الصفحة 125
وفيه ثلاثة عشر حديثا
الحديث الأول: الشيخ أبو جعفر الطوسي في أماليه عن الحفار قال: حدثنا إسماعيل قال:
حدثنا أبي وإسحاق بن إبراهيم الدبري قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا أبي عن مينا مولى عبد الرحمن بن عوف عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " أنا دعوة أبي إبراهيم " قلنا: يا رسول الله وكيف صرت دعوة أبيك إبراهيم؟ قال: " أوحى الله عز وجل إلى إبراهيم إني جاعلك للناس إماما فاستخف إبراهيم الفرح فقال: يا رب ومن ذريتي أئمة مثلي فأوحى الله عز وجل إليه أن يا إبراهيم إني لا أعطيك عهدا لا أفي لك به، قال: يا رب ما العهد الذي لا تفي لي به، قال: لا أعطيك لظالم من ذريتك، قال: يا رب ومن الظالم من ولدي الذي لا ينال عهدك قال: من سجد لصنم من دوني لا أجعله إماما أبدا ولا يصح أن يكون إماما قال: إبراهيم واجنبني وبني أن نعبد الأصنام رب إنهن أضللن كثيرا من الناس، قال النبي (صلى الله عليه وآله): فانتهت الدعوة إلي وإلى أخي علي لم يسجد أحد منا لصنم قط فاتخذني الله نبيا وعليا وصيا "(1).
الحديث الثاني: ابن بابويه قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رضي الله عنه) قال:
حدثنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي قال: جعفر بن محمد بن مالك الكوفي الفزاري قال: حدثنا محمد ابن الحسين بن زيد الزيات قال: حدثنا محمد بن زياد الأزدي عن المفضل بن عمر عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز وجل: * (وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات) *(2) ما هذه الكلمات قال: هي التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه وهو أنه قال: يا رب أسألك بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت علي فتاب الله عليه إنه هو التواب الرحيم ".
فقلت له: يا بن رسول الله فما يعني بقوله: * (فأتمهن) * قال: " يعني أتمهن إلى القائم (عليه السلام) اثنا عشر إماما تسعة من ولد الحسين " وقول إبراهيم (عليه السلام) * (ومن ذريتي) * " من حرف تبعيض يعلم أن من
____________
(1) أمالي الطوسي: 378 / مجلس 13 / ح 62.
(2) البقرة: 124.
الصفحة 126
الذرية من يستحق الإمامة ومنهم من لا يستحقها هذا من جملة المسلمين وذلك أنه يستحيل أن يدعو إبراهيم بالإمامة للكافر أو للمسلم الذي ليس بمعصوم فصح أن باب التبعيض وقع على خواص المؤمنين، والخواص إنما صاروا خواصا بالبعد من الكفر ثم من اجتنب الكبائر صار من جملة الخواص أخص ثم المعصوم هو الخاص الأخص، ولو كان للتخصيص صورة أربى عليه لجعل ذلك من أوصاف الإمام وقد سما الله عز وجل عيسى من ذرية إبراهيم وكان ابن بنته من بعد ولما صح أن ابن البنت ذرية ودعا إبراهيم لذريته بالإمامة وجب على محمد (صلى الله عليه وآله) الاقتداء به في وضع الإمامة في المعصومين من ذريته حذو النعل بالنعل بعدما أوحى الله عز وجل إليه وحكم عليه بقوله: * (ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا) *(1) الآية ولو خالف ذلك لكان داخلا في قوله: * (ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه) *(2) جل نبي الله (صلى الله عليه وآله) عن ذلك وقال الله عز وجل:
* (أن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه) *(3) وهذا النبي والذين آمنوا وأمير المؤمنين (عليه السلام) أبو ذرية النبي (صلى الله عليه وآله) ووضع الإمام فيه ووضعها في ذرية المعصومين بعد وقوله عز وجل: * (لا ينال عهدي الظالمين) *(4) يعني بذلك أن الإمامة لا تصلح لمن قد عبد وثنا أو صنما أو أشرك بالله طرفة عين، وإن أسلم بعد ذلك والظلم وضع الشئ في غير موضعه وأعظم الظلم الشرك قال عز وجل: * (إن الشرك لظلم عظيم) *(5).
وكذلك لا يصلح للإمامة من قد ارتكب من المحارم شيئا صغيرا كان أو كبيرا، وإن تاب منه بعد ذلك وكذلك لا يقيم الحد من في جنبه حد، فإذا لا يكون الإمام إلا معصوما ولا تعلم عصمته إلا بنص الله عز وجل عليه على لسان نبيه (صلى الله عليه وآله) لأن العصمة ليست في ظاهر الخلقة فترى كالسواد والبياض وما أشبه ذلك فهي مغيبة لا تعرف إلا بتعريف علام الغيوب عز وجل "(6).
الحديث الثالث: محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن أبي يحيى الواسطي عن هشام بن سالم ودرست بن أبي منصور قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " قد كان إبراهيم نبيا وليس بإمام حتى قال الله * (أني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي) * فقال الله: * (لا ينال عهدي الظالمين) * من عبد صنما أو وثنا لا يكون إماما "(7).
____________
(1) النحل: 123.
(2) البقرة: 130.
(3) آل عمران: 68.
(4) البقرة: 124.
(5) لقمان: 13.
(6) معاني الأخبار: 126 / ح 1 واختصر المصنف.
(7) الكافي: 1 / 175 - 176 ح 1 باب طبقات الأنبياء والحديث طويل.
الصفحة 127
الحديث الرابع: ابن يعقوب عن محمد بن الحسن عن من ذكره عن محمد بن خالد عن محمد ابن سنان عن زيد الشحام قال: سمعت أبا عبد الله يقول: " إن الله تبارك وتعالى أتخذ إبراهيم (عليه السلام) عبدا قبل أن يتخذه نبيا، وإن الله أتخذه نبيا قبل أن يتخذه رسولا، وإن الله أتخذه رسولا قبل أن يتخذه خليلا، وإن لله أتخذه خليلا قبل أن يتخذه إماما(1) فلما جمع له الأشياء قال * (إني جاعلك للناس إماما) * قال: فمن عظمها في عين إبراهيم * (قال ومن ذريتي) * قال: * (لا ينال عهدي الظالمين) * قال: لا يكون السفيه إمام التقي "(2).
الحديث الخامس: ابن يعقوب عن علي بن محمد عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسين عن إسحاق بن عبد العزيز أبي السفاتج عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: إن الله اتخذ إبراهيم (عليه السلام) عبدا قبل أن يتخذه نبيا، وأتخذه نبيا قبل أن يتخذه رسولا، وأتخذه رسولا قبل أن يتخذه خليلا وأتخذه خليلا قبل أن يتخذه إماما، فلما جمع له هذه الأشياء وقبض يده قال له: يا إبراهيم إني جاعلك للناس إماما، فمن عظمها في عين إبراهيم قال: يا رب ومن ذريتي قال: لا ينال عهدي الظالمين "(3).
الحديث السادس: ابن بابويه قال: حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (قدس سره) قال: حدثنا أبو أحمد القاسم بن محمد بن علي الهاروني قال: حدثنا أبو حامد عمران بن موسى عن إبراهيم عن الحسن بن القاسم الرقام قال: حدثني القاسم بن مسلم عن أخيه عبد العزيز بن مسلم قال: كنا مع الرضا (عليه السلام) بمرو فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا فأداروا أمر الإمامة وذكروا كثرة اختلاف الناس فيها فدخلت على سيدي (عليه السلام) فأعلمته خوضان الناس في ذلك فتبسم (عليه السلام) ثم قال: " يا عبد العزيز جهل القوم وخدعوا عن أديانهم إن الله عز وجل لم يقبض نبيه (صلى الله عليه وآله) حتى أكمل لهم الدين وأنزل عليه القرآن فيه تفصيل كل شئ بين فيه الحلال والحرام والحدود والأحكام وجميع ما تحتاج إليه الناس كملا فقال عز جل: * (ما فرطنا في الكتاب من شئ) *(4) فأنزل في حجة الوداع وهو آخر عمره (صلى الله عليه وآله) * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) * فأمر الإمامة من تمام الدين ولم يمضي (عليه السلام) حتى بين لأمته معالم دينهم وأوضح لهم سبيلهم وتركهم على قصد الحق وأقام لهم عليا (عليه السلام) علما وإماما وما ترك شيئا تحتاج إليه الأمة إلا بينه فمن زعم أن الله عز وجل لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله، ومن رد كتاب الله
____________
(1) في المصدر: يجعله.
(2) الكافي: 1 / 175 ح 2.
(3) المصدر السابق: ح 4.
(4) الأنعام: 38.
الصفحة 128
فهو كافر هل تعرفون قدر الإمامة ومحلها من الأمة فيجوز فيها اختيارهم؟ إن الإمامة أجل قدرا وأعظم شأنا وأعلى مكانا وأمنع جانبا وأبعد غورا من أن يبلغها الناس بعقولهم أو ينالوها بآرائهم أو يقيموا إماما باختيارهم إن الإمامة خص بها إبراهيم الخليل بعد النبوة والخلة مرتبة ثالثة وفضيلة شرفه بها وأشاد بها ذكره فقال عز وجل: * (إني جاعلك للناس إماما) * فقال الخليل (عليه السلام) سرورا بها: * (ومن ذريتي) * قال الله تبارك وتعالى: * (لا ينال عهدي الظالمين) * فأبطلت هذه الآية إمامة كل ظالم إلى يوم القيامة فصارت في الصفوة (عليهم السلام) "(1).
الحديث السابع: محمد بن مسعود العياشي في تفسيره رواه بأسانيد عن صفوان الجمال قال:
كنا بمكة فجرى الحديث في قول الله: * (وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن) *(2) قال: أتمهن بمحمد وعلي والأئمة من ولد علي (عليهم السلام) في قول الله * (ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم) *(3) ثم قال: * (إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين) * قال: يا رب ويكون من ذريتي ظالم، قال: نعم فلان وفلان وفلان ومن اتبعهم، قال: يا رب فعجل لمحمد وعلي ما وعدتني فيهما وعجل نصرك لهما وإليه أشار بقوله * (ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا، وإنه في الآخرة لمن الصالحين) * فالملة الإمامة فلما أسكن ذريته بمكة قال: * (رب إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم) * إلى قوله * (الثمرات من آمن) *(4) فاستثنى من آمن خوفا أن يقول له: لا كما قال له في الدعوة الأولى قال: ومن ذريتي، قال:
لا ينال عهدي الظالمين، فلما قال الله: * (ومن كفر فأمتعه قليلا ثم اضطره إلى عذاب النار وبئس المصير) * قال: يا رب ومن الذي متعتهم؟ قال: الذين كفروا بآياتي فلان وفلان وفلان "(5).
الحديث الثامن: العياشي بإسناده عن حريز عن من ذكره عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله الله: " * (لا ينال عهدي الظالمين) * أي لا يكون إماما ظالما "(6).
الحديث التاسع: العياشي بإسناده عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: * (إني جاعلك للناس إماما) * قال: " فقال: لو علم الله أن اسما أفضل منه لسمانا به "(7).
الحديث العاشر: سعد بن عبد الله القمي في بصائر الدرجات عن أحمد بن محمد بن عيسى
____________
(1) كمال الدين: 675 / 31. معاني الأخبار: 96 / ح 2.
(2) البقرة: 124.
(3) آل عمران: 34.
(4) البقرة: 126.
(5) المصدر السابق: 58 / ح 88.
(6) المصدر السابق: ح 89.
(7) المصدر السابق: ح 90.
الصفحة 129
ومحمد بن عبد الجبار عن محمد بن خالد البرقي عن فضالة بن أيوب عن عبد الحميد بن نصر قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " ينكرون الإمام المفروض الطاعة ويجحدونه، والله ما في الأرض منزلة عند الله أعظم منزلة من مفترض الطاعة، لقد كان إبراهيم دهرا ينزل عليه الوحي(1) [ من الله وما كان مفترض الطاعة ] حتى بدا لله أن يكرمه ويعظمه فقال: * (إني جاعلك للناس إماما) * فعرف إبراهيم (عليه السلام) ما فيها من الفضل فقال: * (ومن ذريتي) * أي واجعل ذلك في ذريتي، قال الله عز وجل:
* (لا ينال عهدي الظالمين) * قال أبو عبد الله (عليه السلام) " إنما هي في ذريتك لا يكون في غيرهم "(2).
الحديث الحادي عشر: الشيخ المفيد في أماليه عن أبي الحسين الأسدي عن أبي الحسين صالح ابن أبي حماد الرازي يرفعه قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: " إن الله أتخذ إبراهيم عبدا قبل أن يتخذه نبيا، وإن الله أتخذه نبيا قبل أن يتخذه رسولا، وإن الله أتخذه رسولا قبل أن يتخذه خليلا، وإن الله أتخذه خليلا قبل أن يتخذه إماما، فلما جمع له الأشياء قال: * (إني جاعلك للناس إماما) * قال: فمن عظمها في عين إبراهيم (عليه السلام) قال: * (ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين) * قال: لا يكون السفيه إمام التقي "(3).
الحديث الثاني عشر: الشيخ المفيد عن أبي محمد الحسن بن حمزة الحسيني عن محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أبي يحيى الواسطي عن هشام بن سالم ودرست بن أبي منصور عنهم (عليهم السلام) في حديث قال: " كان إبراهيم نبيا وليس بإمام حتى قال الله تبارك وتعالى: * (إني جاعلك للناس إماما) * قال: * (ومن ذريتي) * فقال الله تبارك وتعالى: * (لا ينال عهدي الظالمين) * من عبد صنما أو وثنا أو مثالا لا يكون إماما(4).
الحديث الثالث عشر: العياشي بإسناده عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال سمعته يقول: " إن الله أتخذ إبراهيم عبدا قبل أن يتخذه نبيا، وأتخذه نبيا قبل أن يتخذه رسولا، واتخذه رسولا قبل أن يتخذه خليلا، وإن الله أتخذ إبراهيم خليلا قبل أن يتخذه إماما فلما جمع له الأشياء وقبض يده قال له: يا إبراهيم * (إني جاعلك للناس إماما) * فمن عظمها في عين إبراهيم (عليه السلام) قال: * (يا رب ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين) *(5).
____________
(1) في المصدر: الأمر.
(2) بصائر الدرجات: 529 / ح 12 / باب 18 / باب النوادر في الأئمة.
(3) لا يوجد في الأمالي نعم هو يعينه في الاختصاص: 22.
(4) المصدر السابق والحديث طويل.
(5) لم نجده في العياشي، راجع البحار: 25 / 206 ح 19، وتفسير الثقلين: 1 / 121 ح 343.