المعتبر في تعرف أوائل الشهور بالأهلة دون العدد على ما يذهب إليه قوم من شذاذ المسلمين و الذي يدل على ذلك قول الله عز و جل يسئلونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس و الحج فبين الله تعالى أنه جعل هذه الأهلة معتبرة في تعرف أوقات الحج و غيره مما يعتبر فيه الوقت و لو كان الأمر على ما يذهب إليه أصحاب العدد لما كانت الأهلة مراعاة في تعرف هذه الأوقات إذا كانوا يرجعون إلى العدد دون غيره و هذا خلاف التنزيل و الهلال إنما سمي هلالا لارتفاع الأصوات عند مشاهدتها بالذكر لها و الإشارة إليها بالتكبير أيضا و التهليل عند رؤيتها و منه قيل استهل الصبي إذا ظهر صوته بالصياح عند الولادة و سمي الشهر شهرا لاشتهاره بالهلال فمن زعم أن العدد للأيام و الحساب للشهور و السنين يغني في علامات الشهور عن الأهلة أبطل معنى سمات الأهلة و الشهور الموضوعة في لسان العرب على ما ذكرناه و يدل على ذلك أيضا ما هو معلوم كالاضطرار غير مشكوك فيه في شريعة الإسلام من فزع المسلمين في وقت النبي ص و من بعده إلى هذا الزمان في تعرف الشهر إلى معاينة الهلال و رؤيته و ما ثبت أيضا من سنة النبي ص أنه كان يتولى رؤية الهلال و يلتمس الهلال و يتصدى لرؤيته و ما شرعه من قبول الشهادة عليه و الحكم فيمن شهد بذلك في مصر من الأمصار و من جاء بالخبر به عن خارج الأمصار و حكم المخبر به في الصحة و سلامة الجو من العوارض و خبر من شهد برؤيته مع السواتر في بعض الأصقاع فلو لا أن العمل على الأهلة أصل في الدين معلوم لكافة المسلمين ما كانت الحال في ذلك على ما ذكرناه و لكان اعتبار جميع ما ذكرناه عبثا لا فائدة فيه و هذا فاسد بلا خلاف فأما الأخبار في ذلك فهي أكثر من أن تحصى لكني أذكر منها قدر ما فيه كفاية إن شاء الله تعالى
1- فمنها ما رواه أبو غالب الزراري قال أخبرنا أحمد بن محمد عن أحمد بن الحسن بن أبان عن عبد الله بن جبلة عن علاء عن محمد بن مسلم عن أحدهما يعني أبا جعفر و أبا عبد الله ع قال شهر رمضان يصيبه ما يصيب الشهور من النقصان فإذا صمت تسعة و عشرين يوما ثم تغيمت السماء فأتم العدة ثلاثين
2- علي بن مهزيار عن عمرو بن عثمان عن المفضل و عن زيد الشحام جميعا عن أبي عبد الله ع أنه سئل عن الأهلة فقال هي أهلة الشهور فإذا رأيت الهلال فصم و إذا رأيته فأفطر قلت أ رأيت إن كان الشهر تسعة و عشرين يوما أقضي ذلك اليوم فقال لا إلا أن تشهد لك بينة عدول فإن شهدوا أنهم رأوا الهلال قبل ذلك فاقض ذلك اليوم
3- و عنه عن الحسن عن القاسم بن عروة عن أبي العباس عن أبي عبد الله ع قال الصوم للرؤية و الفطر للرؤية و ليس الرؤية أن يراه واحد و لا اثنان و لا خمسون
4- و عنه عن عثمان بن عيسى عن سماعة قال صيام شهر رمضان بالرؤية و ليس بالظن و قد يكون شهر رمضان تسعة و عشرين و يكون ثلاثين و يصيبه ما يصيب الشهور من التمام و النقصان
5- و عنه عن محمد بن أبي عمير عن أبي أيوب عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع قال إذا رأيتم الهلال فصوموا و إذا رأيتموه فأفطروا و ليس بالرأي و لا بالتظني و لكن بالرؤية و الرؤية ليس أن يقوم عشرة فينظروا فيقول واحد هو ذا هو و ينظر تسعة فلا يرونه إذا رآه واحد رآه عشرة و ألف و إذا كانت علة فأتم شعبان ثلاثين و زاد حماد فيه و ليس أن يقول رجل هو ذا هو لا أعلم إلا قال و لا خمسون
6- الحسين بن سعيد عن محمد بن الفضيل عن أبي الصباح عن ابن مسكان عن الحلبي جميعا عن أبي عبد الله ع أنه سئل عن الأهلة فقال هي أهلة الشهور فإذا رأيت الهلال فصم و إذا رأيته فأفطر قلت أ رأيت إن كان الشهر تسعة و عشرين يوما أقضي ذلك اليوم فقال لا إلا أن تشهد لك بينة عدول فإن شهدوا أنهم رأوا الهلال قبل ذلك فاقض ذلك اليوم
7- و عنه عن محمد الأشعري أبي خالد عن ابن بكير عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله ع قال شهر رمضان يصيبه ما يصيب الشهور من الزيادة و النقصان فإن تغيمت السماء يوما فأتموا العدة
8- و عنه عن الحسن عن صفوان عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله ع أنه قال صم لرؤية الهلال و أفطر لرؤيته فإن شهد عندكم شاهدان مرضيان بأنهما رأياه فاقضه
9- و عنه عن صفوان عن العيص بن القاسم قال سألت أبا عبد الله ع عن الهلال إذا رآه القوم جميعا فاتفقوا على أنه لليلتين أ يجوز ذلك قال نعم
10- و عنه عن حماد عن شعيب عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع أنه سئل عن اليوم الذي يقضى من شهر رمضان فقال لا تقضه إلا أن يثبت شاهدان عدلان من جميع أهل الصلاة متى كان رأس الشهر و قال لا تصم ذلك اليوم الذي يقضى إلا أن يقضي أهل الأمصار فإن فعلوا فصمه
11- و عنه عن القاسم عن أبان عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سألت أبا عبد الله ع عن هلال رمضان يغم علينا في تسع و عشرين من شعبان فقال لا تصم إلا أن تراه فإن شهد أهل بلد آخر فاقضه
12- و عنه عن يوسف بن عقيل عن محمد بن قيس عن أبي جعفر ع قال قال أمير المؤمنين ع إذا رأيتم الهلال فأفطروا أو شهد عليه عدل من المسلمين و إن لم تروا الهلال إلا من وسط النهار أو آخره فأتموا الصيام إلى الليل فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين ليلة ثم أفطروا
13- و عنه عن فضالة عن سيف بن عميرة عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله ع أنه قال في كتاب علي ع صم لرؤيته و أفطر لرؤيته و إياك و الشك و الظن فإن خفي عليكم فأتموا الشهر الأول ثلاثين
14- و عنه عن فضالة عن سيف بن عميرة عن الفضيل بن عثمان عن أبي عبد الله ع أنه قال ليس على أهل القبلة إلا الرؤية ليس على المسلمين إلا الرؤية
15- سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن محمد بن أبي عمير عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله ع أنه قال فيمن صام تسعة و عشرين قال إن كانت له بينة عادلة على أهل مصر أنهم صاموا ثلاثين على رؤية قضى يوما
16- و عنه عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن عبد الله بن سنان عن رجل نسي حماد بن عيسى اسمه قال صام علي ع بالكوفة ثمانية و عشرين يوما شهر رمضان فرأوا الهلال فأمر مناديا أن ينادي اقضوا يوما فإن الشهر تسعة و عشرون يوما
17- محمد بن الحسن الصفار عن علي بن محمد القاساني قال كتبت إليه و أنا بالمدينة عن اليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان هل يصام أم لا فكتب ع اليقين لا يدخل فيه الشك صم للرؤية و أفطر للرؤية
18- و عنه عن محمد بن عيسى قال كتب إليه أبو عمرو أخبرني يا مولاي أنه ربما أشكل علينا هلال شهر رمضان فلا نراه و نرى السماء ليست فيها علة فيفطر الناس و نفطر معهم و يقول قوم من الحساب قبلنا إنه يرى في تلك الليلة بعينها بمصر و إفريقية و الأندلس فهل يجوز يا مولاي ما قال الحساب في هذا الباب حتى يختلف الفرض على أهل الأمصار فيكون صومهم خلاف صومنا و فطرهم خلاف فطرنا فوقع ع لا تصومن الشك أفطر لرؤيته و صم لرؤيته
19- و عنه عن أحمد بن محمد عن محمد بن بكر عن حفص عن عمر بن سالم و محمد بن زياد بن عيسى عن هارون بن خارجة قال قال أبو عبد الله ع عد شعبان تسعة و عشرين يوما فإن كانت متغيمة فأصبح صائما و إن كانت مصحية و تبصرت و لم تر شيئا فأصبح مفطرا
20- سعد بن عبد الله عن إبراهيم بن هاشم عن إسماعيل عن يونس بن عبد الرحمن عن حبيب الخزاعي قال قال أبو عبد الله ع لا تجوز الشهادة في رؤية الهلال دون خمسين رجلا عدد القسامة و إنما تجوز شهادة رجلين إذا كانا من خارج المصر و كان بالمصر علة فأخبرا أنهما رأياه و أخبرا عن قوم صاموا للرؤية
- سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن يزيد بن إسحاق شعر عن هارون بن حمزة عن أبي عبد الله ع قال سمعته يقول إذا صمت لرؤية الهلال و أفطرت لرؤيته فقد أكملت صيام شهر و إن لم تصم إلا تسعة و عشرين يوما فإن رسول الله ص قال الشهر هكذا و هكذا و هكذا و أشار بيده إلى عشرة و عشرة و تسعة
22- و عنه عن موسى بن الحسن عن محمد بن عبد الحميد عن يونس بن يعقوب قال قلت لأبي عبد الله ع إني صمت شهر رمضان على رؤية تسعة و عشرين يوما و ما قضيت قال فقال و أنا قد صمته و ما قضيت ثم قال لي قال رسول الله ص الشهور شهر كذا و كذا و شهر كذا و كذا
23- سعد عن العباس بن موسى عن يونس بن عبد الرحمن عن أبي أيوب إبراهيم بن عثمان الخزاز عن أبي عبد الله ع قال قلت له كم يجزي في رؤية الهلال فقال إن شهر رمضان فريضة من فرائض الله فلا تؤدوا بالتظني و ليس رؤية الهلال أن يقوم عدة فيقول واحد قد رأيته و يقول الآخرون لم نره إذا رآه واحد رآه مائة و إذا رآه مائة رآه ألف و لا يجزي في رؤية الهلال إذا لم يكن في السماء علة أقل من شهادة خمسين و إذا كانت في السماء علة قبلت شهادة رجلين يدخلان و يخرجان من مصر
24- علي بن مهزيار عن ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله ع أنه قال في شهر رمضان هو شهر من الشهور يصيبه ما يصيب الشهور من النقصان
- و عنه عن الحسن بن علي عن يونس بن يعقوب قال قلت لأبي عبد الله ع صمت شهر رمضان على رؤية تسعة و عشرين يوما و ما قضيت قال فقال لي و أنا صمته و ما قضيت قال ثم قال لي قال رسول الله ص الشهر شهر كذا و قال بأصابعه بيديه جميعا فبسط أصابعه كذا و كذا و كذا و كذا و كذا و كذا فقبض الإبهام و ضمها قال و قال له غلام له و هو معتب إني قد رأيت الهلال قال اذهب فأعلمهم
26- علي بن الحسن بن فضال عن الحسن بن نصر عن أبيه عن أبي خالد الواسطي قال أتينا أبا جعفر ع في يوم يشك فيه من رمضان فإذا مائدته موضوعة و هو يأكل و نحن نريد أن نسأله فقال ادنوا الغداء إذا كان مثل هذا اليوم و لم تجئكم فيه بينة رؤية الهلال فلا تصوموا ثم قال حدثني أبي علي بن الحسين ع عن علي ع أن رسول الله ص لما ثقل في مرضه قال أيها الناس إن السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم قال ثم قال بيده فذاك رجب مفرد و ذو القعدة و ذو الحجة و المحرم ثلاثة متواليات ألا و هذا الشهر المفروض رمضان فصوموا لرؤيته و أفطروا لرؤيته فإذا خفي الشهر فأتموا العدة شعبان ثلاثين يوما و صوموا الواحد و ثلاثين و قال بيده الواحد و اثنان و ثلاثة واحد و اثنان و ثلاثة و يزوي إبهامه ثم قال أيها الناس شهر كذا و شهر كذا و قال علي ع صمنا مع رسول الله ص تسعة و عشرين يوما و لم نقضه و رآه تاما و قال علي ع قال رسول الله ص من ألحق في رمضان يوما من غيره متعمدا فليس بمؤمن بالله و لا بي
27- علي بن الحسن بن فضال قال حدثني محمد بن عبد الله بن زرارة عن محمد بن أبي عمير عن حماد بن عثمان عن عبد الله بن علي الحلبي عن أبي عبد الله ع قال سألته عن الأهلة قال هي أهلة الشهور فإذا رأيت الهلال فصم و إذا رأيته فأفطر قال قلت أ رأيت إن كان الشهر تسعة و عشرين يوما أقضي ذلك اليوم قال لا إلا أن تشهد بذلك بينة عدول فإن شهدوا أنهم رأوا الهلال قبل ذلك فاقض ذلك اليوم
28- محمد بن أحمد بن داود عن محمد بن علي بن الفضل عن علي بن محمد بن يعقوب عن علي بن الحسن بن فضال عن الحسين بن نصر بن مزاحم عن أبيه عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي عبد الله ع قال سمعته يقول ما أدري ما صمت ثلاثين أو أكثر أو ما صمت تسعة و عشرين يوما إن رسول الله ص قال شهر كذا و شهر كذا و شهر كذا يعقد بيده تسعة و عشرين يوما
29- أبو غالب الزراري عن أحمد بن محمد عن عبد الله بن أحمد عن محمد بن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع قال في يوم الشك من صامه قضاه و إن كان كذلك يعني من صامه على أنه من شهر رمضان بغير رؤية قضاه و إن كان يوما من شهر رمضان لأن السنة جاءت في صيامه على أنه من شعبان و من خالفها كان عليه القضاء
30- و عنه عن أحمد بن محمد عن محمد بن أبي غالب عن علي بن الحسن الطاطري عن محمد بن زياد عن إسحاق بن جرير عن أبي عبد الله ع قال إن رسول الله ص قال إن الشهر هكذا و هكذا و هكذا يلصق كفيه و يبسطهما ثم قال و هكذا و هكذا و هكذا ثم يقبض إصبعا واحدا في آخر بسطة بيديه و هي الإبهام فقلت شهر رمضان تام أبدا أم شهر من الشهور فقال هو شهر من الشهور ثم قال إن عليا ع صام عندكم تسعة و عشرين يوما فأتوه فقالوا يا أمير المؤمنين قد رأينا الهلال فقال أفطروا
31- محمد بن أحمد بن داود القمي قال أخبرنا محمد بن علي بن الفضل عن علي بن محمد بن يعقوب الكسائي عن علي بن الحسن بن فضال عن أيوب بن نوح عن صفوان بن يحيى عن عبد الله بن سنان قال سألت أبا عبد الله ع عن الأهلة فقال هي أهلة الشهور فإذا رأيت الهلال فصم و إذا رأيته فأفطر قلت إن كان الشهر تسعة و عشرين يوما أقضي ذلك اليوم قال لا إلا أن تشهد بينة عدول فإن شهدوا أنهم رأوا الهلال قبل ذلك فاقض ذلك اليوم
32- محمد بن أحمد بن داود عن عبد الله بن علي بن القاسم البزاز قال حدثنا جعفر بن عبد الله المحمدي قال حدثنا الحسن بن الحسين قال حدثنا أبو أحمد عمر بن الربيع البصري قال سئل الصادق جعفر بن محمد ع عن الأهلة قال هي أهلة الشهور فإذا رأيت الهلال فصم و إذا رأيته فأفطر فقلت أ رأيت إن كان الشهر تسعة و عشرين يوما أقضي ذلك اليوم قال لا إلا أن يشهد لك عدول أنهم رأوه فإن شهدوا فاقض ذلك اليوم
33- محمد بن أحمد بن داود قال أخبرنا محمد بن علي بن الفضل و علي بن محمد بن يعقوب عن علي بن الحسن قال حدثني معمر بن خلاد عن معاوية بن وهب عن عبد الحميد الأزدي قال قلت لأبي عبد الله ع أكون في الجبل في القرية فيها خمسمائة من الناس فقال إذا كان كذلك فصم بصيامهم و أفطر بفطرهم
يريد ع بذلك أن صومهم إنما يكون بالرؤية فإذا لم يستفض الخبر عندهم برؤية الهلال لم يصوموا على ما جرت به العادة في باب الإسلام
34- علي بن الحسن بن فضال عن أبيه عن محمد بن سنان عن أبي الجارود زياد بن المنذر العبدي قال سمعت أبا جعفر محمد بن علي ع يقول صم حين يصوم الناس و أفطر حين يفطر الناس فإن الله عز و جل جعل الأهلة مواقيت
35- أحمد بن محمد بن الحسن عن أبيه عن محمد بن الحسن الصفار عن علي بن محمد القاساني عن القاسم بن محمد كاسولا عن سليمان بن داود الشاذكوني عن عبد الرزاق عن معمر عن محمد بن شهاب الزهري قال سمعت علي بن الحسين ع يقول يوم الشك أمرنا بصيامه و نهينا عنه أمرنا أن يصومه الإنسان على أنه من شعبان و نهينا عن أن يصومه على أنه من شهر رمضان و هو لم ير الهلال
36- علي بن الحسن بن فضال عن أخويه عن أبيهما عن عبد الله بن بكير بن أعين عن أبي عبد الله ع قال صم للرؤية و أفطر للرؤية و ليس رؤية الهلال أن يجيء الرجل و الرجلان فيقولان رأينا إنما الرؤية أن يقول القائل رأيت فيقول القوم صدقت
37- محمد بن أحمد بن داود القمي قال أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد عن محمد بن عبد الله بن غالب عن الحسن بن علي عن عبد السلام بن سالم عن أبي عبد الله ع أنه قال إذا رأيت الهلال فصم و إذا رأيت الهلال فأفطر
38- أبو غالب الزراري عن محمد بن جعفر الرزاز عن يحيى بن زكريا اللؤلؤي عن يزيد بن إسحاق عن حماد بن عثمان عن عبد الأعلى بن أعين عن أبي عبد الله ع قال سمعته يقول إذا صمت لرؤية الهلال و أفطرت لرؤيته فقد أكملت الشهر و إن لم تصم إلا تسعة و عشرين يوما فإن رسول الله ص قال الشهر هكذا و هكذا و هكذا و أشار بيده عشرا و عشرا و عشرا و هكذا و هكذا و هكذا عشرة و عشرة و تسعة
39- سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن يزيد بن إسحاق شعر عن هارون بن حمزة الغنوي قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إذا صمت لرؤيته و أفطرت لرؤيته فقد أكملت صيام شهر رمضان
40- أبو غالب الزراري عن أحمد بن محمد عن محمد بن غالب عن علي بن الحسن بن فضال عن محمد بن أبي حمزة عن أبي الصباح صبيح بن عبد الله عن صبار مولى أبي عبد الله ع قال سألته عن الرجل يصوم تسعة و عشرين يوما و يفطر للرؤية و يصوم للرؤية أ يقضي يوما فقال كان أمير المؤمنين ع يقول لا إلا أن يجيء شاهدان عدلان فيشهدا أنهما رأياه قبل ذلك بليلة فيقضي يوما
41- أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه قال أخبرنا محمد بن همام عن حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن محمد بن زياد عن هارون بن خارجة عن الربيع بن ولاد عن أبي عبد الله ع قال إذا رأيت هلال شعبان فعد تسعا و عشرين ليلة فإن أصحت فلم تره فلا تصم و إن تغيمت فصم
42- أبو غالب الزراري عن خاله محمد بن جعفر عن يحيى بن زكريا بن شيبان عن يزيد بن إسحاق شعر عن حماد بن عثمان عن يعقوب الأحمر قال قلت لأبي عبد الله ع شهر رمضان تام أبدا فقال لا بل شهر من الشهور
- و عنه عن خاله محمد بن جعفر عن يحيى بن زكريا اللؤلؤي عن يزيد بن إسحاق شعر عن حماد بن عثمان عن فطر بن عبد الملك قال قال يعني أبا عبد الله ع يصيب شهر رمضان ما يصيب الشهور من النقصان فإذا صمت شهر رمضان تسعة و عشرين يوما ثم تغيمت فأتم العدة ثلاثين يوما
44- أبو الحسن محمد بن أحمد بن داود قال أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد عن أبي الحسن بن القاسم عن علي بن إبراهيم قال حدثني أحمد بن عيسى بن عبد الله عن عبد الله بن علي بن الحسن عن أبيه عن جعفر بن محمد ع في قوله عز و جل قل هي مواقيت للناس و الحج قال لصومهم و فطرهم و حجهم
45- معمر بن خلاد عن أبي الحسن ع قال كنت جالسا عنده آخر يوم من شعبان فلم أره صائما فأتوه بمائدة فقال ادن و كان ذلك بعد العصر قلت له جعلت فداك صمت اليوم فقال لي و لم قلت جاء عن أبي عبد الله ع في اليوم الذي يشك فيه أنه قال يوم وفق الله له قال أ ليس تدرون أنما ذلك إذا كان لا يعلم أ هو من شعبان أم من شهر رمضان فصامه الرجل و كان من شهر رمضان كان يوما وفق الله له فأما و ليس علة و لا شبهة فلا فقلت أفطر الآن فقال لا قلت و كذلك في النوافل ليس لي أن أفطر بعد الظهر قال نعم
46- علي بن مهزيار عن محمد بن عبد الحميد عن محمد بن الفضيل قال سألت أبا الحسن الرضا ع عن اليوم الذي يشك فيه و لا يدرى أ هو من شهر رمضان أو من شعبان فقال شهر رمضان شهر من الشهور يصيبه ما يصيب الشهور من الزيادة و النقصان فصوموا للرؤية و أفطروا للرؤية و لا يعجبني أن يتقدمه أحد بصيام يوم و ذكر الحديث
- أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن عن أبيه عن محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن عيسى قال حدثني أبو علي بن راشد قال كتب إلي أبو الحسن العسكري ع كتابا و أرخه يوم الثلاثاء لليلة بقيت من شعبان و ذلك في سنة اثنين و ثلاثين و مائتين و كان يوم الأربعاء يوم شك و صام أهل بغداد يوم الخميس و أخبروني أنهم رأوا الهلال ليلة الخميس و لم يغب إلا بعد الشفق بزمان طويل قال فاعتقدت أن الصوم يوم الخميس و أن الشهر كان عندنا ببغداد يوم الأربعاء قال فكتب إلي زادك الله توفيقا فقد صمت بصيامنا قال ثم لقيته بعد ذلك فسألته عما كتبت به إليه فقال لي أ و لم أكتب إليك أنما صمت الخميس و لا تصم إلا للرؤية
48- سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن يزيد بن إسحاق شعر عن هارون بن حمزة عن أبي عبد الله ع قال سمعته يقول إذا صمت لرؤية الهلال و أفطرت لرؤيته فقد أكملت صيام شهر و إن لم تصم إلا تسعة و عشرين يوما فإن رسول الله ص قال الشهر هكذا و هكذا و هكذا و أشار بيده إلى عشرة و عشرة و تسعة
49- فأما ما رواه ابن رباح في كتاب الصيام من حديث حذيفة بن منصور عن معاذ بن كثير قال قلت لأبي عبد الله ع إن الناس يقولون إن رسول الله ص صام تسعة و عشرين أكثر مما صام ثلاثين فقال كذبوا ما صام رسول الله ص منذ بعثه الله تعالى إلى أن قبضه أقل من ثلاثين يوما و لا نقص شهر رمضان منذ خلق الله السماوات من ثلاثين يوما و ليلة
ثم ذكر هذا الحديث من طريق آخر و هو
50- الحسن بن حذيفة عن أبيه عن معاذ بن كثير قال قلت لأبي عبد الله ع إن الناس يروون أن رسول الله ص صام تسعة و عشرين يوما قال فقال لي أبو عبد الله ع لا و الله ما نقص شهر رمضان منذ خلق الله السماوات و الأرض من ثلاثين يوما و ثلاثين ليلة
51- و روى هذا الحديث أيضا محمد بن سنان عن حذيفة بن منصور عن أبي عبد الله ع قال شهر رمضان ثلاثون يوما لا ينقص أبدا
ثم ذكر من طريق آخر بألفاظ تزيد و تنقص على ما تقدم ذكره
52- عن الحسن بن حذيفة عن أبيه عن معاذ بن كثير قال قلت لأبي عبد الله ع إن الناس يروون عندنا أن رسول الله ص صام هكذا و هكذا و هكذا و حكى بيده يطبق إحدى يديه على الأخرى عشرا و عشرا و تسعا أكثر مما صام هكذا و هكذا و هكذا يعني عشرا و عشرا و عشرا قال فقال أبو عبد الله ع ما صام رسول الله ص أقل من ثلاثين يوما و ما نقص شهر رمضان من ثلاثين يوما منذ خلق الله السماوات و الأرض
53- و ذكره من طريق آخر عن أبي عمران المنشد عن حذيفة بن منصور قال قال أبو عبد الله ع لا و الله لا و الله ما نقص شهر رمضان و لا ينقص أبدا من ثلاثين يوما و ثلاثين ليلة فقلت لحذيفة لعله قال لك ثلاثين ليلة و ثلاثين يوما كما يقول الناس الليل ليل النهار فقال لي حذيفة هكذا سمعت
54- و روى محمد بن أبي عمير عن حذيفة بن منصور قال أتيت معاذ بن كثير في شهر رمضان و كان معي إسحاق بن مخول فقال معاذ لا و الله ما نقص من شهر رمضان قط
و هذا الخبر لا يصح العمل به من وجوه أحدها أن متن هذا الحديث لا يوجد في شيء من الأصول المصنفة و إنما هو موجود في الشواذ من الأخبار و منها أن كتاب حذيفة بن منصور رحمه الله عري منه و الكتاب معروف مشهور و لو كان هذا الحديث صحيحا عنه لضمنه كتابه و منها أن هذا الخبر مختلف الألفاظ مضطرب المعاني أ لا ترى أن حذيفة تارة يرويه عن معاذ بن كثير عن أبي عبد الله ع و تارة يرويه عن أبي عبد الله ع بلا واسطة و تارة يفتي به من قبل نفسه فلا يسنده إلى أحد و هذا الضرب من الاختلاف مما يضعف الاعتراض به و التعلق بمثله و منها أنه لو سلم من جميع ما ذكرناه لكان خبرا واحدا لا يوجب علما و لا عملا و أخبار الآحاد لا يجوز الاعتراض بها على ظاهر القرآن و الأخبار المتواترة و لو كان هذا الخبر مما يوجب العلم لم يكن في مضمونه ما يوجب العمل على العدد دون الأهلة و أنا أبين عن وجهه إن شاء الله تعالى أما الحديث الذي رواه الحسن بن حذيفة عن أبيه عن معاذ بن كثير أنه قال لأبي عبد الله ع إن الناس يقولون إن رسول الله ص صام تسعة و عشرين يوما أكثر مما صام ثلاثين يوما قال كذبوا ما صام رسول الله ص منذ بعثه الله تعالى إلى أن قبضه أقل من ثلاثين يوما و لا نقص شهر رمضان منذ خلق الله السماوات و الأرض من ثلاثين يوما فإنه يفيد تكذيب الراوي من العامة عن النبي ص أنه صام شهر رمضان تسعة و عشرين أكثر مما صامه ثلاثين و لا يفيد أنه لا يصح صيامه تسعة و عشرين و لا يتفق أن يكون زمانه كذلك و يكون معنى قوله ما صام منذ بعث إلى أن قبض أقل من ثلاثين يوما الإخبار عما اتفق له من ذلك في مدة زمان فرض الله عليه بذلك دون ما يستقبل في الأوقات بعد تلك الأزمان و يحتمل أن يكون لم يصم رسول الله ص أقل من ثلاثين يوما على ما ادعاه المخالف من الكثرة دون القلة و التغليب دون التقليل فكأنه قال لم يكن صام رسول الله ص أقل من ثلاثين يوما على أغلب أحواله حسب ما ادعاه المخالفون و يكون قوله و لا نقص شهر رمضان منذ خلق الله السماوات و الأرض من ثلاثين يوما و ثلاثين ليلة على الوجه الذي زعم المخالفون أن نقصانه عن ذلك أكثر من تمامه و إذا احتمل الكلام من المعنى في هذا الخبر ما ذكرناه حملناه على ذلك و جمعنا بينه و بين الأخبار المتواترة في جواز نقصان شهر رمضان عن ثلاثين يوما ليقع الاتفاق و الالتيام بين الأخبار عن الصادقين ع و أما حديث
محمد بن سنان عن حذيفة بن منصور عن أبي عبد الله ع أنه قال شهر رمضان ثلاثون يوما لا ينقص أبدا و في الرواية الأخرى لا ينقص و الله أبدا
غير موجب لما ذهب إليه العدديون و ذلك أن قوله ع شهر رمضان لا ينقص أبدا إنما أفاد أنه لا يكون أبدا ناقصا بل قد يكون حينا تاما و حينا ناقصا و لو نقص أبدا لما تم في حال من الأحوال و هذا مما لا يذهب إليه أحد من العقلاء فإن قال قائل لو كان الأمر على ما ذكرتم في تأويل هذا الحديث لما اختص شهر رمضان بذلك دون غيره و لو لم يكن شهر رمضان مختصا من الشهور بأنه لا ينقص في حال لما تخصص الذكر له مما سواه قيل له لو كان الخبر بذلك جاء مبتدأ من غير سبب لكان لغوا كما ذكرت لكنه لم يكن كذلك بل كان لسبب أوجب تخصيص الذكر له و هو ما ثبت في الحديث من أن قوما كذبوا على النبي ص فزعموا أن الذي صامه من شهر رمضان في زمانه كان النقصان فيه أكثر من التمام و أن أكثر ما يكون شهر رمضان على النقصان ثم قابلهم آخرون بضد مقالتهم فادعوا أنه لم يصم إلا تاما و لا يكون صيامه أبدا إلا على التمام فاقتضت الحال من القول ما هو رد على الفريقين فيما اختلفوا فيه من شهر رمضان بعينه فلذلك اختص الذكر له بما يعم غيره من الحكم و لو لم يكن السبب في ذلك ما قدمناه لم يكن اللفظ مختصا به على ما وصفناه و لا خلاف بين المتكلمين و أهل اللسان أنه قد يحسن تخصيص المذكور من الحكم بما يعم غيره إذا كان لذلك سبب يوجبه و إن قبح عند عدم السبب
55- فأما الذي رواه محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن إسماعيل عن محمد بن يعقوب بن شعيب عن أبيه قال قلت لأبي عبد الله ع إن الناس يقولون إن رسول الله ص صام تسعة و عشرين يوما أكثر مما صام ثلاثين يوما فقال كذبوا ما صام رسول الله ص إلا تاما و ذلك قول الله تعالى و لتكملوا العدة فشهر رمضان ثلاثون يوما و شوال تسعة و عشرون يوما و ذو القعدة ثلاثون يوما لا ينقص أبدا لأن الله تعالى يقول و واعدنا موسى ثلاثين ليلة و ذو الحجة تسعة و عشرون يوما ثم الشهور على مثل ذلك شهر تام و شهر ناقص و شعبان لا يتم أبدا
56- و روى هذا الحديث أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل عن محمد بن يعقوب بن شعيب عن أبيه عن أبي عبد الله ع قال قلت له إن الناس يروون أن رسول الله ص ما صام من شهر رمضان تسعة و عشرين يوما أكثر مما صام ثلاثين فقال كذبوا ما صام رسول الله ص إلا تاما و لا تكون الفرائض ناقصة إن الله تعالى خلق السنة ثلاثمائة و ستين يوما و خلق السماوات و الأرض في ستة أيام فحجزها من ثلاثمائة و ستين يوما فالسنة ثلاثمائة و أربعة و خمسون يوما و شهر رمضان ثلاثون يوما و ساق الحديث إلى آخره
57- و رواه الكليني محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن إسماعيل عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله ع قال إن الله عز و جل خلق الدنيا في ستة أيام ثم اختزلها من أيام السنة فالسنة ثلاثمائة و أربعة و خمسون يوما شعبان لا يتم أبدا و شهر رمضان لا ينقص و الله أبدا و لا تكون فريضة ناقصة إن الله تعالى يقول و لتكملوا العدة و شوال تسعة و عشرون يوما و ذو القعدة ثلاثون يوما يقول الله عز و جل و واعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر و ذو الحجة تسعة و عشرون يوما و المحرم ثلاثون يوما ثم الشهور بعد ذلك شهر تام و شهر ناقص
و هذا الخبر أيضا نظير ما تقدم في أنه لا يصح الاحتجاج به بمثل ما قدمناه من أنه خبر واحد لا يوجب علما و لا عملا و أنه لا يعترض بمثله على ظاهر القرآن و الأخبار المتواترة و أنه أيضا مختلف الألفاظ و المعاني و الخبر واحد و الإسناد واحد و أيضا فإن هذا الخبر يتضمن من التعليل ما يكشف عن أنه لم يثبت عن إمام هدى ع من ذلك أن قول الله عز و جل و واعدنا موسى ثلاثين ليلة لا يوجب استمرار أمثال ذلك الشهر على الكمال في ذي القعدة و ليس اتفاق تمام ذي القعدة في أيام موسى ع موجبا تمامه في مستقبل الأوقات و لا دالا على أنه لم يزل كذلك فيما مضى و إذا كان الأمر على ما ذكرناه بطل إضافة التعليل لتمام ذي القعدة أبدا بما تضمنه القرآن من تمامه حينا إلى صادق عن الله تعالى لا سيما و هو تعليل أيضا لتمام شهر رمضان و ليس بينهما نسبة بالذكر في التمام و اختزال الستة الأيام من السنة لا يمنع من اتفاق النقصان في شهرين و ثلاثة على التوالي و تمام ثلاثة أشهر و أربعة متواليات فكيف يصح التعليل بمعنى لا يوجبه عقل و لا عادة و لا لسان و كذلك التعليل لكون شهر رمضان ثلاثين يوما أبدا بكون الفرائض لا تكون ناقصة لأن نقصان الشهر عن ثلاثين يوما لا يوجب النقصان في فرض العمل فيه و قد ثبت أن الله تعالى لم يتعبدنا بفعل الأيام و لا يصح تكليفنا فعل الزمان و إنما تعبدنا بالعمل في الأيام و الفعل في الزمان فلا يكون إذا نقصان الزمان عن غيره بالإضافة نقصانا في العمل أ لا ترى أن من وجب عليه عمل في شهر معين فأداه في ذلك الشهر على ما حد له فيه من ابتدائه به من أوله و ختمه إياه في آخره أنه يكون قد أكمل ما وجب عليه و إن كان الشهر ناقصا عن الكمال و أجمع المسلمون على أن المعتدة بالشهور إذا طلقها زوجها في أول شهر من الشهور فقضت ثلاثة أشهر فيها واحد على الكمال ثلاثون يوما و اثنان منها كل واحد منهما تسعة و عشرون يوما أنها تكون مؤدية لفرض الله تعالى عليها من العدة على كمال الفرض دون النقصان و لا يكون نقصان الشهرين متعديا إلى الفرض فيها على المرأة من العدة على ما ذكرناه و لو أن إنسانا نذر لله تعالى صيام شهر يلي شهر قدومه من سفره أو برئه من مرضه فاتفق كون الشهر الذي يلي ذلك تسعة و عشرين يوما فصامه من أوله إلى آخره لكان مؤديا إلى فرض الله تعالى فيه على الكمال و لم يكن نقصان الشهر مفيدا لنقصان الفرض الذي أداه فيه و الاعتلال أيضا في أن شهر رمضان لا يكون إلا ثلاثين يوما بقوله تعالى و لتكملوا العدة يبطل ثبوته عن إمام هدى بما ذكرناه من كمال الفرض المؤدى فيما نقص من الشهر عن ثلاثين يوما مع أن ظاهر القرآن يفيد بأن الأمر بتكميل العدة إنما يتوجه إلى معنى القضاء لما فات من الصيام حيث يقول الله تعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه و من كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر و لا يريد بكم العسر و لتكملوا العدة
فأخبر تعالى أنه فرض على المسافر و المريض عند إفطارهما في الشهر القضاء له في أيام أخر ليكملوا بذلك عدة ما فاتهم من صيام الشهر الذي مضى و ليس في ذلك تحديد لما يقع عليه القضاء و إنما هو أمر بما يجب من قضاء الفائت كائنا ما كان و هذه الجملة التي ذكرنا تدل على أن التعليل المذكور لتمام شهر رمضان ثلاثين يوما موضوع لا يصح عن الأئمة ع و لو سلم هذا الحديث من جميع ما ذكرناه لم يكن ما تضمنه لفظ متنه مختلا لوفاق العمل على الأهلة و لم يوجب الحكم بصحة خلافه و ذلك أن تكذيب العامة فيما ادعوه من صيام رسول الله ص شهر رمضان تسعة و عشرين يوما أكثر من صيامه إياه ثلاثين يوما لا يمنع أن يكون قد صامه تسعة و عشرين يوما غير أن صيامه كذلك كان أقل من صيامه إياه ثلاثين يوما و لو اقتضى صيامه إياه في مدة فرضه عليه في حياته ثلاثين يوما لم يمنع من تغير الحال في ذلك و كونه في بعض الأزمان بعده تسعة و عشرين يوما على ما أسلفناه من القول في ذلك و القول بأن رسول الله ص ما صام إلا تاما لا يفيد كون شهر الصيام ثلاثين يوما على كل حال لأن الصوم غير الشهر و هو فعل الصائم و الشهر حركات الفلك و هي فعل الله تعالى و الوصف بالتمام إنما هو للصوم الذي هو فعل العبد دون الوصف للزمان الذي هو فعل الله تعالى و قد بينا ذلك فيما مضى و الاحتجاج لذلك بقوله تعالى و لتكملوا العدة غير موجب ما ظنه أصحاب العدد من أن شهر الصيام لا يكون تسعة و عشرين يوما لأن إكمال عدة الشهر الناقص بالعمل في جميعه كإكمال عدة الشهر التام بالعمل في سائره لا يختلف في ذلك أحد من العقلاء و القول بأن شوالا تسعة و عشرون يوما غير مفيد لما قالوه بل يحتمل الخبر لكونه كذلك أحيانا دون كونه كذلك بالوجوب على كل حال و القول بأن ذا القعدة ثلاثون
يوما لا ينقص أبدا وجهه ما ذكرناه من أنه لا يكون ناقصا أبدا حتى لا يتم حينا و الاعتلال لذلك بقوله تعالى و واعدنا موسى ثلاثين ليلة يؤكد هذا التأويل لأنه أفاد حصوله في زمن من الأزمان جاء بذكره القرآن ثلاثون يوما فوجب بذلك أنه لا يكون ناقصا أبدا بل قد يكون تاما و إن جاز عليه النقصان و الذي يدل على ما ذكرناه من جواز النقصان على ذي القعدة في بعض الأوقات ما رواه
58- علي بن مهزيار عن الحسين بن بشار عن عبد الله بن جندب عن معاوية بن وهب قال قال أبو عبد الله ع إن الشهر الذي يقال إنه لا ينقص ذو القعدة ليس في شهور السنة أكثر نقصانا منه
و أما القول بأن السنة ثلاثمائة و أربعة و خمسون يوما من قبل أن السماوات و الأرض خلقهن في ستة أيام اختزلت من ثلاثمائة و ستين يوما لا يوجب أن يكون شهرا منها بعينه أبدا ثلاثين يوما بل يقتضي أن الستة أيام تتفرق في الشهور كلها على غير تفصيل و تعيين لما يكون ناقصا فيها مما يتفق كونه على التمام بدلا من كونه على النقصان و أما القول بأن شهور السنة تختلف في الكمال و النقصان فيكون منها شهر تام و شهر ناقص لا يوجب أيضا دعوى الخصم في شهر رمضان ما ادعاه و لا في شعبان ما حكم به من نقصانه على كل حال لأنها قد تكون على ما تضمنه الوصف من الكمال و النقصان لكنها لا تكون كذلك على الترتيب و النظام بل لا ينكر أن يتفق فيها شهران متصلان على التمام و شهران متواليان على النقصان و ثلاثة أشهر أيضا كما وصفناه و يكون مع ما ذكرناه على وفاق القول بأن فيها شهرا ناقصا و شهرا تاما إذ ليس في صريح الحديث ذكر الاتصال و لا الانفصال
- و أما ما رواه ابن رباح عن سماعة عن الحسن بن حذيفة عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله ع في قوله تعالى و لتكملوا العدة قال صوم ثلاثين يوما
و هذا الخبر أيضا نظير ما تقدم من أنه خبر واحد لا يوجب علما و لا عملا و الكلام عليه كالكلام على غيره من أنه لا يجوز الاعتراض به على ظاهر القرآن و ذلك أن الحكم بإكمال العدة للصيام ثلاثين يوما لا يمنع أن يكون إكمالها في الشهر إذا نقص صيام تسعة و عشرين يوما إذ المراد بإكمال العدة الأيام التي هي أيام الشهر على أي حال كان و لا خلاف أن الشهر الذي هو تسعة و عشرون يوما شهر في الحقيقة دون المجاز و لسنا ننكر أن الواجب علينا عند الإغماء في هلال شوال أن نكمل الشهر ثلاثين يوما و أن ذلك واجب أيضا مع العلم بكمال الشهر و إذا كان الأمر على ما وصفناه سقط التعلق بالحديث في خلاف المعلوم من الشرع و أما الخبر الذي رواه
60- محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله ع قال إذا رأوا الهلال قبل الزوال فهو لليلة الماضية و إذا رأوه بعد الزوال فهو لليلة المستقبلة
61- و الذي رواه سعد بن عبد الله عن أبي جعفر عن أبي طالب عبد الله بن الصلت عن الحسن بن علي بن فضال عن عبيد بن زرارة و عبد الله بن بكير قالا قال أبو عبد الله ع إذا رئي الهلال قبل الزوال فذلك اليوم من شوال و إذا رئي بعد الزوال فذلك اليوم من شهر رمضان
فهذان الخبران أيضا مما لا يصح الاعتراض بهما على ظاهر القرآن و الأخبار المتواترة لأنهما غير معلومين و ما يكون هذا حكمه لا يجب المصير إليه مع أنهما لو صحا لجاز أن يكون المراد بهما إذا شهد برؤيته قبل الزوال شاهدان من خارج البلد يجب الحكم عليه بأن ذلك اليوم من شوال و ليس لأحد أن يقول إن هذا لو كان مرادا لما كان لرؤيته قبل الزوال فائدة لأنه متى شهد الشاهدان وجب العمل بقولهما لأن ذلك إنما يجب إذا كان في البلد علة و لم يروا الهلال و المراد بهذين الخبرين ألا يكون في البلد علة لكن أخطئوا رؤية الهلال ثم رأوه من الغد قبل الزوال و اقترن إلى رؤيتهم شهادة الشهود وجب العمل به و الذي يدل على أنه متى تجرد عن شهادة الشهود لا يجب المصير إليه و إن رئي قبل الزوال ما رواه
62- علي بن حاتم عن محمد بن جعفر عن محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن عيسى قال كتبت إليه ع جعلت فداك ربما غم علينا هلال شهر رمضان فيرى من الغد الهلال قبل الزوال و ربما رأيناه بعد الزوال فترى أن نفطر قبل الزوال إذا رأيناه أم لا و كيف تأمرني في ذلك فكتب ع تتم إلى الليل فإنه إن كان تاما رئي قبل الزوال
63- و عنه عن الحسن بن علي عن أبيه عن الحسن عن يوسف بن عقيل عن محمد بن قيس عن أبي جعفر ع قال قال أمير المؤمنين ع إذا رأيتم الهلال فأفطروا و أشهدوا عليه عدولا من المسلمين فإن لم تروا الهلال إلا من وسط النهار أو آخره فأتموا الصيام إلى الليل و إن غم عليكم فعدوا ثلاثين ثم أفطروا
64- الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن جراح المدائني قال قال أبو عبد الله ع من رأى هلال شوال بنهار في رمضان فليتم صيامه
65- و عنه عن فضالة عن أبان بن عثمان عن إسحاق بن عمار قال سألت أبا عبد الله ع عن هلال رمضان يغم علينا في تسع و عشرين من شعبان فقال لا تصمه إلا أن تراه فإن شهد أهل بلد آخر أنهم رأوه فاقضه و إذا رأيته وسط النهار فأتم صومه إلى الليل
يعني بقوله ع أتم صومه إلى الليل على أنه من شعبان دون أن ينوي أنه من رمضان و أما ما رواه
66- الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن إسماعيل بن الحر عن أبي عبد الله ع قال إذا غاب الهلال قبل الشفق فهو لليلته و إذا غاب بعد الشفق فهو لليلتين
67- سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن مرازم عن أبيه عن أبي عبد الله ع قال إذا تطوق الهلال فهو لليلتين و إذا رأيت ظل رأسك فيه فهو لثلاث
فهذان الخبران و ما يجري مجراهما مما هو في معناهما إنما يكون أمارة على اعتبار دخول الشهر إذا كان في السماء علة من غيم و ما يجري مجراه فجاز حينئذ اعتباره في الليلة المستقبلة بتطوق الهلال و غيبوبته قبل الشفق أو بعد الشفق فأما مع زوال العلة و كون السماء مصحية فلا تعتبر هذه الأشياء و يجري ذلك مجرى شهادة الشاهدين من خارج البلد إنما يعتبر شهادتهما إذا كان هناك علة و متى لم يكن هناك علة فلا يجوز اعتبار ذلك على وجه من الوجوه بل يحتاج إلى شهادة خمسين نفسا حسب ما قدمناه و نحن متى استعملنا هذه الأخبار في بعض الأحوال برئت عهدتنا و لم نكن دافعين لها و أما ما رواه
68- محمد بن يعقوب عن علي بن محمد عن بعض أصحابنا عن محمد بن عيسى بن عبيد عن إبراهيم بن محمد المزني عن عمران الزعفراني قال قلت لأبي عبد الله ع إن السماء تطبق علينا بالعراق اليوم و اليومين و الثلاثة فأي يوم نصوم قال انظر اليوم الذي صمت من السنة الماضية و صم يوم الخامس
69- و عنه عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن منصور بن العباس عن إبراهيم الأحول عن عمران الزعفراني قال قلت لأبي عبد الله ع إنا نمكث في الشتاء اليوم و اليومين لا نرى شمسا و لا نجما فأي يوم نصوم قال انظر اليوم الذي صمت من السنة الماضية و عد خمسة أيام و صم اليوم الخامس
فهذان الخبران الوجه فيهما أنه إذا كانت السماء متغيمة على ما تضمنا فعلى الإنسان أن يصوم يوم الخامس من صيام يوم السنة الماضية على أنه من شعبان إن لم يكن صح عنده نقصانه احتياطا فإن اتفق أنه يكون من شهر رمضان فقد أجزأ عنه و إن كان من شعبان كتب له من النوافل و يجري هذا مجرى صيام يوم الشك و ليس في الخبر أنه يصوم يوم الخامس على أنه من شهر رمضان و إذا لم يكن هذا في ظاهره و احتمل ما قلناه سقطت المعارضة به و لم يناف ما ذكرناه من العمل على الأهلة
70- سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان عن عبيد الله بن علي الحلبي عن أبي عبد الله ع قال قال علي ع لا تقبل شهادة النساء في رؤية الهلال إلا شهادة رجلين عدلين
71- و بهذا الإسناد عن أبي عبد الله ع كان يقول لا أجيز في رؤية الهلال إلا شهادة رجلين عدلين