سمعت من سماحة السيد عبد الحميد الأصفهاني (حفظه الله) حفيد المرجع الكبير آية الله العظمى السيد أبي الحسن الأصفهاني رحمه الله، نقلاً عن آية الله حجت رحمه الله قال: كان في كربلاء طالب اسمه (السيد علي الأصفهاني) يذهب إلى النجف الأشرف للزيارة، ولكنه يتأخر شهرين أو ثلاثة أشهر.
فسألته مرة: لماذا تتأخر؟.. ألا تفكر في دروسك؟..
قال: يجذبني حب السيد أبي الحسن الأصفهاني، هذا المجتهد الورع الكبير، وما تدري كم هذا الرجل عظيم؟!..
قلت: وهل وجدت منه ما يدعوك لهذا الإعجاب؟..
قال: كنت مجذوباً بعباداته وهيبته المعنوية، فقد كان يخرج عند بداية الفجر إلى حرم الإمام أمير المؤمنين (ع) ليصلي الصبح، وكنت مع بعض مرافقيه أمشي خلفه.
وذات يوم، تأخر السيد في الخروج من المنزل، ولم يكن أحد من مرافقيه أيضاً قد حضر، وربما كان السيد أخبرهم من قبل أن لا يأتوا ذلك اليوم، وأنا ما كنت أعلم بذلك لأني لست من مرافقيه المقرّبين الثابتين.
فانتظرته كثيراً وكاد اليأس يتسرب إلى كياني بالانصراف، فهممت بالذهاب إلى الحرم لوحدي، وإذا بالسيد خرج يمشي وحيداً، فمشيت خلفه بمسافة، ولم يكن يدري أو يتوقع أحداً يمشي ورائه، وكانت السماء مظلمة وأذان الصبح بعد لم يحن.. مشى هذا المرجع العظيم حتى رأيته أدخل ظرفاً - ويبدو فيه نقود - من طرف باب منزل أحد الفقراء، ثم واصل مشيه.
هنالك اطلعت على (صدقة السر) التي يمارسها الأولياء بعيداً عن الرياء.. فازددت انجذاباً لشخصية هذا المرجع الكريم.