روى محمد بن داود بن كثير، عن أبيه قال: دخلتُ على سيّدي الصّادق (عليه السلام)، فرأيته يُصلّي، ثمّ رأيته قنتَ في الرّكعة الثـّانية في قيامه وركوعه وسجوده، ثمّ انفتل بوجهه الكريم على الله تعالى، ثمّ قال: يا داود هي ركعتان، واللهِ لا يُصلّيهما أحدٌ فيَرى النّار بعينهِ، بعد ما يأتي بينهما ما أتيتُ، فلم أبرح من مكاني حتّى علّمني. فقال محمّد بن داود لأبيه: فعلِّمني يا أبة كما علّمك، قال: إنّي لأشفِقُ عليك أن تـُضيِّعَ، قلت: كلاّ إن شاء الله. قال: إذا كان يومُ الجمعةِ قبل أن تزول الشّمسُ فصلِّهما، واقرأ في الرّكعةِ الأولى فاتحة الكتابِ، و«إِنَّا أَنزَلْنَاهُ»، وفي الثـّانية فاتحة الكتاب، و«قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ»، وتسفتحهما بفاتحةِ الصّلاة. فإذا فرغت من قراءة «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» في الرّكعة الثـّانية، فارفع يديك قبل أن تركعَ، فقل: إلهي إلهي إلهي، أسْألُكَ راغِباً وَأقْصِدُكَ سائِلاً، واقِفاً بَيْنَ يَدَيْكَ، مُتَضَرِّعاً إلَيْكَ، إنْ أقْنَطَتْني ذُنُوبي نَشَّطَني عَفْوُكَ، وَإنْ أسْكَتَني عَمَلي أنْطَقَني صَفْحُكَ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأهْلِ بَيْتِهِ وَأسْألُكَ العَفْوَ العَفْوَ. ثمّ تركعُ وتفرُغُ من تسبيحِكَ، وقل: هذَا وُقُوفُ الْعائِذِ بِكَ، يَا رَبِّ أدْعُوكَ مُتَضَرِّعاً وَراكِعاً، مُتَقَرِّباً إلَيْكَ بِالذِّلَّةِ خاشِعاً، فَلَسْتُ بِأوَّلِ مُنْطَقٍ مِنْ حشْمَةٍ مُتَذَلِّلاً، أنْتَ أحَبُّ إلَيَّ يا مَوْلايَ، أنْتَ أحَبُّ إلَيَّ. فاذا سجدتَ فابسط يديك كطالبِ حاجةٍ، وقل: سُبْحَانَ رَبِّيَ الأعْلى وَبِحَمْدِهِ، رَبِّ هذِهِ يَدايَ مَبْسُوطَةٌ بَيْنَ يَدَيْكَ، هذِهِ جَوامِعُ بَدَني خاضِعَةٌ بِفِنائِكَ، وَهذِهِ أسْبابي مُجْتَمِعَةً لِعِبادَتِكَ، لاَ أدْري بِأيِّ نَعْمائِكَ أقُولُ، وَلا لاَيِّها أقْصِدُ لِعِبَادَتِكَ أمْ لِمَسْألَتِكَ أمِ الرَّغْبَةِ إلَيْكَ، فَامْلا قَلْبي خَشْيَةً مِنْكَ، وَاجْعَلْني في كُلِّ حالاتي لَكَ قَصْدي. أنْتَ سَيِّدي في كُلِّ مَكانٍ وَإنْ حُجِبَتْ عَنْكَ أعْيُنُ النّاظِرينَ إلَيْكَ، أسْألُكَ بِكَ إذْ جَعَلْتَ فِيَّ طَمَعاً فِيكَ بِعَفْوِكَ، أنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَتَرْحَمَ مَنْ يَسْألُكَ وَهُوَ مَنْ قَدْ عَلِمْتَ بِكَمالِ عُيُوبِهِ وَذُنُوبِهِ لَمْ يَبْسُطْ إلَيْكَ يَدَهُ إلاَّ ثِقَةً بِكَ، وَلا لِسانَهُ إلاَّ فَرَجاً بِكَ. فَارْحَمْ مَنْ كَثُرَ ذَنْبُهُ عَلى قِلَّتِهِ وَقَلَّتْ ذُنُوبُهُ في سَعَةِ عَفْوِكَ، وَجَرَّ أَني جُرْمِي وَذَنْبي بِما جَعَلْتَ فِيَّ مِنْ طَمَعٍ إذا يَئِسَ الْغَرُورُ الْجَهُولُ مِنْ فَضْلِكَ، أنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَالِهِ وَأسْألُكَ لإخْواني فِيكَ الْعَفْوَ الْعَفْوَ. ثمّ تجلسُ، ثمّ تسجد الثـّانية، وقل: يا مَنْ هَداني إلَيْهِ وَدَلَّني حَقِيقَةُ الْوُجُودِ عَلَيْهِ، وَساقَني مِنَ الْحَيْرَةِ إلَى مَعْرِفَتِهِ، وَبَصَّرَني رُشْدي بِرَأفَتِهِ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاقْبَلْني عَبْداً وَلا تَذَرْنِي فَرْدًا، أنْتَ أحَبُّ إليَّ مَوْلايَ، أنْتَ أحَبُّ إلَيَّ مَوْلايَ. ثمّ قال: يا داودُ واللهِ لقد حلفَ لي عليهما جعفرُ بنُ محمدٍ (عليهما السلام) وهو تُجاهَ القبلةِ أنْ لا يَنصرفَ أحدٌ مِن بينِ يدي ربِّهِ تعالى إلاّ مَغفوراً له، وإن كانت له حاجةٌ قضاها.