اعتبر لم لا يتشابه الناس واحد بالآخر كما تتشابه الوحوش و الطير و غير ذلك فإنك ترى السرب من الظباء و القطا تتشابه حتى لا يفرق بين واحد منها و بين الأخرى و ترى الناس مختلفة صورهم و خلقهم حتى لا يكاد اثنان منهم يجتمعان في صفة واحدة و العلة في ذلك أن الناس محتاجون إلى أن يتعارفوا بأعيانهم و حلاهم لما يجرى بينهم من المعاملات و ليس يجري بين البهائم مثل ذلك فيحتاج إلى معرفة كل واحد منها بعينه و حليته أ لا ترى أن التشابه في الطير و الوحش لا يضرها شيئا و ليس كذلك الإنسان فإنه ربما تشابه التوأم تشابها شديدا فتعظم المئونة على الناس في معاملتهما حتى يعطى أحدهما بالآخر و يؤخذ أحدهما بذنب الآخر و قد يحدث مثل هذا في تشابه الأشياء فضلا عن تشابه الصور فمن لطف بعباده بهذه الدقائق التي لا تكاد تخطر بالبال حتى وقف بها على الصواب إلا من وسعت رحمته كل شيء لو رأيت تمثال الإنسان مصورا على حائط و قال لك قائل إن هذا ظهر هنا من تلقاء نفسه لم يصنعه صانع أ كنت تقبل ذلك بل كنت تستهزئ به فكيف تنكر هذا في تمثال مصور جماد و لا تنكر في الإنسان الحي الناطق