فكر يا مفضل في مقادير النهار و الليل كيف وقعت على ما فيه صلاح هذا الخلق فصار منتهى كل واحد منهما إذا امتد إلى خمس عشرة ساعة لا يجاوز ذلك أ فرأيت لو كان النهار يكون مقداره مائة ساعة أو مائتي ساعة أ لم يكن في ذلك بوار كل ما في الأرض من حيوان و نبات أما الحيوان فكان لا يهدأ و لا يقر طول هذه المدة و لا البهائم كانت تمسك عن الرعي لو دام لها ضوء النهار و لا الإنسان كان يفتر عن العمل و الحركة و كان ذلك ينهكها أجمع و يؤديها إلى التلف و أما النبات فكان يطول عليه حر النهار و وهج الشمس حتى يجف و يحترق كذلك الليل لو امتد مقدار هذه المدة كان يعوق أصناف الحيوان عن الحركة و التصرف في طلب المعاش حتى تموت جوعا و تخمد الحرارة الطبيعية عن النبات حتى يعفن و يفسد كالذي تراه يحدث على النبات إذا كان في موضع لا تطلع عليه الشمس