الصفحة 289
الباب الحادي والثمانون ومائة
في قوله تعالى: * (ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون) *
وأن عليا (عليه السلام) شبيه عيسى (عليه السلام)
ومن طريق العامة وفيه ثلاثة عشر حديثا
الأول: أبو نعيم الحافظ الأصفهاني في كتابه الموسوم بنزول القرآن في علي (عليه السلام) قال: قوله تعالى:
* (ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون) * عن ربيعة بن ناجد قال: سمعت عليا (عليه السلام) يقول:
في نزلت هذه الآية(1).
الثاني: محمد بن العباس من طريق العامة قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى عن محمد بن زكريا عن مخدج بن عمر الحنفي عن عمر بن فايد عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: بينا النبي (صلى الله عليه وآله) في نفر من أصحابه إذ قال: الآن يدخل عليكم نظير عيسى بن مريم في أمتي فدخل أبو بكر فقالوا: هو هذا، فقال: لا، فدخل عمر فقالوا: هو هذا، فقال: لا، فدخل علي (عليه السلام) فقالوا: هو هذا، فقال: نعم، فقال قوم لعبادة اللات والعزى خير من هذا، فأنزل الله عز وجل * (ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون وقالوا آلهتنا خير) * الآيات(2).
الثالث: محمد بن العباس قال: حدثنا محمد بن سهل العطار قال: حدثنا أحمد بن عمر الدهقان عن محمد بن كثير الكوفي عن محمد بن السائب عن أبي صالح عن ابن عباس قال: جاء قوم إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقالوا: يا محمد إن عيسى بن مريم (عليه السلام) كان يحيي الموتى فأحيي لنا الموتى فقال لهم: من تريدون؟ فقالوا: نريد فلان وإنه قريب عهد بموت فدعا علي بن أبي طالب فأصغى إليه بشئ لا نعرفه ثم قال له: انطلق معهم إلى الميت فادعه باسمه واسم أبيه فمضى معهم حتى وقف على قبر الرجل ثم ناداه يا فلان بن فلان فقام الميت فسألوه ثم اضطجع في لحده ثم انصرفوا وهم يقولون:
إن هذا من أعاجيب بني عبد المطلب أو نحوها فأنزل الله عز وجل: * (ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون) * أي يضجون(3).
____________
(1) بحار الأنوار: 31 / 315 ح 3.
(2) بحار الأنوار: 31 / 314 ح 2.
(3) بحار الأنوار: 31 / 314 ح 3.
الصفحة 290
الرابع: عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثني يحيى بن آدم قال: حدثنا مالك ابن معول عن أكيل عن الشعبي قال: لقيت علقمة قال: أتدري ما مثل علي في هذه الأمة؟ فقلت:
وما مثله؟ قال: مثل عيسى بن مريم أحبه قوم حتى هلكوا في حبه وأبغضه قوم حتى هلكوا في بغضه(1).
الخامس: عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا شريح بن يونس والحسين بن عرفة قال: حدثنا أبو حفص الأبار عن الحكم بن عبد الملك عن الحرث بن حضيرة عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجد عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي إن فيك مثلا من عيسى أبغضته اليهود حتى بهتوا أمه، وأحبه النصارى حتى أنزلوه بالمنزلة التي ليس له، قال: وقال علي: يهلك في رجلان محب مفرط يفرطني بما ليس في، ومبغض يحمله شنآني على أن يبهتني. لفظ شريح بن يونس(2).
السادس: عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو محمد سفيان بن وكيع بن الجراح بن مليح، حدثنا خالد بن مخلد قال: حدثنا أبو غيلان الشيباني عن الحكم بن عبد الملك عن الحرث بن حضيرة عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجد عن علي (عليه السلام) قال: دعاني رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: إن فيك مثلا من عيسى بن مريم أبغضته اليهود حتى بهتوا أمه، وأحبته النصارى حتى أنزلوه المنزل الذي ليس به، ألا وإنه يهلك في اثنان: محب يقرظني بما ليس في، ومبغض يحمله شنآني على أن يبهتني، ألا إني لست بنبي ولا يوحى إلي ولكني أعمل بكتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله) ما استطعت، فما أمرتكم من طاعة الله فحق عليكم طاعتي فيما أحببتم أو كرهتم(3).
السابع: عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: وجدت في كتاب أبي بخط يده وأظنني قد سمعته منه:
حدثنا وكيع عن شريك عن عثمان أبي القطان عن زاذان عن علي (عليه السلام) قال: مثلي في هذه الأمة كمثل عيسى بن مريم أحبته طائفة فأفرطت في حبه فهلكت، وأبغضته طائفة فأفرطت في بغضه فهلكت، وأحبته طائفة فاقتصدت في حبه فنجت(4).
الثامن: عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا هيثم قال: حدثنا ابن أحمد سجادة قال: حدثنا يحيى ابن أبي يعلى عن الحسن بن صالح بن حي وجعفر بن زياد بن الأحمر عن عطاء بن الصامت
____________
(1) فضائل الصحابة لابن حنبل: 2 / 575 ح 974.
(2) مسند أحمد: 1 / 160، كنز العمال: 11 / 623 ح 33032 و: 31644.
(3) مسند أحمد: 1 / 160، كنز العمال: 13 / 125 ح 36399.
(4) فضائل الصحابة لابن حنبل: 2 / 600 ح 1025.
الصفحة 291
عن أبي البختري عن علي (عليه السلام) قال: يهلك في رجلان محب مفرط ومبغض مفتري(1).
التاسع: عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثني وكيع عن نعيم بن حكيم عن أبي مريم قال: سمعت عليا (عليه السلام) يقول: يهلك في رجلان محب مفرط غال ومبغض قال(2).
العاشر: عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا الحسن بن الحراني قال: حدثنا أبو جعفر الثقيلي قال: حدثنا ابن زياد الثقفي عن السدي قال: قال علي (عليه السلام): اللهم العن كل محب لنا غال وكل مبغض لنا قال(3).
الحادي عشر: عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا الأعمش عن عمر بن مرة عن أبي البختري أو عن عبد الله بن سلمة شك الأعمش قال: قال علي (عليه السلام):
يهلك في رجلان محب مفرط ومبغض مفتري(4).
الثاني عشر: عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع عن شعبة عن أبي الصباح عن أبي السوامي قال: قال علي (عليه السلام): ليحبني قوم حتى يدخلوا النار في حبي وليبغضني قوم حتى يدخلوا النار في بغضي(5).
الثالث عشر: محمد بن القاسم قال: حدثنا أحمد بن الهيثم قال: حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل قال: حدثنا الحكم بن عبد الملك عن الحرث بن حضيرة عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجد عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي إن الله جعل فيك مثلا من عيسى بن مريم (عليه السلام)، أبغضته اليهود حتى بهتوا أمه، وأحبته النصارى حتى ادعوا فيه ما ليس له بحق، ألا وإنه يهلك في رجلان محب مفطر يفرطني بما ليس في ومبغض مفتن يحمله شنآنه أن يبهتني ألا وإني لست بنبي ولا يوحى إلي ولكني أعمل بكتاب الله ما استطعت، فما أمرتكم به من طاعة الله عز وجل فواجب عليكم وعلى غيركم طاعتي، فيما أحببتم أو كرهتم(6).
____________
(1) مسند أحمد: 1 / 160، كنز العمال: 11 / 326 ح 31644.
(2) كنز العمال: 11 / 324 ح 31633.
(3) كنز العمال: 11 / 325 ح 31639.
(4) فضائل الصحابة: 2 / 565 ح 951.
(5) فضائل الصحابة لابن حنبل: 2 / 565 ح 952.
(6) العمدة: 107، بحار الأنوار: 31 / 322 ح 20.
الصفحة 292
الباب الثاني والثمانون ومائة
في قوله تعالى: * (ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون) *
من طريق الخاصة وفيه سبعة أحاديث
الأول: محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان عن أبيه عن أبي بصير قال: بينما رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم جالسا إذ أقبل أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن فيك شبها من عيسى بن مريم ولولا أن يقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك قولا لا تمر بملأ من الناس إلا أخذوا التراب من تحت قدميك يلتمسون بذلك البركة قال: فغضب الأعرابيان والمغيرة بن شعبة وعدة من قريش معهم، فقالوا: ما رضي أن يضرب لابن عمه مثلا إلا عيسى بن مريم، فأنزل الله على نبيه (صلى الله عليه وآله) فقال: * (ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون * وقالوا أآلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون * إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل * ولو نشاء لجعلنا منكم - يعني من بني هاشم - ملائكة في الأرض يخلفون) * قال: فغضب الحارث بن عمرو الفهري فقال: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك إن بني هاشم يتوارثون هرقلا بعد هرقل، فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم، فأنزل الله عليه مقالة الحارث ونزلت عليه هذه الآية: * (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) * ثم قال له: يا بن عمرو أما تبت وأما رحلت فقال: يا محمد تجعل لسائر قريش مما في يدك، فقد ذهبت بنو هاشم بمكرمة العرب والعجم، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): ليس ذلك إلي ذلك إلى الله تبارك وتعالى، فقال: يا محمد قلبي ما يتابعني على التوبة ولكن أرحل عنك، فدعا براحلته فركبها فلما صار بظهر المدينة أتته جندلة فرضخت هامته، ثم أتى الوحي إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: * (سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع من الله ذي المعارج) * قال: قلت: جعلت فداك إنا لا نقرأها هكذا فقال: هكذا والله نزل بها جبرئيل على محمد (صلى الله عليه وآله) وهكذا هو والله مثبت في مصحف فاطمة (عليها السلام) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لمن حوله من المنافقين: انطلقوا إلى صاحبكم فقد أتاه ما استفتح به، قال الله عز وجل: * (واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد) *(1).
____________
(1) الكافي: 8 / 58 ح 18.
الصفحة 293
الثاني: علي بن إبراهيم قال: حدثني أبي عن وكيع عن الأعمش عن سلمة بن كهيل عن أبي صادق عن أبي الأعز عن سلمان الفارسي قال: بينما رسول الله (صلى الله عليه وآله) جالس في أصحابه إذ قال إنه يدخل عليكم الساعة شبيه عيسى بن مريم فخرج بعض من كان جالسا مع رسول الله (عليه السلام) ليكون هو الداخل فدخل علي بن أبي طالب، فقال الرجل لبعض أصحابه: أما يرضى محمد أن فضل عليا علينا حتى يشبهه بعيسى بن مريم والله لآلهتنا التي كنا نعبدها في الجاهلية أفضل منه، فأنزل الله في ذلك المجلس: * (ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يضجون) * فحرفوها يصدون * (وقالوا أآلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون) * إن عليا إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل فمحى اسمه من هذا الموضع(1).
الثالث: محمد بن العباس عن عبد الله بن عبد العزيز عن عبد الله بن عمر عن عبد الله بن نمير عن شريك عن عثمان بن عمير البجلي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: قال لي علي (عليه السلام): مثلي في هذه الأمة مثل عيسى بن مريم أحبه قوم فغالوا في حبه فهلكوا [ فيه ]، وأبغضه قوم فأفرطوا في بغضه فهلكوا فيه، واقتصد فيه قوم فنجوا(2).
الرابع: محمد بن العباس قال: حدثنا محمد بن مخلد الدهان عن علي بن أحمد العريضي بالرقة عن إبراهيم بن علي بن جناح عن الحسن بن علي بن محمد بن جعفر (عليه السلام) عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام): أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نظر إلى علي (عليه السلام) وأصحابه حوله وهو مقبل فقال: أما إن فيك لشبها من عيسى (عليه السلام) ولولا مخافة أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم (عليه السلام)، لقلت فيك اليوم مقالا لا تمر بملأ من الناس إلا أخذوا من تحت قدميك التراب يبغون فيه البركة. فغضب من كان حوله وتشاوروا فيما بينهم وقالوا: لم يرض محمدا إلا أن يجعل ابن عمه مثلا لبني إسرائيل فأنزل الله عز وجل: * (ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون * وقالوا أآلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون * إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل * ولو نشاء لجعلنا) * من بني هاشم * (ملائكة في الأرض يخلفون) * قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ليس في القرآن بنو هاشم؟ قال: محيت والله فيما محي ولقد قال عمرو بن العاص على منبر مصر محي من كتاب الله ألف حرف وحرف منه ألف حرف وأعطيت مائتي ألف درهم على أن أمحي إن شانئك هو الأبتر فقالوا: لا يجوز ذلك، فكيف جاز ذلك لهم ولم يجز لي، فبلغ ذلك معاوية فكتب إليه قد
____________
(1) أمالي الطوسي: 345، ح 709، المجلس 11 ح 49، وتفسير القمي: 2 / 290، ضمن تفسير الآية 58 من سورة الزخرف.
(2) بحار الأنوار: 31 / 314 ح 4.
الصفحة 294
بلغني ما قلت على منبر مصر ولست هناك(1).
الخامس: الطبرسي روى سادات أهل البيت عن علي (عليه السلام) قال: جئت إلى النبي (صلى الله عليه وآله) يوما فوجدته في ملأ من قريش فنظر إلي ثم قال: يا علي إنما مثلك في هذه الأمة كمثل عيسى بن مريم أحبه قوم فأفرطوا في حبه فهلكوا، وأبغضه قوم في بغضه فهلكوا، واقتصد فيه قوم فنجوا. فعظم ذلك عليهم وضحكوا وقالوا شبهه بالأنبياء والرسل فنزلت هذه الآية(2).
السادس: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن الحسن بن الوليد قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن العباس بن معروف عن الحسين بن يزيد النوفلي عن اليعقوبي عن عيسى بن عبد الله الهاشمي عن أبيه عن جده قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله) في قول الله عز وجل: * (ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون) * قال: الصدود في العربية الضحك(3).
السابع: الشيخ في " التهذيب " عن الحسين بن الحسن الحسني قال: حدثنا محمد بن موسى الهمداني قال: حدثنا علي بن حسان الواسطي قال: حدثنا علي بن الحسين العبدي عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) في دعاء يوم الغدير: ربنا فقد أجبنا داعيك النذير المنذر محمدا صلى الله عليه وآله عبدك ورسولك إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) الذي أنعمت عليه وجعلته مثلا لبني إسرائيل أنه أمير المؤمنين ومولاهم ووليهم إلى يوم القيامة يوم الدين فإنك قلت إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل(4).
____________
(1) بحار الأنوار: 31 / 314 ح 3.
(2) مجمع البيان: 9 / 89.
(3) معاني الأخبار: 220 ح 1.
(4) التهذيب: 3 / 144 ح 317.
الصفحة 295
الباب الثالث والثمانون ومائة
في قوله تعالى: * (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين
والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا) *
من طريق العامة وفيه حديث واحد
ابن شهرآشوب عن مالك بن أنس عن سمي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى:
* (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين) * يعني محمدا * (والصديقين) * يعني عليا وكان أول من صدقه * (والشهداء) * يعني عليا وجعفرا وحمزة والحسن والحسين (عليهم السلام)(1).
الباب الرابع والثمانون ومائة
في قوله تعالى: * (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين
والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا) *
من طريق الخاصة وفيه ثمانية أحاديث
الأول: محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن سيف بن عميرة عن أبي الصباح الكناني عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: أعينونا بالورع فإنه من لقي الله عز وجل منكم بالورع كان له عند الله فرجا وإن الله عز وجل يقول: * (من يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا) * فمنا النبي ومنا الصديق ومنا الشهداء ومنا الصالحون(2).
الثاني: ابن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان عن أبيه عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث له مع أبي بصير قال له: يا أبا محمد لقد ذكركم الله في كتابه فقال:
* (فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا) * فرسول الله (صلى الله عليه وآله) في الآية النبيون ونحن في هذا الموضع الصديقين والشهداء وأنتم الصالحون
____________
(1) مناقب آل أبي طالب: 1 / 243.
(2) الكافي: 2 / 78 ح 12.
الصفحة 296
فتسموا بالصلاح كما سماكم الله عز وجل(1). والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة ذكرناه بطوله في كتاب " الهادي " في تفسير هذه الآية.
الثالث: ابن بابويه قال: أخبرنا المعافى بن زكريا قال: حدثنا أبو سليمان أحمد بن أبي هراسة عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي عن عبد الله بن حماد الأنصاري عن عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا حريز عن الأعمش عن الحكم بن عتيبة عن قيس بن أبي حازم عن أم سلمة قالت: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن قول الله سبحانه: * (أولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا) * قال: الذين أنعم الله عليهم من النبيين أنا والصديقين علي بن أبي طالب والشهداء الحسن والحسين والصالحين حمزة، وحسن أولئك رفيقا الأئمة الاثني عشر بعدي(2).
الرابع: الشيخ الطوسي في أماليه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر بن الحسن العلوي الحسيني (رضي الله عنه) قال: حدثنا موسى بن عبد الله بن موسى ابن عبد الله بن حسن قال: حدثني أبي عن جدي عبد الله بن حسن عن أبيه وخاله عن أبي الحسين عن الحسن والحسين ابني علي بن أبي طالب عن أبيهما علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال: جاء رجل من الأنصار إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله ما أستطيع فراقك وأني لأدخل منزلي فأذكرك فأترك ضيعتي وأقبل حتى أنظر إليك حبا لك فذكرت إذا كان يوم القيامة وأدخلت الجنة فرفعت في أعلا عليين فكيف لي بك يا نبي الله فنزل * (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا) * فدعا النبي (صلى الله عليه وآله) الرجل فقرأها عليه وبشره بذلك(3).
الخامس: ابن بابويه في كتاب " مصباح الأنوار " عن أنس بن مالك قال: صلى بنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بعض الأيام صلاة الفجر، ثم أقبل علينا بوجهه الكريم فقلت: يا رسول الله إن رأيت أن تفسر لنا قول الله عز وجل: * (أولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا) * فقال (صلى الله عليه وآله): أما النبيون فأنا، وأما الصديقون فأخي علي بن أبي طالب، وأما الشهداء فعمي حمزة، وأما الصالحون فابنتي فاطمة وأولادها الحسن والحسين، قال: وكان العباس حاضرا فوثب وجلس بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: ألسنا أنا وأنت وعلي وفاطمة والحسن
____________
(1) الكافي: 8 / 36 ح 6.
(2) كفاية الأثر: 24، بحار الأنوار: 32 / 347 ح 214.
(3) أمالي الطوسي: 621 / ح 1280.
الصفحة 297
والحسين من نبعة واحدة؟ قال: وكيف ذلك يا عم؟
قال العباس: لأنك تعرف بعلي وفاطمة والحسن والحسين دوننا قال: فتبسم النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: أما قولك يا عم ألسنا من نبعة واحدة فصدقت، ولكن يا عم إن الله خلقني وعليا وفاطمة والحسن والحسين قبل أن يخلق الله آدم حين لا سماء مبنية ولا أرض مدحية ولا ظلمة ولا نور ولا جنة ولا نار ولا شمس ولا قمر، قال العباس: وكيف كان بدؤ خلقكم يا رسول الله؟ قال: يا عم لما أراد الله أن يخلقنا تكلم بكلمة خلق منها نورا، ثم تكلم بكلمة فخلق منها روحا، فمزج النور بالروح فخلقني وأخي عليا وفاطمة والحسن والحسين فكنا نسبحه حين لا تسبيح ونقدسه حين لا تقديس، فلما أراد الله أن ينشئ الصنعة، فتق نوري فخلق منه العرش فالعرش من نوري ونوري من نور الله ونوري أفضل من العرش، ثم فتق نور أخي علي بن أبي طالب (عليه السلام) فخلق منه الملائكة فالملائكة من نور أخي علي ونور علي من نور الله وعلي أفضل من الملائكة، ثم فتق نور ابنتي فاطمة (عليها السلام) فخلق منه السماوات والأرض فالسماوات والأرض من نور ابنتي فاطمة ونور ابنتي فاطمة من نور الله عز وجل وابنتي فاطمة أفضل من السماوات والأرض، ثم فتق نور ولدي الحسن وخلق منه الشمس والقمر فالشمس والقمر من نور ولدي الحسن ونور ولدي الحسن من نور الله والحسن أفضل من الشمس والقمر، ثم فتق نور ولدي الحسين فخلق منه الجنة والحور العين فالجنة والحور العين من نور ولدي الحسين ونور ولدي من نور الله فولدي الحسين أفضل من الجنة والحور العين، ثم أمر الله الظلمات أن تمر بسحائب الظلم فأظلمت السماوات على الملائكة، فضجت الملائكة بالتسبيح والتقديس وقالت: إلهنا وسيدنا منذ خلقتنا وعرفتنا هذه الأشباح لم نر بأسا فبحق هذه الأشباح إلا ما كشفت عنا هذه الظلمة فأخرج الله من نور ابنتي فاطمة قناديل فعلقها في بطنان العرش فأزهرت السماوات والأرض ثم أشرقت بنورها فلأجل ذلك سميت الزهراء. فقالت الملائكة: إلهنا وسيدنا لمن هذا النور الزاهر الذي أشرقت به السماوات والأرض، فأوحى الله إليها هذا نور اخترعته من نور جلالي لأمتي فاطمة بنت حبيبي وزوجة وليي وأخ نبيي وأب حججي على عبادي أشهدكم يا ملائكتي إني قد جعلت ثواب تسبيحكم وتقديسكم لهذه المرأة وشيعتها ومحبيها إلى يوم القيامة قال: فلما سمع العباس من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وثب قائما وقبل ما بين عيني علي (عليه السلام) وقال: والله يا علي أنت الحجة البالغة لمن آمن بالله واليوم الآخر(1).
السادس: العياشي في تفسيره بإسناده عن عبد الله بن جندب عن الرضا (عليه السلام) قال: حق على الله أن
____________
(1) بحار الأنوار: 33 / 82 - 84 ح 51.
الصفحة 298
يجعل ولينا رفيقا للنبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا(1).
السابع: العياشي بإسناده عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): يا أبا محمد لقد ذكركم الله في كتابه فقال: * (أولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين) * الآية فرسول الله (صلى الله عليه وآله) في هذا الموضع النبي (صلى الله عليه وآله) ونحن الصديقون والشهداء وأنتم الصالحون فتسموا بالصلاح كما سماكم الله(2).
الثامن: علي بن إبراهيم في تفسيره المنسوب إلى الصادق (عليه السلام) قال: قال: " النبيين " رسول الله (صلى الله عليه وآله) " والصديقين " علي " والشهداء " الحسن والحسين " والصالحين وحسن أولئك رفيقا " القائم من آل محمد عليه الصلاة والسلام(3).
____________
(1) تفسير العياشي: 1 / 256 ح 189، البحار: 1 / 110.
(2) تفسير العياشي: 1 / 256 ح 190.
(3) تفسير القمي: 1 / 142.
الصفحة 299
الباب الخامس والثمانون ومائة
في قوله تعالى: * (وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون) *
من طريق العامة وفيه حديثان
الأول: صدر الأئمة عن المخالفين موفق بن أحمد بإسناده عن أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن السري قال: حدثنا المنذر بن المنذر قال: حدثني عمي الحسين بن سعيد قال: حدثني أبي عن أبان بن تغلب عن فضل عن عبد الملك الهمداني عن زاذان عن علي (رضي الله عنه) قال: تفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة، وهم الذين قال الله عز وجل في حقهم: * (وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون) * هم أنا وشيعتي(1).
الثاني: ابن شهرآشوب من طريقهم عن أبي معاوية الضرير عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس في قوله تعالى: * (وممن خلقنا أمة) * يعني من أمة محمد يعني علي بن أبي طالب * (يهدون إلى الحق) * يعني يدعون بعدك يا محمد إلى الحق * (وبه يعدلون) * في الخلافة بعدك ومعنى الأمة العلم في الخير لقوله تعالى: * (إن إبراهيم كان أمة قانتا) * يعني علما في الخير(2).
____________
(1) مناقب الخوارزمي: 331 ح 351.
(2) مناقب آل أبي طالب: 1 / 567، بحار الأنوار: 31 / 399 ح 8.
الصفحة 300
الباب السادس والثمانون ومائة
في قوله تعالى: * (وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون) *
من طريق الخاصة وفيه اثنا عشر حديثا
الأول: محمد بن يعقوب عن حسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله عز وجل: * (وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون) * قال: هم الأئمة(1).
الثاني: العياشي في تفسيره بإسناده عن حمران عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: * (وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون) * قال: هم الأئمة(2).
الثالث: العياشي بإسناده عن محمد بن عجلان عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: نحن هم(3).
الرابع: العياشي بإسناده عن أبي الصهبان البكري قال: سمعت حدثني أمير المؤمنين يقول:
والذي نفسي بيده لتفترقن هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة * (وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون) * فهذه التي تنجو من هذه الأمة(4).
الخامس: العياشي بإسناده عن يعقوب بن يزيد قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) * (وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون) * قال: يعني أمة محمد (صلى الله عليه وآله)(5).
السادس: الطبرسي في مجمع البيان عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) أنهما قالا: نحن هم(6).
السابع: الطبرسي - أيضا - قال: قال الربيع بن أنس: قرأ النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: إن من أمتي قوما على الحق حتى ينزل عيسى بن مريم(7).
الثامن: الطبرسي عن ابن جريح عن النبي (صلى الله عليه وآله): هي لأمتي بالحق يأخذون، وبالحق يعطون وقد أعطى القوم بين أيديكم مثلها * (ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون) *(8).
____________
(1) الكافي: 1 / 414 ح 13.
(2) تفسير العياشي: 2 / 42 ح 120.
(3) تفسير العياشي: 2 / 42 ح 121.
(4) تفسير العياشي: 2 / 43 ح 122.
(5) تفسير العياشي: 2 / 43 ح 123.
(6) مجمع البيان: 4 / 773.
(7) مجمع البيان: 4 / 773.
(8) مجمع البيان: 4 / 773.
الصفحة 301
التاسع: " كشف الغمة " عن علي (عليه السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): إن فيك مثلا من عيسى أحبه قوم فهلكوا فيه وأبغضه قوم فأهلكوا فيه، فقال المنافقون أما رضي له مثلا إلا عيسى فنزلت قوله تعالى: * (وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون) *(1).
العاشر: عن زادان عن علي (عليه السلام): تفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهم الذين قال الله تعالى: * (وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون) * وهم أنا وشيعتي(2).
الحادي عشر: العياشي بإسناده عن أبي الصهبا في حديث عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه تلا * (وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون) * يعني أمة محمد (صلى الله عليه وآله)(3).
الثاني عشر: ابن بابويه في أماليه بإسناده عن أبي بصير قال: قلت للصادق جعفر بن محمد من آل محمد (صلى الله عليه وآله)؟ قال: ذريته، قلت: من أهل بيته؟ قال: الأئمة الأوصياء، قلت: من عترته؟ قال:
أصحاب العبا فقلت: من أمته قال: المؤمنون الذين صدقوا بما جاء به من عند الله عز وجل المتمسكون بالثقلين الذين أمروا بالتمسك بهما كتاب الله وعترته أهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وهما الخليفتان على الأمة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)(4).
____________
(1) كشف الغمة: 1 / 95.
(2) كشف الغمة: 1 ج 95.
(3) تفسير العياشي: 1 ج 331 ح 151.
(4) أمالي الصدوق: 312 ح 263، معاني الأخبار: 944 ح 3.
الصفحة 302
الباب السابع والثمانون ومائة
في قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم) *
من طريق العامة وفيه حديث واحد
ابن مردويه عن رجاله مرفوعا إلى الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السلام) أنه قال: قوله تعالى:
* (استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم) *: نزلت في ولاية علي بن أبي طالب(1).
الباب الثامن والثمانون ومائة
في قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم) *
من طريق الخاصة وفيه حديثان
الأول: محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد جميعا عن النضر بن سويد عن الحلبي عن عبد الله بن مسكان عن يزيد بن الوليد الخثعمي عن أبي الربيع الشامي قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: * (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم) * قال: نزلت في ولاية علي (عليه السلام)(2).
الثاني: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: حدثنا أحمد بن محمد عن جعفر بن عبد الله عن كثير بن عياش عن أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: * (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم) * يقول: ولاية علي بن أبي طالب فإن اتباعكم إياه وولايته أجمع لأمركم وأبقى للعدل فيكم. وأما قوله: * (واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه) * يقول: يحول بين المرء ومعصيته أن تقوده إلى النار، ويحول بين الكافر وطاعته أن يستكمل بها الإيمان، واعلموا أن الأعمال بخواتمها(3).
____________
(1) بحار الأنوار: 32 / 123 ح 66، عن كنز العمال.
(2) الكافي: 8 / 248 ح 349.
(3) تفسير القمي: 1 / 271.
الصفحة 303
الباب التاسع والثمانون ومائة
في قوله تعالى: * (وإن يريدوا أن يخدعوك فإن
حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين) *
وقوله تعالى: * (يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين) *
من طريق العامة وفيه سبعة أحاديث
الأول: أبو نعيم الحافظ الأصفهاني في كتابه الموسوم بنزول القرآن في علي (عليه السلام) في قوله تعالى:
* (هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين) * يرفعه إلى أبي هريرة قال: مكتوب على العرش لا إله إلا الله وحده لا شريك له محمد عبدي ورسولي أيدته بعلي بن أبي طالب (عليه السلام)(1).
الثاني: أبو نعيم في كتاب حلية الأبرار بإسناده عن أبي صالح وأبي هريرة قال: مكتوب على العرش: أنا الله لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي ومحمد عبدي ورسولي أيدته بعلي، فأنزل الله عز وجل: * (هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين) * فكان النصر عليا (عليه السلام) ودخل مع المؤمنين فدخل في الوجهين جميعا(2).
الثالث: ابن شهرآشوب قال في تاريخ بغداد: روى عيسى بن محمد البغدادي عن الحسين بن إبراهيم عن حميد الطويل عن أنس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لما عرج بي رأيت على ساق العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله أيدته بعلي ونصرته بعلي وذلك قوله تعالى: * (هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين) * يعني علي بن أبي طالب (عليه السلام)(3).
الرابع: السمعاني في " فضائل الصحابة " بإسناد عن أبي حمزة الثمالي عن سعيد بن جبير عن أبي الحمراء قال النبي (عليه السلام): لما أسري بي إلى السماء السابعة نظرت إلى ساق العرش الأيمن فرأيت كتابا فهمته محمد رسول الله أيدته بعلي ونصرته به(4).
الخامس: في " الرسالة القوامية " و " حلية الأولياء " واللفظ لهما عن سعيد بن جبير أنه قال أبو الحمرا: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): رأيت ليلة أسري بي مثبتا على ساق العرش أنا غرست جنة عدن بيدي
____________
(1) بحار الأنوار: 32 / 52 ح 7.
(2) بحار الأنوار: 32 / 53 ح 8.
(3) مناقب آل أبي طالب: 1 / 254.
(4) بحار الأنوار: 27 / 2، ذيل حديث 4. و: 11 ح 26.
الصفحة 304
محمد صفوتي من خلقي أيدته بعلي ونصرته بعلي(1).
السادس: شرف الدين النجفي في قوله تعالى: * (حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين) * ذكره أبو نعيم في " حلية الأولياء " بطريقه عن أبي هريرة قال: نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب وهو المعني بقوله المؤمنين(2).
السابع: أبو نعيم الأصفهاني في كتابه الموسوم بنزول القرآن في علي (عليه السلام) في قوله تعالى: * (يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين) * بإسناده عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: نزلت في علي بن أبي طالب(3).
____________
(1) بحار الأنوار: 32 / 53 ح 8، و: 34 / 345 ح 19.
(2) بحار الأنوار: 19 / 289.
(3) بحار الأنوار: 32 / 52 ح 7، عن كنز الفوائد، و: 32 / 54 ح 9.
الصفحة 305
الباب التسعون ومائة
في قوله تعالى: * (وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله
هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين) * وقوله: * (حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين) *
من طريق الخاصة وفيه حديثان
الأول: ابن بابويه قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رحمه الله) قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم قال: حدثنا جعفر بن سلمة الأهوازي عن إبراهيم بن محمد الثقفي قال: حدثنا العباس بن بكار عن عبد الواحد بن أبي عمرو عن الكلبي عن أبي صالح عن أبي هريرة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال:
مكتوب على العرش: أنا الله لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي ومحمد عبدي ورسولي أيدته بعلي، فأنزل الله عز وجل: * (هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين) * فكان النصر عليا (عليه السلام) ودخل مع المؤمنين فدخل في الوجهين جميعا(1).
الثاني: ابن الفارسي في " روضة الواعظين " عن أبي هريرة روى الحديث السابق(2).
____________
(1) أمالي الصدوق: 284 ح 312، بحار الأنوار: 27 / 2 ح 3.
(2) روضة الواعظين: 42.
الصفحة 306
الباب الحادي والتسعون ومائة
في قوله تعالى: * (أفمن يعلم إنما أنزل إليك
من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولوا الألباب) *
من طريق العامة وفيه حديث واحد
محمد بن مروان عن السدي عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى: * (أفمن يعلم إنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى) * قال: قال علي (عليه السلام) (كمن هو أعمى) قال: الأول(1).
الباب الثاني والتسعون ومائة
في قوله تعالى: * (أفمن يعلم إنما أنزل إليك
من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولوا الألباب) *
من طريق الخاصة وفيه حديثان
الأول: ابن شهرآشوب عن أبي الورد عن أبي جعفر (عليه السلام) * (أفمن يعلم إنما أنزل إليك من ربك الحق) * قال: علي بن أبي طالب(2).
الثاني: العياشي بإسناده في تفسيره عن عقبة بن خالد قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فأذن لي وليس هو في مجلسه فخرج علينا من جانب البيت من عند نسائه وليس عيه جلباب فلما نظر إلينا قال: أحب لقائكم ثم جلس ثم قال: أنتم أولوا الألباب في كتاب الله، قال الله: * (إنما يتذكر أولوا الألباب) *(3).
____________
(1) بحار الأنوار: 34 / 26 ح 1، عن المناقب.
(2) مناقب آل أبي طالب: 2 / 259.
(3) تفسير العياشي: 2 / 207 ح 25.
الصفحة 307
الباب الثالث والتسعون ومائة
في قوله تعالى: * (وبشر المخبتين) * إلى قوله تعالى: * (ينفقون) *
من طريق العامة وفيه حديث واحد
أبو نعيم الأصفهاني قال في قوله تعالى: * (وبشر المخبتين) * إلى قوله تعالى: * (ومما رزقناهم ينفقون) * قال: علي وسلمان(1).
الباب الرابع والتسعون ومائة
في قوله تعالى: * (وبشر المخبتين) *
من طريق الخاصة وفيه حديث واحد
محمد بن العباس قال: حدثنا محمد بن همام عن محمد بن إسماعيل عن عيسى بن داود قال:
قال موسى بن جعفر (عليه السلام): سألت أبي عن قول الله * (وبشر المخبتين) * الآية قال: نزلت فينا خاصة(2).
____________
(1) بحار الأنوار: 32 / 166 ح 151، عن ابن البطريق في العمدة.
(2) بحار الأنوار: 24 / 402 ح 131، عن كنز الفوائد.
الصفحة 308
الباب الخامس والتسعون ومائة
في قوله تعالى: * (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) *
من طريق العامة وفيه حديث واحد
أبو نعيم الأصفهاني بإسناده عن أبي داود عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): * (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) * أتدري من هم يا بن أم سليم؟ قلت: فمن هم يا رسول الله؟ قال: نحن أهل البيت وشيعتنا(1).
الباب السادس والتسعون ومائة
في قوله تعالى: * (والذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) *
من طريق الخاصة وفيه حديثان
الأول: العياشي في تفسيره بإسناده عن خالد بن نجيح عن جعفر بن محمد (عليه السلام) في قوله: * (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) * فقال بمحمد عليه وعلى آله السلام تطمئن القلوب وهو ذكر الله وحجابه(2).
الثاني: العياشي عن ابن عباس أنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): * (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) * ثم قال لي: أتدري يا بن أم سليم من هم؟ قلت: من هم يا رسول الله؟
قال: نحن أهل البيت وشيعتنا(3).
____________
(1) العمدة: 50، بحار الأنوار: 23 / 184 ح 48.
(2) تفسير العياشي: 2 / 211 ح 44.
(3) تأويل الآيات: 1 / 233 ح 11.
الصفحة 309
الباب السابع والتسعون ومائة
في قوله تعالى: * (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) *
من طريق العامة وفيه حديث واحد
المعتزلي ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة وهو من أعيان علماء العامة قال: قال نصر وحدثنا محمد بن يعلى عن الأصبغ بن نباتة قال: جاء رجل إلى علي (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين هؤلاء القوم الذين نقاتلهم والدعوة واحدة والرسول واحد والصلاة واحدة والحج واحد فماذا نسميهم؟ فقال: سمهم بما سماهم الله في كتابه، قال: ما كل ما في الكتاب أعلمه، قال: أما سمعت الله تعالى قال: * (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله) * إلى قوله: * (ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعدما جائتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر) * فلما وقع الاختلاف كنا نحن أولى بالله وبالكتاب وبالنبي وبالحق فنحن الذين آمنوا وهم الذين كفروا وشاء الله قتالهم فقتالهم بمشيئة الله وإرادته(1).
الباب الثامن والتسعون ومائة
في قوله تعالى: * (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) *
من طريق الخاصة وفيه ثلاثة أحاديث
الأول: الشيخ الطوسي في أماليه قال: أخبرنا محمد بن محمد يعني المفيد قال: حدثنا أبو الحسن علي بن بلال قال: حدثني علي بن عبد الله بن أسد بن منصور الأصفهاني قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن هلال الثقفي قال: حدثني محمد بن علي قال: حدثنا نصر بن مزاحم عن يحيى بن يعلى الأسلمي عن علي بن الحزور عن الأصبغ بن نباتة قال: جاء رجل إلى علي (عليه السلام) فقال:
يا أمير المؤمنين هؤلاء القوم الذين نقاتلهم والدعوة واحدة والرسول واحد والصلاة واحدة والحج واحد بم نسميهم فقال: بما سماهم الله في كتابه، فقال: ما كل ما في كتاب الله أعلمه، قال: أما سمعت الله يقول في كتابه: * (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم
____________
(1) شرح نهج البلاغة: 5 / 258.
الصفحة 310
درجات وآتينا عيسى بن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعدما جائتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر) * فلما وقع الاختلاف فكنا نحن أولى بالله عز وجل وبدينه وبالنبي (صلى الله عليه وآله) وبالكتاب وبالحق فنحن الذين آمنوا وهم الذين كفروا وشاء الله منا قتالهم فقاتلناهم بمشيئته وإرادته(1).
وروى هذا الحديث الشيخ المفيد في أماليه بالإسناد عن علي بن الحزور قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وذكر الحديث بعينه(2).
الثاني: عن الأصبغ بن نباتة قال: كنت واقفا مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) يوم الجمل فجاء رجل حتى وقف بين يديه فقال: يا أمير المؤمنين كبر القوم وكبرنا وهلل القوم وهللنا وصلى القوم وصلينا فعلى ما نقاتلهم؟ فقال علي: على ما أنزل الله عز وجل في كتابه، فقال: يا أمير المؤمنين ليس كلما أنزل الله في كتابه أعلمه فعلمنيه. فقال (عليه السلام): ما أنزل الله في سورة البقرة. فقال: يا أمير المؤمنين ليس كلما أنزل الله في سورة البقرة أعلمه فعلمنيه. فقال (عليه السلام): هذه الآية * (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى بن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم) * فنحن الذين من بعدهم * (من بعدما جائتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد) * فنحن الذين آمنا وهم الذين كفروا، فقال الرجل: كفر القوم ورب الكعبة، ثم حمل فقاتل حتى قتل (رحمه الله)(3).
الثالث: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين يوم الجمل فقال: يا علي على ما نقاتل أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله؟ قال علي:
آية في كتاب الله أباحت لي قتالهم، فقال: وما هي؟ قال: قوله: * (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى بن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعدما جائتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد) * فقال الرجل: كفر والله القوم(4).
____________
(1) أمالي الطوسي: 197 ح 337.
(2) أمالي المفيد: 102 ح 3.
(3) الإحتجاج: 1 / 174، بحار الأنوار: 29 / 202 ح 155.
(4) تفسير القمي: 1 / 84.
الصفحة 311
الباب التاسع والتسعون ومائة
في قوله تعالى: * (وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا) *
من طريق العامة وفيه حديثان
الأول: ذكر أبو بكر الشيرازي في نزول القرآن في شأن أمير المؤمنين (عليه السلام) عن قتادة عن ابن المسيب عن أبي هريرة قال: قال لي جابر بن عبد الله: دخلنا مع النبي (صلى الله عليه وآله) في البيت وحوله ثلاثمائة وستون صنما، فأمر بها رسول الله (صلى الله عليه وآله) فألقيت كلها لوجوهها، وكان على البيت صنم طويل يقال له هبل، فنظر النبي (صلى الله عليه وآله) إلى علي (عليه السلام) فقال: يا علي تركب علي أو أركب عليك لألقي هبلا عن ظهر الكعبة، قلت: يا رسول الله بل تركبني، فلما جلس على ظهري لم أستطع حمله لثقل الرسالة فقلت:
يا رسول الله أركبك فضحك ونزل وطأطأ لي ظهره واستويت عليه - فوالذي فلق الحبة وبرء النسمة لو أردت أن أمسك السماء لمسكتها بيدي - فألقيت هبلا عن ظهر الكعبة فأنزل الله * (وقل جاء الحق وزهق الباطل) * الآية(1).
الثاني: أبو المؤيد موفق بن أحمد قال: أخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي، أخبرنا شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ، أخبرنا والدي أبو بكر أحمد بن كامل ابن خلف بن سحرة القاضي إملاء، حدثنا عبد الله بن روح الفرائضي، حدثنا سيابة سوار، حدثنا نعيم بن حكيم، حدثنا أبو مريم عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قال: انطلق بي رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى أتى بي إلى الكعبة فقال لي: إجلس فجلست إلى جنب الكعبة فصعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) على منكبي، ثم قال لي: انهض فنهضت فلما رأى ضعفي تحته قال لي: إجلس فنزل وجلس وقال لي: يا علي اصعد على منكبي، فصعدت على منكبيه ثم نهض بي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلما نهض بي خيل لي أن لو شئت نلت أفق السماء، فصعدت فوق الكعبة وتنحى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: إلق صنمهم الأكبر صنم قريش، وكان من نحاس موتد بأوتاد من حديد إلى الأرض فقال لي رسول الله: عالجه ورسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول إيه إيه جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا فلم أزل أعالجه حتى استمكنت منه فقال لي: اقذفه فقذفته فتكسر فنزلت من فوق الكعبة فانطلقت أنا والنبي (صلى الله عليه وآله) نسعى وخشينا أن يرانا أحد من قريش أو غيرهم قال علي فما صعدته حتى الساعة(2).
أقول: قصة تكسير الأصنام من أعلى الكعبة وركوب علي (عليه السلام) على منكب النبي (صلى الله عليه وآله) عند تكسيرها من الوقائع المتواترة لا اهتمام بذكر الكثير من أسانيدها من طريق الفريقين.
____________
(1) بحار الأنوار: 34 / 76.
(2) مناقب الخوارزمي: 124 ح 139.
الصفحة 312
الباب المائتان
في قوله تعالى: * (وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا) *
من طريق الخاصة وفيه حديثان
الأول: الشيخ الطوسي في أماليه حديثا بإسناده عن رجاله عن نعيم بن حكيم عن أبي هريرة عن أبي مريم الثقفي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: انطلق بي رسول الله حتى أتى بي إلى الكعبة فصعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) على منكبي، ثم قال لي: انهض فنهضت، فلما رأى ضعفا قال: إجلس فنزل ثم قال لي: يا علي اصعد على منكبي فصعدت على منكبيه، ثم نهض بي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخيل لي أني لو شئت لنلت أفق السماء، فصعدت فوق الكعبة وتنحى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال لي: إلق صنمهم الأكبر وكان من النحاس موتدا بأوتاد حديد فقال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): عالجه فعالجته ورسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول:
جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا، فلم أزل أعالجه حتى استمكنت منه فقال لي: اقذفه فقذفته فتكسر فنزلت من فوق الكعبة وانطلقت أنا ورسول الله (صلى الله عليه وآله) وخشينا أن يرانا أحد من قريش وغيرهم(1).
الثاني: ابن بابويه قال: حدثنا أحمد بن يحيى المكتب قال: حدثنا أحمد بن محمد الوراق قال:
حدثني بشر بن سعيد بن قولويه المعدل بالمرافقة قال: حدثنا عبد الجبار بن كثير التميمي اليماني قال: سمعت محمد بن حرب الهلالي أمير المدينة يقول: سألت جعفر بن محمد (عليه السلام) فقلت له: يا بن رسول الله في نفسي مسألة أريد أن أسألك عنها فقال: إن شئت أخبرتك بمسألتك قبل أن تسألني وإن شئت فسل، قال: فقلت له: يا بن رسول الله وبأي شئ تعرف ما في نفسي قبل سؤالي عنه؟
قال: بالتوسم والتفرس أما سمعت قول الله عز وجل * (إن في ذلك لآيات للمتوسمين) * وقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله عز وجل، قال: فقلت له: يا بن رسول الله فأخبرني بمسألتي قال: أردت أن تسألني عن رسول الله لم يطق حمله علي بن أبي طالب (عليه السلام) عند حطه الأصنام من سطح الكعبة مع قوته وشدته وما ظهر منه في قلع باب القموص بخيبر والرمي به إلى ورائه أربعين ذراعا وكان لا يطيق حمله أربعون رجلا، وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يركب الناقة
____________
(1) مصباح الأنوار: 1 / 287، وتأويل الآيات: 1 / 287.
الصفحة 313
والفرس والبغلة والحمار وركب البراق ليلة المعراج وكل ذلك دون علي (عليه السلام) في القوة والشدة.
قال: فقلت له: عن هذا والله أردت أن أسألك يا بن رسول الله فأخبرني، فقال: إن عليا (عليه السلام) برسول الله تشرف وبه ارتفع وبه وصل إلى إطفاء نار الشرك وإبطال كل معبود دون الله عز وجل ولو علاه النبي (صلى الله عليه وآله) لحط الأصنام لكان بعلي مرتفعا وتشريفا وواصلا إلى حط الأصنام، فلو كان ذلك كذلك لكان أفضل منه ألا ترى أن عليا قال: لما علوت ظهر رسول الله (صلى الله عليه وآله) شرفت وارتفعت حتى لو شئت أنال السماء لنلتها، أما علمت أن المصباح هو الذي يهتدي به في الظلمة وانبعاث فرعه من أصله وقد قال علي (عليه السلام) أنا من أحمد كالضوء من الضوء، أما علمت أن محمدا وعليا صلوات الله عليهما كانا نورا بين يدي الله عز وجل قبل خلق الخلق بألفي عام وأن الملائكة لما رأت ذلك النور رأت له أصلا قد تشعب منه شعاع لامع فقالوا: إلهنا وسيدنا ما هذا النور؟
فأوحى الله عز وجل إليهم هذا نور من نوري أصله نبوة وفرعه إمامة، أما النبوة فلمحمد عبدي ورسولي، وأما الإمامة لعلي حجتي ووليي ولولاهما ما خلقت خلقي، أما علمت أن رسول الله رفع يدي علي (عليه السلام) بغدير خم حتى نظر الناس إلى بياض إبطيهما فجعله مولى المسلمين وإمامهم وقد احتمل الحسن والحسين (عليهما السلام) يوم حضيرة بني النجار فلما قال له بعض أصحابه: ناولني أحدهما يا رسول الله.
قال (صلى الله عليه وآله): نعم الحاملان ونعم الراكبان وأبوهما خير منهما - وروي خبر آخر أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حمل الحسن وحمل جبرائيل الحسين ولهذا قال: نعم الحاملان - وكان علي (صلى الله عليه وآله) يصلي بأصحابه فأطال سجدة من سجداته فلما سلم قيل له يا رسول الله لقد أطلت هذه السجدة فقال (عليه السلام) إن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى ينزل وإنما أراد (عليه السلام) بذلك رفعهم وتشريفهم فالنبي إمام ونبي وعلي (عليه السلام) إمام ليس بنبي ولا رسول فهو غير مطيق لحمل أثقال النبوة، قال محمد بن حرب الهلالي:
فقلت له: زدني يا بن رسول الله، فقال: إنك لأهل للزيادة إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حمل عليا على ظهره بذلك أنه أبو ولده وإمام الأئمة من صلبه وكما حول رداءه في صلاة الاستسقاء وأراد أن يعلم أصحابه بذلك أنه قد حول الجدب خصبا، قال: فقلت له: زدني يا بن رسول الله، فقال: احتمل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) يريد بذلك أن يعلم قومه أنه هو الذي يخفف عن ظهر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما عليه من الدين والعدات والأداء عنه من بعده، فقلت: يا بن رسول الله زدني، فقال: إنه قد احتمله ليعلم ذلك أنه قد احتمله وما حمله إلا لأنه معصوم لا يحمل أوزارا فتكون أفعاله عند الناس حكما وصوابا وقد قال النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي: يا علي إن الله تبارك وتعالى حملني ذنوب شيعتك ثم غفرها لي
الصفحة 314
وذلك قوله تعالى: * (ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر) * ولما أنزل الله تبارك وتعالى عليه: * (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) * قال النبي: يا أيها الناس عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم وعلي نفسي وأخي أطيعوا عليا فإنه مطهر معصوم لا يضل ولا يشقى ثم تلا هذه الآية: * (قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين) * قال محمد بن حرب الهلالي: ثم قال لي جعفر بن محمد (عليه السلام): أيها الأمير لو أخبرتك بما في حمل النبي (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) عند حط الأصنام من سطح الكعبة في المعاني التي أرادها به لقلت أن جعفر بن محمد لمجنون فحسبك من ذلك ما قد سمعت، فقمت وقبلت رأسه وقلت الله أعلم حيث يجعل رسالته(1).
____________
(1) علل الشرائع: 1 / 174 - 175 ح 1، معاني الأخبار: 349 - 352 ح 1.
الصفحة 315
الباب الحادي والمائتان
في قوله تعالى: * (أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه) *
من طريق العامة وفيه حديثان
الأول: ابن هيثم بن محمد الحمويني من أعيان علماء العامة قال: أخبرني أحمد بن إبراهيم القاروني إجازة عن عبد الرحمن بن عبد السميع إجازة عن شاذان القمي قراءة عليه عن محمد بن عبد العزيز عن محمد بن أحمد بن علي قال: أخبرنا السيد عباد بن محمد بن محسن الجعفري قال:
أنبأنا أبو سعيد الصفار قال: نبأنا أبو محمد بن حنان قال: نبأنا محمد بن عثمان قال: نبأنا عبد الله بن حازم [ عن ابن المثنى قال: ] قال بدل بن المحبر: نبأنا شعبة عن أبان عن مجاهد في قوله تعالى:
* (أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه) * قال: نزلت في حمزة بن عبد المطلب (رضي الله عنه) * (كمن متعناه) * أبو جهل(1).
الثاني: محمد بن العباس من طريق العامة قال: حدثنا عبد الله بن يحيى عن هشام بن علي عن إسماعيل بن علي المعلم عن بدل بن المحبر عن شعبة عن أبان بن تغلب عن مجاهد قال: قوله عز وجل: * (أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه) * نزلت في علي وحمزة (عليهما السلام)(2).
الباب الثاني والمئتان
في قوله تعالى: * (أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه) *
من طريق الخاصة وفيه حديث واحد
الحسن بن أبي الحسن الديلمي بإسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله عز وجل: * (أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه) * قال: الموعود علي بن أبي طالب وعده الله أن ينتقم له من أعدائه في الدنيا ووعده الجنة له ولأوليائه في الآخرة(3).
____________
(1) ذخائر العقبى: 177.
(2) بحار الأنوار: 24 / 163 ح 1، و: 32 / 150 ح 129.
(3) تأويل الآيات: 1 / 422 ح 18.
الصفحة 316
الباب الثالث ومئتان
في قوله تعالى: * (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه
فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) *
من طريق العامة وفيه حديثان
الأول: علي بن يونس النباطي العاملي في كتاب " صراط المستقيم " من طريق الخاصة والعامة قال: قوله تعالى: * (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) * قال: روى المفسرون أنها نزلت في علي وحمزة ولا ريب أنه لما قتل حمزة اختصت بعلي فأمن منه التبديل بحكم التنزيل قال: وروى اختصاصها بعلي ابن عباس والصادق وأبو نعيم(1)، قلت: أبو نعيم هذا عامي المذهب.
الثاني: صاحب " صراط المستقيم " هذا من طريق العامة قال في شرف النبي (صلى الله عليه وآله) عن الحركوشي والكشف والبيان عن الثعلبي قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): * (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) * حمزة وعلي وجعفر، قال: ونحوه أسند الشيرازي وزاد أن عليا هو الصديق الأكبر(2).
____________
(1) الصراط المستقيم: 1 / 256.
(2) الصراط المستقيم: 1 / 281.
الصفحة 317
الباب الرابع ومئتان
في قوله تعالى: * (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه
فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) *
من طريق الخاصة وفيه خمسة أحاديث
الأول: محمد بن العباس الثقة في تفسيره فيما نزل في أهل البيت (عليهم السلام) قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى عن محمد بن زكريا عن أحمد بن محمد بن زيد عن سهل بن عامر البجلي عن عمرو بن أبي المقدام عن أبي إسحاق عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) أبي عبد الله (عليهما السلام) عن محمد بن الحنفية (رضي الله عنه) قال:
قال علي (عليه السلام): كنت عاهدت الله ورسوله (عليه السلام) أنا وعمي حمزة وأخي جعفر وابن عمي عبيدة بن الحارث على أمر وفينا به لله ولرسوله فتقدمني أصحابي وخلفت بعدهم لما أراد الله عز وجل، فأنزل الله سبحانه فينا: * (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه) * حمزة وجعفر وعبيدة * (ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) * أنا المنتظر وما بدلت تبديلا(1).
الثاني: محمد بن العباس أيضا قال: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد عن إبراهيم عن جده عن عبد الله بن الحسن عن آبائه (عليهم السلام) قال: وعاهدوا الله علي بن أبي طالب وحمزة بن عبد المطلب وجعفر بن أبي طالب (عليه السلام) ألا يفروا في زحف أبدا فتموا كلهم فأنزل الله عز وجل: * (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه) * حمزة استشهد يوم أحد وجعفرا استشهد يوم مؤتة * (ومنهم من ينتظر) * يعني علي بن أبي طالب (عليه السلام) * (وما بدلوا تبديلا) * يعني الذي عاهدوا الله عليه(2).
الثالث: ابن بابويه قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه) ومحمد بن الحسن (رضي الله عنه) قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال:
حدثنا أحمد بن الحسين بن سعيد قال: حدثني جعفر بن محمد النوفلي عن يعقوب بن يزيد قال:
قال أبو عبد الله جعفر بن أحمد بن محمد بن عيسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب قال يعقوب بن عبد الله الكوفي: قال: حدثنا موسى بن عبيد عن عمرو بن أبي المقدام عن أبي إسحاق عن الحرث عن محمد بن الحنفية (رضي الله عنه) وعمرو بن أبي المقدام عن جابر عن أبي
____________
(1) بحار الأنوار: 31 / 410 ح 5.
(2) بحار الأنوار: 31 / 411 ح 6.
الصفحة 318
جعفر (عليه السلام) قال: أتى رأس اليهود إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) عند منصرفه من وقعة النهروان وهو جالس في مسجد الكوفة فقال: يا أمير المؤمنين إني أريد أن أسألك عن أشياء لا يعلمها إلا نبي أو وصي نبي فإن شئت سألتك وإن شئت أعفيك، قال: سل ما بدا لك يا أخا اليهود، فقال: إنا نجد في الكتاب إن الله عز وجل إذا بعث نبيا أوحى إليه أن يتخذ من أهل بيته من يقوم بأمر أمته من بعده، وأن يعهد إليهم فيه عهدا يحتذي عليه ويعمل به في أمته من بعده، وإن الله عز وجل يمتحن الأوصياء في حياة الأنبياء ويمتحنهم بعد وفاتهم، فأخبرني كم يمتحن الله الأوصياء في حياة الأنبياء وكم يمتحنهم بعد وفاتهم من مرة؟ وإلى ما يصير آخر أمر الأوصياء إذا رضى محنتهم؟
فقال له علي (عليه السلام): والله الذي لا إله غيره الذي فلق البحر لبني إسرائيل وأنزل التوراة على موسى لئن أخبرتك بحق عما تسأل عنه لتقرن به؟
قال: نعم.
قال: والذي فلق البحر لبني إسرائيل وأنزل التوراة على موسى (عليه السلام) لئن أجبتك لتسلمن، فقال:
نعم، فقال علي (عليه السلام): إن الله عز وجل يمتحن الأوصياء في حياة الأنبياء في سبعة مواطن ليبتلي طاعتهم، فإذا رضي طاعتهم ومحنتهم أمر الأنبياء أن يتخذوهم أولياء في حياتهم وأوصياء بعد وفاتهم، وتصير طاعة الأوصياء في أعناق الأمم ممن يقول بطاعة الأنبياء، ثم يمتحن الأوصياء بعد وفاة الأنبياء (عليهم السلام) في سبعة مواطن ليبلو صبرهم، فإذا رضي محنتهم ختم له بالسعادة ليلحقهم بالأنبياء وقد أكمل لهم السعادة. قال له رأس اليهود: صدقت يا أمير المؤمنين فأخبرني كم امتحنك الله في حياة محمد من مرة وكم امتحنك بعد وفاته من مرة وإلى ما يصير آخر أمرك؟ فأخذ علي (عليه السلام) بيده وقال: انهض بنا أنبئك بذلك يا أخا اليهود، فقام إليه جماعة من أصحابه فقالوا: يا أمير المؤمنين أنبئنا بذلك معه. فقال: إني أخاف أن لا تحتمله قلوبكم؟ قالوا: ولم ذاك يا أمير المؤمنين؟
قال: لأمور بدت لي من كثير منكم. فقام إليه الأشتر فقال: يا أمير المؤمنين أنبأنا بذلك فوالله إنا لنعلم أنه ما على ظهر الأرض وصي نبي سواك وإنا لنعلم أن الله لا يبعث بعد نبينا (صلى الله عليه وآله) نبيا سواه، وإن طاعتك لفي أعناقنا موصولة بطاعة نبينا.
فجلس علي (عليه السلام) وأقبل على اليهودي فقال: يا أخا اليهود إن الله امتحنني في حياة نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) في سبعة مواطن فوجدني فيهن من غير تزكية لنفسي بنعمة الله له مطيعا. قال: فيم وفيم يا أمير المؤمنين؟ قال: أما أولهن وساق الحديث ذكر الأدلة والثانية والثالثة والرابعة إلى أن قال: وأما الخامسة يا أخا اليهود فإن قريشا والعرب تجمعت وعقدت بينها عقدا وميثاقا لا ترجع من وجهها
الصفحة 319
حتى تقتل رسول الله وتقتلنا معه معاشر بني عبد المطلب، ثم أقبلت بحدها وحديدها حتى أناخت علينا بالمدينة واثقة بأنفسها فيما توجهت له، وهبط جبرائيل (عليه السلام) على النبي (صلى الله عليه وآله) فأنبأه بذلك فخندق على نفسه ومن معه من المهاجرين والأنصار فقدمت قريش فأقامت على الخندق محاصرة لنا ترى في أنفسها القوة وفينا الضعف ترعد وتبرق ورسول الله (صلى الله عليه وآله) يدعوها إلى الله ويناشدها بالقرابة والرحم فتأبى عليه ولا يزيدها ذلك إلا عتوا، وفارسها فارس العرب يومئذ عمرو ابن عبد ود يهدر كالبعير المغتلم يدعو إلى البراز ويرتجز ويخطر برمحه مرة وبسيفه مرة ولا يقدم عليه مقدم ولا يطمع فيه طامع، ولا حمية تهيجه ولا بصيرة تشجعه، فأنهضني رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعممني بيده وأعطاني سيفه هذا وضرب بيده إلى ذي الفقار، وخرجت إليه ونساء أهل المدينة بواكي إشفاقا علي من ابن عبد ود، فقتله الله عز وجل بيدي والعرب لا تعد لها فارسا غيره فضربني هذه الضربة - وأومى بيده إلى هامته - فهزم الله قريشا والعرب بذلك وما كان مني فيهم من النكاية ثم التفت (عليه السلام) إلى أصحابه فقال: أليس كذلك؟
فقالوا: بلى يا أمير المؤمنين ثم ذكر السادسة والسابعة ثم ذكر أول السبع بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم الثانية ثم الثالثة ثم الرابعة وقال (عليه السلام) فيها: وأما نفسي فقد علم من حضر ممن ترى وممن غاب من أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) أن الموت عندي بمنزلة الشربة الباردة في اليوم الشديد الحر من ذي العطش الصدي ولقد كنت عاهدت الله عز وجل ورسوله (عليه السلام) أنا وعمي حمزة وأخي جعفر وابن عمي عبيدة على أمر وفينا به لله عز وجل فأنزل الله فينا: * (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) * حمزة وجعفر وعبيدة وأنا والله المنتظر(1).
الرابع: ابن شهرآشوب عن أبي الورد عن أبي جعفر (عليه السلام) * (من المؤمنين رجال صدقوا) * قال:
حمزة وعلي وجعفر * (فمنهم من قضى نحبه) * قال: عهده وهو حمزة وجعفر * (ومنهم من ينتظر) * قال: علي بن أبي طالب(2).
الخامس: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله:
* (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) * لا يفروا أبدا * (فمنهم من قضى نحبه) * أي أجله وهو حمزة وجعفر بن أبي طالب * (ومنهم من ينتظر) * أجله يعني عليا (عليه السلام) يقول: * (وما بدلوا تبديلا ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء) * الآية(3).
____________
(1) الخصال: 376 ح 58.
(2) مناقب آل أبي طالب: 1 / 304.
(3) تفسير القمي: 2 / 189.
الصفحة 320
الباب الخامس ومائتان
في قوله تعالى: * (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه
الذين يستنبطونه منهم) *
من طريق العامة وفيه حديث واحد
الشعبي عن ابن عباس في تفسير مجاهد: أن الآية نزلت في علي حين استخلفه في مدينة النبي (صلى الله عليه وآله)، وفي إبانة الفلكي أنها نزلت حين شكى أبو بردة من علي(1).
الباب السادس ومائتان
في قوله تعالى: * (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي
الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) *
من طريق الخاصة وفيه خمسة أحاديث
الأول: علي بن إبراهيم في تفسيره وهو منسوب إلى الصادق (عليه السلام) يعني أمير المؤمنين * (لعلمه الذين يستنبطونه منهم) *(2).
الثاني: محمد بن يعقوب عن محمد بن الحسن وغيره عن سهل عن محمد بن عيسى ومحمد ابن يحيى ومحمد بن الحسين جميعا عن محمد بن سنان عن إسماعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو عن عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال الله عز وجل: * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) * وقال عز وجل: * (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) * فرد الأمر - أمر الناس - إلى أولي الأمر منهم الذين أمر بطاعتهم والرد إليهم(3).
الثالث: العياشي في تفسيره بحذف الإسناد عن عبد الله بن عجلان عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله:
* (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم) قال: هم الأئمة(4).
____________
(1) بحار الأنوار: 23 / 297 ح 40.
(2) تفسير القمي: 1 / 145.
(3) الكافي: 1 / 295 ح 3.
(4) تفسير العياشي: 1 / 260 ح 205.
الصفحة 321
الرابع: العياشي بإسناده عن عبد الله بن محمد قال: كتب إلي أبو الحسن الرضا (عليه السلام): ذكرت رحمك الله هؤلاء القوم الذين وصفت أنهم كانوا بالأمس لكم إخوانا والذي صاروا إليه من الخلاف لكم والعداوة لكم والبراءة منكم والذين تأفكوا به من حياة أبي عبد الله صلوات الله عليه ورحمته، وذكر في آخر الكتاب إن هؤلاء سنح لهم شيطان اغترهم بالشبهة ولبس عليهم أمر دينهم وذلك لما ظهرت فريتهم واتفقت كلمتهم وكذبوا على عالمهم وأرادوا الهدى من تلقاء أنفسهم وقالوا لم ومن وكيف فأتاهم الهلك من مأمن احتياطهم وذلك بما كسبت أيديهم وما ربك بظلام للعبيد ولم يكن ذلك لهم ولا عليهم، بل كان الفرض عليهم والواجب لهم من ذلك الوقوف عند التحير ورد ما جهلوه من ذلك إلى عالمه ومستنبطه، لأن الله يقول في محكم كتابه: * (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) * يعني آل محمد وهم الذين يستنبطون من القرآن ويعرفون الحلال والحرام وهم الحجة لله على خلقه(1).
الخامس: الشيخ المفيد في كتاب " الاختصاص " عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) إنما مثل علي بن أبي طالب (عليه السلام) ومثلنا من بعده في مثل هذه الأمة كمثل موسى النبي والعالم (عليهما السلام) حيث لقيه واستنطقه وسأله الصحبة فكان من أمرهما ما اقتصه الله لنبيه في كتابه، وذلك أن الله قال لموسى (عليه السلام) * (إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما أتيتك وكن من الشاكرين) * ثم قال: * (وكتبنا له في الألواح من كل شئ موعظة وتفصيلا لكل شئ) * وقد كان عند العالم علم لم يكتبه لموسى في الألواح، وكان موسى (عليه السلام) يظن أن جميع الأشياء التي يحتاج إليها في نبوته وجميع العلم قد كتب له في الألواح كما يظن هؤلاء الذين يدعون أنهم علماء فقهاء وأنهم قد أوتوا جميع العلم والفقه في الدين مما تحتاج هذه الأمة إليه فصح لهم ذلك عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلموه وحفظوه وليس كل علم رسول الله (صلى الله عليه وآله) علموه ولا صار إليهم عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا عرفوه، وذلك أن الشئ من الحلال والحرام والأحكام قد يرد عليهم فيسألون عنه فلا يكون عندهم فيه أثر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيستحون أن ينسبهم الناس إلى الجهل، ويكرهون أن يسألوا فلا يجيبون، فطلب الناس العلم من معدنه فلذلك استعملوا الرأي والقياس في دين الله وتركوا الآثار ودانوا الله بالبدع وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كل بدعة ضلالة، فلو أنهم إذا سئلوا عن شئ من دين الله فلم يكن عندهم فيه أثر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ردوه إلى الله وإلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطون منهم من آل محمد والذي يمنعهم من طلب العلم منا العداوة والحسد، والله ما حسد موسى العالم
____________
(1) تفسير العياشي: 1 / 260.
الصفحة 322
وموسى نبي يوحي الله إليه حيث لقنه واستنطقه وعرفه بالعلم، بل أقر له بعلمه ولم يحسده كما حسدتنا هذه الأمة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، علمنا ما ورثنا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم يرغبوا إلينا في علمنا كما رغب موسى إلى العالم وسأله الصحبة فيتعلم منه العلم ويرشده، فلما إن سئل العالم ذلك علم العالم أن موسى لا يستطيع صحبته ولا يحتمل علمه ولا يصبر معه، فعند ذلك قال له العالم: إنك لن تستطيع معي صبرا.
فقال له موسى (عليه السلام): ولم لا أصبر.
فقال له العالم: وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا، قال موسى وهو خاضع له بتعظيمه على نفسه كي يقبله: ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا، وقد كان العالم يعلم أن موسى لا يصبر على علمه وكذلك والله يا إسحاق حال قضاة هؤلاء وفقهائهم وجماعتهم لا يحتملون والله علمنا ولا يقبلونه ولا يطيقونه ولا يأخذون به ولا يصبرون عليه كما لم يصبر موسى (عليه السلام) على علم العالم حين صحبه ورأى ما رأى من علمه، وكان ذلك عند موسى مكروها وكان عند الله رضي وهو الحق، وكذلك علمنا عند الجهلة مكروها لا يؤخذ به وهو عند الله الحق(1).
____________
(1) الإختصاص: 258.
الصفحة 323
الباب السابع ومائتان
في قوله تعالى: * (ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى) *
من طريق العامة وفيه حديث واحد
ابن شهرآشوب من طريق العامة عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن أنس بن مالك في قوله تعالى: * (ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن) * نزلت في علي كان أول من أخلص وجهه لله وهو محسن، أي مؤمن مطيع * (فقد استمسك بالعروة الوثقى) * قول لا إله إلا الله وإلى الله عاقبة الأمور، والله ما قتل علي بن أبي طالب إلا عليها(1).
الباب الثامن ومائتان
في قوله تعالى: * (ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى) *
من طريق الخاصة وفيه ثلاثة أحاديث
الأول: علي بن إبراهيم في تفسيره المنسوب إلى الصادق (عليه السلام) قال: قال: الولاية(2).
الثاني: محمد بن العباس قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد عن أحمد بن الحسين بن سعيد عن أبيه عن حصين بن مخارق عن أبي الحسن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) * (فقد استمسك بالعروة الوثقى) * قال: مودتنا أهل البيت(3).
الثالث: محمد بن العباس - أيضا - قال: حدثنا أحمد بن محمد عن أبيه عن حصين بن مخارق عن هارون بن سيعد عن زيد بن علي (عليه السلام) قال: العروة الوثقى المودة لآل محمد (صلى الله عليه وآله)(4).
____________
(1) مناقب آل أبي طالب: 1 / 561 و 562، بحار الأنوار: 32 / 16 ح 5.
(2) تفسير القمي: 1 / 84.
(3) بحار الأنوار: 24 / 85 ح 7، عن كنز الفوائد.
(4) بحار الأنوار: 24 / 85 ح 8، عن كنز الفوائد.
الصفحة 324
الباب التاسع ومائتان
قوله تعالى: * (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه) *
من طريق العامة وفيه حديث واحد
أسند الشيرازي - من أعيان العامة - إلى قتادة عن الحسن البصري في قوله: * (هذا صراطي مستقيما فاتبعوه) * قال: يقول: هذا طريق علي بن أبي طالب ودينه طريق مستقيم فاتبعوه وتمسكوا به فإنه واضح لا عوج فيه(1).
الباب العاشر ومائتان
في قوله تعالى: * (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه) *
من طريق الخاصة وفيه عشرة أحاديث
الأول: علي بن إبراهيم في تفسيره المنسوب إلى الصادق (عليه السلام) في معنى الآية * (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل) * قال: الصراط المستقيم الإمام * (ولا تتبعوا السبل) * قال: يعني غير الإمام * (فتفرق بكم عن سبيله) * يعني تفترقوا وتختلفوا في الإمام(2).
الثاني: علي بن إبراهيم في التفسير أيضا، أخبرنا الحسن بن علي عن أبيه عن الحسين بن سعيد عن محمد بن سنان عن أبي خالد القماط عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: * (هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) * قال: نحن السبيل فمن أبى فهذه السبيل فقد كفر(3).
الثالث: محمد بن الحسن الصفار في كتاب بصائر الدرجات عن عمران بن موسى عن موسى بن جعفر عن علي بن أسباط عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
سألته عن قول الله تبارك وتعالى: * (إن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه) * قال: هو والله علي هو والله الصراط والميزان(4).
____________
(1) بحار الأنوار: 24 / 23 ح 50، عن الطرائف عن الشيرازي.
(2) تفسير القمي: 1 / 221.
(3) تفسير القمي: 1 / 221.
(4) بصائر الدرجات: 79 ح 9.
الصفحة 325
الرابع: محمد بن مسعود العياشي في تفسيره بإسناده عن يزيد العجلي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
* (هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) * قال: أتدري ما يعني بصراطي مستقيما؟ قلت: لا، قال: ولاية علي والأوصياء، قال: وتدري ما يعني فاتبعوه؟ قال: قلت: لا، قال:
يعني علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، قال: وتدري ما يعني ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله؟
قلت: لا.
قال: ولاية فلان وفلان والله، قال: وتدري ما يعني فتفرق بكم عن سبيله. قلت: لا، قال: يعني سبيل علي (عليه السلام)(1).
الخامس: العياشي أيضا بإسناده عن سعد عن أبي جعفر (عليه السلام) * (إن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه) * قال: آل محمد (صلى الله عليه وآله) الصراط الذي دل عليه(2).
السادس: ابن الفارسي في " روضة الواعظين " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) * (وإن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) * قال: سألت الله أن يجعلها لعلي ففعل(3).
السابع: شرف الدين النجفي في كتاب تأويل الآيات الباهرة في العترة الطاهرة قال: تأويله ما ذكره علي بن إبراهيم في تفسيره قال: حدثني أبي عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: * (وإن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه) * قال: طريق الإمامة فاتبعوه ولا تتبعوا السبل، أي طرقا غيرها ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون(4).
الثامن: شرف الدين أيضا قال: ذكر علي بن يوسف بن جبير في كتاب نهج الإيمان قال: الصراط المستقيم هو علي بن أبي طالب (عليه السلام) في هذه الآية لما رواه إبراهيم الثقفي في كتابه بإسناده إلى أبي بريدة الأسلمي قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): * (وإن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) * قال: سألت الله أن يجعلها لعلي ففعل(5)، قلت: وروى ابن شهرآشوب في كتاب المناقب هذا الحديث عن إبراهيم الثقفي عن أبي بريدة الأسلمي قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) الحديث بعينه(6).
____________
(1) تفسير العياشي: 1 / 384 ح 125.
(2) تفسير العياشي: 1 / 384 ح 126.
(3) روضة الواعظين: 106.
(4) بحار الأنوار: 24 / 17 ح 25.
(5) بحار الأنوار: 24 / 17 ح 26.
(6) مناقب آل أبي طالب: 1 / 559، بحار الأنوار: 31 / 363 ح 4.
الصفحة 326
التاسع: ابن شهرآشوب عن ابن عباس: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يحكم وعلي بين يديه مقابله، ورجل عن يمينه ورجل عن شماله، فقال (عليه السلام): اليمين والشمال مضلة والطريق السوي الجادة، ثم أشار بيده إن هذا صراط علي مستقيم فاتبعوه. الآية(1).
العاشر: عن جابر بن عبد الله أن النبي (صلى الله عليه وآله) بينما أصحابه عنده إذ قال وأشار بيده إلى علي هذا صراط مستقيم فاتبعوه الآية(2).
____________
(1) بحار الأنوار: 31 / 365 ح 6، عن المناقب.
(2) بحار الأنوار: 31 / 365 ح 6.
الصفحة 327
الباب الحادي عشر ومائتان
في قوله تعالى: * (أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى
أمن يمشي سويا على صراط مستقيم) *
من طريق العامة وفيه حديث واحد
عبد الله بن عمر أنه قال لي: إني أتبع هذا الأصلع فإنه أول الناس إسلاما والحق معه فإني سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول في قوله تعالى: * (أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم) * علي صراط مستقيم فالناس مكبون على الوجه غيره(1).
الباب الثاني عشر ومائتان
في قوله تعالى: * (أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى
أمن يمشي سويا على صراط مستقيم) *
من طريق الخاصة وفيه ثلاثة أحاديث
الأول: محمد بن يعقوب عن علي بن محمد عن بعض أصحابنا عن ابن محبوب عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام) قال: قلت: * (أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم) *.
قال: إن الله ضرب مثلا من حاد عن ولاية علي كمن يمشي مكبا على وجهه لا يهتدي لأمره، وجعل من تبعه سويا على صراط مستقيم، والصراط المستقيم أمير المؤمنين(2).
الثاني: ابن يعقوب أيضا عن علي بن الحسن عن منصور عن حريز بن عبد الله عن الفضيل قال:
دخلت مع أبي جعفر (عليه السلام) المسجد الحرام وهو متكئ علي فنظر إلى الناس ونحن على باب بني شيبة فقال: يا فضيل هكذا كانوا يطوفون في الجاهلية لا يعرفون حقا ولا يدينون دينا يا فضيل انظر إليهم منكبين على وجوههم لعنهم الله من خلق مسخور بهم منكبين على وجوههم، ثم تلا هذه * (أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم) * يعني والله عليا (عليه السلام)
____________
(1) الصراط المستقيم: 1 / 285.
(2) الكافي: 1 / 433 ح 91.
الصفحة 328
والأوصياء (عليهم السلام)(1).
الثالث: محمد بن العباس عن حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن صالح بن خالد عن منصور عن حريز عن فضيل بن يسار عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: تلا هذه وهو ينظر إلى الناس * (أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم) * والله عليا والأئمة (عليهم السلام) وفي نسخة الأوصياء (عليهم السلام)(2).
____________
(1) الكافي: 8 / 288 ح 434.
(2) بحار الأنوار: 24 / 22 ح 45، عن كنز الفوائد.
الصفحة 329
الباب الثالث عشر ومائتان
قوله تعالى: * (فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدعون) *
من طريق العامة وفيه حديث واحد
أبو علي الطبرسي في " مجمع البيان " قال: روى الحاكم الحسكاني بالأسانيد الصحيحة عن الأعمش قال: لما رأوا لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) عند الله من الزلفى سيئت وجوه الذين كفروا، وعن أبي جعفر (عليه السلام) فلما رأوا مكان علي (عليه السلام) من النبي (صلى الله عليه وآله) سيئت وجوه الذين كفروا، يعني الذين كذبوا بفضله(1).
الباب الرابع عشر ومائتان
في قوله تعالى: * (فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدعون) *
من طريق الخاصة وفيه تسعة أحاديث
الأول: محمد بن يعقوب عن علي بن حسن عن منصور عن حريز بن عبد الله عن الفضيل عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: تلا هذه الآية * (فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدعون) * أمير المؤمنين (عليه السلام) يا فضيل لم يتسم بهذا الاسم غير علي (عليه السلام) إلا مفتر كذاب إلى يوم البأس أما والله يا فضيل ما عز ذكره حاج غيركم ولا يغفر الذنوب إلا لكم ولا يتقبل إلا منكم وإنكم لأهل هذه الآية * (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما) * يا فضيل ما ترضون أن تقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة وتكفوا ألسنتكم وتدخلوا الجنة ثم قرأ * (ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) * أنتم والله أهل هذه الآية(2).
الثاني: ابن يعقوب أيضا عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور عن إسماعيل بن سهل عن القاسم بن عروة عن أبي السفاتج عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله:
* (فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدعون) * قال: هذه نزلت في أمير المؤمنين وأصحابه الذين عملوا ما عملوا يرون أمير المؤمنين (عليه السلام) في أغبط الأماكن لهم فيسئ
____________
(1) مجمع البيان: 10 / 494.
(2) الكافي: 8 / 288 ح 434.
الصفحة 330
وجوههم ويقال لهم هذا الذي كنتم به تدعون الذي انتحلتم اسمه، أي سميتم أنفسكم بأمير المؤمنين(1).
الثالث: ابن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن خالد عن القاسم بن محمد عن جميل بن صالح عن يوسف بن أبي سعيد قال: كنت عند أبي عبد الله ذات يوم فقال لي:
إذا كان يوم القيامة وجمع الله تبارك وتعالى الخلائق، كان نوح صلى الله عليه أول من يدعى به فيقال له: هل بلغت، فيقول: نعم، فيقال له: من يشهد لك؟ فيقول: محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله) قال:
فيخرج (عليه السلام) فيتخطى الناس حتى يجئ إلى محمد (صلى الله عليه وآله) وهو على كثيب المسك ومعه علي (عليه السلام) وهو قول الله عز وجل: * (فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا) * فيقول نوح لمحمد (صلى الله عليه وآله): يا محمد إن الله تبارك وتعالى سألني هل بلغت؟ فقلت: نعم، فقال: من يشهد لك؟ فقلت محمد فيقول: يا جعفر ويا حمزة اذهبا فاشهدا له أنه قد بلغ، فقال أبو عبد الله (عليه السلام) فجعفر وحمزة هما الشاهدان للأنبياء (عليهم السلام) بما بلغوا، فقلت: جعلت فداك فعلي (عليه السلام) أين هو؟ فقال: هو أعظم منزلة من ذلك(2).
الرابع: أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه في كتاب كامل الزيارات قال: حدثني محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن أبيه عن علي بن محمد بن سالم عن محمد بن خالد عن عبد الله بن حماد البصري عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث طويل يذكر فيه حال أبي بكر وعمر يوم القيامة، قال (عليه السلام): ويريان عليا (عليه السلام) فيقال لهما: * (فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدعون) * يعني بإمرة المؤمنين(3).
الخامس: محمد بن العباس بن ماهيار الثقة في تفسيره فيما نزل في أهل البيت (عليهم السلام) عن حسن ابن محمد عن محمد بن علي الكناني عن حسين بن وهب الأسدي عن عبيس بن هاشم عن داود ابن سرحان قال: سألت جعفر بن محمد (عليه السلام) عن قوله عز وجل: * (فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدعون) * قال: ذاك علي (عليه السلام) إذا رأوا منزلته ومكانه من الله تعالى أكلوا أكفهم على ما فرطوا في ولايته(4).
السادس: محمد بن العباس أيضا قال: حدثنا عبد العزيز عن المغيرة بن أحمد عن محمد بن يزيد عن إسماعيل بن عامر عن شريك عن الأعمش في قوله عز وجل: * (فلما رأوه زلفة سيئت وجوه
____________
(1) الكافي: 1 / 425 ح 68.
(2) الكافي: 8 / 267 ح 392.
(3) كامل الزيارات: 551.
(4) بحار الأنوار: 32 / 165 ح 148.
الصفحة 331
الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدعون) * قال: نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام)(1).
السابع: محمد بن العباس قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى عن زكريا بن يحيى الساجي عن عبد الله بن الحسين الأشقر عن ربيعة الحناط عن شريك عن الأعمش في قوله عز وجل: * (فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا) * قال: لما رأوا ما لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) عند النبي (صلى الله عليه وآله) من القرب والمنزلة سيئت وجوه الذين كفروا(2).
الثامن: محمد بن العباس قال: حدثنا حميد بن زياد عن الحسن بن محمد عن صالح بن خالد عن منصور بن حرير عن فضيل بن يسار عن أبي جعفر قال: تلا هذه الآية: * (فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدعون) * ثم قال: أتدرون ما رأوا، رأوا والله عليا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) * (وقيل هذا الذي كنتم به تدعون) * أي تسمون به أمير المؤمنين. يا فضيل لا يسمى بها أحد غير أمير المؤمنين (عليه السلام) إلا مفتر كذاب إلى يوم الناس(3).
التاسع: ابن شهرآشوب عن الباقر والصادق (عليهما السلام) في قوله تعالى: * (فلما رأوه زلفة) * نزلت في علي (عليه السلام) وذلك لما رأوا عليا يوم القيامة اسودت وجوه الذين كفروا لما رأوا منزلته ومكانه من الله أكلوا أكفهم على ما فرطوا في ولاية علي (عليه السلام)(4).
____________
(1) بحار الأنوار: 32 / 68 ح 12.
(2) بحار الأنوار: 32 / 68 ح 13.
(3) بحار الأنوار: 33 / 318 ح 19.
(4) مناقب آل أبي طالب: 3 / 14.
الصفحة 332
الباب الخامس عشر ومائتان
في قوله تعالى: * (ولتعرفنهم في لحن القول) *
من طريق العامة وفيه حديثان
الأول: ابن المغازلي الشافعي في " المناقب " يرفعه إلى أبي سعيد الخدري في قوله تعالى:
* (ولتعرفنهم في لحن القول) * قال: ببغضهم علي بن أبي طالب(1).
الثاني: أسند الحافظ إلى الخدري في معنى الآية: لحن القول بغض علي(2).
الباب السادس عشر ومائتان
في قوله تعالى: * (ولتعرفنهم في لحن القول) *
من طريق الخاصة وفيه أربعة أحاديث
الأول: محمد بن العباس المتقدم قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى عن محمد بن زكريا عن جعفر ابن محمد بن عمارة قال: حدثني أبي عن جابر عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام) عن جابر بن عبد الله (رضي الله عنه) قال: لما نصب رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا يوم غدير خم قال قوم ما يألوا يرفع ضبع ابن عمه فأنزل الله تعالى: * (أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم) *(3).
الثاني: محمد بن العباس قال: حدثنا محمد بن جرير عن عبد الله بن عمر عن الجماني عن محمد ابن مالك عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال: قوله عز وجل: * (ولتعرفنهم في لحن القول) * قال: بغضهم لعلي (عليه السلام)(4).
الثالث: محمد بن العباس عن أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن محبوب عن علي بن رئاب عن ابن بكير قال: قال أبو جعفر: إن الله عز وجل أخذ ميثاق شيعتنا بالولاية فنحن نعرفهم في لحن القول(5).
____________
(1) مناقب ابن المغازلي: 315 ح 359، وتفسير الدر المنثور: 6 / 77 مورد الآية.
(2) كفاية الطالب: 235.
(3) بحار الأنوار: 23 / 386 ح 91، عن كنز الفوائد.
(4) بحار الأنوار: 23 / 386 ح 92، عن كنز الفوائد.
(5) بحار الأنوار: 26 / 132 ح 40.
الصفحة 333
الرابع: أحمد بن محمد بن خالد البرقي بإسناده مرفوع قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أكان حذيفة ابن اليمان يعرف المنافقين؟ فقال: أجل كان يعرف اثني عشر رجلا وأنت تعرف اثني عشر ألف رجل إن الله تبارك وتعالى يقول: * (ولتعرفنهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول) * فهل تدري ما لحن القول؟
قلت: لا والله.
قال: بغض علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وآله ورب الكعبة(1).
____________
(1) المحاسن: 1 / 168 ح 132.
الصفحة 334
الباب السابع عشر ومائتان
في قوله تعالى: * (يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا
معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم) *
من طريق العامة وفيه حديثان
الأول: ابن شهرآشوب من تفسير مقاتل عن عطاء عن ابن عباس * (يوم لا يخزي الله النبي) * لا يعذب الله محمدا * (والذين آمنوا معه) * لا يعذب علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين وحمزة وجعفر * (نورهم يسعى) * يضئ على الصراط بعلي وفاطمة مثل الدنيا سبعين مرة فيسعى نورهم بين أيديهم ويسعى عن أيمانهم وهم يتبعونه، فيمضي أهل بيت محمد أول الزمرة على الصراط مثل البرق الخاطف، ثم يمضي قوم مثل الريح، ثم قوم مثل عدو الفرس، ثم قوم مثل شد الرجل، ثم قوم مثل الحبو(1)، ثم قوم مثل الزحف ويجعله الله على المؤمنين عريضا وعلى المذنبين دقيقا، قال الله تعالى يقولون ربنا أتمم لنا نورنا حتى نجتاز به على الصراط قال: فيجوز أمير المؤمنين (عليه السلام) في هودج من الزمرد الأخضر ومعه فاطمة على نجيب من الياقوت الأحمر حولها سبعون ألف حور كالبرق اللامع(2).
الثاني: أسند أبو نعيم إلى ابن عباس: أول ما يكسى من حلل الجنة إبراهيم ومحمد ثم علي يزف بينهما ثم قرأ * (يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه) *(3).
____________
(1) الحبو: المشي على أربع.
(2) مناقب آل أبي طالب: 2 / 7.
(3) بحار الأنوار: 32 / 22 ح 5، و: 35 / 221 ح 1.
الصفحة 335
الباب الثامن عشر ومائتان
في قوله تعالى: * (يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا
معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم) *
من طريق الخاصة وفيه أربعة أحاديث
الأول: محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث طويل يذكر فيه أوصاف المجاهدين ومن يجب الجهاد معه إلى أن قال (عليه السلام) في وصف الجهاد ومن يجب معه: ثم ذكر من أذن له في الدعاء إليه بعده وبعد رسوله في كتابه فقال: * (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) * ثم أخبر عن هذه الأمة وممن هي، وإنها من ذرية إبراهيم ومن ذرية إسماعيل من سكان الحرم ممن لم يعبدوا غير الله قط الذين وجبت لهم الدعوة دعوة إبراهيم وإسماعيل من أهل المسجد الذين أخبر عنهم في كتابه أنه أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، الذين وصفناهم قبل هذا في صفة أمة محمد (صلى الله عليه وآله) الذين عناهم الله تبارك وتعالى في قوله: * (أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني) * يعني أول من اتبعه على الإيمان به والتصديق له بما جاء من عند الله عز وجل من الأمة التي بعث فيها ومنها وإليها قبل الخلق ممن لم يشرك بالله قط ولم يلبس إيمانه بظلم وهو الشرك.
ثم ذكر أتباع نبيه (صلى الله عليه وآله) وأتباع هذه الأمة التي وصفها الله في كتابه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجعلها داعية إليه وأذن لها في الدعاء إليه فقال: * (يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين) * ثم وصف أتباع نبيه (صلى الله عليه وآله) من المؤمنين فقال الله عز وجل: * (محمد رسول الله والذين آمنوا معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل) * فقال: * (يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم) * يعني أولئك المؤمنين وقال: * (قد أفلح المؤمنون) * ثم حلاهم ووصفهم كيلا يطمع في اللحاق بهم إلا من كان منهم فقال فيما حلاهم به ووصفهم: * (الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون) * إلى * (أولئك هم الوارثون
الصفحة 336
الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون) * وقال في صفتهم وحليتهم أيضا: * (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا) *(1).
الثاني: ابن بابويه قال: حدثنا أبو محمد عمار بن الحسين (رضي الله عنه) قال: حدثنا علي بن محمد بن عصمة قال: حدثنا أحمد بن محمد الطبري بمكة قال: حدثنا الحسن بن ليث الرازي عن سنان بن فروخ الآملي عن همام بن يحيى عن القاسم بن عبد الله بن عقيل عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال:
كنت ذات يوم عند النبي (صلى الله عليه وآله) إذ أقبل بوجهه على علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: ألا أبشرك يا أبا الحسن؟
قال: بلى يا رسول الله.
قال: هذا جبرئيل يخبرني عن الله جل جلاله أنه قد أعطى شيعتك ومحبيك سبع خصال: الرفق عند الموت، والأنس عند الوحشة، والنور عند الظلمة، والأمن عند الفزع، والقسط عند الميزان، والجواز عند الصراط، ودخول الجنة قبل الناس نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم(2).
الثالث: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله * (يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم) * فمن كان له نور يومئذ نجا، وكل مؤمن له نور(3).
الرابع: عن أبي عبد الله في قوله: * (نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم) * قال: نور أئمة المؤمنين يوم القيامة يسعى بين أيدي المؤمنين وبأيمانهم حتى ينزلوا بهم منازلهم في الجنة(4).
____________
(1) الكافي: 5 / 14 ح 1.
(2) الخصال: 403 ح 112.
(3) تفسير القمي: 2 / 377.
(4) المصدر السابق.
الصفحة 337
الباب التاسع عشر ومائتان
في قوله تعالى: * (ومن يشاقق الرسول من بعدما تبين
له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى) *
من طريق العامة وفيه حديث واحد
ابن مردويه في معنى الآية: من بعدما تبين له الهدى في أمر علي(1).
الباب العشرون ومائتان
في قوله تعالى: * (ومن يشاقق الرسول من بعدما تبين
له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى) *
من طريق الخاصة وفيه حديثان
الأول: العياشي في تفسيره بإسناده عن حريز عن بعض أصحابنا عن أحدهما (عليهما السلام) قال: لما كان أمير المؤمنين في الكوفة أتاه الناس فقالوا: اجعل لنا إماما يؤمنا في رمضان، فقال: لا ونهاهم أن يجتمعوا فيه، فلما أمسوا جعلوا يقولون ابكوا في رمضان وا رمضاناه، فأتاه الحرث الأعور في أناس فقال: يا أمير المؤمنين ضج الناس وكرهوا قولك، فقال عند ذلك: دعوهم وما يريدون ليصلي بهم من شاءوا ثم قال: * (ومن يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وسائت مصيرا) *(2).
الثاني: العياشي أيضا بإسناده عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه عن رجل من الأنصار قال:
خرجت أنا والأشعث الكندي وجرير البجلي حتى إذا كنا بظهر الكوفة بالفرس مر بنا ضب فقال الأشعث وجرير: السلام عليك يا أمير المؤمنين خلافا على علي بن أبي طالب (عليه السلام) فلما خرج الأنصاري قال لعلي (عليه السلام) فقال: دعهما فهو إمامها يوم القيامة أما تسمع إلى الله وهو يقول: * (نوله ما تولى) *(3).
____________
(1) تفسير القمي: 1 / 152، والبرهان: 2 / 415.
(2) تفسير العياشي: 1 / 275 ح 272.
(3) تفسير العياشي: 1 / 275 ح 273.
الصفحة 338
الباب الحادي والعشرون ومائتان
في قوله تعالى: * (فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا والله بما تعملون خبير) *
من طريق العامة وفيه حديث واحد
أسند أبو جعفر الطبري إلى ابن عباس أن النور في الآية: ولاية علي بن أبي طالب(1).
الباب الثاني والعشرون ومائتان
في قوله تعالى: * (فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا والله بما تعملون خبير) *
من طريق الخاصة وفيه ستة أحاديث
الأول: علي بن إبراهيم: والنور الذي أنزلنا، أمير المؤمنين (عليه السلام)(2).
الثاني: محمد بن يعقوب عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن علي بن مرداس قال:
حدثنا صفوان بن يحيى والحسن بن محبوب عن أبي خالد الكابلي قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: * (فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا) * فقال: يا أبا خالد، النور والله الأئمة من آل محمد (صلى الله عليه وآله) إلى يوم القيامة، وهم والله نور الله الذي أنزل، وهم والله نور الله في السماوات والأرض، والله يا أبا خالد لنور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار، وهم والله ينورون قلوب المؤمنين ويحجب الله عز وجل نورهم عمن يشاء فتظلم قلوبهم، والله يا أبا خالد لا يحبنا عبد ويتولانا حتى يطهر الله قلبه ولا يطهر الله قلب عبد حتى يسلم لنا، ويكون سلما لنا فإذا كان سلما لنا، سلمه الله من شديد الحساب وآمنه من فزع يوم القيامة الأكبر(3).
الثالث: ابن يعقوب - أيضا - عن أحمد بن مهران عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني عن علي ابن أسباط عن حسن بن محبوب عن أبي أيوب عن أبي خالد الكابلي قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: * (فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا) * فقال: يا أبا خالد النور والله الأئمة (عليهم السلام) يا أبا خالد النور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار وهم الذين ينورون قلوب
____________
(1) لم نجده في تفسير الطبري المطبوع، ويراجع تأويل الآيات: 2 / 696.
(2) تفسير القمي: 1 / 242.
(3) الكافي: 1 / 194 ح 1.
الصفحة 339
المؤمنين ويحجب الله نورهم عمن يشاء فتظلم قلوبهم ويغشاهم بها(1).
الرابع: ابن يعقوب - أيضا - عن أحمد بن إدريس عن الحسين بن عبيد الله عن محمد بن الحسن وموسى بن عمر عن الحسن بن محبوب عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز وجل: * (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم) * قال يريدون ليطفئوا ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) بأفواههم قلت: قوله: * (والله متم نوره) * قال: يقول والله متم الإمامة والإمامة هي النور وذلك قوله:
* (فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا) * قال: النور هو الإمام(2).
الخامس: علي بن إبراهيم قال: حدثنا علي بن الحسين عن أحمد بن أبي عبد الله عن الحسن بن محبوب عن أبي أيوب عن أبي خالد الكابلي قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) وذكر مثل الحديث الأول إلى آخره: وآمنه من فزع يوم القيامة الأكبر(3).
السادس: سعد بن عبد الله عن بصائر الدرجات عن أحمد وعبد الله ابني محمد بن عيسى ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحسن بن محبوب عن أبي أيوب الخزاز عن أبي خالد يزيد الكناسي قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: * (فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا) * فقال: يا أبا خالد النور والله الأئمة (عليهم السلام) يا أبا خالد لنور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار، وساق الحديث إلى وآمنه من الفزع الأكبر ببعض التغيير اليسير(4).
____________
(1) الكافي: 1 / 195 ح 4.
(2) الكافي: 1 / 196 ح 6.
(3) تفسير القمي: 2 / 372.
(4) بصائر الدرجات: 1 / 296.
الصفحة 340
الباب الثالث والعشرون ومائتان
في قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان) *
من طريق العامة وفيه حديث واحد
روى الأصفهاني الأموي في معنى الآية من عدة طرق إلى علي (عليه السلام) ولايتنا أهل البيت(1).
الباب الرابع والعشرون ومائتان
في قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة) *
من طريق الخاصة وفيه اثني عشر حديثا
الأول: محمد بن يعقوب عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الحسن بن علي الوشاء عن مثنى الحناط عن عبد الله بن عجلان عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل: * (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين) * قال: في ولايتنا(2).
الثاني: الشيخ الطوسي في أماليه عن أبي محمد الفحام قال: حدثني محمد بن عيسى بن هارون قال: حدثني أبو عبد الصمد إبراهيم عن أبيه عن جده محمد بن إبراهيم قال سمعت الصادق جعفر ابن محمد (عليه السلام) يقول في قوله تعالى: * (ادخلوا في السلم كافة) * قال: في ولاية علي بن أبي طالب ولا تتبعوا خطوات الشياطين قال: لا تتبعوا غيره(3).
الثالث: سعد بن عبد الله القمي عن علي بن إسماعيل بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن علي ابن النعمان عن محمد بن مروان عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: * (ادخلوا في السلم كافة) * قال: هي ولايتنا(4).
الرابع: العياشي بإسناده عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: * (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان) * قال: أتدري ما السلم؟ قال: قلت: أنت أعلم، قال: ولاية علي والأئمة الأوصياء من بعده قال: وخطوات الشيطان والله ولاية فلان وفلان(5).
____________
(1) بصائر الدرجات: 1 / 296.
(2) الكافي: 1 / 417 ح 29.
(3) أمالي الطوسي: 299 ح 591.
(4) مختصر بصائر الدرجات: 64.
(5) تفسير العياشي: 1 / 102 ح 294، إثبات الهداة: 3 / 45، بحار الأنوار: 7 / 123.
الصفحة 341
الخامس: العياشي أيضا بإسناده عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) قالوا: سألناهما عن قول الله: * (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة) * قال: أمروا بمعرفتنا(1).
السادس: العياشي بإسناده عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: السلم آل محمد (صلى الله عليه وآله) أمر الله بالدخول فيه(2).
السابع: العياشي بإسناده عن أبي بكر الكلبي عن جعفر عن أبيه (عليهما السلام) في قوله: * (ادخلوا في السلم كافة) * هو ولايتنا(3).
الثامن: العياشي أيضا قال: وروى جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قالوا: السلم يقول آل محمد أمر الله بالدخول فيه وهم حبل الله الذي أمر بالإعتصمام به قال الله: * (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) *(4).
التاسع: العياشي أيضا قال: وفي رواية أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: * (لا تتبعوا خطوات الشيطان) * قال: هي ولاية الأول والثاني(5).
العاشر: العياشي أيضا عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ألا إن العلم الذي هبط به آدم وجميع ما فضلت به النبيون إلى خاتم النبيين والمرسلين في عترة خاتم النبيين والمرسلين، فأين يتاه بكم وأين تذهبون يا معاشر من نسخ من أصلاب أصحاب السفينة فهذا مثل ما فيكم فكلما نجى في هاتيك منهم من نجى وكذلك ينجو في هذه منكم من نجى ورهن ذمتي، وويل لمن تخلف عنهم إنهم فيكم كأصحاب الكهف ومثلهم باب حطة، وهم باب السلم فادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان(6).
الحادي عشر: ابن شهرآشوب عن زين العابدين وجعفر الصادق (عليهما السلام) قال: * (ادخلوا في السلم كافة) * في ولاية علي * (ولا تتبعوا خطوات الشيطان) * قال: لا تتبعوا غيره(7).
الثاني عشر: عن أبي جعفر (عليه السلام) * (ادخلوا في السلم كافة) * في ولايتنا(8).
____________
(1) تفسير العياشي: 1 / 102 ح 295.
(2) تفسير العياشي: 1 / 102 ح 298.
(3) تفسير العياشي: 1 / 102 ح 297، بحار الأنوار: 7 / 123، الصافي: 1 / 183.
(4) تفسير العياشي: 1 / 194 ح 123 و 298.
(5) تفسير العياشي: 1 / 103 ح 294 - 299.
(6) تفسير العياشي: 1 / 103 ح 300.
(7) مناقب آل أبي طالب: 3 / 116.
(8) مناقب آل أبي طالب: 3 / 116.
الصفحة 342
الباب الخامس والعشرون ومائتان
في قوله تعالى: * (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم) *
من طريق العامة وفيه حديث واحد
أسند أبو جعفر الطبري إلى ابن عباس أن سادات قريش كتبت صحيفة تعاهدوا فيها على قتل علي ودفعوها إلى أبي عبيدة بن الجراح أمين قريش فنزلت * (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم) * الآية فطلبها النبي منه فدفعها إليه فقال: كفرتم بعد إسلامكم فحلفوا بالله إنهم لم يهموا بشئ منه فأنزل الله * (يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا) *(1).
الباب السادس والعشرون ومائتان
في قوله تعالى: * (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم) *
من طريق الخاصة وفيه ثلاثة أحاديث
الأول: محمد بن يعقوب عن علي بن الحسين عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: * (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شئ عليم) * قال: نزلت هذه الآية في فلان وفلان وأبي عبيدة بن الجراح وعبد الرحمن بن عوف وسالم مولى أبي حذيفة والمغيرة بن شعبة حيث كتبوا الكتاب بينهم وتعاهدوا وتوافقوا لئن مضى محمد لا تكون الخلافة في بني هاشم ولا النبوة أبدا فأنزل الله فيهم هذه الآية(2).
الثاني: ابن بابويه قال: حدثنا حمزة بن محمد العلوي (رحمه الله) قال: أخبرنا علي بن إبراهيم عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن عمرو بن أذينة عن أبي عبد الله (عليه السلام) وذكر مثل الحديث الأول(3).
الثالث: علي بن إبراهيم قال: أخبرنا أحمد بن إدريس عن محمد بن علي عن علي بن الحكم
____________
(1) الصراط المستقيم: 1 / 296.
(2) الكافي: 8 / 180 ح 202.
(3) أمالي الصدوق.
الصفحة 343
عن أبي بكر الحضرمي وبكر بن أبي بكر قال: حدثنا سليمان بن خالد قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: * (إنما النجوى من الشيطان) * قال: الثاني، وقوله: * (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم) * قال فلان وفلان، وابن فلان أمينهم حين اجتمعوا ودخلوا الكعبة، فكتبوا بينهم كتابا إن مات محمد ألا يرجع الأمر فيهم أبدا(1).
____________
(1) تفسير القمي: 2 / 356.
الصفحة 344
الباب السابع والعشرون ومائتان
في قوله تعالى: * (يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة
الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا) *
من طريق العامة وفيه حديثان
الأول: أسند أبو جعفر الطبري إلى ابن عباس أن سادات قريش كتبت صحيفة تعاهدوا على قتل علي فدفعوها إلى أبي عبيدة بن الجراح. وقد تقدم الحديث في الباب الخامس والعشرين ومائتين في قوله تعالى: * (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم) * الآية(1).
الثاني: الزمخشري في " الكشاف " في تفسير قوله تعالى: * (لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور) * رفعه ابن جريح قال: وقفوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) على الثنية ليلة العقبة وهم اثنا عشر رجلا ليفتكوا به(2). وقال الزمخشري أيضا في تفسير قوله تعالى: * (وهموا بما لم ينالوا وما نقموا) * وهو الفتك برسول الله، وذلك عند مرجعه من تبوك، توافق خمسة عشر منهم على أن يدفعوه عن راحلته إلى الوادي إذا تسنم العقبة بالليل، فأخذ عمار بن ياسر بخطام ناقته يقودها وحذيفة خلفه يسوقها فبينما هما كذلك إذ سمع حذيفة وقع أخفاف الإبل وقعقعة السلاح فإذا هم قوم متلثمون، فقال: إليكم إليكم يا أعداء الله، فهربوا(3).
____________
(1) الصراط المستقيم: 1 / 296.
(2) تفسير الكشاف: 2 / 155، ضمن تفسير الآية 48 من سورة التوبة.
(3) تفسير الكشاف: 2 / 163، ضمن تفسير الآية 74 من سورة التوبة.
الصفحة 345
الباب الثامن والعشرون ومائتان
في قوله تعالى: * (يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة
الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا) *
من طريق الخاصة وفيه سبعة أحاديث
الأول: العياشي بإسناده عن جابر بن أرقم قال: بينا نحن في مجلس لنا وأخو زيد بن أرقم يحدثنا إذ أقبل رجل على فرسه عليه هيئة السفر فسلم علينا ثم وقف فقال: أفيكم زيد بن أرقم؟ فقال زيد:
أنا زيد بن أرقم فما تريد، فقال الرجل: أتدري من أين جئت؟ قال: لا، قال: من فسطاط مضر لأسألك عن حديث بلغني عنك تذكره عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال له زيد: وما هو؟ قال: حديث غدير خم في ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال: يا بن أخي إن قبل غدير خم ما أحدثك به إن جبرئيل الروح الأمين صلوات الله عليه نزل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بولاية علي بن أبي طالب فدعا قوما أنا فيهم فاستشارهم في ذلك ليقوم به في الموسم فلم ندر ما نقول وبكى (صلى الله عليه وآله) فقال له جبرئيل: ما لك يا محمد أجزعت من أمر الله؟ فقال: كلا يا جبرئيل ولكن قد علم ربي ما لقيت من قريش إذ لم يقروا إلي بالرسالة حتى أمرني بجهادي وأهبط إلي جنودا من السماء فنصروني فكيف يقروا إلي لعلي من بعدي فانصرف عنه جبرئيل (عليه السلام) ثم نزل عليه * (فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك) * فلما نزلنا الجحفة راجعين وضربنا أخبيتنا نزل جبرائيل بهذه الآية: * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) * فبينا نحن كذلك إذ سمعنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو ينادي: يا أيها الناس أجيبوا داعي الله أنا رسول الله، فأتينا مسرعين في شدة الحر فإذا هو واضع بعض ثوبه على رأسه وبعضه على قدميه من الحر وأمر بقم ما تحت الدوح، فقم ما كان ثمة من الشوك والحجارة، فقال رجل: ما دعاه إلى قم هذا المكان وهو يريد أن يرحل من ساعته ليأتينكم اليوم بداهية، فلما فرغوا من ألقم أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يؤتى بأحلاس دوابنا وأذواد الماء وجفاتها(1) فوضعنا بعضها على بعض ثم ألقينا عليها ثوبا وصعد عليها رسول الله (صلى الله عليه وآله) فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إنه نزل علي عشية عرفة أمر ضقت به ذرعا مخافة تكذيب أهل
____________
(1) في المصدر: بأحلاس دوابنا وأثاث إبلنا وحقائبها.
الصفحة 346
الأفك حتى جائني في هذا الموضع وعيد من ربي إن لم أفعل ألا وإني غير هائب لقوم ولا محاب لقرابتي أيها الناس من أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: الله ورسوله، قال: اللهم اشهد وأنت يا جبرائيل فاشهد حتى قالها ثلاثا، ثم أخذ بيد علي صلوات الله عليه فرفعه إليه ثم قال: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله قالها ثلاثا ثم قال:
هل سمعتم؟
فقالوا: اللهم بلى، قال: فأقررتم، فقالوا: اللهم نعم، قال: اللهم اشهد وأنت يا جبرائيل فاشهد، ثم نزل فانصرفنا إلى رحالنا وكان إلى جانب خبائي خباء لنفر من قريش وهم ثلاثة ومعي حذيفة بن اليمان فسمعت أحد الثلاثة وهو يقول: والله إن محمدا لأحمق إن كان يرى أن الأمر ليستقيم لعلي من بعده وقال آخرون: أتجعله أحمق ألم تعلم أنه مجنون قد كاد أن يصرع عند امرأة ابن أبي كبشة.
وقال الثالث: دعوه إن شاء يكون أحمقا وإن شاء يكون مجنونا والله ما يكون ما يقول أبدا.
فغضب حذيفة من مقالتهم فرفع جانب الخباء، فأدخل رأسه إليهم وقال: فعلتموها ورسول الله بين أظهركم ووحي الله ينزل عليكم والله لأخبره بكرة بمقالتكم فقالوا له: يا أبا عبد الله وإنك لهاهنا وقد سمعت ما قلنا اكتم علينا فإن لكل جار أمانة فقال لهم: ما هذا من جوار الأمانة ولا من مجالسها ما نصحت لله ورسوله إن أنا طويت عنه هذا الحديث، فقالوا: يا أبا عبد الله فاصنع ما شئت فوالله ليحلفن إنا لم نقل وإنك قد كذبت علينا افتراه يصدقك ويكذبنا ونحن ثلاثة فقال لهم: أما أنا فلا أبالي إذا أنا أديت النصيحة إلى الله وإلى رسوله فقولوا ما شئتم أن تقولوا ثم مضى حتى أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) جانبه محتب بحمائل سيفه فأخبره بمقالة القوم فبعث إليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأتوه فقال: ماذا قلتم؟ فقالوا: والله ما قلنا شيئا فإن كنت أبلغت عنا شيئا فمكذوب علينا فهبط جبرائيل (عليه السلام) بهذه الآية * (يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم) * قال علي (عليه السلام) عند ذلك ليقولوا ما شاؤوا والله إن قلبي بين أضلاعي وإن سيفي لفي عنقي ولئن هموا لأهمن فقال جبرائيل للنبي (صلى الله عليه وآله): اصبر للأمر الذي هو كائن فأخبر النبي (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) بما أخبره به جبرائيل (عليه السلام) فقال: إذا أصبر للمقادير، قال أبو عبد الله: وقال رجل من الملأ شيخ لئن كنا بين أقوامنا كما يقولون هذا لنحن أشر من الحمير، فقال آخر شاب إلى جنبه: لئن كنت صادقا لنحن أشر من الحمير(1).
____________
(1) تفسير العياشي: 2 / 99 ح 89.
الصفحة 347
الثاني: العياشي عن جعفر بن محمد الخزاعي عن أبيه قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لما قال النبي (صلى الله عليه وآله) ما قال في غدير خم وصار بالأخبية، مر المقداد بجماعة منهم وهم يقولون والله إن كنا وقيصر لكنا في الخز والوشي هو نقش على الثوب. والديباج والنساجات وأنا معه في الأخشنين نأكل الخشن ونلبس الخشن حتى إذا دنا موته وفنيت أيامه وحضر أجله أراد أن يوليها عليا من بعده أما والله ليعلمن! قال: فمضى المقداد فأخبر النبي فقال: الصلاة جامعة، قال: فقالوا: قد رمانا المقداد فقوموا نحلف عليه فجاؤوا حتى جثوا بين يديه فقالوا: بآبائنا وأمهاتنا يا رسول الله والذي بعثك بالحق والذي أكرمك بالنبوة ما قلنا ما بلغك لا والذي اصطفاك على البشر قال: فقال النبي بسم الله الرحمن الرحيم * (يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا) * بك يا محمد ليلة العقبة وما نقموا إلا أن أغناهم الله من فضله كان أحدهم يبيع الروث وآخر يبيع الكراع ونقل القرامل فأغناهم الله برسوله ثم جعلوا حدهم وحديدهم عليه(1).
الثالث: العياشي بإسناده عن أبان بن تغلب عنه (عليه السلام): لما نصب رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا يوم غدير خم فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، فهم رجلان من قريش رؤسهما وقالا: والله لا نسلم له ما قال أبدا.
فأخبر النبي (صلى الله عليه وآله) فسألهما عما قالا، فكذبا وحلفا بالله ما قالا شيئا، فنزل جبرئيل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) * (يحلفون بالله ما قالوا) * الآية قال أبو عبد الله (عليه السلام) لقد توليا وما تابا(2).
الرابع: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: قال نزلت في الذين تخالفوا في الكعبة لا يردوا هذا الأمر في بني هاشم وهي كلمة الكفر، ثم قعدوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في العقبة وهموا بقتله وهو قول الله تعالى: * (وهموا بما لم ينالوا) *(3).
الخامس: ابن بابويه قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي (رضي الله عنه) قال: حدثنا أحمد بن يحيى ابن زكريا القطان قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال: حدثنا تميم بن بهلول عن أبيه عن عبد الله بن الفضل الهاشمي عن أبيه عن زياد بن المنذر قال: حدثني جماعة من المشيخة عن حذيفة بن اليمان أنه قال: الذين نفروا برسول الله (صلى الله عليه وآله) ناقته في منصرفه من تبوك أربعة عشر أبو الشرور وأبو الدواهي وأبو المعازف وأبوه وطلحة وسعد بن أبي وقاص وأبو عبيدة وأبو الأعور والمغيرة وسالم مولى أبي حذيفة وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص وأبو موسى الأشعري وعبد الرحمن بن عوف وهم الذين أنزل الله عز وجل فيهم * (وهموا بما لم ينالوا) *(4).
____________
(1) تفسير العياشي: 2 / 100 ح 90.
(2) تفسير العياشي: 2 / 100 ح 91.
(3) تفسير القمي: 1 / 301.
(4) الخصال: 499 ح 6.
الصفحة 348
السادس: العلامة الحلي في الكشكول عن أحمد بن عبد الرحمن الناوري يوم الجمعة في شهر رمضان سنة عشرين وثلاثمائة قال: قال الحسين والعباس عن المفضل الكرماني قال: حدثني محمد بن صدقة قال محمد بن سنان عن المفضل بن عمر الجعفي عن الصادق (عليه السلام) في قصة النظر ابن الحرث الفهري مع جماعة المنافقين الذين اجتمعوا عند عمر بن الخطاب ليلا وذكر الحديث وقال فيه: فلما رأوه - يعني النظر الفهري - بظهر المدينة ميتا بحجرة من طين انتحبوا وبكوا وقالوا:
من أبغض عليا وأظهر بغضه قتله بسيفه، ومن خرج من المدينة بغضا لعلي فأنزل الله عليه ما ترى، لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل من شيعة علي مثل سلمان وأبي ذر والمقداد وعمار وأشباههم من ضعفاء الشيعة. فأوحى الله إلى نبيه ما قالوا، فلما انصرفوا إلى المدينة أعلمهم رسول الله فحلفوا بالله كاذبين إنهم لم يقولوا فأنزل الله فيهم: * (يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم) * بظاهر القول لرسول الله إنا قد آمنا وأسلمنا لله وللرسول فيما أمرنا به من طاعة علي وهموا بما لم ينالوا من قتل محمد ليلة العقبة وإخراج ضعفاء الشيعة من المدينة بغضا لعلي وما نقموا منهم إلا أن أغناهم الله من فضله بسيف علي في حروب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفتوحه * (فإن يتوبوا يكن خيرا لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير) * والحديث طويل ذكرناه بطوله في قوله تعالى: * (قل فلله الحجة البالغة) * من كتاب البرهان في تفسير القرآن(1).
السابع: ابن شهرآشوب قال: روي أن النبي (صلى الله عليه وآله) لما فرغ من غدير خم ونفر الناس، اجتمع نفر من قريش يتساقون على ما جرى، فمر بهم ضب فقال بعضهم: ليت محمدا أمر هذا الضب دون علي، فسمع ذلك أبو ذر فحكى ذلك لرسول الله (صلى الله عليه وآله) فبعث إليهم وأحضرهم وعرض عليهم مقالتهم فأنكروا وحلفوا فأنزل الله تعالى: * (يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا) * الآية فقال النبي (صلى الله عليه وآله): ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر(2).
____________
(1) مدينة المعاجز: 2 / 276.
(2) مناقب آل أبي طالب: 2 / 242.
الصفحة 349
الباب التاسع والعشرون ومائتان
في قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة) *
من طريق العامة وفيه ثلاثة أحاديث
الأول: أبو المؤيد موفق بن أحمد من أعيان علماء العامة بإسناده عن مجاهد عن ابن عباس قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما أنزل الله آية فيها يا أيها الذين آمنوا إلا وعلي رأسها وأميرها(1).
الثاني: موفق بن أحمد أيضا بإسناده عن عكرمة عن ابن عباس قال: ما أنزل الله تعالى في القرآن آية يقول فيها: يا أيها الذين آمنوا، إلا كان علي بن أبي طالب شريفها وأميرها(2).
الثالث: ابن جبير في نخبه أسند قال: روى جماعة من الثقاة عن الأعمش والليث والعوام عن مجاهد وابن أبي ليلى عن داود بن جريح عن عطاء وعكرمة عن ابن عباس: ما أنزل الله في القرآن آية فيها: يا أيها الذين آمنوا إلا وعلي أميرها وشريفها ونحوه وتفسير وكيع والقطان ونحوه روى الثقفي والعكبري وفي تفسير مجاهد ما في القرآن يا أيها الذين آمنوا إلا وعلي سابقة ذلك، لأنه سابقهم إلى الإسلام فسماه الله تعالى في تسعة وثمانين موضعا أمير المؤمنين(3).
الباب الثلاثون ومائتان
في قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة) *
من طريق الخاصة وفيه حديث واحد
صحيفة الرضا (عليه السلام) قال: ليس في القرآن آية (يا أيها الذين آمنوا) إلا في حقنا(4).
____________
(1) مناقب الخوارزمي: 266 ح 250.
(2) مناقب الخوارزمي: 280 ح 272.
(3) بحار الأنوار: 33 / 333 ح 73، عن الخوارزمي.
(4) صحيفة الإمام الرضا (عليه السلام): 235 ج 36.
الصفحة 350
الباب الحادي والثلاثون ومائتان
فيما نزل عليه القرآن من الأقسام
من طريق العامة وفيه حديث واحد
ابن المغازلي عن ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: إن القرآن أربعة أرباع، فربع فينا أهل البيت خاصة، وربع في أعدائنا، وربع حلال وحرام، وربع فرائض وأحكام، وإن الله أنزل في علي كرائم القرآن(1).
الباب الثاني والثلاثون ومائتان
فيما نزل عليه القرآن من الأقسام
من طريق الخاصة وفيه ستة أحاديث
الأول: محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم عن أبيه، جميعا عن ابن محبوب عن أبي حمزة عن أبي يحيى عن الأصبغ بن نباتة قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: نزل القرآن أثلاثا: ثلث فينا وفي عدونا، وثلث سنن وأمثال، وثلث فرائض وأحكام(2).
الثاني: ابن يعقوب أيضا عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحجال عن علي بن عقبة عن داود بن فرقد عن من ذكره عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن القرآن نزل أربعة أرباع: ربع حلال، وربع حرام، وربع سنن وأحكام، وربع خبر ما كان قبلكم وبناء ما يكون بعدكم وفصل ما بينكم(3).
الثالث: ابن يعقوب عن أبي علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن إسحاق بن عمار عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: نزل القرآن أربعة أرباع: ربع فينا، وربع في عدونا، وربع سنن وأمثال، وربع فرائض وأحكام(4).
الرابع: العياشي عن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: نزل القرآن على أربعة أرباع:
____________
(1) تفسير فرات الكوفي: 249 ح 336.
(2) الكافي: 2 / 628 ح 4.
(3) الكافي: 2 / 627 ح 3.
(4) الكافي: 2 / 628 ح 4.
الصفحة 351
ربع فينا، وربع في عدونا، وربع في فرائض وأحكام، وربع سنن وأمثال، ولنا كرائم القرآن(1).
الخامس: العياشي بإسناده عن الأصبغ بن نباتة قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: نزل القرآن أثلاثا ثلث فينا وفي عدونا، وثلث سنن وأمثال، وثلث فرائض وأحكام(2).
السادس: العياشي بإسناده عن محمد بن خالد الحجاج الكرخي عن بعض أصحابه رفعه إلى خيثمة قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): يا خيثمة القرآن نزل أثلاثا: ثلث فينا وفي أحبائنا، وثلث في أعدائنا وعدو من كان قبلنا، وثلث سنة ومثل، ولو أن الآية إذا نزلت في قوم ثم مات أولئك القوم ماتت الآية، لما بقي من القرآن شئ، ولكن القرآن يجري أوله على آخره ما دامت السماوات والأرض ولكل قوم آية يتلونها هم منها من خير أو شر(3).
____________
(1) تفسير العياشي: 1 / 9 ح 1.
(2) تفسير العياشي: 1 / 9 ح 3.
(3) تفسير العياشي: 1 / 10 ح 7.
الصفحة 352
الباب الثالث والثلاثون ومائتان
في قوله تعالى: * (ن والقلم وما يسطرون ما أنت بنعمة ربك بمجنون) *
من طريق العامة وفيه حديثان
الأول: الطبرسي قال: أخبرنا السيد أبو الحمد مهدي بن نزار الحسيني قال: حدثنا الحاكم أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله الحسكاني قال: أخبرنا أبو عبد الله الشيرازي قال: حدثنا أبو بكر الجرجاني قال: حدثنا أبو أحمد البصري قال: حدثني أبو عمر بن محمد بن تركي قال: حدثنا محمد بن الفضل قال: حدثنا محمد بن شعيب عن عمرو بن شمر عن دلهم بن صالح عن الضحاك ابن مزاحم قال: لما رأت قريش تقديم النبي (عليه السلام) عليا (عليه السلام) وإعظامه له، نالوا من علي وقالوا: قد افتتن به محمد فأنزل الله تعالى: * (ن والقلم وما يسطرون) * قسم أقسم الله به * (ما أنت بنعمة ربك بمجنون وإنك لعلى خلق عظيم) * يعني القرآن إلى قوله: بمن ضل عن سبيله وهم النفر الذين قالوا ما قالوا وهو أعلم بالمهتدين(1).
الثاني: ابن شهرآشوب عن تفسير يعقوب بن سفيان قال: حدثنا أبو بكر الحميدي عن سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس في خبر يذكر فيه وكيفية بعثه النبي (صلى الله عليه وآله) ثم قال:
بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) قائم يصلي مع خديجة إذ طلع عليه علي بن أبي طالب فقال له: ما هذا يا محمد؟
قال: هذا دين الله فآمن به وصدقه ثم كانا يصليان فيركعان ويسجدان فأبصرهما أهل مكة ففشى الخبر فيهم أن محمدا قد جن فنزل * (ن والقلم وما يسطرون ما أنت بنعمة ربك بمجنون) *(2).
الباب الرابع والثلاثون ومائتان
في قوله تعالى: * (ن والقلم وما يسطرون ما أنت بنعمة ربك بمجنون) *
من طريق الخاصة وفيه ثمانية أحاديث
الأول: الحسن بن أبي الحسن الديلمي بإسناده إلى محمد بن الفضيل عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز وجل: * (ن والقلم وما يسطرون) * فنون اسم لرسول الله (صلى الله عليه وآله)
____________
(1) مجمع البيان: 10 / 501.
(2) مناقب آل أبي طالب: 1 / 297.
الصفحة 353
والقلم اسم لأمير المؤمنين (عليه السلام)(1).
الثاني: محمد بن يعقوب عن حسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن الوشاء عن أبان ابن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي العباس المالكي قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إن عمر لقي عليا (عليه السلام) فقال له: أنت الذي تقرأ هذه الآية * (بأيكم المفتون) * وتعرض بي وبصاحبي؟ قال فقال له: أفلا أخبرك بآية نزلت في بني أمية * (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) * فقال: كذبت، بنو أمية أوصل منكم للرحم ولكنك أبيت إلا عداوة لبني تيم وبني عدي وبني أمية(2).
الثالث: محمد بن العباس عن عبد العزيز بن يحيى عن عمرو بن محمد بن الفضيل عن محمد ابن شعيب عن دلهم بن صالح عن الضحاك بن مزاحم قال: لما رأت قريش تقديم النبي (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) وإعظامه له نالوا من علي (عليه السلام) وقالوا: قد افتتن به محمد (صلى الله عليه وآله) فأنزل الله تبارك وتعالى: * (ن والقلم وما يسطرون) * قسم أقسم الله تعالى به * (ما أنت بنعمة ربك بمجنون وإن لك لأجرا غير ممنون وإنك لعلى خلق عظيم فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) * وسبيله علي بن أبي طالب (عليه السلام)(3).
الرابع: محمد بن العباس عن علي بن العباس عن حسن بن محمد عن يوسف بن كليب عن خالد عن حفص عن عمرو بن حنان عن أبي أيوب الأنصاري قال: لما أخذ النبي (صلى الله عليه وآله) بيد علي (عليه السلام) فرفعها وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه. قال أناس إنما افتتن بابن عمه ونزلت الآية * (فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون) *(4).
الخامس: علي بن إبراهيم في تفسيره وهو منسوب إلى الصادق (عليه السلام) قوله: * (فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون) * هكذا نزلت في بني أمية أي حبتر وزفر وعلي قال: وقال الصادق (عليه السلام): لقي عمر أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا علي بلغني أنك تتأول هذه الآية في وفي صاحبي * (فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون) * فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) أفلا أخبرك يا أبا حفص ما نزل في بني أمية * (والشجرة الملعونة في القرآن) * فقال: كذبت يا علي بنو أمية خير منك وأوصل للرحم(5).
السادس: شرف الدين النجفي عن محمد بن جمهور عن حماد بن عيسى عن حسين بن مختار عنهم صلوات الله عليهم أجمعين في قوله: * (ولا تطع كل حلاف مهين) * الثاني * (هماز مشاء بنميم
____________
(1) بحار الأنوار: 32 / 165 ح 49.
(2) الكافي: 8 / 103 ح 76.
(3) بحار الأنوار: 24 / 25 ح 56.
(4) بحار الأنوار: 32 / 165 ح 150.
(5) تفسير القمي: 2 / 380.
الصفحة 354
مناع للخير معتد أثيم عتل بعد ذلك زنيم) * قال: العتل الكافر العظيم الكفر والزنيم ولد الزنا(1).
السابع: شرف الدين قال: روى محمد البرقي عن الأخمسي عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله وزاد فيه:
وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقرأ * (فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون) * فلقيه الثاني فقال له: أنت الذي تقول كذا وكذا تعرض بي وبصاحبي؟ فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): ولم يعتذر إليه، ألا أخبرك بما نزل في بني أمية نزل فيهم * (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) * قال: فكذبه وقال له: هم خير منك وأوصل للرحم(2).
الثامن: أحمد بن محمد بن خالد البرقي عن من حدثه عن جابر قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما من مؤمن إلا وقد خلص ودي إلى قلبه، وما خلص ودي إلى قلب أحد إلا وقد خلص ود علي إلى قلبه، كذب يا علي من زعم أنه يحبني ويبغضك. قال: فقال رجلان من المنافقين لقد فتن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بهذا الغلام. فأنزل الله تبارك وتعالى: * (فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون ودوا لو تدهن فيدهنون ولا تطع كل حلاف مهين) * قال: نزلت فيهم إلى آخر الآية(3).
____________
(1) تفسير البرهان: 4 / 370 ح 6، بحار الأنوار: 30 / 258 ح 120.
(2) تفسير البرهان: 4 / 370 ح 7، تأويل الآيات: 2 / 712 ح 5.
(3) المحاسن: 1 / 151 ح 71.
الصفحة 355
الباب الخامس والثلاثون ومائتان
في قوله تعالى: * (كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه) *
من طريق العامة وفيه حديثان
الأول: روى أبو نعيم في قوله تعالى: * (فاستغلظ فاستوى على سوقه) *(1) قال: اشتهر الإسلام بسيف علي بن أبي طالب(2).
الثاني: ابن مردويه عن الحسن بن علي صلوات الله عليهما قال: استوى الإسلام بسيف علي (عليه السلام)(3).
الباب السادس والثلاثون ومائتان
في قوله تعالى: * (كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ
فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار) *
قال: قوله * (كزرع أخرج شطأه) * أصل الزرع عبد المطلب، وشطأه محمد (صلى الله عليه وآله)، ويعجب الزراع قال: علي بن أبي طالب (عليه السلام)(4).
____________
(1) الفتح: 29.
(2) الصراط المستقيم: 2 / 5، وبحار الأنوار: 32 / 180 ذيل ح 174، وفيه وفي كشف الغمة (1 / 322): عن الحسن قال: استوى الإسلام بسيف علي، وكذا في شواهد التنزيل: 2 / 257 ح 890.
(3) بحار الأنوار: 32 / 180 ح 174.
(4) بحار الأنوار: 24 / 322 ح 32.
الصفحة 356
الباب السابع والثلاثون ومائتان
في قوله تعالى: * (وبشر الذين آمنوا وعملوا
الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار) *
من طريق العامة وفيه حديث واحد
الجبري من أعيان علماء العامة عن ابن عباس قال: فيما نزل في القرآن من خاصة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي وأهل بيته دون الناس من سورة البقرة * (وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات) * الآية نزلت في علي وحمزة وجعفر وعبيدة بن الحرث بن عبد المطلب(1).
الباب الثامن والثلاثون ومائتان
في قوله تعالى: * (فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا) * إلى قوله
* (وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات) *
من طريق الخاصة وفيه حديث واحد
الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام) قال الله عز وجل: * (فإن لم تفعلوا) * هذا الذي تحديتكم به * (ولن تفعلوا) * أي لا يكون ذلك منكم ولا تقدرون عليه، فاعلموا أنكم مبطلون وأن محمدا الصادق الأمين المخصوص برسالة رب العالمين المؤيد بالروح الأمين وبأخيه أمير المؤمنين وسيد الوصيين، فصدقوه فيما يخبر به عن الله تعالى من أوامره ونواهيه وفيما يذكره من فضل علي وصيه وأخيه فاتقوا بذلك عذاب النار التي وقودها - حطبها - الناس والحجارة - حجارة الكبريت أشد الأشياء حرا - أعدت تلك النار للكافرين بمحمد والشاكين في نبوته والدافعين لحق أخيه علي والجاحدين لإمامته.
ثم قال: وبشر الذين آمنوا بالله وصدقوك في نبوتك فاتخذوك إماما وصدقوك في أقوالك وصوبوك في أفعالك واتخذوا أخاك عليا بعدك إماما ولك وصيا مرضيا وانقادوا لما يأمرهم به وصاروا إلى ما أصارهم إليه ورأوا له ما يرون لك إلا النبوة التي أفردت بها وأن الجنان لا تصير لهم إلا
____________
(1) بحار الأنوار: 31 / 347 ح 24.
الصفحة 357
بموالاته وبموالاة من ينص لهم عليه من ذريته وبموالاة سائر أهل ولايته ومعاداة أهل مخالفته وعداوته وأن النيران لا تهدأ عنهم ولا تعدل بهم عن عذابها إلا بتنكبهم عن موالاة مخالفيهم ومؤازرة شانئهم * (وعملوا الصالحات) * من أداء الفرائض واجتناب المحارم ولم يكونوا كهؤلاء الكافرين بك بشرهم أن لهم جنات بساتين. وساق تفسير الآية(1).
____________
(1) تفسير الإمام العسكري: 202 ح 92.
الصفحة 358
الباب التاسع والثلاثون ومائتان
في قوله تعالى: * (ويوم يعض الظالم على يديه فيقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا) *
إلى قوله تعالى: * (وكان الشيطان للإنسان خذولا) *
من طريق العامة وفيه حديثان
الأول: محمد بن إبراهيم النعماني المعروف بابن زينب في كتاب " الغيبة " رواه من طريق النصاب قال: حدثنا محمد بن عبد الله المعمر الطبراني بطبرية سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة، وكان هذا الرجل من موالي يزيد بن معاوية ومن النصاب قال: حدثنا أبي قال: حدثنا علي بن هاشم والحسن ابن السكن قالا: حدثنا عبد الرزاق بن همام قال: أخبرني عن مينا مولى عبد الرحمن بن عوف عن جابر ابن عبد الله الأنصاري قال: وفد على رسول الله (صلى الله عليه وآله) أهل اليمن فقال النبي (صلى الله عليه وآله):
جاءكم أهل اليمن يسبون بسيسا. فلما دخلوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: قوم رقيقة قلوبهم راسخ إيمانهم، ومنهم المنصور يخرج في سبعين ألفا ينصر خلفي وخلف وصيي، حمائل سيوفهم المسك، فقالوا: يا رسول الله ومن وصيك؟ فقال: هو الذي أمركم الله بالاعتصام به، فقال عز وجل:
* (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) * فقالوا: يا رسول الله بين لنا ما هذا الحبل؟ فقال: هو قول الله عز وجل: * (ألا بحبل من الله وحبل من الناس) * فالحبل الذي من الله كتابه، والحبل الذي من الناس وصيي، فقالوا: يا رسول الله ومن وصيك؟ فقال: هو الذي أنزل الله فيه: * (أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله) *.
فقالوا: يا رسول الله وما جنب الله هذا؟
فقال: هو الذي يقول الله فيه: * (ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا) * قال: وصيي السبيل إلي من بعدي فقالوا: يا رسول الله بالذي بعثك بالحق نبيا أرناه فقد اشتقنا إليه، فقال: هو الذي جعله الله آية للمتوسمين فإن نظرتم إليه من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد عرفتم أنه وصيي كما عرفتم إني نبيكم فتخللوا الصفوف وتصفحوا الوجوه فما أهوت إليه قلوبكم فإنه هو، لأن الله عز وجل يقول في كتابه: * (واجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم) * إليه وإلى ذريته (عليه السلام).
الصفحة 359
قال: فقام أبو عامر الأشعري في الأشعريين، وأبو عزة الخولاني في الخولانيين، وضبيان وعثمان بن قيس وعربة الدوسي في الدوسيين، ولاحق بن علاقة فتخللوا الصفوف وتصفحوا الوجوه وأخذوا بيد الأصلع البطين وقالوا: إلى هذا أهوت أفئدتنا يا رسول الله، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أنتم نخبة الله حين عرفتم وصي رسول الله قبل أن تعرفوه فبم عرفتم أنه هو؟ فرفعوا أصواتهم يبكون وقالوا: يا رسول الله نظرنا إلى القوم فلم تنجس لهم ولما رأيناه وجفت قلوبنا ثم اطمأنت نفوسنا، فانجاست أكبادنا وهملت أعيننا وتبلجت صدورنا حتى كأنه لنا أب ونحن عنده بنون فقال النبي (صلى الله عليه وآله) * (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) * أنتم منه بالمنزلة التي سبقت لكم بها الحسن وأنتم عن النار مبعدون قال: فبقي هؤلاء القوم المسمون حتى شهدوا مع أمير المؤمنين الجمل وصفين وقتلوا بصفين رحمهم الله وكان النبي (صلى الله عليه وآله) يبشرهم بالجنة وأخبرهم أنهم يستشهدون مع علي بن أبي طالب كرم الله وجهه(1).
الثاني: صاحب كتاب " الصراط المستقيم " أظن طريقه من طريق العامة قال: حدث الحسين بن كثير عن أبيه قال: دخل محمد بن أبي بكر على أبيه وهو يتلوى فقال: ما حالك؟ قال: مظلمة ابن أبي طالب فلو استحللته، فقال لعلي في ذلك، فقال: قل له أيت المنبر وأخبر الناس بظلامتي، فبلغه فقال: فما أراد أن يصلي على أبيك اثنان.
فقال محمد: كنت عند أبي أنا وعمر وعائشة وأخي فدعا بالويل ثلاثا وقال: هذا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يبشرني بالنار وبيده الصحيفة التي تعاقدنا عليها، فخرجوا دوني وقالوا يهجر فقلت: تهذي، قال: لا والله لعن الله ابن صهاك فهو الذي صدني عن الذكر بعد إذ جاءني فما زال يدعو بالثبور حتى غمضته ثم أوصاني لا أتكلم حذرا من الشماتة.
وقال صاحب كتاب " الصراط المستقيم " عقيب ذلك: فأين هذا من قول علي (عليه السلام): إني إلى لقاء ربي لمشتاق ولحسن ثوابه لمنتظر(2).
____________
(1) الغيبة: 39 - 41، باب 2 ح 1.
(2) الصراط المستقيم: 2 / 300.
الصفحة 360
الباب الأربعون ومائتان
في قوله تعالى: * (ويوم يعض الظالم على يديه فيقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا) *
إلى قوله تعالى: * (وكان الشيطان للإنسان خذولا) *
من طريق الخاصة وفيه ثمانية أحاديث
الأول: محمد بن العباس الثقة قال: حدثنا أحمد بن القاسم عن أحمد بن محمد السياري عن محمد بن خالد عن حماد عن حريز عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: قوله عز وجل: * (يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا) * يعني علي بن أبي طالب (عليه السلام)(1).
الثاني: محمد بن العباس بالإسناد عن محمد بن خالد عن محمد بن علي عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل: * (يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا) * يعني علي بن أبي طالب (عليه السلام)(2).
الثالث: محمد بن إسماعيل (رحمه الله) بإسناده عن جعفر بن محمد الطيار عن أبي الخطاب عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: والله ما مكني الله في كتابه حتى قال: يا ويلتي ليتني لم أتخذ الثاني خليلا، وإنما هي في مصحف علي (عليه السلام) يا ويلتي ليتني لم أتخذ فلانا خليلا وسيظهر يوما(3).
الرابع: عن محمد بن جمهور عن حماد بن عيسى عن حريز عن رجل عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال:
* (يوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتي ليتني لم اتخذ فلانا خليلا) * قال: يقول الأول للثاني(4).
الخامس: محمد بن يعقوب عن محمد بن علي بن معمر عن محمد بن علي بن عكاية التميمي عن حسين بن النضر الفهري عن أبي عمر الأوزاعي عن عمرو بن شمر عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث طويل يذكر فيه خطبة لعلي (عليه السلام) قال فيها (عليه السلام) من تقدم عليه في الخلافة وتظلمه منهم قال (عليه السلام): ولئن تقمصها دوني الأشقيان ونازعاني فيما ليس لهما بحق وركباها ضلالة واعتقداها جهالة فلبئس ما عليه وردا ولبئس ما لأنفسهما مهدا يتلاعنان في دورهما ويتبرأ كل واحد منهما من
____________
(1) بحار الأنوار: 24 / 17 ح 28.
(2) بحار الأنوار: 24 / 17 ح 28.
(3) بحار الأنوار: 24 / 19 ح 31.
(4) بحار الأنوار: 24 / 19 ح 31.
الصفحة 361
صاحبه يقول لقرينه إذا التقيا: يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين، فيجيبه الأشقى على رثوثة: يا ليتني لم اتخذك خليلا لقد أضللتني عن الذكر بعد إذ جاءني، وكان الشيطان للإنسان خذولا، فأنا الذكر الذي عنه ضل والسبيل الذي عنه مال والإيمان الذي به كفر والقرآن الذي إياه هجر والدين الذي به كذب والصراط الذي عنه نكب. والخطبة طويلة تأتي بطولها في الباب الأربعين ومائة: في أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قسيم الجنة والنار من طريق الخاصة(1).
السادس: محمد بن الحسن الشيباني في تفسيره " نهج البيان " عن الباقر والصادق (عليهما السلام) في معنى الآية: السبيل هاهنا علي (عليه السلام) * (يا ويلتي ليتني لم اتخذ فلانا خليلا لقد أضلني عن الذكر) * يعني عليا (عليه السلام) وقال أيضا: وروي عن الباقر والصادق (عليهما السلام) أن هذه الآيات نزلت في رجلين من مشايخ قريش أسلما بألسنتهما وكانا ينافقان النبي (عليه السلام)، وآخا بينهما يوم الأخاء فصد أحدهما صاحبه عن الهدى فهلكا جميعا، فحكى الله تعالى حكايتهما في الآخرة وقولهما عندما ينزل عليهما من العذاب فيحزن ويتأسف على ما تقدم ويتندم حيث لم ينفعه الندم(2).
السابع: علي بن إبراهيم في تفسيره في معنى الآية والتفسير منسوب إلى الصادق (عليه السلام) قوله:
* (ويوم يعض الظالم على يديه) * قال: الأول يقول: * (يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا) * قال أبو جعفر (عليه السلام) يقول: يا ليتني اتخذت مع الرسول عليا - وفي نسخة - عليا وليا * (يا ويلتا ليتني لم أتخذ فلانا خليلا) * يعني الثاني * (لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني) * يعني الولاية * (وكان الشيطان) * وهو الثاني * (للإنسان خذولا) *(3).
الثامن: الإمام أبو محمد الحسن العسكري (عليه السلام) في تفسيره قال: قال العالم (عليه السلام) عن أبيه عن جده عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: ما من عبد ولا أمة أعطى بيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) في الظاهر ونكثها في الباطن وأقام على نفاقه، إلا وإذا جاءه ملك الموت ليقبض روحه تمثل له إبليس وأعوانه وتمثل له النيران وأصناف عقابها بعينه وقلبه ومقاعده من مضايقها، وتمثل له أيضا الجنان ومنازله فيها لو كان بقي على إيمانه ووفى ببيعته، فيقول له ملك الموت انظر فتلك الجنان التي لا يقدر قدر سراتها(4)
وبهجتها وسرورها إلا رب العالمين كانت معدة لك فلو كنت بقيت على ولايتك لأخي محمد (صلى الله عليه وآله) كان يكون إليها مصيرك يوم فصل القضاء لكنك نكثت وخالفت فتلك النيران وأصناف عذابها
____________
(1) الكافي: 8 / 27 ح 2.
(2) لم نجده في المصادر المتوفرة.
(3) تفسير القمي: 2 / 113.
(4) في التفسير: سرائها وبالهامش عن بعض النسخ: مسراتها.
الصفحة 362
وزبانيتها بمرزباتها(1) وأفاعيها الفاغرة أفواهها وعقاربها الناصبة أذنابها وسباعها الشائلة مخالبها وسائر أصناف عذابها هو لك وإليها مصيرك فيقول: يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا فقبلت ما أمرني والتزمت ما لزمني من موالاة علي بن أبي طالب (عليه السلام) ما ألزمني(2).
____________
(1) ومرزباتها - بميم مكسورة مع التخفف - والمحدثون يشددون الباء من المرزبة والصواب تخفيفه: عصا كبيرة من حديد تتخذ.
(2) تفسير الإمام العسكري: 131 ح 66.
الصفحة 363
الباب الحادي والأربعون ومائتان
في قوله تعالى: * (أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها) *
من طريق العامة وفيه حديثان
الأول: ابن شهرآشوب من طريق العامة عن تفسير وكيع وسفيان والسدي وأبي صالح: أن عبد الله ابن عمر قرأ قوله تعالى: * (أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها) * يوم قتل أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال: يا أمير المؤمنين لقد كنت الطرف الأكبر في العلم اليوم نقص علم الإسلام ومضى ركن الأيمان(1).
الثاني: الزعفراني عن المزني عن الشافعي عن مالك عن سمي عن أبي صالح قال: لما قتل علي ابن أبي طالب قال ابن عباس: هذا اليوم نقص العلم من أرض المدينة ثم إن نقصان الأرض نقصان علماءها وخيار أهلها إن الله لا يقبض هذا العلم انتزاعا ينتزعه من صدور الرجال ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا فيسئلوا فيفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا(2).
الباب الثاني والأربعون ومائتان
في قوله تعالى: * (أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها) *
من طريق الخاصة وفيه أربعة أحاديث
الأول: محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن محمد بن علي عن من ذكره عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان علي بن الحسين (عليه السلام) يقول: إنه تسخي نفسي في سرعة الموت أو القتل فينا قول الله عز وجل * (أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها) * فقال: فقد العلماء(3).
الثاني: الطبرسي عن أبي عبد الله (عليه السلام): ننقصها بذهاب علمائها وفقهائها وخيارها(4).
____________
(1) مناقب آل أبي طالب: 1 / 92.
(2) بحار الأنوار: 38 / 236 ح 45، عن ابن شهرآشوب.
(3) الكافي: 1 / 38 ح 2.
(4) مجمع البيان: 6 / 52.
الصفحة 364
الثالث: ابن بابويه في " الفقيه " مرسلا عن الصادق (عليه السلام) أنه سئل عن قول الله عز وجل: * (أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها) * فقال: فقد العلماء(1).
الرابع: علي بن إبراهيم في تفسيره في معنى الآية قال: قال: موت علمائها(2).
____________
(1) الفقيه: 1 / 186 ح 560.
(2) تفسير القمي: 1 / 367.
الصفحة 365
الباب الثالث والأربعون ومائتان
في قوله تعالى: * (وقال الذين كفروا ربنا أرنا الذين أضلانا
من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين) *
من طريق العامة وفيه حديثان
الأول: روى صاحب كتاب " الصراط المستقيم " وأظن أن طريقه من طرق العامة عن القاسم بن جندب عن ابن عباس وعن الباقرين (عليهما السلام) في قوله تعالى: * (ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس) * هما الأول والثاني(1).
الثاني: عكرمة - وهو من الخوارج - عن ابن عباس قال (عليه السلام) - يعني عليا: أول من يدخل النار في مظلمتي عتيق وابن الخطاب وقرأ الآية. قال: وروي أنها عندما نزلت دعاهما النبي (صلى الله عليه وآله) وقال فيكما نزلت(2).
الباب الرابع والأربعون ومائتان
في قوله تعالى: * (وقال الذين كفروا ربنا أرنا الذين أضلانا
من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين) *
من طريق الخاصة وفيه أربعة أحاديث
الأول: محمد بن يعقوب عن أحمد بن محمد القمي عن عمه عبد الله بن الصلت عن يونس بن عبد الرحمن عن عبد الله بن سنان عن حسين الجمال عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله تبارك وتعالى:
* (ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين) * قال: هما، ثم قال: وكان فلان شيطانا(3).
الثاني: ابن يعقوب بهذا الإسناد عن يونس عن سورة بن كليب عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله تبارك وتعالى: * (ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين) *
____________
(1) الصراط المستقيم: 3 / 39، وتأويل الآيات: 2 / 535.
(2) الصراط المستقيم: 3 / 39.
(3) الكافي: 8 / 334 ح 523.
الصفحة 366
قال: يا سورة هما والله هما - ثلاثا - والله يا سورة إنا لخزان علم الله في السماء وإنا لخزان علم الله في الأرض(1).
الثالث: أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه في كامل الزيارات قال: حدثني محمد بن عبد الله ابن جعفر الحميري عن أبيه عن علي بن محمد بن سالم عن محمد بن خالد عن عبد الله بن حماد البصري عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث طويل يصف فيه حال أبي بكر وعمر يوم القيامة فيؤتيان هو وصاحبه فيضربان بسياط من نار لو وقع سوط منها على البحار لغلت من مشرقها إلى مغربها ولو وضعت على جبال الدنيا لذابت حتى تصير رمادا فيضربان بها ثم يجثو أمير المؤمنين (عليه السلام) للخصومة بين يدي الله مع الرابع ويذهب الثلاثة في جب فيطبق عليهم لا يراهم أحد ولا يرون أحدا فيقول الذين كانوا في ولايتهم * (ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين) * قال الله عز وجل: * (ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون) *(2).
الرابع: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: قال العالم: من الجن إبليس الذي دل على قتل رسول الله (صلى الله عليه وآله) في دار الندوة وأضل الناس بالمعاصي وجاء بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى أبي بكر وبايعه، ومن الإنس فلان نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين(3).
____________
(1) الكافي: 8 / 334 ح 524.
(2) كامل الزيارات: 551 / 12.
(3) تفسير القمي: 2 / 265.
الصفحة 367
الباب الخامس والأربعون ومائتان
في قوله تعالى: * (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) *
إلى قوله تعالى: * (إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعدما تبين لهم الهدى) *
من طريق العامة وفيه ثلاثة أحاديث
الأول: الثعلبي في تفسيره في تفسير قوله تعالى: * (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض) * إن الآية نزلت في بني أمية أولئك الذين لعنهم الله وأصمهم وأعمى أبصارهم(1).
الثاني: محمد بن العباس رواه من طريق العامة قال: حدثنا محمد بن أحمد الكاتب عن حسين ابن خزيمة الرازي عن عبد الله بن بشير عن أبي هودة عن إسماعيل بن عباس عن جويبر عن الضحاك عن ابن عياش في قوله عز وجل: * (فهل عسيتم إن توليتم) * أن الآية نزلت في بني أمية وبني المغيرة أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم(2).
الثالث: كتاب " الصراط المستقيم " رواه من طريق العامة قال أسند سليم إلى معاذ بن جبل أنه عند وفاته دعا على نفسه بالويل والثبور، قلت: إنك لتهذي، قال: لا والله، قلت: فلم ذلك؟
قال: لموالاتي عتيقا وعمر على أن أزوي خلافة رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن علي. قال: وروي مثل ذلك عن عبد الله بن عمر أن أباه عمر قاله، قال: وروي عن محمد بن أبي بكر أن أباه قاله وزاد فيه أن أبا بكر قال: هذا رسول الله ومعه علي بيده الصحيفة التي تعاهدنا عليها في الكعبة وهو يقول: وقد وفيت بها وتظاهرت على ولي الله أنت وأصحابك، فأبشر بالنار في أسفل السافلين، ثم لعن ابن صهاك وقال: هو الذي صدني عن الذكر بعد إذ جائني، قال: قال العباس بن الحارث: لما تعاقدوا عليها نزلت * (الذين ارتدوا على أدبارهم) * الآية قال: وقد ذكرها أبو إسحاق في كتابه وابن حنبل في مسنده والحافظ في حليته والزمخشري في فائقه ونزل * (ومكروا مكرا، ومكرنا مكرا) * الآيتان(3).
____________
(1) تفسير الثعلبي المخطوط، مورد الآية، ونبشر القراء الأعزاء أنه قيد الطبع.
(2) بحار الأنوار: 23 / 385 ح 89.
(3) الصراط المستقيم: 2 / 300.
الصفحة 368
الباب السادس والأربعون ومائتان
في قوله تعالى: * (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) *
إلى قوله: * (إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعدما تبين لهم الهدى) *
من طريق الخاصة وفيه ثلاثة عشر حديثا
الأول: محمد بن يعقوب عن حسن بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن الوشاء عن أبان بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عباس المالكي قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول:
إن عمر لقي عليا (عليه السلام) فقال له: أنت الذي تقرأ هذه الآية * (بأيكم المفتون) * تعرض بي وبصاحبي فقال: أفلا أخبرك بآية نزلت في بني أمية: * (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) * فقال: كذبت بنو أمية أوصل للرحم منكم ولكنك أبيت إلا عداوة لبني تيم وبني عدي وبني أمية(1).
الثاني: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن خالد عن الحسن بن علي الخزاز عن أبان بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي العباس المكي قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إن عمر لقي عليا. الحديث المتقدم(2).
الثالث: شرف الدين النجفي في " تأويل الآيات الباهرة " قال: ذكر علي بن إبراهيم في تفسيره في تأويل هذه السورة قال: حدثني أبي عن إسماعيل بن مراد عن محمد بن الفضيل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز وجل: * (ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم) * فقال تعالى: * (ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما أنزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم أسرارهم) * قال:
إن رسول الله لما أخذ الميثاق لأمير المؤمنين (عليه السلام) قال: أتدرون من وليكم من بعدي؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، فقال: إن الله يقول: * (وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين) * يعني عليا هو وليكم من بعدي هذه الأولى، وأما الثانية لما أشهدهم يوم غدير خم وقد كانوا يقولون لئن قبض الله محمدا لا نرجع هذا الأمر في آل محمد ولا نعطيهم من الخمس شيئا فاطلع الله نبيه على ذلك وأنزل عليهم * (أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون) * وقال
____________
(1) الكافي: 8 / 203 ح 76 و: 239 ح 325.
(2) تفسير القمي: 2 / 308.
الصفحة 369
أيضا فيهم: * (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم * أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها * إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى) * والهدى سبيل أمير المؤمنين * (الشيطان سول لهم وأملى لهم) * قال:
وقرأ أبو عبد الله (عليه السلام) هذه الآية هكذا: فهل عسيتم إن توليتم وسلطتم وملكتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم، نزلت في بني عمنا بني أمية، وفيهم يقول الله تعالى: * (أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم أفلا يتدبرون القرآن) * فيقضوا ما عليهم من الحق * (أم على قلوب أقفالها) * قال أبو عبد الله (عليه السلام): كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يدعو أصحابه من أراد الله به خيرا سمع وعرف ما يدعوه إليه ومن أراد به سوءا طبع على قلبه فلا يسمع ولا يعقل وهو قول الله عز وجل: * (إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهوائهم) * وقال (عليه السلام): لا يخرج من شيعتنا أحد إلا أبدلنا الله به من هو خير منه، وذلك لأن الله يقول: * (وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) *(1).
الرابع: شرف الدين النجفي - أيضا - قال: ومنها ما رواه مرفوعا عن ابن أبي عمير عن حماد بن عيسى عن محمد الحلبي قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): * (فهل عسيتم إن توليتم وسلطتم وملكتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) * قال: نزلت هذه الآية في بني عمنا بني العباس وبني أمية ثم قرأ: * (أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم) * عن الدين * (وأعمى أبصارهم) * عن الوصي ثم قرأ: * (إن الذين ارتدوا على أدبارهم) * بعد ولاية علي * (من بعدما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم) *، ثم قرأ: * (والذين اهتدوا) * بولاية علي * (زادهم هدى) * حيث عرفهم الأئمة من بعده والقائم (عليه السلام) * (وأتاهم تقواهم) * أي ثواب تقواهم أمانا من النار.
وقال (عليه السلام): وقوله عز وجل: * (فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين) * وهم علي صلوات الله عليه وأصحابه * (والمؤمنات) * وهن خديجة وصويحباتها وقال (عليه السلام): وقوله * (والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد) * في علي * (هو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم) * ثم قال: * (والذين كفروا) * بولاية علي * (يتمتعون) * بدنياهم * (ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم) * ثم قال (عليه السلام): * (مثل الجنة التي وعد المتقون) * وهم آل محمد (صلى الله عليه وآله) وأشياعهم ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): أما قوله * (فيها أنهار) * فالأنهار رجال، وقوله: * (ماء غير آسن) * فهو علي (عليه السلام) في الباطن وقوله تعالى: * (وأنهار من لبن لم يتغير طعمه) * فإنه الإمام (عليه السلام)، وأما قوله: * (وأنهار
____________
(1) بحار الأنوار: 23 / 387 ح 93 و 94.
الصفحة 370
من خمرة لذة للشاربين) * فإنه علمهم يتلذذ منه شيعتهم وإنما كنى عن الرجال بالأنهار على سبيل المجاز، أي أصحاب الأنهار ومثله * (واسأل القرية) * الأئمة صلوات الله عليهم هم أصحاب الجنة وملاكها ثم قال (عليه السلام) فذلك قوله * (ومغفرة من ربهم) * فإنها ولاية أمير المؤمنين ثم قال (عليه السلام): * (كمن هو خالد في النار) * أي أن المتقين كمن هو خالد في ولاية عدو آل محمد، وولاية عدو آل محمد هي النار من دخلها فقد دخل النار، ثم أخبر سبحانه عنهم * (وسقوا ماء حميما فقطع أمعائهم) * قال جابر:
ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): نزل جبرائيل بهذه الآية على محمد (صلى الله عليه وآله) هكذا * (ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله) * في علي (عليه السلام) * (فأحبط أعمالهم) *. وقال جابر: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: * (أفلم يسيروا في الأرض) * فقرأ أبو جعفر (عليه السلام) * (الذين كفروا) * حتى بلغ إلى * (أفلم يسيروا في الأرض) * ثم قال: هل لك في رجل يسير بك فيبلغ بك من المطلع إلى المغرب في يوم واحد؟ قال: فقلت: يا بن رسول الله جعلني الله فداك ومن لي بهذا؟ فقال: ذاك أمير المؤمنين (عليه السلام) ألم تسمع قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): لتبلغن بك الأسباب والله لتركبن السحاب والله لتعطين عصى موسى والله لتعطين خاتم سليمان، ثم قال: هذا قول رسول الله (صلى الله عليه وآله)(1).
الخامس: محمد بن يعقوب عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن أرومة وعلي ابن محمد بن عبد الله عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله تعالى: * (إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعدما تبين لهم الهدى) * فلان وفلان وفلان ارتدوا عن الإيمان في ترك ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) قلت: قوله تعالى: * (ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما أنزل الله سنطيعكم في بعض الأمر) * قال: نزلت والله فيهما وفي أتباعهما وهو قول الله عز وجل الذي نزل به جبرئيل على محمد (صلى الله عليه وآله) * (بأنهم قالوا للذين كرهوا ما أنزل الله) * في علي سنطيعكم في بعض الأمر، قال: دعوا بني أمية إلى ميثاقهم أن لا يصيروا الأمر فينا بعد النبي (صلى الله عليه وآله) ولا يعطونا من الخمس شيئا وقالوا إن أعطيناهم إياه لم يحتاجوا إلى شئ ولم يبالوا أن لا يكون الأمر فيهم، فقالوا سنطيعكم في بعض الأمر الذي دعوتمونا إليه وهو الخمس ألا نعطيهم منه شيئا. وقوله كرهوا ما نزل الله والذي نزل الله ما افترض على خلقه من ولاية علي (عليه السلام) وكان معهم أبو عبيدة وكان كاتبهم، فأنزل الله عز وجل * (أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم) * الآية(2).
السادس: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: حدثنا محمد بن القاسم عن عبيد الكندي قال:
حدثنا عبد الله بن الفارس عن محمد بن علي عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: * (إن الذين ارتدوا على
____________
(1) بحار الأنوار: 24 / 321 ح 31.
(2) الكافي: 1 / 421 ح 44.
الصفحة 371
أدبارهم عن الإيمان) * بتركهم ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) * (الشيطان سول لهم وأملى لهم) * يعني الثاني قوله: * (ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله) * وهو ما افترض على خلقه من ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) * (سنطيعكم في بعض الأمر) * قال: دعوا بني أمية إلى ميثاقهم أن لا يصيروا الأمر لنا بعد النبي، ولا يعطونا من الخمس شيئا، وقالوا: إن أعطيناهم الخمس استغنوا به، وقالوا: سنطيعكم في بعض الأمر، أي لا تعطوهم من الخمس شيئا، فأنزل الله على نبيه: * (أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون) *(1).
السابع: محمد بن العباس قال: حدثنا علي بن سليمان الرازي عن محمد بن الحسين عن ابن فضال عن أبي جميلة عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: * (إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى) * قال: الهدى هو سبيل علي بن أبي طالب (عليه السلام)(2).
الثامن: محمد بن العباس قال: حدثنا علي بن عبد الله عن إبراهيم بن محمد عن إسماعيل بن يسار عن علي بن جعفر الحضرمي عن جابر بن يزيد قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل:
* (ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم) *(3)، قال: كرهوا عليا وكان على رضا الله ورضا رسوله، أمر الله بولايته يوم بدر ويوم حنين وببطن نخلة ويوم التروية نزلت فيه اثنتان وعشرون آية في الحجة التي صد فيها رسول الله (عليه السلام) عن المسجد الحرام بالجحفة وبخم.(4)
التاسع: علي بن إبراهيم في تفسيره أيضا في قوله: * (إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى) *(5) نزلت في الذين نقضوا عهد الله في أمير المؤمنين (عليه السلام) * (الشيطان سول لهم) * أي:
هين وهو فلان * (وأملى لهم) * أي: بسط لهم أن لا يكون مما يقول محمد (صلى الله عليه وآله) شئ * (ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله) * يعني: في أمير المؤمنين (عليه السلام) * (سنطيعكم في بعض الأمر) *(6) يعني:
في الخمس أن لا يردوه في بني هاشم والله يعلم أسرارهم، قال الله: * (فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم) *(7) بنكثهم وبغيهم وإمساكهم الأمر من بعد أن أبرم عليهم إبراما يقول:
إذا ماتوا ساقهم الملائكة إلى النار فيضربونهم من خلفهم ومن قدامهم ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله، يعني: هؤلاء فلان وفلان وظالمي أمير المؤمنين * (فأحبط الله أعمالهم) *(8) يعني: التي عملوها
____________
(1) تفسير القمي: 2 / 308.
(2) بحار الأنوار: 23 / 386 ح 90.
(3) محمد: 28.
(4) بحار الأنوار: 24 / 92 / ح 2.
(5) محمد: 25.
(6) محمد: 26.
(7) محمد: 27.
(8) الأحزاب: 19.
الصفحة 372
من الخير.(1)
العاشر: الطبرسي في مجمع البيان في معنى الآية قال: المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهم السلام) " إنهم بنو أمية كرهوا ما أنزل الله في ولاية علي (عليه السلام) ".(2)
الحادي عشر: ابن شهرآشوب عن الباقر (عليه السلام) في معنى الآية قال: كرهوا عليا وكان أمر الله بولايته يوم بدر ويوم حنين ويوم بطن نخلة ويوم التروية ويوم عرفة نزلت فيه خمس عشرة آية في الحجة التي صد فيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن المسجد الحرام والجحفة وبخم ".(3)
ورواه عن الباقر (عليه السلام) ابن الفارسي في روضة الواعظين.(4)
الثاني عشر: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: حدثنا جعفر بن أحمد قال: حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم عن محمد بن علي عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " نزل جبرائيل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بهذه الآية هكذا * (ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله) * في علي * (فأحبط أعمالهم) *(5) ".(6)
الثالث عشر: محمد بن العباس قال: حدثنا أحمد بن القاسم عن أحمد بن محمد عن أحمد بن محمد بن خالد عن محمد بن علي عن ابن الفضيل عن أبي حمزة عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال قوله تعالى: " * (ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله) * في علي * (فأحبط أعمالهم) * ".(7)
____________
(1) تفسير القمي: 2 / 309.
(2) مجمع البيان: 9 / 160.
(3) مناقب آل أبي طالب: 3 / 120.
(4) روضة الواعظين: 106.
(5) محمد: 9.
(6) تفسير القمي: 2 / 302.
(7) بحار الأنوار: 23 / 385 / ح 87.
الصفحة 373
في قوله تعالى: * (فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين) *
الباب السابع والأربعون ومائتان
في قوله تعالى: * (فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين) *(1)
من طريق العامة وفيه ثلاثة أحاديث
الأول: أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه في كامل الزيارات من طريق العامة قال: حدثني جعفر بن محمد الزرار عن محمد بن الحسين عن الحكم بن مسكين عن داود بن عيسى الأنصاري عن محمد بن عبد الرحمن ابن أبي ليلى عن إبراهيم النخعي قال: خرج أمير المؤمنين (عليه السلام) فجلس في المسجد واجتمع أصحابه حوله فجاء الحسين (عليه السلام) حتى قام بين يديه فوضع يده على رأسه فقال: " يا بني إن الله غير أقواما بالقرآن فقال: * (فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين) * وأيم الله لتقتلن من بعدي ثم تبكيك السماء والأرض ".(2)
الثاني: أبو القاسم هذا قال: حدثني أبي (رحمه الله) عن سعد بن عبد الله عن محمد بن حسين بن أبي الخطاب بإسناده مثله.(3)
الثالث: الثعلبي في تفسيره قال السدي: لما قتل الحسين (عليه السلام) بكت عليه السماء وبكاؤها حمرتها. قال: وحكى ابن سيرين: أن الحمرة لم تر قبل قتله، وعن سليم القاضي: مطرنا دما أيام قتله.(4)
____________
(1) الدخان: 29.
(2) كامل الزيارات: 180 / 2، بحار الأنوار: 45 / 209.
(3) كامل الزيارات: 180 / 3.
(4) نقله عنه ابن البطريق في العمدة: 404 / ح 836، ورواه السيوطي في الدر المنثور: 6 / 31.
الصفحة 374
الباب الثامن والأربعون ومائتان
في قوله تعالى: * (فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين) *
من طريق الخاصة وفيه عشرة أحاديث
الأول: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: حدثني أبي عن حنان بن سدير عن عبد الله بن الفضل الهمداني عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: " مر عليه رجل عدو لله ولرسوله فقال: * (فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين) *(1) ثم مر عليه الحسين بن علي (عليه السلام) فقال لكن هذا لتبكين عليه السماء والأرض - وقال: وما بكت السماء والأرض إلا على يحيى بن زكريا وعلى الحسين بن علي (عليه السلام) ".(2)
الثاني: أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه في كامل الزيارات قال: حدثني أبي (رحمه الله) وجماعة مشايخنا عن علي بن الحسين ومحمد بن الحسن عن سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن أحمد بن الحسن الميثمي عن علي الأزرق عن الحسن بن الحكم النخعي عن رجل قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) في الرحبة وهو يتلو هذه الآية: " * (فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين) * إذ خرج عليه الحسين بن علي (عليهما السلام) من بعض أبواب المسجد فقال له: " أما هذا سيقتل وتبكي عليه السماء والأرض ".(3)
الثالث: أبو القاسم هذا قال: حدثني علي بن الحسين بن موسى عن علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن ابن فضال عن أبي جميلة عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: * (فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين) * قال: " لم تبك السماء أحدا منذ قتل يحيى بن زكريا حتى قتل الحسين (عليه السلام) فبكت عليه ".(4)
الرابع: أبو القاسم هذا قال: حدثني أبي وعلي بن الحسين جميعا عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد البرقي عن محمد بن خالد عن عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن زيد الحسني عن الحسن بن الحكيم النخعي عن كثير بن شهاب الحارثي قال: بينا نحن جلوس عند أمير
____________
(1) الدخان: 29.
(2) تفسير القمي: 2 / 291.
(3) كامل الزيارات: 180 / 2.
(4) كامل الزيارات: 182 / 8.
الصفحة 375
المؤمنين (عليه السلام) في الرحبة إذ طلع الحسين (عليه السلام) فضحك علي ضحكا حتى بدت نواجده ثم قال: " إن الله ذكر قوما فقال * (فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين) * والذي فلق الحبة وبرء النسمة ليقتلن هذا ولتبكين عليه السماء والأرض ".(1)
الخامس: أبو القاسم هذا قال: حدثني أبي عن سعد بن عبد الله عن عبد الله بن جعفر الحميري عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد الرقي عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني العلوي عن الحكم بن الحسن النخعي عن كثير بن شهاب الحارثي قال بينما نحن جلوس عند أمير المؤمنين (عليه السلام) بالرحبة إذ طلع الحسين (عليه السلام) قال: فضحك علي (عليه السلام) حتى بدت نواجده ثم قال: " إن الله ذكر قوما فقال * (فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين) * والذي فلق الحبة وبرء النسمة ليقتلن هذا ولتبكين عليه السماء والأرض ".(2)
السادس: أبو القاسم هذا، حدثني أبي عن محمد بن الحسن بن علي بن مهزيار عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن داود بن فرقد قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " كان الذي قتل الحسين ولد زنا والذي قتل يحيى بن زكريا ولد زنا وقد أحمرت السماء حين قتل الحسين (عليه السلام) سنة ثم قال بكت السماء والأرض على الحسين بن علي ويحيى بن زكريا وحمرتها بكاؤها ".(3)
السابع: عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى: * (فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين) * إذا قبض الله نبيا من الأنبياء بكت عليه السماء والأرض أربعين سنة إذا مات العالم العامل بعلمه بكيا عليه أربعين يوما، وأما الحسين (عليه السلام) فتبكي عليه السماء والأرض طول الدهر وتصديق ذلك أن يوم قتله قطرت السماء دما، وإن هذه الحمرة التي ترى في السماء ظهرت يوم قتل الحسين (عليه السلام) ولم تر قبله أبدا وإن يوم قتله (عليه السلام) لم يرفع حجر في الدنيا إلا وجد تحته دم.(4)
الثامن: الطبرسي عن زرارة بن أعين عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: " بكت السماء على يحيى بن زكريا وعلى الحسين بن علي أربعين صباحا ولم تبك إلا عليهما " قلت: فما بكاؤها؟ قال: " كانت تطلع حمراء وتغيب حمراء ".(5)
التاسع: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن العلا عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " كان علي بن الحسين (عليه السلام) يقول: أيما مؤمن دمعت عيناه
____________
(1) كامل الزيارات: 187 / 24.
(2) كامل الزيارات: 186 / 21.
(3) كامل الزيارات: 188 / 27، بحار الأنوار: 45 / 213.
(4) لم نجده في المصادر.
(5) مجمع البيان: 9 / 99.
الصفحة 376
لقتل الحسين (عليه السلام) ومن معه حتى تسيل على خده بوأه الله في الجنة غرفا، وأيما مؤمن دمعت عيناه دمعا حتى تسيل على خده لأذى مسنا من عدونا بوأه الله مبوء صدق، وأيما مؤمن مسه أذى فينا فدمعت عيناه حتى يسيل دمعه على خديه من مضاضته ما أوذي فينا، صرف [ الله ] عن وجهه الأذى وآمنه يوم القيامة من سخطه والنار ".(1)
العاشر: علي بن إبراهيم قال: حدثني أبي عن بكر بن محمد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " من ذكرنا أو ذكرنا عنده فخرج من عينيه دمع مثل جناح بعوضة غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر ".(2)
أقول: ما نزل في أمير المؤمنين (عليه السلام) وأهل البيت (عليهم السلام) في القرآن كثير من طريق العامة والخاصة، وفيما ذكرناه كفاية إن شاء الله تعالى، والحمد لله وحده وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
كتبه أقل السادات والطلاب ابن محمد الرضوي الملقب بميرزا بابا محمد علي الخوانساري (مقابله ارزوى امل سحه مدت شده) خامس شهر شعبان معظم 1271 هـ ش اللهم اغفر لي وتب علي.
____________
(1) تفسير القمي: 2 / 191.
(2) تفسير القمي: 2 / 292.