قيل له: أول ما في هذا الباب أن الرواية لما ذكرت غير معلومة عن النبي صلى الله عليه وآله، وإنما جاءت بها الأخبار على اختلاف من المعاني والألفاظ، وقد دفع صحتها جماعة من رؤساء أهل النظر والاعتبار، وأنكرها إمام المعتزلة وشيخها إبراهيم بن سيار النظام(2) وبعد: فلو ثبت ما ضرنا فيما وصفناه، لأنا لا نحكم بإجماع أمة الإسلام على الرضا بما صنعه المتقدمون على أمير المؤمنين عليه السلام فكيف نحكم بذلك ونحن نعلم يقينا - كالاضطرار - خلاف الأنصار في عقد الإمامة على المهاجرين، وإنكار بني هاشم وأتباعهم على الجميع في تفردهم بالأمر دون أمير المؤمنين عليه السلام، وقد جاءت الأخبار مستفيضة بأقاويل جماعة من وجوه(3) الصحابة في إنكار ما جرى، وتظلم أمير المؤمنين عليه السلام من ذلك(4) برفع الصوت والإجهار؟!
____________
(1) أنظر الرد على هذا الحديث في الاحتجاج: 115، الخصال 2: 549 / 30.
ومن مصادره سنن الترمذي 4: 466 / 2167، مسند أحمد 5: 145، سنن الدارمي 1:
29.
(2) أنظر ترجمته في: " تاريخ بغداد 6: 97 / 3131، سير أعلام النبلاء 10: 541 / 172، لسان الميزان 1: 67 / 173، الكنى والألقاب 3: 253 ".
(3) (وجوه) ليس في ب، م.
(4) (من ذلك) ليس في ب.
الصفحة 48
وكان من قول العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وآله ما قد عرفه الناس، ومن أبي سفيان بن حرب والزبير بن العوام أيضا ما لا يخفى على من سمع الأخبار، وكذلك من عمار بن ياسر وسلمان وأبي ذر والمقداد وبريدة الأسلمي وخالد بن سعيد بن العاص في جماعات يطول بذكرها الكلام.
وهذا يبطل ما ظنه الخصم من اعتقاد(1) الاجماع على إمامة المتقدم(2) على أمير المؤمنين عليه السلام على أنه لا شبهة تعرض في إجماع(3) الأمة على أبي بكر وعمر وعثمان إلا وهي عارضة في قتل عثمان بن عفان، وإمامة معاوية من بعد صلح الحسن عليه السلام، وطاعة يزيد بعد الحرة، وإمامة بني أمية وبني مروان.
فإن وجب(4) لذلك القطع بالإجماع على الثلاثة المذكورين حتى تثبت إمامتهم ويقضى لهم بالصواب ليكون جميع من ذكرناه شركاءهم في الإمامة، وثبوت الرئاسة الدينية والسلطان، إذ العلة واحدة فيما أوجب لهم ذلك، فهو ظاهر التسليم والانقياد على الاجتماع، وترك النكير والخلاف، وهذا ما يأباه أهل العلم كافة، ولا يذهب إليه أحد من أهل التمييز لتناقضه في الاعتقاد.
____________
(1) في أ: اعتقادنا.
(2) في ب: من تقدم.
(3) في ب، م: في التعرض على إجماع.
(4) (وجب) ليس في ب.
الصفحة 49
فإن قال: أليس قد روى أصحاب الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " خير القرون القرن الذي أنا فيه، ثم الذين يلونه(1) "(2).