عن ابن عباس قال: كنت ذات يوم جالساً عند امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) نتذاكر، فدخل ابنه الحسن (عليه السلام) - ثم ذكر دخول رجل من اشراف العرب من اقصى بلاد اليمن، قد اعيت حيلته لدفع
عدوه، وَسأل عنه ان يعلّمه الدعاء لدفعه، وَقال عليه السلام له هذا الدعاء: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقينَ،
وَصَلَّى اللَّهُ عَلى مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيّينَ وَعَلى اَهْلِ بَيْتِهِ اَجْمَعينَ. اَللَّهُمَّ اِنّي اَحْمَدُكَ وَاَنْتَ لِلْحَمْدِ اَهْلٌ عَلى ما خَصَصْتَني بِهِ مِنْ مَواهِبِ
الرَّغائِبِ وَوَصَلَ اِلَيَّ مِنْ فَضائِلِ الصَّنائِعِ، وَما اَوْلَيْتَني بِهِ مِنْ اِحْسانِكَ، وَبَوَّأْتَني بِهِ مِنْ مَظِنَّةِ الصِّدْقِ، وَاَنَلْتَني بِهِ مِنْ مَنِّكَ الْواصِلِ اِلَيَّ،
وَمِنَ الدِّفاعِ عَنّي، وَالتَّوْفيقِ لي، وَالْاِجابَةِ لِدُعائي، حينَ اُناجيكَ راغِباً وَاَدْعُوكَ مُصافِياً، وَحَتّى اَرْجُوَكَ وَاَجِدَكَ فِي الْمَواضِعِ كُلِّها لي جابِراً وَفِي الْمَواطِنِ
ناظِراً، وَعَلَى الْاَعْداءِ ناصِراً، وَلِلذُّنُوبِ ساتِراً، لَمْ اَعْدَمْ فَضْلَكَ طَرْفَةَ عَيْنٍ مُذْ أَنْزَلْتَني دارَ الْاِخْتِيارِ، لِتَنْظُرَ ماذا اُقَدِّمُ لِدارِ الْقَرارِ.
فَاَنَا عَتيقُكَ مِنْ جَميعِ الْمَصائِبِ وَاللَّوازِبِ، (1)، وَالْغُمُومِ الَّتي ساوَرَتْني (2) فيهَا الْهُمُومُ بِمَعاريضِ اَصْنافِ الْبَلاءِ، وَمَصْرُوفِ جُهْدِ الْقَضاءِ، لا
اَذْكُرُ مِنْكَ اِلاَّ الْجَميلَ وَلا اَرى مِنْكَ اِلاَّ التَّفْضيلَ، خَيْرُكَ لي شامِلٌ، وَفَضْلُكَ عَلَيَّ مُتَواتِرٌ، وَنِعَمُكَ عِنْدي مُتَّصِلَةٌ، لَمْ تُحَقِّقْ حِذاري، وَصَدَّقْتَ رَجائي،
وَصاحَبْتَ اَسْفاري، وَاَكْرَمْتَ اَحْضاري، وَشَفَيْتَ اَمْراضي، وَعافَيْتَ مُنْقَلَبي وَمَثْوايَ، وَلَمْ تُشْمِتْ بي اَعْدائي، وَرَمَيْتَ مَنْ رَماني، وَكَفَيْتَني شَنَأنَ مَنْ
عاداني. فَحَمْدي لَكَ وَاصِلٌ، وَثَنائي عَلَيْكَ دائِمٌ، مِنَ الدَّهْرِ اِلَى الدَّهْرِ، بِاَلْوانِ التَّسْبيحِ، خالِصاً لِذِكْرِكَ وَمَرْضِيّاً لَكَ بِناصِحِ التَّحْميدِ، وَاِخْلاصِ
التَّوْحيدِ وَاِمْحاضِ الَّتمْجيدِ، بِطُولِ التَّعْديدِ في اِكْذابِ اَهْلِ التَّنْديدِ، لَمْ تُعَنْ في قُدْرَتِكَ، وَلَمْ تُشارَكْ في اِلهِيَّتِكَ، وَلَمْ تُعايَنْ اِذْ حَبَسْتَ الْاَشْياءَ عَلَى
الْغَرائِزِ الْمُخْتَلِفاتِ، وَلا خَرَقَتِ الْاَوْهامُ حُجُبَ الْغُيُوبِ اِلَيْكَ، فَاعْتَقَدَتْ مِنْكَ مَحْدُوداً في عَظَمَتِكَ. لا يَبْلُغُكَ بُعْدُ الْهِمَمِ، وَلا يَنالُكَ غَوْصُ
الْفِطَنِ، وَلا يَنْتَهي اِلَيْكَ نَظَرُ النَّاظِرِ في مَجْدِ جَبَرُوتِكَ، اِرْتَفَعَتْ عَنْ صِفَةِ الْمَخْلُوقينَ صِفاتُ قُدْرَتِكَ، وَعَلا عَنْ ذلِكَ كَبيرُ عَظَمَتِكَ، لا يَنْقُصُ ما اَرَدْتَ
اَنْ يَزْدادَ، وَلا يَزْدادُ ما اَرَدْتَ اَنْ يَنْقُصَ، لا اَحَدٌ شَهِدَكَ حينَ فَطَرْتَ الْخَلْقَ، وَلا نِدٌّ حَضَرَكَ حينَ بَرَأْتَ النُّفُوسَ. كَلَّتِ الْاَلْسُنُ عَنْ تَفْسيرِ صِفَتِكَ،
وَانْحَسَرَتِ الْعُقُولُ عَنْ كُنْهِ مَعْرِفَتِكَ، وَكَيْفَ تُوصَفُ وَاَنْتَ الْجَبَّارُ الْقُدُّوسُ الَّذي لَمْ تَزَلْ اَزَلِيّاً دائِماً فِي الْغُيُوبِ وَحْدَكَ، لَيْسَ فيها غَيْرُكَ، وَلَمْ
يَكُنْ لَها سِواكَ، وَلا هَجَمَتِ الْعُيُونُ عَلَيْكَ فَتُدْرِكَ مِنْكَ اِنْشاءً، وَلا تَهْتَدِي الْقُلُوبُ لِصِفَتِكَ، وَلا تَبْلُغُ الْعُقُولُ جَلالَ عِزَّتِكَ. حارَتْ في مَلَكُوتِكَ
عَميقاتُ مَذاهِبِ التَّفْكيرِ، فَتَواضَعَتِ الْمُلُوكُ لِهَيْبَتِكَ، وَعَنَتِ الْوُجُوهُ بِذِلَّةِ الْاِسْتِكانَةِ لَكَ، وَانْقادَ كُلُّ شَيْءٍ لِعَظَمَتِكَ، وَاسْتَسْلَمَ كُلُّ شَيْءٍ
لِقُدْرَتِكَ، وَخَضَعَتْ لَكَ الرِّقابُ، وَكَلَّ دُونَ ذلِكَ تَحْبيرُ اللُّغاتِ، وَضَلَّ هُنالِكَ التَّدْبيرُ في تَضاعيفِ الصِّفاتِ، فَمَنْ تَفَكَّرَ في ذلِكَ رَجَعَ طَرْفُهُ اِلَيْهِ حَسيراً،
وَعَقْلُهُ مَبْهُوتاً، وَتَفَكُّرُهُ مُتَحَيِّراً. اَللَّهُمَّ فَلَكَ الْحَمْدُ مُتَواتِراً مُتَوالِياً، مُتَّسِقاً مُسْتَوْسِقاً، يَدُومُ وَلا يَبيدُ، غَيْرَ مَفْقُودٍ فِي
الْمَلَكُوتِ، وَلا مَطْمُوسٍ فِي الْعالَمِ وَلا مُنْتَقِصٍ فِي الْعِرْفانِ، وَلَكَ الْحَمْدُ فيما لا تُحْصى مَكارِمُهُ فِي اللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ، وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ، وَفِي الْبَرِّ
وَالْبَحْرِ، وَالْغُدُوِّ وَالآصَالِ، الْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ، وَالظَّهيرَةِ وَالْاَسْحارِ. اَللَّهُمَّ بِتَوْفيقِكَ قَدْ اَحْضَرْتَنِي النَّجاةَ، وَجَعَلْتَني مِنْكَ في وَلايَةِ
الْعِصْمَةِ، فَلَمْ اَبْرَحْ في سُبُوغِ نَعْمائِكَ وَتَتابُعِ الائِكَ، مَحْفُوظاً لَكَ فِي الْمَنَعَةِ وَالدِّفاعِ، لَمْ تُكَلِّفْني فَوْقَ طاقَتي اِذْ لَمْ تَرْضَ مِنّي اِلاَّ طاعَتي، فَلَيْسَ
شُكْري وَلَوْ دَأَبْتُ مِنْهُ فِي الْمَقالِ وَبالَغْتُ فِي الْفِعالِ، يَبْلُغُ اَدْنى حَقِّكَ، وَلا مُكافٍ فَضْلَكَ. لِاَنَّكَ اَنْتَ اللَّهُ الَّذي لا اِلهَ اِلاَّ اَنْتَ، لَمْ تَغِبْ
وَلا يَغيبُ عَنْكَ غائَبَةٌ، وَلا تَخْفى في غَوامِضِ الْوَلائِجِ عَلَيْكَ خافِيَةٌ، وَلَمْ تَضِلَّ لَكَ في ظُلَمِ الْخَفِيَّاتِ ضالَّةٌ، اِنَّما اَمْرُكَ اِذا شِئْتَ اَنْ تَقُولَ لَهُ كُن
فَيَكُونُ . اَللَّهُمَّ فَلَكَ الْحَمْدُ مِثْلُ ما حَمِدْتَ بِهِ نَفْسَكَ، وَحَمِدَكَ بِهِ الْحامِدُونَ، وَمَجَّدَكَ بِهِ الْمُمَجِّدُونَ، وَكَبَّرَكَ بِهِ الْمُكَبِّرُونَ،
وَعَظَّمَكَ بِهِ الْمُعَظِّمُونَ، حَتّى يَكُونَ لَكَ مِنّي وَحْدي في كُلِّ طَرْفَةِ عَيْنٍ، وَاَقَلَّ مِنْ ذلِكَ، مِثْلُ حَمْدِ الْحامِدينَ وَتَوْحيدِ اَصْنافِ الْمُخْلِصينَ، وَثَناءِ جَميعِ
الْمُهَلِّلينَ وَتَقْديسِ اَحِبَّائِكَ الْعارِفينَ، وَمِثْلَ ما اَنْتَ عارِفٌ بِهِ وَمَحْمُودٌ بِهِ في جَميعِ خَلْقِكَ مِنَ الحَيَوانِ، وَاَرْغَبُ اِلَيْكَ فِي الْبَرَكَةِ ما اَنْطَقْتَني
بِهِ مِنْ حَمْدِكَ. فَما اَيْسَرَ ما كَلَّفْتَني مِنْ حَمْدِكَ، وَاَعْظَمَ ما وَعَدْتَني عَلى شُكْرِكَ مِنْ ثَوابِهِ ابْتِداءً لِلنِّعَمِ فَضْلاً وَطَوْلاً، وَاَمَرْتَني بِالشُّكْرِ
حَقّاً وَعَدْلاً، وَوَعَدْتَني اَضْعافاً وَمَزيداً، وَاَعْطَيْتَني مِنْ رِزْقِكَ اعْتِباراً وَفَرْضاً، وَسَأَلْتَني مِنْهُ صَغيراً، وَاَعْفَيْتَني مِنْ جُهْدِ الْبَلاءِ، وَلَمْ تُسْلِمْني
لِلسُّوءِ مِنْ بَلائِكَ. وَجَعَلْتَ بَلِيَّتي الْعافِيَةَ، وَاَوْلَيْتَني بِالْبَسْطَةِ وَالرَّخاءِ، وَشَرَعْتَ لي اَيْسَرَ الْفَضْلِ مَعَ ما وَعَدْتَني مِنَ الْمَحَجَّةِ (3)
الشَّريفَةِ، وَيَسَّرْتَ لي مِنَ الدَّرَجَةِ الرَّفيعَةِ، وَاصْطَفَيْتَني بِاَعْظَمِ النَّبِيّينَ دَعْوَةً، وَاَفْضَلِهِمْ شَفاعَةً، مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَالِهِ. اَللَّهُمَّ فَاغْفِرْ لي ما لا يَسَعُهُ اِلاَّ مَغْفِرَتُكَ، وَلايَمْحاهُ اِلاَّ عَفْوُكَ، وَلا يُكَفِّرُهُ اِلاَّ فَضْلُكَ، وَهَبْ لي في يَوْمي هذا يَقيناً يُهَوِّنُ عَلَيَّ
مُصيباتِ الدُّنْيا وَاَحْزانَها، وَشَوْقاً اِلَيْكَ وَرَغْبَةً فيما عِنْدَكَ، وَاكْتُبْ لي مِنْ عِنْدِكَ الْمَغْفِرَةَ، وَبَلِّغْني الْكَرامَةَ، وَارْزُقْني شُكْرَ ما اَنْعَمْتَ بِهِ
عَلَيَّ. فَاِنَّكَ اَنْتَ اللَّهُ الْواحِدُ الرَّفيعُ الْبَديءُ الْبَديعُ، السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، الَّذي لَيْسَ لِاَمْرِكَ مَدْفَعٌ، وَلا عَنْ فَضْلِكَ مَمْنَعٌ، وَاَشْهَدُ اَنَّكَ رَبّي
وَرَبُّ كُلِّ شَيْءٍ، فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ. اَللَّهُمَّ اِنّي اَسْأَلُكَ الثَّباتَ فِي الْاَمْرِ،
وَالْعَزيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ، وَالشُّكْرَ عَلى نِعْمَتِكَ، وَاَعُوذُ بِكَ مِنْ جَوْرِ كُلِّ جائِرٍ، وَبَغْيِ كُلِّ باغٍ، وَحَسَدِ كُلِّ حاسِدٍ، بِكَ اَصُولُ عَلَى الْاَعْداءِ، وَاِيَّاكَ اَرْجُو
الْوِلايَةَ لِلْاَحِبَّاءِ، مَعَ ما لا اَسْتَطيعُ اِحْصاءَهُ وَلا تَعْديدَهُ، وَمِنْ فَوائِدِ فَضْلِكَ وَطُرَفِ رِزْقِكَ، وَاَلْوانِ ما اَوْلَيْتَني مِنْ اِرْفادِكَ. فَاَنَا مُقِرٌّ
بِاَنَّكَ اَنْتَ اللَّهُ لا اِلهَ اِلاَّ اَنْتَ، الْفاشي فِي الْخَلْقِ حَمْدُكَ، الْباسِطِ بِالْجُودِ يَدَكَ، لاتُضادُّ في حُكْمِكَ، وَلا تُنازَعُ في اَمْرِكَ، تَمْلِكُ مِنَ الْاَنامِ ما تَشاءُ
وَلا يَمْلِكُونَ اِلاَّ ما تُريدُ. اَنْتَ الْمُنْعِمُ الْمُفْضِلُ، الْقادِرُ الْقاهِرُ، الْمُقَدَّسُ في نُورِ الْقُدُسِ، تَرَدَّيْتَ الْمَجْدَ بِالْعِزِّ، وَتَعَظَّمْتَ الْعِزَّ
بِالْكِبْرِياءِ، وَتَغَشَّيْتَ النُّورَ بِالْبَهاءِ، وَتَجَلَّلْتَ الْبَهاءَ بِالْمَهابَةِ، لَكَ الْمَنُّ الْقَديمُ، وَالسُّلْطانُ الشَّامِخُ، وَالْحَوْلُ الْواسِعُ، وَالْقُدْرَةُ
الْمُقْتَدِرَةُ، اِذْ جَعَلْتَني مِنْ اَفاضِلِ بَني ادَمَ، وَجَعَلْتَني سَمِيعًا بَصِيرًا، صَحيحاً سَوِيّاً مُعافاً، لَمْ تَشْغَلْني في نُقْصانٍ في بَدَني، ثُمَّ لَمْ تَمْنَعْكَ كَرامَتُكَ
اِيَّايَ وَحُسْنُ صَنيعِكَ عِنْدي وَفَضْلُ نَعْمائِكَ عَلَيَّ، اِذْ وَسَّعْتَ عَلَيَّ فِي الدُّنْيا وَفَضَّلْتَني عَلى كَثيرٍ مِنْ اَهْلِها. فَجَعَلْتَ لي سَمْعاً يَعْقِلُ اياتِكَ،
وَبَصَراً يَرى قُدْرَتَكَ، وَفُؤاداً يَعْرِفُ عَظَمَتَكَ، فَاَنَا لِفَضْلِكَ عَلَيَّ حامِدٌ، وَتَحْمَدُهُ لَكَ نَفْسي، وَبِحَقِّكَ شاهِدٌ، لِاَنَّكَ حَيٌّ قَبْلَ كُلِّ حَيٍّ، وَحَيٌّ بَعْدَ كُلِّ
مَيِّتٍ، وَحَيٌّ تَرِثُ الْحَياةَ، لَمْ تَقْطَعْ عَنّي خَيْرَكَ في كُلِّ وَقْتٍ، وَلَمْ تُنْزِلْ لي عُقُوباتِ النِّقَمِ، وَلَمْ تُغَيِّرْ عَلَيَّ وَثائِقَ الْعِصَمِ. فَلَوْ لَمْ
اَذْكُرْ مِنْ اِحْسانِكَ اِلاَّ عَفْوَكَ عَنّي، وَالْاِسْتِجابَةَ لِدُعائي حينَ رَفَعْتُ رَأْسي، وَاَنْطَقْتُ لِساني بِتَحْميدِكَ وَتَمْجيدِكَ، لا في تَقْديرِكَ خَطاءٌ حينَ صَوَّرْتَني، وَلا في
قِسْمَةِ الْاَرْزاقِ حينَ قَدَّرْتَ، فَلَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ ما حَفِظَهُ عِلْمُكَ وَعَدَدَ ما اَحاطَتْ بِهِ قُدْرَتُكَ، وَعَدَدَ ما وَسِعَتْ رَحْمَتُكَ. اَللَّهُمَّ فَتَمِّمْ
اِحْسانَكَ فيما بَقِيَ كَما اَحْسَنْتَ اِلَيَّ فيما مَضى، فَاِنّي اَتَوَسَّلُ اِلَيْكَ بِتَوْحيدِكَ وَتَمْجيدِكَ، وَتَحْميدِكَ وَتَهْليلِكَ، وَتَكْبيرِكَ وَتَعْظيمِكَ، وَتَنْويرِكَ وَرَأْفَتِكَ،
وَرَحْمَتِكَ وَعُلُوِّكَ، وَحِياطَتِكَ وَوِقائِكَ، وَمَنِّكَ وَجَلالِكَ، وَجَمالِكَ وَبَهائِكَ، وَسُلْطانِكَ وَقُدْرَتِكَ، اَلاَّ تَحْرِمَني رِفْدَكَ وَفَوائِدَ كَرامَتِكَ. فَاِنَّهُ لا
يَعْتَريكَ لِكَثْرَةِ ما يَنْدَفِقُ مِنْ سُيُوبِ الْعَطايا عَوائِقُ الْبُخْلِ، وَلا يَنْقُصُ جُودَكَ التَّقْصيرُ في شُكْرِ نِعْمَتِكَ وَلا يَجِمُّ خَزائِنَكَ الْمَنْعُ، وَلا يُؤَثِّرُ في جُودِكَ
الْعَظيمِ مَنْحُكَ الْفائِقُ الْجَليلُ، وَلا تَخافُ ضَيْمَ اِمْلاقٍ فَتُكْدِىَ، وَلا يَلْحَقُكَ خَوْفُ عُدْمٍ فَتَقْبَضَ فَيْضَ فَضْلِكَ، وَتَرْزُقَني قَلْباً خاشِعاً وَيَقيناً صادِقاً وَلِساناً
ذاكِراً. وَلا تُؤْمِنّي مَكْرَكَ، وَلا تَكْشِفْ عَنّي سِتْرَكَ، وَلا تُنْسِني ذِكْرَكَ، وَلا تَنْزِعْ عَنّي بَرَكَتَكَ، وَلا تَقْطَعْ مِنّي رَحْمَتَكَ، وَلا تُباعِدْني مِنْ جِوارِكَ،
وَلا تُؤْيِسْني مِنْ رَوْحِكَ، وَكُنْ لي اَنيساً مِنْ كُلِّ وَحْشَةٍ، وَاعْصِمْني مِنْ كُلِّ هَلَكَةٍ، إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَالِهِ
الطَّاهِرينَ.
*******
المصدر: الصحيفة العلوية
(1) اللوازب: البلايا اللازمة المزمنة.
(2) ساورتني: سلّطت عليّ وَقهرتني.
(3) المحجّة: جادّة الطريق، اي وَسطه، سمّيت بذلك لأنها تقصد.