فكر في هذا الفلك بشمسه و قمره و نجومه و بروجه تدور على العالم هذا الدوران الدائم بهذا التقدير و الوزن لما في اختلاف الليل و النهار و هذه الأزمان الأربعة المتوالية من التنبيه على الأرض و ما عليها من أصناف الحيوان و النبات من ضروب المصلحة كالذي بينت و شخصت لك آنفا و هل يخفى على ذي لب أن هذا تقدير مقدر و صواب و حكمة من مقدر حكيم فإن قال قائل إن هذا شيء اتفق أن يكون هكذا فما منعه أن يقول مثل هذا في دولاب يراه يدور و يسقي حديقة فيها شجر و نبات فيرى كل شيء من آلاته مقدرا بعضه يلقى بعضا على ما فيه صلاح تلك الحديقة و ما فيها و بم كان يثبت هذا القول لو قاله و ما ترى الناس كانوا قائلين له لو سمعوه منه أ فينكر أن يقول في دولاب خشب مصنوع بحيلة قصيرة لمصلحة قطعة من الأرض أنه كان بلا صانع و مقدر و يقدر أن يقول في هذا الدولاب الأعظم المخلوق بحكمة تقصر عنها أذهان البشر لصلاح جميع الأرض و ما عليها أنه شيء اتفق أن يكون بلا صنعة و لا تقدير لو اعتل هذا الفلك كما تعتل الآلات التي تتخذ للصناعات و غيرها أي شيء كان عند الناس من الحيلة في إصلاحه