هل رأيت يا مفضل هذا الطائر الطويل الساقين و عرفت ما له من المنفعة في طول ساقيه فإنه أكثر ذلك في ضحضاح من الماء فتراه بساقين طويلين كأنه ربيئة فوق مرقب و هو يتأمل ما يدب في الماء فإذا رأى شيئا مما يتقوت به خطا خطوات رقيقا حتى يتناوله و لو كان قصير الساقين و كان يخطو نحو الصيد ليأخذه يصيب بطنه الماء فيثور و يذعر منه فيفرق عنه فخلق له ذلك العمودان ليدرك بهما حاجته و لا يفسد عليه مطلبه تأمل ضروب التدبير في خلق الطائر فإنك تجد كل طائر طويل الساقين طويل العنق و ذلك ليتمكن من تناول طعمه من الأرض و لو كان طويل الساقين قصير العنق لما استطاع أن يتناول شيئا من الأرض و ربما أعين مع العنق بطول المناقير ليزداد الأمر عليه سهولة و إمكانا أ فلا ترى أنك لا تفتش شيئا من الخلقة إلا وجدته على غاية الصواب و الحكمة