يقال أن المرحوم آية الله السيد حسين الكوه كمرى، الذي هو من تلامذة صاحب الجواهر والشيخ الأنصاري، وكان مجتهداً مشهوراً، وكان درسه من الدروس الأساسية، ومن الواضح أن درس الخارج في الفقه والأصول تمهيد للرئاسة والمرجعية، والمرجعية لأي طالب هي بمعنى أنه ينتقل دفعة واحدة من الصفر إلى ما لا نهاية .. وعليه فالطالب الذي له حظ في المرجعية يجتاز مرحلة حساسة – هي مرحلة تدريس الخارج – وكان السيد الكوه كمري في مثل هذه المرحلة.
ذات يوم كان عليه الرحمة عائداً من مكان – مثلاً من زيارة شخص – لم يكن قد بقي إلى حين درسه أكثر من نصف ساعة ، فرأى أن الوقت لا يتسع للذهاب إلى البيت ، ولذا فضّل أن يجلس في المسجد بانتظار موعد الدرس، دخل المسجد ولم يكن قد حضر أحد من طلابه ، رأى في زاوية المسجد شيخاً عادياً جداً جالساً مع عدة طلاب يدرسهم، استمع المرحوم السيد حسين إلى درسه .. وبمنتهى الغرابة رأى أن هذا الشيخ العادي قمة في التحقيق،حمله ذلك على أن يأتي في اليوم التالي مبكراً عمداً ويستمع إلى درسه ، جاء واستمع فازداد اقتناعاً بانطباعه الذي كونه في اليوم الماضي، وتكرر ذلك لعدة أيام، فحصل للمرحوم السيد حسين اليقين بأن هذا الشيخ أعلم منه، وأنه يستفيد من درسه، وأنه إذا حضر تلامذته درس هذا الشيخ فسيستفيدون أكثر..
هنا رأى نفسه مخيراً بين التسليم والعناد، بين الإيمان والكفر، بين الآخرة والدنيا، وفي اليوم التالي عندما جاء طلابه اجتمعوا قال:
أيها الأحبة!.. أريد اليوم أن أقول لكم شيئاً جديداً: هذا الشيخ الجالس في ذلك الجانب مع عدة طلاب أحق مني بالتدريس، وأنا أستفيد منه، والآن نذهب كلنا إلى درسه، والتحق بحلقة درس الشيخ العادي المستضعف الذي كانت آثار الفقر بادية عليه، هذا الشيخ الرث اللباس هو الذي عرف فيما بعد باسم الشيخ مرتضى الأنصاري الدزفولي (استاذ المتأخرين).