فكر يا مفضل في طلوع الشمس و غروبها لإقامة دولتي النهار و الليل فلو لا طلوعها لبطل أمر العالم كله فلم يكن الناس يسعون في معايشهم و يتصرفون في أمورهم و الدنيا مظلمة عليهم و لم يكونوا يتهنون بالعيش مع فقدهم لذة النور و روحه و الأرب في طلوعها ظاهر مستغنى بظهوره عن الإطناب في ذكره و الزيادة في شرحه بل تأمل المنفعة في غروبها فلو لا غروبها لم يكن للناس هدوء و لا قرار مع عظم حاجتهم إلى الهدوء و الراحة لسكون أبدانهم و جموم حواسهم و انبعاث القوة الهاضمة لهضم الطعام و تنفيذ الغذاء إلى الأعضاء ثم كان الحرص يستحملهم من مداومة العمل و مطاولته على ما يعظم نكايته في أبدانهم فإن كثيرا من الناس لو لا جثوم هذا الليل بظلمته عليهم لم يكن لهم هدوء و لا قرار حرصا على الكسب و الجمع و الادخار ثم كانت الأرض تستحمى بدوام الشمس بضيائها و يحمى كل ما عليها من حيوان و نبات فقدرها الله بحكمته و تدبيره تطلع وقتا و تغرب وقتا بمنزلة سراج يرفع لأهل البيت تارة ليقضوا حوائجهم ثم يغيب عنهم مثل ذلك ليهدءوا و يقروا فصار النور و الظلمة مع تضادهما منقادين متظاهرين على ما فيه صلاح العالم و قوامه