الصفحة 191
الباب السابع عشر والمائة
في قوله تعالى * (سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع من الله ذي المعارج) *
من طريق العامة وفيه حديثان
الأول: إبراهيم بن محمد الحمويني من أعيان علماء العامة قال: أخبرني عماد الدين الحافظ بن بدران بن سبيل المقدسي بمدينة نابلس فيما أجاز لي أن أرويه عنه، عن القاضي جمال الدين عبد القاسم بن عبد الصمد بن محمد الأنصاري إجازة عن عبد الجبار بن محمد الحواري البيهقي إجازة عن الإمام أبي الحسن علي بن أحمد الواسطي.
قال: قرأت على شيخنا الأستاذ أبي إسحاق الثعلبي في تفسيره أن سفيان بن عيينة سئل عن قوله عز وجل * (سأل سائل بعذاب واقع) *(1) فيمن نزلت؟ فقال للسائل: سألتني عن مسألة ما سألني أحد عنها قبلك، حدثني جعفر بن محمد عن آبائه صلوات الله عليهم أجمعين قال: لما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) بغدير خم نادى الناس فاجتمعوا فأخذ بيد علي صلوات الله عليه فقال: " من كنت مولاه فعلي مولاه " فشاع ذلك وطار في البلاد، فبلغ ذلك الحرث بن النعمان الفهري فأتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) على ناقة له حتى أتى الأبطح، فنزل عن ناقته فأناخها، فجاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) في ملأ من أصحابه فقال: يا محمد أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وإنك رسول الله فقبلناه، وأمرتنا أن نصلي خمسا فقبلناه منك، وأمرتنا بالزكاة فقبلنا، وأمرتنا أن نصوم شهرا فقبلناه، وأمرتنا بالحج فقبلناه، ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك ففضلته علينا وقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه، فهذا شئ منك أم من الله عز وجل؟ فقال: والذي لا إله إلا هو إن هذا من الله، فولى الحرث بن النعمان يريد راحلته وهو يقول: اللهم إن كان ما يقوله محمد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء أو إئتنا بعذاب أليم، فما وصل إليها حتى رماه الله تعالى بحجر فسقط على هامته وخرج من دبره فقتله، وأنزل الله عز وجل * (سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع) *(2).(3)
الثاني: ما رواه الطبرسي أبو علي في مجمع البيان من طريقهم قال: أخبرنا السيد أبو الحمد قال:
____________
(1) المعارج: 1.
(2) المعارج: 1، 2.
(3) فرائد السمطين 1 / 82 ح 63.
الصفحة 192
حدثنا الحاكم أبو القاسم الحسكاني قال: أخبرنا أبو عبد الله الشيرازي قال: أخبرنا أبو بكر الجرجاني قال: أخبرنا أبو أحمد البصري قال: حدثنا محمد بن سهل قال: حدثنا زيد بن إسماعيل مولى الأنصار قال: حدثنا محمد بن أيوب الواسطي قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) عن آبائه قال: لما نصب رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) يوم غدير خم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، طار ذلك في البلاد، فقدم على النبي (صلى الله عليه وآله) النعمان بن الحرث الفهري فقال: أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وأمرتنا بالجهاد وبالحج وبالصوم والصلاة والزكاة فقبلناها، ثم لم ترض حتى نصبت هذا الغلام فقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه، فهذا شئ منك أو أمر من الله تعالى؟ فقال: بلى والله الذي لا إله إلا هو، إن هذا من الله، فولى النعمان بن الحرث وهو يقول: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء، فرماه الله بحجر على رأسه، فقتله فأنزل الله تعالى * (سأل سائل بعذاب واقع) *(1).(2)
____________
(1) المعارج: 1.
(2) مجمع البيان: 10 / 119، وشواهد التنزيل: 2 / 382 ح 1030.
الصفحة 193
الباب الثامن عشر والمائة
قوله تعالى * (سأل سائل بعذاب واقع) * إلى * (المعارج) *
من طريق الخاصة وفيه ستة أحاديث
الأول: محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان عن أبيه عن أبي بصير قال: بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم جالسا إذ أقبل أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال رسول الله:
إن (صلى الله عليه وآله) فيك شبها من عيسى ابن مريم، لولا أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في عيسى ابن مريم لقلت فيك قولا لا تمر بملأ من الناس إلا أخذوا التراب من تحت قدميك يلتمسون بذلك البركة، قال: فغضب الأعرابيان والمغيرة بن شعبة وعدة من قريش معهم، فقالوا: ما رضي أن يضرب لابن عمه مثلا إلا عيسى ابن مريم فأنزل الله * (ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون وقالوا آلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون) *(1) فغضب الحارث بن عمرو الفهري فقال: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك أن بني هاشم يتوارثون هرقلا بعد هرقل فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم، فأنزل الله عليه مقالة الحارث ونزلت هذه الآية * (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) *(2) ثم قال: يا بن عمرو أما تبت وأما رحلت؟ فقال: يا محمد اجعل لسائر قريش شيئا مما في يدك، فقد ذهبت بنو هاشم بمكرمة العرب والعجم، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله)، ليس ذلك إلي، ذلك إلى الله تبارك وتعالى، فقال: يا محمد قلبي ما يتابعني على التوبة، ولكن أرحل عنك فدعا براحلته فركبها فلما صار بظهر المدينة أتته جندلة فرضت(3) هامته ثم أتى الوحي إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال * (سأل سائل بعذاب واقع للكافرين) * - بولاية علي - * (ليس له دافع من الله ذي المعارج) *(4).
قال: قلت: جعلت فداك إنا لا نقرأها هكذا، فقال: هكذا والله نزل بها جبرائيل على محمد (صلى الله عليه وآله)، وهكذا والله أثبتت في مصحف فاطمة عليها السلام، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لمن حوله من المنافقين:
____________
(1) الزخرف: 57، 58، 59، 60.
(2) الأنفال: 33.
(3) في المصدر: فرضخت، وبهامشه كالأصل، وفرضت أي دقت، وفرضخت: كسرت، والجندلة ما يعمل من الحجارة والهامة وسط الرأس.
(4) المعارج: 1، 2، 3.
الصفحة 194
انطلقوا إلى صاحبكم فقد أتاه ما استفتح به، قال الله عز وجل * (واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد) *(1).(2)
الثاني: محمد بن العباس قال: حدثنا علي بن محمد بن مخلد عن الحسن بن القاسم عن عمرو ابن الحسن عن آدم بن حماد عن حسين بن محمد قال: سألت سفيان بن عيينة عن قول الله عز وجل * (سأل سائل بعذاب واقع) * فيمن نزلت فقال: يا بن أخي لقد سألتني عن شئ ما سألني عنه أحد قبلك، لقد سألت جعفر بن محمد (عليه السلام) في مثل الذي قلت فقال: أخبرني أبي عن جدي عن ابن عباس قال: لما كان يوم غدير خم قام رسول الله (صلى الله عليه وآله) خطيبا فأوجز في خطبته، ثم دعا علي بن أبي طالب (عليه السلام) فأخذ بضبعيه ثم رفع بيديه حتى رؤي بياض أبطيهما، وقال للناس: ألم أبلغكم رسالة ربي؟ ألم أنصح لكم؟ قالوا: اللهم نعم، قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله، قال: ففشت هذه في الناس فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري، فرحل راحلته ثم استوى عليها، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) إذ ذاك بمكة حتى انتهى إلى الأبطح فأناخ ناقته ثم عقلها ثم أتى النبي (صلى الله عليه وآله) قال: يا محمد إنك دعوتنا إلى أن نقول: لا إله إلا الله ففعلنا، ثم دعوتنا إلى أن نقول: إنك رسول الله ففعلنا، والقلب فيه ما فيه، ثم قلت: صلوا فصلينا، ثم قلت لنا: صوموا فصمنا، ثم قلت لنا: حجوا فحججنا، ثم قلت: إذا رزق أحدكم مائتي درهم فليتصدق بخمسه كل سنة ففعلنا، ثم إنك أقمت ابن عمك وقلت لنا: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فهذا عنك أم عن الله؟ قال: بل عن الله، قال: فقالها ثلاثا، فنهض وإنه لمغضب وإنه ليقول: اللهم إن كان ما يقوله محمد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء تكون نقمة في أولنا وآية في آخرنا، وإن كان ما يقوله محمد كذبا فأنزل به نقمتك.
ثم ركب ناقته واستوى عليها، فلما خرج من الأبطح رماه الله تعالى بحجر على رأسه فسقط ميتا، فأنزل الله تبارك وتعالى * (سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع من الله ذي المعارج) *(3).(4)
الثالث: محمد بن العباس قال: حدثنا أحمد بن القاسم عن أحمد بن محمد السياري عن محمد ابن خالد عن محمد بن سليمان عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه تلا * (سأل سائل بعذاب واقع للكافرين) * بولاية علي * (ليس له دافع) * ثم قال: هكذا والله نزل بها جبرئيل (عليه السلام) على النبي (صلى الله عليه وآله)، وهكذا أثبت في مصحف فاطمة عليها السلام.(5)
____________
(1) إبراهيم: 15.
(2) الكافي 8 / 58 ح 18.
(3) المعارج: 1، 2، 3.
(4) بحار الأنوار 33 / 176 ح 62.
(5) بحار الأنوار 33 / 176 ح 63.
الصفحة 195
الرابع: محمد بن إبراهيم النعماني في كتاب الغيبة قال: أخبرنا أبو سليمان أحمد بن هودة قال:
حدثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي قال: حدثنا عبد الله بن حماد الأنصاري عن عمرو بن شمر عن جابر قال أبو جعفر (عليه السلام): كيف تقرؤون هذه السورة؟ قال: قلت: وأي سورة؟ قال: * (سأل سائل بعذاب واقع) * فقال: ليس هو * (سأل سائل بعذاب واقع) * وإنما هو سال سيل، وهي نار تقع في الثوية ثم تمضي إلى كناسة بني أسد ثم تمضي إلى ثقيف، فلا تدع وترا لآل محمد إلا أحرقته.(1)
الخامس: محمد بن العباس عن محمد بن همام قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك قال:
حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحسن بن علي بن صالح بن سهل عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل * (سأل سائل بعذاب واقع) * فقال: تأويلها فيما يأتي عذاب يقع في الثوية يعني نارا، حتى تنتهي إلى كناسة بني أسد حتى تمر بثقيف، لا تدع وترا لآل محمد إلا أحرقته، وذلك قبل خروج القائم (عليه السلام).(2)
السادس: شرف الدين النجفي في تأويل الآيات الباهرة في العترة الطاهرة عن محمد البرقي بإسناده يرفعه إلى محمد بن سليمان عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله عز وجل * (سأل سائل بعذاب واقع للكافرين) * بولاية علي (عليه السلام) * (ليس له دافع) * ثم قال: هكذا والله نزل بها جبرائيل (عليه السلام) على النبي (صلى الله عليه وآله)، وهكذا هو مثبت في مصحف فاطمة عليها السلام.(3)
____________
(1) الغيبة 273 / ح 49.
(2) بحار الأنوار 48 / 242 ح 115، الغيبة للنعماني 272 / ح 48.
(3) تأويل الآيات 2 / 723 ح 3.
الصفحة 196
الباب التاسع عشر والمائة
في قوله تعالى * (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين) *.(1)
من طريق العامة وفيه خمسة أحاديث
الأول: من مسند أحمد بن حنبل قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار الصوفي قال: حدثنا أبو علي حسين بن محمد الزراع قال: حدثنا عبد المؤمن بن عباد قال: حدثنا يزيد بن معن عن عبد الله بن شرحبيل عن يزيد بن أبي أوفى قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) مسجده فذكر قصة مواخاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين أصحابه، فقال علي (عليه السلام) يعني للنبي (صلى الله عليه وآله): لقد ذهبت روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري فإن كان هذا من سخط علي فلك العتبى والكرامة، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): والذي بعثني بالحق نبيا ما أخرتك إلا لنفسي، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، وأنت أخي ووارثي، قال: وما أرث منك يا رسول الله؟ قال: ما ورث الأنبياء من قبلي، قال: وما ورث الأنبياء من قبلك؟ قال: كتاب الله وسنة نبيهم، وأنت معي في قصري في الجنة مع ابنتي فاطمة، وأنت أخي ورفيقي، ثم تلا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسلم * (إخوانا على سرر متقابلين) * المتحابون في الله ينظر بعضهم إلى بعض.(2)
الثاني: أبو الحسن الفقيه بن المغازلي الشافعي في كتاب المناقب قال: أخبرنا أبو الحسن علي ابن عمر بن عبد الله بن شوذب قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن الحسين الزعفراني قال:
حدثني أحمد بن أبي خيثمة، حدثني نصر بن علي، حدثني عبد المؤمن بن عبادة عن عمار بن عمر قال: حدثني زيدان بن أرقم قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسلم فقال: إني مواخ بينكم كما آخى الله بين الملائكة، ثم قال لعلي: أنت أخي ورفيقي، ثم تلا هذه الآية * (إخوانا على سرر متقابلين) * الأخلاء في الله ينظر بعضهم إلى بعض.(3)
الثالث: عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبي قال: حدثني سفيان عن أبي موسى عن الحسين بن علي (عليه السلام) قال: فينا نزلت * (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر
____________
(1) الحجر: 47.
(2) فضائل الصحابة 2 / 666 ح 1137، كنز العمال 9 / 167 ح 25554 عن ابن حنبل.
(3) العمدة: 170 ح 263 وليس هو في المناقب المطبوع، وكشف الغمة: 1 / 335.
الصفحة 197
متقابلين) *(1).(2)
الرابع: أبو نعيم الحافظ عن رجاله عن أبي هريرة قال: قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): يا رسول الله أيما أحب إليك أنا أم فاطمة؟
قال: فاطمة أحب إلي منك، وأنت أعز علي منها، وكأني بك وأنت على حوضي تذود عنه الناس، وإن عليه لأباريق مثل عدد نجوم السماء، وأنت والحسن والحسين وحمزة وجعفر في الجنة إخوانا على سرر متقابلين، أنت معي وشيعتك في الجنة، ثم قرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) * (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين) *(3).(4)
الخامس: إبراهيم بن محمد الحمويني من أعيان علماء العامة بحذف الإسناد بطوله وكثرة رواته عن زيد بن أرقم قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) مسجد المدينة فجعل يقول: أين فلان بن فلان؟ ولم يزل يتفقدهم ويبعث خلفهم حتى اجتمعوا عدة، ثم ذكر حديث المواخاة إلى أن قال:
فقال علي (عليه السلام): يا رسول الله ذهبت روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري، فإن كان من سخطك علي فلك العتبى والكرامة، قال: والذي بعثني بالحق نبيا ما أخرتك إلا لنفسي، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي، وأنت أخي ووارثي، قلت:
يا رسول الله ما أرث منك؟ قال: ما أورثت الأنبياء قبلي، قال: ما أورثت الأنبياء قبلك؟ قال: كتاب الله وسنة رسوله، وأنت معي في قصري في الجنة مع ابنتي فاطمة، وأنت أخي ورفيقي، ثم تلا رسول الله (صلى الله عليه وآله) هذه الآية * (إخوانا على سرر متقابلين) * الأخلاء في الله ينظر بعضهم إلى بعض، الحديث على رواية الحافظ أبي نصر.(5)
____________
(1) الحجر: 47.
(2) بحار الأنوار 32 / 72 ذيل ح 22 عن مسند أحمد.
(3) الحجر: 47.
(4) بحار الأنوار 32 / 72 ح 21.
(5) فرائد السمطين: 1 / 118 ك ب 21 / ح 83.
الصفحة 198
الباب العشرون والمائة
في قوله تعالى * (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين) *.
من طريق الخاصة وفيه ستة أحاديث
الأول: محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان عن أبيه قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فدخل عليه أبو بصير وذكر حديثا، قال له (عليه السلام): يا أبا محمد لقد ذكركم الله في كتابه فقال: * (إخوانا على سرر متقابلين) * والله ما أراد بهذا غيركم.
رواه ابن بابويه في كتاب بشارات الشيعة.(1)
الثاني: محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن عمر ابن أبي المقدام قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام): يقول خرجت أنا وأبي حتى إذا كنا بين القبر والمنبر إذ هو بأناس من الشيعة، فسلم عليهم ثم قال: إني والله لأحب رياحكم وأرواحكم فأعينوني على ذلك بورع واجتهاد، واعلموا أن ولايتنا لا تنال إلا بالورع والاجتهاد، من ائتم منكم بعبد فليعمل بعلمه.
أنتم شيعة الله، وأنتم أنصار الله، وأنتم السابقون الأولون والسابقون الآخرون، والسابقون في الدنيا والسابقون في الآخرة إلى الجنة، قد ضمنا لكم الجنة بضمان الله عز وجل وضمان رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والله ما على درجة الجنة أكثر أرواحا منكم، فتنافسوا في فضائل الدرجات.
أنتم الطيبون ونساؤكم الطيبات، كل مؤمنة حوراء عيناء وكل مؤمن صديق، ولقد قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لقنبر: يا قنبر أبشر وبشر واستبشر، فوالله لقد مات رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو على أمته ساخط إلا الشيعة، ألا وإن لكل شئ عزا وعز الإسلام الشيعة، ألا وإن لكل شئ دعامة ودعامة الإسلام الشيعة، ألا وإن لكل شئ ذروة وذروة الإسلام الشيعة، ألا وإن لكل شئ شرفا وشرف الإسلام الشيعة، ألا وإن لكل شئ سيدا وسيد المجالس مجلس الشيعة، ألا وإن لكل شئ إماما وإمام الأرض أرض تسكنها الشيعة، والله لولا ما في الأرض منكم ما رأيت بعين عشيبا أبدا، والله لولا ما في الأرض منكم ما أنعم الله على أهل خلافكم، ولا أصابوا الطيبات، ما لهم في
____________
(1) الكافي 8 / 35 ح 6.
الصفحة 199
الدنيا ولا لهم في الآخرة من نصيب، كل ناصب وإن تعبد واجتهد منسوب إلى هذه الآية * (عاملة ناصبة تصلى نارا حامية) *(1) وكل ناصب مجتهد فعمله هباء.
وشيعتنا ينطقون بأمر الله عز وجل، ومن يخالفهم ينطقون بتفلت، والله ما من عبد من شيعتنا ينام إلا أصعد الله عز وجل روحه إلى السماء فيبارك عليها، وإن كان قد أتى عليها أجلها جعلها في كنوز من رحمته وفي رياض جنته وفي ظل عرشه، وإن كان أجلها متأخرا بعث بها مع أمنته من الملائكة ليرددها إلى الجسد الذي خرجت منه لتسكن فيه، والله إن حاجكم وعماركم لخاصة الله عز وجل، وأن فقراءكم لأهل الغنى وإن أغنيائكم لأهل القناعة، وإنكم كلكم لأهل دعوته وأهل إجابته.(2)
الثالث: ابن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله بن عبد الرحمن عن عبد الله بن القاسم عن عمر بن أبي المقدام عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثل الحديث السابق، وزاد فيه: ألا وإن لكل شئ جوهرا وجوهر ولد آدم محمد (صلى الله عليه وآله)، ونحن، وشيعتنا بعدنا، حبذا شيعتنا ما أقربهم من عرش الله عز وجل! وأحسن صنع الله إليهم يوم القيامة! والله لولا أن يتعاظم الناس ذلك أو يدخلهم زهو لسلمت عليهم الملائكة قبلا، والله ما من عبد من شيعتنا يتلو القرآن في صلاته قائما إلا وله بكل حرف مائة حسنة، ولا قرأ في صلاته جالسا إلا وله بكل حرف خمسون حسنة، ولا في غير الصلاة إلا وله بكل حرف عشر حسنات، وإن للصامت من شيعتنا لأجر من قرأ القرآن ممن خالفه.
أنتم والله على فرشكم نيام، لكم أجر المجاهدين، وأنتم والله في صلاتكم لكم أجر الصافين في سبيله، وأنتم والله الذين قال الله عز وجل * (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين) *(3).
إنما شيعتنا أصحاب الأربعة الأعين: عينان في الرأس وعينان في القلب، ألا وإن الخلائق كلهم كذلك إلا أن الله عز وجل فتح أبصاركم وأعمى أبصارهم.(4)
الرابع: العياشي في تفسيره بإسناده عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله * (إخوانا على سرر متقابلين) * قال: والله ما عنى غيركم.(5)
الخامس: العياشي في تفسيره بإسناده أيضا عن عمرو بن أبي المقدام عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
____________
(1) الغاشية: 3، 4.
(2) الكافي 8 / 214 ح 259.
(3) الحجر: 47.
(4) الكافي 8 / 214 ح 260.
(5) تفسير العياشي 2 / 244 ح 22.
الصفحة 200
سمعته يقول: أنتم والله الذين قال الله * (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين) *.(1)
إنما شيعتنا أصحاب الأربعة الأعين: عينين في الرأس وعينين في القلب، ألا والخلائق كلهم كذلك إلا أن الله فتح أبصاركم وأعمى أبصارهم.
السادس: العياشي بإسناده عن محمد بن مروان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ليس منكم رجل ولا امرأة إلا وملائكة الله يأتونه بالسلام، وأنتم الذين قال الله * (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين) *.(2)
____________
(1) تفسير العياشي 2 / 244 ح 23.
(2) تفسير العياشي 2 / 244 ح 24.
الصفحة 201
الباب الحادي والعشرون والمائة
في قوله تعالى * (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) *(1).
من طريق العامة وفيه حديث واحد
الحبري عن ابن عباس في قوله * (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت) * قال: بولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)(2).
الباب الثاني والعشرون والمائة
في قوله تعالى * (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) *
من طريق الخاصة وفيه تسعة أحاديث
الأول: محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إذا وضع الرجل في قبره أتاه ملكان، ملك عن يمينه وملك عن يساره، وأقيم الشيطان بين عينيه، عيناه من نحاس فيقال له: كيف تقول في الرجل الذي كان بين ظهرانيكم قال له: فيفزع فزعة فيقول إذا كان مؤمنا: أعن محمد (صلى الله عليه وآله) رسول الله تسألاني؟ فيقولان له: نم نومته لا حلم فيها، ويفسح له في قبره تسعة أذرع، ويرى مقعده من الجنة، وهو قول الله عز وجل * (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) *، وإذا كان كافرا قالا له: من هذا الرجل الذي خرج بين ظهرانيكم فيقول: لا أدري فيخليان بينه وبين الشيطان.(3)
وروى هذا الحديث الحسين بن سعيد في كتاب الزهد قال: حدثنا النضر بن سويد عن عاصم ابن حميد عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إذا وضع الرجل في قبره، وساق الحديث إلى آخره.(4)
الثاني: ابن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد
____________
(1) إبراهيم: 27.
(2) رواه الحبري في تفسيره مسندا: 288 ح 42، ورواه الحسكاني عنه في الشواهد ح 434.
(3) الكافي 3 / 238 ح 10.
(4) كتاب الزهد: 86 ح 231 باب 16.
الصفحة 202
عن القاسم بن محمد عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن المؤمن إذا خرج من بيته شيعته الملائكة إلى قبره يزدحمون عليه، حتى إذا انتهى به إلى قبره قالت له الأرض: مرحبا بك وأهلا، أما والله لقد كنت أحب أن يمشي علي مثلك لترين ما أصنع بك، فتوسع له مد بصره ويدخل عليه في قبره ملكا القبر وهما قعيدا القبر منكر ونكير، فيلقيان فيه الروح إلى حقويه، فيقعدانه ويسألانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: الله، فيقولان: ما دينك؟ فيقول:
الإسلام فيقولان: ومن نبيك؟ فيقول محمد، فيقولان: ومن إمامك؟ فيقول: فلان، قال: فينادي مناد من السماء: صدق عبدي، افرشوا له في قبره من الجنة، وافتحوا له في قبره بابا إلى الجنة، وألبسوه من ثياب الجنة حتى يأتينا، وما عندنا خير له، ثم يقال له نم نومة العروس لا حلم فيها.
قال: وإن كان كافرا خرجت الملائكة تشيعه إلى قبره يلعنونه حتى إذا انتهي به إلى قبره قالت له الأرض لا مرحبا بك ولا أهلا أما والله لقد كنت أبغض أن يمشي علي مثلك لا جرم لترين ما أصنع بك اليوم، فتضيق عليه حتى تلتقي جوانحه، قال: ثم يدخل عليه ملكا القبر وهما قعيدا القبر منكر ونكير.
قال أبو بصير: جعلت فداك يدخلان على المؤمن والكافر في صورة واحدة، فقال: لا.
قال: فيقعدانه فيلقيان فيه الروح إلى حقويه، فيقولان له: من ربك؟ فيتلجلج ويقول: قد سمعت الناس يقولون: فيقولان له: لا دريت، ويقولان له: ما دينك؟ فيتلجلج، فيقولان له: لا دريت ويقولان له: من نبيك؟ فيقول: قد سمعت الناس يقولون: فيقولان له: لا دريت، ويسألانه عن إمام زمانه، قال: فينادي مناد من السماء: كذب عبدي، افرشوا له في قبره من النار وألبسوه من ثياب النار وافتحوا له بابا إلى النار حتى يأتينا، وما عندنا شر له، فيضربانه بمرزبة ثلاث ضربات ليس منها ضربة إلا يتطاير قبره نارا، لو ضرب ضربة بتلك المرزبة جبال تهامة لكانت رميما.
وقال أبو عبد الله (عليه السلام): يسلط الله عليه في قبره الحيات تنهشه نهشا، والشيطان يغمه غما، قال:
ويسمع عذابه من خلق الله إلا الجن والإنس.
قال: وإنه ليسمع خفق نعالهم ونفض أيديهم وهو قول الله عز وجل * (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا ويضل الله الظالمين) *.(1)
الثالث: ابن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن عمرو بن عثمان وعدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر والحسن بن علي جميعا، عن أبي جميلة مفضل بن
____________
(1) الكافي 3 / 239 - 240 ح 12.
الصفحة 203
صالح، عن جابر، عن عبد الأعلى وعلي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن إبراهيم ابن عبد الأعلى، عن سويد بن غفلة قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام)، إن ابن آدم إذا كان في آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الآخرة، مثل له ماله وولده وعمله، فيلتفت إلى ماله فيقول له: والله إني كنت عليك حريصا شحيحا فما لي عندك؟ فيقول: خذ مني كفنك.
قال: فيلتفت إلى ولده فيقول: والله إني كنت لكم محبا وإني كنت عليكم محاميا، فماذا لي عندكم؟ فيقولون: نؤديك إلى حفرتك نواريك فيها.
قال: فيلتفت إلى عمله فيقول: والله إني كنت فيك لزاهدا وإن كنت علي لثقيلا، فما لي عندك؟
فيقول: أنا قرينك في قبرك ويوم نشرك حتى أعرض أنا وأنت على ربك، قال: فإن كان لله وليا أتاه أطيب الناس ريحا وأحسنهم منظرا وأحسنهم رياشا فيقال له: أبشر بروح وريحان وجنة نعيم، ومقدمك خير مقدم فيقول له: من أنت؟ فيقول: أنا عملك الصالح، ارتحل من الدنيا إلى الجنة، وإنه ليعرف غاسله ويناشد حامله أن يعجله، فإذا دخل قبره أتاه ملكا القبر يجران أشعارهما ويخدان الأرض بأقدامهما وأصواتهما كالرعد العاصف، أبصارهما كالبرق الخاطف فيقولان له:
من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيقول: الله ربي، وديني الإسلام، ونبيي محمد (صلى الله عليه وآله)، فيقولان له:
ثبتك الله فيما يحب ويرضى، وهو قول الله عز وجل * (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) * ثم يفسحان له في قبره مد بصره، ثم يفتحان له بابا إلى الجنة، ثم يقولان له: نم قرير العين نوم الشاب الناعم، فإن الله عز وجل يقول * (أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا) *(1).
قال: وإن كان لربه عدوا فإنه يأتيه أقبح من خلق الله زيا ورؤيا، وأنتن ريحا فيقول له: أبشر بنزل من حميم وتصلية جحيم، وإنه ليعرف غاسله وينشد حملته أن يحبسوه، فإذا دخل القبر أتاه ممتحنا القبر، فألقيا عنه أكفانه، ثم يقولان له: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيقول: لا أدري، فيقولان: لا دريت ولا هديت، فيضربان يافوخه بمرزبة معهما ضربة، فما خلق الله عز وجل من دابة إلا وتذعر لها ما خلا الثقلين، ثم يفتحان له بابا إلى النار، ثم يقولان له، نم بشر حال فيه من الضيق مثل ما في القنا من الزج حتى إن دماغه ليخرج من بين ظفره ولحمه، ويسلط الله عليه حياة الأرض وعقاربها وهوامها فتنهشه حتى يبعثه الله من قبره، وإنه ليتمنى قيام الساعة فيما هو فيه من الشر.
____________
(1) الفرقان: 24.
الصفحة 204
فقال جابر: فقال أبو جعفر: قال النبي (صلى الله عليه وآله): إني كنت أنظر في الإبل والغنم وأنا أرعاها وليس من نبي إلا وقد رعى، وكنت أنظر إليها قبل النبوة وهي متمكنة في المكينة، ما حولها شئ يهيجها حتى تذعر فتطير: فأقول: ما هذا؟ وأعجب حتى حدثني جبرئيل (عليه السلام) أن الكافر يضرب ضربة ما خلق الله شيئا إلا سمعها ويذعر لها إلا الثقلين، فقلت: ذلك لضربة الكافر، فنعوذ بالله من عذاب القبر.(1)
وروى هذا الحديث علي بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن مهزيار عن عمرو بن عثمان عن جابر عن إبراهيم بن أبي العلا عن سويد بن غفلة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) إلا أن في رواية محمد بن يعقوب زيادة من آخر الحديث.(2)
وروى أيضا هذا الحديث الشيخ في أماليه بإسناده عن جابر عن إبراهيم بن عبد الأعلى عن سويد بن غفلة ذكر أن علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس ذكرا أن ابن آدم إذا كان في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة، وساق الحديث إلى آخره.(3)
الرابع: الشيخ في أماليه عن الحفارة قال: حدثنا إسماعيل قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أخي دعبل قال: حدثنا شعبة بن الحجاج عن علقمة بن يزيد عن سعد بن عبيدة عن البراء بن عازب عن النبي (صلى الله عليه وآله) في قوله تعالى * (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) *(4)
قال: في القبر إذا سئل الموتى(5).
الخامس: العياشي في تفسيره بإسناده عن صفوان بن مهران عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الشيطان ليأتي الرجل من أوليائنا فيأتيه عند موته، ويأتيه عن يمينه وعن يساره ليصده عما هو عليه، فيأبى الله له ذلك، وكذلك قال الله: * (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) *.(6)
السادس: العياشي بإسناده عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليه السلام) قالا: إذا وضع الرجل في قبره أتاه ملكان، ملك عن يمينه وملك عن شماله، وأقيم الشيطان، بين يديه عيناه من نحاس فيقال له: ما تقول في هذا الرجل الذي خرج من بين ظهرانيكم يزعم أنه رسول الله؟ فيفزع لذلك فزعة فيقول إن كان مؤمنا: محمد رسول الله، فيقال له عند ذلك: نم نومة لا حلم فيها، ويفسح له في قبره تسعة أذرع، ويرى مقعده من الجنة، وهو قول
____________
(1) الكافي 3 / 231 - 233 ح 1.
(2) تفسير القمي 1 / 370.
(3) أمالي الطوسي 348 / ح 719.
(4) إبراهيم: 27.
(5) أمالي الطوسي 377 / ح 807.
(6) تفسير العياشي 2 / 225 ح 16.
الصفحة 205
الله * (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا) * وإن كان كافرا قالوا: من هذا الرجل الذي كان بين ظهرانيكم؟ يقول: إنه رسول الله. فيقول: ما أدري فيخلى بينه وبين الشيطان.(1)
السابع: العياشي بإسناده عن أبي بصير عنه (عليه السلام): إن الميت إذا أخرج من بيته شيعته الملائكة إلى قبره، يترحمون عليه حتى إذا انتهى إلى قبره قالت الأرض له: مرحبا بك وأهلا وسهلا، والله لقد كنت أحب أن يمشي علي مثلك، لا جرم لترى ما أصنع بك، فيوسع له مد بصره، ويدخل عليه في قبره قعيدا القبر منكر ونكير، فيلقى فيه الروح إلى حقويه، فيقعدانه فيسألانه فيقولان له: من ربك؟
فيقول: الله، فيقولان: وما دينك؟ فيقول: الإسلام، فيقولان: ومن نبيك؟ فيقول: محمد، فيقولان:
ومن إمامك؟ فيقول: علي، فينادي مناد من السماء: صدق عبدي، أفرشوا له في القبر من الجنة، وألبسوه من ثياب الجنة، وافتحوا له في قبره بابا إلى الجنة حتى يأتينا، وما عندنا خير له، فيقولان له: نم نومة العروس، نم نومة لا حلم فيها.
وإن كان كافرا أخرجت له ملائكة يشيعونه إلى قبره يلعنونه حتى إذا انتهى إلى الأرض قالت الأرض: لا مرحبا بك ولا أهلا، أما والله لقد كنت أبغض أن يمشي علي مثلك، لا جرم لترين ما أصنع بك اليوم، فتضايق عليه حتى تلتقي جوانحه، ويدخل عليه ملكا القبر وهما قعيدا القبر منكر ونكير.
قال: قلت له: جعلت فداك يدخلان على المؤمن والكافر في صورة واحدة فقال: لا، قال:
فيقعدانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: سمعت الناس يقولون، ويتلجلج لسانه فيقولان: لا دريت، فما دينك؟ فيقول: سمعت الناس يقولون، ويتلجلج لسانه فيقولان، لا دريت فمن نبيك؟ فيقول:
سمعت الناس، ويتلجلج لسانه فيقولان: لا دريت، فينادي مناد من السماء: كذب عبدي، افرشوا له في قبره من النار وألبسوه من ثياب النار، وافتحوا له بابا إلى النار حتى يأتينا، فما له عندنا شر له.
قال: ثم يضربانه بمرزبة معهما ثلاث ضربات ليس منها ضربة إلا تطاير قبره نارا، ولو ضربت تلك الضربة على جبال تهامة لكانت رميما.
قال أبو عبد الله (عليه السلام)، ويسلط الله عليه الحيات والعقارب فتنهشه نهشا، والشياطين تغمه غما، يسمع عذابه من خلق الله إلا الجن والإنس، وإنه ليسمع خفق نعالهم ونفض أيديهم، وهو قول الله * (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا) *(2) قال عند موته * (وفي الآخرة) * قال: في
____________
(1) تفسير العياشي 2 / 225 ح 17.
(2) إبراهيم: 27.
الصفحة 206
قبره * (ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء) *.(1)
الثامن: العياشي بإسناده عن سويد بن غفلة عن علي بن أبي طالب صلوات الله عليه قال: إن ابن آدم إذا كان في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة مثل له ماله وولده وعمله، فيلتفت إلى ماله فيقول: والله إني كنت عليك لحريصا شحيحا، فما عندك؟ فيقول: خذ مني كفنك، فيلتفت إلى ولده فيقول إني والله كنت لكم محبا، وإني كنت عليكم لمحاميا، فماذا عندكم؟ فيقولون: نؤديك إلى حفرتك ونواريك فيها، فيلتفت إلى عمله فيقول: والله إني كنت فيك لزاهدا، وإن كنت علي لثقيلا فما عندك؟ فيقول: أنا قرينك في قبرك ويوم نشرك حين أعرض أنا وأنت على ربك، فإن كان لله وليا أتاه أطيب الناس ريحا وأحسنهم رياشا، فيقول: أبشر بروح وريحان وجنة نعيم، قدمت خير مقدم، فيقول: من أنت؟ فيقول: أنا عملك الصالح، ارتحل من الدنيا إلى الجنة، وإنه ليعرف غاسله ويناشد حامله أن يعجله، فإذا أدخل قبره أتاه اثنان هما فتانا القبر يجران أشعارهما، ويبحثان الأرض بأنيابهما، أصواتهما كالرعد العاصف وأبصارهما كالبرق الخاطف، ثم يقولان: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيقول: الله ربي، وديني الإسلام، ونبيي محمد، فيقولان: ثبتك الله فيما تحب وترضى، وهو قول الله * (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) *(2) ثم يفسحان له في قبره مد بصره، ثم يفتحان له بابا إلى الجنة، ثم يقولان له: نم قرير العين نوم الشاب الناعم، فإنه يقول الله * (أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا) *.
وأما إن كان لربه عدوا فإنه يأتيه أقبح من خلق الله رياشا وأنتنهم ريحا فيقول: أبشر بنزل من حميم وتصلية جحيم، وإنه ليعرف غاسله ويناشد حامله أن يحبسه، فإذا أدخل في قبره أتاه ممتحنا القبر، فألقيا أكفانه ثم قالا له: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيقول: ما أدري، فيقولان: لا دريت ولا هديت، فيضربان يافوخه بمزربة ضربة ما خلق الله من دابة إلا تذعر لها ما خلا الثقلين، ثم يفتح له بابا إلى النار، ثم يقولان له: نم بشر حال، فإنه من الضيق مثل ما في القناة من الزج(3) حتى إن دماغه ليخرج ما بين ظفره ولحمه، ويسلط الله عليه حياة الأرض وعقاربها وهوامها فتنهشه حتى يبعثه الله من قبره، وإنه ليتمنى قيام الساعة مما هو فيه من الشر(4).
قال جابر قال أبو جعفر: قال النبي (صلى الله عليه وآله): إني كنت لأنظر إلى الغنم والإبل وأنا أرعاها وليس من نبي إلا وقد رعى، فكنت أنظر إليها قبل النبوة وهي متمكنة في المكينة ما حولها شئ ينشرها حي،
____________
(1) تفسير العياشي 2 / 226 ح 18.
(2) إبراهيم: 27.
(3) الزج: بالضم، الحديدة التي في أسفل الرمح.
(4) تفسير العياشي 2 / 227 ح 20.
الصفحة 207
فأنظر فأقول: ما هذا، وأعجب حتى حدثني جبرائيل (عليه السلام) أن الكافر يضرب ضربة ما خلق الله شيئا إلا سمعها ويذعر إلا الثقلين، فعلمت أن ذلك إنما كان بضربة الكافر، فنعوذ بالله من عذاب القبر.(1)
التاسع: العياشي بإسناده عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إذا وضع الرجل في قبره أتاه ملكان، ملك عن يمينه وملك عن شماله، وأقيم الشيطان بين يديه، عيناه من نحاس فيقال له:
كيف تقول في هذا الرجل الذي خرج بين ظهرانيكم؟ قال: فيفزع لذلك فيقول إن كان مؤمنا: عن محمد تسألاني؟ فيقولان له عند ذلك: نم نومة لا حلم فيها، ويفسح له في قبره سبعة أذرع، ويرى مقعده من الجنة، وإن كان كافرا قيل له: ما تقول في هذا الرجل الذي خرج بين ظهرانيكم؟ فيقول:
ما أدري ويخلى بينه وبين الشيطان، ويضرب بمرزبة من حديد يسمع صوته كل شئ، وهو قول الله * (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء) *(2).(3)
____________
(1) تفسير العياشي 2 / 228 ح 21.
(2) إبراهيم: 27.
(3) تفسير العياشي 2 / 227 ح 19.
الصفحة 208
الباب الثالث والعشرون والمائة
في قوله تعالى * (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض) *.(1)
من طريق العامة وفيه حديث واحد
أنس بن مالك قال: لما نزلت الآيات الخمس في طس * (أم من جعل الأرض قرارا وجعل لها أنهارا) * الآيات انتفض علي انتفاض العصفور، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما لك يا علي؟ قال: عجبت يا رسول الله من كفرهم وحلم الله عنهم، فمسحه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيده، ثم قال: أبشر فإنه لا يبغضك مؤمن ولا يحبك منافق، ولولا أنت لم يعرف حزب الله.(2)
الباب الرابع والعشرون والمائة
في قوله تعالى * (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض) *
من طريق الخاصة وفيه ستة أحاديث
الأول: الشيخ المفيد في أماليه قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مروان قال: حدثني أبي قال:
حدثنا إبراهيم ابن الحكم عن المسعودي قال: حدثنا الحرث بن حصين عن عمران بن الحصين قال: كنت أنا وعمر بن الخطاب جالسين عند النبي (صلى الله عليه وآله)، وعلي جالس إلى جنبه إذ قرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) * (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أأله مع الله قليلا ما تذكرون) * قال: فانتفض علي (عليه السلام) انتفاضة العصفور، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): ما شأنك تجزع؟ فقال: ما لي لا أجزع والله يقول إنه يجعلنا خلفاء الأرض؟ فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): لا تجزع، فوالله لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق، ورواه الشيخ الطوسي في أماليه.(3)
قال: أخبرنا محمد بن محمد يعني المفيد قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي وساق السند والمتن سواء.(4)
____________
(1) النحل: 62.
(2) مناقب آل أبي طالب 1 / 390.
(3) أمالي المفيد 308 / ح 5.
(4) أمالي الطوسي 77 / ح 112.
الصفحة 209
الثاني: محمد بن العباس قال: حدثنا إسحاق بن محمد بن مروان عن أبيه عن عبد الله بن خنيس عن صباح المزني عن أبي الحرث بن حضيرة عن أبي داود عن بريد قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي إلى جنبه: * (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض) *(1)، قال:
فانتفض علي (عليه السلام) انتفاض العصفور، فقال له النبي: لم تجزع يا علي؟ فقال: لم لا أجزع وأنت تقول: ويجعلكم خلفاء الأرض؟ فقال: لا تجزع، فوالله لا يبغضك مؤمن ولا يحبك كافر.(2)
الثالث: محمد بن العباس عن أحمد بن محمد بن العباس عن عثمان بن هاشم بن الفضل عن كثير عن الحرث بن حصين عن أبي داود السبيعي عن عمران بن حصين، قال: كنت جالسا عند النبي (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) جالس إلى جنبه إذ قرأ النبي (صلى الله عليه وآله) * (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض) * قال: فارتعد علي (عليه السلام)، فضرب النبي (صلى الله عليه وآله) بيده على كتفه وقال: ما لك يا علي؟ فقال: يا رسول الله قرأت هذه الآية فخشيت أن نبتلى بها فأصابني ما رأيت، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق إلى يوم القيامة.(3)
الرابع: محمد بن العباس عن حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن القائم إذا خرج دخل المسجد الحرام، فيستقبل القبلة ويجعل ظهره إلى المقام، ثم يصلي ركعتين، ثم يقوم فيقول: يا أيها الناس أنا أولى الناس بآدم، يا أيها الناس أنا أولى الناس بإبراهيم، يا أيها الناس أنا أولى الناس بإسماعيل، يا أيها الناس أنا أولى الناس بمحمد (صلى الله عليه وآله)، ثم يرفع يديه إلى السماء فيدعو ويتضرع حتى يقع على وجهه، وهو قول الله عز وجل * (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون) *.
وبالإسناد عن ابن عبد الحميد عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل * (أمن يجيب إذا دعاه) * قال: نزلت في القائم (عليه السلام) إذا خرج تعمم وصلى عند المقام وتضرع إلى ربه فلا ترد له راية أبدا.(4)
الخامس: علي بن إبراهيم قال: حدثني أبي عن الحسن بن علي بن فضال عن صالح بن عقبة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: نزلت في القائم من آل محمد عليهم السلام، هو والله المضطر، إذا صلى في المقام ركعتين ودعا الله فأجابه ويكشف السوء ويجعله خليفة في الأرض، وهذا مما ذكرنا
____________
(1) النحل: 62.
(2) بحار الأنوار 35 / 266 ذيل ح 39.
(3) بحار الأنوار 35 / 286 ح 79.
(4) بحار الأنوار 47 / 59 ح 56.
الصفحة 210
تأويله بعد تنزيله.(1)
السادس: محمد بن إبراهيم النعماني قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن محمد بن سعيد قال:
حدثني محمد بن علي التيملي عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، وحدثني غير واحد عن منصور ابن يونس بن برح عن إسماعيل بن جابر عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام) أنه قال: يكون لصاحب هذا الأمر غيبة في بعض هذه الشعاب، وأومى بيده إلى ناحية ذي طوى حتى إذا كان قبل خروجه أتى الولي الذي معه حتى يلقى بعض أصحابه فيقول: كم أنتم ها هنا؟ فيقولون: نحو من أربعين رجلا، فيقول: كيف أنتم إذا رأيتم صاحبكم؟ فيقولون: والله لو ناوي بنا الجبال لناويناها معه، ثم يأتيهم من القابلة فيقول: أشيروا إلى رؤسائكم أو خياركم عشرة، فيشيرون إليهم فينطلق بهم حتى يلقوا صاحبهم، ويعدهم الليلة التي تليها، ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): والله لكأني أنظر إليه وقد أسند ظهره إلى الحجر فينشد الله حقه، ثم يقول: يا أيها الناس من يحاجني في الله فأنا أولى الناس بالله؟ أيها الناس من يحاجني في آدم فأنا أولى الناس بآدم؟ أيها الناس من يحاجني في نوح فأنا أولى الناس بنوح؟ أيها الناس من يحاجني في إبراهيم فأنا أولى الناس بإبراهيم؟ أيها الناس من يحاجني في موسى فأنا أولى الناس بموسى؟ أيها الناس من يحاجني بعيسى فأنا أولى الناس بعيسى؟ أيها الناس من يحاجني بمحمد فأنا أولى الناس بمحمد؟ أيها الناس من يحاجني بكتاب الله فأنا أولى الناس بكتاب الله؟ ثم ينتهي إلى المقام فيصلي عنده ركعتين وينشد الله حقه، ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): هو والله المضطر الذي يقول الله فيه * (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض) *(2) فيه نزلت وله(3).
____________
(1) تفسير القمي 2 / 129.
(2) النحل: 62.
(3) كتاب الغيبة 182 / ح 30.
الصفحة 211
الباب الخامس والعشرون والمائة
في قوله * (ألم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) *
من طريق العامة وفيه أربعة أحاديث
الأول: محمد بن العباس من طريق العامة قال: حدثنا محمد بن الحسين القبيطي عن عيسى بن مهران عن الحسن بن الحسين الغزلي عن علي بن أحمد بن حاتم عن حسن بن عبد الواحد عن حسن بن حسين عن يحيى بن علي بن أسباط عن السدي في قوله * (ألم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا) * قال: علي وأصحابه * (وليعلمن الكاذبين) *(1) أعداءه.(2)
الثاني: محمد بن العباس أيضا قال: حدثنا عبد العزيز عن محمد بن زكريا عن أيوب بن سليمان عن محمد بن مروان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: قوله عز وجل * (أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون) *(3) نزلت في عتبة وشيبة والوليد بن عتبة وهم الذين بارزوا عليا وحمزة وعبيدة ونزلت فيهم * (من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت وهو السميع العليم ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه) *(4) قال في علي وصاحبيه.(5)
الثالث: ابن شهرآشوب عن أبي طالب الهروي بإسناده عن علقمة وأبي أيوب أنه لما نزل * (ألم * أحسب الناس) * الآيات قال النبي (صلى الله عليه وآله) لعمار: إنه سيكون من بعدي هناة حتى يختلف السيف فيما بينهم، وحتى يقتل بعضهم بعضا، وحتى يتبرأ بعضهم من بعض، فإذا رأيت ذلك فعليك بهذا الأصلع عن يميني علي بن أبي طالب، فإن سلك الناس كلهم واديا فاسلك وادي علي وخل عن الناس، يا عمار إن عليا لا يردك عن هدى ولا يردك إلى ردى، يا عمار وطاعة علي طاعتي وطاعتي طاعة الله.(6)
الرابع: من طريق العامة أيضا في قوله تعالى * (ألم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) * قال علي (عليه السلام): قلت: يا رسول ما هذه الفتنة؟
____________
(1) العنكبوت: 1، 2، 3.
(2) بحار الأنوار 24 / 228 ح 26.
(3) العنكبوت: 4.
(4) العنكبوت: 5.
(5) بحار الأنوار 24 / 317 ح 22.
(6) مناقب آل أبي طالب 3 / 7.
الصفحة 212
قال: يا علي إنك مبتلى بك وإنك المخاصم فأعد للخصومة(1). وقال علي في قوله تعالى * (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) *: نحن أولئك(2).
الباب السادس والعشرون والمائة
في قوله تعالى * (ألم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) *
من طريق الخاصة وفيه خمسة أحاديث
الأول: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: حدثني أبي عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن قال (عليه السلام): جاء العباس إلى أمير المؤمنين فقال: انطلق نبايع لك الناس، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام):
أتراهم فاعلين؟ قال: نعم، قال: فأين قوله * (ألم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم) *(3) أي اختبرناهم * (فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا) * أي يفوتونا * (ساء ما يحكمون) * * (من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت) *(4) قال: من أحب لقاء الله جاءه الأجل * (ومن جاهد) * آمال نفسه عن اللذات والشهوات والمعاصي * (فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين) *.(5)
الثاني: محمد بن العباس قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد عن أحمد بن الحسين عن أبيه عن حسين بن مخارق عن عبيد الله بن الحسين عن أبيه عن جده عن الحسين بن علي عن أبيه صلوات الله عليهم أجمعين، قال: لما نزلت * (ألم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) * قال: قلت: يا رسول الله ما هذه الفتنة؟ قال: يا علي إنك مبتلى بك وأنت مخاصم فأعد للخصومة.(6)
الثالث: محمد بن العباس قال: حدثنا جعفر بن محمد الحسني عن إدريس بن زياد عن الحسن ابن محبوب عن عمرو بن ثابت عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: فسر لي قوله عز وجل لنبيه (صلى الله عليه وآله) * (ليس لك من الأمر شئ) * فقال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان حريصا على أن يكون علي بن أبي طالب (عليه السلام) من بعده على الناس، وكان عند الله خلاف ذلك فقال: وعنى بذلك قوله عز وجل * (ألم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين
____________
(1) بحار الأنوار 24 / 227 ح 26.
(2) بحار الأنوار 32 / 181 ح 175.
(3) العنكبوت: 1، 2، 3.
(4) العنكبوت: 5.
(5) تفسير القمي: 2 / 148.
(6) بحار الأنوار 24 / 227 ح 26.
الصفحة 213
صدقوا وليعلمن الكاذبين) * فرضي رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأمر الله عز وجل(1).
الرابع: محمد بن العباس قال: حدثنا أحمد بن هودة عن إبراهيم بن إسحاق عن عبد الله بن حماد عن سماعة بن مهران قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات ليلة في المسجد فلما كان قرب الصبح دخل أمير المؤمنين (عليه السلام) فناداه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا علي، قال: لبيك، قال: هلم إلي، فلما دنا منه قال: يا علي بت الليلة حيث تراني، وقد سألت ربي ألف حاجة فقضاها لي، وسألت لك مثلها فقضاها، وسألك لك ربي أن يجمع لك أمتي من بعدي فأبى علي ربي فقال: * (ألم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) *(2).(3)
الخامس: الحسين بن علي (عليه السلام) عن أبيه قال: لما نزلت * (ألم * أحسب الناس) * فقلت: يا رسول الله ما هذه الفتنة؟ قال: يا علي إنك مبتلى ومبتلى بك، وإنك مخاصم فأعد للخصومة.(4)
____________
(1) بحار الأنوار 28 / 82 ح 42.
(2) العنكبوت: 2.
(3) بحار الأنوار 24 / 228 ح 27.
(4) مناقب آل أبي طالب 3 / 7.
الصفحة 214
الباب السابع والعشرون والمائة
في قوله تعالى * (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى) *
من طريق العامة وفيه حديث واحد
عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى * (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا) * أي من ترك ولاية علي أعماه الله وأصمه عن الهدى.(1)
الباب الثامن والعشرون والمائة
في قوله تعالى * (ومن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري
فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى) *(2).
من طريق الخاصة وفيه ستة أحاديث
الأول: محمد بن يعقوب عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن السياري عن علي بن عبد الله قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل * (فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى) * قال: من قال بالأئمة واتبع أمرهم ولم يجز طاعتهم.(3)
الثاني: ابن يعقوب أيضا عن محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن الحسين عبد الرحمن عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل * (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا) * يعني به ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) قلت * (ونحشره يوم القيامة أعمى) * قال: يعني أعمى البصر في الآخرة، أعمى القلب في الدنيا عن ولاية أمير المؤمنين، قال: وهو متحير في القيامة يقول: رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال * (كذلك أتتك آياتي فنسيتها) * قال الآيات الأئمة (عليهم السلام) فنسيتها * (وكذلك اليوم تنسى) *(4) يعني تركتها وكذلك اليوم تترك في النار كما تركت الأئمة عليهم السلام ولم تطع أمرهم ولا تسمع قولهم قلت * (وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى) *(5) قال: يعني من أشرك بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) غيره
____________
(1) بحار الأنوار 31 / 403 ح 19.
(2) طه: 123، 124.
(3) الكافي 1 / 414 ح 10.
(4) طه: 126.
(5) طه: 127.
الصفحة 215
ولم يؤمن بآيات ربه، وترك الأئمة معاندة فلم يتبع آثارهم ولم يتولهم.(1)
الثالث: محمد بن العباس قال: حدثنا محمد بن همام عن محمد بن إسماعيل العلوي عن داود النجار عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) أنه سأل أباه عن قول الله عز وجل * (فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى) *(2) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أيها الناس اتبعوا هدى الله تهتدوا وترشدوا وهو هداي، وهداي هدى علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فمن اتبع هداه في حياتي وبعد موتي فقد اتبع هداي، ومن اتبع هداي فقد اتبع هدى الله، ومن اتبع هدى الله * (فلا يضل ولا يشقى) * قال: * (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى وكذلك نجزي من أسرف) * في عداوة آل محمد (عليهم السلام) * (ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى) *(3) ثم قال الله عز وجل * (أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات لأولي النهى) * وهم الأئمة من آل محمد، وما كان في القرآن مثلها.(4)
الرابع: العياشي في تفسيره بإسناده عن الحسين بن سعيد المكفوف كتب إليه في كتاب له:
جعلت فداك يا سيدي قوله (فمن اتبع هداي ومن أعرض عن ذكري) قال: أما قوله (فمن اتبع هداي)، من قال بالأئمة واتبع أمرهم بحسن طاعتهم(5).
الخامس: سعد بن عبد الله في بصائر الدرجات عن أحمد بن محمد بن عيسى عن عمر بن عبد العزيز عن رجل عن ابن الميثمي قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): يقول الله عز وجل * (فإن له معيشة ضنكا) * فقال: هي والله في النصاب، قلت: فقد رأيناهم في دهرهم الأطول في كفاية حتى ماتوا، فقال: ذلك والله في الرجعة يأكلون العذرة.(6)
السادس: علي بن إبراهيم قال: أخبرنا أحمد بن إدريس قال: حدثنا أحمد بن محمد عن عمر بن عبد العزيز عن إبراهيم بن المستنير عن معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) قوله: إن له معيشة ضنكا قال: هي والله للنصاب قال: جعلت فداك قد رأيتهم دهرهم الأطول في كفاية حتى ماتوا، قال: ذلك والله في الرجعة يأكلون العذرة.(7)
____________
(1) الكافي 1 / 436 ح 92.
(2) طه: 123.
(3) طه: 123، 124، 125، 126، 127.
(4) بحار الأنوار 24 / 149 ح 30.
(5) تفسير العياشي 2 / 206 ح 21.
(6) مختصر البصائر: 18.
(7) تفسير القمي 2 / 65.
الصفحة 216
الباب التاسع والعشرون والمائة
في قوله تعالى * (فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى) *.
من طريق العامة وفيه حديث واحد
الأعمش عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى * (فستعلمون من أصحاب الصراط السوي) *(1) والله هو محمد وأهل بيته، ومن اهتدى فهم أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله).(2)
الباب الثلاثون والمائة
في قوله تعالى * (فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى) *.
من طريق الخاصة وفيه ستة أحاديث
الأول: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن علي بن رباب قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): نحن والله سبيل الله الذي أمر الله باتباعه، ونحن والله الصراط المستقيم، ونحن والله الذين أمر الله العباد بطاعتهم، فمن شاء فليأخذ من هنا، ومن شاء فليأخذ من هناك، لا تجدون والله عنها محيصا.(3)
الثاني: علي بن إبراهيم عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل * (قل كل متربص) * إلى قوله * (ومن اهتدى) *(4) قال: إلى ولايتنا.(5)
الثالث: محمد بن العباس بن ماهيار الثقة قال: حدثنا علي بن عبد الله بن راشد عن إبراهيم بن محمد الثقفي عن إبراهيم بن محمد بن ميمون عن عبد الكريم بن يعقوب عن جابر قال: سئل محمد بن علي الباقر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل * (فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى) * قال: اهتدى إلى ولايتنا.(6)
الرابع: محمد بن العباس عن علي بن عبد الله عن إبراهيم بن محمد عن إسماعيل بن بشار عن
____________
(1) طه: 135.
(2) بحار الأنوار 24 / 16 ح 21.
(3) تفسير القمي 2 / 67.
(4) طه: 62.
(5) تأويل الآيات: 1 / 322 عن علي بن إبراهيم وليس هو في تفسيره المطبوع.
(6) بحار الأنوار 24 / 150 ح 32.
الصفحة 217
علي بن جعفر عن الحضرمي عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى * (فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى) * قال: علي صاحب الصراط السوي، ومن اهتدى أي إلى ولايتنا أهل البيت.(1)
الخامس: محمد بن العباس قال: حدثنا محمد بن همام عن محمد بن إسماعيل العلوي عن عيسى بن داود النجار عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: سألت أبي عن قول الله عز وجل * (فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى) * قال: الصراط هو القائم، والهدى من اهتدى إلى طاعته ومثلها في كتاب الله عز وجل * (وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى) *(2)
قال: إلى ولايتنا.(3)
السادس: سعد بن عبد الله في كتاب بصائر الدرجات عن المعلى بن محمد البصري قال: حدثنا أبو الفضل المدني عن أبي مريم الأنصاري عن المنهال بن عمرو عن رزين بن حبش عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: سمعته يقول: إذا دخل الرجل حفرته أتاه ملكان اسمهما منكر ونكير، فأول ما يسألانه عن ربه ثم عن نبيه ثم عن وليه، فإن أجاب نجا وإن تحير عذباه، فقال رجل: فما حال من عرف ربه ونبيه ولم يعرف وليه؟ قال: مذبذب لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا، فذلك لا سبيل له، وقد قيل للنبي (صلى الله عليه وآله)، من ولينا يا نبي الله؟ فقال: وليكم في هذا الزمان علي ومن بعده وصيه، لكل زمان عالم يحتج الله به لئلا يكون كما قال الضلال قبلهم حين فارقهم أنبياؤهم: ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى، فما كان من ضلالتهم وهي جهالتهم بالآيات وهم الأوصياء فأجابهم الله عز وجل * (قل تربصوا فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى) *(4) وإنما كان تربصهم أن قالوا: نحن في سعة من معرفة الأوصياء حتى نعرف إماما، فعرفهم الله بذلك، والأوصياء هم أصحاب الصراط وقوفا عليه، لا يدخل الجنة إلا من عرفهم وعرفوه، لا يدخل النار إلا من أنكرهم وأنكروه لأنهم عرفاء الله عرفهم عليهم عند أخذه المواثيق عليهم ووصفهم في كتابه فقال عز وجل * (وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم) *(5)
وهم الشهداء على أوليائهم، والنبي (صلى الله عليه وآله) الشهيد عليهم، وأخذ لهم مواثيق العباد بالطاعة، وأخذ النبي (صلى الله عليه وآله) المواثيق بالطاعة، فجرت نبوته عليهم، وذلك قول الله عز وجل: * (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا) *.(6)
____________
(1) بحار الأنوار 24 / 150 ح 33.
(2) طه: 82.
(3) بحار الأنوار 24 / 150 ح 34.
(4) طه: 135.
(5) الأعراف: 46.
(6) بصائر الدرجات 498 / 9.
الصفحة 218
الباب الحادي والثلاثون والمائة
في قوله تعالى * (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) *(1)
من طريق العامة وفيه حديثان
الأول: إبراهيم بن محمد الحمويني قال: أخبرني الشيخ أبو عبد الله علي بن أبي بكر بن الخلال إذنا بدمشق، أخبرتنا الشيخة الأصيلة أم الفضل كريمة بنت عبد الوهاب بن علي بن الخضر القرشي سماعا، أنبأنا الشيخان أبو الخير محمد بن أحمد بن عمر الباغبان، ومسعود بن الحسن بن القاسم الثقفي إجازة قالا: أنبأنا أبو عمرو عبد الوهاب ابن الإمام الحافظ أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن مندة قال: أنبأنا [ أبي أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن منده الحافظ قال: أنبأنا ] خيثمة بن سليمان قال: أنبأنا أحمد بن حازم الغفاري قال: أنبأنا عمرو بن حماد قال: أنبأنا أسباط بن نصر قال: حدثنا سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس أن عليا صلوات الله عليه كان يقول في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إن الله عز وجل يقول * (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) * والله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله، والله لئن مات أو قتل لأقاتل على ما قاتل عليه حتى أموت، والله إني لأخوه ووليه وابن عمه ووارثه، ومن أحق به مني؟(2)
الثاني: ابن شهرآشوب أورده من طريق العامة بإسناده عن سعد بن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى * (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين) * يعني بالشاكرين صاحبك علي بن أبي طالب (عليه السلام)، والمرتدين على أعقابهم الذين ارتدوا عنه.(3)
____________
(1) آل عمران: 144.
(2) فرائد السمطين: ج 1 / ص 224 / ب 44 / ح 175.
(3) مناقب آل أبي طالب 1 / 385.
الصفحة 219
الباب الثاني والثلاثون والمائة
في قوله تعالى * (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) *
من طريق الخاصة وفيه عشرة أحاديث
الأول: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) خرج يوم أحد وعهد العاهد به على تلك الحال، فجعل الرجل يقول لمن لقاه: إن رسول الله قد قتل، النجا، فلما رجعوا إلى المدينة أنزل الله * (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) *(1) يقول:
إلى الكفر.(2)
الثاني: محمد بن يعقوب بإسناده عن حنان عن أبيه عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان الناس أهل ردة بعد النبي (صلى الله عليه وآله) إلا ثلاثة، فقلت: ومن الثلاثة؟ فقال: المقداد بن الأسود وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي رحمة الله وبركاته عليهم، ثم عرف أناسا بعد يسير وقال: هؤلاء الذين دارت عليهم الرحى وأبوا أن يبايعوا حتى جاؤوا بأمير المؤمنين (عليه السلام) مكرها فبايع، وذلك قول الله عز وجل * (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين) *.(3)
الثالث: محمد بن يعقوب بإسناده عن ابن محبوب عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): إن العامة يزعمون أن بيعة أبي بكر حيث اجتمع الناس كانت رضا لله عز ذكره وما كان ليفتن أمة محمد (صلى الله عليه وآله) من بعده فقال أبو جعفر (عليه السلام) أو ما يقرؤون كتاب الله أوليس يقول * (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين) * قال: فقلت له: إنهم يفسرون على وجه آخر، فقال:
أوليس قد أخبر الله عز وجل عن الذين من قبلهم من الأمم أنهم قد اختلفوا * (من بعد ما جائتهم البينات حيث قال وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جائتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا
____________
(1) آل عمران: 144.
(2) تفسير القمي 1 / 119.
(3) الكافي 8 / 245 ح 341.
الصفحة 220
ولكن الله يفعل ما يريد) *(1).(2)
الرابع: الشيخ في أماليه بإسناده عن ابن عباس رحمه الله أن عليا (عليه السلام) كان يقول في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله عز وجل يقول * (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) * والله لا تنقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله، والله لئن مات أو قتل لأقاتلن على ما قاتل عليه حتى أموت، والله إني لأخوه ووارثه وابن عمه، فمن أحق به مني؟(3)
الخامس: العياشي بإسناده عن حنان بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان الناس أهل ردة بعد النبي (صلى الله عليه وآله) إلا ثلاثة، فقلت: ومن الثلاثة؟ قال: المقداد وأبو ذر وسلمان الفارسي، ثم عرف أناسا بعد يسير فقال: هؤلاء الذين دارت عليهم الرحى وأبوا أن يبايعوا حتى جاؤوا بأمير المؤمنين (عليه السلام) مكرها فبايع، وذلك قول الله * (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين) *(4).(5)
السادس: العياشي بإسناده عن المفضل بن يسار عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما قبض صار الناس كلهم أهل جاهلية إلا أربعة: علي والمقداد وسلمان وأبو ذر، فقلت: فعمار؟ فقال:
إن كنت تريد الذين لم يدخلهم شئ فهؤلاء الثلاثة.(6)
السابع: العياشي بإسناده عن الأصبغ بن نباتة قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول في كلام له يوم الجمل: يا أيها الناس إن الله تبارك اسمه وعز جنده لم يقبض نبيا قط حتى يكون له في أمته من يهدي بهداه، ويقصد سيرته، ويدل على معالم سبيل الحق الذي فرض الله على عباده، ثم قرأ * (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل) *(7).
الثامن: العياشي بإسناده عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): إن العامة تزعم أن بيعة أبي بكر حيث اجتمع لها الناس كانت رضا لله، وما كان الله ليفتن أمة محمد من بعده، فقال أبو جعفر (عليه السلام): وما يقرؤون كتاب الله؟ أليس الله يقول * (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) * الآية.
قال: فقلت له: إنهم يفسرون هذا على وجه آخر قال: فقال: أوليس قد أخبر الله عن الذين من قبلهم من الأمم أنهم اختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات حين قال * (وآتينا عيسا بن مريم البينات
____________
(1) البقرة: 253.
(2) الكافي 8 / 270 ح 398.
(3) أمالي الطوسي 502 / ح 1099.
(4) آل عمران: 144.
(5) تفسير العياشي 1 / 199 ح 148.
(6) تفسير العياشي 1 / 199 ح 148.
(7) تفسير العياشي 1 / 200 ح 150.
الصفحة 221
وأيدناه بروح القدس) *(1) إلى قوله * (فمنهم من آمن ومنهم من كفر) * الآية.
ففي هذا ما يستدل به على أن أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام قد اختلفوا من بعده، فمنهم من آمن ومنهم من كفر.(2)
التاسع: العياشي بإسناده عن عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: تدرون مات رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو قتل، إن الله يقول * (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) * فسم قبل الموت: إنهما سقتاه، فقلنا: إنهما وأبويهما شر من خلق الله.(3)
العاشر: العياشي بإسناده عن الحسين بن المنذر قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) * (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) * القتل أو الموت قال: يعني أصحابه الذين فعلوا ما فعلوا.(4)
____________
(1) البقرة: 253.
(2) تفسير العياشي 1 / 200 ح 151.
(3) تفسير العياشي 1 / 200 ح 152.
(4) تفسير العياشي 1 / 200 ح 153.
الصفحة 222
الباب الثالث والثلاثون والمائة
في قوله تعالى * (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) *
من طريق العامة وفيه حديثان
الأول: إبراهيم بن محمد الحموني قال: أخبرني عبد الصمد بن أحمد بن عبد القادر إجازة عن علي بن أبي طالب بن عبد السميع الواسطي إجازة، عن شاذان القمي قراءة عليه، عن محمد بن عبد العزيز عن محمد بن أحمد بن علي النطنزي، قال: أنبأنا محمد بن الفضل بن محمد الغراوي قال: أنبأنا أبو بكر بن ريذة قال: أنبأنا الطبراني قال: أنبأنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: أنبأنا عمي القاسم قال: أنبأنا يحيى بن يعلى عن سلمان بن قرم عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال لعلي (عليه السلام): ناولني كفا من الحصباء، فناوله فرمى به وجوه القوم، فما بقي أحد منهم إلا امتلأت عيناه من الحصى فنزلت * (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) *(1) الآية(2).
الثاني: عن الثعلبي عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى * (وما رميت إذ رميت) * أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال لعلي: ناولني كفا من حصى، فناوله فرمى به وجوه القوم، فما بقي أحد إلا امتلأت عيناه من الحصى، وفي رواية غيره: وأفواههم ومناخرهم.
قال أنس: رمى بثلاث حصيات في الميمنة والميسرة والقلب و * (ليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا) * يعني وهزم الكفار ليعم النبي والوصي(3).
____________
(1) الأنفال: 17.
(2) فرائد السمطين: 1 / 232 / ب 45 / ح 181.
(3) مناقب آل أبي طالب بتفاوت: 1 / 164.
الصفحة 223
الباب الرابع والثلاثون والمائة
في قوله تعالى * (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) *.
من طريق الخاصة وفيه ثلاثة أحاديث
الأول: العياشي في تفسيره بإسناده عن محمد بن كليب الأسدي عن أبيه قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله * (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) * قال: علي ناول رسول الله (صلى الله عليه وآله) القبضة التي رمى بها، وفي خبر آخر أن عليا (عليه السلام) ناوله قبضة من تراب فرمى بها.(1)
الثاني: العياشي بإسناده عن عمرو بن أبي المقدام عن علي بن الحسين (عليه السلام) قال: ناول رسول الله (صلى الله عليه وآله) علي بن أبي طالب قبضة من تراب التي رمى بها في وجوه المشركين فقال الله * (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) *(2).(3)
الثالث: الطبرسي في الاحتجاج عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في قوله تعالى * (فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) * سمى فعل النبي (صلى الله عليه وآله) فعلا له تأويله على غير تنزيله.(4)
____________
(1) تفسير العياشي 2 / 52 ح 32 و 33.
(2) الأنفال: 17.
(3) تفسير العياشي 2 / 52 ح 34.
(4) الإحتجاج 1 / 372.
الصفحة 224
الباب الخامس والثلاثون والمائة
في قوله تعالى * (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) *(1).
من طريق العامة وفيه حديثان
الأول: أبو علي الطبرسي أورده من طريق العامة عن الحاكم الحسكاني قال: حدثني محمد بن القاسم بن أحمد قال: حدثنا أبو سعيد محمد بن الفضيل بن محمد قال: حدثنا محمد بن صالح العرزمي قال: حدثنا عبد الرحمن أبي حاتم قال: حدثنا أبو سعيد الأشج عن أبي خلف الأحمر عن إبراهيم بن طهمان عن سعيد بن عروبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية * (واتقوا فتنة) * قال النبي (صلى الله عليه وآله): من ظلم عليا مقعدي هذا بعد وفاتي فكأنما جحد نبوتي ونبوة الأنبياء قبلي(2).
الثاني: ما رواه أبو عبد الله محمد بن علي السراج يرفعه إلى عبد الله بن مسعود قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): يا بن مسعود إنه قد نزلت في علي آية * (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) * وأنا مستودعكها ومسلم لك خاصة الظلمة، فكن لما أقول واعيا، وعني له مؤديا، من ظلم عليا مجلسي هذا كان كمن جحد نبوتي ونبوة من كان قبلي، ثم ذكر حديثا، هذا زبدته.(3)
وفي كتاب صراط المستقيم قال: أورد الحاكم أبو القاسم الحسكاني الأعور في كتاب شواهد التنزيل، وقد ادعى إجماع المسلمين عليه في رواية ابن عباس لما نزل قوله تعالى * (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) * قال النبي (صلى الله عليه وآله): من ظلم عليا مقعده هذا بعدي فكأنما جحد نبوتي ونبوة الأنبياء من قبلي، وأسنده ابن السراج في كتابه إلى أبي مسعود حتى قيل له: كيف وليت الظالمين.
وسمعته من رسول الله الله عليه وآله فقال: حلت عقوبته علي لأني لم أستأذن إمامي كما استأذنه جندب وعمار وسلمان، وأنا أستغفر الله وأتوب إليه.(4)
____________
(1) الأنفال: 25.
(2) مجمع البيان: 4 / 453، والشواهد: 1 / 271.
(3) بحار الأنوار 32 / 123 ح 66.
(4) الصراط المستقيم: 2 / 27.
الصفحة 225
الباب السادس والثلاثون والمائة
في قوله تعالى * (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) *
من طريق الخاصة وفيه أربعة أحاديث
الأول: العياشي في تفسيره بإسناده عن عبد الرحمن بن سالم عن الصادق (عليه السلام) في قوله * (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) *(1) قال: أصابت الناس فتنة بعد ما قبض الله نبيه (صلى الله عليه وآله) حتى تركوا عليا وبايعوا غيره، وهي الفتنة التي فتنوا بها وقد أمرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) باتباع علي (عليه السلام) والأوصياء من آل محمد (عليهم السلام).(2)
الثاني: العياشي بإسناده عن إسماعيل السري عنه (عليه السلام) * (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) * قال: أخبرت أنهم أصحاب الجمل.(3)
الثالث: محمد بن يعقوب بإسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال في بعض كتابه * (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) * في * (إنا أنزلناه في ليلة القدر) *(4) وقال في بعض كتابه * (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين) *(5) يقول في الآية الأولى: إن محمدا حين يموت يقول أهل الخلاف لأمر الله عز وجل: مضت ليلة القدر مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فهذه فتنة أصابتهم خاصة وبها ارتدوا على أعقابهم، لأنهم إن قالوا: لم تذهب فلا بد أن يكون لله عز وجل فيها أمر، وإن أقروا بالأمر لم يكن لهم من صاحب بد.(6)
الرابع: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: نزلت في الزبير وطلحة لما حاربا أمير المؤمنين (عليه السلام) وظلماه.(7)
____________
(1) الأنفال: 25.
(2) تفسير العياشي 2 / 53 ح 40.
(3) تفسير العياشي 2 / 53 ح 41.
(4) القدر: 1.
(5) آل عمران: 144.
(6) الكافي 1 / 248 ح 4.
(7) تفسير القمي / 271.
الصفحة 226
الباب السابع والثلاثون والمائة
في قوله تعالى * (الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح) *
إلى * (أجر عظيم) *(1).
من طريق العامة وفيه ثلاثة أحاديث
الأول: ابن شهرآشوب من طريق العامة قال: ذكر الفلكي المفسر عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس وعن أبي رافع إنها نزلت في علي (عليه السلام) وذلك إنه (عليه السلام) نادى يوم الثاني من أحد في المسلمين فأجابوه، وتقدم علي (عليه السلام) براية المهاجرين في سبعين رجلا حتى انتهى إلى حمراء الأسد ليرهب العدو، وهي سوق على ثلاثة أميال من المدينة، ثم رجع إلى المدينة يوم الجمعة.
وخرج أبو سفيان حتى انتهى إلى الروحاء فلقي معبد الخزاعي فقال وما وراءك فأنشده:
كانت تهد من الأصوات راحلتي إذ سألت الأرض بالجرد الأبابيل
تروى(2) بأسد كرام لا ننابله عند اللقاء ولا خرق معاذيل
فقال أبو سفيان لركب من عبد القيس: أبلغوا محمدا أني قتلت صناديدكم وأردت الرجعة لأستأصلكم، فقال النبي: حسبنا الله ونعم الوكيل، ورجع إلى المدينة يوم الجمعة.(3)
الثاني: ذكر ابن شهرآشوب أيضا مع التزامه الرواية عن العامة قال: روى عن أبي رافع بطرق كثيرة أنه لما انصرف المشركون يوم أحد بلغوا الروحاء قالوا: لا للكواعب أردفتم، ولا محمدا قتلتم، ارجعوا، فبلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) فبعث في آثارهم عليا (عليه السلام) في نفر من الخزرج، فجعل لا يرتحل المشركون من منزل إلا نزله علي، فأنزل الله * (الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح) * وفي خبر أبي رافع: إن النبي (عليه السلام) تفل على جراحه ودعا له وبعثه خلف المشركين، فنزلت فيه الآية.(4)
الثالث: ومن طريق العامة أيضا أن النبي (صلى الله عليه وآله) وجه عليا (عليه السلام) في نفر معه في طلب أبي سفيان فلقيهم أعرابي من خزاعة فقال: إن القوم قد جمعوا لكم * (فاخشوهم) * يعني أبا سفيان وأصحابه
____________
(1) آل عمران: 172.
(2) في المصدر: تردى.
(3) مناقب آل أبي طالب 1 / 168.
(4) مناقب آل أبي طالب: 2 / 316.
الصفحة 227
* (فقالوا) * يعني عليا وأصحابه * (حسبنا الله ونعم الوكيل) * فنزلت هذه الآية إلى قوله * (ذو فضل عظيم) *(1).
الباب الثامن والثلاثون والمائة
في قوله تعالى * (الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح) *
إلى * (أجر عظيم) *(2).
من طريق الخاصة وفيه حديثان
الأول: العياشي بإسناده عن سالم بن أبي مريم قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعث عليا (عليه السلام) في عشرة * (استجابوا لله والرسول من بعدما أصابهم القرح) * إلى * (أجر عظيم) * إنما نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام)(3).
الثاني: العياشي بإسناده عن جابر عن محمد بن علي عليهما السلام قال: لما وجه النبي (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين وعمار بن ياسر إلى أهل مكة، قالوا: بعث هذا الصبي ولو بعث غيره إلى أهل مكة وفي مكة صناديد قريش ورجالها، والله الكفر أولى بنا مما نحن فيه، فساروا وقالوا لهما وخوفوهما بأهل مكة، وغلظوا عليهما الأمر، فقال علي (عليه السلام): حسبنا الله ونعم الوكيل ومضيا، فلما دخلا مكة أخبر الله نبيه (صلى الله عليه وآله) بقولهم لعلي (عليه السلام) وبقول علي لهم، فأنزل الله بأسمائهم في كتابه وذلك قول الله * (ألم تر إلى الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم) *(4) وإنما نزلت ألم تر إلى فلان وفلان، لقيا عليا وعمارا فقالا: إن أبا سفيان وعبد الله بن عامر وأهل مكة قد جمعوا لكم فاخشوهم، فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل.(5)
____________
(1) تفسير ابن كثير: 1 / 440 مورد الآية، والبحار: 36 / 182.
(2) آل عمران: 172.
(3) تفسير العياشي 1 / 206 ح 153.
(4) آل عمران: 173.
(5) تفسير العياشي 1 / 206 ح 154.
الصفحة 228
الباب التاسع والثلاثون والمائة
في قوله تعالى * (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون) *
من طريق العامة وفيه حديث واحد
السيد الفاضل الحسن بن مساعد في كتابه قال من طريق المخالفين: إن الآية نزلت في رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي وحمزة.(1)
الباب الأربعون والمائة
في قوله تعالى * (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا) *(2)
من طريق الخاصة وفيه اثنا عشر حديثا
الأول: محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن حماد بن عيسى عن أبي السفاتج عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل * (اصبروا وصابروا ورابطوا) * قال: اصبروا على الفرائض، وصابروا على المصائب، ورابطوا على الأئمة عليهم السلام.(3)
الثاني: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد قال: حدثني محمد بن الحسن الصفار وقال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن علي بن أسباط عن أبي حمزة عن أبي بصير قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قول الله عز وجل * (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا) * فقال: اصبروا على المصائب وصابروهم على التقية ورابطوا على من تقتدون به واتقوا الله لعلكم تفلحون.(4)
الثالث: محمد بن إبراهيم النعماني في كتاب الغيبة.
قال: أخبرنا علي بن أحمد البندنيجي عن عبيد الله بن موسى العلوي العباس عن هارون بن
____________
(1) شواهد التنزيل: 1 / 174 ح 186.
(2) آل عمران: 200.
(3) الكافي 2 / 81 ح 3.
(4) معاني الأخبار 369 / 1.
الصفحة 229
مسلم عن القاسم بن عروة عن بريد بن معاوية العجلي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) في قوله * (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا) * قال: اصبروا على أداء الفرائض وصابروا عدوكم ورابطوا إمامكم المنتظر.(1)
الرابع: محمد بن إبراهيم هذا قال: أخبرنا علي بن أحمد قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى عن علي بن إبراهيم بن هاشم عن علي بن إسماعيل عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبي الطفيل عن أبي جعفر محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عليهما السلام أن ابن عباس بعث إليه من يسأله عن هذه الآية * (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا) * فغضب علي بن الحسين وقال للسائل: وددت أن الذي أمرك بهذا واجهني، به ثم قال: نزلت في أبي وفينا ولم يكن الرباط الذي أمرنا به بعد، وسيكون ذلك ذرية من نسلنا المرابط ثم قال: أما أن في صلبه - يعني ابن عباس - وديعة درئت لنار جهنم، سيخرجون أقواما من دين الله أفواجا، وستصبغ الأرض بدماء فراخ من فراخ آل محمد عليهم، تنهض تلك الفراخ في غير وقت وتطلب غير مدرك، ويرابط الذين آمنوا ويصبرون ويصابرون حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين.(2)
الخامس: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن ابن مسكان عن أبي عبد الله (عليه السلام): قال اصبروا على المصائب وصابروا على الفرائض ورابطوا على الأئمة (عليهم السلام).(3)
السادس: سعد بن عبد الله في بصائر الدرجات عن يعقوب بن يزيد وإبراهيم بن هاشم عن الحسن بن محبوب عن يعقوب السراج قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) تخلو الأرض من عالم منكم حي ظاهر تفزع إليه الناس في حلالهم وحرامهم؟ فقال: لا يا أبا يوسف وأن ذلك الشئ في كتاب الله عز وجل قوله * (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا) *(4) اصبروا على دينكم وصابروا على عدوكم ممن يخالفكم، ورابطوا إمامكم واتقوا الله فيما أمركم وفرض عليكم.(5)
السابع: العياشي في تفسيره بإسناده عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله تبارك وتعالى * (اصبروا) * يقول: عن المعاصي * (وصابروا) * على الفرائض، واتقوا الله، يقول الله:
مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر ثم قال: وأي منكر أنكر من ظلم الأمة لنا وقتلهم إيانا * (ورابطوا) * يقول: في سبيل الله، ونحن السبيل فيما بين الله وخلقه ونحن الرباط الأدنى، فمن جاهد عنا فقد
____________
(1) الغيبة: 27، وينابيع المودة: 3 / 236.
(2) الغيبة 199 / 12.
(3) تفسير القمي 1 / 129.
(4) آل عمران: 200.
(5) بصائر الدرجات 487 / 16.
الصفحة 230
جاهد عن النبي (صلى الله عليه وآله) وما جاء به من عند الله لعلكم تفلحون.
ويقول: لعل الجنة توجب لكم إن فعلتم ذلك، ونظيرها من قول الله * (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين) *(1) ولو كانت هذه الآية في المؤذنين كما فسرها المفسرون لفاز القدرية وأهل البدع معهم.(2)
الثامن: العياشي بإسناده عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل * (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا) *(3) قال: اصبروا على الفرائض وصابروا على المصائب ورابطوا على الأئمة.(4)
التاسع: العياشي بإسناده قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): تبقى الأرض يوما بغير عالم منكم يفزع الناس إليه؟ قال: فقال لي: إذا لا يعبد الله، يا أبا يوسف لا تخلو الأرض من عالم منا ظاهر يفرغ الناس إليه في حلالهم وحرامهم، فإن ذلك بين في كتاب الله، قال الله * (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا) * اصبروا على دينكم، وصابروا عدوكم ممن خالفكم، ورابطوا إمامكم واتقوا الله فيما أمركم به وافترض عليكم.(5)
العاشر: العياشي بإسناده قال: وفي رواية عنه، يعني عن الصادق (عليه السلام)، اصبروا على الأذى فينا، قلت: فصابروا؟ قال: على عدوكم مع وليكم.
ورابطوا؟ قال: المقام مع إمامكم واتقوا الله لعلكم تفلحون.
قلت: تنزيل؟ قال: نعم.(6)
الحادي عشر: العياشي عن أبي الطفيل عن أبي جعفر (عليه السلام) في هذه الآية قال: نزلت فينا، ولم يكن الرباط الذي أمرنا بعد، وسيكون ذلك، يكون من نسلنا المرابط ومن نسل ابن ناثل المرابط(7).
الثاني عشر: العياشي بإسناده عن بريد عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله * (اصبروا) * يعني بذلك عن المعاصي * (وصابروا) * يعني التقية * (ورابطوا) * يعني الأئمة ثم قال: تدري ما معنى: البدوا ما لبدنا فإذا تحركنا فتحركوا، واتقوا الله ما لبدنا نار بكم لعلكم تفلحون. قال: قلت: جعلت فداك إنما نقرؤها * (واتقوا الله) *، قال: أنتم تقرؤونها كذا ونحن نقرؤها كذا(8).
____________
(1) فصلت: 33.
(2) تفسير العياشي 1 / 212 ح 179.
(3) آل عمران: 200.
(4) تفسير العياشي 1 / 212 ح 180.
(5) تفسير العياشي 1 / 212 ح 181.
(6) تفسير العياشي 1 / 213 ح 182.
(7) تفسير العياشي 1 / 213 ح 183.
(8) تفسير العياشي 1 / 213 ح 184.
الصفحة 231
الباب الحادي والأربعون والمائة
في قوله تعالى * (والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى
إن هو إلا وحي يوحى) *(1)
من طريق العامة وفيه حديثان
الأول: ابن المغازلي الشافعي في كتاب المناقب قال: أخبرنا أبو البركات إبراهيم بن محمد بن خلف الجماري السقطي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد قال: حدثنا أبو الفتح أحمد بن الحسن بن سهل المالكي المصري الواعظ بواسط في القراطسين قال: حدثنا سليمان بن أحمد المالكي قال: حدثنا أبو قضاعة ربيعة بن محمد الطائي، حدثنا ثوبان ذي النون، حدثنا مالك بن غسان النهشلي، حدثنا ثابت عن أنس قال: انقض كوكب على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): انظروا إلى هذا الكوكب فمن انقض في داره فهو الخليفة من بعدي، فنظروا فإذا هو قد انقض في منزل علي فأنزل الله تعالى * (والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) *.(2)
الثاني: ابن المغازلي الشافعي أيضا قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه الخزاز إذنا، قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن علي الدهان المعروف بأخي حماد قال: حدثنا علي بن محمد بن الخليل بن هارون البصري قال: حدثنا محمد ابن الخليل الجهني هشيم عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه قال: كنت جالسا مع فتية من بني هاشم عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ انقض كوكب فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
من انقض هذا النجم في منزله فهو الوصي من بعدي، فقام فتية من بني هاشم فنظروا فإذا الكوكب قد انقض في منزل علي بن أبي طالب (عليه السلام) قالوا: يا رسول الله غويت في حب علي فأنزل الله * (والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى) * إلى قوله * (وهو بالأفق الأعلى) *.(3)
____________
(1) النجم: 1، 2، 3، 4.
(2) مناقب ابن المغازلي / 172 / ح 313.
(3) مناقب ابن المغازلي / 192 / ح 353.
الصفحة 232
الباب الثاني والأربعون والمائة
في قوله تعالى * (والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى) *
من طريق الخاصة وفيه أحد عشر حديثا
الأول: محمد بن يعقوب عن علي بن محمد عن علي بن العباس عن علي بن حماد عن عمرو ابن شمر عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: أقسم بقبض محمد إذا قبض، ما ضل صاحبكم بتفضيله أهل بيته، وما غوى وما ينطق عن الهوى، يقول: ما يتكلم بفضل أهل بيته بهواه، وهو قول الله عز وجل * (إن هو إلا وحي يوحى) *(1).
الثاني: ابن بابويه قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا أحمد بن يحيى قال: حدثنا بكر بن عبد الله قال: حدثنا الحسن بن زياد الكوفي قال: حدثنا منصور بن أبي الأسود عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: لما مرض النبي (صلى الله عليه وآله) مرضه الذي قبضه الله فيه اجتمع إليه أهل بيته وأصحابه فقالوا: يا رسول الله إن حدث بك حدث فمن لنا بعدك؟ ومن القائم فينا بأمرك؟ فلم يجبهم جوابا وسكت عنهم، فلما كان اليوم الثاني أعادوا عليه القول، فلم يجبهم عن شئ مما سألوه، فلما كان اليوم الثالث أعادوا عليه وقالوا: يا رسول الله إن حدث بك حدث فمن لنا من بعدك؟ ومن القائم فينا بأمرك؟ فقال لهم: إذا كان غدا هبط نجم من السماء في دار رجل من أصحابي فانظروا من هو فهو خليفتي عليكم من بعدي والقائم فيكم بأمري.
ولم يكن فيهم أحد إلا وهو يطمع أن يقول له أنت القائم بعدي، فلما كان اليوم الرابع جلس كل رجل منهم في حجرته ينتظر هبوط النجم إذ انقض نجم من السماء قد غلب ضوؤه على ضوء الدنيا حتى وقع في حجرة علي (عليه السلام).
فهاج القوم وقالوا: والله لقد ضل هذا الرجل وغوى، وما ينطق في ابن عمه إلا بالهوى، فأنزل الله تبارك وتعالى * (والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) * إلى آخر السورة(2).
الثالث: ابن بابويه قال: حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي الكوفي قال: حدثنا فرات بن
____________
(1) الكافي 8 / 380 ح 574.
(2) أمالي الصدوق 680 / ح 928.
الصفحة 233
إبراهيم الكوفي قال: حدثنا محمد بن أحمد بن علي الهمداني قال: حدثني الحسين بن علي قال:
حدثني عبد الله بن سعيد قال: حدثنا عبد الواحد بن غياث قال: حدثنا عاصم بن سليمان قال:
حدثنا جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال: صلينا العشاء الآخرة ذات ليلة مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلما سلم قدم علينا بوجهه ثم قال: أما إنه سينقض كوكب من السماء مع طلوع الفجر فيسقط في دار أحدكم، فمن سقط ذلك الكوكب في داره فهو وصيي وخليفتي والإمام بعدي.
فلما كان قرب الفجر جلس كل واحد منا في داره ينتظر سقوط الكوكب في داره وكان أطمع القوم في ذلك أبي العباس بن عبد المطلب، فلما طلع الفجر انقض الكوكب من الهواء فسقط في دار علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): يا علي والذي بعثني بالنبوة لقد وجبت لك الوصية والخلافة والإمامة بعدي، فقال المنافقون عبد الله بن أبي وأصحابه: لقد ضل محمد في محبة ابن عمه وغوى، وما ينطق في شأنه إلا بالهوى فأنزل الله تبارك وتعالى * (والنجم إذا هوى) * يقول عز وجل وخالق النجم إذا هو هوى * (ما ضل صاحبكم) * يعني محمدا (صلى الله عليه وآله) في محبة علي بن أبي طالب * (وما غوى وما ينطق عن الهوى) * في شأنه * (إن هو إلا وحي يوحى) *(1).(2)
الرابع: ابن بابويه قال: حدثنا بهذا الحديث السابق الشيخ لأهل الرأي يقال له أحمد بن الصقر الصانع العدل قال: حدثنا محمد بن العباس بن بشام قال: حدثني أبو جعفر محمد بن أبي الهيثم السعدي قال: حدثني أحمد بن الخطاب قال: حدثنا أبو إسحاق الفزاري عن أبيه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده (عليه السلام) عن عبد الله بن عباس بمثل ذلك إلا أن في حديثه: يهوي كوكب من السماء مع طلوع الشمس ويسقط في دار أحدكم.(3)
الخامس: ابن بابويه قال أيضا: وحدثنا بهذا الحديث شيخ لأهل الحديث يقال له أحمد بن الحسن القطان المعروف بأبي علي عدوية العدل قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن زكريا القطان قال:
حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال: حدثنا محمد بن إسحاق الكوفي قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله السحري أبو إسحاق عن يحيى بن حسين المشهدي عن أبي هارون العبدي عن ربيعة السهلوي قال: سألت ابن عباس عن قول الله عز وجل * (والنجم إذا هوى) * قال: هو النجم الذي هوى مع طلوع الفجر فقط في حجرة علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وكان أبي العباس يحب أن يسقط ذلك النجم في داره فيحوز الوصية والخلافة والإمامة، ولكن أبى الله أن يكون ذلك غير علي بن
____________
(1) النجم: 1، 2، 3، 4.
(2) أمالي الصدوق 660 / ح 893.
(3) أمالي الصدوق 660 / ح 894.
الصفحة 234
أبي طالب وذلك فضله يؤتيه من يشاء.(1)
السادس: محمد بن العباس رحمه الله في تفسيره، عن جعفر بن محمد العلوي، عن عبد الله محمد الزيات، عن جندل بن والق، عن ابن عمر، عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر بن محمد (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنا سيد الناس ولا فخر، وعلي سيد المؤمنين، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فقال رجل من قريش: والله لا يألوا يطرئ ابن عمه فأنزل الله سبحانه * (والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى) *(2) وما هذا القول الذي يقوله بهواه في ابن عمه * (إن هو إلا وحي يوحى) *(3).
السابع: محمد بن العباس عن أحمد بن القاسم عن منصور بن العباس عن الحصين عن العباس القصباني عن داود بن الحصين بن عن فضل عبد الملك عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لما أوقف رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم الغدير وافترق الناس ثلاث فرق، فقالت فرقة: ضل محمد، وفرقة قالت: غوى، وفرقة قالت: بهواه يقول في أهل بيته وابن عمه، فأنزل الله سبحانه * (والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) *.(4)
الثامن: محمد بن العباس عن أحمد بن القاسم عن أحمد بن محمد عن أحمد بن خالد الأزدي عن عمرو عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله عز وجل * (والنجم إذا هوى) * ما فتنتم إلا ببغض آل محمد إذا مضى * (ما ضل صاحبكم) * بتفضيل أهل بيته، إلى قوله * (إن هو إلا وحي يوحى) *(5).
التاسع: محمد بن العباس قال: حدثنا أحمد بن هوذة الباهلي عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي عن عبد الرحمن بن حماد الأنصاري عن محمد بن عبد الله عن جعفر بن محمد عن جده عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لما أسري بي إلى السماء صرت إلى سدرة المنتهى، فقال لي جبرئيل: تقدم يا محمد فدنوت دنوة، والدنوة مدة البصر، فرأيت نورا ساطعا فخررت لله ساجدا فقال لي: يا محمد من خلفت في الأرض؟ قلت: يا رب أعدلها وأصدقها وأبرها وأشملها علي بن أبي طالب، وصيي ووليي ووارثي وخليفتي في أهلي، فقال لي: اقرأه مني السلام وقل له: إن غضبه عز ورضاه حكم.
يا محمد إني أنا الله لا إله إلا أنا العلي الأعلى، وهبت لأخيك اسما من أسمائي فسميته عليا وأنا العلي الأعلى.
____________
(1) أمالي الصدوق 661 / ح 895.
(2) النجم: 1، 2، 3.
(3) بحار الأنوار 24 / 323 ح 33.
(4) بحار الأنوار 24 / 323 ح 35.
(5) بحار الأنوار 24 / 323 ح 34.
الصفحة 235
يا محمد إني أنا الله لا إله إلا أنا فاطر السماوات والأرض وهبت لابنتك اسما من أسمائي فسميتها فاطمة وأنا فاطر كل شئ.
يا محمد أنا الله لا إله إلا أنا الحسن البلاء، وهبت لسبطيك اسمين من أسمائي فسميتهما الحسن والحسين وأنا الحسن البلاء.
قال: فلما حدث النبي (صلى الله عليه وآله) قريشا بهذا الحديث قال قوم: ما أوحى الله إلى محمد بشئ وإنما تكلم عن هوى نفسه، فأنزل الله تبارك وتعالى بيان ذلك * (والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى) *(1).(2)
العاشر: الشيخ رجب البرسي بالإسناد يرفعه عن علي بن محمد الهادي عن زين العابدين (عليه السلام) عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه قال: اجتمع أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليلة في عام فتح مكة فقالوا: يا رسول الله من شأن الأنبياء أنهم إذا استقام أمرهم أن يوصوا إلى وصي أو من يقوم مقامه بعده ويأمر بأمره ويسير في الأمة بسيرته.
فقال (عليه السلام): قد وعدني ربي بذلك أن يبين: [ لي ] ربي عز وجل من يحب [ أن يختاره للأمة خليفة بعدي ومن هو ] الخليفة على أمتي بآية تنزل من السماء، ليعلموا الوصي بعدي، فلما صلى بهم العشاء الآخرة في تلك الساعة نظر الناس لينظروا ما يكون، وكانت ليلة ظلماء لا قمر فيها وإذا بضوء عظيم قد أضاء المشرق والمغرب، قد نزل نجم من السماء إلى الأرض وجعل يدور على الدور حتى وقف على حجرة علي بن أبي طالب، وله شعاع هايل، وصار على الحجرة كالغطاء على المنشور وقد أظل شعاعه الدور وقد فزع الناس، فجعل الناس يهللون ويكبرون وقالوا: يا رسول الله نجم قد نزل من السماء على ذروة حجرة علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: فقام وقال: هو والله الإمام من بعدي والوصي والقائم بأمري، فأطيعوه ولا تخالفوه، وقدموه ولا تتقدموه فهو خليفة الله في أرضه من بعدي، قال: فخرج الناس من عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال واحد من المنافقين: ما يقول في ابن عمه إلا بالهوى وقد ركبته الغواية حتى لو تمكن أن يجعله نبيا لفعل.
قال: فنزل جبرائيل (عليه السلام) وقال: يا محمد، العلي الأعلى يقرئك السلام ويقول لك: اقرأ بسم الله الرحمن الرحيم * (والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) *.(3)
____________
(1) النجم: 1، 2، 3، 4، 5.
(2) بحار الأنوار 24 / 323 ح 36.
(3) الروضة في المعجزات: 148، ومدينة المعاجز: 2 / 434.
الصفحة 236
الحادي عشر: علي بن إبراهيم قال: أخبرنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن الحسن ابن العباس عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله * (ما ضل صاحبكم وما غوى) * يقول: ما ضل في علي (عليه السلام) وما غوى، وما ينطق فيه عن الهوى، وما كان ما قال فيه إلا بالوحي الذي أوحى إليه.(1)
____________
(1) تفسير القمي 2 / 334.
الصفحة 237
الباب الثالث والأربعون والمائة
في قوله تعالى * (فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرؤا كتابيه) * إلى * (الخالية) *(1)
من طريق العامة وفيه حديث واحد
ابن مردويه عن رجاله عن ابن عباس رحمه الله قال في قوله عز وجل * (فأما من أوتي كتابه بيمينه) * إلى قوله * (خالية) * هو علي بن أبي طالب (عليه السلام).(2)
الباب الرابع والأربعون والمائة
في قوله تعالى * (فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرؤا كتابيه) *
من طريق الخاصة وفيه سنة أحاديث
الأول: العياشي بإسناده عن أبي حمزة عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى * (فأما من أوتي كتابه بيمينه) * علي بن أبي طالب (عليه السلام).(3)
الثاني: محمد بن العباس قال: حدثنا محمد بن الحسين عن جعفر بن عبد الله المحدي عن كثير ابن عياش عن أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله عز وجل * (فأما من أوتي كتابه بيمينه) * إلى آخر الكلام: نزلت في علي وجرت في أهل الإيمان مثلا.(4)
الثالث: محمد بن العباس عن أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن عمرو بن عثمان عن حنان بن سدير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل * (فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرؤا كتابيه) * قال: هذا أمير المؤمنين.(5)
الرابع: شرف الدين النجفي في تأويل الآيات الباهرة في العترة الطاهرة قال علي بن إبراهيم في تفسيره: هو أمير المؤمنين (عليه السلام).(6)
الخامس: العياشي بإسناده عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه إذا كان يوم القيامة يدعى كل أناس بإمامهم فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرؤون كتابهم، واليمين إثبات الإمام لأنه كتابه يقرأه،
____________
(1) الحاقة: 19.
(2) بحار الأنوار 32 / 70 ح 18 عن ابن مردويه.
(3) تفسير العياشي 2 / 302 ح 115 (بتفاوت يسير).
(4) بحار الأنوار 32 / 65 ح 5.
(5) بحار الأنوار 32 / 65 ح 6.
(6) تأويل الآيات 2 / 717 ح 9.
الصفحة 238
لأن الله يقول * (فمن أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرؤا كتابيه إني ظننت أني ملاق حسابيه) * الآية.
والكتاب الإمام فمن نبذه وراء ظهره كان كما قال: فنبذوه وراء ظهورهم، ومن أنكره كان من أصحاب الشمال الذين قال الله * (ما أصحاب الشمال في سموم وحميم وظل من يحموم) *(1) إلى آخر الآية(2).
السادس: علي بن إبراهيم في تفسيره في قوله * (فأما من أوتي كتابه بيمينه) *(3) قال: قال الصادق (عليه السلام) كل أمة يحاسبها إمام زمانها، ويعرف الأئمة أولياءهم وأعداءهم بسيماهم وهو قوله * (وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم) *(4) فيعطون أولياءهم كتبهم بأيمانهم فيمرون إلى الجنة بغير حساب، ويعطون أعداءهم كتبهم بشمالهم فيمرون إلى النار بغير حساب، فإذا نظر أولياؤهم في كتبهم يقولون لإخوانهم * (هاؤم اقرؤا كتابيه إني ظننت أني ملاق حسابيه فهو في عيشة راضية) * أي مرضية، فوضع الفاعل مكان المفعول(5).
____________
(1) الواقعة: 41، 42، 43.
(2) تفسير العياشي 2 / 302 ح 115.
(3) الحاقة: 19.
(4) الأعراف: 46.
(5) تفسير القمي: 2 / 384.
الصفحة 239
الباب الخامس والأربعون والمائة
في قوله تعالى * (إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر) *(1).
من طريق العامة وفيه حديث واحد
موفق بن أحمد في كتاب المناقب قال روى السيد أبو طالب بإسناده عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسلم لعلي رضي الله عنه: إن من أحبك وتولاك أسكنه الله الجنة معنا، ثم تلا رسول الله (صلى الله عليه وآله) * (إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر) *.(2)
الباب السادس والأربعون والمائة
في قوله تعالى * (إن المتقين في جنات ونهر) *
من طريق الخاصة وفيه ثلاثة أحاديث
الأول: محمد بن يعقوب عن علي بن محمد عن بعض أصحابنا عن محمد بن الفضل عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام)، قلت: * (إن المتقين...) * قال: نحن والله وشيعتنا ليس على ملة إبراهيم غيرنا، وسائر الناس منها براء.(3)
الثاني: محمد بن العباس عن محمد بن عمر بن أبي شيبة عن زكريا بن يحيى عن عمرو بن ثابت عن أبيه عن عاصم بن ضمرة قال: قال: إن جابر بن عبد الله قال: كنا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) في المسجد فذكر بعض أصحاب الجنة، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): إن أول أهل الجنة دخولا إليها علي بن أبي طالب، فقال أبو دجانة الأنصاري: يا رسول الله، أخبرتنا أن الجنة محرمة على الأنبياء حتى تدخلها، وعلى الأمم حتى تدخلها أمتك، فقال (صلى الله عليه وآله): بلى يا أبا دجانة، أما علمت أن لله لواء من نور وعمودا من نور خلقهما الله تعالى قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام، مكتوب على ذلك اللواء: لا إله إلا الله محمد رسول الله، خير البرية آل محمد، صاحب اللواء علي، وهو إمام القوم، فقال علي (عليه السلام): الحمد لله الذي هدانا بك يا رسول الله وشرفنا، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أبشر يا علي ما من عبد
____________
(1) القمر: 54، 55.
(2) المناقب 276 / ح 259.
(3) الكافي 1 / 435 ح 91.
الصفحة 240
انتحل مودتك إلا بعثه الله معنا يوم القيامة.
وجاء في رواية أخرى يا علي أما علمت أنه من أحبنا وانتحل مودتنا وانتحل محبتنا أسكنه الله معنا، وتلا هذه الآية * (إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر) *(1).
الثالث: شرف الدين النجفي عن أبي جعفر الطوسي رويناه بالإسناد إلى جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): من أحبك وتولاك أسكنه الله معنا في الجنة، ثم تلا رسول الله (صلى الله عليه وآله) * (إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر) *(2).(3)
____________
(1) بحار الأنوار 27 / 130 ح 120.
(2) القمر: 54، 55.
(3) تأويل الآيات 2 / 629 ح 1.
الصفحة 241
الباب السابع والأربعون والمائة
في قوله تعالى * (وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها) *.(1)
من طريق العامة وفيه حديث واحد
من تفسير مجاهد وأبي يوسف يعقوب بن سفيان قال ابن عباس في قوله تعالى * (وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما) * إن دحية الكلبي جاء يوم الجمعة من الشام بالميرة فنزل عند أحجار الزيت، ثم ضرب بالطبول ليؤذن الناس بقدومه، فنفر الناس إليه إلا علي والحسن والحسين وفاطمة وسلمان وأبو ذر والمقداد وصهيب، وتركوا النبي (صلى الله عليه وآله) قائما يخطب على المنبر فقال النبي (عليه السلام): لقد نظر الله إلى مسجدي يوم الجمعة، فلولا هؤلاء الثمانية الذين جلسوا في مسجدي لأضرمت المدينة على أهلها نارا وحصبوا بالحجارة كقوم لوط ونزل فيهم * (رجال لا تلهيهم تجارة) *(2).
الباب الثامن والأربعون والمائة
في قوله تعالى * (وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها) *
من طريق الخاصة وفيه ثلاثة أحاديث
الأول: الشيخ المفيد في كتاب الاختصاص قال: روي عن جابر الجعفي قال: كنت ليلة من بعض الليالي عند أبي جعفر (عليه السلام) فقرأت هذه الآية * (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله) *(3) قال: فقال (عليه السلام): مه يا جابر كيف قرأت قال قلت * (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله) * قال: هذا تحريف يا جابر قال: قلت: كيف اقرأ جعلني الله فداك؟ قال: فقال * (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فامضوا إلى ذكر الله) * هكذا نزلت يا جابر، لو كان سعيا لكان عدوا لما كرهه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لقد كان يكره أن يعدو الرجل إلى الصلاة، يا جابر لم سميت الجمعة يوم الجمعة؟ قال: قلت: تخبرني جعلني الله فداك.
____________
(1) الجمعة: 11.
(2) مناقب آل أبي طالب 1 / 407.
(3) الجمعة: 9.
الصفحة 242
قال: أفلا أخبرك بتأويله الأعظم قال: قلت: بلى جعلني الله فداك.
قال: فقال: يا جابر سمى الله الجمعة جمعة لأن الله عز وجل جمع في ذلك اليوم الأولين والآخرين، وجميع ما خلق الله من الجن والإنس وكل شئ خلق ربنا، والسماوات والأرضين والبحار والجنة والنار، وكل شئ خلق الله في الميثاق، فأخذ الميثاق منهم له بالربوبية ولمحمد (صلى الله عليه وآله) بالنبوة ولعلي (عليه السلام) بالولاية، وفي ذلك اليوم قال الله للسماوات والأرض * (ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين) *(1) فسمى الله ذلك اليوم الجمعة لجمعه فيه الأولين والآخرين.
ثم قال عز وجل * (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة) *(2) من يومكم هذا الذي جمعكم، فيه والصلاة أمير المؤمنين، يعني بالصلاة الولاية وهي الولاية الكبرى، ففي ذلك اليوم أتت الرسل والأنبياء والملائكة وكل شئ خلق الله والثقلان الجن والإنس، والسماوات والأرضون والمؤمنون بالتلبية لله عز وجل * (فامضوا إلى ذكر الله) *.
وذكر الله أمير المؤمنين * (وذروا البيع) * يعني الأول * (ذلكم) * يعني بيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) وولايته * (خير لكم) * من بيعة الأول وولايته إن كنتم تعلمون * (فإذا قضيت الصلاة) * يعني بيعة أمير المؤمنين * (فانتشروا في الأرض) * يعني بالأرض الأوصياء، أمر الله بطاعتهم وولايتهم كما أمر بطاعة الرسول وطاعة أمير المؤمنين كنى الله في ذلك عن أسمائهم فسماهم بالأرض، وابتغوا من فضل الله، قال جابر: * (وابتغوا من فضل الله) * قال: تحريف، هكذا أنزلت: وابتغوا من فضل الله على الأوصياء * (واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون) *.
ثم خاطب الله عز وجل في ذلك الموقف محمدا (صلى الله عليه وآله) فقال: يا محمد إذا رأوا، الشكاك والجاحدون * (تجارة) * يعني الأول * (أو لهوا) * يعني الثاني انصرفوا إليها قال: قلت (انفضوا إليها) * قال تحريف هكذا نزلت * (وتركوك) * مع علي * (قائما) * قل يا محمد * (ما عند الله) * من ولاية علي والأوصياء * (خير من اللهو ومن التجارة) * يعني بيعة الأول والثاني.
(للذين اتقوا) قال: قلت: ليس فيها (للذين اتقوا)! فقال: بلى هكذا نزلت الآية، وأنتم هم الذين اتقوا * (والله خير الرازقين) *(3).
الثاني: محمد بن العباس قال: حدثنا عبد العزيز عن المغيرة بن محمد عن عبد الغفار بن محمد عن قيس بن الربيع عن حصين عن سالم بن الجعد عن جابر بن عبد الله، قال ورد المدينة عير فيها
____________
(1) فصلت: 11.
(2) الجمعة: 9.
(3) الإختصاص: 128 - 130.
الصفحة 243
تجارة من الشام، فضرب أهل المدينة بالدفوف وفرحوا وضحكوا، ودخلت والنبي (صلى الله عليه وآله) على المنبر يخطب يوم الجمعة، فخرج الناس من المسجد وتركوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) قائما، ولم يبق معه في المسجد إلا اثنا عشر رجلا علي بن أبي طالب (عليه السلام) منهم.(1)
الثالث: محمد بن العباس قال: حدثنا أحمد بن القاسم عن أحمد بن محمد بن سيار عن محمد ابن خالد عن الحسن بن سيف عن عميرة عن عبد الكريم بن عمرو عن جعفر الأحمر بن سيار عن أبي عبد الله (عليه السلام)، وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما، قال: انفضوا عنه إلا علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فأنزل الله عز وجل * (قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين) *(2).
____________
(1) تأويل الآيات 2 / 692 ح 3.
(2) تأويل الآيات 2 / 692 ح 4.
الصفحة 244
الباب التاسع والأربعون والمائة
في قوله تعالى * (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص) *(1)
من طريق العامة وفيه أربعة أحاديث
الأول: محمد بن العباس من طريق العامة قال: حدثنا علي بن عبيد ومحمد بن القاسم قالا جميعا: حدثنا الحسين بن الحكم عن حسن بن حسين عن حبان بن علي عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى * (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص) * قال: نزلت في علي وحمزة وعبيدة بن الحرث عليهم السلام وسهل بن حنيف والحارث بن الصرة وأبي دجانة الأنصاري رضي الله عنهم.(2)
الثاني: محمد بن العباس من طريق العامة قال: حدثنا الحسين بن محمد عن حجاج بن يوسف عن بشر بن الحسين عن الزبير بن عدي عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله عز وجل * (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص) * قال: قلت: من هؤلاء؟ قال علي بن أبي طالب (عليه السلام) وحمزة أسد الله وأسد رسوله وعبيدة بن الحرث والمقدام بن الأسود عليهم السلام.(3)
الثالث: محمد بن العباس من طريق العامة عن عبد العزيز بن يحيى عن ميسرة بن محمد عن إبراهيم بن محمد عن ابن فضيل عن حسان بن عبيد الله عن الضاحك بن مزاحم عن ابن عباس رحمه الله قال: كان علي (عليه السلام) إذا صف إلى القتال كأنه بنيان مرصوص يتبع ما قال الله فيه، فمدحه الله، وما قتل من المشركين كقتله [ أحد ](4)
الرابع: الحبري عن ابن عباس أنها نزلت في علي وحمزة وعبيدة وسهل بن حنيف والحارث بن الصمة وأبي دجانة.(5)
____________
(1) الصف: 4.
(2) تأويل الآيات 2 / 685 ح 1.
(3) تأويل الآيات 2 / 685 ح 2.
(4) تأويل الآيات 2 / 685 ح 3.
(5) تفسير الحبري: ح 46.
الصفحة 245
الباب الخمسون والمائة
في قوله تعالى * (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص) *
من طريق الخاصة وفيه حديث واحد
صاحب تحفة الإخوان عن محمد بن العباس بحذف الإسناد عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: نزلت في علي بن أبي طالب وحمزة وعبيدة بن الحرث وسهل بن حنيف والحارث بن الصمة وأبي دجانة الأنصاري والمقداد بن الأسود الكندي.(1)
____________
(1) شواهد التنزيل: 2 / 337 ح 977.
الصفحة 246
الباب الحادي والخمسون والمائة
في قوله تعالى * (ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان) *(1)
من طريق العامة وفيه حديث واحد
محمد بن العباس من طريق العامة قال: حدثنا علي بن عبد الله عن إبراهيم بن محمد عن يحيى ابن صالح عن الحسين الأشقر عن عيسى بن راشد عن أبي بصير عن عكرمة عن ابن عباس رحمه الله قال: فرض الله الاستغفار لعلي (عليه السلام) في القرآن على كل مسلم وهو قوله تعالى: * (ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان) * وهو سابق الأمة.(2)
الباب الثاني والخمسون والمائة
في قوله تعالى * (ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان) *
من طريق الخاصة وفيه حديث واحد
الشيخ الطوسي في كتاب المجالس قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثني أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الهمداني بالكوفة قال: حدثنا محمد بن المفضل ابن إبراهيم بن قيس الأشعري قال: حدثنا علي بن حسان الواسطي قال: حدثنا عبد الرحمن بن كثير عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي بن الحسين عليهم السلام عن الحسن بن علي عليهما السلام في خطبة خطبها عند صلحه ومعاوية، فقال (عليه السلام) فيها بمحضر معاوية وقد ذكر (عليه السلام) فضائل علي (عليه السلام) إلى أن قال: فصدق أبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) سابقا ووقاه بنفسه، ثم لم يزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) في كل موطن يقدمه ولكل شديدة يرسله ثقة منه به وطمأنينته إليه، لعلمه بنصيحته لله عز وجل ورسوله، وأنه أقرب المقربين من الله ورسوله وقد قال الله عز وجل: * (والسابقون السابقون أولئك المقربون) *(3) فكان أبي سابق السابقين إلى الله عز وجل وإلى رسوله (صلى الله عليه وآله)، وأقرب الأقربين، وقد قال الله تعالى: * (لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة) *(4) فأبي كان أولهم
____________
(1) الحشر: 10.
(2) تأويل الآيات 2 / 681 ح 8.
(3) الواقعة: 10، 11.
(4) الحديد: 10.
الصفحة 247
إسلاما وإيمانا، وأولهم إلى الله ورسوله هجرة ولحوقا، وأولهم على وجده ووسعه نفقة قال سبحانه * (والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم) *(1) فالناس من جميع الأمم يستغفرون له لسبقه إياهم إلى الإيمان بنبيه (صلى الله عليه وآله)، وذلك إنه لم يسبقه إلى الإيمان أحد، وقد قال الله تعالى * (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم) *(2) فهو سابق جميع السابقين، كما أن الله عز وجل فضل السابقين على المتخلفين والمتأخرين فكذلك فضل سابق السابقين على السابقين.(3)
والخطبة طويلة تقدمت بطولها في الباب الثاني من المقصد الثاني وهو الحديث السادس والعشرون منه.
____________
(1) الحشر: 11.
(2) التوبة: 100.
(3) أمالي الطوسي 563 / مجلس 21 / ح 1.
الصفحة 248
الباب الثالث والخمسون والمائة
في قوله تعالى * (مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان) *(1).
من طريق العامة وفيه سبعة أحاديث
الأول: المالكي في الفصول المهمة عن أنس بن مالك رضي الله عنه في قوله * (مرج البحرين يلتقيان) * قال: علي وفاطمة * (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) * الحسن والحسين، ورواه صاحب كتاب الدرر.(2)
الثاني: محمد بن العباس من طريق العامة قال: حدثنا علي بن عبد الله عن إبراهيم بن محمد عن محمد بن صلت عن أبي الجارود زياد بن المنذر عن الضحاك عن ابن عباس قال: قوله عز وجل * (مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان) * قال: مرج البحرين علي وفاطمة عليهما السلام، بينهما برزخ لا يبغيان، قال: النبي صلى الله: يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان، قال: الحسن والحسين عليهما السلام.(3)
الثالث: أبو علي الطبرسي روى من طريق العامة وغيرهم عن سلمان الفارسي رضي الله عنه وسعيد بن جبير وسفيان الثوري أن البحرين علي وفاطمة عليهما السلام، بينهما برزخ محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان الحسن والحسين عليهما السلام.(4)
الرابع: ابن شهرآشوب من طريق العامة وغيرهم عن الخركوشي في كتاب اللوامع وشرف المصطفى، وأبو بكر الشيرازي في كتابه وأبي صالح وأبي إسحاق الثعلبي وعلي بن أحمد الطائي وابن علوية القطان في تفاسيرهم، عن سعيد بن جبير وسفيان الثوري وأبو نعيم الأصفهاني فيما نزل في القرآن في أمير المؤمنين عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس وعن أبي مالك عن ابن عباس والقاضي النظيري عن سفيان بن عيينة عن جعفر الصادق (عليه السلام) واللفظ له في قوله تعالى * (مرج البحرين يلتقيان) * قال: علي وفاطمة بحران عميقان لا يبغي أحدهما على صاحبه.
وفي رواية * (بينهما برزخ) * رسول الله (صلى الله عليه وآله) * (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) * قال: الحسن
____________
(1) الرحمن: 19، 20.
(2) الإلمام للنويري: 5 / 301، وتذكرة الخواص: 212.
(3) تأويل الآيات 2 / 636 ح 13.
(4) مجمع البيان.
الصفحة 249
والحسين عليهما السلام.(1)
الخامس: عن أبي معاوية الضرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي عباس أن فاطمة عليها السلام بكت للجوع والعري، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): اقنعي يا فاطمة بزوجك، فوالله إنه سيد في الدنيا سيد في الآخرة، وأصلح بينهما فأنزل الله تعالى * (مرج البحرين يلتقيان) *(2) يقول: أنا الله أرسلت البحرين علي بن أبي طالب بحر العلوم وفاطمة بحر النبوة يلتقيان يتصلان، أنا الله أوقعت الوصلة بينهما ثم قال: * (بينهما برزخ) * مانع، رسول الله يمنع علي بن أبي طالب أن يحزن لأجل الدنيا، ويمنع فاطمة أن تخاصم بعلها لأجل الدنيا.
* (فبأي آلاء ربكما) * يا معشر الجن والإنس * (تكذبان) * بولاية أمير المؤمنين وحب فاطمة الزهراء قال: * (اللؤلؤ) * الحسن * (والمرجان) * الحسين لأن اللؤلؤ الكبار والمرجان الصغار.
ولا غرو أن يكونا بحرين لسعة فضلهما وكثرة خيرهما، فإن البحر إنما سمي بحرا لسعته، وأجرى النبي (عليه السلام) فرسا فقال: وجدته بحرا.(3)
السادس: كتاب المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة عن المبارك بن مسرور قال: أخبرني القاضي أبو عبد الله قال: حدثني أبي رحمه الله قال: أخبرني أبو غالب محمد بن عبد الله يرفعه إلى أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال: سئل ابن عباس عن قول الله عز وجل * (مرج البحرين يلتقيان) * فقال: علي وفاطمة * (بينهما برزخ لا يبغيان) *(4) رسول الله (صلى الله عليه وآله) و * (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) *(5) الحسن والحسين عليهما السلام.(6)
السابع: الثعلبي في تفسيره في تفسير هذه الآية قال: أخبرني الحسين بن محمد بن الحسين الدينوري قال: حدثنا موسى بن محمد بن علي بن عبد الله قال: قرأ أبي علي أبي محمد الحسن بن علوية القطان من كتابه وأنا أسمع، حدثنا بعض أصحابنا، حدثني رجل من أهل مصر يقال له:
طسم، حدثنا أبو حذيفة عن أبيه عن سفيان الثوري في قول الله عز وجل * (مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان) * قال: فاطمة وعلي * (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) * قال: الحسن والحسين.
قال الثعلبي: وروى هذا القول أيضا عن سعيد بن جبير وقال: بينهما برزخ محمد (صلى الله عليه وآله).(7)
____________
(1) مناقب آل أبي طالب 3 / 101.
(2) الرحمن: 19.
(3) مناقب آل أبي طالب 3 / 101.
(4) الرحمن: 20.
(5) الرحمن: 22.
(6) الدر المنثور 6 / 143.
(7) العمدة: 400 ح 810 - 811 عن الثعلبي المخطوط، والدر المنثور: 6 / 142.
الصفحة 250
الباب الرابع والخمسون والمائة
في قوله تعالى * (مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان) *
من طريق الخاصة وفيه خمسة أحاديث
الأول: علي بن إبراهيم قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن يحيى بن سعيد العطار قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في قول الله عز وجل * (مرج البحرين يلتقيان) *: أمير المؤمنين وفاطمة عليهما السلام * (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) *(1) الحسن والحسين عليهما السلام.(2)
الثاني: ابن بابويه قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أسعد بن عبد الله عن القاسم بن محمد الأصبهاني عن سليمان بن داود المنقري عن يحيى بن سعيد العطار قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول * (مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان) * قال: علي وفاطمة بحران من العلم عميقان لا يبغي أحدهما على صاحبه * (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) * الحسن والحسين عليهما السلام.(3)
الثالث: محمد بن العباس قال: حدثنا أحمد بن محمد عن محفوظ بن بشير عن عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله عز وجل * (مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان) * قال: لا يبغي علي على فاطمة، ولا فاطمة تبغي على علي * (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) *(4) قال: الحسن والحسين عليهما السلام.(5)
الرابع: محمد بن العباس قال: حدثنا جعفر بن سهل عن أحمد بن محمد عن عبد الكريم عن يحيى عن عبد الحميد عن قيس عن الربيع عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد في قوله عز وجل * (مرج البحرين يلتقيان) * قال: علي وفاطمة لا يبغي هذا على هذه، ولا هذه على هذا * (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) * قال: الحسن والحسين صلوات الله عليهم أجمعين(6).
____________
(1) الرحمن: 22.
(2) تفسير القمي 2 / 344.
(3) الخصال 65 / 96.
(4) الرحمن: 19، 20.
(5) تأويل الآيات: 2 / 635 ح 11، وبحار الأنوار 24 / 97 ح 1.
(6) تأويل الآيات: 2 / 636 ح 12، وبحار الأنوار 24 / 97 ح 2.
الصفحة 251
الخامس: محمد بن العباس عن علي بن مخلد الدهان عن أحمد بن سليمان عن إسحاق بن إبراهيم الأعمش عن كثير بن هشام عن كهمش بن الحسن عن أبي السليل عن أبي ذر رضي الله عنه في قوله عز وجل * (مرج البحرين يلتقيان) * قال: علي وفاطمة عليهما السلام * (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) *(1) الحسن والحسين عليهما السلام، فمن رأى مثل هؤلاء الأربعة علي وفاطمة والحسن والحسين؟ ولا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا كافر، فكونوا مؤمنين بحب أهل البيت، ولا تكونوا كفارا ببغض أهل البيت فتلقوا في النار.(2)
____________
(1) الواقعة: 20.
(2) بحار الأنوار 24 / 98 ح 4.
الصفحة 252
الباب الخامس والخمسون والمائة
في قوله تعالى * (والذي جاء بالصدق وصدق به) *
من طريق العامة وفيه أربعة أحاديث
الأول: ابن المغازلي الشافعي في المناقب يرفعه إلى مجاهد في قوله تعالى * (والذي جاء بالصدق وصدق به) * قال: جاء به محمد، وصدق به علي.(1)
الثاني: من كتاب الحبري يرفعه عن ابن عباس مثل الحديث الأول.(2)
الثالث: أبو نعيم الحافظ في كتاب حلية الأولياء مثل الأول.(3)
الرابع: أبو نعيم الحافظ الأصفهاني بإسناده عن ليث عن مجاهد في قول الله عز وجل: * (والذي جاء بالصدق وصدق به) * علي بن أبي طالب (عليه السلام)(4).
الباب السادس والخمسون والمائة
في قوله تعالى * (والذي جاء بالصدق وصدق به) *(5)
من طريق الخاصة وفيه أربعة أحاديث
الأول: محمد بن العباس قال: حدثنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن إسماعيل بن همام عن أبي الحسن (عليه السلام) في قول الله عز وجل * (والذي جاء بالصدق وصدق به) * قال: الذي جاء بالصدق رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وصدق به علي بن أبي طالب (عليه السلام).(6)
الثاني: ابن شهرآشوب عن علماء أهل البيت عن الباقر والصادق والكاظم والرضا وزيد بن علي عليهم السلام في قوله تعالى * (والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون) * قالوا: هو علي (عليه السلام).(7)
____________
(1) مناقب ابن المغازلي / 174 ح 137.
(2) تفسير الحبري: ح 42، وشواهد التنزيل: 2 / 179 ح 814 وما قبله.
(3) رواه في كتاب ما نزل من القرآن في علي: 240، وتاريخ دمشق: 42 / 359 ط دار الفكر.
(4) بحار الأنوار 31 / 411 ح 8.
(5) الزمر: 32.
(6) تأويل الآيات 2 / 517 ح 18.
(7) مناقب آل أبي طالب: 2 / 288.
الصفحة 253
الثالث: ابن الفارسي في روضة الواعظين، قال ابن عباس: والذي جاء بالصدق محمد (صلى الله عليه وآله)، وصدق به علي بن أبي طالب (عليه السلام).(1)
الرابع: الطبرسي في مجمع البيان * (الذي جاء بالصدق وصدق به) * علي بن أبي طالب عن مجاهد ورواه الضاحك عن ابن عباس، قال: وهو المروي عن أئمة الهدى من آل محمد صلى الله عليه وعليهم.(2)
____________
(1) روضة الواعظين: 104.
(2) مجمع البيان 8 / 489.
الصفحة 254
الباب السابع والخمسون والمائة
في قوله تعالى * (ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون
ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا) *(1)
من طريق العامة وفيه حديث واحد
أبو علي الطبرسي قال: روى الحاكم أبو القاسم الحسكاني بالإسناد إلى علي (عليه السلام) أنه قال: " أنا ذلك الرجل السلم لرسول الله "(2).
الباب الثامن والخمسون ومائة
في قوله تعالى: * (ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل) *
من طريق الخاصة وفيه ثمانية أحاديث
الأول: محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن جميل بن صالح عن أبي خالد الكابلي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: * (ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا) * قال: أما الذي فيه شركاء متشاكسون، فلأن الأول يجمع المتفرقون ولايته وهم في ذلك يلعن بعضهم بعضا ويبرأ بعضهم من بعض، فأما رجل سلم لرجل فإنه الأول حقا وشيعته - ثم قال -: إن اليهود تفرقوا من بعد موسى (عليه السلام) على إحدى وسبعين فرقة، منها فرقة في الجنة وسبعون فرقة في النار، وتفرقت النصارى بعد عيسى (عليه السلام) على اثنين وسبعين فرقة، فرقة منها في الجنة وإحدى وسبعون في النار، وتفرقت هذه الأمة بعد نبيها (صلى الله عليه وآله) على ثلاث وسبعين فرقة، اثنتان وسبعون فرقة في النار وفرقة في الجنة، ومن الثلاث والسبعين فرقة ثلاث عشرة فرقة تنتحل ولايتنا ومودتنا، اثنتا عشرة فرقة منها في النار وفرقة في الجنة، وستون فرقة من سائر الناس في النار(3).
الثاني: ابن بابويه قال: حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رحمه الله) قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى بالبصرة قال: حدثني المغيرة بن محمد قال: حدثنا رجا بن سلمة عن جابر
____________
(1) الزمر: 29.
(2) في شواهد التنزيل للحسكاني (2 / 176): السليم.
(3) الكافي: 8 / 224 ح 283.
الصفحة 255
الجعفي عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبة ذكر فيها أسماء له من القرآن قال: " وأنا السلام لرسوله يقول الله عز وجل: * (رجلا سلما لرجل) * "(1).
الثالث: محمد بن العباس قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى عن عمرو بن محمد تركي عن أبي محمد بن الفضل عن محمد بن شعيب عن قيس بن الربيع عن المنذر الثوري عن محمد بن الحنفية عن أبيه (عليه السلام) في قول الله عز وجل: * (ورجلا سلما لرجل) *: " أنا ذلك الرجل السلم لرسول الله (صلى الله عليه وآله) "(2).
الرابع: محمد بن العباس قال: حدثنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن فضال عن ابن بكير عن حمران قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول في قول الله عز وجل: * (وضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما) *: " هو علي (عليه السلام) * (لرجل) * هو النبي (صلى الله عليه وآله) وشركاء متشاكسون أي: مختلفون وأصحاب علي مجتمعون على ولايته "(3).
الخامس: محمد بن العباس قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى عن محمد بن عبد الرحمن بن سالم عن أحمد بن عبد الله بن عيسى بن مصقلة القمي عن بكير بن الفضل عن أبي خالد الكابلي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز وجل: * (ورجلا سلما لرجل) * قال: " الرجل السالم لرجل علي (عليه السلام) وشيعته "(4).
السادس: ابن شهرآشوب والطبرسي عن العياشي بالإسناد عن أبي خالد عن الباقر (عليه السلام) قال:
" الرجل السالم حقا علي وشيعته "(5).
السابع: الحسن بن زيد عن آبائه * (ورجلا سلما لرجل) * هذا مثلنا أهل البيت(6).
الثامن: علي بن إبراهيم في تفسيره في قوله: * (ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون) * فإنه مثل ضربه الله لأمير المؤمنين وشركائه الذين ظلموه وغصبوه حقه، وقوله: * (متشاكسون) * أي متباغضون، قوله: * (ورجلا سلما لرجل) * أمير المؤمنين (عليه السلام) سلم لرسول الله (صلى الله عليه وآله)(7).
____________
(1) معاني الأخبار: 59.
(2) بحار الأنوار: 24 / 161 ح 10 و 11.
(3) تأويل الآيات: 2 / 515 ح 12، البرهان: 4 / 75 ح 4.
(4) كنز الفوائد: 270، بحار الأنوار: 24 / 160 ح 8.
(5) مجمع البيان: 8 / 775، بحار الأنوار: 31 / 15 عن المناقب.
(6) بحار الأنوار: 31 / 343 ح 15.
(7) تفسير القمي: 2 / 251 ضمن تفسير الآية 29 من سورة الزمر.
الصفحة 256
الباب التاسع والخمسون ومائة
في قوله تعالى: * (أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه) *
من طريق العامة وفيه حديث واحد
ابن شهرآشوب عن الواحدي في " أسباب النزول " و " الوسيط " قال عطاء في قوله تعالى: * (أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه) *: نزلت في علي وحمزة، فويل للقاسية قلوبهم في أبي لهب وولده(1).
الباب الستون ومائة
في قوله تعالى: * (أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه) *
من طريق الخاصة وفيه حديث واحد
عن علي بن إبراهيم في تفسيره، وهو منسوب إلى الصادق (عليه السلام) قال: قال: نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام)(2).
____________
(1) مناقب آل أبي طالب: 1 / 293.
(2) تفسير القمي: 2 / 251 ضمن تفسير الآية 22 من سورة الزمر.
الصفحة 257
الباب الحادي والستون ومائة
في قوله تعالى: * (وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي
ما كان يدعو إليه من قبل وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله قل تمتع بكفرك قليلا
إنك من أصحاب النار * أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو
رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب) *
من طريق العامة وفيه حديث واحد.
ابن شهرآشوب، عن النيسابوري في " روضة الواعظين " أنه قال عروة بن الزبير: سمع بعض التابعين أنس بن مالك يقول: نزلت في علي (عليه السلام) * (أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما) * الآية قال الرجل: فأتيت عليا وقت المغرب فوجدته يصلي ويقرأ القرآن إلى أن طلع الفجر، ثم جدد وضوءه وخرج إلى المسجد وصلى بالناس صلاة الفجر، ثم قعد في التعقيب إلى أن طلعت الشمس، ثم قصده الناس فجعل يقضي بينهم إلى أن قام إلى صلاة الظهر فجدد الوضوء ثم صلى بأصحابه الظهر، ثم قعد في التعقيب إلى أن صلى بهم العصر، ثم كان يحكم بين الناس ويفتيهم إلى أن غابت الشمس(1).
الباب الثاني والستون ومائة
في قوله تعالى: * (وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه) * إلى قوله
* (أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه
قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب) *
من طريق الخاصة وفيه اثني عشر حديثا
الأول: محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن هشام بن سالم عن عمار الساباطي قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل:
* (وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه) * قال: نزلت في أبي الفضيل أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان عنده
____________
(1) مناقب آل أبي طالب: 1 / 389، روضة الواعظين: 117.
الصفحة 258
ساحرا فكان إذا مسه الضر - يعني السقم - دعا ربه منيبا إليه يعني تائبا إليه من قوله في رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما يقول: * (ثم إذا خوله نعمة منه) * - يعني العافية - * (نسي ما كان يدعو إليه) * يعني نسي التوبة إلى الله عز وجل مما كان يقول في رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه ساحر، ولذلك قال الله عز وجل: * (قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار) * يعني أمرتك على الناس بغير حق من الله عز وجل ومن رسوله (صلى الله عليه وآله) قال: ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): ثم عطف القول من الله عز وجل في علي (عليه السلام) يخبر بحاله وفضله عند الله تبارك وتعالى: * (أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب) * قال: ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام):
" فهذا تأويله يا عمار "(1).
الثاني: ابن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن عبد المؤمن بن القاسم الأنصاري عن سعد عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل: * (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب) * قال أبو جعفر: " إنما نحن الذين يعلمون، والذين لا يعلمون عدونا وشيعتنا أولوا الألباب "(2).
الثالث: ابن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر ابن سويد عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله عز وجل: * (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب) * قال: " نحن الذين يعلمون، وعدونا الذين لا يعلمون، وشيعتنا أولوا الألباب "(3).
الرابع: ابن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان عن أبيه قال:
كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ دخل عليه أبو بصير وذكر حديثا في فضل الشيعة إلى أن قال (عليه السلام): " يا أبا محمد لقد ذكرنا الله عز وجل وشيعتنا وعدونا في آية من كتابه فقال عز وجل: * (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب) * فنحن الذين يعلمون، وعدونا الذين لا يعلمون، وشيعتنا أولوا الألباب "(4).
الخامس: محمد بن الحسن الصفار في " بصائر الدرجات " عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله تعالى: * (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب) * فقال: " نحن الذين
____________
(1) الكافي: 8 / 204 ح 246.
(2) الكافي: 1 / 212 ح 1.
(3) الكافي: 1 / 212 ح 2.
(4) الكافي: 8 / 35 ح 6.
الصفحة 259
نعلم وعدونا الذين لا يعلمون وشيعتنا أولوا الألباب "(1).
السادس: الصفار عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن القاسم بن محمد عن علي عن أبي بصير قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: * (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب) * قال: " نحن الذين نعلم، وعدونا الذين لا يعلمون، وشيعتنا أولوا الألباب "(2).
السابع: الصفار عن محمد بن الحسين عن أبي داود المشرق عن محمد بن مروان قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): * (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب) * قال: " نحن الذين نعلم، وعدونا الذين لا يعلمون، وشيعتنا الذين أولوا الألباب "(3).
الثامن: أحمد بن محمد بن خالد البرقي في كتاب " المحاسن " عن أبيه عن من ذكره عن أبي علي حسان العجلي قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام) - وأنا جالس - عن قول الله عز وجل: * (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب) * قال: " نحن الذين يعلمون، وعدونا الذين لا يعلمون، وشيعتنا أولوا الألباب "(4).
التاسع: أحمد بن محمد هذا عن ابن فضال عن علي بن عقبة بن خالد قال: دخلت أنا ومعلى ابن خنيس على أبي عبد الله (عليه السلام) وليس هو في مجلسه، فخرج علينا من جانب البيت من عند نسائه وليس عليه جلباب؟ فلما نظر إلينا رحب فقال: " مرحبا بكما وأهلا " ثم جلس وقال: " أنتم أولوا الألباب في كتاب الله، قال تبارك وتعالى: * (إنما يتذكر أولوا الألباب) * "(5).
العاشر: محمد بن العباس قال: حدثنا علي بن أحمد بن حاتم عن حسن بن عبد الواحد عن إسماعيل بن صبيح عن سفيان بن إبراهيم عن عبد المؤمن عن سعد بن مجاهد عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: * (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب) * فقال: نحن الذين يعلمون، وعدونا الذين لا يعلمون، وشيعتنا أولوا الألباب(6).
الحادي عشر: محمد بن العباس قال: حدثنا عبد الله بن زيدان بن بريد عن محمد بن أيوب عن جعفر بن عمرو عن يوسف بن يعقوب الجعفي عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل: * (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) * قال: نحن الذين يعلمون وعدونا الذين
____________
(1) بصائر الدرجات: 54 ح 1.
(2) بصائر الدرجات: 55 ح 4.
(3) بصائر الدرجات: 54 ح 2.
(4) المحاسن: 1 / 169 ح 134.
(5) المحاسن: 1 / 169 ح 135.
(6) بحار الأنوار: 24 / 119 ح 2.
الصفحة 260
لا يعلمون وشيعتنا أولوا الألباب(1).
الثاني عشر: علي بن إبراهيم في تفسيره المنسوب إلى الصادق (عليه السلام) قال: قوله: * (قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار) * قال: نزلت في أبي فلان ثم قال: * (أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة) * نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) * (ويرجو رحمة ربه) * قال: يا محمد * (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب) * يعني أولي العقول(2).
____________
(1) بحار الأنوار: 24 / 119 ذيل ح 2.
(2) تفسير القمي: 2 / 249، ضمن تفسير الآية 8 - 9 من سورة الزمر.
الصفحة 261
الباب الثالث والستون ومائة
في قوله تعالى: * (وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما) *
من طريق العامة وفيه حديث واحد
أبو المؤيد موفق بن أحمد من أعيان علماء العامة يرفعه إلى ابن عباس قال: سأل قوم النبي (صلى الله عليه وآله):
فيمن نزلت هذه الآية؟ قال: إذا كان يوم القيامة، عقد لواء من نور أبيض ونادى مناد ليقم سيد المؤمنين ومعه الذين آمنوا بعد بعث محمد (صلى الله عليه وآله)، فيقوم علي بن أبي طالب (عليه السلام) فيعطى اللواء من النور الأبيض بيده وتحته جميع السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار لا يخالطهم غيرهم حتى يجلس على منبر من نور رب العزة ويعرض الجميع عليه رجلا رجلا فيعطيه أجره ونوره، فإذا أتى على آخرهم قيل لهم: قد عرفتم صفتكم ومنازلكم في الجنة إن ربكم يقول: إن لكم عندي مغفرة وأجرا عظيما - يعني الجنة، فيقوم علي والقوم تحت لوائه معه يدخل بهم الجنة، ثم يرجع إلى منبره فلا يزال يعرض عليه جميع المؤمنين فيأخذ نصيبه منهم إلى الجنة وينزل أقواما على النار فذلك قوله تعالى: * (والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم) * يعني كفروا وكذبوا بالولاية وبحق علي(1).
____________
(1) بحار الأنوار: 8 / 4 ح 6.
الصفحة 262
الباب الرابع والستون ومائة
في قوله تعالى: * (وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما) *
من طريق الخاصة وفيه حديث واحد
الشيخ الطوسي في أماليه قال: أخبرنا الحفار قال: حدثنا أبي قال: حدثنا دعبل قال: حدثنا مجاشع بن عمرو عن ميسرة بن عبيد الله عن عبد الكريم الحزري عن سعيد بن جبير عن ابن عباس:
أنه سئل عن قول الله عز وجل: * (وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما) * قال: سأل قوم النبي (صلى الله عليه وآله) فقالوا: فيمن نزلت هذه الآية يا نبي الله؟ قال: إذا كان يوم القيامة، عقد لواء من نور أبيض ونادى مناد ليقم سيد المؤمنين، فيقوم علي بن أبي طالب، فيعطي الله اللواء من النور الأبيض بيده تحته جميع السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار لا يخالطهم غيرهم حتى يجلس على منبر من نور رب العزة ويعرض الجميع عليه رجلا رجلا فيعطي أجره ونوره فإذا أتى على آخرهم قيل لهم قد عرفتم موضعكم ومنازلكم من الجنة إن ربكم يقول لكم: عندي لكم مغفرة وأجر عظيم - يعني الجنة، فيقوم علي بن أبي طالب والقوم تحت لوائه معه حتى يدخل الجنة، ثم يرجع إلى منبره ولا يزال يعرض عليه جميع المؤمنين فيأخذ نصيبه منهم إلى الجنة ويترك أقواما على النار، فذلك قوله عز وجل * (والذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجرهم ونورهم) * يعني السابقين الأولين والمؤمنين وأهل الولاية له وقوله: * (والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم) * هم الذين قاسم عليهم النار فاستحقوا الجحيم(1).
____________
(1) أمالي الطوسي: 378 ح 810.
الصفحة 263
الباب الخامس والستون ومائة
في قوله: * (والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون
والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم) *
من طريق العامة وفيه ثلاثة أحاديث
الأول: ابن شهرآشوب عن علي بن الجعد عن الحسن عن ابن عباس في قوله تعالى: * (والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون) * قال: صديق هذه الأمة علي بن أبي طالب هو الصديق الأكبر والفاروق الأعظم، ثم قال: * (والشهداء عند ربهم) * قال ابن عباس: وهم علي وحمزة وجعفر فهم صديقون وهم شهداء الرسل على أممهم إنهم قد بلغوا الرسالة ثم قال: * (لهم أجرهم) * على التصديق بالنبوة * (ونورهم) * على الصراط(1).
الثاني: الحافظ محمد بن مؤمن الشيرازي في كتابه " المستخرج من تفاسير الاثني عشر " في تفسير قوله تعالى: * (والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم) * يرفعه إلى ابن عباس قال: * (والذين آمنوا بالله ورسله) * يعني صدقوا بالله أنه واحد علي ابن أبي طالب، وحمزة بن عبد المطلب، وجعفر الطيار * (أولئك هم الصديقون) * قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
صديق هذه الأمة علي بن أبي طالب، وهو الصديق الأكبر والفاروق الأعظم(2).
الثالث: الحديث المتقدم في البابين المتقدمين عن موفق بن أحمد عن ابن عباس حديث اللواء والمنبر(3).
____________
(1) بحار الأنوار: 34 / 215 ح 21 عن المناقب.
(2) بحار الأنوار: 31 / 412 ح 10، عن الطرائف.
(3) مناقب الخوارزمي: 129 ح 143 و: 159 ح 188.
الصفحة 264
الباب السادس والستون ومائة
في قوله تعالى: * (والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون) *
من طريق الخاصة وفيه اثني عشر حديثا
الأول: الشيخ في التهذيب بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى عن مروان عن أبي حضرة عن من سمع علي بن الحسين (عليه السلام) يقول وذكر الشهداء قال: فقال بعضنا في المبطون وقال: بعضنا في الذي يأكله السبع وقال: بعضنا غير ذلك مما يذكر في الشهادة فقال إنسان: ما كنت أدري أن الشهيد إلا من قتل في سبيل الله، فقال علي بن الحسين (عليه السلام): إن الشهداء إذن لقليل ثم قرأ هذه الآية * (الذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم) * ثم قال: هذه لنا ولشيعتنا(1).
الثاني: أحمد بن محمد بن خالد البرقي عن أبيه عن حمزة بن عبد الله الجعفري عن جميل بن دراج عن عمرو بن مروان عن الحارث بن حضيرة عن زيد بن أرقم عن الحسين بن علي (عليهما السلام) قال: ما من شيعتنا إلا صديق شهيد قال: قلت: جعلت فداك أنى يكون ذلك وعامتهم يموتون على فراشهم؟ فقال: أما تتلو كتاب الله في الحديد: * (والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم) * قال: فقلت: كأني لم أقرأ هذه الآية من كتاب الله عز وجل قط، قال: لو كان الشهداء ليس إلا كما تقول، لكان الشهداء قليلا(2).
الثالث: أحمد بن محمد هذا عن أبي يوسف يعقوب بن يزيد عن محمد بن أبي عمير عن عمر ابن عاصم عن منهال القصاب قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أدع الله لي بالشهادة فقال: إن المؤمن لشهيد حيث مات أو ما سمعت قول الله في كتابه: * (والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم) *(3).
الرابع: الطبرسي قال: روى العياشي عن منهال القصاب، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أدع الله أن يرزقني الشهادة فقال: إن المؤمن شهيد وقرأ هذه الآية(4).
الخامس: الحرث بن المغيرة قال: كنا عند أبي جعفر (عليه السلام) قال: العارف منكم بهذا الأمر المنتظر له
____________
(1) التهذيب: 6 / 167 ح 318.
(2) المحاسن: 1 / 164 ح 115.
(3) المحاسن: 1 / 164 ح 117.
(4) مجمع البيان: 9 / 359.
الصفحة 265
المحتسب فيه الخير كمن جاهد والله مع قائم آل محمد بسيفه ثم قال: بل والله كمن جاهد مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم قال: الثالثة: بلى والله كمن استشهد مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في فسطاطه وفيكم آية من كتاب الله، قلت: وأي آية جعلت فداك؟ قال: قول الله * (والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم) * قال: صرتم والله صادقين شهداء عند ربكم(1).
السادس: شرف الدين النجفي قال: روى صاحب كتاب البشارات مرفوعا إلى الحسن بن أبي حمزة عن أبيه قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك قد كبر سني ودق عظمي واقترب أجلي وقد خفت أن يدركني قبل هذا الأمر الموت قال: فقال لي: يا أبا حمزة أو ما ترى الشهيد إلا أن قتل؟
قلت: نعم جعلت فداك فقال لي: يا أبا حمزة من آمن بنا وصدق حديثنا وانتظر أمرنا كان كمن قتل تحت راية القائم، بل والله تحت راية رسول الله (صلى الله عليه وآله)(2).
السابع: أبو بصير قال: قال الصادق (عليه السلام): يا أبا محمد إن الميت على هذا الأمر شهيد، قال: قلت:
جعلت فداك وإن مات على فراشه؟ قال: وإن مات على فراشه فإنه حي يرزق(3).
الثامن: محمد بن يعقوب بإسناده عن الحلبي يحيى عن عبد الله بن مسكان عن أبي بصير قال:
قلت لأبي عبد الله: جعلت فداك أرأيت الراد على هذا الأمر فهو كالراد عليكم؟ فقال: يا أبا محمد من رد عليك هذا الأمر فهو كالراد على رسول الله وعلى الله تبارك وتعالى، يا أبا محمد إن الميت منكم على هذا الأمر شهيد، قال قلت: وإن مات على فراشه؟ قال: إي والله وإن مات على فراشه حي عند ربه يرزق(4).
التاسع: ابن يعقوب بإسناده عن عبد الله بن مسكان عن مالك الجهني قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): يا مالك أما ترضون أن تقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة وتكفوا أيديكم وألسنتكم وتدخلون الجنة، يا مالك إنه ليس من قوم ائتموا بإمام في الدنيا إلا جاء يوم القيامة يلعنهم ويلعنونه إلا أنتم ومن كان على مثل حالكم، يا مالك إن الميت منكم والله على هذا الأمر لشهيد بمنزلة الضارب بسيفه في سبيل الله(5).
العاشر: ابن بابويه عن أبيه بإسناد يرفعه إلى أبي بصير ومحمد بن مسلم قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام):
حدثني أبي عن جدي عن آبائه: أن أمير المؤمنين (عليه السلام) علم أصحابه في مجلس واحد أربعمائة باب
____________
(1) مجمع البيان: 9 / 359، بحار الأنوار: 24 / 38 ح 15.
(2) بحار الأنوار: 61 / 141 ح 86، عن كنز الفوائد.
(3) بحار الأنوار: 61 / 141 ح 86.
(4) الكافي: 8 / 146 ح 120.
(5) الكافي: 8 / 146 ح 122.
الصفحة 266
مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه منها قوله (عليه السلام): احذروا السفلة فإن السفلة من لا يخاف الله عز وجل، لأن فيهم قتلة الأنبياء وفيهم أعداؤنا إن الله تبارك وتعالى اطلع على الأرض فاختارنا واختار لنا شيعة ينصروننا ويفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا ويبذلون أموالهم وأنفسهم فينا، أولئك منا وإلينا، وما من الشيعة عبد يقارف أمرا نهيناه عنه فيموت حتى يبتلى ببلية تمحص فيها ذنوبه أما في ماله أو في ولده أو في نفسه حتى يلقى الله وما له ذنب وإنه ليبقى عليه شئ من ذنوبه فيشدد به عليه عند موته، والميت من شيعتنا صديق شهيد، صدق بأمرنا وأحب فينا وأبغض فينا يريد بذلك وجه الله عز وجل مؤمن بالله ورسوله قال الله عز وجل: * (والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم) *(1).
الحادي عشر: عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال لأصحابه: الزموا الأرض واصبروا على البلاء ولا تحركوا بأيديكم وسيوفكم وهوى ألسنتكم ولا تستعجلوا بما لم يعجله الله لكم فإن من مات منكم على فراشه وهو على معرفة ربه وحق رسوله وأهل بيته، مات شهيدا ووقع أجره على الله واستوجب ثواب ما نوى من صالح أعماله وقامت النية مقام مقاتلته بسيفه(2).
الثاني عشر: ابن بابويه في " بشارات الشيعة " عن أبيه قال: حدثني سعد بن عبد الله عن معاوية ابن عمار عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا كان يوم القيامة، يؤتى بأقوام على منابر من نور تتلألأ وجوههم كالقمر ليلة البدر يغبطهم الأولون والآخرون، ثم سكت، ثم أعاد الكلام ثلاثا، فقال عمر بن الخطاب: بأبي أنت وأمي هم الشهداء؟ قال: هم الشهداء وليس هم الشهداء الذين تظنون قال: هم الأنبياء؟ قال: هم الأوصياء، قال: هم الأوصياء وليس هم الأوصياء الذين تظنون، قال: فمن أهل السماء أو من أهل الأرض؟ قال: هم من أهل الأرض، قال:
فأخبرني من هم؟ قال: فأومئ بيده إلى علي (عليه السلام) فقال: هذا وشيعته، ما يبغضه من قريش إلا سفاحي، ولا من الأنصار إلا يهودي، ولا من العرب إلا دعي، ولا من سائر الناس إلا شقي، يا عمر كذب من زعم أنه يحبني ويبغض هذا(3).
____________
(1) الخصال: 636.
(2) بحار الأنوار: 48 / 63، عن شرح النهج.
(3) بحار الأنوار: 7 / 179، عن فضائل الشيعة.
الصفحة 267
الباب السابع والستون ومائة
في قوله تعالى: * (وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس) *
من طريق العامة وفيه حديث واحد
ابن شهرآشوب عن تفسير السدي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى: * (وأنزلنا الحديد) * قال: أنزل الله آدم من الجنة ومعه سيف ذو الفقار خلق من ورق آس الجنة، ثم قال: * (فيه بأس شديد) * فكان يحارب به آدم أعداءه من الجن والشياطين وكان عليه مكتوبا لا يزال أنبيائي يحاربون به نبي بعد نبي وصديق بعد صديق حتى يرثه أمير المؤمنين فيحارب به مع النبي الأمي * (ومنافع للناس) * لمحمد وعلي * (إن الله قوي عزيز) * منيع بالنقمة من الكفار لعلي بن أبي طالب(1).
قال الطبرسي بعد ذلك: وقد روى كافة أصحابنا أن المراد بهذه الآية ذو الفقار أنزل به من السماء على النبي (عليه السلام) وأعطاه عليا (عليه السلام)(2).
____________
(1) مناقب آل أبي طالب: 3 / 339.
(2) مناقب آل أبي طالب: 3 / 339.
الصفحة 268
الباب الثامن والستون ومائة
في قوله تعالى: * (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان
ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس) *
من طريق الخاصة وفيه ثلاثة أحاديث
الأول: محمد بن يعقوب عن محمد بن الحسن وغيره عن سهل عن محمد بن عيسى ومحمد ابن يحيى ومحمد بن الحسين جميعا عن محمد بن سنان عن إسماعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو عن عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أوصى موسى إلى يوشع بن نون، وأوصى يوشع بن نون إلى ولد هارون ولم يوص إلى ولده ولا إلى ولد موسى أن الله عز وجل له الخيرة يختار ما يشاء ممن يشاء، وبشر موسى ويوشع بالمسيح (عليه السلام) فلما أن بعث الله عز وجل المسيح (عليه السلام) قال المسيح لهم: إنه سوف يأتي من بعدي نبي اسمه أحمد من ولد إسماعيل (عليه السلام) يجئ بتصديقي وتصديقكم عذري وعذركم وجرت من بعدي في الحواريين في المستحفظين وإنما سماهم الله عز وجل المستحفظين، لأنهم استحفظوا الاسم الأكبر وهو الكتاب الذي يعلم به علم كل شئ الذي كان مع الأنبياء صلوات الله عليهم، يقول الله عز وجل: * (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان) * الكتاب الاسم الأكبر، وإنما عرف مما يدعى الكتاب التوراة والإنجيل والفرقان فيها كتاب نوح وفيها كتاب صالح وشعيب وإبراهيم (عليهم السلام) فأخبر الله عز وجل: * (إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى) *.
وأين صحف إبراهيم إنما صحف إبراهيم الاسم الأكبر وصحف موسى الاسم الأكبر فلم تزل الوصية في عالم بعد عالم حتى دفعوها إلى محمد (صلى الله عليه وآله) فلما بعث الله محمدا، أسلم له العقب من المستحفظين وكذبه بنو إسرائيل، ودعا إلى الله عز وجل وجاهد في سبيله، ثم أنزل الله جل ذكره عليه أن أعلن فضل وصيك فقال: رب إن العرب قوم جفاة لم يكن فيهم كتاب ولم يبعث إليهم نبيا ولا يعرفون نبوة الأنبياء ولا شرفهم ولا يؤمنون بي إن أنا أخبرتهم بفضل أهل بيتي، فقال الله جل ذكره: * (ولا تحزن عليهم) * * (وقل سلام فسوف يعلمون) * فذكر من فضل وصيه ذكرا فوقع النفاق في قلوبهم فعلم رسول الله ذلك وما يقولون، فقال الله جل ذكره: يا محمد * (ولقد نعلم أنك يضيق صدرك
الصفحة 269
بما يقولون) * فإنهم لا يكذبونك، ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون، لكنهم يجحدون بغير حجة لهم، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتألفهم ويستعين ببعضهم على بعض ولا يزال يخرج لهم شيئا في فضل وصيه، حتى نزلت هذه السورة فاحتج عليهم حين أعلم بموته ونعيت إليه نفسه فقال الله عز ذكره:
* (فإذا فرغت فانصب * وإلى ربك فارغب) * يقول فإذا فرغت فانصب علمك وأعلن وصيك فأعلمهم فضله علانية.
فقال (عليه السلام): " من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ثلاث مرات "، ثم قال:
" لأبعثن رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ليس بفرار يعرض بمن رجع ويجبن أصحابه ويجبنونه " وقال (صلى الله عليه وآله): " علي سيد المؤمنين "، وقال: " علي عمود الدين "، وقال: " هذا الذي يضرب الناس بالسيف على الحق بعدي "، وقال: " الحق مع علي أينما مال "، وقال: " إني تارك فيكم أمرين إن أخذتم بهما لن تضلوا كتاب الله عز وجل وأهل بيتي عترتي يا أيها الناس اسمعوا لقد بلغت أنكم ستردون علي الحوض فأسألكم عما فعلتم في الثقلين الثقلان كتاب الله جل ذكره وأهل بيتي فلا تسبقوهم فتهلكوا ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم "، فوقعت الحجة بقول النبي (صلى الله عليه وآله) وبالكتاب الذي يقرأه الناس، فلم يزل يلقي فضل أهل بيته بالكلام ويبين لهم بالقرآن * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * وقال عز ذكره: * (واعلموا أنما غنمتم من شئ فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى) * ثم قال جل ذكره: * (وآت ذا القربى حقه) * وكان علي (عليه السلام) فكان حقه الوصية التي جعلت له، والاسم الأكبر، وميراث العلم، وآثار علم النبوة.
وقال: * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * ثم قال: * (وإذا الموؤودة سئلت بأي ذنب قتلت) * يقول: أسألكم عن المودة التي نزلت عليكم فضلها - مودة القربى - بأي ذنب قتلتموهم، وقال جل ذكره: * (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) * قال الكتاب الذكر، وأهله آل محمد (عليهم السلام) وأمر الله عز وجل بسؤالهم ولم يأمر بسؤال الجهال، وسمى الله عز وجل القرآن ذكرا فقال تبارك وتعالى: * (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون) * وقال عز وجل: * (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون) * وقال عز وجل: * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) * وقال عز وجل: * (ولو ردوه إلى الله وإلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) * فرد أمر الناس إلى أولي الأمر منهم الذين أمر بطاعتهم وبالرد إليهم، فلما رجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) من حجة الوداع نزل عليه جبرئيل وقال: * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك فإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين) * فنادى الناس فاجتمعوا وأمر بسمرات فقم
الصفحة 270
شوكهن ثم قال (صلى الله عليه وآله): " يا أيها الناس من وليكم وأولى بكم من أنفسكم؟ فقالوا: الله ورسوله، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ثلاث مرات " فوقعت حسكة النفاق في قلوب القوم وقالوا ما أنزل الله جل ذكره هذا على محمد قط وما يريد إلا أن يرفع بضبع ابن عمه، فلما قدم المدينة أتته الأنصار فقالوا:
يا رسول الله إن الله جل ذكره قد أحسن إلينا وشرفنا بك وبنزولك بين أظهرنا فقد فرح الله صديقنا وكبت عدونا وقد يأتيك وفود فلا تجد ما تعطيهم فيشمت بك العدو فنحب أن تأخذ ثلث أموالنا حتى إذا قدم عليك وفد مكة وجدت ما تعطيهم فلم يرد رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليهم شيئا وكان ينتظر ما يأتيه من ربه فنزل عليه جبرئيل (عليه السلام) وقال: * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * ولم يقبل أموالهم فقال المنافقون: ما أنزل هذا على محمد وما يريد إلا أن يرفع بضبع ابن عمه ويحمل علينا أهل بيته يقول أمس من كنت مولاه فعلي مولاه واليوم قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى، ثم نزل عليه آية الخمس، فقالوا يريد أن يعطيهم أموالنا وفيئنا، ثم أتاه جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا محمد إنك قد قضيت نبوتك واستكملت أيامك فاجعل الاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة عند علي، فإني لم أترك الأرض إلا ولي فيها علم تعرف به طاعتي وتعرف به ولايتي ويكون حجة لمن يولد بين قبض النبي إلى خروج النبي الآخر قال: فأوصى إليه بالاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة وأوصى إليه بألف كلمة وألف باب تفتح كل كلمة وكل باب ألف كلمة وألف باب(1).
الثاني: سعد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن هشام بن سالم عن سعد بن طريف عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كنا عنده ثمانية رجال فذكرنا رمضان فقال: لا تقولوا هذا رمضان ولا جاء رمضان ولا ذهب رمضان فإن رمضان اسم من أسماء الله لا يجئ ولا يذهب وإنما يجئ ويذهب الزائل، ولكن قولوا شهر رمضان فالشهر المضاف إلى الاسم والاسم اسم الله، وهو الشهر الذي أنزل فيه القرآن جعله الله سقطا(2) في هذا المكان في الأصل لا يفعل الخروج في شهر رمضان لزيارة الأئمة صلوات الله عليهم وعيد، ألا ومن خرج في شهر رمضان من بيته في سبيل الله ونحن سبيل الله الذي من دخل فيه يطاف بالحصن والحصن هو الإمام فيكبر عند رؤيته، كانت له في القيامة صخرة في ميزانه أثقل من السماوات السبع والأرضين السبع وما فيهن وما بينهن وما تحتهن قلت: يا أبا جعفر وما الميزان؟ فقال: إنك قد ازددت قوة ونظرا. يا
____________
(1) الكافي: 1 / 293 - 296 ح 3.
(2) في المصدر مثلا.
الصفحة 271
سعد: رسول الله (صلى الله عليه وآله) الصخرة ونحن الميزان وذلك قول الله عز وجل في الإمام: * (ليقوم الناس بالقسط) * ومن كبر بين يدي الإمام وقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كتب الله له رضوانه الأكبر ومن كتب لرضوانه الأكبر يجمع بينه وبين إبراهيم ومحمد (عليهما السلام) والمرسلين في دار الجلال، قلت:
وما دار الجلال؟ قال: نحن الدار وذلك قول الله عز وجل: * (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين) * فنحن العاقبة يا سعد، وأما مودتنا للمتقين فيقول الله عز وجل: * (تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام) * فنحن جلال الله وكرامته التي أكرم الله تبارك وتعالى العباد بطاعتنا(1).
الثالث: علي بن إبراهيم في تفسيره المنسوب إلى الصادق (عليه السلام) قال: قال: الميزان الإمام(2).
وقال الطبرسي في " الاحتجاج " عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث وقال: * (وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد) * فإنزاله ذلك خلقه إياه.
وقال أبو علي الطبرسي قال: قد روى كافة أصحابنا أن المراد بهذه الآية ذو الفقار أنزل به من السماء على النبي (صلى الله عليه وآله) فأعطاه عليا (عليه السلام)(3).
____________
(1) بصائر الدرجات: 312 ح 12.
(2) تفسير القمي: 2 / 364، ضمن تفسير الآية 25 من سورة الحديد.
(3) الإحتجاج: 1 / 372.
الصفحة 272
الباب التاسع والستون ومائة
في قوله تعالى: * (وكفى الله المؤمنين القتال) *
من طريق العامة وفيه أربعة أحاديث
الأول: الحافظ منصور بن شهردار بن شيرويه بإسناده إلى ابن عباس قال: لما قتل علي (عليه السلام) عمروا ودخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسيفه يقطر دما فلما رآه النبي كبر وكبر المسلمون وقال النبي (صلى الله عليه وآله): اللهم أعط عليا فضيلة لم تعطها أحدا قبله ولم تعطيها أحدا بعده قال: فهبط جبرائيل (عليه السلام) ومعه من الجنة أترجة فقال لرسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله عز وجل يقرأ عليك السلام ويقول لك حي بهذه علي بن أبي طالب قال: فدفعها إلى علي (عليه السلام) فانفلقت في يده فلقتين فإذا فيها حريرة خضراء مكتوب فيها سطران بخضرة: تحفة من الطالب الغالب إلى علي بن أبي طالب(1).
الثاني: ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة وهو من أعيان علماء العامة من المعتزلة قال:
وجدنا في السير والأخبار من إشفاق رسول الله (صلى الله عليه وآله) وحذره على أمير المؤمنين (عليه السلام) ودعائه له بالحفظ والسلامة قال (صلى الله عليه وآله) يوم الخندق وقد برز علي إلى عمرو ورفع يديه إلى السماء بمحضر من أصحابه: اللهم إنك أخذت مني حمزة يوم أحد وعبيدة يوم بدر فاحفظ اليوم على عليا رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين، ولذلك ظن به عن مبارزة عمرو حين دعا عمرو الناس إلى نفسه مرارا يحجمون ويقدم علي، فسأل الإذن له في البراز حتى قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنه عمرو، فقال: وأنا علي، فأدناه وقبله وعممه بعمامة وخرج معه خطوات كالمودع له القلق لحاله المنتظر لما يكون منه، ثم لم يزل (صلى الله عليه وآله) رافعا يديه إلى السماء مستقبلا لها بوجهه والمسلمون صموت حوله كأنما على رؤوسهم الطير، حتى ثارت الغبرة وسمع التكبير من تحتها فعلموا أن عليا قتل عمروا فكبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكبر المسلمون بتكبيرة سمعها من وراء الخندق من عساكر المشركين، وكذلك قال حذيفة ابن اليمان: لو قبلت فضيلة علي بقتل عمرو يوم الخندق بين المسلمين بأجمعهم لوسعتهم. قال ابن عباس في قوله تعالى: * (وكفى الله المؤمنين القتال) * بعلي بن أبي طالب(2).
الثالث: أبو نعيم الأصفهاني في كتابه الموسوم بنزول القرآن في علي عن مرة عن عنبسة أنه كان
____________
(1) مناقب الخوارزمي: 171 ح 204.
(2) شرح نهج البلاغة: 13 / 284.
الصفحة 273
يقرأ هذه الآية * (وكفى الله المؤمنين القتال) * بعلي بن أبي طالب (عليه السلام)(1).
الرابع: عن أبي نعيم الأصفهاني فيما نزل من القرآن بالإسناد عن سفيان الثوري عن رجل عن مرة عن عبد الله قال: وقال جماعة من المفسرين في قوله تعالى: * (اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود) * إنها نزلت في علي (عليه السلام) يوم الأحزاب(2).
____________
(1) بحار الأنوار: 32 / 26 ذيل ح 12.
(2) بحار الأنوار: 37 / 88 ح 12.
الصفحة 274
الباب السبعون ومائة
في قوله تعالى: * (وكفى الله المؤمنين) *
من طريق الخاصة وفيه ثلاثة أحاديث
الأول: محمد بن العباس قال علي بن العباس عن أبي سعيد عن عباد بن يعقوب عن فضل بن القاسم البراد عن سفيان الثوري عن زبيد النامي عن مرة عن عبد الله بن مسعود أنه كان يقرأ * (وكفى الله المؤمنين القتال) * بعلي وكان الله قويا عزيزا(1).
الثاني: محمد بن العباس قال: حدثنا محمد بن يونس بن المبارك عن يحيى بن عبد الحميد الحماني عن يحيى بن معلى الأسلمي عن محمد بن عمار عن زريق عن أبي إسحاق عن أبي زياد ابن مطرب قال: كان عبد الله بن مسعود يقرأ * (وكفى الله المؤمنين القتال) * بعلي(2).
وسبب نزول الآية: أن المؤمنين كفوا القتال بعلي (عليه السلام) وإن المشركين تحولوا واجتمعوا في غزاة الخندق وهو أن عمرو بن عبد ود كان فارس قريش المشهود وكان يعد بألف فارس وكان قد شهد بدرا ولم يشهد أحدا، فلما كان يوم الخندق خرج معلما ليرى الناس مقامه، فلما رأى الخندق قال:
مكيدة لم يعرفها من قبل، وحمل فرسه عليه فقطعه ووقف بإزاء المسلمين ونادى هل من مبارز فلم يجبه أحد، فقام علي (عليه السلام) وقال: أنا يا رسول الله صلى الله عليك وآلك فقال: إنه عمرو اجلس، فنادى ثانية فلم يجبه أحد، فقام علي (عليه السلام) وقال: أنا يا رسول الله، فقال: إنه عمرو، فقال: وإن كان عمروا فاستأذن النبي (صلى الله عليه وآله) في برازه فأذن له، قال حذيفة (رضي الله عنه): فألبسه رسول الله (صلى الله عليه وآله) درعه الفضول وأعطاه ذا الفقار وعممه عمامته السحاب على رأسه تسعة أدوار وقال له: تقدم فلما ولي قال النبي: برز الإيمان كله إلى الشرك كله اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوق رأسه ومن تحت قدميه، فلما رآه عمرو قال له: من أنت؟ قال: أنا علي، قال: ابن عبد مناف؟
قال: أنا علي بن أبي طالب، فقال: غيرك يا بن أخي من أعمامك أسن منك فإني أكره أن أهرق دمك فقال علي (عليه السلام): ولكني والله لا أكره أن أهرق دمك، قال: فغضب عمرو ونزل عن فرسه وعقرها وسل سيفه كأنه شعلة نار ثم أقبل نحو علي (عليه السلام) فاستقبله علي (عليه السلام) بدرقته فقدها وثبت فيها السيف
____________
(1) بحار الأنوار: 32 / 25 ح 10، عن كنز الفوائد.
(2) بحار الأنوار: 32 / 25 ح 11.
الصفحة 275
وأصاب رأسه فشجه ثم إن عليا (عليه السلام) ضربه على حبل عاتقه فسقط إلى الأرض وثارت بينهما عجاجة فسمعنا تكبير علي (عليه السلام) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قتله والذي نفسي بيده، قال: وحز رأسه وأتى به إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ووجهه يتهلهل، قال له النبي (صلى الله عليه وآله): أبشر يا علي فلو وزن اليوم عملك بعمل أمة محمد لرجح عملك بعملهم وذلك لأنه لم يبق بيت من المشركين إلا ودخله وهن ولا بيت من المسلمين إلا ودخل عليهم عز ولما قتل عمرو وخذل الأحزاب أرسل الله عليهم ريحا وجنودا من الملائكة فولوا مدبرين من غير قتال وسببه قتل عمرو فمن ذلك قال سبحانه: * (وكفى الله المؤمنين القتال) * بعلي.
الثالث: ابن شهرآشوب، قال الصادق (عليه السلام) وابن مسعود في قوله: * (وكفى الله المؤمنين القتال) * بعلي بن أبي طالب وقتله عمرو بن عبد ود(1).
____________
(1) مناقب آل أبي طالب: 3 / 159.
الصفحة 276
الباب الحادي والسبعون ومائة
في قوله تعالى: * (هذان خصمان اختصموا في ربهم) *
وقوله تعالى: * (إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون) *
من طريق العامة وفيه خمسة أحاديث
الأول: من صحيح البخاري من الجزء الخامس في آخر كراسة منه قال: حدثنا حجاج بن منهال، قال: حدثنا معمر بن سليمان، قال: سمعت أبي يقول: حدثنا أبو مخلد عن قيس بن عباد عن علي ابن أبي طالب (عليه السلام) قال: أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة، قال قيس: وفيهم أنزلت هذان خصمان اختصموا في ربهم قال: هم الذين تبارزوا يوم بدر علي وحمزة وعبيدة وشيبة ابن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة(1).
الثاني: من تفسير الثعلبي قوله تعالى: * (هذان خصمان اختصموا في ربهم) * قال الثعلبي: اختلف المفسرون في هذين الخصمين من هما، فروى قيس بن عباد أن أبا ذر الغفاري (رضي الله عنه) كان يقسم بالله تعالى أن هذه الآية نزلت في ستة نفر من قريش تبارزوا يوم بدر: علي بن أبي طالب (عليه السلام) وحمزة بن عبد المطلب وعبيدة بن الحرث وعتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة قال: قال علي (عليه السلام): إني لأول من يجثو للخصومة يوم القيامة بين يدي الله جل وعلا. وإلى هذا القول ذهب ابن بشار وعطاء ابن بشار(2).
الثالث: " كشف الغمة " عن مسلم والبخاري في حديث في قوله تعالى: * (هذان خصمان اختصموا في ربهم) * نزلت في علي وحمزة وعبيدة بن الحارث الذين بارزوا المشركين يوم بدر عتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة(3).
الرابع: ابن أبي الحديد في " شرح نهج البلاغة " قال علي (عليه السلام): أنا حجيج المارقين وخصيم المرتابين يوم القيامة، قال ابن أبي الحديد في الشرح: وروي عنه أنه قال: أنا أول من يجثو إلى الخصومة بين يدي الله تعالى. وقد روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) مثل ذلك مرفوعا في قوله تعالى: * (هذان
____________
(1) صحيح البخاري: 5 / 6 و 7.
(2) الدر المنثور: 3 ح 348.
(3) كشف الغمة: 1 / 313.
الصفحة 277
خصمان اختصموا في ربهم) * وأنه (صلى الله عليه وآله) سئل عنها فقال: علي وحمزة وعبيدة وعتبة وشيبة والوليد، وكانت حادثتهم أول حادثة وقعت فيها مبارزة أهل الإيمان لأهل الشرك، فكان المقتول الأول بالمبارزة الوليد بن عتبة قتله علي بن أبي طالب ضربه على رأسه فبدرت عيناه على وجنتيه فقال النبي (صلى الله عليه وآله) فيه وفي أصحابه ما قال، وكان علي (عليه السلام) يكثر من قوله: أنا حجيج المارقين، ويشير إلى هذا المعنى، ثم أشار إلى ذلك بقوله على كتاب الله تعرض الأمثال يريد قوله تعالى: * (هذان خصمان اختصموا في ربهم) *(1).
الخامس: من تفسير الثعلبي قوله تعالى: * (ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون) * قال: روى خلف بن خليفة عن أبي هاشم عن أبي سعيد الخدري قال: كنا نقول ربنا واحد ونبينا واحد وديننا واحد فما هذه الخصومة، فلما كان يوم صفين وشد بعضنا على بعض بالسيوف، قلنا نعم هو هذا(2).
____________
(1) شرح نهج البلاغة: 6 / 170.
(2) الدر المنثور: 5 ح 328.
الصفحة 278
الباب الثاني والسبعون ومائة
في قوله تعالى: * (هذان خصمان اختصموا في ربهم) *
من طريق الخاصة وفيه خمسة أحاديث
الأول: محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أحمد بن محمد البرقي عن أبيه محمد بن الفضيل عن أبي حمزة عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: * (هذان خصمان اختصموا في ربهم) * فالذين كفروا بولاية علي قطعت لهم ثياب من نار(1).
الثاني: ابن بابويه قال: حدثنا أبو محمد عمار بن الحسن الأطرش (رضي الله عنه) قال: حدثني علي بن محمد بن عصمة قال: حدثنا أحمد بن محمد الطبري بمكة قال: حدثنا أبو الحسن بن أبي شجاع البجلي عن جعفر بن محمد الحنفي عن يحيى بن هاشم عن محمد بن جابر عن صدقة بن سعيد عن النضر بن مالك قال: قلت للحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام): يا أبا عبد الله حدثني عن قول الله عز وجل * (هذان خصمان اختصموا في ربهم) * قال: نحن وبنو أمية اختصمنا في الله عز وجل قلنا صدق الله وقالوا كذب الله، فنحن وإياهم الخصمان يوم القيامة(2).
الثالث: محمد بن العباس عن إبراهيم بن عبد الله بن مسلم عن حجاج بن المنهال بإسناده عن قيس بن عبادة عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنه قال: أنا أول من يجثو للخصومة بين يدي الرحمن، قال قيس: وفيهم نزلت * (هذان خصمان اختصموا في ربهم) * وهم الذين تبارزوا يوم بدر علي وحمزة وعبيدة وشيبة وعتبة والوليد(3).
الرابع: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا محمد بن محمد قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد قال:
حدثنا أبو بكر أحمد بن إسماعيل بن ماهان قال: حدثني أبي قال: حدثني مسلم قال: حدثنا عروة ابن خالد قال: حدثني سليمان التميمي عن أبي مخلد عن قيس بن سعد بن عبادة قال: سمعت علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول: أنا أول من يجثو بين يدي الله عز وجل للخصومة(4).
____________
(1) الكافي: 1 / 422 ح 50.
(2) الخصال: 43 ح 35.
(3) بحار الأنوار: 32 / 128 ح 35.
(4) أمالي الطوسي: 85 ح 128.
الصفحة 279
الخامس: علي بن إبراهيم في تفسيره في معنى الآية قال: قال - يعني الصادق (عليه السلام): نحن وبنو أمية، قلنا: صدق الله ورسوله وقال بنو أمية: كذب الله ورسوله * (فالذين كفروا) * يعني بني أمية * (قطعت لهم ثياب من نار) * - إلى قوله - * (حديد) * قال: يغشاه النار فتسترخي شفته السفلى حتى تبلغ سرته وتتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه * (ولهم مقامع من حديد) * قال: الأعمدة التي يضربون بها(1).
____________
(1) تفسير القمي: 2 / 80، ضمن تفسير الآية 19 من سورة الحج.
الصفحة 280
الباب الثالث والسبعون ومائة
في قوله تعالى: * (إن المتقين في جنات وعيون) *
من طريق العامة وفيه حديث واحد
ابن شهرآشوب عن تفسير أبي يوسف يعقوب بن سفيان عن مجاهد وابن عباس: أن المتقين في ظلال وعيون من اتقى الذنوب علي بن أبي طالب والحسن والحسين في ظلال من الشجر والخيام من اللؤلؤ طول كل خيمة مسيرة فرسخ في فرسخ، ثم ساق الحديث إلى قوله: * (إنا كذلك نجزي المحسنين) * المطيعين لله أهل بيت محمد في الجنة(1).
الباب الرابع والسبعون ومائة
في قوله تعالى: * (إن المتقين في جنات وعيون) *
من طريق الخاصة وفيه حديث واحد
علي بن إبراهيم في تفسيره قوله: * (إن المتقين في ظلال وعيون) * قال: ظلال من نور أنور من الشمس * (وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون) * قال: إذا قيل لهم تولوا الإمام لم يتولوه(2).
____________
(1) مناقب آل أبي طالب: 1 / 364.
(2) تفسير القمي: 2 / 425، ضمن تفسير الآية 41 من سورة المرسلات.
الصفحة 281
الباب الخامس والسبعون ومائة
في قوله تعالى: * (إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون) *
من طريق العامة وفيه أربعة أحاديث
الأول: الطبرسي قال: ذكر الحاكم أبو إسحاق الحسكاني (رحمه الله) في كتاب " شواهد التنزيل " القواعد التفضيل بإسناده عن أبي صالح عن ابن عباس قال: إن الذين أجرموا منافقوا قريش والذين آمنوا علي بن أبي طالب (عليه السلام)(1).
الثاني: الجبري في كتابه يرفعه إلى ابن عباس في قوله تعالى: * (إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون) * إلى آخر السورة فالذين آمنوا علي بن أبي طالب والذين أجرموا منافقوا قريش(2).
الثالث: محمد بن العباس أورده من طريق العامة قال: حدثنا علي بن عبد الله عن إبراهيم بن محمد الثقفي عن الحكم بن سلمان عن محمد بن كثير عن الكلبي وأبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى: * (إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون) * قال: ذلك الحرث بن قيس وأناس معه كانوا إذا مر بهم علي (عليه السلام) قالوا: انظروا إلى هذا الرجل الذي اصطفاه محمد واختاره من بين أهل بيته، فكانوا يسخرون ويضحكون، فإذا كان يوم القيامة، فتح بين الجنة والنار باب وعلي (عليه السلام) يومئذ على الأرائك متك ويقول لهم هلم لكم فإذا جاؤوا سد بينهم الباب فهو كذلك يسخر بهم ويضحك وهو قوله تعالى: * (فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك ينظرون هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون) *(3).
الرابع: موفق بن أحمد قيل: إن علي بن أبي طالب (عليه السلام) جاء في نفر من المسلمين إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسخر به المنافقون وضحكوا وتغامزوا عليه ثم قالوا لأصحابهم رأينا اليوم الأصلع فضحكنا منه، فأنزل الله هذه الآية قبل أن يصل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) عن مقاتل والكعبي(4).
____________
(1) مجمع البيان: 10 / 298.
(2) تأويل الآيات: 2 / 779 ح 12.
(3) بحار الأنوار: 31 / 339 ح 9.
(4) مناقب الخوارزمي: 275 ح 254.
الصفحة 282
الباب السادس والسبعون ومائة
في قوله تعالى: * (إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون) *
من طريق الخاصة وفيه خمسة أحاديث
الأول: محمد بن العباس عن أحمد بن محمد عن أحمد بن الحسين عن حصين بن مخارق عن يعقوب بن شعيب عن عمران بن ميثم عن عتابة بن ربعي عن علي (عليه السلام) أنه كان يمر بالنفر من قريش فيقولون: انظروا إلى هذا الذي اصطفاه محمد واختاره من بين أهله ويتغامزون، فنزلت هذه الآيات * (إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون وإذا مروا بهم يتغامزون) * إلى آخر السورة(1).
الثاني: محمد بن العباس قال: حدثنا محمد بن محمد الواسطي بإسناده إلى أبي مجاهد في قوله تعالى: * (إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون) * قال: إن نفرا من قريش كانوا من الذين يقعدون بفناء الكعبة فيتغامزون بأصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويسخرون منهم، فمر بهم يوما علي (عليه السلام) مع نفر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فضحكوا منهم وتغامزوا عليهم وقالوا: هذا أخو محمد (صلى الله عليه وآله) فأنزل الله: * (إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون) * فإذا كان يوم القيامة أدخل علي (عليه السلام) ومن كان معه الجنة فأشرفوا على هؤلاء الكفار ونظروا إليهم فسخروا وضحكوا عليهم وذلك قوله: * (فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون) *(2).
الثالث: محمد بن العباس قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبد الرحمن بن سالم عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله عز وجل: * (إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون) * إلى آخر السورة نزلت في علي (عليه السلام) في الذين استهزؤا من بني أمية، وذلك أن عليا (عليه السلام) مر على قوم من بني أمية والمنافقين فسخروا منه(3).
الرابع: محمد بن العباس عن محمد بن القاسم عن أبيه بإسناده عن أبي حمزة الثمالي عن علي ابن الحسين (عليه السلام) قال: إذا كان يوم القيامة أخرجت أريكتان من الجنة فبسطتا على شفير جهنم ثم يجئ علي (عليه السلام) حتى يقعد عليهما فإذا قعد ضحك، وإذا ضحك انقلبت جهنم فصار عاليها سافلها،
____________
(1) بحار الأنوار: 32 / 66 ح 7.
(2) بحار الأنوار: 32 / 66 ح 8.
(3) بحار الأنوار: 31 / 339 ح 10.
الصفحة 283
ثم يخرجان فيوقفان بين يديه فيقولان: يا أمير المؤمنين يا وصي رسول الله ألا ترحمنا ألا تشفع لنا عند ربك، قال: فيضحك منهما ثم يقوم فيدخل وترفع الأريكتان ويعادان إلى موضعهما، فذلك قوله عز وجل: * (فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك ينظرون هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون) *(1).
الخامس: أبو محمد الحسن بن علي العسكري في تفسيره في قوله تعالى: * (الله يستهزئ بهم) * قال (عليه السلام): وأما استهزاؤه بهم الآخرة، فهو أن الله عز وجل إذا أقرهم في دار اللعنة والهوان وعذبهم بتلك الألوان العجيبة من العذاب، وأقر بهؤلاء المؤمنين في الجنان بحضرة محمد صفي الملك الديان، أطلعهم على هؤلاء المستهزئين الذين كانوا يستهزئون بهم في الدنيا حتى يروا ما فيه من عجائب اللعائن وبدائع النقمات فتكون لذتهم وسرورهم بشماتتهم بهم كما لذتهم وسرورهم بنعيمهم في جنات ربهم، فالمؤمنون يعرفون أولئك الكافرين المنافقين بأسمائهم وصفاتهم، وهم على أصناف: منهم من هو بين أنياب أفاعيها تمضغه وتفترسه، ومنهم من هو تحت سياط زبانيتها وأعمدتها ومرزباتها تقع من أيديها عليه يشدد في عذابه ويعظم خزيه ونكاله، ومنهم من هو في بحار جحيمها يغرق ويسحب فيها، ومنهم من هو في غسلينها وغساقها تزجره فيها زبانيتها، ومنهم من هو في سائر أصناف عذابها، والكافرون والمنافقون ينظرون فيرون هؤلاء المؤمنين الذين كانوا بهم في الدنيا يسخرون لما كانوا من موالاة محمد وعلي وآلهما صلوات الله عليهم يعتقدون فيرونهم منهم من هو على فرشها يتقلب، ومنهم من هو على فواكهها يرتع، ومنهم من هو في غرفها أو في بساتينها ومتنزهاتها يتبجح والحور العين والوصفاء والولدان والجواري والغلمان قائمون بحضرتهم وطائفون بالخدمة حواليهم وملائكة الله عز وجل يأتونهم عند ربهم بالجنان والكرامات وعجائب التحف والهدايا والمبرات يقولون: * (سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار) *.
فيقول هؤلاء المؤمنون المشرفون على هؤلاء الكافرين المنافقين: يا فلان ويا فلان ويا فلان حتى تناديهم بأسمائهم: ما بالكم في مواقف خزيكم ماكثون، هلموا إلينا نفتح لكم أبواب الجنان لتتخلصوا من عذابكم وتلحقوا بنا في نعيمها، فيقولون: يا ويلنا أنى لنا هذا، فيقول المؤمنون:
انظروا لهذه الأبواب، فينظرون إلى أبواب من الجنان مفتحة تخيل إليهم إنها إلى جهنم التي فيها يعذبون ويقدرون أنهم يتمكنون أن يتخلصوا إليها فيأخذون في السباحة في بحار حميمها وعدوا من بين أيدي زبانيتها، وهم يلحقونهم يضربونهم بأعمدتهم ومرزباتهم وسياطهم، فلا يزالون كذلك
____________
(1) بحار الأنوار: 32 / 67 ح 8.
الصفحة 284
يسيرون هناك، وبهذه الأصناف من العذاب تمسهم حتى إذا قدروا أن يبلغوا تلك الأبواب وجدوها مردومة عنهم، وتتخذهم الزبانية بأعمدتها فتنكسهم إلى سواء الجحيم ويستلقي أولئك المنعمون على فرشهم في مجالسهم يضحكون منهم مستهزئين بهم، فذلك قول الله عز وجل: * (يستهزئ بهم) * وقوله عز وجل: * (فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون) *(1).
____________
(1) تفسير الإمام العسكري: 121 - 125 ح 63.
الصفحة 285
الباب السابع والسبعون ومائة
في قوله تعالى: * (الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون) *
من طريق العامة وفيه حديث واحد
ابن شهرآشوب عن تفسير الهذلي ومقاتل عن محمد بن الحنفية في خبر طويل إنما نحن مستهزؤون بعلي بن أبي طالب فقال الله تعالى: * (الله يستهزئ بهم) * يعني يجازيهم في الآخرة جزاء استهزائهم بأمير المؤمنين.
قال ابن عباس: وذلك أنه إذا كان يوم القيامة، أمر الله الخلق بالجواز على الصراط فتجوز المؤمنون إلى الجنة ويسقط المنافقون في جهنم فيقول الله: يا مالك استهزئ بالمنافقين في جهنم، فيفتح مالك بابا من جهنم إلى الجنة ويناديهم: معاشر المنافقين هاهنا هاهنا فاصعدوا من جهنم إلى الجنة، فيسبح المنافقون في بحار جهنم سبعين خريفا حتى إذا بلغوا إلى ذلك الباب وهموا الخروج، أغلقه دونهم وفتح لهم بابا إلى الجنة من موضع آخر فيناديهم من هذا الباب: فاخرجوا إلى الجنة، فيسبحون مثل الأول فإذا وصلوا إليها أغلق دونهم ويفتح من موضع آخر وهكذا أبد الآبدين(1).
____________
(1) مناقب آل أبي طالب: 3 / 114.
الصفحة 286
الباب الثامن والسبعون ومائة
في قوله تعالى: * (الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون) *
من طريق الخاصة وفيه حديثان
الأول: ابن شهرآشوب عن الباقر (عليه السلام): أنها نزلت في ثلاثة لما قام النبي (صلى الله عليه وآله) بالولاية لأمير المؤمنين (عليه السلام) أظهروا الإيمان والرضا بذلك فلما خلوا بأعداء أمير المؤمنين قالوا: أنا معكم، إنما نحن مستهزؤون(1).
الثاني: الإمام أبو محمد الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) في تفسيره في قوله تعالى: * (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا) * إلى قوله: * (في طغيانهم يعمهون) * قال: قال موسى بن جعفر (عليهما السلام): وإذا لقوا هؤلاء الناكثون للبيعة المواظبون على مخالفة علي (عليه السلام) ودفع الأمر عنه * (الذين آمنوا قالوا آمنا) * كإيمانكم إذا لقوا سلمان والمقداد وأبا ذر وعمار قالوا لهم آمنا بمحمد وسلمنا له بيعة علي (عليه السلام) وفضله وأنفدنا لأمركما آمنتم أن أولهم وثانيهم وثالثهم إلى تاسعهم ربما كانوا يلتقون في بعض طرقهم مع سلمان وأصحابه فإذا لقوهم اشمأزوا منهم وقالوا: هؤلاء أصحاب محمد الساحر والأهوج يعنون محمدا وعليا (عليهما السلام) ثم يقول بعضهم لبعض: احترزوا منهم لا يقفون من فلتات كلامكم على كفر محمد (صلى الله عليه وآله) فيما قاله في علي (عليه السلام) فيقفوا عليكم فيكون فيه هلاككم. فيقول أولهم:
انظروا إلي كيف أسخر منهم وأكف عاديتهم عنكم فإذا التقوا قال أولهم: مرحبا بسلمان ابن الإسلام الذي قال فيه محمد سيد الأنام لو كان الدين معلقا بالثريا لتناوله رجال من أبناء فارس، هذا أفضلهم يعينك وقال فيه: سلمان منا أهل البيت، فقرنه جبرئيل (عليه السلام) الذي قال له يوم العبا لما قاله لرسول الله (صلى الله عليه وآله): وأنا منكم. فقال: وأنت منا، حتى ارتقى جبرئيل إلى الملكوت الأعلى يفتخر على أهله ويقول: من مثلي بخ بخ وأنا من أهل بيت محمد (صلى الله عليه وآله)، ثم يقول للمقداد: ومرحبا بك يا مقداد أنت الذي قال فيك رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): يا علي المقداد أخوك في الدين وقد قد منك فكأنه يعينك حبا لك وبغضا على أعدائك وموالاة لأوليائك لكن ملائكة السماوات والحجب أكثر حبا لك منك لعلي (عليه السلام) وأشد بغضا على أعدائك منك على أعداء علي (عليه السلام) فطوبا ثم طوبا، ثم يقول لأبي ذر:
مرحبا بك يا أبا ذر أنت قال فيك رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما أقلت الغبراء ولا أضلت الخضراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر، قيل: بماذا فضله الله بهذا وشرفه؟ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنه كان يفضل
____________
(1) مناقب آل أبي طالب: 3 / 113 - 114 بنحوه.
الصفحة 287
عليا (عليه السلام) أخا رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوالا وله في كل الأحوال مداحا ولشانئيه وأعدائه شانئا ولأوليائه وأحبائه مواليا، وسوف يجعله الله عز وجل في الجنان من أفضل سكانها ويخدمه ما لا يعرف عدده إلا الله من وصائفها وغلمانها وولدانها ثم يقول لعمار بن ياسر: أهلا وسهلا يا عمار نلت بموالاة أخي رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع أنك وأدع رأفة لا تزيد على المكتوبات والمسنونات في سائر العبادات ما لا يناله الكاد بدنه ليله ونهاره يعني الليل قياما والنهار صياما والباذل أمواله وإن كانت جميع أموال الدنيا له مرحبا بك فقد رضيك رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي أخيه مصافيا وعنه مناويا حتى أخبر أنك ستقتل في محبته وتحشر يوم القيامة في خيار زمرته، وفقني الله تعالى لمثل عملك وعمل أصحابك حتى تكن ممن توفر على خدمة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأخي محمد علي ولي الله ومعاداة أعدائهما بالعداوة ومصافاة أوليائهما بالموالاة والمشايعة سوف يسعدنا الله يومنا إذا التقينا بكم فيقول سلمان وأصحابه: ظاهرهم كما أمر الله تعالى ويجوزون عنهم، فيقول الأول لأصحابه: كيف رأيتم سخري بهؤلاء وكبت عاديتهم عني وعنكم، فيقولون له: لا تزال بخير ما عشت لنا، فيقول لهم: فهكذا فلتكن معاملتكم لهم إلى أن تنتهزوا الفرصة فيهم مثل هذا فإن اللبيب العاقل من تجرع على الغصة حتى ينال الفرصة، ثم يعودون إلى أخدانهم من المنافقين المتمردين المشاركين لهم في تكذيب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيما أداه إليهم عن الله عز وجل من ذكر تفضيل أمير المؤمنين (عليه السلام) ونصبه إماما على كافة المكلفين قالوا لهم:
إنا معكم إنما نحن على ما واطأناكم من دفع علي عن هذا الأمر إن كانت لمحمد (صلى الله عليه وآله) كائنة فلا يغرنكم ولا يهولنكم ما تسمعونه منا من تقريظهم وترونا نجترئ عليه من مداراتهم فإنما نحن مستهزؤون بهم، فقال الله عز وجل: يا محمد الله يستهزئ بهم ويجازيهم جزاء استهزائهم في الدنيا والآخرة ويمدهم في طغيانهم يعمهون يمهلهم ويتأنى بهم برفق ويدعوهم إلى التوبة ويعدهم إذا تابوا المغفرة، يعمهون لا ينزعون عن قبيح ولا يتركون أذى لمحمد وعلي يمكنهم إيصاله إليهما إلا بلغوه.
قال العالم (عليه السلام): فأما استهزاء الله بهم في الدنيا، فهو أنه مع إجرائه إياهم على ظاهر أحكام المسلمين لإظهارهم ما يظهرونه من السمع والطاعة والموافقة لأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالتعريض لهم حتى لا يخفى على المخلصين من المراد بذلك التعريض ويأمره بلعنهم، وأما استهزاؤه بهم في الآخرة، فهو أنه عز وجل إذا أقرهم في دار اللعنة والهوان(1). وقد تقدم تتمة ذلك في الحديث الخامس من الباب السادس والسبعين ومائة عن الإمام العسكري (عليه السلام) وهو قريب يؤخذ من هناك.
____________
(1) تفسير الإمام العسكري: 120 ح 63.
الصفحة 288
الباب التاسع والسبعون ومائة
في قوله تعالى: * (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم) *
من طريق العامة وفيه حديث واحد
موفق بن أحمد قال: قال جابر: كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة، فقال لنا النبي (صلى الله عليه وآله): أنتم اليوم خيار أهل الأرض فبايعنا تحت الشجرة على الموت فما نكث أصلا أحد إلا ابن قيس وكان منافقا، وأولى الناس بهذه الآية علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) لأنه قال: * (وأثابهم فتحا قريبا) * يعني فتح خيبر وكان ذلك على يد علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)(1).
الباب الثمانون ومائة
في قوله تعالى: * (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله) *
من طريق الخاصة وفيه حديثان
الأول: محمد بن العباس قال: حدثنا أحمد بن محمد الواسطي عن زكريا بن يحيى عن إسماعيل بن عثمان عن عمار الدهني عن أبي الزبير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت: قول الله عز وجل:
* (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) * كم كانوا؟ قال: ألفا ومائتين، قلت: هل كان فيهم علي (عليه السلام)؟ قال: نعم سيدهم وشريفهم(2).
الثاني: علي بن إبراهيم قال: حدثني الحسين بن عبد الله السكيني عن أبي سعيد البجلي عن عبد الملك بن هارون عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: أنا الذي ذكر الله اسمه في التوراة والإنجيل بمؤازرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنا أول من بايع رسول الله (صلى الله عليه وآله) تحت الشجرة في قوله: * (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) *(3).
____________
(1) مناقب الخوارزمي: 276 ح 256، مناقب آل أبي طالب: 1 / 304.
(2) بحار الأنوار: 24 / 93 ح 4.
(3) تفسير القمي: 2 / 268.