الصفحة 306
من طريق الخاصة، وفيه ثلاثة وأربعون حديثا
الحديث الأول: أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه في أماليه قال: حدثنا محمد بن عمر الحافظ البغدادي قال: حدثني محمد بن الحسين بن حفص قال: حدثني محمد بن هارون بن إسحاق(1) الهاشمي المنصوري قال: حدثنا قاسم بن الحسن الذبيري(2) قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد قال: حدثنا قيس بن الربيع، عن أبي هارون عن أبي سعيد قال: لما كان يوم غدير خم أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) مناديا فنادى الصلاة جامعة، فأخذ بيد علي (عليه السلام) وقال: " اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه ". فقال حسان بن ثابت: يا رسول الله أقول في علي شعرا؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إفعل "، فقال:
يناديهم يوم الغدير نبيهم بخم وأكرم بالنبي مناديا
يقول: فمن مولاكم ووليكم؟ فقالوا ولم يبدوا هناك التعاديا:
إلهك مولانا وأنت ولينا ولن تجدن منا لك اليوم عاصيا
فقال له: قم يا علي فإنني رضيتك من بعدي إماما وهاديا
وكان علي أرمد العين يبتغي لعينيه مما يشتكيه مداويا
فداواه خير الناس منه بريقه فبورك مرقيا وبورك راقيا(3)
الثاني: ابن بابويه قال: حدثني أحمد بن إدريس(4) قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن محمد القبطي قال: قال الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) أغفل الناس قول رسول الله (صلى الله عليه وآله)
____________
(1) في المصدر: أبو إسحاق.
(2) في المصدر: الزبيدي.
(3) أمالي الصدوق ص 514، البحار: 37 / 112.
(4) في المصدر: حدثنا أبي قال: حدثنا أحمد بن إدريس.
الصفحة 307
في علي بن أبي طالب في مشربة(1) أم إبراهيم كما أغفلوا قوله يوم غدير خم، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان في مشربة أم إبراهيم وعنده أصحابه إذ جاء علي (عليه السلام) فلم يفرجوا له فلما رآهم لا يفرجون له قال: " يا معاشر الناس هذا أهل بيتي تستخفون بهم وأنا حي بين ظهرانيكم، أما والله لئن غبت عنكم فإن الله لا يغيب عنكم، إن الروح والراحة والبشر والبشارة لمن ائتم بعلي وتولاه، وسلم له وللأوصياء من ولده. حقا. على أن أدخلهم في شفاعتي لأنهم أتباعي، ومن تبعني فإنه مني سنة جرت في من إبراهيم، لأني من إبراهيم وإبراهيم مني، وفضلي له فضل، وفضله فضلي، وأنا أفضل منه تصديق قول ربي: * (ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم) *(2) " وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) وثئت(3) رجله في مشربة أم إبراهيم حتى عاده الناس(4).
الثالث: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن موسى(5) بن المتوكل قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه، عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر، عن أبي الجارود، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: خطبنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: " أيها الناس إن قدام منبركم هذا أربعة رهط من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) " منهم: أنس بن مالك، والبراء بن عازب الأنصاري، والأشعث بن قيس الكندي، وخالد بن يزيد البجلي. ثم أقبل بوجهه على أنس بن مالك فقال: " يا أنس إن كنت سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه ثم لم تشهد لي اليوم بالولاية فلا أماتك الله حتى يبتليك ببرص لا تغطيه العمامة، وأما أنت يا أشعث فإن كنت سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، ثم لم تشهد لي اليوم بالولاية فلا أماتك الله حتى يذهب بكريمتيك، وأما أنت يا خالد بن يزيد إن كنت سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، ثم لم تشهد لي اليوم بالولاية فلا أماتك الله إلا ميتة جاهلية، وأما أنت يا براء بن عازب إن كنت سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه،
____________
(1) في المصدر: يوم مشربة.
(2) آل عمران: 34.
(3) الوثئ: وصم يصيب اللحم لا يبلغ العظم أو دون أن ينكسر العظم.
(4) أمالي الصدوق ص 98.
(5) في المصدر: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي قال:
حدثنا محمد بن موسى.
الصفحة 308
ثم لم تشهد لي اليوم بالولاية فلا أماتك الله إلا حيث هاجرت منه ".
قال جابر بن عبد الله الأنصاري: ولقد(1) رأيت أنس بن مالك وقد ابتلي ببرص يغطيه بالعمامة فلا تستره، ولقد رأيت الأشعث بن قيس وقد ذهبت كريمتاه وهو يقول: الحمد لله الذي جعل دعاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علي بالعمى في الدنيا ولم يدع علي بالعذاب في الآخرة فأعذب.
وأما خالد بن يزيد فإنه مات فأراد أهله أن يدفنونه فحفر له في منزله فدفن فسمعت بذلك كندة فجاءت بالخيل والإبل فعقرتها على باب منزله فمات ميتة جاهلية، وأما البراء بن عازب فإنه ولاه معاوية اليمن فمات بها ومنها كان هاجر(2).
الرابع: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن عمر الحافظ قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر ابن محمد الحسيني قال: حدثنا محمد بن علي بن خلف قال: حدثنا سهل بن عامر قال: حدثنا زافر(3) بن سليمان، عن شريك، عن أبي إسحاق قال: قلت لعلي بن الحسين (عليه السلام) ما معنى قول النبي (صلى الله عليه وآله): " من كنت مولاه فعلي مولاه ". قال أخبرهم بأنه الإمام بعده(4).
الخامس: ابن بابويه قال: حدثنا الحسين بن إبراهيم قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن جعفر بن سلمة الإصبهاني، عن إبراهيم بن محمد قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن البريد(5) عن أبيه قال: سئل زيد بن علي (عليه السلام) عن قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): " من كنت مولاه فعلي مولاه ". قال: نصبه علما ليعلم به حزب الله عند الفرقة(6).
السادس: ابن بابويه قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد العلوي من ولد محمد بن الحنفية ابن علي بن أبي طالب قال: حدثنا أبو الحسين(7) أحمد بن موسى قال: حدثنا أحمد بن علي قال:
حدثني أبو علي الحسن بن إبراهيم بن علي العباسي قال: حدثني أبو سعيد عمير بن مرداس الدولقي، عن جعفر بن بشير المكي عن وكيع المسعودي(8) رفعه، عن سلمان الفارسي رحمه الله قال: مر إبليس لعنه الله بنفر يتسابون(9) أمير المؤمنين فوقف أمامهم فقال القوم: من الذي وقف
____________
(1) في المصدر: والله لقد رأيت.
(2) أمالي الصدوق ص 107 - 108.
(3) في المصدر: زفر بن سليمان.
(4) أمالي الصدوق ص 109.
(5) في المصدر: عن إبراهيم بن محمد قال: حدثنا القتاد قال: حدثنا علي بن هاشم بن البريد.
(6) أمالي الصدوق 109.
(7) في المصدر: أبو الحسن علي بن أحمد.
(8) في المصدر: حدثنا وكيع عن المسعودي.
(9) في المصدر: يتناولون.
الصفحة 309
أمامنا؟ فقال: أنا أبو مرة فقالوا: يا أبا مرة أما تسمع كلامنا! فقال سوءة لكم تسبون مولاكم علي بن أبي طالب فقالوا له: من أين علمت أنه مولانا؟ فقال: من قول نبيكم: " من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله ". فقالوا له: أنت من مواليه وشيعته؟ فقال: ما أنا من مواليه ولا من شيعته ولكني أحبه وما يبغضه أحد إلا شاركته في المال والولد: فقالوا له: يا أبا مرة فتقول في علي شيئا: فقال لهم: اسمعوا مني معاشر الناكثين والقاسطين والمارقين عبدت الله عز وجل في الجان اثنتا عشرة ألف سنة فلما أهلك الله الجان شكوت إلى الله عز وجل الوحدة فعرج بي إلى السماء فعبدت الله عز وجل في السماء الدنيا اثنتا عشرة ألف سنة(1) في جملة الملائكة فبينا نحن نسبح الله عز وجل ونقدسه إذ مر بنا نور شعشعاني فخرت الملائكة لذلك(2) سجدا فقالوا سبوح قدوس، نور ملك مقرب أو نبي مرسل. فإذا النداء من قبل جل جلاله: لا نور ملك مقرب ولا نبي مرسل هذا نور طينة علي بن أبي طالب(3).
السابع: محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن سليمان، عن عبد الله بن أحمد(4) اليماني، عن منيع بن الحجاج، عن الصباح المزني، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: لما أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيد علي (عليه السلام) يوم الغدير صرخ إبليس في جنوده صرخة لم يبق منهم أحد في بر ولا بحر إلا أتاه، فقالوا لسيدهم ومولاهم: ماذا دهاك؟ فما سمعنا لك صرخة أوحش من صرختك هذه؟ فقال لهم: فعل هذا النبي فعلا إن تم لم يعص الله أبدا، فقالوا: يا سيدهم أنت كنت لآدم، فلما قال المنافقون ينطق عن الهوى، وقال أحدهما لصاحبه أما ترى عينيه يدوران في أم رأسه كأنه مجنون - يعنون رسول الله (صلى الله عليه وآله) - صرخ إبليس صرخة بطرب فجمع أولياءه فقال: أما علمتم أني كنت لآدم من قبل؟ فقالوا: نعم! قال: آدم نقض العهد ولم يكفر بالرب، وهؤلاء نقضوا العهد وكفروا بالرسول، فلما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأقام الناس غير علي لبس تاج الملك، ونصب منبرا وقعد في الزينة، وجمع خيله ورجله ثم قال لهم: أطربوا لا يطاع الله حتى يقام إمام. وتلا أبو جعفر (عليه السلام): * (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين) *(5) قال أبو جعفر (عليه السلام): " كان تأويل هذه الآية لما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) والظن من إبليس حين قالوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله): إنه ينطق عن الهوى، وظن
____________
(1) في المصدر: ألف سنة أخرى.
(2) في المصدر: لذلك النور.
(3) أمالي الصدوق ص 310.
(4) في البرهان: عبد الله بن محمد.
(5) السبأ: 2.
الصفحة 310
إبليس بهم ظنا فصدقوا ظنه "(1).
الثامن: علي بن إبراهيم قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لما أمر الله نبيه أن ينصب أمير المؤمنين للناس في قوله: * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) * في علي بغدير خم فقال: " من كنت مولاه فعلي مولاه " فجاءت الأبالسة إلى إبليس الأكبر وحثوا التراب على وجوههم فقال لهم إبليس: ما لكم؟ قالوا: إن هذا الرجل قد عقد اليوم عقدة لا يحلها شئ إلى يوم القيامة فقال لهم إبليس: كلا إن الذين حوله قد وعدوني فيه عدة لن يخلفوني فأنزل الله على رسوله: * (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه) * الآية(2).
التاسع: الشيخ الثقة محمد بن العباس بن ماهيار في تفسيره فيما نزل في أهل البيت (عليهم السلام) في القرآن قال: حدثنا الحسين بن أحمد المالكي، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن أبي فضالة(3)، عن عبد الصمد بن بشير، عن عطية العوفي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما أخذ بيد علي (عليه السلام) بغدير خم فقال: " من كنت مولاه فعلي مولاه " كان إبليس حاضرا بعفاريته، فقال له حيث قال: من كنت مولاه فعلي مولاه والله ما هكذا قلت لنا، قد أخبرتنا أن هذا إذا مضى افترق أصحابه وهذا أمر مستقر كلما أراد أن يذهب واحد بدر آخر فقال: افترقوا فإن أصحابه قد وعدوني أن لا يقروا له بشئ مما قال. وهو قول عز وجل: * (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين) *(4).
العاشر: علي بن إبراهيم، عن زيد الشحام قال: دخل قتادة بن دعامة على أبي جعفر (عليه السلام) وسأله عن قوله عز وجل: * (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين) * قال: " لما أمر الله نبيه بنصب أمير المؤمنين (عليه السلام) للناس وهو قوله تعالى: * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) * في علي: * (وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) * أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيد علي (عليه السلام) يوم غدير خم وقال:
من كنت مولاه فعلي مولاه، حثت الأبالسة التراب على رأسها فقال لهم إبليس الأكبر: ما لكم؟
قالوا قد عقد هذا الرجل اليوم عقدة لا يحلها إنسي إلى يوم القيامة، فقال لهم إبليس: كلا إن الذين
____________
(1) البرهان في تفسير القرآن: 3 / 349 - 350، الكافي: 8: 344، تأويل الآيات: 464.
(2) البرهان: 3 / 350، البحار: 37 / 169، تفسير القمي: 2 / 201.
(3) في البحار: الحسين بن أحمد، عن اليقطيني، عن ابن فضال.
(4) البرهان: 3 / 350، البحار: 37 / 168 - 169.
الصفحة 311
حوله قد وعدوني فيه عدة ولن يخلفوني فيها فأنزل الله سبحانه هذه الآية: * (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين) * يعني شيعة أمير المؤمنين "(1).
الحادي عشر: عبد الله بن جعفر الحميري في قرب الإسناد، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة ابن صدقة قال: حدثني جعفر بن محمد، عن أبيه أن إبليس عدو الله رن أربع رنات: يوم لعن، ويوم اهبط إلى الأرض، ويوم بعث النبي (صلى الله عليه وآله)، ويوم الغدير ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): " قال أبي: إن اللعنة إذا خرجت من صاحبها ترددت بينه وبين الذي يلعن، فإن وجدت مساغا وإلا عادت إلى صاحبها وكان أحق بها. فاحذروا أن تلعنوا مؤمنا فتحل بكم "(2).
الثاني عشر: محمد بن يعقوب عن محمد بن الحسن وغيره، عن سهل، عن محمد بن عيسى، ومحمد بن يحيى، ومحمد بن الحسين جميعا، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، وعبد الكريم بن عمرو، عن عبد الحميد بن أبي الديلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث طويل قال فقال الله جل ذكره: * (فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب) * يقول: فإذا فرغت فانصب علمك وأعلن وصيك: فأعلمهم فضله علانية فقال (عليه السلام): " من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه "(3).
الثالث عشر: محمد بن العباس بن ماهيار قال: حدثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن أبي جميلة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قوله تعالى: * (فإذا فرغت فانصب) * كان رسول الله حاجا فنزلت: * (فإذا فرغت فانصب) * عليا للناس(4).
الرابع عشر: محمد بن العباس هذا قال: حدثنا علي بن محمد بن مخلد، عن الحسن بن القاسم، عن عمرو بن الحسن، عن آدم بن حماد، عن حسين بن محمد قال: سألت سفيان بن عيينة عن قول الله عز وجل: * (سأل سائل بعذاب واقع) *(5) فيمن نزلت؟ فقال: يا بن أخي لقد سألتني عن شئ ما سألني عنه أحد قبلك، لقد سألت جعفر بن محمد (عليهما السلام) في مثل هذا الذي قلت فقال:
أخبرني أبي، عن جدي، عن أبيه، عن ابن عباس قال: لما كان يوم غدير خم قام رسول الله (صلى الله عليه وآله)
____________
(1) البرهان: 3 / 350، البحار: 37 / 169، تأويل الآيات: 463.
(2) قرب الإسناد ص 7. ط - طهران.
(3) البرهان: 4 / 475.
(4) البحار: 36 / 135.
(5) المعارج: 1.
الصفحة 312
خطيبا(1) ثم دعا علي بن أبي طالب (عليه السلام) فأخذ بضبعه ثم رفع بيده حتى رئي بياض إبطيهما وقال للناس: " ألم أبلغكم الرسالة ألم أنصح لكم؟ قالوا: اللهم نعم قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه(2) اللهم وال من والاه وعاد من عاداه "، قال ففشت هذه في الناس فبلغ ذلك الحرث بن النعمان الفهري فرحل(3) راحلة ثم استوى عليها ورسول الله (صلى الله عليه وآله) إذ ذاك بالأبطح فأناخ راحلته(4) ثم عقلها، ثم أتى النبي (صلى الله عليه وآله) ثم قال: يا عبد الله(5) إنك دعوتنا إلى أن نقول: لا إله إلا الله ففعلنا، ثم دعوتنا إلى أن نقول إنك رسول الله ففعلنا والقلب فيه ما فيه ثم قلت لنا صلوا فصلينا، ثم قلت: صوموا فصمنا، ثم قلت: حجوا فحججنا، ثم قلت(6) لنا: من كنت مولاه فعلي مولاه؟ اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه(7) فهذا عنك أم عن الله؟ فقال: " بل عن الله ". قال: فقالها ثلاثا فنهض وإنه لمغضب، وإنه ليقول: اللهم إن كان ما يقول محمد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء تكون نقمة في أولنا وآية في آخرنا، وإن كان ما يقوله محمد كذبا فأنزل به نقمتك، ثم أثار(8) ناقته واستوى(9) عليها فرماه بحجر على رأسه فسقط ميتا، فأنزل الله تبارك وتعالى: * (سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع من الله ذي المعارج) *(10).
الخامس عشر: محمد بن العباس قال: حدثنا الحسن بن أحمد المالكي، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سنان، عن الحسين الجمال قال: حملت أبا عبد الله (عليه السلام) من المدينة إلى مكة، فلما بلغ غدير خم نظر إلي وقال: هذا موضع قدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين أخذ بيد علي (عليه السلام) وقال: " من كنت مولاه فعلي مولاه "، وكان عن يمين الفسطاط أربعة نفر من قريش سماهم لي فلما نظروا إليه وقد رفع يده حتى بان بياض إبطيه قالوا: انظروا إلى عينيه قد انقلبتا كأنهما عينا مجنون فأتاه جبرائيل فقال: إقرأ: * (وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر
____________
(1) في البحار: خطيبا فأوجز في خطبته.
(2) في البحار: فهذا علي مولاه.
(3) رحله: أزعجه وصيره يرحل.
(4) في البحار: حتى انتهى إلى الأبطح فأناخ راحلته.
(5) في البحار: ثم جاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فسلم، فرد عليه النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا محمد.
(6) في البحار: ثم قلت حجوا فحججنا: ثم قلت: إذا رزق أحدكم مائتي درهم فليتصدق بخمسه كل سنة ففعلنا، ثم إنك أقمت ابن عمك فجعلته علما وقلت: من كنت مولاه فهذا علي مولاه.
(7) في البحار: وانصر من نصره، واخذل من خذله.
(8) أثار: أي هيج.
(9) في البحار: ثم أثار ناقته فحل عقالها ثم استوى عليها، فلما خرج من الأبطح رماه الله تعالى بحجر من السماء فسقط على رأسه وخرج من دبره، وسقط ميتا.
(10) تفسير فرات الكوفي ص 190 - 191، البحار: 37 / 175 - 176.
الصفحة 313
ويقولون إنه لمجنون وما هو إلا ذكر للعالمين) *(1) والذكر علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقلت: الحمد لله الذي أسمعني منك هذا، فقال: لولا إنك جمال(2) ما حدثتك بهذا، لأنك لا تصدق إذا رويت عني(3).
السادس عشر: الشيخ في التهذيب بإسناده، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن الحجال، عن عبد الله بن بشير(4) عن حسان الجمال قال: حملت أبا عبد الله (عليه السلام) من المدينة إلى مكة، فلما انتهينا إلى مسجد الغدير نظر في ميسرة الجبل(5) فقال: ذاك موضع قدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيث قال: " من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه ". ثم نظر في الجانب الآخر فقال: ذاك موضع فسطاط أبي فلان وفلان وسالم مولى أبي حذيفة وأبي عبيدة ابن الجراح، فلما رأوه رافعا يده(6) قال بعضهم: انظروا إلى عينيه تدوران كأنهما عينا مجنون فنزل جبرائيل (عليه السلام) بهذه الآية: * (وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون * وما هو إلا ذكر العالمين) *(7) [ ثم قال: يا حسان لولا أنك جمالي ما حدثتك بهذا الحديث ](8).
السابع عشر: محمد بن علي بن شهرآشوب، عن معاوية بن عمار، عن الصادق (عليه السلام) في خبر لما قال النبي (صلى الله عليه وآله): " من كنت مولاه فعلي مولاه " قال العدوي لا والله ما أمره الله بهذا وما هو إلا شئ يتقوله. فأنزل الله تعالى: * (ولو تقول علينا بعض الأقاويل) * إلى قوله: * (وإنه لحسرة على الكافرين) * يعني محمدا: * (وإنه لحق اليقين) *(9) يعني به عليا(10).
الثامن عشر: محمد بن العباس، عن أحمد بن القاسم(11)، عن منصور بن العباس، عن الحصين،
____________
(1) القلم: 50 - 51.
(2) في البحار: جمالي.
(3) البحار:: 37 / 221.
(4) في الكافي: عبد الصمد بن بشير.
(5) في الكافي: نظر إلى ميسرة المسجد.
(6) في الكافي: فلما أن رأوه رافعا يديه.
(7) القلم: 50 - 51.
(8) من لا يحضره الفقيه: 1 / 230 ح 687 ولم نجده في التهذيب.
(9) الحاقة 44 - 51، ونص الآيات: " ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين * فما منكم من أحد عنه حاجزين * وإنه لتذكرة للمتقين * وإنا لنعلم أن منكم مكذبين * وإنه لحسرة على الكافرين * وإنه لحق اليقين ".
(10) مناقب آل أبي طالب: 3 / 37.
(11) في البرهان: أحمد بن القسم.
الصفحة 314
عن العباس القصباني، عن داود بن الحصين(1)، عن فضل بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " لما أوقف رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين يوم الغدير افترق الناس ثلاث فرق: فقالت فرقة:
ضل محمد، وفرقة قالت: غوى، وفرقة قالت: يهواه يقول في أهل بيته وابن عمه. فأنزل الله سبحانه: * (والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى) * "(2).
التاسع عشر: ابن بابويه في أماليه قال: حدثنا أبي قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن خلف بن حماد الأسدي، عن أبي الحسن العبدي، عن الأعمشي عن عباية بن ربعي، عن عبد الله بن عباس قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما أسري به(3) إلى السماء إنتهى إلى نهر يقال له النور، وهو قول الله عز وجل: * (وجعل الظلمات والنور) *(4) فلما إنتهى به إلى ذلك النهر قال له جبرائيل: يا محمد أعبر على بركة الله، فقد نور الله لك بصرك، ومد لك أمامك، فإن هذا نهر لم يعبره أحد، لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، غير أن لي في كل يوم اغتماسة فيه ثم أخرج منها فانفض أجنحتي فليس من قطرة تقطر من أجنحتي إلا خلق الله تبارك وتعالى منها ملكا مقربا له عشرون ألف وجه، وأربعون ألف لسان، يلفظ كل لسان بلغة لا يفقهها(5) الآخر، فعبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى انتهى إلى الحجب، والحجب خمسمائة حجاب من الحجاب إلى الحجاب مسيرة خمسمائة عام، ثم قال: تقدم يا محمد، فقال له: " يا جبرائيل: ولم لا تكون معي "؟
قال ليس لي أن أجوز المكان(6) فتقدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما شاء الله أن يتقدم حتى سمع ما قال الرب تبارك وتعالى فقال تبارك وتعالى: " أنا المحمود وأنت محمد شققت اسمك من اسمي، فمن وصلك وصلته ومن قطعك بتته(7)، أنزل على عبادي فأخبرهم بكرامتي إياك، وأني لم أبعث نبيا إلا جعلت له وزيرا، وإنك رسولي وإن عليا وزيرك "، فهبط رسول الله (صلى الله عليه وآله) فكره أن يحدث الناس بشئ كراهية أن يتهموه لأنهم كانوا حديثي عهد بالجاهلية حتى مضى لذلك ستة أيام فأنزل الله تبارك وتعالى: * (فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك) *(8) فاحتمل رسول الله ذلك حتى كان يوم الثامن فأنزل الله تبارك وتعالى عليه: * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم
____________
(1) في البرهان: داود بن الحسين.
(2) البرهان: 4 / 245. والآية في سورة النجم: 1 - 5.
(3) في المصدر: انتهى به جبرائيل.
(4) الأنعام: 1.
(5) في المصدر: لا يفقهها اللسان الآخر.
(6) في المصدر: أن أجوز هذا المقام.
(7) بتته: أي قطعه.
(8) هود: 12.
الصفحة 315
تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) *(1) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " تهديد بعد وعيد لأمضين لأمر الله عز وجل فإن يتهموني ويكذبوني فهو أهون علي من أن يعاقبني العقوبة الموجعة في الدنيا والآخرة ". قال: وسلم جبرائيل على علي بإمرة المؤمنين فقال علي (عليه السلام): " يا رسول الله أسمع الكلام ولا أحس الرؤية "! فقال: " يا علي هذا جبرائيل أتاني من قبل ربي بتصديق ما وعدني "، ثم أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) رجلا فرجلا من أصحابه حتى سلموا عليه بإمرة المؤمنين ثم قال: يا بلال ناد في الناس أن لا يبقى(2) أحد إلا عليل إلا خرج إلى غدير خم.
فلما كان من الغد خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) بجماعة أصحابه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: " أيها الناس، إن الله تبارك وتعالى أرسلني إليكم برسالة وإني ضقت بها ذرعا مخافة أن تتهموني وتكذبوني حتى أنزل الله علي وعيدا بعد وعيد فكان تكذيبكم إياي أيسر(3) من عقوبة الله إياي إن الله تبارك وتعالى أسرى بي وأسمعني وقال: يا محمد أنا المحمود وأنت محمد، شققت اسمك من اسمي، فمن وصلك وصلته ومن قطعتك بتته، إنزل إلى عبادي فأخبرهم بكرامتي إياك، وأني لم أبعث نبيا إلا جعلت له وزيرا، وإنك رسولي وإن عليا وزيرك ". ثم أخذ (صلى الله عليه وآله) بيدي علي بن أبي طالب فرفعهما حتى نظر الناس إلى بياض إبطيهما ولم تريا قبل ذلك، ثم قال: " أيها الناس إن الله تبارك وتعالى مولاي وأنا مولى المؤمنين فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله "، فقال الشكاك والمنافقون والذين في قلوبهم مرض وزيغ: نبرأ إلى الله من مقالته ليس بحتم، ولا نرضى أن يكون علي وزيره، هذه منه عصبية، فقال سلمان والمقداد وأبو ذر وعمار بن ياسر: والله ما برحنا العرصة حتى نزلت هذه الآية: * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) * فكرر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذلك ثلاثا ثم قال: " إن كمال الدين وتمام النعمة، ورضا الرب بإرسالي إليكم بالولاية بعدي لعلي بن أبي طالب "(4).
العشرون: ابن بابويه قال: حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي قال: حدثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي قال: حدثنا محمد بن ظهير قال: حدثنا عبد الله بن الفضل الهاشمي، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يوم غدير خم أفضل أعياد أمتي، وهو اليوم الذي أمرني الله تعالى ذكره فيه بنصب أخي علي بن أبي طالب علما لأمتي
____________
(1) المائدة: 67.
(2) في المصدر والمخطوطة: أن لا يبقى غدا.
(3) في المصدر: أيسر علي.
(4) أمالي الصدوق ص 316 - 318.
الصفحة 316
يهتدون به من بعدي، وهو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين وأتم على أمتي فيه النعمة، ورضي لهم الإسلام دينا، ثم قال (عليه السلام): معاشر الناس علي مني وأنا من علي خلق من طينتي، وهو إمام الخلق بعدي يبين لهم ما اختلفوا فيه من سنتي، وهو أمير المؤمنين، وقائد الغر المحجلين، ويعسوب المؤمنين، وخير الوصيين، وزوج سيدة نساء العالمين، وأبو الأئمة المهتدين(1).
معاشر الناس: من أحب عليا أحببته، ومن أبغض عليا أبغضته، ومن وصل عليا وصلته، ومن قطع عليا قطعته، ومن جفا عليا جفوته، ومن والى عليا واليته ومن عادى عليا عاديته.
معاشر الناس: أنا مدينة الحكمة وعلي بن أبي طالب بابها ولن تؤتى المدينة إلا من قبل الباب، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغض عليا.
معاشر الناس: والذي بعثني بالنبوة واصطفاني على جميع البرية ما نصبت عليا علما لأمتي في الأرض حتى نوه الله باسمه في سماواته، وأوجب ولايته على جميع ملائكته "(2).
الحادي والعشرون: أمالي أبي عبد الله النيسابوري وأمالي أبي جعفر الطوسي في خبر، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن الرضا (عليه السلام) قال: " حدثني أبي، عن أبيه قال إن يوم الغدير في السماء أشهر منه في الأرض، إن الله تبارك وتعالى بنى في الفردوس الأعلى قصرا(3) لبنة من فضة ولبنة من ذهب، فيه مائة ألف قبة من ياقوتة حمراء ومائة ألف خيمة من ياقوت خضراء، ترابه المسك والعنبر، وفيه أربعة أنهار: نهر من خمر، ونهر من ماء، ونهر من لبن، ونهر من عسل، حواليه أشجار جميع الفواكه، عليها الطيور، أبدانها من لؤلؤ وأجنحتها من ياقوت تصوت بألوان الأصوات، إذا كان يوم الغدير ورد إلى ذلك القصر أهل السماوات يسبحون الله ويقدسونه ويهللونه، فتتطاير تلك الطيور فتقع في ذلك الماء وتتمرغ على ذلك المسك والعنبر فإذا اجتمعت الملائكة طارت فتنفض ذلك عليهم، وإنهم في ذلك اليوم ليتهادون نثار فاطمة، فإذا كان آخر اليوم نودوا: انصرفوا إلى مراتبكم فقد أمنتم من الخطر والزلل إلى قابل في مثل هذا اليوم تكرمة لمحمد وعلي (عليهما السلام) "(4).
الثاني والعشرون: الشيخ الطوسي في أماليه قال: أخبرنا محمد بن محمد - يعني المفيد - قال:
حدثني أبو الحسن علي بن أحمد القلانسي المراغي قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا عبد
____________
(1) في المصدر: الأئمة المهديين.
(2) أمالي الصدوق ص 111.
(3) في البحار: إن لله تعالى في الفردوس قصرا.
(4) البحار: 37 / 163 - 164.
الصفحة 317
الرحمن بن صالح قال: حدثنا موسى بن عمران الحضرمي، عن أبي إسحاق السبيعي، عن زيد بن أرقم قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) بغدير خم يقول: " إن الصدقة لا تحل لي ولا لأهل بيتي، لعن الله من ادعى إلى غير أبيه، لعن الله من تولى غير مواليه، الولد لصاحب الفراش وللعاهر الحجر، وليس لوارث وصية، ألا وقد سمعتم مني ورأيتموني، ألا من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، ألا وإني فرط لكم على الحوض ومكاثر بكم الأمم يوم القيامة فلا تسودوا وجهي، ألا لأستنقذن رجالا من النار وليستنقذن من يدي أقوام، إن الله مولاي وأنا مولى كل مؤمن ومؤمنة، ألا فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه "(1).
الثالث والعشرون: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مهدي قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا(2) قال: حدثنا علي بن قادم قال: حدثنا إسرائيل، عن عبد الله بن سهل(3)، عن سهم ابن الحصين الأسدي قال: قدمت إلى مكة أنا وعبد الله ابن علقمة وكان عبد الله بن علقمة سبابة لعلي بن أبي طالب دهرا. قال: فقلت له: هل لك في هذا - يعني أبا سعيد الخدري - نحدث به عهدا؟ قال: نعم، فأتيناه فقال: هل سمعت لعلي منقبة؟ قال: نعم إذا حدثتك تسأل(4) عنها المهاجرين والأنصار وقريشا إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قام يوم غدير خم فأبلغ ثم قال: " يا أيها الناس ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى. قالها ثلاث مرات، ثم قال: ادن يا علي فرفع رسول الله يديه حتى نظرت إلى بياض آباطهما قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، ثلاث مرات ".
قال: فقال عبد الله بن علقمة: أنت سمعت هذا من رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قال أبو سعيد: نعم وأشار إلى أذنيه وصدره قال: سمعته أذناي، ووعاه قلبي.
قال عبد الله بن شريك: فقدم علينا عبد الله بن علقمة وسهم بن حصين، فلما صلينا الهجير قام عبد الله بن علقمة فقال: إني أتوب إلى الله وأستغفره من سب علي، ثلاث مرات(5).
الرابع والعشرون: الشيخ في أماليه بهذا الإسناد قال: أبو العباس(6) قال: حدثنا يحيى بن زكريا
____________
(1) أمالي الطوسي: 1 / 231.
(2) في المصدر: أخبرنا أبو عمر قال: أخبرنا أبو العباس قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا.
(3) في المصدر: عبد الله بن شريك.
(4) في المصدر: فسل.
(5) أمالي الطوسي: 1 / 252.
(6) في المصدر: وبالإسناد قال: أخبرنا أبو عمر قال: حدثنا أبو العباس.
الصفحة 318
ابن شيبان الكندي قال: حدثنا إبراهيم بن الحكيم بن ظهير قال: حدثني أبي، عن منصور بن مسلم ابن سابور، عن عبد الله بن عطا، عن عبد الله بن يزيد، عن أبيه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " علي بن أبي طالب مولى كل مؤمن ومؤمنة، وهو وليكم من بعدي "(1).
الخامس والعشرون: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا أبو عمر قال: أخبرنا أحمد قال: حدثنا الحسن بن جعفر بن مدرار(2) قال: حدثنا معاوية بن ميسرة بن شريح، قال: حدثني الحكم بن عتبة(3) وسلمة بن كهيل قالا: حدثنا حبيب - وكان اسكافا في بني عدي وأثنى عليه خيرا - أنه سمع زيد بن أرقم يقول: خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم غدير خم فقال: " من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه "(4).
السادس والعشرون: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا أبو عمر - يعني ابن مهدي - قال: أخبرنا أحمد - يعني ابن عقدة - قال: حدثنا الحسن بن علي بن عفان قال: حدثنا عبد الله، عن فطر، عن أبي إسحاق، عن عمرو ذي مر، وسعيد بن وهب وزيد بن نفيع قالوا: سمعنا عليا (عليه السلام) يقول في الرحبة:
" من سمع النبي (صلى الله عليه وآله) يقول يوم غدير خم ما قال إلا قام "، فقام ثلاثة عشر فشهدوا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: " ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، فأخذ بيد علي (عليه السلام) فقال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وأحب من أحبه، وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره، واخذل من خذله ". قال أبو إسحاق حين فرغ من الحديث: يا أبا بكر: في أشياء أخر(5).
السابع والعشرون: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا أبو عمر قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد - يعني ابن عقدة - قال: حدثنا الحسن بن علي بن عفان قال: حدثنا عبيد الله بن موسى قال: حدثنا هاني بن أيوب، عن طلحة بن مصرف، عن عميرة بن سعد أنه سمع عليا (عليه السلام) في الرحبة ينشد الناس من سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ".
فقام بضعة عشر فشهدوا(6).
____________
(1) أمالي الطوسي: 1 / 253.
(2) في المصدر: قال: حدثني عمي طاهر بن مدرار قال: حدثنا معاوية.
(3) الحكم بن عيينة.
(4) أمالي الطوسي: 1 / 259 - 260.
(5) أمالي الطوسي: 1 / 260 - 261.
(6) أمالي الطوسي: 1 / 278.
الصفحة 319
الثامن والعشرون: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت قال: أخبرنا أحمد ابن محمد قال: حدثنا أحمد بن يحيى قال: حدثنا علي بن ثابت قال: حدثنا منصور بن أبي الأسود، عن مسلم الملائي، عن أنس بن مالك أنه سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول يوم غدير خم: " أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وأخذ بيد علي (عليه السلام) فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه "(1).
التاسع والعشرون: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا ابن الصلت(2) قال: أخبرنا ابن عقدة قال: حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا داود بن سليمان قال: حدثني علي بن موسى، عن أبيه، عن جعفر، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه واخذل من خذله وانصر من نصره "(3).
الثلاثون: الشيخ في أماليه بإسناده إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى(4) قال: قال أبي: دفع النبي (صلى الله عليه وآله) الراية يوم خيبر إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) ففتح الله عليه، وأوقفه يوم غدير خم، فأعلم(5) أنه مولى كل مؤمن ومؤمنة وقال له: " أنت مني وأنا منك ". وقال له: " تقاتل - يا علي - على التأويل كما قاتلت أنا على التنزيل " وقال له: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى - إلا أنه لا نبي بعدي " وقال له: " أنا سلم لمن سالمت وحرب لمن حاربت ". وقال له: " أنت العروة الوثقى ". وقال له: " أنت تبين لهم ما اشتبه عليهم بعدي "، وقال له: " أنت إمام كل مؤمن ومؤمنة، وولي كل مؤمن ومؤمنة بعدي " وقال له: " أنت الذي أنزل الله فيه: * (وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر) * "(6).
وقال له: " أنت الآخذ بسنتي والذاب عن ملتي ". وقال له: " أنا أول من تنشق عنه الأرض وأنت
____________
(1) أمالي الطوسي: 1 / 341.
(2) في المصدر: وبالإسناد قال: أخبرني الشيخ المفيد أبو علي - رحمه الله - قال: أخبرني والدي قال ابن الصلت.
(3) أمالي الطوسي: 1 / 352 - 353.
(4) كذا ورد السند في المصدر: " أخبرنا الشيخ المفيد أبو علي الحسن بن محمد الطوسي قراءة عليه قال: أخبرنا والدي - رحمه الله - قال: أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي الحافظ قال: حدثني أبو الحسن علي بن موسى الخزاز من كتابه قال: حدثنا الحسن بن علي الهاشمي قال:
حدثنا إسماعيل بن أبان، قال: حدثنا أبو مريم، عن ثور بن أبي فاختة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى.
(5) في المصدر: فأعلم الناس.
(6) التوبة: 3.
الصفحة 320
معي ". وقال له: " أنا أول من يدخل الجنة وأنت بعدي تدخلها والحسن والحسين وفاطمة " وقال له: " إن الله أوحى إلي بأن أقوم بفضلك فقمت به في الناس وبلغتهم ما أمرني الله بتبليغه " وقال له: " اتق الضغاين التي في صدور(1) من لا يظهرها إلا بعد موتي، أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون ".
ثم بكى النبي (صلى الله عليه وآله) فقيل: مم بكاؤك يا رسول الله؟ قال: " أخبرني جبرائيل(2) عن ربه عز وجل أن ذلك يزول إذا قام قائمهم، وعلت كلمتهم، واجتمعت الأمة على محبتهم، وكان الشانئ(3) لهم قليلا والكاره لهم ذليلا، وكثر المادح لهم، وذلك حين تغير البلاد، وتضعف العباد. والأياس من الفرج، فعند ذلك يظهر القائم فيهم قال النبي (صلى الله عليه وآله)(4) اسمه كاسمي واسم أبيه كاسم أبي، وهو من ولد ابنتي، يظهر الله الحق بهم ويخمد الباطل بأسيافهم، ويتبعهم الناس بين راغب إليهم وخائف منهم ".
قال: وسكن البكاء عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: " يا معاشر المؤمنين أبشروا بالفرج، فإن وعد الله لا يخلف وقضاؤه لا يرد، وهو الحكيم الخبير، فإن فتح الله قريب، اللهم إنهم أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، اللهم اكلأهم واحفظهم وارعهم وكن لهم وانصرهم وأعنهم وأعزهم ولا تذلهم واخلفني فيهم إنك على كل شئ قدير "(5).
الحادي والثلاثون: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل قال: حدثنا أبو محمد الفضل بن محمد بن المسيب الشعراني بجرجان قال: حدثنا هارون بن عمرو بن عبد العزيز ابن محمد أبو موسى المجاشعي قال: حدثنا محمد بن جعفر بن محمد، عن أبيه أبي عبد الله (عليه السلام) قال المجاشعي: وحدثنا الرضا علي بن موسى، عن أبيه موسى عن أبيه جعفر بن محمد وقالا جميعا عن آبائهما عن علي أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: " سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: بني الإسلام على خمس خصال: على الشهادتين، والقرينتين ". قيل له: أما الشهادتان فقد عرفنا هما فما القرينتان؟
قال: " الصلاة والزكاة فإنه لا يقبل أحدهما إلا بالأخرى، والصيام، وحج بيت الله من استطاع إليه
____________
(1) في المصدر: الضغاين التي لك في صدر.
(2) في المصدر: أخبرني جبرائيل (عليه السلام) أنهم يظلمونه، ويمنعونه حقه، ويقاتلونه ويقتلون ولده ويظلمونهم بعدي، وأخبرني جبرائيل عن الله عز وجل.
(3) شنأ وشنئ الرجل: أبغضه مع عداوة وسوء خلق.
(4) في المصدر: يظهر القائم منهم. فقيل له: ما اسمه؟ قال النبي (صلى الله عليه وآله).
(5) أمالي الطوسي: 1 / 361 - 362.
الصفحة 321
سبيلا، وختم ذلك بالولاية، فأنزل الله عز وجل: * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) * "(1).
الثاني والثلاثون: الطوسي في مجالسه. قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن عمار(2) الثقفي قال: حدثنا علي بن محمد بن سليمان قال: حدثنا أبي، قال:
حدثنا محمد بن جعفر بن محمد قال: حدثنا معتب مولانا قال: حدثنا عمر بن علي بن عمر بن علي ابن الحسين قال: سمعت محمد بن أبي عبيد الله بن محمد بن عمار بن ياسر يحدث، عن أبيه عن جده محمد بن عمار بن ياسر قال: سمعت أبا ذر جندب بن جنادة يقول: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) أخذ بيد علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال له: " يا علي أنت أخي وصفيي ووصيي ووزيري وأميني، مكانك مني في حياتي وبعد موتي كمكان هارون من موسى إلا أنه لا نبي معي، من مات وهو يحبك ختم الله عز وجل له بالأمن والإيمان، ومن مات وهو يبغضك لم يكن له في الإسلام نصيب "(3).
وعنه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا الحسن بن علي بن زكريا العاصمي قال:
حدثنا أحمد بن عبيد الله الغداني(4) قال: حدثنا الربيع بن بشار قال: حدثنا الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد يرفعه إلى أبي ذر - رضي الله عنه - أن عليا (عليه السلام) وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص أمرهم عمر بن الخطاب أن يدخلوا بيتا ويغلقوا عليهم بابه ويتشاوروا في أمرهم، وأجلهم ثلاثة أيام فإن توافق خمسة على قول واحد وأبى رجل منهم قتل ذلك الرجل، وإن توافق أربعة وأبى اثنان قتل الاثنان، فلما توافقوا جميعا على رأي واحد قال لهم علي بن أبي طالب (عليه السلام): " إني أحب أن تسمعوا مني ما أقول لكم فإن يكن حقا فاقبلوه وإن يكن باطلا فأنكروه ".
وقالوا: قل، ثم ذكر علي (عليه السلام) سوابقه وفضائله وما قال فيه رسول الله ونصه عليه (عليهما السلام) والكل منهم يصدقه فيما يقول (عليه السلام) إلى أن قال (عليه السلام): " فهل فيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، ليبلغ الشاهد الغايب ذلك غيري؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالجحفة بالشجيرات من خم: من أطاعك فقد أطاعني ومن أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاك فقد عصاني ومن عصاني فقد عصى الله تعالى غيري؟ قالوا:
لا "(5).
____________
(1) أمالي الطوسي:: 2 / 131 - 132.
(2) في المصدر: أحمد بن عبيد الله بن محمد بن عمار.
(3) أمالي الطوسي: 2 / 158.
(4) في المصدر: عبيد الله العدلي.
(5) جزء من حديث طويل ذكره الشيخ الطوسي في أماليه: 2 / 159 - 166.
الصفحة 322
الثالث والثلاثون: الشيخ في كتاب المجالس قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا الحسن بن محمد بن شعبة الأنصاري، ومحمد بن جعفر بن رئيس اليسري(1) بالقصر، وعلي بن محمد بن الحسن(2) بن كأس(3) بالرملة، وأحمد بن محمد بن سعيد الهمداني قالوا: حدثنا أحمد ابن يحيى بن زكريا الأزدي الصوفي قال: حدثنا عمرو بن حماد بن طلحة القناد قال: حدثنا إسحاق ابن إبراهيم الأزدي، عن معروف ابن خربوذ، وزياد بن المنذر، وسعيد بن محمد الأسدي(4)، عن أبي الطفيل عامر بن وائلة الكناني قال: لما احتضر عمر بن الخطاب جعلها شورى بين ستة بين علي ابن أبي طالب (عليه السلام)، وعثمان، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن عمر فيمن يشاور ولا يولي.
قال أبو الطفيل: فلما اجتمعوا أجلسوني على الباب أرد عنهم الناس، فقال علي (عليه السلام): " إنكم قد اجتمعتم لما اجتمعتم له فانصتوا فأتكلم فإن قلت حقا صدقتموني وإن قلت باطلا ردوا علي ولا تهابوني، إنما أنا رجل كأحدكم ". ثم ذكر فضائله وسوابقه وما قال فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وناشدهم صدقه فيما ذكره - والكل يصدقه فيما ذكره إلى أن قال -: " فأنشدكم بالله فهل فيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما قال في غزاة تبوك إنما أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي غيري "؟ قالوا: اللهم لا. قال: " فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) مقالته يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه غيري "؟ قالوا: اللهم لا. قال:
" فأنشدكم بالله هل فيكم أحد وصى رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أهله وماله غيري "؟ قالوا: اللهم لا(5).
الرابع والثلاثون: الشيخ في مجالسه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جورية الجندي سابوري من أصل كتابه قال: حدثنا علي بن منصور الترجماني قال:
أخبرنا الحسن بن عنبسة النهشلي قال: حدثنا شريك ابن عبد الله النخعي القاضي، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون الأودي إنه ذكر عنده علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: إن قوما ينالون منه أولئك هم وقود النار، ولقد سمعت عدة من أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) منهم حذيفة بن اليمان، وكعب بن عجرة يقول كل رجل منهم: لقد أعطي علي ما لم يعطه بشر، هو زوج فاطمة سيدة نساء الأولين والآخرين فمن رأى مثلها أو سمع أنه تزوج بمثلها أحد في الأولين والآخرين، وهو أبو الحسن والحسين سيدا
____________
(1) في المصدر: محمد بن جعفر بن رميس الهيبري.
(2) في المصدر: محمد بن الحسين.
(3) في المصدر: الحسن بن كأس النخعي.
(4) في المصدر: سعيد بن محمد الأسلمي.
(5) أمالي الطوسي: 2 / 167 - 168.
الصفحة 323
شباب أهل الجنة من الأولين والآخرين فمن له أيها الناس مثلهما، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) حموه، وهو وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أهله وأزواجه، وسدت الأبواب التي في المسجد كلها غير بابه، وهو صاحب باب خيبر، وهو صاحب الراية يوم خيبر، وتفل رسول الله (صلى الله عليه وآله) يومئذ في عينيه وهو أرمد فما اشتكاهما بعد ولا وجد حرا ولا قرا(1) بعد يوم ذلك، وهو صاحب يوم غدير خم إذ نوه رسول الله (صلى الله عليه وآله) باسمه، وألزم أمته ولايته، وعرفهم بخطره، وبين لهم مكانه فقال: " أيها الناس من أولى بكم منكم بأنفسكم "؟ قالوا: الله ورسوله. قال: " فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه "(2).
الخامس والثلاثون: الشيخ في مجالسه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله العرزمي، عن أبيه، عن عمار أبي اليقظان عن أبي عمير زاذان في خطبة خطبها الحسن بن علي (عليه السلام) في الناس بحضور معاوية وذكر الخطبة وذكر فيها فضل أبيه (عليه السلام) وسوابقه وما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) من النص إلى أن قال الحسن في الخطبة: " فقد تركت بنو إسرائيل هارون وهم يعلمون أنه خليفة موسى فيهم واتبعوا السامري، وقد تركت هذه الأمة أبي وبايعوا غيره وقد سمعوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول له: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة وقد رأوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) نصب أبي يوم غدير خم وأمرهم أن يبلغ الشاهد منهم الغائب "(3).
السادس والثلاثون: الشيخ في مجالسه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثني أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الهمداني بالكوفة قال(4): حدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس الأشعري قال: حدثنا علي بن حسان الواسطي قال: حدثنا عبد
____________
(1) في المصدر: ولا وجد حرا أو بردا.
(2) أمالي الطوسي: 2 / 170 - 171. وتتمة الحديث هذا لفظه: " وهو صاحب العباء ومن اذهب الله عنه الرجس وطهره تطهيرا، وهو صاحب الطائر حين قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) " اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي " فجاء علي (عليه السلام) فأكل معه وهو صاحب سورة براءة حين نزل بها جبرائيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد سار أبو بكر بالسورة فقال له: يا محمد إنه لا يبلغها إلا أنت أو علي، إنه منك وأنت منه، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) منه في حياته وبعد وفاته، وهو عيبة علم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومن قال له النبي (صلى الله عليه وآله): " أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت المدينة من بابها " كما أمر الله فقال: " وأتوا البيوت من أبوابها "، وهو مفرج الكرب عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الحروب وهو أول من آمن برسول الله وصدقه واتبعه، وهو أول من صلى، فمن أعظم قربة على الله وعلى رسوله (صلى الله عليه وآله)، فمن قاس به أحدا أو شبه به بشرا (صلى الله عليه وآله)؟.
(3) ذكر تمام الحديث الشيخ الطوسي في أماليه: 2 / 171 - 173.
(4) في المصدر: بالكوفة وسألته قال.
الصفحة 324
الرحمن بن كثير، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين (عليهم السلام) - وذكر خطبة للحسن ابن علي (عليه السلام) بمحضر الناس ومعاوية وذكر فيها فضل أبيه وسوابقه وما قال فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) من النص إلى أن قال الحسن (عليه السلام) في الخطبة: " وقد تركت بنو إسرائيل - وكان أصحاب موسى - هارون أخاه وخليفته ووزيره وعكفوا على العجل وأطاعوا فيه سامريهم وهم يعلمون أنه خليفة موسى، وقد سمعت هذه الأمة رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول ذلك لأبي (عليه السلام): إنه مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي وقد رأوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين نصبه لهم بغدير خم وسمعوه ونادى له بالولاية ثم أمرهم أن يبلغ الشاهد منهم الغائب "(1).
السابع والثلاثون: الشيخ في مجالسه قال: أخبرنا الحسين بن عبيد الله، عن علي بن محمد العلوي قال: حدثنا الحسن بن علي بن صالح بن شعيب الجوهري(2) قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني، عن علي بن محمد، عن إسحاق بن إسماعيل النيسابوري عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) قال: " حدثنا الحسن بن علي - صلوات الله عليه - إن الله عز وجل بمنه وبرحمته لما فرض عليكم الفرائض لم يفرض ذلك عليكم لحاجة منه إليه، بل رحمة منه لا إله إلا هو ليميز الخبيث من الطيب وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم ولتتسابقوا إلى رحمته ولتتفاضل منازلكم في جنته، ففرض عليكم الحج والعمرة وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والصوم والولاية، وجعل لكم بابا لتفتحوا به أبواب الفرائض مفتاحا إلى سبله، ولولا محمد (صلى الله عليه وآله) والأوصياء من ولده (عليهم السلام) كنتم حيارى كالبهائم لا تعرفون فرضا من الفرائض وهل يدخل قرية إلا من بابها، فلما من عليكم بإقامة الأولياء بعد نبيكم (صلى الله عليه وآله) قال: * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) * ففرض عليكم لأوليائه حقوقا وأمركم بأدائها إليهم ليحل لكم ما وراء ظهوركم من أزواجكم وأموالكم ومآكلكم ومشاربكم، ويعرفكم بذلك البركة والنماء والثروة ليعلم من يطيعه منكم بالغيب، ثم قال عز وجل: * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) *(3).
فاعلموا أن من يبخل فإنما يبخل عن نفسه إن الله هو الغني وأنتم الفقراء إليه، فاعملوا ما شئتم
____________
(1) قطعة من حديث مفصل أخذ المؤلف - رحمه الله - منه موضع استشهاده وذكره بطوله الشيخ الطوسي في أماليه: 2 / 174 - 180.
(2) في المصدر: الحسين بن صالح بن شعيب الجوهري.
(3) الشورى: 23.
الصفحة 325
* (فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون) *(1) والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين، سمعت جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول:
خلقت من نور الله عز وجل وخلق أهل بيتي من نوري، وخلق محبيهم من نورهم، وسائر الخلق في النار "(2).
الثامن والثلاثون: الشيخ محمد بن محمد بن النعمان المفيد في أماليه قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا علي بن الحسن(3) التيملي قال: وجدت في كتاب أبي، حدثنا محمد بن مسلم الأشجعي، عن محمد بن نوفل بن عابد الصيرفي دخل علينا أبو حنيفة(4) النعمان بن الثابت فذكرنا أمير المؤمنين (عليه السلام) ودار بيننا كلام في غدير خم فقال أبو حنيفة قد قلت لأصحابنا لا تقروا لهم بغدير خم فيخصموكم، فتغير وجه الهيثم بن حبيب الصيرفي وقال له: لم لا تقرون به، أما هو عندك يا نعمان؟ قال: هو عندي وقد رويته، قال: فلم لا تقرون به؟ وقد، حدثنا حبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل، عن زيد بن أرقم أن عليا (عليه السلام) أنشد الله في الرحبة من سمعه، فقال أبو حنيفة: أفلا ترون أنه قد جرى في ذلك خوض حتى نشد علي الناس لذلك، فقال الهيثم: فنحن نكذب عليا أو نرد قوله؟ فقال أبو حنيفة: ما نكذب عليا ولا نرد قولا قاله ولكنك تعلم أن الناس قد غلا منهم قوم، فقال الهيثم: يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويخطب به ونحن نشفق منه ونتقيه بغلو غال أو قول قائل(5).
التاسع والثلاثون: ابن بابويه في كتاب النصوص على الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) قال: حدثنا علي ابن الحسن قال: حدثنا محمد بن الحسين الكوفي قال: حدثنا محمد بن علي بن زكريا، عن عبد الله ابن الضحاك، عن هشام بن محمد، عن عبد الرحمن بن عاصم، عن عمر، عن محمود بن لبيد(6) قال: لما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) كانت فاطمة (عليها السلام) تأتي قبور الشهداء وتأتي قبر حمزة وتبكي هناك، فلما كان في بعض الأيام أتيت قبر حمزة - رضي الله عنه - فوجدتها - صلوات الله عليها - تبكي هناك
____________
(1) التوبة: 105.
(2) أمالي الطوسي: 2 / 268 - 269.
(3) في المصدر: علي بن الحسين.
(4) في المصدر: نوفل بن عائذ الصيرفي قال: كنت عند الهيثم بن حبيب الصيرفي فدخل علينا أبو حنيفة.
(5) أمالي المفيد ص 15 - 16. ط النجف الأشرف.
(6) في كفاية الأثر، والبحار: عن عبد الرحمان، عن عاصم بن عمر (عمرو)، عن محمود أبي لبيد.
الصفحة 326
فأمهلتها حتى سكتت فأتيتها وسلمت عليها وقلت لها: يا سيدة النسوان والله قد قطعت نياط(1) قلبي من بكائك، فقالت: " يا أبا عمر ويحق لي البكاء فلقد أصبت بخير الآباء رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم أنشأت(2) تقول:
إذا مات يوما ميت قل ذكره وذكر أبي مذ مات والله أكثر "
قلت: يا سيدتي إني سائلك عن مسألة تتلجلج في صدري، قالت: " سل "، قلت: هل نص رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل وفاته على علي بالإمامة؟ قالت: " واعجبا أنسيتم يوم غدير خم "؟ قلت: قد كان ذلك ولكن أخبريني بما أسر إليك، قالت: " أشهد الله تعالى لقد سمعته يقول: علي فيكم خير من أخلفه فيكم، وهو الإمام والخليفة بعدي، وسبطاي وتسعة من صلب الحسين أئمة أبرار، لئن اتبعتموهم وجدتموهم هادين مهديين، ولئن خالفتموهم ليكون الاختلاف فيكم إلى يوم القيامة "، قلت:
يا سيدتي فما باله قعد عن حقه؟ قالت: " يا أبا عمر لقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): مثل الإمام مثل الكعبة إذ تؤتى ولا تأتي - أو قالت: مثل علي - ثم قالت: أما والله لو تركوا الحق على أهله واتبعوا عترة نبيهم لما اختلف في الله تعالى اثنان، ولورثها سلف عن سلف وخلف عن خلف حتى يقوم قائمنا التاسع من صلب ولدي الحسين، ولكن قدموا من أخره الله وأخروا من قدمه الله حتى إذا ألحدوا المبعوث وأودعوه الجدث(3) المجدوث اختاروا بشهوتهم وعملوا بآرائهم تبا لهم ألم يسمعوا الله يقول: * (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة) *(4)؟ بل سمعوا ولكنهم كما قال الله:
* (فإنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور) *(5) هيهات بسطوا في الدنيا آمالهم ونسوا آجالهم، فتعسا لهم وأضل أعمالهم، أعوذ بك يا رب من الحور بعد الكور "(6).
الأربعون: الشيخ الفاضل أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في كتاب الاحتجاج قال:
حدثني السيد العالم العابد أبو جعفر مهدي بن أبي حرث الحسيني المرعشي - رضي الله عنه - قال:
أخبرنا الشيخ أبو علي الحسن ابن الشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي - رضي الله عنه - قال:
أخبرني الشيخ السعيد الوالد أبو جعفر - قدس الله روحه - قال: أخبرني جماعة عن أبي هارون بن موسى التلعكبري قال: أخبرنا أبو علي محمد بن همام قال: أخبرنا علي السوري قال: أخبرنا أبو
____________
(1) النياط: عرق متصل بالقلب فإذا قطع مات صاحبه.
(2) في كفاية الأثر: واشوقاه إلى رسول الله، ثم أنشأت.
(3) الجدث: القبر.
(4) القصص: 78.
(5) الحج: 46.
(6) كفاية الأثر: 26 - 27، البحار: 36 / 353 - 354.
الصفحة 327
محمد العلوي من ولد الأفطس - وكان من عباد الله الصالحين - قال: حدثنا محمد بن خالد الطيالسي قال: حدثني سيف بن عميرة وصالح بن عقبة جميعا، عن قيس بن سمعان، عن علقمة ابن محمد الحضرمي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) أنه قال: " حج رسول الله (صلى الله عليه وآله) من المدينة وقد بلغ جميع الشرايع قومه غير الحج والولاية، فأتاه جبرائيل (عليه السلام) فقال له: يا محمد إن الله جل اسمه يقرئك السلام ويقول لك: إني لم أقبض نبيا من أنبيائي ولا رسولا من رسولي إلا بعد إكمال ديني وتأكيد حجتي، وقد بقي عليك من ذلك فريضتان مما يحتاج أن تبلغها قومك: فريضة الحج وفريضة الولاية والخلافة من بعدك، فإني لم أخل أرضي من حجة، ولن أخليها أبدا، فإن الله جل ثناؤه يأمرك أن تبلغ قومك الحج، وتحج ويحج معك كل من استطاع إليه سبيلا من أهل الحضر والأطراف والأعراب، وتعلمهم من معالم حجهم مثل ما علمتهم من صلاتهم وزكاتهم وصيامهم، وتوقفهم من ذلك على مثال الذي أوقفتهم عليه من جميع ما بلغتهم من الشرايع.
فنادى منادي رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الناس ألا إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يريد الحج، وأن يعلمكم من ذلك مثل الذي علمكم من شرايع دينكم، ويوقفكم من ذلك على ما أوقفكم عليه من غيره، فخرج (صلى الله عليه وآله) وخرج معه الناس وأصغوا إليه لينظروا ما يصنع فيصنعوا مثله فحج بهم وبلغ من حج مع رسول الله من أهل المدينة وأهل الأطراف والأعراب سبعين ألف إنسان أو يزيدون على عدد أصحاب موسى السبعين الألف الذين أخذ عليهم بيعة هارون فنكثوا واتبعوا العجل والسامري، وكذلك أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) البيعة لعلي (عليه السلام) بالخلافة على عدد أصحاب موسى فنكثوا البيعة واتبعوا العجل(1) سنة بسنة ومثلا بمثل واتصلت التلبية ما بين مكة والمدينة.
فلما وقف بالموقف أتاه جبرائيل (عليه السلام) عن الله تعالى فقال: يا محمد إن الله عز وجل يقرئك السلام ويقول لك: إنه قد دنا أجلك ومدتك وأنا مستقدمك على ما لا بد منه ولا عنه محيص، فاعهد عهدك ونفذ وصيتك واعمد إلى ما عندك من العلم وميراث علوم الأنبياء من قبلك والسلاح والتابوت وجميع ما عندك من آيات الأنبياء، فسلمها إلى وصيك وخليفتك من بعدك حجتي البالغة على خلقي علي بن أبي طالب فأقمه للناس وجدد عهده وميثاقه وبيعته، وذكرهم ما أخذت عليهم من بيعتي وميثاقي الذي واثقتهم به، وعهدي الذي عهدت إليهم من ولاية وليي ومولاهم ومولى كل مؤمن ومؤمنة علي بن أبي طالب، فإني لم أقبض نبيا من الأنبياء إلا من بعد إكمال ديني وإتمام نعمتي على خلقي بولاية أوليائي ومعاداة أعدائي، وذلك كمال توحيدي
____________
(1) في المصدر: العجل والسامري.
الصفحة 328
وديني وإتمام نعمتي على خلقي باتباع وليي وطاعته، وذلك أني لا أترك أرضي بغير قيم ليكون حجة لي على خلقي، فاليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي بوليي(1) ومولى كل مؤمن ومؤمنة علي بعدي ووصي نبي والخليفة من بعده، حجتي البالغة على خلقي، مقرونة طاعته بطاعة محمد نبيي، ومقرون طاعته مع طاعة محمد بطاعتي من أطاعه فقد أطاعني ومن عصاه فقد عصاني، جعلته علما بيني وبين خلقي، من عرفه كان مؤمنا، ومن أنكره كان كافرا، ومن أشرك ببيعته كان مشركا، ومن لقيني بولايته دخل الجنة ومن لقيني بعداوته دخل النار، فأقم يا محمد عليا علما، وخذ عليهم البيعة، وجدد عهدي وميثاقي لهم وبالذي واثقتهم عليه، فإني قابضك إلي ومستقدمك علي.
فخشي رسول الله (صلى الله عليه وآله) قومه وأهل النفاق والشقاق أن يتفرقوا ويرجعوا جاهلية(2) لما عرف من عداوتهم ولما تنطوي عليه أنفسهم لعلي (عليه السلام) من البغضاء وسأل جبرائيل (عليه السلام) أن يسأل ربه العصمة من الناس وانتظر جبرائيل بالعصمة من الناس من الله جل اسمه، فأخر ذلك إلى أن بلغ مسجد الخيف، فأتاه جبرائيل في مسجد الخيف فأمره بأن يعهد عهده ويقيم عليا علما للناس، ولم يأته بالعصمة من الله جل جلاله بالذي أراد حتى بلغ كراع الغميم بين مكة والمدينة، فأتاه جبرائيل فأمره بالذي أتاه فيه من قبل الله تعالى ولم يأته بالعصمة، فقال: يا جبرائيل إني أخشى قومي أن يكذبوني ولا يقبلوا قولي في علي فرحل فلما بلغ غدير خم قبل الجحفة بثلاثة أميال أتاه جبرائيل على خمس ساعات مضت من النهار بالزجر والانتهار والعصمة من الناس، فقال: يا محمد إن الله عز وجل يقرئك السلام ويقول لك: * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) * في علي * (وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) *(3).
وكان أوائلهم قريبا من الجحفة، فأمر بأن يرد من تقدم منهم ويحبس من تأخر عنهم من ذلك المكان ليقيم عليا للناس، ويبلغهم ما أنزل الله تعالى في علي (عليه السلام)، وأخبره أن الله عز وجل قد عصمه من الناس: فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) عندما جائته العصمة مناديا ينادي في الصلاة جامعة ويرد من تقدم منهم ويحبس من تأخر(4)، وتنحى عن يمين الطريق إلى جنب مسجد الغدير، أمره
____________
(1) في الاحتجاج: ورضيت لكم الإسلام دينا بولاية وليي.
(2) في الاحتجاج: إلى الجاهلية.
(3) المائدة: 67.
(4) في البحار: من تأخر عنهم.
الصفحة 329
بذلك جبرائيل عن الله عز وجل وفي الموضع سلمات(1) فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يقم ما تحتهن وينصب له أحجار كهيئة المنبر ليشرف على الناس، فتراجع الناس واحتبس أواخرهم في ذلك المكان لا يزالون، فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) فوق تلك الأحجار(2) فقال: الحمد لله الذي علا في توحده، ودنا في تفرده، وجل في سلطانه، وعظم في أركانه، وأحاط بكل شئ علما وهو في مكانه وقهر جميع الخلق بقدرته وبرهانه، مجيدا لم يزل محمودا لا يزال، بارئ المسموكات(3) وداحي المدحوات(4) وجبار السماوات، قدوس سبوح رب الملائكة والروح، متفضل على جميع من برأه، متطول على من أدناه، يلحظ كل عين والعيون لا تراه كريم حليم ذو أناة قد وسع كل شئ رحمته، ومن عليهم بنعمته، لا يعجل بانتقامه ولا يبادر إليهم بما استحقوا من عذابه، قد فهم السرائر وعلم الضمائر، ولم تخف عليه المكنونات، ولا اشتبهت عليه الخفيات، له الإحاطة بكل شئ والغلبة على كل شئ والقوة في كل شئ، والقدرة على كل شئ، لا مثله شئ(5) وهو منشئ الشئ حين لا شئ، دائم قائم بالقسط، لا إله إلا هو العزيز الحكيم، جل عن أن تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير، لا يلحق أحد وصفه من معاينة، ولا يجد أحد كيف هو من سر وعلانية إلا بما دل عز وجل على نفسه.
وأشهد بأنه الله الذي ملأ الدهر قدسه، والذي يغشي الأبد نوره، والذي ينفذ أمره بلا مشاورة مشير ولا معه شريك في تقدير، ولا تفاوت في تدبير، صور ما أبدع على غير مثال، وخلق ما خلق بلا معونة من أحد ولا تكلف ولا احتيال، أنشأها فكانت وبرأها فباتت، فهو الله الذي لا إله إلا هو المتقن الذي أحسن الصنيعة، العدل الذي لا يجور، والأكرم الذي ترجع إليه الأمور.
وأشهد أنه الذي تواضع كل شئ لقدرته، وخضع كل شئ لهيبته، مالك الأملاك، ومفلك الأفلاك، ومسخر الشمس والقمر، كل يجري لأجل مسمى، يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل يطلبه حثيثا، قاصم كل جبار عنيد، ومهلك كل شيطان مريد، لم يكن معه ضد ولا ند، أحد صمد لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، إله واحد ورب ماجد، يشاء فيمضي ويريد فيقضي، ويعلم فيحصي ويميت فيحيي، ويفقر ويغني، ويضحك ويبكي، ويمنع ويؤتي، له
____________
(1) سلم الواحدة " سلمة ": جنس شجر شائك من فصيلة القطانيات، ينمو في البلدان الحارة.
(2) في الاحتجاج: ثم حمد الله وأثنى عليه فقال:
(3) سمك الشئ: رفعه. يقال: " سمك الله السماء " أي رفعها.
(4) دحى الشئ: بسطه.
(5) في الاحتجاج: ليس مثله شئ.
الصفحة 330
الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شئ قدير، يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل لا إله إلا هو العزيز الغفار. مستجيب الدعاء، ومجزل العطاء محصي الأنفاس ورب الجنة والناس، لا يشكل عليه شئ ولا يضجره صراخ المستصرخين ولا يبرمه إلحاح الملحين، العاصم للصالحين والموفق للمفلحين، ومولى(1) العالمين، الذي استحق من كل خلق أن يشكره ويحمده على السراء والضراء والشدة والرخاء، وأؤمن به وبملائكته وكتبه ورسله، أسمع أمره وأطيع وأبادر إلى كل ما يرضاه وأستسلم لقضائه رغبة في طاعته وخوفا من عقوبته، لأنه الله الذي لا يؤمن مكره ولا يخاف جوره، أقر له على نفسي بالعبودية، وأشهد له بالربوبية، وأؤدي ما أوحي إلي حذرا من أن لا أفعل فتحل بي منه قارعة لا يدفعها عني أحد وإن عظمت حيلته. لا إله إلا هو، لأنه قد أعلمني إن لم أبلغ ما أنزل إلي فما بلغت رسالته، وقد ضمن لي تبارك وتعالى العصمة، وهو الله الكافي الكريم فأوحى لي بسم الله الرحمن الرحيم * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) *.
معاشر الناس ما قصرت في تبليغ ما أنزله(2)، وأنا مبين لكم سبب(3) هذه الآية إن جبرائيل هبط إلي ثلاثا(4) يأمرني عن السلام ربي - وهو السلام - أن أقوم في هذا المشهد فأعلم كل أبيض وأسود أن علي بن أبي طالب أخي ووصيي وخليفتي والإمام من بعدي، الذي محله مني محل هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، وهو وليكم بعد الله ورسوله، وقد أنزل الله تبارك وتعالى علي بذلك آية من كتابه: * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) *(5) وعلي بن أبي طالب أقام الصلاة وآتى الزكاة وهو راكع يريد الله عز وجل في كل حال، وسألت جبرائيل أن يستعفي لي عن تبليغ ذلك إليكم أيها الناس لعلمي بقلة المتقين وكثرة المنافقين وإدغال الآثمين وختل المستهزئين بالإسلام الذين وصفهم الله في كتابه بأنهم:
* (يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ويحسبونه هينا وهو عند الله عظيم) *(6) وكثرة أذاهم لي غير مرة(7) حتى سموني أذنا، وزعموا أني كذلك لكثرة ملازمته إياي وإقبالي عليه، حتى أنزل الله عز وجل في ذلك(8): * (ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن) * على الذين يعزمون أنه
____________
(1) في الاحتجاج والبحار: ومولى المؤمنين ورب العالمين.
(2) في الاحتجاج والبحار: ما أنزله إلي.
(3) في الاحتجاج والبحار: سبب النزول.
(4) في الاحتجاج والبحار: هبط إلى مرارا ثلاثا.
(5) المائدة: 55.
(6) الفتح: 11.
(7) في الاحتجاج: في غير مرة.
(8) في الاحتجاج: في ذلك قرآنا.
الصفحة 331
أذن * (خير لكم) *(1) الآية. ولو شئت أن أسمي بأسمائهم(2) لسميت وأن أومي إليهم بأعيانهم لأومأت(3) وأن أدل عليهم لدللت، ولكني والله في أمورهم قد تكرمت، وكل ذلك لا يرضى الله مني إلا أن أبلغ ما أنزل لي(4) ثم تلا (صلى الله عليه وآله): * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) * في علي * (وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) *.
فاعلموا معاشر الناس: أن الله قد نصبه لكم وليا وإماما مفترضا طاعته على المهاجرين والأنصار وعلى التابعين لهم بإحسان، وعلى البادي والحاضر وعلى العجمي والعربي، والحر والمملوك، والصغير والكبير، وعلى الأبيض والأسود، وعلى كل موحد، ماض حكمه، جايز قوله، نافذ أمره، ملعون من خالفه، مرحوم من تبعه، من صدقه فقد غفر الله له ولمن سمع منه وأطاع له.
معاشر الناس: إنه آخر مقام أقومه في هذا المشهد فاسمعوا وأطيعوا وانقادوا لأمر ربكم فإن الله عز وجل هو مولاكم وإلهكم، ثم من دونه رسولكم محمد وليكم القائم المخاطب لكم، ثم من بعدي علي وليكم وإمامكم بأمر الله ربكم، ثم الإمامة في ذريتي من ولدي إلى يوم تلقون الله عز وجل ورسوله، لا حلال إلا ما أحله الله، ولا حرام إلا ما حرمه الله، عرفني الحلال والحرام، وأنا أفضيت بما علمني ربي من كتابه وحلاله وحرامه إليه.
معاشر الناس: ما من علم إلا وقد أحصاه الله في، وكل علم علمت فقد أحصيته في إمام مبين، وما من علم إلا علمته عليا وهو الإمام المبين.
معاشر الناس: لا تضلوا عنه ولا تنفروا منه، ولا تستنكفوا من ولايته، فهو الذي يهدي إلى الحق ويعمل به، ويزهق الباطل وينهى عنه، ولا تأخذه في الله لومة لائم، ثم إنه أول من آمن بالله ورسوله، والذي فدى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بنفسه، والذي كان مع رسول الله ولا أحد يعبد مع رسول الله من الرجال غيره.
معاشر الناس: فضلوه فقد فضله الله، واقبلوه فقد نصبه الله.
معاشر الناس: إنه إمام من الله، ولن يتوب الله على أحد أنكر ولايته ولن يغفر له، حتما على الله أن يفعل ذلك بمن خالف أمره فيه، وأن يعذبه عذابا نكرا أبد الأبد ودهر الدهور، فاحذروا أن تخالفوه فتصلوا نارا وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين.
____________
(1) التوبة: 61.
(2) في البحار: أن أسمي القائلين بذلك بأسمائهم.
(3) أومأ إيماء: أشار بحاجبه أو بيده.
(4) في البحار: ما أنزل الله إلي.
الصفحة 332
أيها الناس: بي والله بشر الأولون من النبيين والمرسلين وأنا خاتم الأنبياء والمرسلين، والحجة على جميع المخلوقين من أهل السماوات والأرضين، فمن شك في ذلك فهو كافر كفر الجاهلية الأولى، ومن شك في قولي فقد شك في الكل منه، والشاك في ذلك فله النار.
معاشر الناس: حباني الله بهذه الفضيلة منا منه علي وإحسانا منه إلي، ولا إله إلا هو، له الحمد مني أبد الأبدين ودهر الداهرين على كل حال.
معاشر الناس: فضلوا عليا فإنه أفضل الناس بعدي من ذكر وأثنى، بنا أنزل الله الرزق وبقي الخلق، ملعون ملعون مغضوب مغضوب على من رد قولي هذا ولم يوافقه، ألا إن جبرائيل خبرني عن الله تعالى بذلك ويقول: من عادى عليا ولم يتوله فعليه لعنتي وغضبي فلتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله أن تخالفوه فتزل قدم بعد ثبوتها إن الله خبير بما تعملون.
معاشر الناس: إنه جنب الله تعالى في كتابه(1): * (يا حسرتي على ما فطرت في جنب الله) *(2).
معاشر الناس: تدبروا القرآن وافهموا آياته، وانظروا محكماته، ولا تتبعوا متشابهه، فوالله لن يبين لكم زواجره ولا يوضح لكم تفسيره إلا الذي أنا أخذ بيده ومعضده(3) - وشائل بعضده - ومعلمكم أن من كنت مولاه فهذا علي مولاه، وهو علي بن أبي طالب أخي ووصيي، وموالاته من الله عز وجل أنزلها علي.
معاشر الناس: إن عليا والطيبين من ولدي هم الثقل الأصغر، والقرآن الثقل الأكبر، فكل واحد ينبئ(4) عن صاحبه وموافق له لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، أمناء الله(5) في خلقه وحكماؤه في أرضه. ألا وقد أديت، ألا وقد بلغت، ألا وقد أسمعت، ألا وقد أوضحت، ألا وإن الله عز وجل قال وأنا قلت عن الله عز وجل، ألا إنه ليس أمير المؤمنين غير أخي هذا، ولا تحل إمرة المؤمنين بعدي لأحد غيره.
ثم ضرب بيده إلى عضده فرفعه، وكان منذ أول ما صعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)(6) شال عليا حتى صارت رجله مع ركبة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم قال:
معاشر الناس: هذا علي أخي ووصيي وواعي علمي وخليفتي على أمتي وعلى تفسير كتاب
____________
(1) في الاحتجاج: إنه جنب الله الذي ذكر في كتابه.
(2) الزمر: 56.
(3) في الاحتجاج والبحار: ومصعده إلي.
(4) في الاحتجاج والبحار: منبئ.
(5) في الاحتجاج: هم أمناء الله وفي البحار: ألا إنهم أمناء الله.
(6) في البحار: وكان منذ أول ما صعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) درجة دون مقامه، فبسط يده نحو وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وشال عليا.
الصفحة 333
الله عز وجل والداعي إليه، والعامل بما يرضاه، والمحارب لأعدائه، والموالي على طاعته، والناهي عن معصيته، خليفة رسول الله وأمير المؤمنين والإمام الهادي، وهو قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين بأمر الله، أقول: ما يبدل القول لدي بأمر ربي، أقول: اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، والعن من أنكره واغضب على من جحد حقه، اللهم إنك أنت أنزلت علي في كتابك أن الإمامة لعلي وليك عند تبياني ذلك، ونصبي إياه بما أكملت لعبادك من دينهم وأتممت عليهم نعمتك ورضيت لهم الإسلام دينا فقلت: * (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) *(1) اللهم إني أشهدك أني قد بلغت.
معاشر الناس: إنما أكمل الله عز وجل دينكم بإمامته فمن لم يأتم به وبمن يقوم مقامه من ولدي من صلبه إلى يوم القيامة والعرض على الله عز وجل فأولئك الذين حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون.
معاشر الناس: هذا علي أنصركم لي وأحقكم بي وأقربكم إلي وأعزكم علي، والله عز وجل وأنا عنه راضيان، وما نزلت آية رضا إلا فيه، وما خاطب الله الذين آمنوا إلا بدأ به ولا نزلت آية مدح في القرآن إلا فيه، ولا شهد الله بالجنة في * (هل أتى على الإنسان) *(2) إلا له، ولا أنزلها في سواه، ولا مدح بها غيره.
معاشر الناس: هو ناصر دين الله والمجادل عن رسول الله، وهو التقي النقي الهادي المهدي، نبيكم خير نبي ووصيكم خير وصي(3).
معاشر الناس: ذرية كل نبي من صلبه وذريتي من صلب علي.
معاشر الناس: إن إبليس أخرج آدم من الجنة بالحسد فلا تحسدوه فتحبط أعمالكم وتزل أقدامكم، فإن آدم أهبط إلى الأرض بخطيئة واحدة وهو صفوة الله عز وجل، فكيف بكم وأنتم أنتم(4) عباد الله ما يبغض(5) عليا إلا شقي ولا يتولى به إلا مؤمن تقي، ولا يؤمن به إلا مخلص، في علي والله نزلت سورة العصر * (بسم الله الرحمن الرحيم والعصر إن الإنسان لفي خسر) * إلى آخرها.
معاشر الناس: قد استشهدت الله وبلغتكم رسالتي وما على الرسول إلا البلاغ المبين.
معاشر الناس: * (اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) *(6).
____________
(1) آل عمران: 85.
(2) الإنسان: 2.
(3) في الاحتجاج: وبنوه خير الأوصياء.
(4) في الاحتجاج: وأنتم أنتم ومنكم أعداء الله؟.
(5) في البحار: ألا إنه لا يبغض.
(6) آل عمران: 102.
الصفحة 334
معاشر الناس: * (آمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزل معه من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها) *(1).
معاشر الناس: النور من الله عز وجل في، ثم مسلوك في علي(2) ثم في النسل منه إلى القائم المهدي الذي يأخذ بحق الله وبكل حق هو لنا، لأن الله عز وجل قد جعلنا حجة على المقصرين والمعاندين والمخالفين والخائنين والآثمين والظالمين من جميع العالمين.
معاشر الناس: أنذركم أني رسول الله قد خلت من قبلي الرسل أفإن مت أو قتلت انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين، ألا وإن عليا الموصوف بالصبر والشكر، ثم من بعده ولدي من صلبه.
معاشر الناس: لا تمنوا على الله إسلامكم فيسخط عليكم فيصيبكم بعذاب من عنده إنه لبالمرصاد.
معاشر الناس: سيكون من بعدي أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون.
معاشر الناس: إن الله وأنا بريئان منهم.
معاشر الناس: إنهم وأنصارهم وأشياعهم وأتباعهم في الدرك الأسفل من النار ولبئس مثوى المتكبرين ألا إنهم أصحاب (الصحيفة) فلينظر أحدكم في صحيفته، قال: فذهب على الناس إلا شرذمة منهم أمر الصحيفة.
معاشر الناس: إني أدعها أمانة ووراثة في عقبي إلى يوم القيامة، وقد بلغت ما أمرت بتبليغه حجة على كل حاضر وغائب وعلى كل أحد ممن شهد أو لم يشهد ولدا ولم يولد فليبلغ الحاضر الغائب والوالد الولد إلى يوم القيامة، وسيجعلونها ملكا واغتصابا، ألا لعن الله الغاصبين، وعندها سنفرغ لكم أيها الثقلان فيرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران.
معاشر الناس: إن الله عز وجل لم يكن يذركم على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب، وما كان الله ليطلعكم على الغيب.
معاشر الناس: إنه ما من قرية إلا والله مهلكها بتكذيبها، وكذلك يهلك القرى وهي ظالمة كما ذكر الله تعالى(3) وهذا علي إمامكم ووليكم، وهو مواعيد الله والله يصدق وعده.
____________
(1) النساء: 47.
(2) في الاحتجاج والبحار: مسلوك في ثم في علي.
(3) إشارة إلى قوله تعالى في سورة القصص الآية 59 / * (وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلوا عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون) *.
الصفحة 335
معاشر الناس: قد ضل قبلكم أكثر الأولين، والله قد أهلك الأولين وهو مهلك الآخرين(1).
معاشر الناس: إن الله قد أمرني ونهاني، وقد أمرت عليا ونهيته، فعلم الأمر والنهي من ربه عز وجل، فاسمعوا لأمره تسلموا، وأطيعوا تهتدوا، وانتهوا لنهيه ترشدوا، وصيروا إلى مراده ولا تتفرق بكم السبل عن سبيله.
معاشر الناس: أنا صراط الله المستقيم الذي أمركم الله باتباعه، ثم علي من بعدي، ثم ولدي من صلبه أئمة يهدون بالحق وبه يعدلون، ثم قرأ * (الحمد لله رب العالمين) *(2) إلى آخرها وقال: في نزلت وفيهم نزلت ولهم عمت وإياهم خصت أولئك أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون:
* (ألا إن حزب الله هم الغالبون) * ألا إن أعداء علي أهل الشقاق العادون، وإخوان الشياطين الذي يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا، ألا إن أولياؤهم هم المؤمنون الذين ذكرهم في كتابه فقال عز وجل: * (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله) *(3) إلى آخر الآية، ألا أولياؤهم الذين وصفهم الله عز وجل فقال: * (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) *(4) ألا إن أولياؤهم الذين يدخلون الجنة آمنين، وتتلقاهم الملائكة بالتسليم أن طبتم فادخلوها خالدين، ألا إن أولياؤهم الذين قال الله عز وجل: * (يدخلون الجنة بغير حساب) *(5) ألا إن أعداءهم يصلون سعيرا، ألا إن أعداءهم الذين يسمعون لجهنم شهيقا وهي تفور ولها زفير كلما دخلت أمة لعنت أختها، ألا إن أعداءهم الذين قال الله عز وجل: * (كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير) *(6) ألا إن أولياءهم الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير.
معاشر الناس: شتان ما بين السعير والجنة، عدونا من ذمه الله ولعنه، وولينا من مدحه الله وأحبه.
معاشر الناس: ألا وإني منذر وعلي هاد.
____________
(1) في الاحتجاج: قال تعالى: * (ألم نهلك الأولين ثم نتبعهم الآخرين * كذلك نفعل بالمجرمين * ويل يومئذ للمكذبين) *. (المرسلات: 16 - 19).
(2) الفاتحة: 2.
(3) المجادلة: 22.
(4) الأنعام: 82.
(5) المؤمن: 40. ونص الآية: * (فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب) *.
(6) الملك: 8 - 11. وفي الاحتجاج: * (كلما ألقي فيها قوم سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير * قالوا بلى قد جائنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شئ إن أنتم إلا في ضلال مبين) *. وفي البحار: * (كلما ألقى فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير) * إلى قوله: * (فسحقا لأصحاب السعير) *.
الصفحة 336
معاشر الناس: إني نبي وعلي وصيي، ألا إن خاتم الأئمة منا القائم المهدي - صلوات الله عليه - ألا إنه الظاهر على الدين، ألا إنه المنتقم من الظالمين، ألا إنه فاتح الحصون وهادمها، ألا إنه قاتل كل قبيلة من أهل الشرك، ألا إنه المدرك بكل ثأر لأولياء الله عز وجل، ألا إنه الناصر لدين الله، ألا إنه الغراف من بحر عميق، ألا إنه يسم(1) كل ذي فضل بفضله وكل ذي جهل بجهله، ألا إنه خيرة الله ومختاره، ألا إنه وارث كل علم والمحيط به، ألا إنه المخبر عن ربه عز وجل والمنبه بأمر إيمانه، ألا إنه الرشيد السديد، ألا إنه المفوض إليه، ألا إنه قد بشر به من سلف بين يديه، ألا أنه الباقي حجة ولا حجة بعده ولا حق إلا معه، ولا نور إلا عنده، ألا إنه لا غالب له ولا منصور عليه، ألا وإنه ولي الله في أرضه وحكمه في خلقه وأمينه في سره وعلانيته.
معاشر الناس: قد بينت لكم وأفهمتكم، وهذا علي يفهمكم بعدي، ألا وإن عند انقضاء خطبتي أدعوكم إلى مصافقتي على بيعته والإقرار به، ثم مصافقته بعدي، ألا إني قد بايعت الله وعلي قد بايعني، وأنا آخذكم بالبيعة له عن الله عز وجل: * (ومن نكث فإنما ينكث على نفسه) *(2) الآية.
معاشر الناس: * (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما) *(3).
معاشر الناس: فما ورده(4) أهل بيت إلا استغنوا، ولا تخلفوا عنه إلا افتقروا.
معاشر الناس: ما وقف بالموقف مؤمن إلا غفر الله له ما سلف من ذنبه إلى وقته ذلك، فإذا انقضت حجته استونف عمله(5).
معاشر الناس: الحجاج معانون ونفقاتهم مخلفة * (والله لا يضيع أجر المحسنين) *.
معاشر الناس: حجوا البيت بكمال الدين والتفقه ولا تتفرقوا(6) عن المشاهد إلا بتوبة وإقلاع.
معاشر الناس: أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة كما أمركم الله عز وجل، فإن طال عليكم الأمد فقصرتم أو نسيتم فعلي وليكم ومبين لكم الذي نصبه الله عز وجل بعدي، ومن خلفه الله مني ومنه(7)، يخبركم بما تسألون عنه، ويبين لكم ما لا تعلمون، ألا إن الحلال والحرام أكثر من أن
____________
(1) يسم الشئ: يجعل له علامة يعرف بها.
(2) الفتح: 10.
(3) البقرة: 158.
(4) في الاحتجاج: حجوا البيت فما ورده.
(5) في البحار: انقضت حجه استونف عليه عمله.
(6) في الاحتجاج والبحار: ولا تنصرفوا.
(7) في البحار: ومن خلقه الله مني وأنا منه.
الصفحة 337
أحصيها وأعرفها فآمر بالحلال وأنهى عن الحرام في مقام واحد، فأمرت أن آخذ البيعة منكم والصفقة لكم بقبول ما جئت به عن الله عز وجل في علي أمير المؤمنين والأئمة من بعده الذين هم مني ومنه أئمة قائمهم فيهم خاتمهم المهدي إلى يوم القيامة الذي يقضي بالحق.
معاشر الناس: كل حلال دللتكم عليه وكل حرام نهيتكم عنه فإني لم أرجع عن ذلك ولم أبدل، ألا فاذكروا ذلك واحفظوه وتواصوا به ولا تبدلوه ولا تغيروه، ألا وإني أجدد القول، ألا فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، إن رأس الأمر بالمعروف أن تنتهوا إلى قولي وتبلغوه من لم يحضره وتأمروه بقبوله وتنهوه عن مخالفته، فإنه أمر من الله عز وجل ومني، ولا أمر بمعروف ولا نهي منكر إلا مع إمام معصوم.
معاشر الناس: القرآن يعرفكم إن الأئمة من بعده ولده، وعرفتكم أنهم مني ومنه حيث يقول الله عز وجل: * (وجعلها كلمة باقية في عقبه) *(1) وقلت: لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما.
معاشر الناس: التقوى التقوى، احذروا الساعة كما قال الله عز وجل: * (إن زلزلة الساعة شئ عظيم) *(2) اذكروا الممات والحساب والموازين والمحاسبة بين يدي رب العالمين والثواب والعقاب، فمن جاء بالحسنة أثيب ومن جاء بالسيئة فليس له في الجنان نصيب.
معاشر الناس: إنكم أكثر من أن تصافقوني بكف واحدة، أمرني الله عز وجل أن آخذ من ألسنتكم الإقرار بما عقدت لعلي بإمرة المؤمنين، ومن جاء بعده من الأئمة مني ومنه على ما أعلمتكم أن ذريتي من صلبه، فقولوا بأجمعكم إنا سامعون مطيعون راضون منقادون لما بلغت عن ربنا وربك في أمر علي وأمر ولده من صلبه من الأئمة نبايعك على ذلك بقلوبنا وأنفسنا وألسنتنا وأيدينا، على ذلك نحيا ونموت ونبعث، لا نغير ولا نبدل ولا نشك ولا نرتاب، ولا نرجع عن عهد ولا ننقض الميثاق ونطيع الله ونطيعك وعليا أمير المؤمنين وولده الأئمة الذين ذكرتهم من ذريتك من صلبه بعد الحسن والحسين، الذين قد عرفتكم مكانهما مني ومحلهما عندي ومنزلتهما من ربي عز وجل، فقد أديت ذلك إليكم وأنهما سيدا شباب أهل الجنة، وأنهما الإمامان بعد أبيهما علي وأنا أبوهما قبله، فقولوا: أطعنا الله بذلك وإياك وعليا والحسن والحسين والأئمة الذين ذكرت، عهدا وميثاقا مأخوذا لأمير المؤمنين من قلوبنا وأنفسنا وألسنتنا ومصافحة(3) أيدينا - من أدركهما بيده وأقر بهما بلسانه - لا نبتغي بذلك بدلا ولا نرى من أنفسنا
____________
(1) الزخرف: 28.
(2) الحج: 1.
(3) في الاحتجاج والبحار: ومصافقة.
الصفحة 338
عنه حولا أبدا(1) أشهدنا الله وكفى بالله شهيدا، وأنت علينا به شهيد، وكل من أطاع ممن ظهر واستتر وملائكة الله وجنوده وعبيده، والله أكبر من كل شهيد.
معاشر الناس: ما تقولون؟ فإن الله يعلم كل صوت وخافية كل نفس * (فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها) *(2) ومن بايع فإنما يبايع الله * (يد الله فوق أيديهم) *(3).
معاشر الناس: فاتقوا الله وبايعوا عليا أمير المؤمنين والحسن والحسين والأئمة كلمة باقية، يهلك الله من غدر، ويرحم من وفى * (ومن نكث فإنما ينكث على نفسه) *(4) الآية.
معاشر الناس: قولوا الذي قلت لكم، وسلموا على علي بإمرة المؤمنين، وقولوا: * (سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير) *(5) وقولوا: * (الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله) *(6).
معاشر الناس: إن فضائل علي بن أبي طالب عند الله عز وجل، وقد أنزلها في القرآن أكثر من أن أحصيها في مقام واحد فمن أنبأكم بها وعرفها فصدقوه.
معاشر الناس: من يطع الله ورسوله وعليا والأئمة الذين ذكرتهم فقد فاز فوزا عظيما.
معاشر الناس: السابقون إلى مبايعته وموالاته والتسليم عليه بإمرة المؤمنين، أولئك الفائزون في جنات النعيم.
معاشر الناس: قولوا ما يرضي الله عنكم من القول، * (فإن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فلن يضر الله شيئا) *(7) اللهم اغفر للمؤمنين واغضب على الكافرين والحمد لله رب العالمين ".
فناداه القوم: سمعنا وأطعنا على أمر الله وأمر رسوله بقلوبنا وألسنتنا وأيدينا وتداكوا(8) على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلى علي وصافقوا بأيديهم، فكان أول من صافق رسول الله (صلى الله عليه وآله) الأول والثاني والثالث والرابع والخامس وباقي المهاجرين والأنصار، وباقي الناس على طبقاتهم وقدر منازلهم، إلى أن صليت العشاء والعتمة في وقت واحد، وواصلوا البيعة والمصافقة ثلاثا ورسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول، كلما بايع قوم: " الحمد لله الذي فضلنا على جميع العالمين، وصارت المصافقة سنة ورسما يستعملها من ليس له حق فيها ".
____________
(1) في البحار حولا أبدا، نحن نؤدي ذلك عنك الداني والقاصي من أولادنا وأهلينا.
(2) الزمر: 39.
(3) الفتح: 10.
(4) الفتح: 10.
(5) البقرة: 285.
(6) الأعراف: 43.
(7) آل عمران: 144.
(8) تداك عليه القوم: ازدحموا.
الصفحة 339
وروي عن الصادق (عليه السلام): " إنه لما فرغ رسول الله (صلى الله عليه وآله) من هذه الخطبة رئي في الناس رجل جميل بهي طيب الريح فقال: بالله ما رأينا كاليوم قط وما أشد ما يؤكد لابن عمه وإنه لعقد عقدا لا يحله إلا كافر بالله العظيم وبرسوله، ويل طويل لمن حل عقده.
قال: فالتفت إليه عمر حين سمع كلامه فأعجبته هيئته ثم التفت إلى النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: أما سمعت ما قال هذا الرجل كذا وكذا؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا عمر أتدري من ذاك الرجل؟ قال: لا، قال: ذلك الروح الأمين جبرائيل فإياك أن تحله، فإنك إن فعلت فالله ورسوله وملائكته والمؤمنون منك براء "(1).
وهذه الخطبة متكررة في الكتب وقد ذكرها الشيخ الفاضل محمد بن أحمد بن علي المعروف بابن الفارسي في روضة الواعظين(2).
الحادي والأربعون: الشيخ الطوسي في التهذيب، عن أبي عبد الله بن عياش قال: حدثني أحمد بن زياد الهمداني وعلي بن محمد التستري قالا: حدثنا محمد بن ليث المكي قال: حدثني أبو إسحاق بن عبد الله العلوي العريضي قال: دخل في صدري(3) ما الأيام التي تصام؟ فقصدت مولانا أبا الحسن علي بن محمد (عليهما السلام) وهو بصريا(4) ولم أبد ذلك لأحد من خلق الله فدخلت عليه فلما بصر بي قال (عليه السلام): " يا أبا إسحاق جئت تسألني عن الأيام التي يصام فيهن؟ وهي أربعة: أولهن يوم السابع والعشرين من رجب يوم بعث الله تعالى محمدا (صلى الله عليه وآله) إلى خلقه رحمة للعالمين، ويوم مولده (صلى الله عليه وآله) [ بمكة ] وهو السابع عشر من شهر ربيع الأول، ويوم الخامس والعشرين من ذي القعدة فيه دحيت الكعبة، ويوم الغدير فيه أقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) أخاه عليا (عليه السلام) علما للناس وإماما من بعده "، قلت: صدقت جعلت فداك لذلك أشهد أنك حجة الله على خلقه(5).
الثاني والأربعون: وعنه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن ابن راشد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: أللمسلمين(6) عيد غير هذين العيدين؟ قال: " نعم يا حسن أعظمهما وأشرفهما "، قال: قلت: وأي يوم هو؟ قال: " هو يوم نصب أمير المؤمنين فيه علما للناس "، قال: قلت: جعلت فداك وما ينبغي لنا أن نصنع فيه؟ قال: " تصومه يا حسن وتكثر من
____________
(1) الاحتجاج: 1 / 66 - 84. البحار: 37 / 201 - 219.
(2) روضة الواعظين ص 89 - 99. ط - النجف 1386 هـ.
(3) في المصدر: وحك في صدري.
(4) صريا: قرية على ثلاثة أميال من المدينة.
(5) التهذيب: 4 / 305 - 306. ط - النجف.
(6) في المصدر: جعلت فداك أللمسلمين.
الصفحة 340
الصلاة(1) على محمد وآله وتبرأ إلى الله عز وجل ممن ظلمهم، وإن الأنبياء صلوات الله عليهم كانت تأمر الأوصياء باليوم الذي يقام فيه الوصي أن يتخذ عيدا "، قال: قلت: فما لمن صامه؟ قال:
" صيام ستين شهرا ولا تدع صيام سبعة وعشرين من رجب فإنه اليوم الذي نزلت فيه النبوة على محمد (صلى الله عليه وآله) وثوابه مثل ستين شهرا لكم "(2).
الثالث والأربعون: الشيخ الطوسي في التهذيب عن الحسين بن الحسن الحسني قال: حدثنا محمد بن موسى الهمداني قال: حدثنا علي بن حسان الواسطي قال: حدثنا علي بن الحسين العبدي قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: " صيام يوم غدير خم يعدل صيام عمر الدنيا لو عاش إنسان ثم صام ما عمرت الدنيا لكان له ثواب ذلك، وصيامه يعدل عند الله عز وجل في كل عام مائة حجة ومائة عمرة مبرورات متقبلات، وهو عيد الله الأكبر، وما بعث الله عز وجل نبيا(3) إلا وتعيد في هذا اليوم وعرف حرمته، واسمه في السماء يوم العهد المعهود، وفي الأرض يوم الميثاق المأخوذ والجمع المشهود، ومن صلى فيه ركعتين يغتسل عند زوال الشمس من قبل أن تزول مقدار نصف ساعة، يسأل الله عز وجل يقرأ في كل ركعة سورة الحمد مرة وعشر مرات قل هو الله أحد وعشر مرات آية الكرسي وعشر مرات إنا أنزلناه، عدلت عند الله عز وجل مائة ألف حجة ومائة ألف عمرة، وما سأل الله عز وجل حاجة من حوائج الدنيا وحوائج الآخرة إلا قضيت له كائنة ما كانت الحاجة، وإن فاتتك الركعتان والدعاء قضيتها بعد ذلك، ومن فطر فيه مؤمنا كان كمن أطعم فئاما وفئاما وفئاما(4) فلم يزل يعد إلى أن عقد بيده عشرا، ثم قال: أتدري كم الفئام؟
قلت: لا، قال: مائة ألف كل فئام، كان له ثواب من أطعم بعددها من النبيين والصديقين والشهداء في حرم الله عز وجل وسقاهم في يوم ذي مسغبة والدرهم فيه بألف ألف درهم. قال: لعلك ترى أن الله عز وجل خلق يوما أعظم حرمة منه، لا والله لا والله، ثم قال: وليكن من قولكم إذ التقيتم أن تقولوا: الحمد لله الذي أكرمنا بهذا اليوم وجعلنا من الموفين بعهده إلينا وميثاقه الذي واثقنا به من ولاية ولاة أمره والقوام بقسطه ولم يجعلنا من الجاحدين والمكذبين بيوم الدين.
ثم قال: وليكن من دعائك في دبر هاتين الركعتين أن تقول: * (ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا) * إلى قوله: * (إنك لا تخلف الميعاد) *(5).
____________
(1) في المصدر: وتكثر فيه الصلاة.
(2) التهذيب: 4 / 305.
(3) في المصدر: نبيا قط.
(4) الفئام: الجماعة من الناس.
(5) آل عمران: 193. وفي المصدر ذكر تمام الآية وهي: * (ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع البرار * ربنا واتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد) *.
الصفحة 341
ثم تقول بعد ذلك اللهم إني أشهدك وكفى بك شهيدا وأشهد ملائكتك وحملة عرشك وسكان سمواتك وأرضك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت المعبود الذي ليس من لدن عرشك إلى قرار أرضك معبود يعبد سواك إلا باطل مضمحل غير وجهك الكريم، لا إله إلا أنت المعبود فلا معبود سواك تعاليت عما يقول الظالمون علوا كبيرا، وأشهد أن محمدا (صلى الله عليه وآله) عبدك، وأشهد أن عليا صلوات الله عليه أمير المؤمنين ووليهم ومولاهم، ربنا إنا سمعنا بالنداء وصدقنا المنادي رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذ نادى بنداء عنك بالذي أمرته أن يبلغ ما أنزلت إليه من ولاية ولي أمرك فحذرته وأنذرته إن لم يبلغ أن تسخط عليه، وإنه إن بلغ رسالاتك عصمته من الناس فنادى مبلغا وحيك ورسالاتك: ألا من كنت وليه فعلي وليه، ومن كنت نبيه فعلي أميره، ربنا قد أجبنا داعيك النذير المنذر محمدا (صلى الله عليه وآله) عبدك ورسولك إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) الذي أنعمت عليه وجعلته مثلا لبني إسرائيل إنه أمير أمير المؤمنين ومولاهم ووليهم إلى يوم القيامة يوم الدين، فإنك قلت * (إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل) * ربنا آمنا واتبعنا مولانا وولينا وهادينا وداعي الأنام وصراطك المستقيم السوي وحجتك وسبيلك الداعي إليك على بصيرة هو ومن اتبعه، سبحان الله عما يشركون بولايته وبما يلحدون باتخاذ الولائج دونه، فاشهد يا إلهي أنه الإمام الهادي المرشد الرشيد علي أمير المؤمنين، الذي ذكرته في كتابك فقلت * (وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم) *(1) لا أشرك معه إماما ولا أتخذ من دونه وليجة اللهم فإنا نشهد أنه عبدك الهادي من بعد نبيك النذير المنذر وصراطك المستقيم وأمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين وحجتك البالغة ولسانك المعبر عنك في خلقك والقائم بالقسط من بعد نبيك وديان دينك وخازن علمك وموضع سرك وعيبة علمك وأمينك المأمون المأخوذ ميثاقه مع ميثاق رسولك (صلى الله عليه وآله) من جميع خلقك وبريتك شهادة الإخلاص لك بالوحدانية بأنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت وأن محمدا عبدك ورسولك وعليا أمير المؤمنين، وأن الإقرار بولايته تمام توحيدك والإخلاص بوحدانيتك وكمال دينك وتمام نعمتك على جميع خلقك وبريتك فإنك قلت وقولك الحق: * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) *(2) اللهم فلك الحمد على ما مننت علينا من الإخلاص لك بوحدانيتك إذ هديتنا لموالاة وليك الهادي من بعد نبيك المنذر ورضيت لنا الإسلام دينا بموالاته وأتممت علينا نعمتك التي جددت لنا عهدك وميثاقك فذكرتنا ذلك وجعلتنا من أهل الإخلاص والتصديق بعهدك وميثاقك ومن أهل الوفاء
____________
(1) الزخرف: 4.
(2) المائدة: 3.
الصفحة 342
بذلك، ولم تجعلنا من الناكثين والمنحرفين والمبتكين(1) آذان الأنعام والمغيرين خلق الله، ومن الذين استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله وصدهم عن السبيل وعن الصراط المستقيم، وأكثر من قولك في يومك وليلتك أن تقول: اللهم العن الجاحدين والناكثين والمغيرين والمكذبين بيوم الدين من الأولين والآخرين.
اللهم فلك الحمد على إنعامك علينا بالذي هديتنا إلى ولاية ولاة أمرك من بعد نبيك الأئمة الهداة الراشدين الذين جعلتهم أركان لتوحيدك وأعلام الهدى ومنار التقوى والعروة الوثقى وكمال دينك وتمام نعمتك فلك الحمد، آمنا بك وصدقنا نبيك واتبعنا من بعده النذير ووالينا وليهم وعادينا عدوهم وبرئنا من الجاحدين والناكثين والمكذبين إلى يوم الدين.
اللهم فكما كان من شأنك يا صادق الوعد يا من لا يخلف الميعاد يا من هو كل يوم في شأن أن أنعمت علينا بموالاة أوليائك المسؤول عنها عبادك فإنك قلت وقولك الحق: * (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) *(2) وقلت: * (وقفوهم إنهم مسؤولون) *(3) ومننت علينا بشهادة الإخلاص لك بموالاة أوليائك الهداة من بعد النذير المنذر والسراج المنير وأكملت الدين بموالاتهم والبراءة من عدوهم، وأتممت علينا النعمة التي جددت لنا عهدك فذكرتنا ميثاقك المأخوذ منا في مبتدأ خلقك إيانا وجعلتنا من أهل الإجابة، وذكرتنا العهد والميثاق ولم تنسنا ذكرك، فإنك قلت: * (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى) * شهدنا بمنك ولطفك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت ربنا ومحمد عبدك ورسولك نبينا وعلي أمير المؤمنين والحجة العظمى وآيتك الكبرى والنبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون.
اللهم فكما كان من شأنك أن أنعمت علينا بالهداية إلى معرفتهم فليكن من شأنك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تبارك لنا في يومنا هذا الذي ذكرتنا فيه عهدك وميثاقك وأكملت ديننا وأتممت علينا نعمتك وجعلتنا من أهل الإجابة والإخلاص بوحدانيتك ومن أهل الإيمان والتصديق بولاية أوليائك والبراءة من أعدائك وأعداء أوليائك الجاحدين المكذبين بيوم الدين.
وأن لا تجعلنا من الغاوين ولا تلحقنا بالمكذبين بيوم الدين، واجعل لنا قدم صدق مع المتقين وتجعل لنا من المتقين إماما إلى يوم الدين، يوم يدعى كل أناس بإمامهم، واحشرنا في زمرة الهداة المهديين، وأحينا ما أحييتنا على الوفاء بعهدك وميثاقك المأخوذ منا وعلينا لك، واجعل
____________
(1) بتك: أي قطع.
(2) التكاثر: 8.
(3) الصافات: 24.
الصفحة 343
لنا مع الرسول سبيلا، وثبت لنا قدم صدق في الهجرة.
اللهم واجعل محيانا خير المحيا ومماتنا خير الممات ومنقلبنا خير المنقلب حتى توفانا وأنت عنا راض قد أوجبت لنا حلول جنتك برحمتك والمثوى في دارك والإنابة إلى دار المقامة من فضلك لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب. ربنا إنك أمرتنا بطاعة ولاة أمرك، وأمرتنا أن نكون مع الصادقين فقلت: * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) *(1) وقلت: * (اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) *(2) فسمعنا وأطعنا ربنا فثبت أقدامنا وتوفنا مسلمين مصدقين لأوليائك ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
اللهم إني أسألك بالحق الذي جعلته عندهم وبالذي فضلتهم على العالمين جميعا أن تبارك لنا في يومنا هذا الذي أكرمتنا فيه وأن تتم علينا نعمتك وتجعله عندنا مستقرا ولا تسلبناه أبدا ولا تجعله مستودعا فإنك قلت: * (فمستقر ومستودع) *(3) فاجعله مستقرا ولا تجعله مستودعا، وارزقنا نصر دينك مع ولي هاد منصور من أهل بيت نبيك، واجعلنا معه وتحت رايته شهداء صديقين في سبيلك وعلى نصرة دينك ". ثم تسأل بعدها حاجتك للآخرة والدنيا فإنها والله مقضية في هذا اليوم إن شاء الله تعالى(4).
قلت: على هذا نقتصر من روايات الخاصة، والروايات في قصة غدير خم لا تحصى من طريق الخاصة والعامة.
قال الشيخ الفاضل محمد بن علي بن شهرآشوب في فصل قصة غدير خم من كتابه، قال:
العلماء مطبقون على قبول هذا الخبر وإنما وقع الخلاف في تأويله [ وقد بلغ في الانتشار والاشتهار إلى حد لا يوازي به خبر من الأخبار وضوحا وبيانا وظهورا وعرفانا حتى لحق في المعرفة والبيان بالعلم بالحوادث الكبار والبلدان فلا يدفعه إلا جاحد ولا يرده إلا معاند وأي خبر من الأخبار جمع في روايته ومعرفة طرقه أكثر من ألف مجلد من تصانيف العامة والخاصة من المتقدمين والمتأخرين ](5) ذكره محمد بن إسحاق(6)، وأحمد البلاذري(7) ومسلم بن الحجاج(8)، وأبو نعيم
____________
(1) النساء: 59.
(2) التوبة: 119. ونص الآية: * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) *.
(3) الأنعام: 98.
(4) التهذيب: 3 / 143 - 147.
(5) الجملة بين المعقوفتين غير موجودة في النسخة المطبوعة من المصدر.
(6) الحافظ محمد بن إسحاق المدني المتوفى 151 ر 152.
(7) الحافظ أحمد بن يحيى البلاذري المتوفى 279.
(8) الحافظ مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري صاحب الصحيح المتوفى 261.
الصفحة 344
الأصفهاني(1)، وأبو الحسن الدارقطني(2)، وأبو بكر بن مردوديه(3)، وابن شاهين(4)، وأبو بكر الباقلاني(5)، وأبو المعالي الجويني(6)، وأبو إسحاق الثعلبي(7)، وأبو سعيد الخركوشي(8)، وأبو المظفر السمعاني(9)، وأبو بكر بن شيبة(10)، وعلي بن الجعد(11)، وشعبة(12)، والأعمش، وابن عياش(13)، وابن السلاح، والشعبي(14) والزهري(15) والاقليشي، والجعابي(16) وابن البيع(17)، وابن ماجة(18)، وابن عبد ربه(19) والالكاني، وشريك القاضي(20)، وأبو يعلى الموصلي(21) من عدة طرق، وأحمد بن حنبل من عشرين(22) طريقا، وابن بطة(23) من ثلاث وعشرين طريقا(24).
____________
(1) الحافظ أحمد بن عبد الله أبو نعيم الإصبهاني المتوفى 430.
(2) الحافظ علي بن عمر بن أحمد الدارقطني المتوفى 385.
(3) الحافظ أحمد بن موسى بن مردويه الإصبهاني أبو بكر المتوفى 416.
(4) أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان بن أحمد بن محمد بن أيوب البغدادي المتوفى 385.
(5) المتكلم القاضي محمد بن الطيب بن محمد أبو بكر الباقلاني المتوفى 403.
(6) إمام الحرمين عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن عبد الله الجويني النيسابوري المتوفى 478.
(7) أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوري المتوفى 427 ر 37.
(8) عبد الملك بن محمد بن إبراهيم النيسابوري الحافظ المفسر المتوفى 407.
(9) عبد الرحيم بن عبد الكريم بن محمد بن منصور المروزي الفقيه المحدث المتوفى 617.
(10) الحافظ عبد الله بن محمد بن أبي شيبة العبسي الكوفي المتوفى 235.
(11) الحافظ أبو الحسن علي بن الجعد بن عبيد الهاشمي الجوهري المحدث المتوفى 230.
(12) الحافظ شعبة بن الحجاج أبو بسطام الواسطي نزيل البصرة المتوفى 160.
(13) أحمد بن محمد بن عبيد الله (عبد الله) بن الحسن بن عياش الجوهري المتوفى 401.
(14) الظاهر هو أحمد بن محمد بن أحمد بن شعيب الشعبي الحنفي المتوفى 357.
(15) أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله القرشي المتوفى 124.
(16) أبو بكر محمد بن عمر بن محمد بن سالم التميمي البغدادي المتوفى 355.
(17) الحافظ محمد بن عبد الله بن محمد أبو عبد الله الحاكم الضبي المعروف بابن النيسابوري المتوفى 405.
(18) الحافظ أبو عبد الله عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة القزويني المتوفى 273.
(19) أبو عمر أحمد بن عبد ربه القرطبي المتوفى 328.
(20) شريك بن عبد الله أبو عبد الله النجعي الكوفي المتوفى 177.
(21) الحافظ أحمد بن علي الموصلي أبو يعلي صاحب المسند الكبير المتوفى 307.
(22) في المصدر: من أربعين طريقا.
(23) الحافظ عبيد الله بن محمد العكبري البطي الحنبلي المتوفى 387.
(24) في المصدر: وابن جرير الطبري من نيف وسبعين طريقا في كتاب الولاية. وأبو العباس بن عقدة من مائة وخمس طرق، وأبو بكر الجعابي من مائة وخمس وعشرين طريقا، وقد صنف..
الصفحة 345
وقد صنف علي بن هلال المهلبي كتاب الغدير، وأحمد بن محمد بن سعيد(1) كتاب من روى خبر غدير خم، [ وابن جرير الطبري كتاب الولاية وهو كتاب غدير خم، وذكر فيه سبعين طريقا ](2) ومسعود الشجري كتابا في رواة هذا الخبر وطرقها، واستخرج الرازي في كتابه أسماء رواتها على حروف المعجم(3).
ولقد رواه أبو العباس بن عقدة وقال صاحب الحديث (رحمه الله): سمعت أبا علي العطار الهمداني يقول: أروي هذا الحديث على مائتي وخمسين طريقا وقال: قال جدي شهر بن آشوب: سمعت أبا المعالي الجويني يتعجب ويقول: شاهدت مجلدا ببغداد في يدي صحاف فيه روايات هذا الخبر مكتوبا عليه المجلدة الثامنة والعشرون من طرق قوله: " من كنت مولاه فعلي مولاه " ويتلوه في المجلدة التاسعة والعشرين..
أقول: قد ذكر جمع من العلماء الأفاضل أن معنى الولي والمولى معنى واحد وهو الأولى بالتصرف في أمور المسلمين الواجب عليهم طاعته في أوامره ونواهيه، وهو معنى الإمام والخليفة، واستدلوا على ذلك بأدلة كثيرة يطول الكتاب بذكرها، وذكر رواة هذا الحديث يطول الكتاب بذكرهم اقتصرنا على هذا القدر، ومن أراد الوقوف على ذلك مما لا مزيد عليه فعليه بكتاب " الشافي " للسيد المرتضى علم الهدى(4) فإنه قد بلغ النهاية في ذلك، وعليه بكتاب الشيخ الفاضل يحيى بن الحسن المعروف بابن البطريق في كتاب " العمدة "(5) وعليه بكتاب " الطرايف "(6) للسيد الجليل أبي القاسم بن طاوس، وكتاب الشيخ محمد بن علي بن شهرآشوب(7) فإن في هذه الكتب بل في بعضها ما هو غنية للمصنف. والله سبحانه وتعالى ولي التوفيق.
وقد ذكروا من رواة هذا الخبر أبا بكر، وعمر، وعثمان، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة، والزبير وساقوا ذكر الرواة من الصحابة وغيرهم.
____________
(1) الحافظ أبو العباس بن عقدة المتوفى 333.
(2) الجملة بين المعقوفتين غير موجود في المصدر.
(3) مناقب آل أبي طالب: 3 / 25.
(4) السيد المرتضى ذو المجدين أبو القاسم علي بن الحسين الموسوي النقيب المتوفى 436.
(5) الفقيه المتكلم شرف الإسلام شمس الدين يحيى بن الحسن بن الحسين بن علي بن محمد الأسدي الحلي الواسطي الربعي المتوفى 600.
(6) طبع في إيران عام 1302 هج بالقطع الوزيري في 176 صفحة.
(7) إشارة إلى كتاب " مناقب آل أبي طالب " يقع في أربعة أجزاء طبع بإيران مكررا