تأمل خلق السمك و مشاكلته للأمر الذي قدر أن يكون عليه فإنه خلق غير ذي قوائم لأنه لا يحتاج إلى المشي إذ كان مسكنه الماء و خلق غير ذي رية لأنه لا يستطيع أن يتنفس و هو منغمس في اللجة و جعلت له مكان القوائم أجنحة شداد يضرب بها في جانبيه كما يضرب الملاح بالمجاذيف من جانبي السفينة و كسا جسمه قشورا متانا متداخلة كتداخل الدروع و الجواشن لتقيه من الآفات فأعين بفضل حس في الشم لأن بصره ضعيف و الماء يحجبه فصار يشم الطعم من البعد البعيد فينتجعه فيتبعه و إلا فكيف يعلم به و بموضعه و اعلم أن من فيه إلى صماخه منافذ فهو يعب الماء بفيه و يرسله من صماخيه فيتروح إلى ذلك كما يتروح غيره من الحيوان إلى تنسم هذا النسيم