الصفحة 17
من طريق العامة(1)
____________
(1) يؤيد ما سيذكره المصنف أمور:
1 - حديث النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله): " بعث علي مع كل نبي سرا وبعث معي جهرا " (شرح دعاء الجوشن: 104، وجامع الأسرار: 382 - 401 ح 763 - 804، والمراقبات: 259).
وروته العامة بلفظ: " يا علي إن الله تعالى قال لي: يا محمد بعثت عليا مع الأنبياء باطنا ومعك ظاهرا "، ثم قال صاحب كتاب القدسيات: وصرح بهذا المعنى في قوله: أنت مني بمنزلة هارون من موسى ولكن لا نبي بعدي، ليعلموا أن باب النبوة قد ختم وباب الولاية قد فتح (الأنوار النعمانية: 1 / 30).
أقول: يوجه كلام صاحب كتاب القدسيات: إن باب الولاية كان موجودا مع كل نبي سرا، إلا أنه لم يفتح ظاهرا، فكانوا الأنبياء جميعا يستفيدون من هذا السر الولائي إلى أن وصل إلى النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) فظهر هذا السر إلى العلن.
2 - ما يأتي في الكتاب الرابع من توسل جميع الأنبياء بمحمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، وقد قدمنا نموذجا منه.
3 - وما روي عن أبي محمد العسكري (عليه السلام) قال: " فنحن السنام الأعظم وفينا النبوة والولاية والكرم، ونحن منار الهدى والعروة الوثقى، والأنبياء كانوا يقتبسون من أنوارنا ويقتفون آثارنا " (بحار الأنوار: 26 / 264 باب جوامع مناقبهم ح 49، ومشارق أنوار اليقين: 49)
فهذا صريح في أن أنوار محمد وآل محمد (عليهم السلام) كانت مع كل نبي سرا، والكون ليس لمجرده بل ليستفيدوا منه، ويقتفون آثاره وآثار آل محمد التي لا يعرف تفسيرها إلا هم، وإلا كيف يكون للنور السري مع كل نبي أثرا يقتفى ويهتدى به؟!
4 - وما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) لمن سأله عن فضله على الأنبياء الذين أعطوا من الفضل الواسع والعناية الإلهية قال:
" والله قد كنت مع إبراهيم في النار، وأنا الذي جعلتها بردا وسلاما،
وكنت مع نوح في السفينة فأنجيته من الغرق، وكنت مع موسى فعلمته
التوراة، وأنطقت عيسى في المهد وعلمته الإنجيل، وكنت مع يوسف
في الجب فأنجيته من كيد إخوته، وكنت مع سليمان على البساط
=>
الصفحة 18
____________
<=
وسخرت له الرياح " (الأنوار النعمانية: 1 / 31)
5 - وروى ابن الجوزي والقاضي عياض قول العباس يمدح النبي (صلى الله عليه وآله):
وردت نار الخليل مكتتما تجول فيها ولست تحترق
(الوفا بأحوال المصطفى: 28 الباب الثاني - ح 9، وينابيع المودة: 13 - 14)
يا برد نار الخليل يا سببا لعصمة النار وهي تحترق
(الشفا بتعريف حقوق المصطفى: 1 / 167 - 168 الباب الثالث)
6 - وقال القسطلاني في المواهب:
سكن الفؤاد فعش هنيئا يا جسد هذا النعيم هو المقيم إلى الأبد
روح الوجود حياة من هو واجد لولاه ما تم الوجود لمن وجد
عيسى وآدم والصدور جميعهم هم أعين هو نورها لما ورد
لو أبصر الشيطان طلعة نوره في وجه آدم كان أول من سجد
أو لو رأى النمرود نور جماله عبد الجليل مع الخليل ولا عند
لكن جمال الله جل فلا يرى إلا بتخصيص من الله الصمد
(المواهب اللدنية بالمنح المحمدية: 1 / 44)
7 - وقال الشيخ محمد حسين الأصفهاني:
طأطأ كل الأنبياء لطاها ذلك عز عز أن يضاهي
تقبلت تربة آدم الصفي بيمنه أكرم به من خلف
وسجدة الأملاك لا لغرته بل نور ياسين بدا في غرته
به نجى نوح من الطوفان بمرسلات اللطف والإحسان
(الأنوار القدسية: 20).
8 - وقال الصفوري: لما ألقى إبراهيم في النار كان نور محمد (صلى الله عليه وآله) في جنبه، وعند الذبح كان النور قد انتقل إلى إسماعيل (نزهة المجالس: 2 / 245).
9 - ما روي أن الإمام الصادق (عليه السلام) هو الذي أبطل سحر موسى (عليه السلام) (الإختصاص: 247)
10 - ما عن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام):
" قد صعدنا ذرى الحقائق بأقدام النبوة والولاية، ونورنا سبع طبقات
أعلام الورى بالهداية، فنحن ليوث الوغى وغيوث الندى وطعناء
العدى فينا السيف والقلم في العاجل، ولواء الحمد والعلم في الآجل...،
فالكليم لبس حلة الاصطفاء لما شاهدنا منه الوفاء، وروح القدس في
=>
الصفحة 19
قال السيد الأجل أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن الطاووس العلوي الفاطمي في كتاب (أمان أخطار الأسفار) قال: رويت عن شيخي محمد بن النجار متقدم أهل الحديث بالمدرسة المنصورية وكان يجاريني على مقتضى عقيدته فيما رواه لنا من الأخبار النبوية من كتابه الذي جعله تذييلا على تاريخ الخطيب(1) فقال في ترجمة الحسن بن أحمد المحمدي بن محمد العلوي ما هذا لفظه: حدث عن القاضي أبي محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد الرامهرمزي وأبي عبد الله الغالبي وبكر بن أحمد بن محمد، روى عنه أبو عبد الله الحسيني بن الحسن بن زيد الحسيني القصبي أنبأ القاضي أبو الفتح أحمد بن محمد بن بختيار الواسطي قال: كتبت إلى أبي جعفر محمد بن الحسن بن محمد الهمداني قال: أخبرني السيد أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن
____________
<=
جنان الصاقورة ذاق من حدائقنا الباكورة... وهذا الكتاب ذرة من جبل
الرحمة وقطرة من بحر الحكمة " (المراقبات: 245)
11 - ما روي في معنى قوله (صلى الله عليه وآله) " الله المعطي وأنا القاسم ": جميع ما يخرج من الخزائن الإلهية دنيا وأخرى إنما يخرج على يديه (شرح الشمائل: 2 / 246).
12 - وحديث أمير المؤمنين (عليه السلام): " أنا آدم الأول أنا نوح الأول " (الإنسان الكامل: 168)
13 - وروى صاحب بستان الكرامة أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان جالسا وعنده جبرائيل فدخل علي (عليه السلام) فقام له جبرائيل (عليه السلام)، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أتقوم لهذا الفتى!
فقال له (عليه السلام): نعم إنه له علي حق التعليم.
فقال النبي (صلى الله عليه وآله): كيف ذلك التعليم يا جبرائيل؟
فقال: لما خلقني الله تعالى سألني من أنت وما أسمك ومن أنا وما أسمي؟
فتحيرت في الجواب وبقيت ساكتا، ثم حضر هذا الشاب في عالم الأنوار وعلمني الجواب، فقال: قل أنت ربي الجليل واسمك الجليل، وأنا العبد الذليل واسمي جبرائيل.
ولهذا قمت له وعظمته " (الأنوار النعمانية: 1 / 15)
13 - وروى الصفوري قول أمير المؤمنين (عليه السلام): " سلوني قبل أن تفقدوني عن علم لا يعرفه جبرائيل وميكائيل " ( نزهة المجالس: 2 / 129 ط. التقدم العلمية بمصر 1330 هـ، و 2 / 144 ط. بيروت المكتبة الشعبانية المصورة عن مصر الأزهرية 1346 هـ)
14 - وقال الشعراوي: قلت: " وبذلك قال سيدي على الخواص سمعته يقول: إن نوحا (عليه السلام) أبقى من السفينة لوحا على اسم علي بن أبي طالب رفع عليه إلى السماء فلم يزل محفوظا من الغرق حتى رفع عليه " (الفتوحات الأحمدية لسليمان الجمل: 93)
15 - وقال رسول البشرية (صلى الله عليه وآله): " أنا محمد النبي الأمي لا نبي بعدي، أوتيت جوامع الكلم وخواتمه، وعلمت خزنة النار وحملة العرش " (الشفا بتعريف حقوق المصطفى: 1 / 170 الباب الثالث - الفصل الأول)
(1) طبع الكتاب في ذيل تاريخ بغداد ولكنه ناقص من أوله وآخره والتي من ضمنها ترجمة الحسن بن أحمد.
الصفحة 20
زيد الحسيني بقراءتي عليه بجرجان قال: حدثنا الشريف أبو محمد الحسن بن أحمد بن العلوي المحمدي ببغداد في شهر رمضان من سنة خمس وعشرين وأربعمائة قال: حدثنا القاضي أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد وبكر بن أحمد بن مخلد وأبو عبد الله الغالبي قالوا:
حدثنا محمد بن هارون المنصوري العباسي قال: حدثنا أحمد بن شاكر قال: حدثنا يحيى بن أكثم القاضي قال: حدثنا المأمون عن عطية العوفي عن ثابت البناني عن أنس بن مالك عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: " لما أراد الله عز وجل أن يهلك قوم نوح (عليه السلام) أوحى الله إليه أن شق ألواح الساج فلما شقها لم يدر ما يصنع فهبط جبرائيل (عليه السلام) فأراه هيئة السفينة ومعه تابوت فيه مائة ألف مسمار فسمر المسامير كلها في السفينة إلى أن بقيت خمسة مسامير فضرب بيده إلى مسمار منها فأشرق في يده وأضاء كما يضئ الكوكب الدري في أفق السماء، فتحير من ذلك نوح (عليه السلام) فأنطق الله ذلك المسمار بلسان طلق زلق فقال: على اسم خير الأنبياء محمد بن عبد الله، فهبط جبرائيل فقال له: يا جبرائيل ما هذا المسمار الذي ما رأيت مثله؟
قال: هذا باسم خير الأولين والآخرين محمد بن عبد الله أسمرة في أولها على جانب السفينة الأيمن ثم ضرب بيده على مسمار ثان فأشرق وأنار فقال نوح: وما هذا المسمار؟ قال: مسمار أخيه وابن عمه علي بن أبي طالب (عليه السلام) فأسمره على جانب السفينة اليسار في أولها، ثم ضرب يده إلى مسمار ثالث فزهر وأشرق وأنار، فقال له جبرائيل (عليه السلام): هذا مسمار فاطمة فأسمره إلى جانب مسار أبيها، ثم ضرب بيده إلى مسمار رابع فزهر وأنار، فقال له: هذا مسمار الحسن (عليه السلام) فأسمره إلى جانب مسمار أبيه، ثم ضرب بيده إلى مسمار خامس فأشرق وأنار، فقال: يا جبرائيل ما هذه النداوة؟ فقال: هذا مسمار الحسين بن علي السيد الجليل الشهيد سيد الشهداء فأسمره إلى جانب مسمار أخيه ".
ثم قال النبي (صلى الله عليه وآله): " قال الله تعالى: * (وحملناه على ذات ألواح ودسر) * قال النبي (صلى الله عليه وآله): " الألواح خشب السفينة ونحن الدسر ولولانا ما سارت السفينة بأهلها "(1).
أقول: قال أبو القاسم عقيب هذا الحديث: يقول أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد ابن الطاووس مصنف هذا الكتاب: وإنما ذكرت هذا الحديث لأنه يرويه محمد بن النجار الذي هو من أعيان أهل الحديث من الأربعة المذاهب وثقاتهم ومن لا يتهم فيما يرويه من فضائل أهل البيت (عليهم السلام) وعلو مقاماتهم وما رأيت ولا رويته من طريق شيعتهم إلى الآن، فإذا كان نجاة سفينة نوح
____________
(1) ملحق من كتاب آل محمد؟؟
الصفحة 21
بأهلها هم وهم السبب في النجاة، وهم أصل كل من بقي من ولد آدم صلوات الله عليه، فلا عجب إذا صلى الإنسان عليهم عند ركوب كل سفينة شكرا لعلو مقاماتهم، وما ظفرنا به من النجاة ببركاتهم، وإن اختار كل من ركب في سفينة وخاف من أخطارها ومعاطبها أن يكتب على جوانبها في المواضع التي كانت أسماهم في سفينة نوح (عليه السلام) توسلا وتوصلا في المظفر بما انتهت في النجاة سفينة نوح (عليه السلام) إليه، ويكتبه في رقاع ويلصقها في جوانب سفينة ركوبه، فلا يبعد من فضل الله جل جلاله أن يظفر بمطلوبه وإدراك محبوبه إن شاء الله تعالى(1).
____________
(1) الأمان من أخطار الأسفار: 118 - 120 الفصل الرابع، ونوادر المعجزات: 64، والبحار: 11 / 328 ح 49.