قال المفضل فلما كان اليوم الثاني بكرت إلى مولاي فاستؤذن لي فدخلت فأمرني بالجلوس فجلست فقال الحمد لله مدبر الأدوار و معيد الأكوار طبقا عن طبق و عالما بعد عالم ليجزي الذين أساءوا بما عملوا و يجزي الذين أحسنوا بالحسنى عدلا منه تقدست أسماؤه و جلت آلاؤه لا يظلم الناس شيئا و لكن الناس أنفسهم يظلمون يشهد بذلك قوله جل قدسه فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ في نظائر لها في كتابه الذي فيه تبيان كل شيء و لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد و لذلك قال سيدنا محمد ص إنما هي أعمالكم ترد إليكم ثم أطرق الإمام هنيئة و قال يا مفضل الخلق حيارى عمهون سكارى في طغيانهم يترددون و بشياطينهم و طواغيتهم يقتدون بصراء عمى لا يبصرون نطقاء بكم لا يعقلون سمعاء صم لا يسمعون رضوا بالدون و حسبوا أنهم مهتدون حادوا عن مدرجة الأكياس و رتعوا في مرعى الأرجاس الأنجاس كأنهم من مفاجأة الموت آمنون و عن المجازات مزحزحون يا ويلهم ما أشقاهم و أطول عناءهم و أشد بلاءهم يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا و لا هم ينصرون إلا من رحم الله قال المفضل فبكيت لما سمعت منه فقال لا تبك تخلصت إذ قبلت و نجوت إذ عرفت