فكر في إنارته في ظلمة الليل و الأرب في ذلك فإنه مع الحاجة إلى الظلمة لهدوء الحيوان و برد الهواء على النبات لم يكن صلاح في أن يكون الليل ظلمة داجية لا ضياء فيها فلا يمكن فيه شيء من العمل لأنه ربما احتاج الناس إلى العمل بالليل لضيق الوقت عليهم في بعض الأعمال في النهار و لشدة الحر و إفراطه فيعمل في ضوء القمر أعمالا شتى كحرث الأرض و ضرب اللبن و قطع الخشب و ما أشبه ذلك فجعل ضوء القمر معونة للناس على معايشهم إذا احتاجوا إلى ذلك و أنسا للسائرين و جعل طلوعه في بعض الليل دون بعض و نقص مع ذلك عن نور الشمس و ضيائها لكيلا ينبسط الناس في العمل انبساطهم بالنهار و يمتنعوا من الهدوء و القرار فيهلكهم ذلك و في تصرف القمر خاصة في مهله و محاقه و زيادته و نقصانه و كسوفه من التنبيه على قدرة الله تعالى خالفه المصرف له هذا التصريف لصلاح العالم ما يعتبر به المعتبرون