الصفحة 326
وفيه حديث واحد
محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قال: ما تروي هذه الناصبة "؟
فقلت: جعلت فداك في ماذا؟
فقال: " أذانهم وركوعهم وسجودهم ".
فقلت: إنهم يقولون إن أبي بن كعب رآه في النوم.
فقال: " كذبوا، إن دين الله - عز وجل - أعز من أن يرى في النوم ".
فقال له سدير الصيرفي: جعلت فداك فأحدث لنا منه ذكرا.
فقال أبو عبد الله (عليه السلام): " إن الله عز وجل لما عرج بنبيه (صلى الله عليه وآله) إلى سماواته السبع، أما أولهن فبارك عليه، وأما الثانية علمه فرضه، والثالث فأنزل الله محملا من نور فيه أربعون نوعا من أنواع النور كانت محدقة بعرش الله تغشى أبصار الناظرين.
أما واحد منها فأصفر فمن أجل ذلك اصفرت الصفرة، وواحد منها أحمر فمن أجل ذلك احمرت الحمرة، وواحد منها أبيض فمن أجل ذلك ابيض البياض والباقي على سائر عدد خلق الله من النور والألوان، في ذلك المحمل حلق وسلاسل من فضة فجلس فيه.
ثم عرج به إلى السماء الدنيا فنفرت الملائكة إلى أطراف السماء وخرت سجدا وقالت:
سبوح قدوس، ربنا رب الملائكة والروح، ما أشبه هذا النور بنور ربنا.
فقال جبرائيل: الله أكبر، الله أكبر، فسكتت الملائكة، وفتحت أبواب السماء واجتمعت الملائكة فسلمت على النبي (صلى الله عليه وآله) أفواجا.
وقالت: يا محمد كيف أخوك(1)؟ إذا نزلت فأقرئه السلام.
فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أفتعرفونه(2)؟
____________
(1) في نسخة: " قال: بخير، قالت: فإذا أدركته ".
(2) في نسخة " أفتعرفوه ".
الصفحة 327
فقالوا: وكيف لا(1) نعرفه وقد أخذ الله عز وجل ميثاقك وميثاقه منا وميثاق شيعته إلى يوم القيامة علينا، وإنا لنتصفح وجوه شيعته في كل يوم وليلة خمسا، - يعنون في وقت كل صلاة -.
وإنا لنصلي عليك وعليه.
ثم زادني ربي أربعين نوعا من أنواع النور(2) لا يشبه النور الأول وزادني حلقا وسلاسل، ثم عرج بي إلى السماء الثانية فلما قربت من باب السماء الثانية نفرت الملائكة إلى أطراف السماء وخرت سجدا وقالت: سبوح قدوس رب الملائكة والروح، ما أشبه هذا النور بنور ربنا! فقال جبرئيل (عليه السلام): أشهد أن لا إله إلا الله، فاجتمعت الملائكة وفتحت أبواب السماء وقالت: يا جبرئيل من هذا معك؟
فقال: هذا محمد (صلى الله عليه وآله).
قالوا: وقد بعث؟
قال: نعم.
قال النبي (صلى الله عليه وآله): فخرجوا إلي شبه المعانيق فسلموا علي.
وقالوا: اقرأ أخاك السلام.
قلت: أتعرفونه؟
قالوا: وكيف لا نعرفه وقد أخذ ميثاقك وميثاقه(3) وميثاق شيعته إلى يوم القيامة علينا وإنا لنتصفح وجوه شيعته في كل يوم وليلة خمسا - يعنون في وقت الصلاة -.
قال: ثم زادني ربي أربعين نوعا من أنواع النور لا تشبه الأنوار الأولى.
ثم عرج بي إلى السماء الثالثة، فتفرقت الملائكة وخرت سجدا، وقالت: سبوح، قدوس، رب الملائكة والروح، ما هذا النور الذي يشبه نور ربنا؟
فقال جبرئيل (عليه السلام): أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، فاجتمعت الملائكة، وقالت: مرحبا بالأول، ومرحبا بالآخر، ومرحبا بالحاشر، ومرحبا بالناشر، محمد خير النبيين، وعلي خير الوصيين.
ثم سلموا علي وسألوني عن أخي، قلت: هو في الأرض خليفتي(4) أفتعرفونه؟
قالوا: وكيف لا نعرفه وقد نحج البيت المعمور في كل سنة وعليه رق أبيض فيه اسم
____________
(1) وفي نسخة " لم ".
(2) في نسخة: " من ذلك النور ".
(3) يمكن أن داره سؤالهم لزيادة الاطمئنان.
(4) خليفتي ليست في المصدر.
الصفحة 328
محمد (صلى الله عليه وآله)، واسم علي، والحسن، والحسين، والأئمة: وشيعتهم إلى يوم القيامة.
وإنا لنبارك عليهم كل يوم وليلة خمسا يعنون في وقت كل صلاة يمسحون رؤوسهم بأيديهم.
قال: ثم زادني ربي أربعين نوعا من أنواع النور لا تشبه تلك الأنوار الأول.
ثم عرج بي حتى انتهيت إلى السماء الرابعة فلم تقل الملائكة شيئا، وسمعت دويا كأنه في الصدور، فاجتمعت الملائكة ففتحت أبواب السماء وخرجت إلي شبه المعانيق فقال جبرائيل:
حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، فقالت الملائكة: صوتان مقرونان معروفان، فقال جبرائيل: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، فقالت الملائكة: هي لشيعته إلى يوم القيامة.
ثم اجتمعت الملائكة وقالوا: كيف تركت أخاك؟
قلت لهم: أوتعرفونه؟
قالوا: نعرفه وشيعته، وهم نور حول عرش الله، وإن في البيت المعمور رقا من نور فيه كتاب من نور فيه اسم محمد، وعلي، والحسن، والحسين، والأئمة، وشيعتهم إلى يوم القيامة، لا يزيد فيهم رجل ولا ينقص منهم رجل، وإنه لميثاقنا، وإنه ليقرأ علينا في كل يوم جمعة.
ثم قيل لي: ارفع رأسك يا محمد، فرفعت رأسي فإذا أطباق قد خرقت وحجب قد رفعت.
ثم قال لي: طأطئ رأسك، انظر ما ترى، فطأطأت رأسي فنظرت إلى بيت مثل بيتكم هذا، وحرم مثل حرم هذا البيت لو ألقيت شيئا من يدي لم يقع إلا عليه، فقيل لي: يا محمد ادن من صاد فاغسل مساجدك وطهرها وصل لربك، فدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) من صاد - وهو ماء يسيل من ساق العرش الأيمن - فتلقى رسول الله (صلى الله عليه وآله) يده اليمنى فمن أجل ذلك صار الوضوء باليمنى.
ثم أوحى الله عز وجل إليه أن اغسل وجهك فإنك تنظر إلى عظمتي، ثم اغسل ذراعيك اليمنى واليسرى فإنك تلقى بيدك كلامي، ثم امسح رأسك بفضل ما بقي بيديك من الماء، ورجليك إلى كعبيك، فإني أبارك عليك وأوطئك موطئا لم يطأه أحد غيرك فهذا علة الأذان والوضوء.
ثم أوحى الله عز وجل إليه: يا محمد استقبل الحجر الأسود وكبرني على عدد حجبي، فمن أجل ذلك صار التكبير سبعا لأن الحجب سبع فافتتح انقطاع الحجب، فمن أجل ذلك صار الافتتاح سنة والحجب متطابقة، بينهن بحار النور، وذلك النور الذي أنزله الله على محمد، فمن ذلك صار الافتتاح ثلاث مرات، لافتتاح الحجب ثلاث مرات فصار التكبير سبعا، والافتتاح ثلاثا،
الصفحة 329
فلما فرغ من التكبير، والافتتاح، أوحى الله إليه: سم باسمي، فمن أجل ذلك جعل بسم الله الرحمن الرحيم في أول السورة.
ثم أوحى الله إليه أن احمدني، فلما قال: الحمد لله رب العالمين، قال النبي في نفسه: شكرا فأوحى الله عز وجل، قطعت حمدي، فسم باسمي، فمن أجل ذلك جعل في الحمد الرحمن الرحيم مرتين، فلما بلغ ولا الضالين قال النبي (صلى الله عليه وآله): الحمد لله رب العالمين شكرا، فأوحى الله إليه أن قطعت ذكري، فسم باسمي، فمن أجل ذلك جعل بسم الله الرحمن الرحيم في أول السورة.
ثم أوحى الله عز وجل: اقرأ يا محمد نسبة ربك تبارك وتعالى *(قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفوا أحد)*(1) ثم أمسك عنه الوحي فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كذلك الله، كذلك ربنا فلما قال ذلك أوحى الله إليه: اركع لربك يا محمد فركع، فأوحى الله تعالى وهو راكع قل: سبحان الله ربي العظيم، ففعل ذلك ثلاثا، ثم أوحى الله أن ارفع رأسك يا محمد، ففعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقام منتصبا فأوحى الله عز وجل إليه أن اسجد لربك يا محمد، فخر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ساجدا فأوحى الله عز وجل إليه قل: سبحان ربي الأعلى، ففعل (صلى الله عليه وآله) ذلك ثلاثا.
ثم أوحى الله أن استو جالسا يا محمد ففعل، فلما رفع رأسه من سجوده واستوى نظر إلى عظمته تجلت له، فخر ساجدا من تلقاء نفسه لا لأمر أمر به، فسبح أيضا ثلاثا فأوحى الله انتصب قائما، ففعل فلم يرما كان يرى من العظمة، فمن أجل ذلك صارت الصلاة ركعة وسجدتين.
ثم أوحى الله عز وجل إليه: اقرأ يا محمد: الحمد لله فقرأها مثل ما قرأ أولا ثم أوحى الله إليه اقرأ *(إنا أنزلناه)* فإنها نسبتك ونسبة أهل بيتك إلى يوم القيامة، وفعل في الركوع مثل ما فعل في المرة الأولى، ثم سجد سجدة واحدة، فلما رفع رأسه تجلت له العظمة فخر ساجدا من تلقاء نفسه لا لأمر أمر به فسبح أيضا، ثم أوحى الله إليه، ارفع رأسك يا محمد ثبتك ربك، ثم ذهب ليقوم قيل: يا محمد اجلس فجلس فأوحى الله: يا محمد [ إذا ما أنعمت عليك فسم باسمي، فألهم أن قال: بسم الله وبالله ولا إله إلا الله والأسماء الحسنى كلها لله. ثم أوحى الله إليه يا محمد ] صل على نفسك وعلى أهل بيتك، فقال (صلى الله عليه وآله): صلى الله علي وعلى أهل بيتي وقد فعل.
ثم التفت فإذا بصفوف من الملائكة والمرسلين والنبيين فقيل: يا محمد سلم عليهم، فقال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فأوحى الله إليه: أن السلام والتحية والرحمة والبركات أنت وذريتك.
____________
(1) الإخلاص: 3 - 4.
الصفحة 330
ثم أوحى الله إليه أن لا يلتفت يسارا، وأول آية سمعها بعد *(قل هو الله أحد)*(1) و *(إنا أنزلناه)*(2) آية أصحاب اليمين وأصحاب الشمال، فمن أجل ذلك كان السلام واحدة تجاه القبلة، ومن أجل ذلك كان التكبير في السجود شكرا.
وقوله: سمع الله لمن حمده، لأن النبي (صلى الله عليه وآله) سمع ضجة الملائكة بالتسبيح والتحميد والتهليل فمن أجل ذلك قال: سمع الله لمن حمده ومن أجل ذلك صارت الركعتان الأوليان كلما أحدث فيهما حدثا كان على صاحبهما إعادتهما، فهذا هو الفرض الأول في صلاة الزوال، يعني صلاة الظهر "(3).
وروى هذا الحديث ابن بابويه أيضا في كتاب العلل قال: حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد - رضي الله عنهما - قالا: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن عيس بن عبيد عن محمد بن أبي عمير ومحمد بن سنان عن الصباح المزني وسدير الصيرفي ومحمد بن النعمان مؤمن الطاق وعمر بن أذينة عن أبي عبد الله (عليه السلام).
ورواه محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار وسعد بن عبد الله قالا: حدثنا محمد بن الحسن بن أبي الخطاب ويعقوب بن يزيد ومحمد بن عيسى عن عبد الله بن جبلة عن الصباح المزني وسدير الصيرفي ومحمد بن النعمان الأحول وعمر بن أذينة عن أبي جعفر (عليه السلام)(4) أنهم حضروه وساق الحديث وفيه بعض التغيير اليسير(5).
____________
(1) الإخلاص: 1.
(2) القدر: 1.
(3) الكافي: 3 / 483، ح 1.
(4) في المصدر: أبي عبد الله (عليه السلام).
(5) علل الشرايع: 2 / 312، باب 1، ح 1.