الصفحة 65
وفيه ثلاثة أحاديث
الأول: ابن بابويه قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا أبو العباس القطان قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي قال: حدثنا عبد الله بن داهر قال: حدثنا أبي عن محمد بن سنان عن المفضل ابن عمر قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) لم صار أمير المؤمنين (عليه السلام) قسيم الجنة والنار قال: " لأن حبه إيمان وبغضه كفر وإنما خلقت الجنة لأهل الإيمان والنار لأهل الكفر فهو (عليه السلام) قسيم الجنة والنار لهذه العلة فالجنة لا يدخلها إلا أهل محبته والنار لا يدخلها إلا أهل بغضه " قال المفضل فقلت يا بن رسول الله والأنبياء والأوصياء: كانوا يحبونه وأعداؤهم كانوا يبغضونه قال: " نعم ".
قلت: فكيف ذلك؟
قال: " أما علمت أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال يوم خيبر لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ما يرجع حتى يفتح الله على يديه فدفع الراية إلى علي (عليه السلام) ففتح الله عز وجل على يديه "؟
قلت: بلى.
قال: " أما علمت أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما أوتي بالطائر المشوي قال: اللهم آتني بأحب خلقك إليك وإلي يأكل معي [ من هذا الطائر ](1) وعني به عليا (عليه السلام) "؟
قلت: بلى.
قال: " فهل يجوز أن لا تحب أنبياء الله ورسله وأوصيائهم: رجلا يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله "؟
فقلت: لا.
قال: " فهل يجوز أن يكون المؤمنون من أممهم لا يحبون حبيب الله ورسوله وأنبيائه (عليهم السلام) "؟
____________
(1) زيادة من المصدر.
الصفحة 66
قلت: لا.
قال: " بهذا يثبت أن جميع أنبياء الله ورسله وجميع المؤمنين كانوا لعلي بن أبي طالب محبين وثبت أن أعدائهم والمخالفين لهم كانوا لهم ولجميع محبيهم مبغضين "؟
قلت: نعم.
قال: " فلا يدخل الجنة إلا من أحبه من الأولين والآخرين ولا يدخل النار إلا من أبغضه من الأولين والآخرين فهو إذن قسيم النار والجنة ".
قال المفضل بن عمر فقلت: يا بن رسول الله فرجت عني فرج الله عنك فزدني مما علمك الله.
قال: " سل يا مفضل ".
قلت: له يا بن رسول الله فعلي بن أبي طالب (عليه السلام) يدخل محبه الجنة ومبغضيه النار أو رضوان ومالك؟
فقال: " يا مفضل أما علمت أن الله تبارك وتعالى بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو روح إلى الأنبياء: وهم أرواح قبل خلق الخلق بألفي عام "؟
قلت: بلى.
قال: " أما علمت أنه دعاهم إلى توحيد الله وطاعته واتباع أمره ووعدهم الجنة على ذلك وأوعد من خالف ما أجابوا إليه وأنكره النار "؟
قلت: بلى.
قال: " أفليس النبي (صلى الله عليه وآله) ضامن لما وعدوا وعد عن ربه عز وجل "؟
قلت: بلى.
قال: " أوليس علي بن أبي طالب (عليه السلام) إذن قسيم الجنة والنار عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ورضوان ومالك صادران عن أمره بأمر الله تبارك وتعالى.
يا مفضل خذ هذا فإنه من مخزون العلم ومكنونه لا تخرجه إلا إلى أهله "(1).
الثاني: ابن بابويه في أماليه قال: حدثنا أحمد بن محمد بن صقر الصايغ قال: حدثنا محمد بن عبد العباس بن بسام قال: حدثنا محمد بن خالد بن إبراهيم قال: حدثنا سويد بن عبد العزيز الدمشقي عن عبد الله بن لهيعة عن ابن قبيل عن عبد الله بن عمر بن العاص قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله)
____________
(1) علل الشرائع: 1 / 163 / ب 130 / ح 1.
الصفحة 67
دفع الراية يوم خيبر إلى رجل من أصحابه فرجع منهزما فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ولا يرجع حتى يفتح الله على يديه " فلما أصبح قال: " ادعوا لي عليا " فقيل له: يا رسول الله إنه رمد فقال: " ادعوه [ لي ](1) " فلما جاءه تفل رسول الله (صلى الله عليه وآله) في عينيه فقال: " اللهم ادفع عنه الحر والبرد " ثم دفع الراية إليه ومضى فما رجع إلى رسول الله إلا بفتح خيبر ثم قال: إنه لما دنى من القموص أقبل أعداء الله من اليهود ويرمونه بالنبل والحجارة فحمل عليهم علي (عليه السلام) حتى دنا من الباب فثنى رجليه ثم [ أقبل ](2) مغضبا إلى أصل عتبة الباب فأقتلعه ثم رمى به خلف ظهره أربعين ذراعا قال ابن عمر ما عجبنا من فتح الله خيبر على يدي علي (عليه السلام) ولكن عجبنا من قلعه الباب ورميه خلفه أربعين ذراعا ولقد تكلف حمله أربعون رجلا فما أطاقوه فأخبر النبي (صلى الله عليه وآله) بذلك فقال: " والذي نفسي بيده لقد أعانه عليه أربعون ملكا "(3).
الثالث: الشيخ الطوسي في أماليه قال: قال: حدثنا أبو الطيب قال: حدثنا علي بن ماهان قال:
حدثنا [ عمي ](4) [ عيسى ](5) قال: حدثنا محمد بن عمر قال: حدثنا ثور بن يزيد عن مكحول قال:
لما كان يوم خيبر خرج رجل من اليهود يقال له مرحب وكان طويل القامة عظيم الهامة وكانت اليهود تقدمه لشجاعته ويساره قال: فخرج في ذلك اليوم إلى أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فما واقفه قرن إلا قال أنا مرحب ثم حمل عليه فلم يثبت له قال: وكانت له ظئر وكانت كاهنة وكانت تعجب بشبابه وعظم خلقه وكانت تقول له قاتل كل من قاتلك وغالب كل من غالبك إلا من تسمى عليك بحيدرة فإنك إن وقفت له هلكت قال فلما كثر مناوشته ذهل الناس لقامه شكوا ذلك إلى النبي (صلى الله عليه وآله) وسألوه أن يخرج إليه عليا فدعا النبي (صلى الله عليه وآله) عليا وقال له: " يا علي اكفني مرحبا " فخرج إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) فلما بصر به مرحب أسرع إليه فلم يره يعبأ به فأنكر ذلك ثم واحجم عنه ثم أقدم وهو يقول: أنا الذي سمتني أمي مرحب.
فأقبل علي (عليه السلام) [ بالسيف ](6) وهو يقول: أنا الذي سمتني أمي حيدرة.
فلما سمعها منه مرحب هرب ولم يقف خوفا مما حذرته به ظئره فتمثل له إبليس في صورة حبر من أحبار اليهود فقال له: إلى أين يا مرحب؟ فقال قد تسمى [ علي ] هذا القرن بحيدرة، فقال له إبليس: فما حيدرة؟ فقال: إن فلانة ظئري كانت تحذرني من مبارزة رجل اسمه حيدرة وتقول أنه قاتلك، فقال له إبليس: شوها لك لو لم [ يكن ] حيدرة إلا هذا وحده لما كان مثلك يرجع عن مثله
____________
(1) زيادة ليست من المصدر.
(2) في المصدر: نزل.
(3) أمالي الشيخ الصدوق: 604 / مجلس 77 / ح 10.
(4) زيادة من المصدر.
(5) زيادة ليست من المصدر.
(6) زيادة من المصدر.
الصفحة 68
تأخذ بقول النساء وهن يخطئن أكثر مما يصبن، وحيدرة كثير في الدنيا فأرجع فلعلك تقتله فإن قتلته سدت قومك، وأنا في ظهرك أستصرخ اليهود لك، فرده فوالله ما كان إلا كفواق ناقة حتى ضربه علي ضربة سقط منها لوجهه وانهزم اليهود يقولون: قتل مرحب، قال: وفي ذلك يقول الكميت بن زيد الأسدي (رحمه الله) في مدحه صلوات الله عليه:
سقا جرع الموت ابن عثمان بعدما تعاورها منه وليد ومرحب
فالوليد هو ابن عتبة خال معاوية بن أبي سفيان وعثمان بن طلحة من قريش ومرحب من اليهود.(1)
أقول: نقتصر في هذا الباب من طريق الخاصة على هذا القليل مخافة الإطالة والكثرة من رواية الخصم فيه كفاية إن شاء الله تعالى مع تواتر الخبر في القصة من طريق العامة والخاصة.
____________
(1) أمالي الشيخ الطوسي: 5 / مجلس 1 / ح 2.