روى محمد بن سنان قال حدثني المفضل بن عمر قال كنت ذات يوم بعد العصر جالسا في الروضة بين القبر و المنبر و أنا مفكر فيما خص الله تعالى به سيدنا محمدا ص من الشرف و الفضائل و ما منحه و أعطاه و شرفه و حباه مما لا يعرفه الجمهور من الأمة و ما جهلوه من فضله و عظيم منزلته و خطير مرتبته فإني لكذلك إذ أقبل ابن أبي العوجاء فجلس بحيث أسمع كلامه فلما استقر به المجلس إذ رجل من أصحابه قد جاء فجلس إليه فتكلم ابن أبي العوجاء فقال لقد بلغ صاحب هذا القبر العز بكماله و حاز الشرف بجميع خصاله و نال الحظوة في كل أحواله فقال له صاحبه إنه كان فيلسوفا ادعى المرتبة العظمى و المنزلة الكبرى و أتى على ذلك بمعجزات بهرت العقول و ضلت فيها الأحلام و غاصت الألباب على طلب علمها في بحار الفكر فرجعت خاسئات و هي حسر فلما استجاب لدعوته العقلاء و الفصحاء و الخطباء دخل الناس في دينه أفواجا فقرن اسمه باسم ناموسه فصار يهتف به على رءوس الصوامع في جميع البلدان و المواضع التي انتهت إليها دعوته و علتها كلمته و ظهرت فيها حجته برا و بحرا سهلا و جبلا في كل يوم و ليلة خمس مرات مرددا في الأذان و الإقامة ليتجدد في كل ساعة ذكره و لئلا يخمل أمره فقال ابن أبي العوجاء دع ذكر محمد ص فقد تحير فيه عقلي و ضل في أمره فكري و حدثنا في ذكر الأصل الذي نمشي له ثم ذكر ابتداء الأشياء و زعم أن ذلك بإهمال لا صنعة فيه و لا تقدير و لا صانع و لا مدبر بل الأشياء تتكون من ذاتها بلا مدبر و على هذا كانت الدنيا لم تزل و لا تزال