الصفحة 223
إعلم أن كل شئ بينا به فيما تقدم أن أبا بكر وعمر لا يصلحان للإمامة من ارتفاع العصمة، وكونهما مفضولين، وفقد القدر من العلم المحتاج إليه في الإمامة يدل على أن عثمان لا يصلح لها، لأن الكلام في الكل واحد وما مضى من الكلام فيما يدعي من الفضائل كاف أيضا في هذا الموضع إلا التزويج خاصة، فإنه لم يجر فيه كلام يخصه، وإن جرى فيما يقاربه ويشبهه عند كلامنا في تزويجه بعائشة مع علمه بما سيكون منها في المستقبل، والأمر فيه مع ذلك ظاهر واضح، فإن تزويجه عليه السلام أكثر ما يدل على سلامة ظاهره، وليس يدل على ما نعتبره في الإمامة من الخصال كلها، فما في تزويجه من الدلالة على صلاحه للإمامة.
فإن قيل: إذا كان جحد النص كفرا عندكم، وكان الكافر على مذاهبكم لا يجوز أن يتقدم منه إيمان ولا إسلام، والنبي صلى الله عليه وآله عالم بكل ذلك فكيف يجوز أن ينكح ابنته من يعرف من باطنه خلاف الإيمان.
قلنا: قد مضى في الكتاب الكلام على نظير هذا المعنى وجملته أنه ليس كل من قال بالنص على أمير المؤمنين عليه السلام يكفر دافعيه، ولا كل من
الصفحة 224
كفر دافعيه يقول بالموافاة وأن الموافي بالكفر لا يجوز أن يتقدم منه إيمان، ومن قال بالأمرين لا يمتنع أن يجوز كون النبي صلى الله عليه وآله غير عالم بحال دافعي النص على سبيل التفصيل، فإذا علم ذلك علم ما يوجب تكفيرهم ومتى لم يعلم جوز أن يتوبوا كما يجوز أن يموتوا على حالهم، وذلك يمنع القطع في الحال على كفرهم، وإن أظهروا الاسلام، ثم لو ثبت أنه صلى الله عليه وآله كان يعلم التفصيل والعاقبة وكل شئ جوزنا أن لا يعلمه لكان ممكن أن يكون تزويجه قبل هذا العلم، ولو كان تقدم له العلم لما زوجه فليس معنا في العلم إذا ثبت تاريخ فأما ذكره في هذا الفصل من الشورى وبيعة عبد الرحمن فقد مضى الكلام على ذلك فإنه وقع على سبيل الخداع والمكر واستقصيناه.