قال الشيخ رحمه الله و الخلع ضرب من الطلاق و لا يقع إلا من عوض من المرأة إلى قوله و أما المباراة
1- روى محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله ع قال لا يحل خلعها حتى تقول لزوجها و الله لا أبر لك قسما و لا أطيع لك أمرا و لا أغتسل لك من جنابة و لأوطئن فراشك من تكرهه و لأوذنن عليك بغير إذنك و قد كان الناس يرخصون فيما دون هذا فإذا قالت المرأة ذلك لزوجها حل له ما أخذ منها و كانت عنده على تطليقتين باقيتين و كان الخلع تطليقة و قال يكون الكلام من عندها و قال لو كان الأمر إلينا لم نجز طلاقها إلا للعدة
2- و عنه عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن عثمان بن عيسى عن سماعة قال سألته عن المختلعة قال لا يحل لزوجها أن يخلعها حتى تقول لا أبر لك قسما و لا أقيم حدود الله فيك و لا أغتسل لك من جنابة و لأوطئن فراشك و لأدخلن بيتك من تكرهه من غير أن تعلم هذا و لا يتكلمون هم فتكون هي التي تقول ذلك فإذا هي اختلعت فهي بائن و له أن يأخذ من مالها ما قدر عليه و ليس له أن يأخذ من المبارئة كل الذي أعطاها
3- و عنه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله ع قال المختلعة هي التي تقول لزوجها اختلعني و أنا أعطيك ما أخذت منك و قال لا يحل له أن يأخذ منها شيئا حتى تقول و الله لا أبر لك قسما و لا أطيع لك أمرا و لأوذنن في بيتك بغير إذنك و لأوطئن فراشك غيرك فإذا فعلت ذلك من غير أن يعلمها حل له ما أخذ منها و كانت تطليقة بغير طلاق يتبعها و كانت بائنا بذلك و كان خاطبا من الخطاب
4- و عنه عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل عن محمد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله ع قال إذا خلع الرجل امرأته فهي واحدة بائن و هو خاطب من الخطاب و لا يحل له أن يخلعها حتى تكون هي التي تطلب ذلك منه من غير أن يضر بها و حتى تقول لا أبر لك قسما و لا أغتسل لك من جنابة و لأدخلن بيتك من تكرهه و لأوطئن فراشك و لا أقيم حدود الله فيك فإذا كان هذا منها فقد طاب له ما أخذ منها
5- و عنه عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن عبد الكريم عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال ليس يحل خلعها حتى تقول لزوجها ثم ذكر مثل ما ذكر أصحابه قال أبو عبد الله ع و قد كان يرخص للنساء فيما هو دون هذا فإذا قالت لزوجها ذلك حل له خلعها و حل لزوجها ما أخذ منها و كانت على تطليقتين باقيتين و كان الخلع تطليقة و لا يكون الكلام إلا من عندها ثم قال لو كان الأمر إلينا لم يكن الطلاق إلا للعدة
6- أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن زرعة بن محمد عن سماعة بن مهران قال قلت لأبي عبد الله ع لا يجوز للرجل أن يأخذ من المختلعة حتى تتكلم بهذا الكلام كله فقال إذا قالت له لا أطيع الله فيك حل له أن يأخذ منها ما وجد
7- الحسين بن سعيد عن محمد بن أبي عمير عن جميل بن دراج عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع قال إذا قالت المرأة لزوجها جملة لا أطيع لك أمرا مفسرا أو غير مفسر حل له أن يأخذ منها و ليس له عليها رجعة
قال محمد بن الحسن الذي أعتمده في هذا الباب و أفتي به أن المختلعة لا بد فيها من أن تتبع بالطلاق و هو مذهب جعفر بن سماعة و الحسن بن سماعة و علي بن رباط و ابن حذيفة من المتقدمين و مذهب علي بن الحسين من المتأخرين فأما الباقون من فقهاء أصحابنا المتقدمين فلست أعرف لهم فتيا في العمل به و لم ينقل منهم أكثر من الروايات التي ذكرناها و أمثالها و يجوز أن يكونوا رووها على الوجه الذي نذكر فيما بعد و إن كان فتياهم و عملهم على ما قلناه و الذي يدل على ما ذهبنا إليه ما رواه
8- الحسن بن علي بن فضال عن علي بن الحكم و إبراهيم بن أبي بكر بن أبي سمال عن موسى بن بكر عن أبي الحسن الأول ع قال المختلعة يتبعها الطلاق ما دامت في عدتها
و استدل من ذهب من أصحابنا المتقدمين على صحة ما ذهبنا إليه
بقول أبي عبد الله ع لو كان الأمر إلينا لم نجز إلا طلاق السنة
و استدل الحسن بن سماعة و غيره بأن قالوا قد تقرر أنه لا يقع الطلاق بشرط و الخلع من شرطه أن يقول الرجل إن رجعت فيما بذلت فأنا أملك ببضعك و هذا شرط فينبغي أن لا يقع به فرقة و استدل أيضا ابن سماعة بما رواه
9- الحسن بن أيوب عن ابن بكير عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله ع قال ما سمعت مني يشبه قول الناس فيه التقية و ما سمعت مني لا يشبه قول الناس فلا تقية فيه
فإن قيل فما الوجه في الأحاديث التي ذكرتموها و ما تضمنت من أن الخلع تطليقة بائنة أنه إذا عقد عليها بعد ذلك كانت عنده على تطليقتين و أنه لا يحتاج إلى أن يتبع بطلاق و ما جرى مجرى ذلك من الأحكام قيل له الوجه في هذه الأحاديث أن نحملها على ضرب من التقية لأنها موافقة لمذاهب العامة و قد ذكروا ع ذلك في
قولهم و لو كان الأمر إلينا لم نجز إلا الطلاق
و قد قدمناه في رواية الحلبي و أبي بصير و هذا وجه في حمل الأخبار و تأويلها عليه صحيح و يدل على ذلك أيضا زائدا على ما قدمناه ما رواه
10- أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن إسماعيل عن صفوان عن موسى عن زرارة عن أبي جعفر ع قال لا يكون الخلع حتى تقول لا أطيع لك أمرا و لا أبر لك قسما و لا أقيم لك حدا فخذ مني و طلقني فإذا قالت ذلك فقد حل له أن يخلعها بما تراضيا عليه من قليل أو كثير و لا يكون ذلك إلا عند سلطان فإذا فعلت ذلك فهي أملك بنفسها من غير أن يسمي طلاقا
11- فأما ما رواه أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال سألت أبا الحسن الرضا ع عن المرأة تباري زوجها أو تختلع منه بشهادة شاهدين على طهر من غير جماع هل تبين منه بذلك أو هي امرأته ما لم يتبعها بطلاق فقال تبين منه و إن شاءت أن يرد إليها ما أخذ منها و تكون امرأته فعلت فقلت إنه قد روي لنا أنها لا تبين منه حتى يتبعها بطلاق قال ليس ذلك إذن خلع فقلت تبين منه قال نعم
فالوجه في هذا الخبر أيضا ما قدمناه من حمله على التقية و يكون قوله ع ليس ذلك إذن خلع عندهم و لا يكون المراد به أن ذلك ليس بخلع عندنا و الذي يكشف أيضا عما ذكرناه من خروج ذلك مخرج التقية ما رواه
12- أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن أبي عمير عن سليمان بن خالد قال قلت أ رأيت إن هو طلقها بعد ما خلعها أ يجوز عليها قال و لم يطلقها و قد كفاه الخلع و لو كان الأمر إلينا لم نجز طلاقا
و جميع شرائط الطلاق معتبرة في باب الخلع من كونها طاهرا و حضور الشاهدين و غير ذلك عند من رأى وقوع البينونة به فأما على ما اخترناه فهو ضرب من الطلاق
13- روى ذلك محمد بن أحمد بن يحيى عن بنان بن محمد عن ابن محبوب عن علي بن رئاب قال سمعت حمران يروي عن أبي عبد الله ع قال لا يكون خلع و لا تخيير و لا مباراة إلا على طهر من المرأة من غير جماع و شاهدين يعرفان الرجل و يريان المرأة و يحضران التخيير و إقرار المرأة أنها على طهر من غير جماع من يوم خيرها قال فقال له محمد بن مسلم أصلحك الله ما إقرار المرأة هاهنا فقال تشهد الشاهدين عليها بذلك للرجل حذرا أن تأتي بعد فتدعي أنه خيرها و هي طامث فيشهدان عليها بما سمعا منها و إنما يقع عليها الطلاق إذا اختارت نفسها قبل أن تقوم و أما الخلع و المباراة فإنه يلزمها إذا أشهدت على نفسها بالرضا فيما بينها و بين زوجها بما يفترقان عليه في ذلك المجلس و إذا افترقا على شيء و رضيا به كان ذلك جائزا عليهما و كانت تطليقة بائنة لا رجعة له عليها سمى طلاقا أو لم يسم و لا ميراث بينهما في العدة قال و الطلاق و التخيير من قبل الرجل و الخلع و المباراة يكون من قبل المرأة
14- و عنه عن أحمد بن أبي عبد الله عن الحسن عن محمد بن القاسم الهاشمي قال سمعت أبا عبد الله ع يقول لا ترث المختلعة و المبارئة و المستأمرة في طلاقها من الزوج شيئا إذا كان ذلك منهن في مرض لزوج و إن مات في مرضه لأن العصمة قد انقطعت منهن و منه
15- علي بن الحسن عن أخويه عن أبيهما عن محمد بن عبد الله عن عبد الله بن بكير عن محمد بن مسلم و أبي بصير قال قال أبو عبد الله ع لا اختلاع إلا على طهر من غير جماع
16- و عنه عن العباس بن عامر عن أبان بن عثمان عن فضل أبي العباس عن أبي عبد الله ع قال المختلعة إن رجعت في شيء من الصلح يقول لأرجعن في بضعك
17- و عنه عن أحمد بن الحسن عن محمد بن عبد الله عن علي بن حديد عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله ع و عن زرارة و محمد بن مسلم عن أبي عبد الله ع قال الخلع تطليقة بائنة و ليس لها رجعة قال زرارة لا يكون إلا على مثل موضع الطلاق إما طاهرا و إما حاملا بشهود
قال الشيخ رحمه الله و أما المباراة فهو ضرب من الخلع إلى آخر الباب
18- روى محمد بن يعقوب عن أبي علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار و محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان و أبي العباس محمد بن جعفر عن أيوب بن نوح و حميد بن زياد عن ابن سماعة جميعا عن صفوان عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال المباراة تقول المرأة لزوجها لك ما عليك و اتركني أو تجعل له من قبلها شيئا فيتركها إلا أنه يقول فإن ارتجعت في شيء فأنا أملك ببضعك فلا يحل لزوجها أن يأخذ منها إلا المهر فما دونه
19- و عنه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل عن زرارة عن أبي جعفر ع قال المبارئة يؤخذ منها دون الصداق و المختلعة يؤخذ منها ما شاءت أو ما تراضيا عليه من صداق أو أكثر و إنما صارت المبارئة يؤخذ منها دون المهر و المختلعة يؤخذ منها ما شاء لأن المختلعة تتعدى في الكلام و تتكلم بما لا يحل لها
20- و عنه عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل عن محمد بن الفضل عن أبي الصباح الكناني قال قال أبو عبد الله ع إن بارأت امرأة زوجها فهي واحدة و هو خاطب من الخطاب
21- علي بن الحسن عن عثمان بن عيسى عن سماعة بن مهران عن أبي عبد الله و أبي الحسن ع قال سألته عن المباراة كيف هي قال يكون للمرأة على زوجها شيء من صداقها أو من غيره و يكون قد أعطاها بعضه و يكره كل واحد منهما صاحبه فتقول المرأة ما أخذت منك فهو لي و ما بقي عليك فهو لك و أبارئك فيقول لها الرجل فإن أنت رجعت في شيء مما تركت فأنا أحق ببضعك
22- و عنه عن جعفر بن محمد بن حكيم عن جميل بن دراج عن إسماعيل الجعفي عن أحدهما ع قال المباراة تطليقة بائنة و ليس فيها رجعة
23- و عنه عن أحمد بن الحسن عن محمد بن عبد الله عن علي بن حديد عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله ع و عن زرارة و محمد بن مسلم عن أبي عبد الله ع قال المباراة تطليقة بائنة و ليس في شيء من ذلك رجعة و قال زرارة لا يكون إلا على مثل موضع الطلاق إما طاهرا و إما حاملا بشهود
24- و عنه عن عمرو بن عثمان عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن حمران قال سمعت أبا جعفر ع يتحدث قال المبارئة تبين من ساعتها من غير طلاق و لا ميراث بينهما لأن العصمة منهما قد بانت ساعة كان ذلك منها و من الزوج
25- و عنه عن جعفر بن محمد بن حكيم عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله ع قال المباراة تكون من غير أن يتبعها الطلاق
قال محمد بن الحسن الذي أعمل عليه في المباراة ما قدمنا ذكره في المختلعة و هو أنه لا يقع بها فرقة ما لم يتبعها بطلاق و هو مذهب جميع أصحابنا المحصلين من تقدم منهم و من تأخر و ليس ذلك بمناف لهذا الخبر الذي ذكرناه لأن قوله ع المباراة تكون من غير أن يتبعها الطلاق لا يفيد أنه يقع الفرقة بينهما بذلك لأن قوله ع نحمله على أنه يكون مباراة إذا طلبت و قالت ذلك القول بالقول دون الحكم و إن كان العقد بعد ثابتا و لو كان صريحا بالفرقة لكنا نحمله على ضرب من التقية حسب ما قدمناه في باب الخلع
26- علي بن الحسن عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن أبي عمير عن جميل عن زرارة و محمد بن مسلم عن أحدهما ع قال لا مباراة إلا على طهر من غير جماع بشهود
27- محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله ع قال سألته عن قول الله عز و جل و إن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فقال هي المرأة التي تكون عند الرجل فيكرهها فيقول لها إني أريد أن أطلقك فتقول له لا تفعل إني أكره أن يشمت بي و لكن انظر ليلتي فاصنع بها ما شئت و ما كان سوى ذلك من شيء فهو لك و دعني على حالتي فهو قوله تعالى فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا و هذا هو الصلح
28- و عنه عن حميد بن زياد عن ابن سماعة عن الحسن بن هاشم عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال سألته عن قول الله عز و جل و إن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا قال هذا يكون عنده المرأة لا تعجبه فيريد طلاقها فتقول له أمسكني و لا تطلقني و أدع لك ما على ظهرك و أعطيك من مالي و أحلك من يومي و ليلتي فقد طاب ذلك له
29- محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله ع قال سألته عن قول الله عز و جل فابعثوا حكما من أهله و حكما من أهلها قال ليس للحكمين أن يفرقا حتى يستأمرا الرجل و المرأة و يشترطا عليهما إن شئنا جمعنا و إن شئنا فرقنا فإن جمعا فجائز و إن فرقا فجائز
- و عنه عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن أبي أيوب عن سماعة قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله عز و جل فابعثوا حكما من أهله و حكما من أهلها أ رأيت إن استأذن الحكمان فقالا للرجل و المرأة أ ليس قد جعلتما أمركما إلينا في الإصلاح و التفريق فقال الرجل و المرأة نعم فأشهدوا بذلك شهودا عليهما أ يجوز تفريقهما عليهما قال نعم و لكن لا يكون إلا على طهر من المرأة من غير جماع من الزوج قيل له أ رأيت إن قال أحد الحكمين قد فرقت بينهما وقال الآخر لم أفرق بينهما فقال لا يكون تفريق حتى يجتمعا على التفريق فإذا اجتمعا جميعا على التفريق جاز تفريقهما