كان والد الملا محمد صالح المازندراني قد ابتلي بالفقر والفاقة، وقد قال لولده الملا محمد صالح يوماً: فكر في أمر معاشك لأني لا أتمكن من تحمل معاشك بعد هذا اليوم، فاضطر الملا محمد صالح إلى أن يهاجر إلى أصفهان ويسكن في إحدى مدارسها، وكانت لهذه المدرسة موقوفة تعطي لكل شخص في اليوم الواحد (غازيني) العملة الرائجة في ذلك الزمان، إلا أنها لم تكن كافية لمصرف يوم واحد، وكان الملا صالح ولمدة طويلة يطالع على ضوء بيت الخلاء، ومع كل هذه الظروف القاسية التي مر بها إلا أنه استمر في طلب العلم صابراً صامداً حتى بلغ درجة من العلم والفضل أهلته للمشاركة في درس الملا محمد تقي المجلسي (رحمه الله) وما أن مرت الأيام حتى صار يشار إليه بالبنان، وصار من أبرز تلامذة المجلسي وكانت له مهارة فائقة في مسائل الجرح والتعديل، حتى أصبح موضع اعتماد الأستاذ ونال مرتبة سامية.
وذات يوم طلب منه أستاذه الملا محمد تقي المجلسي (رحمه الله) بعد انتهاء الدرس أن يسمح له بانتخاب زوجة له، ثم دخل الملا محمد تقي بيته ونادى ابنته الفاضلة العالمة (آمنة بكم) وكانت قد بلغت من العلوم حد الكمال، وقال لها: أي بنية! وقع نظري على زوج لك، هو في نهاية الفقر، ولكنه في الوقت نفسه في غاية الفضل والعلم والتقوى، والأمر موقوف على إذنك.
فقالت آمنة بكم: الفقر ليس بعيب للرجل.
ثم بعد ذلك عقد المرحوم المجلسي مجلساً ليزوج ابنته (آمنة بكم) من الملا محمد صالح. وفي ليلة الزواج رفع الملا محمد صالح البرقع عن وجه العروس لينظر إليها فأخذ يشكر الله المنان وظل مشغولاً بالحمد والشكر، ثم اشتغل بمطالعة دروسه وتهيئتها، فاتفقت له مسألة مشكلة أشغلت باله حتى الصباح، ولما نهض وذهب إلى المسجد لحضور الدرس، أخذت العروس ورقة وحلت المسألة حلاً كاملاً وأودعت الورقة التي كتبت فيها حل المسألة في طيات الكتاب، فلما رجع الملا محمد صالح من الدرس وفتح الكتاب رأى أن المسألة قد حلت بواسطة زوجته، فسر سروراً كبيراً لما عرف من فضل زوجته، فسجد لله شكراً، ومضت على ذلك ثلاثة أيام بلياليها كان الملا صالح مشغولاً فيها بالعبادة والشكر لله، وبعد أن أطلع الملا محمد تقي على هذه القضية قال للملا محمد صالح: إذا لم تعجبك هذه الزوجة فسأختار لك غيرها، فقال: ليس الأمر كذلك، بل أني عاهدت الله أن أكون مشغولاً ثلاثة أيام بلياليها بالعبادة والشكر على هذه النعمة الكبرى.