ منافيا للْقوْل بالرّؤْية بلْ يؤكّد الْقوْل فيها لأنّه لوْ كان الْمراعى الْعدد لوجب الرّجوع إليْه و لمْ يرْجعْ إلى السّنة الْماضية و أنْ يعدّ منْها خمْسة أيّام لأنّ الْكلام في السّنة الْماضية و أنّه بأيّ شيْء يعْلم الشّهْر فيها مثْل الْكلام في السّنة الْحاضرة فلا بدّ أنْ يسْتند ذلك إلى الرّؤْية ليكون للْخبر فائدة و تكون الْفائدة في الْخبريْن أنّه ينْبغي أنْ يصوم الْإنْسان إذا كان حاله ما تضمّنه الْخبران يوْم الْخامس من السّنة الْماضية احْتياطا و ينْوي به الصّوْم منْ شعْبان إذا لمْ يكنْ له دليل على أنّه منْ رمضان على جهة الْقطْع ثمّ يراعي فيما بعْد فإن انْكشف له أنّه كان منْ رمضان فقدْ أجْزأه و إنْ لمْ يكنْ كان صوْمه نافلة يسْتحقّ به الثّواب
3- فأمّا ما رواه محمّد بْن يعْقوب عنْ عدّة منْ أصْحابنا عنْ أحْمد بْن محمّد بْن عيسى عنْ حمْزة أبي يعْلى عنْ محمّد بْن الْحسن بْن أبي خالد يرْفعه عنْ أبي عبْد اللّه ع قال إذا صحّ هلال رجب فعدّ تسْعة و خمْسين يوْما و صمْ يوْم ستّين
4- و ما رواه محمّد بْن يعْقوب أيْضا عنْ أحْمد بْن محمّد عنْ محمّد بْن بكْر و محمّد بْن أبي الصّهْبان عنْ حفْص بْن عمر بْن سالم و محمّد بْن زياد بْن عيسى عنْ هارون بْن خارجة قال قال أبو عبْد اللّه ع عدّ شعْبان تسْعة و عشْرين يوْما فإنْ كانتْ متغيّمة فأصْبحْ صائما و إنْ كانتْ مصْحية و تبصّرْته و لمْ تر شيْئا فأصْبحْ مفْطرا
فالْوجْه في هذيْن الْخبريْن ما ذكرْناه في الْأخْبار الْأوّلة منْ أنّه يصْبح يوْم السّتّين صائما على أنّه منْ شعْبان فإن اتّفق أنْ يكون ذلك منْ شهْر رمضان فيوْم وفّق له و إنْ كان منْ شعْبان فقدْ تطوّع بيوْم و الّذي يدلّ على ذلك قوْله و إنْ كانتْ مصْحية و تبصّرْته فلمْ تره فأصْبحْ مفْطرا فلوْ كان الْأمْر على ما ذهب إليْه أصْحاب الْعدد لكان يوْم الثّلاثين منْ شهْر رمضان لا منْ شعْبان لأنّ عنْدهمْ لا يتمّ أبدا على حال و لمْ تخْتلف الْحال فيه بيْن الصّحْو و الْغيْم فعلم أنّه أراد بذلك الْحثّ على صوْمه بنيّة أنّه منْ شعْبان احْتياطا
37- باب صيام يوْم الشّكّ
1- محمّد بْن يعْقوب عنْ محمّد بْن يحْيى عنْ عيسى بْن هشام عن الْخضر بْن عبْد الْملك عنْ محمّد بْن حكيم قال سألْت أبا الْحسن ع عن الْيوْم الّذي يشكّ فيه فإنّ النّاس يزْعمون أنّ منْ صامه بمنْزلة منْ أفْطر يوْما منْ شهْر رمضان فقال كذبوا إنْ كان منْ شهْر رمضان فهو يوْم وفّق له و إنْ كان منْ غيْره فهو بمنْزلة ما مضى من الْأيّام
2- عنْه عنْ عليّ بْن إبْراهيم عنْ محمّد بْن عيسى عنْ يونس عنْ سماعة قال سألْته عن الْيوْم الّذي يشكّ فيه منْ شهْر رمضان لا يدْري أ هو منْ شعْبان أوْ منْ رمضان فصامه منْ شهْر رمضان قال هو يوْم وفّق له و لا قضاء عليْه
3- عنْه عنْ أحْمد عنْ محمّد بْن أبي الصّهْبان عنْ محمّد بْن بكْر بْن جناح عنْ عليّ بْن شجرة عنْ بشير النّبّال عنْ أبي عبْد اللّه ع قال سألْته عنْ صوْم يوْم الشّكّ فقال صمْه فإنْ يك منْ شعْبان كان تطوّعا و إنْ يك منْ شهْر رمضان فيوْم وفّقْت له
4- محمّد بْن يعْقوب عنْ عدّة منْ أصْحابنا عنْ أحْمد بْن محمّد عنْ حمْزة بْن يعْلى عنْ زكريّا بْن آدم عن الْكاهليّ قال سألْت أبا عبْد اللّه ع عن الْيوْم الّذي يشكّ فيه منْ شعْبان قال لأنْ أصوم يوْما منْ شعْبان أحبّ إليّ منْ أنْ أفْطر يوْما منْ شهْر رمضان
5- عنْه عنْ عدّة منْ أصْحابنا عنْ أحْمد بْن محمّد عنْ محمّد بْن أبي الصّهْبان عنْ عليّ بْن الْحسن بْن رباط عنْ سعيد الْأعْرج قال قلْت لأبي عبْد اللّه ع إنّي صمْت الْيوْم الّذي يشكّ فيه و كان منْ شهْر رمضان أ فأقْضيه قال لا هو يوْم وفّقْت له
6- فأمّا ما رواه الْحسيْن بْن سعيد عنْ محمّد بْن أبي عميْر عنْ هشام بْن سالم و أبي أيّوب عنْ محمّد بْن مسْلم عنْ أبي جعْفر ع في الرّجل يصوم الْيوْم الّذي يشكّ فيه منْ رمضان قال عليْه قضاؤه و إنْ كان كذلك
فالْوجْه في هذا الْخبر أحد شيْئيْن أحدهما أنْ نحْمله على ضرْب من التّقيّة لأنّه موافق لمذْهب بعْض الْعامّة و الثّاني أنْ نحْمله على منْ صام على أنّه منْ شهْر رمضان فإنّه متى كان الْأمْر على ذلك وجب عليْه قضاؤه لأنّه صام ما لا يجوز له صوْمه و إنّما يسوغ له صوْم هذا الْيوْم على أنّه منْ شعْبان على ما بيّنّاه و يدلّ على أنّه متى صام بنيّة شعْبان لمْ يلْزمْه الْقضاء مضافا إلى ما تقدّم
7- ما رواه محمّد بْن يعْقوب عنْ محمّد بْن يحْيى عنْ أحْمد بْن محمّد عنْ عثْمان بْن عيسى عنْ سماعة قال قلْت لأبي عبْد اللّه ع رجل صام يوْما و هو لا يدْري أ منْ شهْر رمضان هذا أمْ منْ غيْره فجاء قوْم فشهدوا أنّه كان منْ شهْر رمضان فقال بعْض النّاس عنْدنا لا يعْتدّ به فقال بلى فقلْت إنّهمْ قالوا صمْت و أنْت لا تدْري أ منْ شهْر رمضان هذا أوْ منْ غيْره فقال بلى فاعْتدّ به فإنّما هو شيْء وفّقك اللّه له إنّما يصام يوْم الشّكّ منْ شعْبان و لا تصومه منْ شهْر رمضان لأنّه قدْ نهي أنْ ينْفرد الْإنْسان للصّيام في يوْم الشّكّ و إنّما ينْوي من اللّيْلة أنّه يصوم منْ شعْبان فإنْ كان منْ شهْر رمضان أجْزأه عنْه بتفضّل اللّه عزّ و جلّ و بما قدْ وسّع على عباده و لوْ لا ذلك لهلك النّاس
8- فأمّا ما رواه الْحسيْن بْن سعيد عنْ محمّد بْن أبي عميْر عنْ جعْفر الْأزْديّ عنْ قتيْبة الْأعْشى قال قال أبو عبْد اللّه ع نهى رسول اللّه ص عنْ صوْم ستّة أيّام الْعيديْن و أيّام التّشْريق و الْيوْم الّذي يشكّ فيه منْ شهْر رمضان
9- عنْه عنْ محمّد بْن أبي عميْر عنْ حفْص بْن الْبخْتريّ و غيْره عنْ عبْد الْكريم بْن عمْرو قال قلْت لأبي عبْد اللّه ع إنّي جعلْت على نفْسي أنّي أصوم حتّى يقوم الْقائم عج فقال لا تصمْ في السّفر و لا الْعيديْن و لا أيّام التّشْريق و لا الْيوْم الّذي يشكّ فيه
و ما جرى مجْرى هذيْن الْخبريْن من الْأخْبار الّتي تضمّنتْ تحْريم صيام يوْم الشّكّ فالْوجْه أنّه لا يجوز صيام هذا الْيوْم على أنّه منْ رمضان و إنْ كان جائزا صوْمه على أنّه منْ شعْبان و قدْ بيّنّا فيما مضى ما يدلّ على ذلك و يزيده بيانا
10- ما رواه أبو الْحسن أحْمد بْن محمّد بْن الْحسن بْن الْوليد عنْ أبيه عن الصّفّار عنْ عليّ بْن محمّد الْقاشانيّ عن الْقاسم بْن محمّد كاسولا عنْ سليْمان بْن داود الشّاذكونيّ عنْ عبْد الرّزّاق عنْ معْمر عنْ محمّد بْن شهاب الزّهْريّ قال سمعْت عليّ بْن الْحسيْن ع يقول يوْم الشّكّ أمرْنا بصيامه و نهيْنا عنْه أمرْنا أنْ يصومه الْإنْسان على أنّه منْ شعْبان و نهيْنا عنْه أنْ يصومه على أنّه منْ شهْر رمضان و هو لمْ ير الْهلال