22 -قاعدة حجية الظن في الصلاة
قاعدة حجية الظن في الصلاة * ومن القواعد الفقهية المعروفة قاعدة حجية الظن في الصلاة . والبحث فيها من جهات: الجهة الاولى في مدركها وهو أولا: الاجماع وقد ادعاه في الجملة جماعة وان قلنا مرارا إن دعوى الاجماع في أمثال هذه المسائل مما لها مدارك نقلية لا وجه له أصلا وليس من الاجماع المصطلح الاصولي الذي أثبتنا هناك حجبته. وثانيا: الاخبار المستفيضة وفيها صحاح: فمنها: النبوي العامي إذا شك أحدكم في الصلاة فلينظر أي ذلك أحرى إلى الصواب فليبن عليه 1. والنبوي الآخر إذا شك أحدكم فليتحر 2. والاحتمالات في هذا الحديث أربعة:
(هامش)
القواعد ص 111. (1) صحيح مسلم ج 1، ص 401، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب 19، ح 90، سنن النسائي ج 3، ص 28، باب التحرى، سنن ابن ماجه ج 1، ص 383، كتاب الامامة، باب 133، ح 1211. (2) سنن البيهقي ج 2، ص 330، باب لا تبطل صلاة المرء بالسهو فيها، سنن النسائي ج 3، ص 28، باب التحرى، مع تفاوت يسير. (*)
الاول: أن يكون المراد من الشك في الصلاة هو الشك في إتيان الصلاة وامتثال أمرها. الثاني: أن يكون المراد منه الشك في عدد الركعات. الثالث: أن يكون المراد منه هو الشك في أفعال الصلاة وأجزائها. الرابع: أن يكون المراد الاعم من الافعال ومن الركعات. والانصاف أن الظاهر من النبوي الاول هو هذا المعنى وأما النبوي الآخر على فرض أن يكون حديثا آخر فالظاهر هو أن يكون المراد منه أيضا هذا المعنى أي إذا شك في عدد الركعات أو الافعال فيجب التحري عن المشكوك. هذا بناء على أن يكون متعلق الشك فيه أيضا هو الصلاة وإلا فلا يخلو عن إجمال وأما الاحتمال الاول - وهو أن يكون المراد من الشك في الصلاة هو الشك في أصل إتيان الصلاة وامتثال أمرها - وان كان موجبا للخروج عن محل البحث ويكون الحديث بناء عليه غير مرتبط بالمقام ولكن الاحتمال بعيد وذلك لعدم حجية الظن في مقام الامتثال وهذا واضح جدا. اللهم إلا أن يقال: بأن الشارع جعل الظن حجة في مقام الامتثال كما أنه قيل بناء على الكشف وتمامية مقدمات الانسداد ولكن هذا يحتاج إلى دليل مفقود في المقام. ومنها: صحيحة صفوان عن أبي الحسن عليه السلام قال عليه السلام: إن كنت لا تدري كم صليت ولم يقع وهمك على شيء فأعد الصلاة 1. ومفهوم هذه الصحيحة هو أنه لو وقع وهمك على شيء أي وقع ظنك على أحد طرفي المحتملين فلا تجب الاعادة.
(هامش)
(1) الكافي ج 3، ص 358، باب من شك في صلاته كلها...، ح 1، تهذيب الاحكام ج 2، ص 187، ح 744، باب أحكام السهو في الصلاة...، ح 45، الاستبصار ج 1، ص 373، ح 1419، باب من شك فلم يدر صلى ركعة أو...، ح 2، وسائل الشيعة ج 5، ص 327، أبواب الخلل الواقع في الصلاة، باب 15، ح 1. (*)
وذلك من جهة أن المراد من الوهم لابد وأن يكون هو الظن أي: المحتمل الراجح لان العلم أولا لا يعبر عنه بالوهم وثانيا حجية العلم ذاتي ومعلوم فلا يحتاج إلى التفصيل. ولا يمكن أن يكون المراد هو الشك المتساوي الطرفين لانه موضوع التفصيل والسؤال والوهم بمعنى مرجوحية المحتمل لا يناسب هذا التفصيل الظاهر من المنطوق والمفهوم قطعا فلا بد وأن يكون المراد منه الظن وهو يناسب المقام وهذا التفصيل لان معنى الصحيحة وما يحصل منها بناء على هذا هو أنه إن كان الشك والترديد متساوي الطرفين ولم يحصل ترجيح لاحد المحتملين فتجب الاعادة واما إن كان أحد المحتملين مظنونا وحصل ترجيحه على الطرف الآخر فلا تجب الاعادة بل يبني على ما ظنه وهذا عين حجية الظن في عدد الركعات لان متعلق عدم الدراية هو عدد الركعات في المنطوق والمفهوم تابع له في الموضوع والمورد فهده الصحيحة لا إطلاق لها يشمل حجية الظن في الافعال. ومنها: خبر عبد الرحمن بن سيابة وأبي العباس: إذا لم تدر ثلاث صليت أو أربعا ووقع رأيك على الثلاث فابن على الثلاث وان وقع رأيك على الاربع فسلم وانصرف وان اعتدل وهمك فانصرف وصل ركعتين وأنت جالس 1. ولا شك في أن قوله عليه السلام: ووقع رأيك على الثلاث وهكذا قوله عليه السلام: وإن وقع رأيك على الاربع المراد بوقوع الرأي على الثلاث ووقوع الرأي على الاربع هو الظن لا العلم بقرينة قوله عليه السلام مقابل هذين القسمين وإن اعتدل وهمك لان مقابل الاعتدال عدم الاعتدال وعدم الاعتدال حسب المتفاهم العرفي هو عبارة عن ترجيح أحد الطرفين لا البت في طرف. فلو كان وقوع الرأي قابلا في حد نفسه لانطباقه على العلم ولكن بهذه القرينة
(هامش)
(1) تقدم تخريجه في ص 208، رقم (1). (*)
لابد من حمله على الظن ثم إنه من الواضح أنه لا خصوصية للمورد في هذه الرواية فاية خصوصية يحتملها المستنبط في مقام الاستنباط للشك بين الثلاث والاربع فالحكم عام في أي شك كان بل في أي صلاة كان. وحاصل الكلام: أن مفاد هذه الرواية هو أن الشك إذا لم يكن متساوي الطرفين وكان خارجا عن الاعتدال بأن وقع ظنه على أحد طرفي الشك كان ذلك ثلاثا أم أربعا يبني عليه وهذا معناه حجية الظن وبالغاء خصوصية المورد يجري في كل شك في كل صلاة ثنائية كانت أو ثلاثية أو رباعية وفي الرباعية كان في الاوليين أو كان في الاخيرتين. ومنها: خبر الحلبي: وان كنت لا تدري ثلاثا صليت أم أربعا ولم يذهب وهمك إلى شيء فسلم ثم صل ركعتين وأنت جالس 1. وتقريب دلالته على حجية الظن في عدد الركعات مثل تقريب دلالة خبر عبد الرحمن بن سيابة وأبي العباس البقباق وأيضا بالغاء الخصوصية يكون الحكم عاما. ومنها: صحيحة الحلبي إذا لم تدراثنتين صليت أم أربعا ولم يذهب وهمك إلى شيء فسلم ثم صل ركعتين 2. وهذه الاخبار بعد إلغاء خصوصية المورد دلالتها على اعتبار الظن في عدد الركعات في الجملة واضحة. وأما سند النبوي وهو وان كان عاميا ولكن اشتهاره بين فقهائنا - رضوان الله عليهم - وذكره في كتبهم وفي مدارك فتاويهم يوجب جبر ضعفه والوثوق بصدوره الذى هو موضوع الحجية.
(هامش)
(1) تقدم تخريجه في ص 208، رقم (4). (2) تقدم تخريجه في ص 213، رقم (3). (*)
وأما الروايات المروية عن الائمة الاطهار فمعتبرة وقد عمل بها الاصحاب وقد عرفت أن بعضها صحيحة فإذا كان لها إطلاق يجب الاخذ به حتى يثبت التقييد. الجهة الثانية في أن الظن هل هو معتبر في الاوليين أم يختص اعتباره بالاخيرتين من الرباعية والحق اعتباره مطلقا سواء أكان في الثنائية أو الثلاثية أو الرباعية وفي الاخير سواء كان في الاوليين أو كان في الاخيرتين. وذلك من جهة أن ما قيل في وجه عدم اعتباره في الاوليين هو أنه لابد فيهما من الحفظ واليقين والدراية والسلامة وهذه العناوين الاربعة المأخوذة في لسان الدليل لا يمكن تحصيلها بالظن ولا تتحقق به. وفيه: أن المراد بهذه الاربعة معنى واحد وكلها يرجع إليه وهو اليقين. وبعبارة أخرى: الحكم بصحة الصلاة في أية صلاة موقوف على اليقين بسلامة الاوليين ولكن الظاهر أن اليقين المأخوذ في موضوع الحكم بالصحة مأخوذ على وجه الطريقية لا الصفتية بل قلنا في مبحث حجية القطع من كتابنا المنتهى أنه لا يوجد في الشرعيات مورد يكون القطع مأخوذا في موضوع الحكم الشرعي على نحو الصفتية حتى في الشهادة. فان اليقين المأخوذ في موضوع وجوب أو جواز أدائها هو على نحو الطريقية لا الصفتية ولذا يقوم مقامه الاستصحاب وقد بينا هناك - أي في مبحث حجية القطع - أن الامارات والاصول التنزيلية تقوم مقام القطع الذي أخذ في الموضوع على نحو الطريقية لا الصفتية.
فإذا كان اليقين المأخوذ في موضوع الحكم بالصحة على نحو الطريقية وكان المراد من قوله عليه السلام إذا سلمت الاوليان سلمت الصلاة هو اليقين واحراز سلامتهما وكذا المراد من الدراية والحفظ هو اليقين بتحقق الاوليين وكان اعتبار الظن من جهة أن الشارع جعله أمارة على وجود المظنون فيقوم مقام ذلك القطع المأخوذ في موضوع الحكم بالصحة. ويدل على أماريته قوله صلى الله عليه وآله: إذا شك أحدكم في الصلاة فلينظر أي ذلك أحرى إلى الصواب فليبن عليه . وكذلك النبوي الآخر: إذا شك أحدكم فليتحر ظاهر في أن الاحرى إلى الصواب طريق إلى ما هو الصواب وهكذا الامر بالتحري لا يبعد أن يكون من جهة تحصيل الظن بالعدد لان تحصيل العلم غالبا في مورد الشك غير ممكن فهو صلى الله عليه وآله جعل طريقا لرفع الشك تعبدا. فتكون هذه الادلة التي تدل على حجية الظن حاكمة على الادلة التي مفادها إعادة الصلاة في الثنائية مطلقا سواء كانت مستقلة كفريضة الصبح أو كانت الاوليين من الرباعية وكذلك الثلاثية كصلاة المغرب. والحاصل: أنه يستفاد من هذا الحديث الشريف أن الشارع الاقدس جعل الظن أمارة لعدد الركعات. وأما الضعف في سند الحديث فقد تكلمنا فيه فلا نعيد وكذلك الاخبار المروية عن الائمة الاطهار عليهم السلام تدل على أماريته كما هو يظهر بأدنى تأمل فحكمه عليه السلام - بالاربع بذهاب الوهم إليه وكذلك بالثلاث بذهاب الوهم إليه - دليل واضح على أنه جعل الظن بالثلاث أو الاربع أمارة عليهما ومعلوم أن الظن إذا كان أمارة يقوم مقام اليقين الذي أخذ موضوعا للحكم بالصحة في الاوليين من الرباعية وكذلك في الثنائية المستقلة كصلاة الصبح والثلاثية كصلاة المغرب.
هذا مضافا إلى أنه لم ينقل خلاف في هذا الحكم إلا من ابن إدريس 1 قدس سره وحكى صاحب الجواهر دعوى إجماعات من جمع 2 وهو رحمه الله أصر اصرارا بليغا على قيام الظن في هذا المورد - أي في عدد الركعات - مقام العلم حتى أنه حكى عن نفس ابن إدريس الذي كان مخالفا في هذه المسألة الاعتراف بقيام الظن مقام العلم في الشرعيات عند تعذره 3. والحاصل: أنه ينبغي أن يعد حجية الظن في عدد الركعات مطلقا في الرباعية وفي الثنائية من المسلمات. [ الجهة ] الثالثة في أن الظن هل هو حجة في الافعال أيضا كما هو حجة في عدد الركعات أم لا ؟ فنقول: المشهور بل ادعى المحقق الثاني نفي الخلاف عن قيامه مقام العلم بالنسبة إلى الافعال أيضا والروايات المتقدمة المروية عن أهل البيت عليهم السلام كانت مخصوصة بالظن في عدد الركعات. وأما النبوي العامي فعام لان قوله صلى الله عليه وآله: إذا شك أحدكم في الصلاة فلينظر أي ذلك أحرى ذلك إلى الصواب يشمل الافعال والركعات جميعا فبضميمة دعوى نفي الخلاف من المحقق الثاني والوجوه الاستحسانية التي ذكروها في هذا المقام التي سنذكرها ان شاء الله تعالى ربما يوجب الاطمئنان بحجية الظن في الافعال أيضا بمعنى أنه لو تعلق بوجود جزء أو شرط أو مانع تكون حجة على وجودها فلا تجب
(هامش)
(1) السرائر ج 1، ص 245. (2) جواهر الكلام ج 12، ص 362. (3) جواهر الكلام ج 12، ص 365. (*)
إعادة ذلك الجزء أو الشرط ولو كان في صورة عدم تجاوز محلهما فيكون حاكما أو مخصصا لمفهوم قاعدة التجاوز وكذلك حجة إذا تعلق بعدمهما فتجب الاعادة حتى مع التجاوز عن محلهما وبعبارة أخرى: يكون حاله حال العلم. وأما الوجوه الاستحسانية التي ذكروها: فمنها: أن الظن إن كان حجة في إثبات الركعة وفي نفيها فبطريق أولى يكون حجة في أبعاض الركعة لانها مشتملة على ذلك البعض والابعاض الاخر فما يكون طريقا إلى الكل فهو طريق إلى جزء ذلك الكل بطريق أولى لان مؤنة طريقية الشيء إلى الكل أزيد من مؤنة الطريقية إلى الجزء. وفيه: المنع أولا من الملازمة بين كون الشيء طريقا إلى الكل مع كونه طريقا إلى جزئه مستقلا لا في ضمن الكل نعم طريقية شيء إلى الكل ووجوده ملازم مع كونه طريقا إلى وجود كل جزء في ضمن الكل لا إلى وجوده مستقلا فانه واضح البطلان. وثانيا: على فرض كونه طريقا إلى وجود جزئه مستقلا فالاولوية ممنوعة ولا وجه لها أصلا لانه من الممكن أن يكون في شيء ملاك الطريقية إلى وجود مركب ولا يكون فيه ملاك الطريقية إلى وجود بعض أجزائه وجودا مستقلا. وبهذا يندفع ما توهمه بعض من دلالة اللفظ الذي يدل على طريقية الظن في الركعة على طريقيته إلى أجزائها بمفهوم الموافقة. ومنها: أن الشك في الاوليين موجب للبطلان لانهما فرض الله فأهميتهما صارت سببا لاعتبار العلم والحفظ والسلامة فيهما فإذا جعل الشارع الظن حجة فيهما - كما هو المفروض - فيكون حجة في الاجزاء - وخصوصا غير الركنية منها - بطريق أولى. وفيه: أن هذا صرف استحسان لا يصح أن يجعل مناط الحكم الشرعي والحجية في الاجزاء يحتاج إلى دليل معتبر يدل عليه وتنقيح المناط القطعي لا يمكن والظني لا يفيد.
ومنها: أن الصلاة عمل كثير الاجزاء والشرائط فلو لم يعتبر الشارع الظن فيها يلزم الحرج وهو ينافي الآيه والمستفيض من الرواية من نفي جعل الاحكام الحرجية في الدين. وفيه: أن أدلة نفي الحرج لا شك في حكومتها على إطلاقات وعمومات الاولية ويرفع الحكم الحرجي ولكن ليس من شأنها إثبات الحكم ووضعه كما أن الامر في قاعدة نفي الضرر أيضا كذلك فانها تنفي الحكم الضرري ولا تثبت حكما يلزم من عدم جعله الضرر وشرحنا هذه المسألة مفصلا في شرح هاتين القاعدتين في الجزء الاول من هذا الكتاب. نعم ربما يكون الحرج النوعي علة لجعل الحكم كالتيمم لمن لا يقدر على استعمال الماء لفقده أو لمرض وكالتقصير المسافر ولكن ذلك يحتاج إثباته على وجود دليل لمثل هذا الجعل وبصرف وجود حرج النوعي لا يمكن إثبات ذلك الحكم. هذا مضافا إلى عدم تسليم الصغرى وانه يلزم الحرج من عدم اعتبار الظن في الافعال وأي حرج يلزم مع وجود قاعدة الفراغ وقاعدة التجاوز من عدم حجية الظن في أفعال الصلاة. ومنها: أنه لا يجتمع اعتبار الظن في الركعة مع عدم اعتباره في أجزائها ويلزم التناقض. بيان ذلك: أن الركعة ليست إلا مجموع أجزائها وليست من المركبات الحقيقية بحيث يحصل من اجتماع الاجزاء وامتزاجها صورة نوعية ووحدة حقيقية بل ليست الركعة إلا مجموع الاجزاء المترتبة في الوجود فعدم اعتباره في هذه الاجزاء باعتبار الجزئية واعتباره فيها باعتبار كونها ركعة متناقضان. وفيه: أنه من الممكن أن يكون هذه الاجزاء بشرط الاجتماع على الترتيب المعين موضوعا لاعتبار الظن فيها وبشرط عدم اجتماع الجميع على ذلك الترتيب تكون
موضوعا لعدم الاعتبار فلم يتحد الموضوعان فلا تناقض في البين. ومنها: أنه كيف يعتبر الظن في الركعة التي لا تسقط بحال ولا يعتبر في السورة التي تسقط بمجرد الاستعجال لقضاء حاجة. وفيه: أنه ليس ملاك الاعتبار أهمية المظنون حتى يستدل على اعتباره بمثل هذه الاستحسانات التي تشبه القياس بل هو هو. ومنها: أنه لو فرضنا أن المصلي شاك بين الاثنتين والثلاث وكان شاكا في إتيان السجدة من الركعة المشكوكة ولكنه ظان أنه على تقدير الاتيان بتلك السجدة تكون الركعة المشكوكة هي الثالثة مثلا فظن باتيان السجدة فيظن بان الركعة المشكوكة هي الثالثة ولازم ذلك - أي عدم اعتبار الظن في الافعال واعتباره في الركعات - هو الاخذ بظنه في الركعة والبناء على أنها ثالثة وعدم الاخذ بظنه في الجزء فيبنى على عدمه ويلزم أن يأتي بها. وفيه: أنه لست أدرى أي مانع في أن يأخذ بالظن في الركعات ويبنى على الثلاث ولا يعتني بالظن في وجود السجدة ويأتي بها لانه شك في المحل وأي محذور يلزم من ذلك ؟ وأما ما ذكره المستدل بهذا الوجه من أنه يلزم في بعض موارد التفكيك بين اعتبار الظن في الركعات واعتباره في الافعال بأن يقال بعدم اعتباره في الافعال فساد الصلاة للعلم الاجمالي بزيادة الركن أو نقيصته. فقيه: أنه على فرض لزوم ذلك في بعض الموارد ليس هذا محذورا بل يعمل في ذلك المورد بمقتضى العلم الاجمالي ويعيد الصلاة. ومنها: أن كل واحد من الامام والمأموم يجب عليه متابعة الآخر في ظنه في الافعال فكيف يمكن أن يكون ظن شخص آخر حجة عليه في فعله ولا يكون ظن نفسه في فعله حجة.
وفيه: أنه إن قلنا إن الظن أيضا حفظ وفي مورد ظن كل واحد منهما بالنسبة إلى الافعال أيضا يجب على كل واحد منهما الرجوع إلى الآخر كموارد علم كل واحد منهما فالفارق هو النص إذ جاء الدليل - أي النص - هناك ولم يأت هيهنا دليل على اعتبار ظن نفسه في أفعال الصلاة. نعم لو قلنا بأن اعتبار ظن كل واحد منهما في حق الآخر من جهة كونه سببا لحصول الظن لذلك الآخر فهذا يدل على حجية ظن نفسه ابتداء لكن كون الاعتبار لاجل هذه الجهة ممنوع. وخلاصة الكلام في هذا المقام: أن هذه الوجوه الكثيرة التي ذكروها لاعتبار الظن في أفعال الصلاة كل واحد منها في حد نفسه ليس إلا استحسانا ولا يمكن أن يكون مناطا للحكم الشرعي بالاعتبار. نعم كما ذكرنا هذه الوجوه مؤيدات فبضميمتها إلى إطلاق النبوي الذي تقدم ذكره يحصل الاطمئنان وركون النفس باعتبار الظن في الافعال. والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا.