3214- روى إسماعيل بن الفضل عن ثابت بن دينار عن سيّد العابدين عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ع قال حقّ اللّه الأكبر عليك أن تعبده و لا تشرك به شيئا فإذا فعلت ذلك بإخلاص جعل لك على نفسه أن يكفيك أمر الدّنيا و الآخرة و حقّ نفسك عليك أن تستعملها بطاعة اللّه عزّ و جلّ و حقّ اللّسان إكرامه عن الخنا و تعويده الخير و ترك الفضول الّتي لا فائدة لها و البرّ بالنّاس و حسن القول فيهم و حقّ السّمع تنزيهه عن سماع الغيبة و سماع ما لا يحلّ سماعه و حقّ البصر أن تغضّه عمّا لا يحلّ لك و تعتبر بالنّظر به و حقّ يدك أن لا تبسطها إلى ما لا يحلّ لك و حقّ رجليك أن لا تمشي بهما إلى ما لا يحلّ لك فبهما تقف على الصّراط فانظر أن لا تزلّا بك فتردّى في النّار و حقّ بطنك أن لا تجعله وعاء للحرام و لا تزيد على الشّبع و حقّ فرجك أن تحصنه عن الزّنا و تحفظه من أن ينظر إليه و حقّ الصّلاة أن تعلم أنّها وفادة إلى اللّه عزّ و جلّ و أنت فيها قائم بين يدي اللّه عزّ و جلّ فإذا علمت ذلك قمت مقام العبد الذّليل الحقير الرّاغب الرّاهب الرّاجي الخائف المستكين المتضرّع المعظّم لمن كان بين يديه بالسّكون و الوقار و تقبل عليها بقلبك و تقيمها بحدودها و حقوقها و حقّ الحجّ أن تعلم أنّه وفادة إلى ربّك و فرار إليه من ذنوبك و فيه قبول توبتك و قضاء الفرض الّذي أوجبه اللّه تعالى عليك و حقّ الصّوم أن تعلم أنّه حجاب ضربه اللّه عزّ و جلّ على لسانك و سمعك و بصرك و بطنك و فرجك ليسترك به من النّار فإن تركت الصّوم خرقت ستر اللّه عليك و حقّ الصّدقة أن تعلم أنّها ذخرك عند ربّك و وديعتك الّتي لا تحتاج إلى الإشهاد عليها و كنت لما تستودعه سرّا أوثق منك بما تستودعه علانية و تعلم أنّها تدفع عنك البلايا و الأسقام في الدّنيا و تدفع عنك النّار في الآخرة و حقّ الهدي أن تريد به اللّه عزّ و جلّ و لا تريد به خلقه و لا تريد به إلّا التّعرّض لرحمة اللّه و نجاة روحك يوم تلقاه و حقّ السّلطان أن تعلم أنّك جعلت له فتنة و أنّه مبتلى فيك بما جعله اللّه عزّ و جلّ له عليك من السّلطان و أنّ عليك أن لا تتعرّض لسخطه فتلقي بيدك إلى التّهلكة و تكون شريكا له فيما يأتي إليك من سوء و حقّ سائسك بالعلم التّعظيم له و التّوقير لمجلسه و حسن الاستماع إليه و الإقبال عليه و أن لا ترفع عليه صوتك و لا تجيب أحدا يسأله عن شيء حتّى يكون هو الّذي يجيب و لا تحدّث في مجلسه أحدا و لا تغتاب عنده أحدا و أن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء و أن تستر عيوبه و تظهر مناقبه و لا تجالس له عدوّا و لا تعادي له وليّا فإذا فعلت ذلك شهدت لك ملائكة اللّه عزّ و جلّ بأنّك قصدته و تعلّمت علمه للّه جلّ و عزّ اسمه لا للنّاس و أمّا حقّ سائسك بالملك فأن تطيعه و لا تعصيه إلّا فيما يسخط اللّه عزّ و جلّ
فإنّه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق و أمّا حقّ رعيّتك بالسّلطان فأن تعلم أنّهم صاروا رعيّتك لضعفهم و قوّتك فيجب أن تعدل فيهم و تكون لهم كالوالد الرّحيم و تغفر لهم جهلهم و لا تعاجلهم بالعقوبة و تشكر اللّه عزّ و جلّ على ما آتاك من القوّة عليهم و أمّا حقّ رعيّتك بالعلم فأن تعلم أنّ اللّه عزّ و جلّ إنّما جعلك قيّما لهم فيما آتاك من العلم و فتح لك من خزائنه فإن أحسنت في تعليم النّاس و لم تخرق بهم و لم تضجر عليهم زادك اللّه من فضله و إن أنت منعت النّاس علمك أو خرقت بهم عند طلبهم العلم منك كان حقّا على اللّه عزّ و جلّ أن يسلبك العلم و بهاءه و يسقط من القلوب محلّك و أمّا حقّ الزّوجة فأن تعلم أنّ اللّه عزّ و جلّ جعلها لك سكنا و أنسا فتعلم أنّ ذلك نعمة من اللّه عزّ و جلّ عليك فتكرمها و ترفق بها و إن كان حقّك عليها أوجب فإنّ لها عليك أن ترحمها لأنّها أسيرك و تطعمها و تكسوها و إذا جهلت عفوت عنها و أمّا حقّ مملوكك فأن تعلم أنّه خلق ربّك و ابن أبيك و أمّك و لحمك و دمك لم تملكه لأنّك صنعته دون اللّه و لا خلقت شيئا من جوارحه و لا أخرجت له رزقا و لكنّ اللّه عزّ و جلّ كفاك ذلك ثمّ سخّره لك و ائتمنك عليه و استودعك إيّاه ليحفظ لك ما تأتيه من خير إليه فأحسن إليه كما أحسن اللّه إليك و إن كرهته استبدلت به و لم تعذّب خلق اللّه عزّ و جلّ و لا قوّة إلّا باللّه و أمّا حقّ أمّك فأن تعلم أنّها حملتك حيث لا يحتمل أحد أحدا و أعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطي أحد أحدا و وقتك بجميع جوارحها و لم تبال أن تجوع و تطعمك و تعطش و تسقيك و تعرى و تكسوك و تضحى و تظلّك و تهجر النّوم لأجلك و وقتك الحرّ و البرد لتكون لها فإنّك لا تطيق شكرها إلّا بعون اللّه و توفيقه و أمّا حقّ أبيك فأن تعلم أنّه أصلك فإنّك لولاه لم تكن فمهما رأيت من نفسك ما يعجبك فاعلم أنّ أباك أصل النّعمة عليك فيه فاحمد اللّه و اشكره على قدر ذلك و لا قوّة إلّا باللّه و أمّا حقّ ولدك فأن تعلم أنّه منك و مضاف إليك في عاجل الدّنيا بخيره و شرّه و أنّك مسئول عمّا وليته من حسن الأدب و الدّلالة على ربّه عزّ و جلّ و المعونة على طاعته فاعمل في أمره عمل من يعلم أنّه مثاب على الإحسان إليه معاقب على الإساءة إليه و أمّا حقّ أخيك فأن تعلم أنّه يدك و عزّك و قوّتك فلا تتّخذه سلاحا على معصية اللّه و لا عدّة للظّلم لخلق اللّه و لا تدع نصرته على عدوّه و النّصيحة له فإن أطاع اللّه تعالى و إلّا فليكن اللّه أكرم عليك منه و لا قوّة إلّا باللّه و أمّا حقّ مولاك المنعم عليك فأن تعلم أنّه أنفق فيك ماله و أخرجك من ذلّ الرّقّ و وحشته إلى عزّ الحرّيّة و أنسها فأطلقك من أسر الملكة و فكّ عنك قيد العبوديّة و أخرجك من السّجن و ملّكك نفسك و فرّغك لعبادة ربّك و تعلم أنّه أولى الخلق بك في حياتك و موتك و أنّ نصرته عليك واجبة بنفسك و ما احتاج إليه منك و لا قوّة إلّا باللّه و أمّا حقّ مولاك الّذي أنعمت عليه فأن تعلم أنّ اللّه عزّ و جلّ جعل عتقك له وسيلة إليه و حجابا لك من النّار و أنّ ثوابك في العاجل ميراثه إذا لم يكن له رحم مكافأة لما أنفقت من مالك و في الآجل الجنّة و أمّا حقّ ذي المعروف عليك فأن تشكره و تذكر معروفه و تكسبه المقالة
الحسنة و تخلص له الدّعاء فيما بينك و بين اللّه عزّ و جلّ فإذا فعلت ذلك كنت قد شكرته سرّا و علانية ثمّ إن قدرت على مكافأته يوما كافأته و أمّا حقّ المؤذّن فأن تعلم أنّه مذكّر لك ربّك عزّ و جلّ و داع لك إلى حظّك و عونك على قضاء فرض اللّه عليك فاشكر على ذلك شكرك للمحسن إليك و أمّا حقّ إمامك في صلاتك فأن تعلم أنّه تقلّد السّفارة فيما بينك و بين ربّك عزّ و جلّ و تكلّم عنك و لم تتكلّم عنه و دعا لك و لم تدع له و كفاك هول المقام بين يدي اللّه عزّ و جلّ فإن كان نقص كان عليه دونك و إن كان تماما كنت شريكه و لم يكن له عليك فضل فوقى نفسك بنفسه و صلاتك بصلاته فتشكر له على قدر ذلك و أمّا حقّ جليسك فأن تلين له جانبك و تنصفه في مجازاة اللّفظ و لا تقوم من مجلسك إلّا بإذنه و من تجلس إليه يجوز له القيام عنك بغير إذنك و تنسى زلّاته و تحفظ خيراته و لا تسمعه إلّا خيرا و أمّا حقّ جارك فحفظه غائبا و إكرامه شاهدا و نصرته إذ كان مظلوما و لا تتبّع له عورة فإن علمت عليه سوءا سترته عليه و إن علمت أنّه يقبل نصيحتك نصحته فيما بينك و بينه و لا تسلمه عند شديدة و تقيل عثرته و تغفر ذنبه و تعاشره معاشرة كريمة و لا قوّة إلّا باللّه و أمّا حقّ الصّاحب فأن تصحبه بالتّفضّل و الإنصاف و تكرمه كما يكرمك و لا تدعه يسبق إلى مكرمة فإن سبق كافأته و تودّه كما يودّك و تزجره عمّا يهمّ به من معصية و كن عليه رحمة و لا تكن عليه عذابا و لا قوّة إلّا باللّه و أمّا حقّ الشّريك فإن غاب كفيته و إن حضر رعيته و لا تحكم دون حكمه و لا برأيك دون مناظرته و تحفظ عليه ماله و لا تخنه فيما عزّ أو هان من أمر فإنّ يد اللّه تبارك و تعالى على الشّريكين ما لم يتخاونا و لا قوّة إلّا باللّه و أمّا حقّ مالك فأن لا تأخذه إلّا من حلّه و لا تنفقه إلّا في وجهه و لا تؤثر على نفسك من لا يحمدك فاعمل به بطاعة ربّك و لا تبخل به فتبوء بالحسرة و النّدامة مع التّبعة و لا قوّة إلّا باللّه و أمّا حقّ غريمك الّذي يطالبك فإن كنت موسرا أعطيته و إن كنت معسرا أرضيته بحسن القول و رددته عن نفسك ردّا لطيفا و أمّا حقّ الخليط أن لا تغرّه و لا تغشّه و لا تخدعه و تتّقي اللّه تبارك و تعالى في أمره و أمّا حقّ الخصم المدّعي عليك فإن كان ما يدّعي عليك حقّا كنت شاهده على نفسك و لم تظلمه و أوفيته حقّه و إن كان ما يدّعي باطلا رفقت به و لم تأت في أمره غير الرّفق و لم تسخط ربّك في أمره و لا قوّة إلّا باللّه و أمّا حقّ خصمك الّذي تدّعي عليه فإن كنت محقّا في دعواك أجملت مقاولته و لم تجحد حقّه و إن كنت مبطلا في دعواك اتّقيت اللّه عزّ و جلّ و تبت إليه و تركت الدّعوى و أمّا حقّ المستشير فإن علمت أنّ له رأيا حسنا أشرت عليه و إن لم تعلم له أرشدته إلى من يعلم و حقّ المشير عليك أن لا تتّهمه فيما لا يوافقك من رأيه و إن وافقك حمدت اللّه عزّ و جلّ و حقّ المستنصح أن تؤدّي إليه النّصيحة و ليكن مذهبك الرّحمة له و الرّفق به
و حقّ النّاصح أن تلين له جناحك و تصغي إليه بسمعك فإن أتى بالصّواب حمدت اللّه عزّ و جلّ و إن لم يوافق رحمته و لم تتّهمه و علمت أنّه أخطأ و لم تؤاخذه بذلك إلّا أن يكون مستحقّا للتّهمة فلا تعبأ بشيء من أمره على حال و لا قوّة إلّا باللّه و حقّ الكبير توقيره لسنّه و إجلاله لتقدّمه في الإسلام قبلك و ترك مقابلته عند الخصام و لا تسبقه إلى طريق و لا تتقدّمه و لا تستجهله و إن جهل عليك احتملته و أكرمته لحقّ الإسلام و حرمته و حقّ الصّغير رحمته في تعليمه و العفو عنه و السّتر عليه و الرّفق به و المعونة له و حقّ السّائل إعطاؤه على قدر حاجته و حقّ المسئول إن أعطى فاقبل منه بالشّكر و المعرفة بفضله و إن منع فاقبل عذره و حقّ من سرّك للّه تعالى أن تحمد اللّه تعالى أوّلا ثمّ تشكره و حقّ من أساءك أن تعفو عنه و إن علمت أنّ العفو يضرّ انتصرت قال اللّه تبارك و تعالى و لمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل و حقّ أهل ملّتك إضمار السّلامة و الرّحمة لهم و الرّفق بمسيئهم و تألّفهم و استصلاحهم و شكر محسنهم و كفّ الأذى عنهم و تحبّ لهم ما تحبّ لنفسك و تكره لهم ما تكره لنفسك و أن يكون شيوخهم بمنزلة أبيك و شبّانهم بمنزلة إخوتك و عجائزهم بمنزلة أمّك و الصّغار بمنزلة أولادك و حقّ الذّمّة أن تقبل منهم ما قبل اللّه عزّ و جلّ منهم و لا تظلمهم ما وفوا للّه عزّ و جلّ بعهده