الحشرات :
لا يوجد في النص دليل على تحريم الحشرات بوجه هام، وعليه فما كان منها ساماً فهو حرام، لمكان الضرر، وما عداه تشمله قاعدة كلّ شيء لك حلال، حتّى تعلم أنّه حرام .
وتقول: ان الفقهاء استدلوا على تحريم الحشرات بأنّها من الخبائث، والخبائث محرمة بنص القرآن الكريم، وهو قوله تعالى: وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ الاعراف: 156 .
والجواب ان الشارع لم يبين ما أراد من الخبائث في قوله: وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ، وقد رأيناه يستعمل لفظ الخبيث في معانٍ شتى، منها الشيطان، كقول الرسول صلى الله عليه و آله وسلم: لا تعودوا الخبيث من أنفسكم، ومنها الانسان، كقوله تعالى: لِيَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ، ومنها الشيء الرديء، لقوله سبحانه: وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ، ومنها اللواط، كقوله عز وجل: وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ القَرْيَةِ الَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبـائِثَ، ومنها البصل والثوم والكراث، كحديث: من أكلّ من هذه الشجرة الخبيثة فلا يقرب مسجدنا، ومنها مهر البغي، كحديث مهر البغي خبيث، وثمن الكلب خبيث، يريد أنّه حرام، ومنها الكلمة كقوله تعالى: ومثل كلمة خبيثة، إلى غير ذلك .
واذا لم يكن للشارع اصطلاح في معنى الخبيث، والمعنى العرفي غير منضبط يكون اللفظ مجملاً، وبديهة أن الواقعة التي ورد النص فيها مجملاً تكون بمنزلة ما لا نص فيه اطلاقاً .
وقال صاحب الجواهر ما ملخصه: ان معنى قوله تعالى: «يحرم عليكم الخبائث» ان كلّ حرام فهو خبيث، وليس معناه أن كلّ خبيث فهو حرام، كي يقال بأن لفظ الخبائث مجمل.
ويلاحظ بإن هذا خلاف ظاهر الآية الكريمة، لأن الخبائث فيها موضوع للتحريم، وليس التحريم موضوعاً للخبائث.. هذا، بالاضافة إلى أن قول صاحب الجواهر يخالف ما عليه الامامية القائلون بأن الله نهى عن هذا، لأنه قبيح وخبيث، وأمر بذاك، لأنه طيب وحسن، ويتفق مع قول الاشاعرة القائلين بأن هذا حسن وطيب، لأن اللّه أمر به، وذاك خبيث وقبيح، لأن اللّه نهى عنه .