فكر يا مفضل في هذا الريع الذي جعل في الزرع فصارت الحبة الواحدة تخلف مائة حبة و أكثر و أقل و كان يجوز للحبة أن تأتي بمثلها فلم صارت تريع هذا الريع إلا ليكون في الغلة متسع لما يرد في الأرض من البذر و ما يتقوت الزراع إلى إدراك زرعها المستقبل أ لا ترى أن الملك لو أراد عمارة بلد من البلدان كان السبيل في ذلك أن يعطي أهله ما يبذرونه في أرضهم و ما يقوتهم إلى إدراك زرعهم فانظر كيف تجد هذا المثال قد تقدم في تدبير الحكيم فصار الزرع يريع هذا الريع ليفي بما يحتاج إليه للقوت و الزراعة و كذلك الشجر و النبت و النخل يريع الريع الكثير فإنك ترى الأصل الواحد حوله من فراخه أمرا عظيما فلم كان كذلك إلا ليكون فيه ما يقطعه الناس و يستعملونه في مآربهم و ما يرد فيغرس في الأرض و لو كان الأصل منه يبقى منفردا لا يفرخ و لا يريع لما أمكن أن يقطع منه شيء لعمل و لا لغرس ثم كان إن أصابته آفة انقطع أصله فلم يكن منه خلف