الصفحة 259
وفيه خمسة عشر حديثا
الأول: ابن بابويه في أماليه قال: حدثنا محمد بن عمر الحافظ البغدادي (رحمه الله) قال: حدثنا أحمد بن موسى قال: حدثنا خلف بن سالم قال: حدثنا غندر قال: حدثنا عوف عن ميمون أبي عبد الله عن زيد بن أرقم قال: كان لنفر من أصحاب رسول الله أبواب شارعة في المسجد فقال يوما: سدوا هذه الأبواب إلا باب علي، فتكلم الناس في ذلك فقام رسول الله فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإني أمرت بسد هذه الأبواب غير باب علي فقال فيه قائلكم، وإني والله ما سددت شيئا ولا فتحته ولكني أمرت بشئ فاتبعته(1).
الثاني: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن معمر البغدادي قال: حدثني الحسن بن عبد الله بن [ محمد بن ] علي التميمي قال: حدثني أبي قال: حدثني سيدي علي بن موسى بن جعفر عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين عن أبيه علي (عليهم السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله) لا يحل لأحد أن يجنب في هذا المسجد إلا أنا وعلي وفاطمة والحسن والحسين، ومن كان من أهلي فإنهم مني(2).
الثالث: ابن بابويه بهذا الإسناد عن علي (عليه السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): سدوا الأبواب الشارعة في المسجد إلا باب علي(3).
الرابع: ابن بابويه قال: حدثنا أحمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق الدينوري قال: حدثنا أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي النسائي بمصر قال: أخبرني محمد بن وهب قال: حدثنا مسكين بن بكير قال: حدثنا شعبة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس قال: أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بسد أبواب المسجد فسدت إلا باب علي (عليه السلام)(4).
الخامس: ابن بابويه قال: حدثنا أحمد بن محمد بن إسحاق الدينوري قال: حدثني محمد بن
____________
(1) أمالي الصدوق 413 / مجلس 54 / ح 4.
(2) أمالي الصدوق 413 / مجلس 54 / ح 5.
(3) أمالي الصدوق 413 / مجلس 54 / ح 6.
(4) أمالي الصدوق 414 / مجلس 54 / ح 7.
الصفحة 260
سليمان الباغندي قال: حدثنا محمد بن عمرو قال: حدثنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن أبي إسحاق عن العلاء عن ابن عمر أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: سدوا الأبواب إلى المسجد إلا باب علي(1).
السادس: الشيخ الطوسي في أماليه عن الفحام قال: حدثني عمي قال: حدثني الحسن بن علي ابن المتوكل قال: حدثنا عفان بن مسلم قال: حدثنا حماد بن سلمة عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عمر قال: سألني عمر بن الخطاب فقال لي: يا بني من أخير الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قال: قلت له:
من أحل الله له ما حرم على الناس وحرم عليه ما أحل للناس فقال: والله لقد قلت فصدقت، حرم على علي بن أبي طالب الصدقة وأحلت للناس، وحرم عليهم أن يدخلوا المسجد وهم جنب وأحل له وغلقت الأبواب وسدت ولم يغلق لعلي باب ولم يسد(2).
السابع: ابن بابويه قال: حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب وجعفر بن محمد بن مسرور قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن أبيه عن الريان بن الصلت قال: حضر الرضا (عليه السلام) مجلس المأمون بمرو وقد اجتمع الناس في مجلسه جماعة من [ علماء ] أهل العراق وخراسان فقال المأمون: أخبروني عن معنى هذه الآية *(ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا)* فقالت العلماء: أراد الله بذلك الأمة كلها فقال المأمون: ما تقول يا أبا الحسن؟ فقال الرضا (عليه السلام): لا أقول كما قالوا ولكني أقول: أراد الله عز وجل بذلك العترة الطاهرة فقال: المأمون: وكيف عنى العترة من دون الأمة؟ فقال الرضا (عليه السلام): لأنه لو أراد الأمة لكانت بأجمعها في الجنة لقول الله تعالى: *(فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير)* ثم جمعهم كلهم في الجنة فقال *(جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب)* الآية فصارت الوراثة للعترة الطاهرة لا لغيرهم، فقال المأمون: من العترة الطاهرة؟ قال الرضا (عليه السلام): الذين وصفهم الله تعالى في كتابه فقال: *(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)* وهم الذين قال رسول الله: إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ألا وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما.
أيها الناس لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم. قالت العلماء: أخبرنا يا أبا الحسن عن العترة أهم الآل أم غير الآل؟ فقال الرضا (عليه السلام): هم الآل، فقالت العلماء: فهذا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يؤثر عنه أنه قال: أمتي آلي وهؤلاء أصحابه تقول بالخبر المستفاض الذي لا يمكن دفعه: آل محمد أمته فقال أبو
____________
(1) أمالي الصدوق 414 / مجلس 54 / ح 8.
(2) أمالي الطوسي 291 / مجلس 11 / ح 12.
الصفحة 261
الحسن (عليه السلام): أخبروني فهل تحرم الصدقة على الآل؟ قالوا: نعم، قال: أفتحرم على الأمة؟ قالوا:
لا، قال: هذا فرق بين الآل والأمة، ويحكم أين يذهب بكم؟ أضربتم عن الذكر صفحا أم أنتم قوم مسرفون؟ أما علمتم أنه وقعت الوراثة والطهارة على المصطفين المهتدين دون سائرهم؟ قالوا:
ومن أين يا أبا الحسن؟ فقال (عليه السلام): من قول الله تعالى: *(ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون)* فصارت وراثة النبوة والكتاب للمهتدين دون الفاسقين، أما علمتم أن نوحا (عليه السلام) حين سأل ربه تعالى ذكره فقال: *(رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين)* وذلك أن الله وعده أن ينجيه وأهله فقال له ربه عز وجل: *(يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين)* فقال المأمون: هل فضل الله العترة على سائر الناس؟ فقال أبو الحسن (عليه السلام): إن الله تعالى أبان فضل العترة على سائر الناس في محكم كتابه، فقال له المأمون: أين ذلك من كتاب الله تعالى؟ فقال له الرضا (عليه السلام) في قوله تعالى: *(إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض)* وقال عز وجل: *(أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما)* ثم رد المخاطبة في إثر هذا إلى سائر المؤمنين فقال: *(يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)* يعني الذين قرنهم بالكتاب والحكمة وحسدوا عليها فقوله تعالى: *(أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما)* يعني الطاعة للمصطفين، فالملك هاهنا الطاعة، قالت العلماء: هل فسر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب؟
فقال الرضا (عليه السلام): فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثني عشر موضعا، ثم ذكر (عليه السلام) المواضع بعدها من القرآن إلى أن قال: وأما الرابعة فإخراجه الناس (صلى الله عليه وآله) من مسجده ما خلا العترة حتى تكلم الناس في ذلك وتكلم العباس فقال: يا رسول الله تركت عليا وأخرجتنا؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): وما أنا تركته وأخرجتكم ولكن الله تركه وأخرجكم وفي هذا تبيان لقوله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): أنت مني بمنزلة هارون من موسى. قالت العلماء: وأين هذا من القرآن؟ قال (عليه السلام): أوجدكم في ذلك قرآنا أقرأه عليكم؟ قالوا: هات، قال: قول الله تعالى: *(وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة)* ففي هذه الآية منزلة هارون من موسى، وفيها أيضا منزلة علي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومع هذا دليل ظاهر في قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين قال: ألا إن هذا المسجد لا يحل إلا لمحمد وآله، فقالت العلماء: يا أبا الحسن وهذا البيان لا يوجد إلا عندكم معشر أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله)،
الصفحة 262
قال: ومن ينكر لنا ذلك ورسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد الحكمة فليأتها من بابها. ففيما أوضحنا وشرحنا من الفضل والشرف والتقدمة والاصطفاء والطهارة ما لا ينكره إلا معاند ولله تعالى الحمد على ذلك(1).
الثامن: الشيخ المفيد في أماليه أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان الحارثي قال: أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي قال: حدثنا أبو القاسم الحسن بن علي الكوفي قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مروان الغزال قال: حدثنا أبي قال: حدثنا عبيد بن خنيس العبدي قال: حدثنا صباح بن يحيى المزني عن عبد الله بن شريك عن الحارث بن ثعلبة قال: قدم رجلان يريدان مكة والمدينة في الهلال أو قبل الهلال فوجدا الناس ناهضين إلى الحج قال: فخرجنا معهم فإذا نحن بركب فيهم رجل كأنه أميرهم فانتبذ منهم فقال: كأنكما عراقيان؟ فقلنا: نحن عراقيان، قال: كونا كوفيين، قلنا:
نحن كوفيان قال: ممن أنتما؟ قلنا: من بني كنانة، قال: من أي بني كنانة؟ قلنا من بني مالك بن كنانة قال: رحب على رحب وقرب على قرب أنشدكما بكل كتاب منزل ونبي مرسل أسمعتما علي بن أبي طالب (عليه السلام) يسبني أو يقول إنه معادي أو مقاتلي؟
قلنا: من أنت؟ قال: أنا سعد بن أبي وقاص قلنا: لا، ولكن سمعناه يقول: اتقوا فتنة الخنيس كثير، ولكن سمعتماه يضئ باسمي؟ قالا: لا، قال: الله أكبر، الله أكبر قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين إن أنا قاتلته بعد أربع سمعتهن من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ألا لئن يكون لي واحدة منهن أحب إلي من الدنيا وما فيها أعمر فيها عمر نوح، قلنا: سمهن قال: ما ذكرتهن إلا وأنا أريد أن أسميهن: بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبا بكر ببراءة لينبذ إلى المشركين فلما سار ليلة أو بعض ليلة بعث لعلي بن أبي طالب نحوه فقال:
اقبض براءة منه واردده إلي، فمضى إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) فقبض براءة منه ورده إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلما مثل بين يديه بكى فقال: يا رسول الله أحدث في شئ أم نزل في قرآن؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
لم ينزل فيك قرآن ولكن جبرئيل (عليه السلام) جاءني عن الله عز وجل فقال: لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك، وعلي مني وأنا من علي، ولا يؤدي عني إلا علي، قلنا له: وما الثانية؟ قال: كنا في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وآل علي وآل أبي بكر وآل عمر وأعمامه قال: فنودي فينا ليلا اخرجوا من المسجد إلا آل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وآل علي قال: فخرجنا نجر قلاعنا فلما أصبحنا أتاه عمه حمزة فقال: يا رسول الله أخرجتنا وأسكنت هذا الغلام ونحن عمومتك ومشيخة أهلك؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما أنا أخرجتكم ولا أنا أسكنته ولكن الله عز وجل أمرني بذلك قلنا له: فما الثالثة؟ قال: بعث رسول
____________
(1) عيون أخبار الرضا: 2 / 207 - 211 / باب 23 / ح 1.
الصفحة 263
الله (صلى الله عليه وآله) برايته إلى خيبر مع أبي بكر فردها، فبعثها مع عمر فردها فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال:
لأعطين الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله، كرارا غير فرار لا يرجع حتى يفتح الله على يديه قال:
فلما أصبحنا جثونا على الركب فلم نره يدعو أحدا منا ثم نادى: أين علي بن أي طالب؟ فجئ به وهو أرمد فتفل في عينيه وأعطاه الراية ففتح الله على يديه.
قلنا له: فما الرابعة؟ قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) خرج غازيا إلى تبوك واستخلف عليا على الناس فحسدته قريش وقالوا: إنما خلفه لكراهية صحبته قال: فانطلق في إثره حتى لحقه فأخذ يعرز ناقته ثم قال: إني لتابعك قال: فما شأنك؟ فبكى وقال: إن قريشا تزعم أنك إنما خلفتني لبغضك لي وكراهيتك صحبتي قال: فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) مناديه فنادى في الناس ثم قال: أيها الناس أفيكم أحد إلا وله من أهله خاصة؟ قالوا: أجل، قال فإن علي بن أبي طالب خاصة أهلي وحبيبي إلى قلبي، ثم أقبل على أمير المؤمنين ثم قال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي؟ فقال علي (عليه السلام): رضيت عن الله ورسوله، ثم قال سعد هذه الرابعة إن شئتما أحدثكما بخامسة، قلنا: قد شئنا ذلك قال: كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حجة الوداع فلما عاد نزل غدير خم وأمر مناديه فنادى في الناس: من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله(1).
التاسع: الشيخ الطوسي في مجالسه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا الحسن بن علي بن زكريا العاصمي قال: حدثنا أحمد بن عبيد الله الفداني(2) قال: حدثنا الربيع بن سيار قال:
حدثنا الأعمش عن سالم بن أبي الجعد يرفعه إلى أبي ذر (رضي الله عنه) أن عليا (عليه السلام) وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص أمرهم عمر بن الخطاب أن يدخلوا بيتا ويغلقوا عليهم بابه ويتشاوروا في أمرهم وأجلهم ثلاثة أيام فإن توافق خمسة على قول واحد وأبى رجل منهم قتل ذلك الرجل، وإن توافق أربعة وأبى اثنان قتل الاثنان، فلما توافقوا جميعا على رأي واحد قال لهم علي بن أبي طالب (عليه السلام): إني أحب أن تسمعوا مني ما أقول لكم فإن يكن حقا فاقبلوه وإن يكن باطلا فأنكروه قالوا: قل، وساق الحديث يذكر فضائله وسوابقه والنص عليه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهم في كل ما ذكره يصدقونه إلى أن قال (عليه السلام): أتعلمون أنه أمر بسد أبوابكم وفتح بابي فقلتم في ذلك فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما أنا سددت أبوابكم ولا أنا فتحت بابه بل الله سد أبوابكم وفتح بابه؟ قالوا: نعم(3).
____________
(1) أمالي الشيخ المفيد 55 / ح 2. بحار الأنوار: 40 / 39 / ح 75.
(2) في المصدر: العدلي.
(3) أمالي الطوسي 545 / مجلس 20 / ح 4.
الصفحة 264
العاشر: الشيخ في مجالسه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا حسن بن محمد بن شعبة الأنصاري ومحمد بن جعفر رميس الهبيري بالقصر وعلي بن محمد بن الحسن بن كأس النخعي بالرملة وأحمد بن محمد بن سعيد الهمذاني قالوا: حدثنا أحمد بن يحيى عن زكريا الأزدي الصوفي قال: حدثنا عمرو بن حماد بن طلحة القناد قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الأزدي عن معروف بن خربوذ وزياد بن المنذر وسعيد بن محمد الأسدي عن أبي الطفيل عامر بن واثلة الكناني قال: لما احتضر عمر بن الخطاب جعلها شورى بين ستة: علي بن أبي طالب (عليه السلام) وعثمان وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن عمر فيمن يشاور ولا يولى، قال أبو الطفيل: فلما اجتمعوا أجلسوني على الباب أرد عنهم الناس فقال علي (عليه السلام): إنكم قد اجتمعتم لما اجتمعتم له فانصتوا فأتكلم فإن قلت حقا صدقوني وإن قلت باطلا ردوا علي ولا تهابوني، إنما أنا رجل كأحدكم ثم أنشدهم بالله في فضائله والنصوص عليه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهم يصدقونه فيما قاله وقال (عليه السلام) في ذلك، فأنشدكم بالله هل فيكم أحد ترك رسول الله (صلى الله عليه وآله) بابه مفتوحا يحل له ما يحل لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ويحرم عليه ما يحرم على رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟
قالوا: اللهم لا(1).
الحادي عشر: الشيخ في مجالسه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا عبد الرحمن ابن محمد بن عبد الله العزرمي عن أبيه عن عمار أبي اليقظان عن أبي عمر زادان قال: لما ودع الحسن بن علي (عليه السلام) معاوية صعد معاوية المنبر وجمع الناس فخطبهم وقال: إن الحسن بن علي رآني للخلافة أهلا، ولم ير نفسه لها أهلا وكان الحسن (عليه السلام) أسفل منه بمرقاة فلما فرغ من كلامه قام الحسن فحمد الله تعالى بما هو أهله ثم ذكر المباهلة فقال: فجاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الأنفس بأبي ومن الأبناء بي وبأخي ومن النساء بأمي وكنا أهله ونحن آله وهو منا ونحن منه، ولما نزلت آية التطهير جمعنا رسول الله في كساء لأم سلمة (رض) خيبري ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي وعترتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، فلم يكن أحد يجنب في المسجد ويولد له فيه إلا النبي (صلى الله عليه وآله) وأبي تكرمة من الله تعالى لنا وتفضيلا منه لنا، وقد رأيتم مكان منزلنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمر بسد الأبواب فسدها وترك بابنا فقيل له في ذلك فقال: أما إني لم أسدها وافتح بابه ولكن الله عز وجل أمرني أن أسدها وأفتح بابه. وإن معاوية زعم لكم أني رأيته للخلافة أهلا ولم أر نفسي لها أهلا فكذب معاوية، نحن أولى الناس بالناس في كتاب الله وعلى لسان نبيه ولم نزل أهل البيت مظلومين
____________
(1) أمالي الطوسي 554 / مجلس 20 / ح 5.
الصفحة 265
منذ قبض الله نبيه (صلى الله عليه وآله) فالله بيننا وبين من ظلمنا حقنا وتوثب على رقابنا وحمل الناس علينا ومنعنا سهمنا من الفئ ومنع امنا ما جعل لها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأقسم بالله لو أن الناس بايعوا أبي حين فارقهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأعطتهم السماء قطرها والأرض بركتها، وما طمعت فيها يا معاوية فلما خرجت من معدنها تنازعتها قريش بينها فطمعت فيها الطلقاء وأبناء الطلقاء أنت وأصحابك وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما ولت أمة أمرها رجلا وفيهم من هو أعلم منه إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتى يرجع إلى ما تركوا، فقد تركت بنو إسرائيل هارون وهم يعلمون أنه خليفة موسى فيهم واتبعوا السامري، وقد تركت هذه الأمة أبي وبايعوا غيره وقد سمعوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة، وقد رأوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) نصب أبي يوم غدير خم وأمرهم أن يبلغ الشاهد منهم الغائب، وقد هرب رسول الله (صلى الله عليه وآله) من قومه وهو يدعوهم إلى الله تعالى حتى دخل الغار ولو وجد أعوانا ما هرب، وقد كف أبي يده حين ناشدهم واستغاث فلم يغث فجعل الله هارون في سعة حين استضعفوه وكادوا يقتلونه وجعل الله النبي (صلى الله عليه وآله) في سعة حين دخل الغار ولم يجد أعوانا وكذلك أبي وأنا في سعة من الله حين خذلتنا هذه الأمة وبايعوك يا معاوية وإنما هي السنن والأمثال يتبع بعضها بعضا. أيها الناس إنكم لو التمستم ما بين المشرق والمغرب أن تجدوا رجلا ولده نبي غيري وأخي لم تجدوا وإني قد بايعت هذا وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين(1).
الثاني عشر: الشيخ في مجالسه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثني أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الهمداني بالكوفة قال: حدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس الأشعري قال: حدثنا علي بن حسان الواسطي قال: حدثنا عبد الرحمن بن كثير عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي بن الحسين (عليهم السلام) قال: لما أجمع الحسن بن علي (عليهما السلام) على صلح معاوية خرج حتى لقيه فلما اجتمعا قام معاوية خطيبا فصعد المنبر وأمر الحسن (عليه السلام) أن يقوم أسفل منه بدرجة ثم تكلم معاوية فقال: أيها الناس هذا الحسن بن علي وابن فاطمة رآنا للخلافة أهلا ولم ير نفسه لها أهلا وقد أتانا ليبايع طوعا ثم قال: قم يا حسن فقام الحسن (عليه السلام) فخطب فقال: الحمد لله المستحمد بالآلاء وتتابع النعماء وصارف الشدائد والبلاء عند الفهماء وغير الفهماء المذعنين من عباده لامتناعه بجلاله وكبريائه وعلوه من لحوق الأوهام ببقائه المرتفع عن كنه ضنانة المخلوقين من أن تحيط بمكنون غيبه رويات عقول الرايين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده
____________
(1) أمالي الطوسي 559 / مجلس 20 / ح 9. بحار الأنوار: 44 / 62 / ح 12.
الصفحة 266
في ربوبيته ووحدانيته صمدا لا شريك له فردا لا ظهير له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اصطفاه وانتجبه وارتضاه وبعثه داعيا إلى الحق وسراجا منيرا، وللعباد مما يخافون نذيرا ولما يأملون بشيرا، فنصح للأمة وصدع بالرسالة وأبان لهم درجات العمالة شهادة عليها أمات وأحشر وبها في الأجلة أقرب وأجبر وأقول: معشر الخلائق فاسمعوا ولكم أفئدة وأسماع فعوا، إنا أهل بيت أكرمنا الله بالإسلام واختارنا واصطفانا واجتبانا فأذهب عنا الرجس وطهرنا تطهيرا، والرجس هو الشك فلا نشك في الله الحق ودينه أبدا وطهرنا من كل أفن وغية مخلصين إلى آدم، نعمة منه لم تفترق الناس قط فرقتين إلا جعلنا الله في خيرهما فأدت الأمور وأفضت الدهور إلى أن بعث الله محمدا (صلى الله عليه وآله) للنبوة واختاره للرسالة وأنزل عليه كتابا ثم أمره بالدعاء إلى الله عز وجل فكان أبي (عليه السلام) أول من استجاب لله تعالى ولرسوله (صلى الله عليه وآله)، وأول من آمن وصدق الله ورسوله، وقد قال الله تعالى في كتابه المنزل على نبيه المرسل *(أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه)* فرسول الله على بينة من ربه وأبي الذي يتلوه وهو شاهد.
وقد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين أمره أن يسير إلى مكة والموسم ببراءة: سر بها يا علي فإني أمرت أن لا يسير بها إلا أنا أو رجل مني، وأنت هو، فعلي من رسول الله ورسوله الله (صلى الله عليه وآله) منه وقال له النبي (صلى الله عليه وآله) حين قضى بينه وبين أخيه جعفر بن أبي طالب ومولاه زيد بن حارثة في ابنه حمزة: أما أنت يا علي فمني وأنا منك وأنت ولي كل مؤمن من بعدي، فصدق أبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) سابقا ووقاه بنفسه ثم لم يزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) في كل موطن يقدمه ولكل شديدة يرسله ثقة منه به وطمأنينة إليه لعلمه بنصيحة الله ورسوله، وأنه أقرب المقربين من الله ورسوله وقد قال الله عز وجل *(والسابقون السابقون أولئك المقربون)* فكان أبي سابق السابقين إلى الله عز وجل وإلى رسوله (صلى الله عليه وآله) وأقرب الأقربين وقد قال الله تعالى: *(لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة)* فأبي كان أولهم إسلاما وإيمانا وأولهم إلى الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) هجرة ولحوقا وأولهم على وجده ووسعه نفقة قال سبحانه: *(والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم)* فالناس من جميع الأمم ليستغفروا له بسبقه إياهم إلى الإيمان ونبيه (صلى الله عليه وآله)، وذلك أنه لم يسبقه إلى الإيمان به أحد وقد قال الله تعالى: *(والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوه بإحسان رضي الله عنهم)* فهو سابق جميع السابقين فكما أن الله عز وجل فضل السابقين على المتخلفين والمتأخرين فكذلك فضل سابق السابقين على السابقين وقد قال الله عز وجل: *(أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله
الصفحة 267
واليوم الآخر)* فهو المجاهد في سبيل الله حقا وفيه نزلت هذه الآية وكان ممن استجاب لرسول الله (صلى الله عليه وآله) عمه حمزة وجعفر بن عمه فقتلا شهيدين رضي الله عنهما في قتلى كثيرين معهما من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فجعل الله تعالى حمزة سيد الشهداء من بينهم، وجعل لجعفر جناحين يطير بهما مع الملائكة كيف يشاء من بينهم وذلك لمكانهما من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومنزلتهما وقرابتهما منه (صلى الله عليه وآله)، وكذلك جعل الله تعالى لنساء النبي (صلى الله عليه وآله) للمحسنة منهن أجرين، وللمسيئة منهن وزرين ضعفين لمكانهن من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وجعل الصلاة في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) بألف صلاة في سائر المساجد إلا المسجد الحرام ومسجد إبراهيم خليله (عليه السلام) بمكة وذلك لمكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) من ربه، وفرض الله عز وجل الصلاة على نبيه (صلى الله عليه وآله) على كافة المؤمنين، فقالوا: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) كيف الصلاة عليك؟
فقال: قولوا: اللهم صل على محمد وآل محمد، فحق على كل مسلم أن يصلي علينا مع الصلاة على النبي فريضة واجبة، وأحل الله خمس الغنيمة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وأوجبها له في كتابه فأوجب لنا من ذلك ما أوجب له، وحرم عليه الصدقة وحرمها علينا منه فأدخلنا فله الحمد فيما أدخل فيه نبيه (صلى الله عليه وآله) وأخرجنا ونزهنا مما أخرجه منه ونزهه عنه كرامة أكرمنا الله عز وجل بها وفضيلة فضلنا بها على سائر العباد فقال الله تعالى لمحمد (صلى الله عليه وآله) حين جحده كفرة أهل الكتاب وحاجوه *(فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين)* فأخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الأنفس معه أبي ومن البنين أنا وأخي ومن النساء فاطمة أمي ومن الناس جميعا، فنحن أهله ولحمه ودمه ونفسه ونحن منه وهو منا وقد قال الله تعالى: *(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)* فلما نزلت آية التطهير جمعنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنا وأخي وأمي وأبي فجعلنا ونفسه في كساء لأم سلمة خيبري وذلك في حجرتها وفي يومها فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي وهؤلاء أهلي وعترتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، فقالت أم سلمة (رض): أنا أدخل معهم يا رسول الله؟
فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): يرحمك الله أنت على خير وإلى خير، وما أرضاني عنك ولكنها خاصة لي ولهم، ثم مكث رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد ذلك بقية عمره حتى قبضه الله إليه يأتينا في كل يوم عند طلوع الفجر فيقول: الصلاة يرحمكم الله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا وأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بسد الأبواب الشارعة في مسجده غير بابنا فكلموه في ذلك فقال: أما إني لم أسد أبوابكم ولم أفتح باب علي من تلقاء نفسي ولكني أتبع ما يوحى إلي وإن الله أمر بسدها
الصفحة 268
وفتح بابه، ولم يكن من بعد ذلك أحد تصيبه جنابة في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويولد فيه غيرنا الأولاد غير رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأبي علي بن أبي طالب (عليه السلام) تكرمة من الله تعالى لنا وتفضلا اختصنا به على جميع الناس، وهذا باب أبي قرين باب رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مسجده ومنزلنا بين منازل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وذلك أن الله أمر نبيه (صلى الله عليه وآله) أن يبني مسجده فبنى فيه عشرة أبيات تسعة لنبيه وأزواجه وعاشرها وهو متوسطها لأبي، فها هو بسبيل مقيم والبيت هو المسجد المطهر وهو الذي قال الله تعالى: أهل البيت فنحن أهل البيت ونحن الذين أذهب الله عنا الرجس وطهرنا تطهيرا.
أيها الناس إني لو قمت حولا فحولا أذكر الذي أعطانا الله عز وجل وخصنا به من الفضل في كتابه وعلى لسان نبيه لم أحصه، وأنا ابن النذير البشير والسراج المنير الذي جعله الله رحمة للعالمين وأبي علي ولي المؤمنين وشبيه هارون، وإن معاوية بن صخر زعم أني رأيته للخلافة أهلا ولم أر نفسي لها أهلا فكذب معاوية، وأيم الله لإنا أولى الناس بالناس في كتاب الله وعلى لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله) غير إنا لم نزل أهل البيت مخيفين مظلومين مضطهدين منذ قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فالله بيننا وبين من ظلمنا حقنا ونزل على رقابنا وحمل الناس على أكتافنا ومنعنا سهمنا في كتاب الله من الفئ والغنائم، ومنع أمنا فاطمة إرثها من أبيها، إنا لا نسمي أحدا ولكن أقسم بالله قسما تاليا لو أن الناس سمعوا قول الله عز وجل ورسوله لأعطتهم السماء قطرها والأرض بركتها ولما اختلف في هذه الأمة سيفان، ولأكلوها خضراء خضرة إلى يوم القيامة وإذا وما طمعت فيها يا معاوية ولكنها لما أخرجت سالفا من معدنها وزحزحت عن قواعدها تنازعتها قريش بينها وترامتها كترامي الكرة حتى طمعت فيها أنت يا معاوية وأصحابك من بعدك.
وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما ولت أمة أمرها رجلا قط وفيهم من هو أعلم منه إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا إلى ما تركوا، وقد تركت بنو إسرائيل وكانوا أصحاب موسى (عليه السلام) هارون أخاه وخليفته ووزيره وعكفوا على العجل وأطاعوا فيه سامريهم وهم يعلمون أنه خليفة موسى، وقد سمعت هذه الأمة رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول ذلك لأبي (عليه السلام) إنه مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، وقد رأوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين نصبه لهم بغدير خم وسمعوه ونادى له بالولاية ثم أمرهم أن يبلغ الشاهد منهم الغائب، وقد خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) حذارا من قومه إلى الغار لما أجمعوا على أن يمكروا به وهو يدعوهم لما لم يجد عليهم أعوانا ولو وجد عليهم أعوانا لجاهدهم، وقد كف أبي يده وناشدهم واستغاث أصحابه فلم يغث ولم ينصر ولو وجد أعوانا ما أجابهم، وقد جعل في سعة كما جعل النبي (صلى الله عليه وآله) في سعة، وقد خذلتني الأمة وبايعتك يا بن حرب ولو وجدت عليك
الصفحة 269
أعوانا يخلصون ما بايعتك وقد جعل الله عز وجل هارون في سعة حين استضعفه قومه وعادوه كذلك أنا وأبي في سعة من الله حين تركتنا الأمة وتابعت غيرنا ولم نجد عليهم أعوانا وإنما هي السنن والأمثال تتبع بعضها بعضا.
أيها الناس إنكم لو التمستم بين المشرق والمغرب رجلا جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأبوه وصي رسول الله لم تجدوا غيري وغير أخي فاتقوا الله ولا تضلوا بعد البيان، فكيف بكم؟ وأنى ذلك منكم؟ ألا وإني قد تابعت هذا - وأشار بيده إلى معاوية - وأنا أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين. أيها الناس إنه لا يعاب أحد بترك حقه وإنما يعاب أن يأخذ ما ليس له، وكل صواب نافع وكل خطأ ضار لأهله وقد كانت القضية ففهمها سليمان فنفعت سليمان ولم تضر داود، وأما القرابة فقد نفعت المشرك وهي والله للمؤمن أنفع، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعمه أبي طالب وهو في الموت: قل: لا إله إلا الله أشفع لك بها يوم القيامة، ولم يكن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول له ويعد إلا ما يكون منه على يقين وليس ذلك لأحد من الناس كلهم غير شيخنا أعني أبا طالب يقول الله عز وجل: *(وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك اعتدنا لهم عذابا أليما)*.
أيها الناس اسمعوا وعوا واتقوا الله وراجعوا وهيهات منكم الرجعة إلى الحق وقد صارعكم النكوص وخامركم الطغيان والجحود، أنلزمكموها وأنتم لها كارهون والسلام على من اتبع الهدى.
قال: فقال معاوية: والله ما نزل الحسن حتى أظلمت علي الأرض وهممت أن أبطش به ثم علمت أن الإغضاء أقرب إلى العافية(1).
الثالث عشر: الشيخ في مجالسه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا محمد بن هارون بن حميد بن المجدر قال: حدثنا محمد بن حميد الرازي قال: حدثنا جرير عن أبي شعيب بن إسحاق(2) عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كنت عند معاوية وقد نزل بذي طوى فجاءه سعد بن أبي وقاص وسلم عليه فقال معاوية: يا أهل الشام هذا سعد وهو صديق لعلي قال: فطأطأ القوم رؤوسهم وسبوا عليا (عليه السلام) فبكى سعد فقال له معاوية: ما الذي أبكاك؟
قال: ولم لا أبكي لرجل من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يسب عندك ولا أستطيع أن أغير، وقد كان
____________
(1) أمالي الطوسي 561 / مجلس 21 / ح 1. بحار الأنوار: 10 / 139 / ح 5.
(2) في المصدر: أشعث بن إسحاق.
الصفحة 270
فيه خصال لأن أكون في واحدة منهن أحب من الدنيا وما فيها: أحدها: إن رجلا كان باليمن فجاءه علي بن أبي طالب فقال: لأشكونك إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقدم على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسأله عن علي (عليه السلام) فثنى عليه فقال: أنشدك الله الذي أنزل علي الكتاب واختصني بالرسالة أعن سخط تقول ما تقول في علي (عليه السلام)؟ قال: نعم يا رسول الله قال: ألا تعلم أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟
قال: بلى، قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه، والثانية: أنه بعث يوم خيبر عمر بن الخطاب إلى القتال فهزم وأصحابه فقال (صلى الله عليه وآله): لأعطين الراية غدا إنسانا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله فقعد المسلمون وعلي (عليه السلام) أرمد فدعاه فقال: خذ الراية فقال: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) إن عيني كما ترى فتفل فيها فقام فأخذ الراية ثم مضى بها حتى فتح الله عليه، والثالثة: خلفه في بعض مغازيه فقال علي: يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي؟
والرابعة: سد الأبواب في المسجد إلا باب علي. والخامسة: نزلت هذه الآية *(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)* فدعا النبي عليا وحسنا وحسينا وفاطمة (عليهم السلام) فقال: اللهم هؤلاء أهلي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا(1).
الرابع عشر: الشيخ في مجالسه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جويرية الجندي سابوري من أصل كتابه قال: حدثنا علي بن منصور الترجماني قال:
أخبرنا الحسن بن عنبسة النهشلي قال: حدثنا شريك بن عبد الله النخعي القاضي عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون الأزدي أنه ذكر عنده علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: إن قوما ينالون منه أولئك هم وقود النار، ولقد سمعت عدة من أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) منهم حذيفة بن اليمان وكعب بن عجرة يقول كل رجل منهم: لقد أعطي علي ما لم يعطه بشر، هو زوج فاطمة سيدة نساء الأولين والآخرين فمن رأى مثلها أو سمع أنه تزوج بمثلها أحد في الأولين والآخرين؟ وهو أبو الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة من الأولين والآخرين فمن له أيها الناس مثلهما؟ ورسول الله (صلى الله عليه وآله) حموه وهو وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أهله وأزواجه، وسد الأبواب التي في المسجد كلها غير بابه وهو صاحب الراية يوم خيبر وتفل رسول الله (صلى الله عليه وآله) يومئذ في عينيه وهو أرمد فما اشتكى منها من بعد ولا وجد حرا ولا قرا بعد يومه ذلك، وهو صاحب يوم غدير خم إذ نوه رسول الله (صلى الله عليه وآله) باسمه وألزم أمته ولايته وعرفهم بخطره وبين لهم مكانه فقال: أيها الناس من أولى بكم منكم بأنفسكم؟
____________
(1) أمالي الطوسي 599 / مجلس 21 / ح 17.
الصفحة 271
قالوا: الله ورسوله قال: فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه، وهو صاحب العبا ومن أذهب الله عز وجل عنه الرجس وطهره تطهيرا، وهو صاحب الطائر حين قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اللهم ايتني بأحب خلقك إليك وإلي، فجاء علي (عليه السلام) فأكل معه وهو صاحب سورة براءة حين نزل بها جبرئيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد سار أبو بكر بالسورة فقال له: يا محمد إنه لا يبلغها إلا أنت أو علي، إنه منك وأنت منه فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) منه في حياته وبعد وفاته، وهو عيبة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومن قال له النبي (صلى الله عليه وآله): أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت المدينة من بابها كما أمر الله *(وائتوا البيوت من أبوابها)* وهو مفرج الكرب عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الحروب وهو أول من آمن برسول الله وصدقه واتبعه وهو أول من صلى، فمن أعظم فرية على الله وعلى رسوله ممن قاس به أحد أو شبه به بشرا(1).
الخامس عشر: ابن بابويه قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد الحسني قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن حفص الخثعمي قال: حدثنا الحسن بن عبد الواحد قال: حدثني أحمد بن التغلبي قال: حدثني محمد بن عبد الحميد قال: حدثني حفص بن منصور العطار قال: حدثنا أبو سعيد الوراق عن أبيه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده (عليه السلام) وذكر حديث مناشدة أمير المؤمنين (عليه السلام) أبا بكر واحتجاجه عليه بالنصوص الواردة له الدالة على إمامته (عليه السلام) من فضائله وسوابقه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفي كل ذلك يصدقه أبو بكر فكان فيما قال (عليه السلام) قال: فأنشدك بالله أنت الذي أمر رسول الله بفتح بابه في مسجده حين أمر بسد جميع أبواب أصحابه وأهل بيته وأحل له فيه ما أحله الله له أم أنا؟ قال: بل أنت(2).
____________
(1) أمالي الطوسي 559 / مجلس 20 / ح 8.
(2) الخصال 552 / ح 30.