وهي عقبة أوس ويقال: اسمها عقبة دقيق، وفي خرايج الراوندي أنها في طريقه إلى تبوك.
ففي مسند الأنصار: هم أربعة عشر رجلا، ورواه جابر عن الباقر عليه السلام وعد منهم أبا السرور، وأبا الدواهي وأبا المعارف، وابن عوف، وسعد وأبا سفيان و ابنه وفعل وفعيل والمغيرة بن شعبة وأبا الأعور السلمي وأبا قتادة الأنصاري.
وعن عمار وحذيفة نزل فيهم (وهموا بما لم ينالوا (1)).
ابن جريج وابن جبير نزل فيهم (لقد ابتغوا الفتنة من قبل) الآية (2).
ابن كيسان نزل فيهم (يحذر المنافقون) الآيات (3) مقاتل نزل فيهم (ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل (4) الباقر عليه السلام نزل فيهم (يحذر المنافقون) الآية (5) ونزل فيهم (إن الذين يكفرون بالله ورسله (6).
ولما عنفهم النبي صلى الله عليه وآله قالوا: لن نؤمن بك يقينا قبل الساعة وفي رواية
____________
(1) براءة: 74.
(2) براءة: 48.
(3) براءة: 64.
(4) الأحزاب: 15.
(5) براءة: 64.
(6) النساء: 150.
الصفحة 45
الأصبغ أنه قال: منافقون إلى يوم القيامة ثم قال للأول: ما أوقفك هذا الموقف:
قال: آخيت بيني وبين زفر، وقال للثاني: فقال: برح الحفابي، وقال لفعيل قال: خفت الفوت فسبقت، وقال للثالث: فقال: أمرني الثاني، فقال: أما أنت يا فعيل فروثة حمار خير منك وأما أنت يا عثمان فجيفة الصراط يطأك المنافقون، و أما أنتم فمنافقون إلى يوم القيامة.
وسيأتي في باب المجادلة جواب بين لما اقترحوه من البهتان، في عمر وعثمان.
وقد ذكر مسلم حديث العقبة في الجزء الثالث من صحيحه وفي الخامس أيضا، وفي الجمع بين الصحيحين في الحديث الأول من أفراد مسلم، وفي الجزء الثالث من الجمع بين الصحاح الستة وذكرها الكلبي والثعلبي ومحمد بن إسحاق وابن حنبل والحافظ في حليته.
وفي تفسير الثعلبي قال حذيفة: يا رسول الله ألا تقتلهم؟ فقال: يكفيناهم الله بالدبيلة وهي شهاب من جهنم، يضعه على فؤاد أحدهم، حتى يريق نفسه و كان كذلك.
في حلية الأولياء سبه سعيد بن المسيب برده قضاء رسول الله صلى الله عليه وآله بأن الولد للفراش وللعاهر الحجر، وفي تفسير الثعلبي صلى بالمدينة ولم يقرأ البسملة في الفاتحة، رواه عن جماعة، ونحوه في مسند الشافعي.
قال صاحب المصالت: كان على المنبر يأخذ البيعة ليزيد فقالت عائشة: هل استدعى الشيوخ لبنيهم البيعة؟ قال: لا، قالت: فبمن تقتدي؟ فخجل وهيأ لها حفرة فوقعت فيها فماتت.
وفي رواية ابن أبي العاص قال لها: أي موضع ترضين لدفنك قالت: كنت عزمت على جنب رسول الله صلى الله عليه وآله إلا أني أحدثت بعده، فادفنوني بالبقيع وروي
الصفحة 46
أنه كان يهدد الناس لأخذ البيعة ليزيد، فبلغه عنها كلام، فدخلت بعد عماها عليه راكبة حمارا، فبال وراث على بساطه فقال: لا طاقة لي بكلام هذه الفاجرة، ثم دبر لها الحافر، وكان عبد الله بن الزبير يعرض به:
لقد ذهب الحمار بأم عمرو فلا رجعت ولا رجع الحمار
وفي الحديث الثاني من أفراد البخاري من الجمع بين الصحيحين أنه نازع عمر في الخلافة وقال: من أراد أن يتكلم في هذا الأمر فليطلع لنا قرنة، فنحن أحق به منه، ومن أبيه، فإذا كان لعمر فيها منازعا، ولعلي مقاتلا، فقد كفر بخروجه عن إجماع أهل الاسلام.
وذكر الكلبي منهم في المثالب أن معاوية كان لأربعة لعمارة ولمسافر ولأبي سفيان، ولرجل آخر سماه، قال: وكانت أمه هند من المغتلمات تحت السودان قال: وكانت حمامة بعض جداته لها راية بذي الحجاز لأجل الزنا، وكان يكتب عن نفسه كاتب الوحي، وقد صح من التاريخ أنه أظهر الاسلام سنة ثمان من الهجرة وقيل قبل وفاة النبي بخمسة أشهر، فكيف يثق النبي بكتبه مع قرب عهد إسلامه ولو سلم ذلك لهذه القبيلة، فبدعة تسقط تلك الفضيلة.
وقد ذكر في كتبهم أن ابن أبي سرح كان منهم فارتد فمات فدفن، فلم تقبله الأرض.
وفي الثامن والأربعين بعد المائة من المتفق عليه في الجمع بين الصحيحين أن رجلا من بني النجار قرأ البقرة وآل عمران، فكان يكتب الوحي فارتد، فمات عند أهل الكتاب، فدفن فقذفته الأرض ثلاث مرات فترك منبوذا على وجهها، وقد ظهر من معاوية من مخالفة قواعد الدين، ومن قتل الصالحين، ما يزيد على أفعال المرتدين.
إن قيل: فما بال الأرض لم تقذفه قلنا: هذا ليس بواجب، فإن كثيرا من المرتدين لم تقذفهم الأرض، وكذا قاتلي الحسين عليه السلام وغيرهم فإن لله العقوبة والفضيحة بما يشاء.
الصفحة 47
وفي المجلد الثالث في صحيح مسلم أن النبي أرسل ابن عباس يدعو معاوية فدعاه فلم يأته، وقال: إنه يأكل، فقال: لا أشبع الله بطنه، فلو كان عنده من المؤمنين لكان رؤوفا كما جاء في قوله تعالى: (عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم (1)) ونطق الذكر الحكيم بكونه على خلق عظيم، وكان يدعو بهداية قومه من الكافرين، فلولا أنه من المنافقين الهابطين عن الكافرين. في قوله:
(إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار (2)) والدعاء إنما هو بأمر شديد القوى لعموم (وما ينطق عن الهوى (3)) فلولا علمه بنفاقه لم يأمر نبيه بدعائه عليه وشقاقه.
وفي المجلد الثالث من صحيح مسلم: المؤمن يأكل في معاء واحد، والكافر في سبعة أمعاء، وذكره في الجمع بين الصحيحين في الثاني والتسعين من المتفق عليه.
ورووا في كتبهم لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من نفسه وأهله وماله، و أكل معاوية أحب إليه من النبي صلى الله عليه وآله وكان هو مع أقاربه أعداء للنبي ولأقاربه أسلم طمعا في الملك لما سمع من كعب الأحبار وسطيح: كيف لا تؤمن بمحمد وأنت ولي الثارات من أولاده، ففرحت هند بذلك وأسلما.
وفي صفوة التاريخ لأبي الحسن الجرجاني أنه لعن علي عليا المنبر وكتب إلى سائر البلاد بذلك فلعنوه، فإن كان علي ملعونا ظلما على المنابر فمعاوية ملعون عدلا من القنابر (4).
وفي الكتاب قال عتيبة الأسدي:
معاوي إننا بشر فأسجح (5) فلسنا بالجبال ولا الحديد
أكلتم أرضنا فجزدتموها فهل من قائم أو من حصيد
____________
(1) براءة: 128.
(2) النساء: 145.
(3) النجم: 3.
(4) في تفسير الثعلبي في قوله تعالى: (علمنا منطق الطير) أن القنبر يقول (اللهم العن [ ظالم ] آل محمد. كذا في هامش بعض النسخ.
(5) السجاحة السهولة، منه رحمه الله.
الصفحة 48
وروى الأعمش أنه لمام قدم الكوفة قال: ما قتلتكم على أن تصلوا وتصوموا فإني أعلم أنكم تفعلون ذلك، بل لأتأمر عليكم، فقال الأعمش: هل رأيتم رجلا أقل حياء منه؟ قتل سبعين ألفا فيهم عمار وخزيمة وحجر وعمرو بن الحمق ومحمد بن أبي بكر والأشتر وأويس وابن صوحان وابن التيهان وعائشة وابن حسان ثم يقول هذا وفي رواية ابن عبد الملك أنه لما قبض عمرو بن الحمق حفر له قبرا وكفنه وقال: ضعوا الحربة فوقه، فإن تبرأ من علي فأطلقوه وأعطوه خراج البلاد، و إن أبى فاطعنوه سبعا كما فعل بعثمان، فأبي فقتلوه وحملوا رأسه إليه فبعثه إلى امرأته وهي في الحبس، فرمي في حجرها فقالت: نفيتموه عني طويلا، وأهديتموه إلي قتيلا وفي حديقة الحدق عن هارون الضميري أتي إليه بسكران فقال: ما شربت فقال:
مشعشعة كانت قريش تكنها فلما استحلوا قتل عثمان حلت
فقال: مع من شربت؟ فقال:
شربت مع الجوزاء كأسا روية وأخرى مع الشعرى إذا ما استقلت
فدرأ عنه الحد.
وقيل لأبي نعيم: تركت ذكر معاوية في كتابك قال: إنما ألفت حلية الأولياء لا حلية الأمراء.
وروى أبو بكر الهذلي قال: ضرط عند معاوية أبو الأسود الدئلي فاستكتمه فلما خرج حدث بها ابن العاص ومروان، فلما غدا أبو الأسود قال عمرو: ما فعلت ضرطتك بالأمس؟ قال: ذهبت كما يذهب الريح من شيخ ألان الدهر أعضاءه من إمساكها، وكل أجوف ضروط، وكيف نجاك دبرك يا عمرو يوم صفين ثم أقبل على معاوية وقال: إن امرءا ضعفت أمانته ومروته عن كتمان ضرطة، فحقيق أن لا يؤتمن على المسلمين.
الصفحة 49
وفي الكتاب قال معاوية: فضل الله قريشا بثلاث (وأنذر عشيرتك الأقربين (1)) ونحن الأقربون (وإنه لذكر لك ولقومك) (2) ونحن قومه، (لايلاف قريش).
فقال رجل أنصاري: على رسلك يا معاوية قال الله: (وكذب به قومك (3)) وأنت من قومه (إذا قومك منه يصدون) (4) وأنت من قومه (إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا) (5) وأنت من قومه، فهذه ثلاث بثلاث ولو زدتنا لزدناك فأفحمه.
وقال لرجل من اليمن: ما كان أجهل قومك حين ولو أرهم امرأة، فقال:
أجهل منهم قومك إذ قالوا حين دعاهم النبي صلى الله عليه وآله (اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم) (6) ولم يقولوا: إن كان هو الحق فاهدنا له.
ولما دخل عليه عقيل قال له: كيف رأيت عليا وأصحابه؟ قال: كأنه رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه، قال: فأنا؟ قال: فكأنك أبا سفيان وأصحابه، فقال له: أنت ضرير، قال: هو أولى أن لا أراك قال: أنتم تصابون في أبصاركم قال: و أنتم تصابون في بصائركم.
ثم قال لأهل الشام: هذا ابن أخي أبي لهب، فقال: هذا ابن أخي أم جميل حمالة الحطب، فقال: يا عقيل أين تراهما قال: إذا دخلت النار فانظر على يسارك تراه مفرشا لها، فانظر أيهما أسوء؟ الناكح أم المنكوح؟ فقال: واحدة بواحدة والبادي أظلم.
ودخل مولى أبي ذر فقال: أتعلم متى قامت القيامة؟ قال: نعم حين هدموا بيت النبوة والبرهان، وسلبوا أهل العزة والسلطان، وأطفأوا مصابيح النور والفرقان، وعصوا في صفوة الملك الديان، ونصبوا ابن آكل الذبان، شر كهول الورى والشبان، وأحيوا بدعة الشيطان، وأماتوا سنة الرحمن، فقد قامت القيامة
____________
(1) الشعراء: 214.
(2) الزخرف: 44 (3) الأنعام: 66.
(4) الزخرف: 57 (5) الفرقان: 30 (6) الأنفال: 32.
الصفحة 50
العظمى، وجاءت الطامة الكبرى.
قال: أفتعلم متى هلكت الأمة؟ قال: نعم حين كنت أنت أميرها، وابن عاصي الله خطيبها، وابن طريد رسول الله صلى الله عليه وآله فقيهها، وصار غلام ثقيف يسوسها و ابن أبي معيط يتلف بأحقاد الجاهلية نفوسها، وزياد سوء العذاب يسومها، ويزيد السوء بعدك الخلافة يرومها.
وجد على بساطه يوم صفين:
معاوي لله من خلقه عباد قلوبهم قاسية
وقلبك من شر تلك القلوب وليس المطيعة كالعاصية
أردت الخلافة من دونه وغرتك أكلبك العاوية
وأنت طليق فلا ترجها وإن ترجها تهو في الهاوية
وروى سعيد بن حسان أنه كان في مرضه يقول: اسقوني ونغب ولا يروي ويقول: ما لي وما لك يا حجر! ما لي وما لك يا ابن أبي طالب، ويتململ على فراشه ويقول: لولا هواي في يزيد لأبصرت به رشدي، ونحو ذلك في تاريخ النشوي.
سلمة ابن كهيل قال الأحنف: سمعت عليا يقول: ما يموت فرعون حتى يعلق الصليب في عنقه، فدخلت عليه وعنده عمرو والأسقف فإذا في عنقه صليب من ذهب، فقال: أمراني وقالا: إذا أعيا الداء الدواء تروحنا إلى الصليب فنجد له راحة.
الزهري دخل عليه راهب وقال: مرضك من العين، وعندنا صليب يذهب العين فعلقه في عنقه فأصبح ميتا فنزع منه على مغتسله.
وفي المحاضرات لما علقه قال الطبيب: إنه ميت لا محالة، فمات من ليلته فقيل له في ذلك فقال: روي عن علي عليه السلام الخبر السالف.