قال الشيخ رحمه الله و الشيخ الكبير و المرأة الكبيرة إذا لم يطيقا الصيام و عجزا عنه فقد سقط عنهما فرضه و وسعهما الإفطار و لا كفارة عليهما و إذا أطاقاه بمشقة عظيمة و كان يمرضهما إن صاماه أو يضر بهما ضررا بينا وسعهما الإفطار و عليهما أن يكفرا عن كل يوم بمد من طعام هذا الذي فصل به بين من يطيق الصيام بمشقة و بين من لا يطيقه أصلا فلم أجد به حديثا مفصلا و الأحاديث كلها على أنه متى عجزا كفرا عنه و الذي حمله على هذا التفصيل هو أنه ذهب إلى أن الكفارة فرع على وجوب الصوم و من ضعف عن الصيام ضعفا لا يقدر عليه جملة فإنه يسقط عنه وجوبه جملة لأنه لا يحسن تكليفه للصيام و حاله هذه و قد قال الله تعالى لا يكلف الله نفسا إلا وسعها و هذا ليس بصحيح لأن وجوب الكفارة ليس بمبني على وجوب الصوم لأنه ما كان يمتنع أن يقول الله تعالى متى لم تطيقوا الصيام فصار مصلحتكم في الكفارة و سقط وجوب الصوم عنكم و ليس لأحدهما تعلق بالآخر و الذي ورد من الأحاديث في ذلك ما رواه
1- الحسين بن سعيد عن محمد بن أبي عمير عن حماد بن عثمان عن الحلبي عن أبي عبد الله ع قال سألته عن رجل كبير يضعف عن صوم شهر رمضان فقال يتصدق بما يجزي عنه طعام مسكين لكل يوم
2- و عنه عن فضالة عن العلاء عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع في قول الله عز و جل و على الذين يطيقونه فدية طعام مسكين قال الشيخ الكبير و الذي يأخذه العطاش و عن قوله تعالى فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا قال من مرض أو عطاش
3- أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن عبد الملك بن عتبة الهاشمي قال سألت أبا الحسن ع عن الشيخ الكبير و العجوز الكبيرة التي تضعف عن الصوم في شهر رمضان قال تتصدق عن كل يوم بمد من حنطة
4- محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر ع يقول الشيخ الكبير و الذي به العطاش لا حرج عليهما أن يفطرا في شهر رمضان و يتصدق كل واحد منهما في كل يوم بمد من طعام و لا قضاء عليهما فإن لم يقدرا فلا شيء عليهما
5- و روى هذا الحديث سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب قال حدثنا جعفر بن بشير و محمد بن عبد الله بن هلال عن علاء بن رزين عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا عبد الله ع و ذكر الحديث إلا أنه قال و يتصدق كل واحد منهما في كل يوم بمدين من الطعام
و هذا الخبر ليس بمضاد للأحاديث التي تضمنت مدا من طعام أو إطعام مسكين لأن هذا الحكم يختلف بحسب اختلاف أحوال المكلفين فمن أطاق إطعام مدين يلزمه ذلك و من لم يطق إلا إطعام مد فعل ذلك و من لم يقدر على شيء منه فليس عليه شيء حسب ما قدمنا و يزيده بيانا ما رواه
6- سعد بن عبد الله عن عمران بن موسى و علي بن خالد عن هارون عن الحسن بن محبوب عن يحيى بن المبارك عن عبد الله بن جندب عن سماعة بن مهران عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال قلت له الشيخ الكبير لا يقدر أن يصوم فقال يصوم عنه بعض ولده قلت فإن لم يكن له ولد قال فأدنى قرابته قلت فإن لم يكن له قرابة قال تصدق بمد في كل يوم فإن لم يكن عنده شيء فليس عليه
7- الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن داود بن فرقد عن أبيه قال كتب حفص الأعور إلي سل أبا عبد الله ع عن ثلاث مسائل فقال أبو عبد الله ع ما هي قال من ترك صيام ثلاثة أيام في شهر فقال أبو عبد الله ع من مرض أو كبر أو لعطش قال فاشرح لي شيئا شيئا فقال إن كان من مرض فإذا برأ فليقضه و إن كان من كبر أو لعطش فبدل كل يوم مد
8- محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر ع يقول الحامل المقرب و المرضع القليلة اللبن لا حرج عليهما أن تفطرا في شهر رمضان لأنهما لا تطيقان الصوم و عليهما أن تتصدق كل واحدة منهما في كل يوم تفطر فيه بمد من طعام و عليهما قضاء كل يوم أفطرتا فيه تقضيانه بعد
9- محمد بن يعقوب عن أحمد بن إدريس عن محمد بن أحمد بن يحيى عن أحمد بن الحسين عن عمرو بن سعيد عن مصدق بن صدقة عن عمار بن موسى الساباطي عن أبي عبد الله ع في الرجل يصيبه العطش حتى يخاف على نفسه قال يشرب بقدر ما يمسك رمقه و لا يشرب حتى يروى
10- و عنه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن إسماعيل بن مرار عن يونس عن مفضل بن عمر قال قلت لأبي عبد الله ع إن لنا فتيانا و بنات لا يقدرون على الصيام من شدة ما يصيبهم من العطش قال فليشربوا مقدار ما تروى به نفوسهم و ما يحذرون
قال الشيخ رحمه الله و لا يجامع أحد ممن ذكرناه إلا أن تدعوه إلى ذلك حاجة شديدة يدل على ذلك ما رواه
11- محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن أبي العلاء عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله ع قال إذا سافر الرجل في شهر رمضان فلا يقرب النساء بالنهار في رمضان فإن ذلك محرم عليه
12- محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن ابن سنان قال سألت أبا عبد الله ع عن الرجل يسافر في شهر رمضان و معه جارية له فله أن يصيب منها بالنهار فقال سبحان الله أ ما يعرف هذا حرمة شهر رمضان إن له في الليل سبحا طويلا قلت أ ليس له أن يأكل و يشرب و يقصر فقال إن الله عز و جل رخص للمسافر في الإفطار و التقصير رحمة و تخفيفا لموضع التعب و النصب و وعث السفر و لم يرخص له في مجامعة النساء في السفر بالنهار في شهر رمضان و أوجب عليه قضاء الصيام و لم يوجب عليه تمام الصلاة إذا آب من سفره ثم قال و السنة لا تقاس و إني إذا سافرت في شهر رمضان ما آكل إلا القوت و ما أشرب كل الري
13- و عنه عن علي بن محمد عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر عن عبد الله بن حماد عن عبد الله بن سنان قال سألته عن الرجل يأتي جاريته في شهر رمضان بالنهار في السفر فقال أ ما يعرف هذا حق شهر رمضان إن له في الليل سبحا طويلا
14- فأما ما رواه أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سهل عن أبيه قال سألت أبا الحسن ع عن رجل أتى أهله في شهر رمضان و هو مسافر فقال لا بأس
15- و عنه عن ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان عن عمر بن يزيد قال سألت أبا عبد الله ع عن الرجل يسافر في شهر رمضان أ له أن يصيب من النساء قال نعم
16- سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن عبد الملك بن عتبة الهاشمي قال سألت أبا الحسن ع عن الرجل يجامع أهله في السفر في شهر رمضان فقال لا بأس به
فهذه الأخبار و ما يجري مجراها في إباحة الوطء للمسافر في شهر رمضان محمولة على من غلبته الشهوة و لم يتمكن من الصبر عليها و يخاف على نفسه الدخول في محظور فحينئذ أبيح له وطء المحللات فأما من يقدر على الصبر عن ذلك فليس له أن يطأ حسب ما قدمناه مع أنه ليس في شيء من هذه الأخبار أن للمسافر أن يطأ ليلا أو نهارا و إنما وردت متعرية من اقتران ذكر الزمان بهما و يمكن أن يكون المراد بها بالليل دون النهار غير أنه ورد في بعض الأحاديث ما يتضمن ذكر النهار فالوجه فيه ما ذكرناه روى ذلك
17- سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى بن عبيد عن عثمان بن عيسى عن حريز عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله ع عن الرجل يقدم من سفر بعد العصر في شهر رمضان فيصيب امرأته حين طهرت من الحيض أ يواقعها قال لا بأس