تقدر بقدرها :
متى تحقق الاضطرار حل للمضطر يتناول من الشيء المحظور مقدار من يرتفع به الضرر، ومن هنا اشتهر بين الفقهاء: «الضرور تقدّر بقدرها» ويدل عليه قوله تعالى: مَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ. والباغي من يرتكب الحرام من غير ضرورة، والعادي من يضطر إليه، ولكنه يتجاوز مقدار الحاجة الملحة ([1]). وقال الإمام الصادق عليهالسلام: اباح اللّه للمضطر ـ من الحرام ـ في الوقت الذي لا يقوم بدنه إلاّ به، فأمره أن ينال منه بقدر البلغة لا غير .
وتسأل: لو افترض ان المضطر امتنع تنزهاً عن الحرام، وآثر الضرر، هل يعد عاصياً مستحقاً للعقاب، والحال هذه ؟
أجل، هو آثمّ، لأنه خلاف قوله تعالى: وَلاَ تُلقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهلكَةِ وقد روي عن الإمام عليهالسلام أنّه قال: «من اضطر إلى الميتة والدم ولحم الخنزير فلم يأكلّ شيئاً من ذلك، حتّى يموت فهو كافر». قال صاحب الجواهر: «ان ضعف هذه الرواية يجبره عمل الفقهاء» .
ونحن على يقيم بان هذا ليس من الورع في شيء، وانما الورع والتقورى في التضحية، وتحمل الضرر، لإعزاز كلة الحق والدين لا في الامتناع عن النجس مع الاضطار إليه .
______________________________________
[1] كثرت الاقوال في تفسير الباغي والعادي، والذي ذكرناه هو المفهوم من لفظ الآية وسياقها .