يا مفضل تأمل وجه الدابة كيف هو فإنك ترى العينين شاخصتين أمامها لتبصر ما بين يديها لئلا تصدم حائطا أو تتردى في حفرة و ترى الفم مشقوقا شقا في أسفل الخطم و لو شق كمكان الفم من الإنسان في مقدم الذقن لما استطاع أن يتناول به شيئا من الأرض أ لا ترى أن الإنسان لا يتناول الطعام بفيه و لكن بيده تكرمه له على سائر الأكلات فلما لم يكن للدابة يد تتناول بها العلف جعل خرطومها مشقوقا من أسفله لتقبض على العلف ثم تقضمه و أعينت بالجحفلة لتتناول بها ما قرب و ما بعد اعتبر بذنبها و المنفعة لها فيه فإنه بمنزلة الطبق على الدبر و الحياء جميعا يواريهما و يسترهما و من منافعها فيه أن ما بين الدبر و مراقي البطن منها وضر يجتمع عليها الذباب و البعوض فجعل لها الذنب كالمذبة تذب بها عن تلك المواضع و منها أن الدابة تستريح إلى تحريكه و تصريفه يمنة و يسرة فإنه لما كان قيامها على الأربع بأسرها و شغلت المقدمتان بحمل البدن عن التصرف و التقلب كان لها في تحريك الذنب راحة و فيه منافع أخرى يقصر عنها الوهم فيعرف موقعها في وقت الحاجة إليها فمن ذلك أن الدابة ترتطم في الوحل فلا يكون شيء أعون على نهوضها من الأخذ بذنبها و في شعر الذنب منافع للناس كثيرة يستعملونها في مآربهم ثم جعل ظهرها مسطحا مبطوحا على قوائم أربع ليتمكن من ركوبها و جعل حياها بارزا من ورائها ليتمكن الفحل من ضربها و لو كان أسفل البطن كما كان الفرج من المرأة لم يتمكن الفحل منها أ لا ترى أنه لا يستطيع أن يأتيها كفاحا كما يأتي الرجل المرأة