سمع البهلول يوماً إلى أبي حنيفة يذكر لأصحابه أن من مقالة جعفر الصادق (ع) ثلاثة لا أقبلها منه يقول: إن الشيطان يُعذب بالنار، مع أن خلقته منها، ولا يتأذى الشيء بما هو من سنخه.. ويقول: بنفي الرؤية عن الله، مع أنه شيء موجود لا بد فيه من الرؤية.. ويقول:باستناد أفعال العباد إلى أنفسهم، والنصوص على خلافه.
فألهم بهلول في جوابه عن كل ذلك، بأن أخذ مدرة من الأرض وضرب بها وجه أبي حنيفة، بحيث قد شجه وأدماه، فتبعه القوم إلى أن وقعوا عليه وأتوا به إلى دار الخليفة رعاية لنسبته منه، ومعهم أبو حنيفة، فالتفت بهلول إليه في محضر الرشيد، قال: ما أشهدك في هذا المقام للشكاية مني، فقال أبو حنيفة: ألم أصابني من رميتك إليَّ، فقال:
وأين هذا الألم الذي تدعيه، وليس بمبصر فيك؟.. ثم كيف أنت تأذيت من مدرة وأصلك تراب؟.. ثم كيف نسبتها إليَّ، وكان الأمر بيد غيري؟.. فبهت أبو حنيفة، وعرف أنه لم يرد بذلك إلا جواب تشكيكاته، وقام من المجلس منكوباً.