تأمل يا مفضل هذه القوى التي في النفس و موقعها من الإنسان أعني الفكر و الوهم و العقل و الحفظ و غير ذلك أ فرأيت لو نقص الإنسان من هذه الخلال الحفظ وحده كيف كانت تكون حاله و كم من خلل كان يدخل عليه في أموره و معاشه و تجاربه إذا لم يحفظ ما له و ما عليه و ما أخذه و ما أعطى و ما رأى و ما سمع و ما قال و ما قيل له و لم يذكر من أحسن إليه ممن أساء به و ما نفعه مما ضره ثم كان لا يهتدي لطريق لو سلكه ما لا يحصى و لا يحفظ علما و لو درسه عمره و لا يعتقد دينا و لا ينتفع بتجربة و لا يستطيع أن يعتبر شيئا على ما مضى بل كان حقيقا أن ينسلخ من الإنسانية