يا مفضل أول العبر و الدلالة على الباري جل قدسه تهيئة هذا العالم و تأليف أجزائه و نظمها على ما هي عليه فإنك إذا تأملت العالم بفكرك و خبرته بعقلك وجدته كالبيت المبني المعد فيه جميع ما يحتاج إليه عباده فالسماء مرفوعة كالسقف و الأرض ممدودة كالبساط و النجوم مضيئة كالمصابيح و الجواهر مخزونة كالذخائر و كل شيء فيها لشأنه معد و الإنسان كالملك ذلك البيت و المخول جميع ما فيه و ضروب النبات مهيأة لمآربه و صنوف الحيوان مصروفة في مصالحه و منافعه ففي هذا دلالة واضحة على أن العالم مخلوق بتقدير و حكمة و نظام و ملائمة و أن الخالق له واحد و هو الذي ألفه و نظمه بعضا إلى بعض جل قدسه و تعالى جده و كرم وجهه و لا إله غيره تعالى عما يقول الجاحدون و جل و عظم عما ينتحله الملحدون