ثم قال أبتدئ لك بذكر الحيوان ليتضح لك من أمره ما وضح لك من غيره فكر في أبنية أبدان الحيوان و تهيئتها على ما هي عليه فلا هي صلاب كالحجارة و لو كانت كذلك لا تنثني و لا تتصرف في الأعمال و لا هي على غاية اللين و الرخاوة فكانت لا تتحامل و لا تستقل بأنفسها فجعلت من لحم رخو ينثني تتداخله عظام صلاب يمسكه عصب و عروق تشده و تضم بعضه إلى بعض و غلقت فوق ذلك بجلد يشتمل على البدن كله و أشباه ذلك هذه التماثيل التي تعمل من العيدان و تلف بالخرق و تشد بالخيوط و تطلي فوق ذلك بالصمغ فتكون العيدان بمنزلة العظام و الخرق بمنزلة اللحم و الخيوط بمنزلة العصب و العروق و الطلاء بمنزلة الجلد فإن جاز أن يكون الحيوان المتحرك حدث بالإهمال من غير صانع جاز أن يكون ذلك في هذه التماثيل الميتة فإن كان هذا غير جائز في التماثيل فبالحري أن لا يجوز في الحيوان