الاجارة والقانون :
من المعلوم أن قانون الحومات في هذا العصر يمنع المالك من اخراج المسأجر من ملكه بعد انتهاء أمد الاجارة المتفق عليها بين المؤجر والمستأجر وأيضاً يمنعه من زيادة الأجرة.. بل ان قانون الايجار كثيراً ما يعدّل، ويفرض نقصان الأجرة على المؤجر رغم الاتفاق بينه وبين المستأجر على المبلغ المعين.. فهل يجوز للمستأجر العمل بقانون الحكومة، وان لم يرض المالك ؟
ثمّ ما هو حكم المال الذي يأخذه مستأجر الدكان من المستأجر الثاني، والمعروف عندنا في لبنان باسم الخلوّ، وفي العراق باسم «سر القفلية»: هل هو حلال أو حرام ؟
ولا بد في الجواب من التفصيل بين جهل المالك بالقانون حين الايجار، وبين علمه به، فان أجّر الدار ـ مثلاً ـ قبل أن تصدر الحكومة قانون الايجار، أو بعده، ولكنه كان جاهلاً به حين أوقع الاجارة مع المستأجر، ان كان كذلك فان الايجار ينتهي بانتهاء أمده، ولا يحل للمستأجر العمل بقانون الحكومة، بل يكون حكمه حكم الغاصب اذا سكن وتصرف من غير اذن المالك .
وان أجر المالك مع علمه بقانون الايجار، وأنّه لا يحق له أن يخرج المستأجر، حتّى ولو انتهت المدّة المضروبة بينه وبين المستأجر، ويعلم أيضاً أنّه لا يستطيع زيادة الاجرة مهما ارتفع سعر الايجار، وان عليه أن يتقبل كلّ ما تفرضه الحكومة، ان كان الأمر كذلك يكون الايجار صحيحاً على شرط الحكومة، لأنه قد اقدم عليه بارادته واختياره، ويكون ذلك شرطاً ضمنياً، أو بمنزلته، تماماً كما لو قال المستأجر للمؤجر: استأجرت منك الدار على شرط الحكومة، وعلى النص الموجود في قانون الايجار، وقبل المؤجر بذلك.. وأي مانع في أن يقول المالك للمستأجر: أجرتك الدار كلّ سنة بكذا مدّة حياتك، كما يقول له: اسكنتك اياها مدّة حياتك، حيث اجمع الفقهاء على صحة ذلك كما يأتي في باب السكنى والعمرى.. بل، يصح أن يقول له: آجرتك اياها كلّ سنة بكذا على أن يكون انتهاء الايجار بيدك، ما دام كلّ من المنفعة والاجرة، وابتداء الايجار معلوماً، ومجرد الجهل بنهاية الاجرة لا يستدعي بطلان الاجارة، كما سبق في فقرة «الايجار كلّ شهر بكذا».. أجل، إذا قال المؤجر للمستأجر: لست أرضى بقانون الحكومة بحال، وانما اجري معك الايجار على ما يجري بيننا من الاتفاق، بحيث اه ذا انتهت المدّة المعينة للايجار فعليك تسليم العين المستأجرة، إذا كان الأمر كذلك وجب على المستأجر التقيد بالاتفاق، ولا يجوز له الأخذ والعمل بقانون الحكومة .
ومثل ذلك تماماً حكم الخلو الذي يأخذه مستأجر الدكان من المستأجر الثاني، فإن أجر المالك، وهو على علم بذلك جاز الايجار للثاني وأخذ الخلو منه، لأن اقدامه على ذلك مع علمه بمنزلة الشرط الضمني.. هذا، إلى أنّه قد جرت العادة في هذه الأيام أن يأخذ صاحب الدكان خلواً من المستأجر الأول غير الأجرة المتفق عليها لقاء الخلو الذي يأخذه المستأجر الأول من الثاني. وجاء عن الإمام عليهالسلام رواية تشير إلى جواز أخذ الخلو، فقد سئل عن الرجل يرشو الرشوة على ان يتحول عن منزلة فيسكنه؟ قال: لا بأس به .
وعلى جميع الأحوال لا يجوز أن يؤجر المستأجر غيره بخلو أو غير خلو إذا انتهت مدّة اجارته، وكانا لمالك جاهلاً بالقانون عند الايجار أو كان عالماً ولكنه اشترط على المستأجر أن لا يؤجر غيره.. وبكلمة إذا ذكر الشرط صراحة في متن العقد يجب العمل به، ولا ينظر إلى غيره اطلاقاً، حتّى ولو كان المالك عالماً بقانون الايجار، ومع عدم الشرط ينظر: فإن كان المالك عالماً بقانون الايجار. وأجر، وهو على يقين بأنه سيطبق عليه ألزم به، وان كان جاهلاً بالقانون حين الايجار فعلى المستأجر أن لا يتصرف إلاّ باذن المالك وموافقته، ولا الاجارة والقانون :يبطق عليه قانون الايجار بحال .