رد الشمس لأمير المؤمنين عليه السلام

ردُ الشمس لمولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهما السلام من ضروريات ديننا الحنيف، ومنكرها يعتبر منكراً لما نزل على رسول الله محمد صلى الله عليه وآله، وقد جاء فيها كما رواها ابن المغازلي في كتاب المناقب ان النبي صلى الله عليه وآله كان يوحى إليه ورأسه في حجر الإمام علي (ع) فلم يصلِ العصر حتى غربت، فقال رسول الله (ص): يا ربِ إن علياً (ع) كان على طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس، فرآها كثيرون قد رُدَّت فصلى (ع) ثم غابت... فمن أراد الإطلاع على الأخبار فليرجع إلى البحار ج41 ص 166-191 

 

ردّ الشمس لأمير المؤمنين عليّ عليه السلام

 

روى الخاصة والعامة أنّ أمير المؤمنين عليَّاً عليه السلام رُدت له الشمس بعد غيابها، حيث كان رسول الله صلّى الله عليه وآله يوحى إليه ورأسه في حجر أمير المؤمنين عليٍّ عليه السلام فلم يصلّ حتى غربت الشمس، فدعا له بردّها ليصلّي العصر، فرُدت له ( مشكل الآثار للطحاوي:2/8 وج4/388، ين ابيع المودّة ص287، تفسير الرازي:32/126، كنز العمال:6/277، مجمع الزوائد:8/297، الصواعق المحرقة: ص76، السيرة الحلبية:1/386، وإحقاق الحق:5/522ـ539 نقلاً عن المصادر العامة بطرق متعددة)فقد تواترت الأخبار بأنّ الشمس رُدّت لأجله عليه السلام مراراً ( راجع: بحار الأنوار:41/173ح10)، لكنّ المعروف والمشهور مرتان:الأولى: في حياة رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وهو الحديث الذي نقله ثلة من المحدّثين الثقات عن الصحابية الجليلة أسماء بين عميس رضي الله عنها قالت: إن النبي صلّى الظهر بالصهباء ثم أرسل علياً عليه السلام في حاجة فرجع وقد صلّى النبيُّ صلّى الله عليه وآله العصر، فوضع النبيُّ رأسه في حجر الإمام عليّ عليه السلام فلم يحرّكه حتى غابت الشمس، فقال النبيُّ صلّى الله عليه وآله : اللهم إن عبدك علياً احتبس نفسه على نبيّك فردّ عليه شرقها، قالت أسماء: فطلعت الشمس حتى وقعت على الجبال وعلى الأرض ثم قام عليٌّ فتوضأ وصلّى العصر ثم غابت ( إحقاق الحق:5/523 نقلاً عن الآثار للطحاوي:2/9، والصهباء موضع في خيبر) وذلك في الصهباء .الثانية: كانت في زمن خلافة أمير المؤمنين عليّ عليه السلام وذلك بعد رجوعه من قتال الخوارج وكان ذلك في أرض بابل، وقد دعا الامام عليّ عليه السلام ربَّه تعالى فردّها عليه. قال الشاعر الحميري:

 

ردت عليه الشمس لما فاته **** وقت الصلاة وقد دنت للمغربحتى تبلج نورها في وقتها **** للعصر ثم هوت هوي الكوكبوعليه قـد ردت بـبـابل مـرة **** أخرى وما ردت لخلق مغرب

 

فقد روي عن الامام الباقر عن جده الامام الحسين أنه قال: لمّا رجع أبي عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه عن قتال أهل النهروان وأنه وصل إلى ناحية العراق ولم يكن يومئذٍ يبيت ببغداد فلمّا وصل ناحية برشيا وما صلّى بالناس الظهر ورحل ودخل أوائل أرض بابل وقد وجبت صلاة الظهر والعصر فصاح المسلمون يا أمير المؤمنين وجبت صلاة العصر وقد دخل وقتها فعند ذلك قال: أيُّها الناس هذه أرض قد خسف الله بها ثلاث مرات وعليه تمام الرابعة فلا يحلّ لنبي ولا لوصي نبيّ أن يصلي فيها لأنها أرض مسخوطة عليها فمن أراد منكم الصلاة فليصلِّ قال حوفرة]الأصح "جويرية"[ بن مسهر العبدي فتبعته في مائة فارس وقلت لأقلدنّ علياً صلاتي اليوم قال: وسار أمير المؤمنين (ع) إلى أن قطع أرض بابل ونزلت الشمس للغروب ثم غابت واحمرّ الأفق قال : فأقبل أمير المؤمنين إليّ وقال: يا حوفرة هات الماء قال فتقدمت إليه فتوضأ ثم قال: أذّن للعصر فقلت: يا مولاي أذن للعصر وقد وجبت العشاء وغربت الشمس ولكن عليّ الطاعة فأذنت فقال لي: أقم الصلاة ففعلت فجعل عليه السلام يحرك شفتيه بكلام كأنه منطق الخطاف ولم يفهم فإذا بالشمس رجعت بصرير عظيم حتى وقفت في مركزها من العصر فقام عليه السلام وكبّر وصلّى العصر وصلّيت ورآئه فلمّا أديناها وسلّم وقعت إلى الأرض كأنها وقعت في طست وغابت واشتبكت النجوم فالتفت إليّ وقال: أذنوا الآن للمغرب يا ضعفاء القلوب قال: فأذّنت وصلّينا المغرب فهو عليه السلام آية الله في أرضه وسمآئه( بحارالأنوار ج/41ص178ح13).هاتان الروايتان استفاضت كتبُ الحديثِ والتاريخِ بذكرهما

 

 

وفي علل الشرائع : عن جويرية بن مسهر قال: قطعنا مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام جسر الصراة في وقت العصر, فقال : إن هذه أرض معذبة , لا ينبغي لنبي ولا وصي نبي أن يصلي فيها , فمن أراد منكم أن يصل فيها فليصل . فتفرق الناس يمنة ويسرة يصلون , فقلت أنا: والله لأقلدن هذا الرجل صلاتي اليوم , ولا أصلي حتى يصلي .

 

فسرنا وجعلت الشمس تسفل وجعل يدخلني من ذلك أمر عظيم حتى وجبت ( غابت ) الشمس , وقطعنا الأرض , فقال : يا جويرية أذن . فقلت : تقول أذن وقد غابت الشمس , فقال : يا جويرية أذن . فأذنت ثم قال لي : أقم . فأقمت فلما قلت : " قد قامت الصلاة " رأيت شفتيه يتحركان , وسمعت كلاما كأنه كلام العبرانية , فارتفعت الشمس حتى صارت في مثل وقتها في العصر فصلى , فلما انصرفنا هوت الى مكانها واشتبكت النجوم , فقلت : أنا أشهد أنك وصي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .فقال يا جويرية أما سمعت الله عز وجل يقول : ( فسبح باسم ربك العظيم ) 

فقلت : بلى قال : فإني سألت الله باسمه العظيم فردها علي 

 

وهنا حديث يجمع بين المرتين اللتين ردت الشمس لعلي عليه السلام فيها 

 

في البحار ج 9 عن ارشاد المفيد 

 

" مما أظهره الله تعالى من الأعلام الباهرة على يد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ما استفاضت به الأخبار ورواه علماء السير والآثار ونظمت فيه الشعراء الأشعار , رجوع الشمس له عليه السلام مرتين : في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرة وبعد وفاته أخرى , وكان من حديث رجوعها عليه في المرة الأولى ما روته أسماء بنت عميس وأم سلمة زوجة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وجابر بن عبد الله الأنصاري وأبو سعيد الخدري في جماعة من الصحابة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان ذات يوم في منزله وعلي عليه السلام بين يديه إذ جاءه جبرئيل عليه السلام يناجيه عن الله سبحانه , فلما تغشاه الوحي توسد فخذ أمير المؤمنين عليه السلام فلم يرفع رأسه عنه حتى غربت العصر , فصلى أمير المؤمنين عليه السلام جالسا يومىء بركوعه وسجوده إيماء , فلما أفاق النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لأمير المؤمنين عليه السلام : أفاتتك صلاة العصر ؟ قال : لم أستطع أن أصليها قائما لمكانك يا رسول الله والحال التي كنت عليها في استماع الوحي , فقال له أدع الله حتى يرد عليك الشمس لتصليها قائما في وقتها كما فاتتك فإن الله تعالى يجيبك بطاعتك لله ورسوله , فسأل أمير المؤمنين عليه السلام الله في رد الشمس , فردت حتى صارت في موضعها من السماء وقت صلاة العصر , فصلى أمير المؤمنين عليه السلام صلاة العصر في وقتها ثم غربت.

 

وكان رجوعها بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه لما أراد أن يعبر الفرات ببابل اشتغل كثير من أصحابه بتعبير دوابهم ورحالهم , فصلى عليه السلام بنفسه في طائفة معه العصرفلم يفرغ الناس من عبورهم حتى غربت الشمس وفاتت الصلاة كثيرا منه , وفات الجمهور فضل الاجتماع معه , فتكلموا في ذلك , فلما سمع كلامهم فيه سأل الله تعالى أن يرد الشمس عليه ليجتمع كافة أصحابه على صلاة العصر في وقتها , فأجابه الله تعالى في ردها عليه وكانت في الأفق على الحال التي عليه وقت العصر , فلما سلم القوم غابت الشمس فأكثروا من التسبيح والتهليل والاستغفار والحمد لله على النعمة التي ظهرت فيهم , وسار خبر ذلك في الآفاق وانتشر ذكره في الناس.

 

 

 

[1] علل الشرائع ج2 ص352، عنه البحار ج41 ص167/ ج80 ص317، من لا يحضره الفقيه ج1 ص203، تأويل الآيات ج2 ص721، وسائل الشيعة ج3 ص469، مدينة المعاجز ج1 ص198، الروضة ص147، بصائر الدرجات ص329، ينابيع المودة ج1 ص418.

 

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية