قال الشيخ رحمه الله فإذا طلع الفجر فليصل بمنى ثم يتوجه إلى عرفات و يقول قد بينا في الباب الذي تقدم أنه يخرج الإنسان بعد طلوع الفجر من منى إلى عرفات و موسع له إلى طلوع الشمس و لا يجوز أن يجوز وادي محسر إلا بعد طلوع الشمس روى ذلك
1- الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله ع قال لا تجوز وادي محسر حتى تطلع الشمس
فأما الإمام فلا يخرج منه إلا بعد طلوع الشمس روى ذلك
2- الحسين بن سعيد عن فضالة عن أبان عن أبي إسحاق عن أبي عبد الله ع قال إن من السنة أن لا يخرج الإمام من منى إلى عرفة حتى تطلع الشمس
و لا بأس أن يخرج الماشي و صاحب العذر من منى قبل أن يصلي و يصلي في الطريق روى
3- محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى بن عمران الحلبي عن عبد الحميد الطائي قال قلت لأبي عبد الله ع إنا مشاة فكيف نصنع قال أما أصحاب الرحال فكانوا يصلون الغداة بمنى و أما أنتم فامضوا حيث تصلون في الطريق
و إذا غدا إلى عرفات فليدع بالدعاء الذي رواه
4- محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه و محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن ابن أبي عمير و صفوان عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله ع قال إذا غدوت إلى عرفة فقل و أنت متوجه إليها اللهم إليك صمدت و إياك اعتمدت و وجهك أردت أسألك أن تبارك لي في رحلتي و أن تقضي لي حاجتي و أن تجعلني ممن تباهي به اليوم من هو أفضل مني ثم تلبي و أنت غاد إلى عرفات فإذا انتهيت إلى عرفات فاضرب خباءك بنمرة و هي بطن عرنة دون الموقف و دون عرفة فإذا زالت الشمس يوم عرفة فاغتسل و صل الظهر و العصر بأذان واحد و إقامتين فإنما تعجل العصر و تجمع بينهما لتفرغ نفسك للدعاء فإنه يوم دعاء و مسألة قال و حد عرفة من بطن عرنة و ثوية و نمرة إلى ذي المجاز و خلف الجبل موقف
5- و روى الحسين بن سعيد عن محمد بن سنان عن عبد الله بن مسكان عن أبي بصير قال قال أبو عبد الله ع حد عرفات من المأزمين إلى أقصى الموقف
6- و روى موسى بن القاسم عن ابن جبلة عن إسحاق بن عمار عن أبي الحسن ع قال قال رسول الله ص ارتفعوا عن وادي عرنة بعرفات
7- و عنه عن صفوان عن إسحاق بن عمار قال سألت أبا إبراهيم ع عن الوقوف بعرفات فوق الجبل أحب إليك أم على الأرض فقال على الأرض
فأما عند الضرورة فلا بأس بالارتفاع إلى الجبل روى ذلك
8- سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن محمد بن سماعة الصيرفي عن سماعة بن مهران قال قلت لأبي عبد الله ع إذا كثر الناس بمنى و ضاقت عليهم كيف يصنعون فقال يرتفعون إلى وادي محسر قلت فإذا كثروا بجمع و ضاقت عليهم كيف يصنعون فقال يرتفعون إلى المأزمين قلت فإذا كانوا بالموقف و كثروا و ضاق عليهم كيف يصنعون فقال يرتفعون إلى الجبل و قف في ميسرة الجبل فإن رسول الله ص وقف بعرفات فجعل الناس يبتدرون أخفاف ناقته يقفون إلى جانبها فنحاها رسول الله ص ففعلوا مثل ذلك فقال أيها الناس إنه ليس موضع أخفاف ناقتي بالموقف و لكن هذا كله موقف و أشار بيده إلى الموقف و قال هذا كله موقف فتفرق الناس و فعل ذلك بالمزدلفة و إذا رأيت خللا فتقدم فسده بنفسك و راحلتك فإن الله يحب أن تسد تلك الخلال و أسهل عن الهضبات و اتق الأراك و نمرة و بطن عرنة و ثوية و ذا المجاز فإنه ليس من عرفة فلا تقف فيه
و لا بأس بالنزول تحت الأراك إلا أنه لا ينبغي أن تقف هناك بل تجيء إلى الموقف فتقف به روى ذلك
9- سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن الحسين عن علي بن الصلت عن زرعة عن سماعة بن مهران عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال لا ينبغي الوقوف تحت الأراك فأما النزول تحته حتى تزول الشمس و تنهض إلى الموقف فلا بأس
10- و روى الحسين بن سعيد عن محمد بن سنان عن عبد الله بن مسكان عن أبي بصير قال قال أبو عبد الله ع إن أصحاب الأراك الذين ينزلون تحت الأراك لا حج لهم
يعني من وقف تحته فأما إذا نزل تحته و وقف بالموقف فلا بأس به و الدليل عليه الخبر الأول و الغسل يوم عرفة بعد الزوال و ينبغي أن يجمع الإنسان بين الصلاتين ليتفرغ للدعاء روى
11- محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن الحلبي قال قال قال أبو عبد الله ع الغسل يوم عرفة إذا زالت الشمس و يجمع بين الظهر و العصر بأذان و إقامتين
و يقطع التلبية عند زوال الشمس روى
12- موسى بن القاسم عن إبراهيم عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله ع قال إذا زالت الشمس يوم عرفة فاقطع التلبية عند زوال الشمس
13- و عنه عن عبد الرحمن عن عبد الله بن مسكان عن أبي عبد الله ع قال سألته عن تلبية المتمتع متى يقطعها قال إذا رأيت بيوت مكة و يقطع التلبية للحج عند زوال الشمس يوم عرفة
و يقطع تلبية العمرة المبتولة حين تقع أخفاف الإبل في الحرم و قد بينا ذلك في أول كتاب الحج و استوفينا ما فيه فلا وجه للإعادة في ذلك
14- موسى بن القاسم عن محمد بن عمر عن ابن عذافر عن ابن يزيد عن أبي عبد الله ع قال إذا زاغت الشمس يوم عرفة فاقطع التلبية و اغتسل و عليك بالتكبير و التهليل و التحميد و التسبيح و الثناء على الله و صل الظهر و العصر بأذان واحد و إقامتين
15- و عنه عن إبراهيم عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله ع قال و إنما تعجل الصلاة و تجمع بينهما لتفرغ نفسك للدعاء فإنه يوم دعاء و مسألة ثم تأتي الموقف و عليك السكينة و الوقار فاحمد الله و هلله و مجده و أثن عليه و كبره مائة مرة و احمده مائة مرة و سبحه مائة مرة و اقرأ قل هو الله أحد مائة مرة و تخير لنفسك من الدعاء ما أحببت و اجتهد فإنه يوم دعاء و مسألة و تعوذ بالله من الشيطان الرجيم فإن الشيطان لن يذهلك في موطن قط أحب إليه من أن يذهلك في ذلك الموطن و إياك أن تشتغل بالنظر إلى الناس و أقبل قبل نفسك و ليكن فيما تقوله اللهم إني عبدك فلا تجعلني من أخيب وفدك و ارحم مسيري إليك من الفج العميق و ليكن فيما تقول اللهم رب المشاعر كلها فك رقبتي من النار و أوسع علي من رزقك الحلال و ادرأ عني شر فسقة الجن و الإنس و تقول اللهم لا تمكر بي و لا تخدعني و لا تستدرجني و تقول اللهم إني أسألك بحولك و جودك و كرمك و منك و فضلك يا أسمع السامعين و يا أبصر الناظرين و يا أسرع الحاسبين و يا أرحم الراحمين أن تصلي على محمد و آل محمد و أن تفعل بي كذا و كذا و ليكن فيما تقول و أنت رافع رأسك إلى السماء اللهم حاجتي إليك التي إن أعطيتنيها لم يضرني ما منعتني و التي إن منعتنيها لم ينفعني ما أعطيتني أسألك خلاص رقبتي من النار و ليكن فيما تقول اللهم إني عبدك و ملك يدك ناصيتي بيدك و أجلي بعلمك أسألك أن توفقني لما يرضيك عني و أن تسلم مني مناسكي التي أريتها خليلك إبراهيم ص و دللت عليها نبيك محمدا ص و ليكن فيما تقول اللهم اجعلني ممن رضيت عمله و أطلت عمره و أحييته بعد الموت حياة طيبة و يستحب أن تطلب عشية عرفة بالعتق و الصدقة
16- و عنه عن محمد بن عبيد الله الحلبي عن عبد الله بن سنان عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص لعلي ع أ لا أعلمك دعاء يوم عرفة و هو دعاء من كان قبلي من الأنبياء ع قال تقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك و له الحمد يحيي و يميت و هو حي لا يموت بيده الخير و هو على كل شيء قدير اللهم لك الحمد كالذي تقول و خيرا مما نقول و فوق ما يقول القائلون اللهم لك صلاتي و نسكي و محياي و مماتي و لك براءتي و بك حولي و منك قوتي اللهم إني أعوذ بك من الفقر و من وساوس الصدور و من شتات الأمر و من عذاب القبر اللهم إني أسألك خير الرياح و أعوذ بك من شر ما تجيء به الرياح و أسألك خير الليل و خير النهار اللهم اجعل في قلبي نورا و في سمعي و بصري نورا و لحمي و دمي و عظامي و عروقي و مقعدي و مقامي و مدخلي و مخرجي نورا و أعظم لي نورا يا رب يوم ألقاك إنك على كل شيء قدير
و هذه الأدعية و ما أشبهها مستحبة و الدعاء بها مرغب فيه و مندوب إليه و ليس تارك ذلك بعاص و يجزيه وقوفه بالموقف و قد تم حجه إلا أن الأفضل ما ذكرناه
17- روى سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى عن أخيه جعفر بن عيسى و يونس بن عبد الرحمن جميعا عن جعفر بن عامر بن عبد الله بن جذاعة الأزدي عن أبيه قال قلت لأبي عبد الله ع رجل وقف بالموقف فأصابته دهشة الناس فبقي ينظر إلى الناس و لا يدعو حتى أفاض الناس قال يجزيه وقوفه ثم قال أ ليس قد صلى بعرفات الظهر و العصر و قنت و دعا قلت بلى قال فعرفات كلها موقف و ما قرب من الجبل فهو أفضل
18- و عنه عن محمد بن خالد الطيالسي عن أبي يحيى زكريا الموصلي قال سألت العبد الصالح ع عن رجل وقف بالموقف فأتاه نعي أبيه أو نعي بعض ولده قبل أن يذكر الله بشيء أو يدعو فاشتغل بالجزع و البكاء عن الدعاء ثم أفاض الناس فقال لا أرى عليه شيئا و قد أساء فليستغفر الله أ ما لو صبر و احتسب لأفاض من الموقف بحسنات أهل الموقف جميعا من غير أن ينقص من حسناتهم شيء
و يستحب أن يكثر الإنسان الدعاء لإخوانه المؤمنين و يؤثرهم على نفسه بذلك روى
19- محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه قال رأيت عبد الله بن جندب بالموقف فلم أر موقفا كان أحسن من موقفه ما زال مادا يده إلى السماء و دموعه تسيل على خديه حتى تبلغ الأرض فلما صرف الناس قلت يا أبا محمد ما رأيت موقفا قط أحسن من موقفك قال و الله ما دعوت فيه إلا لإخواني و ذلك لأن أبا الحسن موسى ع أخبرني أنه من دعا لأخيه بظهر الغيب نودي من العرش و لك مائة ألف ضعف مثله و كرهت أن أدع مائة ألف ضعف مضمونة لواحدة لا أدري تستجاب أم لا
20- و عنه عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن عيسى بن عبيد عن ابن أبي عمير قال كان عيسى بن أعين إذا حج فصار إلى الموقف أقبل على الدعاء لإخوانه حتى يفيض الناس قال فقيل له تنفق مالك و تتعب بدنك حتى إذا صرت إلى الموضع الذي تبث فيه الحوائج إلى الله عز و جل أقبلت على الدعاء لإخوانك و تركت نفسك فقال إني على ثقة من دعوة الملك لي و في شك من الدعاء لنفسي
21- و عنه عن أحمد بن محمد العاصمي عن علي بن الحسن التيملي عن علي بن أسباط عن إبراهيم بن أبي البلاد أن عبد الله بن جندب قال كنت في الموقف فلما أفضت أتيت إبراهيم بن شعيب فسلمت عليه و كان مصابا بإحدى عينيه و إذا عينه الصحيحة حمراء كأنها علقة دم فقلت له قد أصبت بإحدى عينيك و أنا و الله مشفق على الأخرى فلو قصرت من البكاء قليلا قال لا و الله يا أبا محمد ما دعوت لنفسي اليوم بدعوة فقلت فلمن دعوت قال دعوت لإخواني لأني سمعت أبا عبد الله ع يقول من دعا لأخيه بظهر الغيب وكل الله به عز و جل ملكا يقول و لك مثلاه فأردت أن أكون أنا أدعو لإخواني و يكون الملك يدعو لي لأني في شك من دعائي لنفسي و لست في شك من دعاء الملك لي