الصفحة 10
وفيه خمسة أحاديث
الأول: الشيخ الطوسي في أماليه قال: حدثنا محمد بن محمد يعني المفيد قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب قال: حدثنا الحسن بن علي الزعفراني قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي قال: حدثنا المسعودي قال: حدثنا محمد بن كثير عن يحيى بن حماد القطان قال: حدثنا أبو محمد الحضرمي عن [ أبي ] علي الهمداني أن عبد الرحمن بن أبي ليلى قام إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين إني سائلك لآخذ عنك، وقد انتظرنا أن تقول من أمرك شيئا فلم تقله، ألا تحدثنا عن أمرك هذا كان بعهد من رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو شئ رأيته فإنا قد أكثرنا فيك الأقاويل، وأوثقه عندنا ما نقلناه عنك وسمعناه من فيك؟ إنا كنا نقول: لو رجعت إليكم بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم ينازعكم فيها أحد، والله ما أدري إذا سئلت ما أقول، أأزعم أن القوم كانوا أولى بما كانوا فيه منك؟ فإن قلت ذلك فعلام نصبك رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد حجة الوداع فقال: أيها الناس من كنت مولاه فعلي مولاه، وإن كنت أولى منهم لما كانوا فيه فعلام نتولاهم؟
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا أبا عبد الرحمن إن الله تعالى قبض نبيه (عليه السلام) وأنا يوم قبضه أولى الناس مني بقميصي هذا، وقد كان من نبي الله إلي عهد لوخزتموني بأنفي لأقررت سمعا لله وطاعة، وإن أول ما انتقصنا بعده إبطال حقنا في الخمس، فلما دق أمرنا طمعت رعيان قريش فينا، وقد كان لي على الناس حق لو ردوه إلي عفوا قبلته وقمت به، وكان إلى أجل معلوم وكنت كرجل له على الناس حق إلى أجل فإن عجلوا ماله أخذه وحمدهم عليه وإن أخروه أخذه غير محمودين، وكنت كرجل يأخذ السهولة وهو عند الناس محزون، وإنما يعرف الهدى بقلة من يأخذه من الناس، فإذا سكت فاعفوني فإنه لو جاء أمر تحتاجون فيه إلى الجواب أجبتكم، فكفوا عني ما كففت عنكم فقال عبد الرحمن: يا أمير المؤمنين فأنت لعمرك كما قال الأول:
الصفحة 11
لعمري لقد أيقظت من كان نائما وأسمعت من كانت له أذنان(1)
الثاني: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا محمد بن محمد قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب قال: أخبرنا الحسن بن علي بن عبد الكريم قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي قال:
أخبرني أبو نعيم الفضل بن دكين قال: حدثنا أبو عاصم عن قيس بن مسلم قال: سمعت طارق بن شهاب يقول: لما نزل علي بالربذة سألت عن قدومه إليها فقيل: خالف عليه طلحة والزبير وعائشة وصاروا إلى البصرة، فخرج يريدهم فصرت إليه فجلست حتى صلى الظهر والعصر، فلما فرغ من صلاته قام إليه ابنه الحسن بن علي (عليهما السلام) فجلس بين يديه ثم بكى وقال: يا أمير المؤمنين إني لا أستطيع أن أكلمك، وبكى فقال له أمير المؤمنين: لا تبك يا بني وتكلم ولا تحن حنين الجارية.
فقال: يا أمير المؤمنين إن القوم حصروا عثمان يطلبونه بما يطلبونه إما ظالمون أو مظلومون، فسألتك أن تعتزل الناس وتلحق بمكة حتى تؤوب العرب وتعود إليها أحلامها ويأتيك وفودها، فوالله لو كنت في جحر ضب لضربت إليك العرب آباط الإبل حتى تستخرجك منه ثم خالفك طلحة والزبير فسألتك ألا تتبعهما وتدعهما، فإن اجتمعت الأمة فذاك وإن اختلفت رضيت بما قسم الله، وأنا اليوم أسألك ألا تقدم العراق وأذكرك بالله أن لا تقتل بمضيعة، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أما قولك: إن عثمان حصر فما ذاك؟ وما علي منه؟ وكنت بمعزل عن حصره، وأما قولك إئت مكة فوالله ما كنت لأكون الرجل الذي تستحل به مكة، وأما قولك اعتزل العراق ودع طلحة والزبير، فوالله ما كنت لأكون كالضبع ينتظر حتى يدخل عليها طالبها فيضع الحبل في رجلها حتى يقطع عرقوبها فيمزقها إربا إربا، ولكن أباك يضرب بالمقبل إلى الحق المدبر عنه، وبالسامع المطيع العاصي المخالف أبدا حتى يأتي علي يومي، فوالله ما زال أبوك مدفوعا عن حقه مستأثرا عليه منذ قبض الله نبيه (عليه السلام) حتى يوم الناس هذا، فكان طارق بن شهاب - أي وقت حدث بهذا الحديث يبكي(2).
الثالث: ابن بابويه قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد الحسني قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن حفص الخثعمي قال: حدثنا الحسن بن عبد الواحد قال:
حدثني أحمد التعلبي قال: حدثني أحمد بن عبد الحميد قال: حدثني حفص بن منصور العطار قال: حدثنا أبو سعيد الوراق عن أبيه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده (عليهم السلام) قال: لما كان من أمر أبي بكر وبيعة الناس له وفعلهم بعلي بن أبي طالب (عليه السلام) ما كان، لم يزل أبو بكر يظهر له الانبساط
____________
(1) أمالي الطوسي: 9 / مجلس 1 / ح 9.
(2) أمالي الطوسي: 52 / مجلس 2 / ح 37.
الصفحة 12
ويرى منه انقباضا، فكبر ذلك على أبي بكر فأحب لقاه واستخراج ما عنده والمعذرة إليه لما اجتمع الناس عليه وتقليدهم إياه أمر الأمة وقلة رغبته في ذلك وزهده فيه، أتاه في وقت غفلة وطلب منه الخلوة وقال له: والله يا أبا الحسن ما كان هذا الأمر مواطأة مني ولا رغبة فيما وقعت فيه ولا حرصا عليه ولا ثقة بنفسي فيما يحتاج إليه الأمة ولا قوة لي بمال ولا كثرة العشيرة ولا ابتزاز له دون غيري، فما لك تضمر علي ما لم استحقه منك، وتظهر لي الكراهة فيما صرت إليه، وتنظر إلي بعين السامة مني؟ قال: فقال له علي (عليه السلام): فما حملك عليه إذا لم ترغب فيه ولا حرصت عليه ولا وثقت بنفسك في القيام به وبما يحتاج منك فيه؟
فقال أبو بكر: حديث سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن الله لا يجمع أمتي على ضلال، ولما رأيت اجتماعهم اتبعت حديث النبي (صلى الله عليه وآله) وأحلت أن يكون اجتماعهم على خلاف الهدى وأعطيتهم قود الإجابة، ولو علمت أن أحدا يتخلف لامتنعت، قال: فقال (عليه السلام): أما ما ذكرت من حديث النبي (صلى الله عليه وآله) أن الله لا يجمع أمتي على ضلال، أفكنت من الأمة أو لم أكن؟ قال: بلى، وكذلك العصابة الممتنعة عليك من سلمان وعمار والمقداد وأبي ذر وابن عبادة ومن معه من الأنصار؟ قال: كل من الأمة فقال علي (عليه السلام): فكيف تحتج بحديث النبي (صلى الله عليه وآله) وأمثال هؤلاء قد تخلفوا عنك وليس للأمة فيهم طعن ولا صحبة الرسول ونصيحته منهم تقصير؟ قال: ما علمت بتخلفهم إلا من بعد إبرام هذا الأمر وخفت إن دفعت عني الأمر أن يتفاقم إلى أن يرجع الناس مرتدين من الدين وكان ممارستكم إلى أن أجبتهم أهون مؤونة على الدين وأبقى لهم. وفي نسخة بقي له من ضرب الناس بعضهم ببعض فيرجعوا كفارا، وعلمت أنك لست بدوني في الإبقاء عليهم وعلى أديانهم.
فقال علي (عليه السلام): أجل ولكن أخبرني عن هذا الذي يستحق هذا الأمر بما يستحقه؟
فقال أبو بكر: بالنصيحة والوفاء ورفع المداهنة والمحاباة وحسن السيرة وإظهار العدل والعلم بالكتاب والسنة وفصل الخطاب، مع الزهد في الدنيا وقلة الرغبة فيها وإنصاف المظلوم من الظالم القريب والبعيد، ثم سكت فقال علي عليه السلام: أنشدتك بالله يا أبا بكر أفي نفسك تجد هذه الخصال أو في؟
قال: بل فيك يا أبا الحسن، فقال: أنشدتك بالله أنا المجيب لرسول الله قبل ذكران المسلمين أم أنت؟
قال: بل أنت، قال: أنشدك بالله أنا الأذان لأهل الموسم وجميع الأمة بسورة براءة أم أنت؟ قال:
بل أنت، قال: أنشدك بالله أنا وقيت رسول الله بنفسي يوم الغار أم أنت؟ قال: بل أنت، قال: فأنشدك
الصفحة 13
بالله ألي الولاية من الله مع ولاية رسول الله في آية زكاة الخاتم أم لك؟ قال: بل لك، قال: فأنشدك بالله أنا المولى لك ولكل مسلم بحديث النبي (صلى الله عليه وآله) يوم الغدير أم أنت؟ قال: بل أنت، قال: فأنشدك بالله ألي الوزارة من رسول الله والمثل هارون من موسى أم لك؟ قال: بل لك، قال: فأنشدك بالله أبي برز رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبأهل بيتي وولدي في مباهلة المشركين من النصارى أم بك وبأهلك وولدك؟
قال: بل بكم.
قال: فأنشدك بالله ألي ولأهلي وولدي آية التطهير من الرجس أم لك ولأهل بيتك؟ قال: بل لك ولأهل بيتك، قال: فأنشدك بالله أنا صاحب دعوة رسول الله وأهلي وولدي يوم الكساء: اللهم هؤلاء أهلي إليك لا إلى النار أم أنت؟ قال: بل أنت وأهلك وولدك، قال: فأنشدك بالله أنا صاحب الآية *(يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا)* أم أنت؟ قال: بل أنت، قال: فأنشدك بالله أنت الفتى الذي نودي من السماء: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي أم أنا؟ قال: بل أنت، قال:
فأنشدك بالله أنت الذي ردت له الشمس لوقت صلاته وصلاها ثم توارت أم أنت؟ قال: بل أنت، قال: فأنشدك بالله أنت الذي حباك رسول الله برايته يوم خيبر ففتح الله له أم أنا؟ قال: بل أنت، قال:
فأنشدك بالله أنت الذي نفس(1) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كربته وعن المسلمين بقتل عمرو بن عبد ود أم أنا؟ قال: بل أنت قال: فأنشدك بالله أنت الذي ائتمنك رسول الله (صلى الله عليه وآله) على رسالته إلى الجن فأجابت أم أنا؟ قال: بل أنت، قال: فأنشدك بالله أنت الذي طهرك رسول الله (صلى الله عليه وآله) من السفاح من أبيك آدم إلى أبيك بقوله: أنا وأنت من نكاح لا من سفاح من آدم إلى عبد المطلب، أم أنا؟ قال: بل أنت، قال:
فأنشدك بالله أنا الذي اختار لي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وزوجني ابنته فاطمة وقال (صلى الله عليه وآله)، الله زوجك، أم أنت؟
قال: أنت، قال: فأنشدك بالله أنا والد الحسن والحسين ريحانتيه اللذين يقول فيهما: هذان سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما أم أنت؟ قال: بل أنت، قال: فأنشدك بالله أخوك الذي بجناحين في الجنة يطير بهما مع الملائكة أم أخي؟ قال: بل أخوك، قال: فأنشدك بالله أنا ضمنت دين رسول الله وناديت في الموسم بإنجاز موعده أم أنت؟ قال: بل أنت، قال: فأنشدك بالله أنا الذي دعاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) والطير(2) عنده يريد أكله، فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك بعدي، أم أنت؟ قال: بل أنت.
قال: فأنشدك بالله أنا الذي بشرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين على تأويل القرآن أم أنت؟ قال: بل أنت، قال: فأنشدك بالله أنا الذي شهدت آخر كلام رسول لله (صلى الله عليه وآله)
____________
(1) في المصدر: نفست.
(2) في المصدر: لطير.
الصفحة 14
ووليت غسله ودفنه أم أنت؟ قال: بل أنت، قال: فأنشدك بالله أنا الذي دل عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعلم القضاء بقوله: علي أقضاكم أم أنت؟ قال: بل أنت، قال: فأنشدك بالله أنا الذي أمر رسول لله (صلى الله عليه وآله) أصحابه بالسلام عليه بالإمرة في حياته أم أنت؟ قال: فأنشدك بالله أنت الذي سبقت له القرابة من رسول الله (صلى الله عليه وآله) أم أنا؟ قال: بل أنت، قال: فأنشدك بالله أنت الذي حباك الله عز وجل بدينار عند حاجته وباعك جبرائيل وأضفت محمدا (صلى الله عليه وآله) وأطعمت ولده أم أنا؟
قال: فبكى أبو بكر وقال: بل أنت، قال: فأنشدك بالله أنت الذي حملك رسول الله (صلى الله عليه وآله) على كتفيه في طرح صنم الكعبة وكسره حتى لو شاء أن ينال أفق السماء لنالها أم أنا؟ قال: بل أنت، قال:
فأنشدك بالله أنت الذي، قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنت صاحب لوائي في الدنيا والآخرة أم أنا؟ قال:
بل أنت، قال: فأنشدك بالله أنت الذي أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بفتح بابه في مسجده حين أمر بسد جميع أبواب أصحابه وأهل بيته وأحل له فيه ما أحل الله له أم أنا؟ قال: بل أنت، قال: فأنشدك بالله أنت الذي قدم بين يدي نجوى لرسول الله (صلى الله عليه وآله) صدقة فناجاه أم أنا إذ عاتب الله عز وجل قوما فقال:
*(أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات)* الآية؟ قال: بل أنت، قال: فأنشدك بالله أنت الذي قال فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) لفاطمة عليها السلام: زوجتك أول الناس إيمانا وأرجحهم إسلاما في كلام له أم أنا؟ قال: بل أنت.
قال: فلم يزل (عليه السلام) يعد عليه مناقبه التي جعل الله عز وجل له دونه ودون غيره ويقول له أبو بكر:
بل أنت. قال: بهذا وشبهه يستحق القيام بأمور أمة محمد، فقال له علي: فما الذي غرك عن الله وعن رسوله وعن دينه وأنت خلو مما يحتاج إليه أهل دينه، قال: فبكى أبو بكر فقال: صدقت يا أبا الحسن أنظرني يومي هذا فأدبر ما أنا فيه وما سمعت منك، قال: فقال له علي: لك ذلك يا أبا بكر فرجع من عنده وخلى بنفسه يومه ولم يأذن لأحد إلى الليل، وعمر يتردد في الناس لما بلغه من خلوته بعلي (عليه السلام) فبات في ليلته فرأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) في منامه متمثلا له في مجلسه، فقام إليه أبو بكر ليسلم [ عليه ] فولى وجهه، فقال أبو بكر: يا رسول الله هل أمرت بأمر فلم أفعل، فقال [ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ]: أرد السلام عليك وقد عاديت من ولاه الله ورسوله(1)؟ رد الحق إلى أهله، فقلت: من أهله؟
قال: من عاتبك عليه وهو علي.
قال: فقد رددت عليه يا رسول الله بأمرك، قال: فأصبح وبكى وقال لعلي (عليه السلام): أبسط يدك فبايعه وسلم إليه الأمر وقال له: أخرج إلى مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخبر الناس بما رأيت في ليلتي وما جرى
____________
(1) في المصدر: عاديت الله ورسوله وعاديت من وإلى الله ورسوله.
الصفحة 15
بيني وبينك فاخرج نفسي من هذا الأمر وأسلم عليك بالإمرة، قال: فقال علي: نعم فخرج من عنده متغيرا لونه، فصادفه عمر وهو في طلبه فقال ما: حالك يا خليفة رسول الله؟ فأخبره بما كان منه وما رأى وما جرى بينه وبين علي (عليه السلام) فقال: أنشدك بالله يا خليفة رسول الله أن تغتر بسحر بني هاشم، فليس هذا بأول سحر منهم، فما زال به حتى رده عن رأيه وصرفه عن عزمه ورغبه فيما هو فيه وأمره بالثبات عليه والقيام به، قال: فأتى علي (عليه السلام) المسجد للميعاد فلم ير فيه [ منهم ] أحدا فأحس بالشر منهم فقعد إلى منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فمر عمر فقال له: يا علي دون ما تروم خرط القتاد، فعلم بالأمر وقام ورجع إلى بيته(1).
الرابع: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا جماعة عن أبي الفضل قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسن بن حفص الخثعمي الأسناني قال: حدثنا عباد بن يعقوب السدي قال: أخبرنا علي بن هاشم بن البريد عن أبيه عن عبد الله بن مخارق عن هاشم بن مساحق عن أبيه أنه شهد يوم الجمل، وإن الناس لما انهزموا اجتمع هو ونفر من قريش فيهم مروان فقال بعضهم لبعض: والله لقد ظلمنا هذا الرجل ونكثنا بيعته على غير حدث كان منه، ثم لقد ظهر علينا فما رأينا رجلا قط كان أكرم سيرة ولا أحسن عفوا بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) منه فتعالوا فلندخل عليه ولنعتذر مما صنعنا، قال:
فدخلنا عليه فلما ذهب متكلمنا يتكلم قال: انصتوا أكفكم إنما أنا رجل منكم، فإن قلت حقا فصدقوني وإن قلت غير ذلك فردوه علي، أنشدكم بالله أتعلمون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبض وأنا أولى برسول الله (صلى الله عليه وآله) وبالناس؟ قالوا: اللهم نعم قال: فبايعتم أبا بكر وعدلتم عني فبايعت أبا بكر كما بايعتموه وكرهت أن أشق عصا المسلمين وأن أفرق بين جماعتهم، ثم إن أبا بكر جعلها لعمر من بعده وأنتم تعلمون أني أولى الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله) وبالناس من بعده فبايعت عمر كما بايعتموه فوفيت له ببيعته حتى لما قتل جعلني سادس ستة فدخلت حيث أدخلني، فكرهت أن أفرق جماعة المسلمين وأشق عصاهم فبايعتم عثمان فبايعته ثم طغيتم على عثمان فقتلتموه وأنا جالس في بيتي، ثم أتيتموني غير داع لكم ولا مستكره لأحد منكم فبايعتموني كما بايعتم أبا بكر وعمر وعثمان، فما جعلكم أحق أن تفوا لأبي بكر وعمر وعثمان ببيعتهم منكم ببيعتي؟ قالوا له: يا أمير المؤمنين كن كما قال العبد الصالح: *(لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين)*(2)، فقال: كذلك أقول: *(يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين)* مع أن فيكم رجلا لو بايعني بيده لنكث
____________
(1) الخصال: 548 ج / 30، والاحتجاج: 1 / 163.
(2) يوسف: 92.
الصفحة 16
باسته، يعني مروان(1).
الخامس: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت قال: أخبرنا أحمد بن محمد ابن سعيد إجازة قال: حدثنا علي بن محمد بن حبيبته الكندي قال: حدثنا حسن بن حسين قال:
حدثنا أبو غيلان سعد بن طالب الشيباني عن أبي إسحاق عن أبي الطفيل قال: كنت في البيت يوم الشورى وسمعت عليا (عليه السلام) يقول: أنشدتكم بالله جميعا أفيكم أحد صلى القبلتين مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) غيري؟ قالوا: اللهم لا، قال: أنشدكم بالله جميعا هل فيكم أحد وحد الله قبلي؟ قالوا: اللهم لا، قال:
فأنشدكم بالله جميعا هل فيكم أحد أخو رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ غيري قالوا: اللهم لا، قال أنشدكم بالله هل فيكم أحد له أخ مثل أخي جعفر؟ قالوا: اللهم لا، قال أنشدكم بالله هل فيكم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة سيدة نساء أهل الجنة؟ قالوا: اللهم لا، قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد له سبطان مثل سبطي الحسن والحسين ابني رسول الله (صلى الله عليه وآله) سيدي شباب أهل الجنة؟ قالوا: اللهم لا، قال:
فأنشدكم بالله هل فيكم أحد ناجى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقدم بين يدي نجواه صدقة غيري؟ قالوا: اللهم لا، قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه غيري؟ قالوا: اللهم لا، قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال: له رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنت مني بمنزلة هارون من موسى غيري؟ قالوا: اللهم لا، قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد أتى النبي (صلى الله عليه وآله) بطير فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير فدخلت عليه فقال: اللهم وإلي، فلم يأكل معه أحد غيري؟ قالوا: اللهم لا، قال: اللهم اشهد(2).
____________
(1) أمالي الطوسي: 507 / 1109.
(2) أمالي الطوسي: 333 / 667.