أ علمت ما طعم هذه الأصناف من الطير التي لا تخرج إلا بالليل كمثل البوم و الهام و الخفاش قلت لا يا مولاي قال إن معاشها من ضروب تنتشر في الجو من البعوض و الفراش و أشباه الجراد و اليعاسيب و ذلك أن هذه الضروب مبثوثه في الجو لا يخلو منها موضع و اعتبر ذلك بأنك إذا وضعت سراجا بالليل في سطح أو عرصة دار اجتمع عليه من هذه الضروب شيء كثير فمن أين يأتي ذلك كله إلا من القرب فإن قال قائل إنه يأتي من الصحاري و البراري قيل له كيف يوافي تلك الساعة من موضع بعيد و كيف يبصر من ذلك البعد سراجا في دار محفوفة بالدور فيقصد إليه مع أن هذه عيانا تتهافت على السراج من قرب فيدل ذلك على أنها منتشرة في كل موضع من الجو فهذه الأصناف من الطير تلتمسها إذا خرجت فتتقوت بها فانظر كيف وجه الرزق لهذه الطيور التي لا تخرج إلا بالليل من هذه الضروب المنتشرة في الجو و اعرف ذلك المعنى في خلق هذه الضروب المنتشرة التي عسى أن يظن ظان أنها فضل لا معنى له