و لقد قال قوم من جهلة المتكلمين و ضعفة المتفلسفين بقلة التمييز و قصور العلم لو كان بطن الإنسان كهيئة القباء يفتحه الطبيب إذا شاء فيعاين ما فيه و يدخل يده فيعالج ما أراد علاجه أ لم يكن أصلح من أن يكون مصمتا محجوبا عن البصر و اليد لا يعرف ما فيه إلا بدلالات غامضة كمثل النظر إلى البول و جس العرق و ما أشبه ذلك مما يكثر فيه الغلط و الشبهة حتى ربما كان ذلك سببا للموت فلو علم هؤلاء الجهلة أن هذا لو كان هكذا كان أول ما فيه أن كان يسقط عن الإنسان الوجل من الأمراض و الموت و كان يستشعر البقاء و يغتر بالسلامة فيخرجه ذلك إلى العتو و الأشر ثم كانت الرطوبات التي في البطن تترشح و تتحلب فيفسد على الإنسان مقعده و مرقده و ثياب بدلته و زينته بل كان يفسد عليه عيشه ثم إن المعدة و الكبد و الفؤاد إنما تفعل أفعالها بالحرارة الغريزية التي جعلها الله محتبسة في الجوف فلو كان في البطن فرج ينفتح حتى يصل البصر إلى رؤيته و اليد إلى علاجه لوصل برد الهواء إلى الجوف فمازج الحرارة الغريزية و بطل عمل الأحشاء فكان في ذلك هلاك الإنسان أ فلا ترى أن كلما تذهب إليه الأوهام سوى ما جاءت به الخلقة خطأ و خطل