الغائب والمجنون والصبي والسفيه :
ليس العقل والبلوغ والرشد من شروط الشفيع، لأن الشفعة حق مبني على الملك، ولا يشترط في الملك العقل والبلوغ والرشد، ويأخذ للمجنون والصبي والسفية بالشفعة القائم على شؤونهم بشرط أن لا يكون في الأخذ مفسدة، وإلاّ لم يصح. قال صاحب الجواهر: «بلا خلاف ولا إشكال، لأن الغرض عدم تصرفه على الوجه المشروع، وعليه فاذا أخذ مع المفسدة يكون ضامناً لما دفع من الثمن، ويبقى السهم المأخوذ بالشفعة على ملك المشتري» .
وإذا ترك ولي القاصر الأخذ مع وجود المصلحة يبقى حق الشفعة ثابتاً، حتّى يبلغ الصبي، ويفيق المجنون، ويرشد السفيه، ولو مضى على بيع العقار سنون،
قال صاحب الجواهر :
«لا إشكال ولا خلاف في ذلك، ولا ينافيه التراخي، لأن التأخير كان لعذر، وهو الجنون والصغر، أما تقصير الولي فلا يسقط حقهما الثابت لهما حال قصورهما بالنص والفتوى، وانما الذي تجدد عند الأهلية والكمال هو الأخذ لا أصل الحق، بل لو عفا الولي لم يمض عفوه مع فرض المفسدة، حتّى ولو كان الذي عفا أباً أو جداً لأب، أما تضرر المشتري بطول الانتظار فانه لا يسقط حق القاصر بعد أن كان المشتري هو السبب في إدخال الضرر على نفسه ـ لأنه أقدم على الشراء مع علمه بوجود الشفيع ـ بل لعل الأقوى جواز تحديد الولي الأخذ، وان ترك أو عفا سابقاً، لبطلان تركه وعفوه فلا يترتب الأثر عليهما» .
أمّا الشفيع الغائب فان علم البيع، وسكت عن الطلب، ولم يحضر ولم يوكلّ في الأخذ فيسقط حقه في الشفعة، لأن هذا الحق يثبت على الفور كما يأتي. وإذا لم يعلم بالبيع، أو علم ولم يطالب لعذر مشروع، كما لو جهل بأن له حق الأخذ بالشفعة، فان حقه يبقى قائماً، زان طال الزمان. ويدل عليه قال الإمام الصادق عليهالسلام: وصي اليتيم بمنزلة أبيه يأخذ له الشفعة إذا كان له رغبة، وللغائب شفعة .