الحرام بالواسطة :
قد يصير الحلال بالذات حراماً بالواسطة، طيراً كان أو غيره من الحيوانات. وقد ذكر الفقهاء لهذا التحريم اسباباً ثلاثة :
1 ـ الجلال، وهو أن يتغذى الحيوان أو الطير من عذرة الانسان خاصة دون أن يشرك معها غيرها، يتغذى بها امداً حتّى ينبت عليها لحمه، ويشتد عظمه في نظر العرف، فاذا تغذى من القذارات والنجاسات غير عذرة الانسان، أو تغذى بها وبغيرها معاً فلا يكون جلالاً، وقد ذهب المشهور بشهادة صاحب الجواهر إلى تحريم لحوم الحيوانات والطيور الجلالة، لقول الامام الصادق عليهالسلام: لا تأكلوا من لحوم الجلالات، وان اصابك من عرقها فاغسله.
ويذهب الجلل العارض بالاستبراء، ويحل اكله، وذلك أن يمنع الحيوان عن العلف النجس، ويعلف بالطاهر إلى أمد يزول معه اسم الجلل عرفاً ويختلف الأمد طولاً وقصراً باخلاف الحيوان. وقد روي عن الإمام عليهالسلام أنّه قال: الناقة الجلالة لا يؤكلّ لحمها، ولا يشرب لبنها، حتّى تغذى أربعين يوماً، والبقرة الجلالة لا يؤكلّ لحمها، ولا يشرب لبنها، حتّى تغذى ثلاثين يوماً، والشاة الجلالة لا يؤكلّ لحمها، ولا يشرب لبنها، حتّى تغذى عشرة أيام، والبطة لا يؤكلّ لحمها حتّى تربى خمسة أيام، والدجاجة ثلاثة أيام .
2 ـ اذا وطأ انسان دابة ينظر: فان كانت مما يؤكلّ كالبقرة والغنم فيجب أن تذبح، ثمّ تحرق، ويغرم الواطىء قيمتها للمالك، ان لم يكن هو الفاعل، وان لم تكن مما يؤكل عادة، كالخيل والحمير، فيجب اخراجها إلى بلد آخر، وتباع فيه بأي ثمن، ويُعطى للواطىء، ويغرم هو بدوره القيمة السوقية لصاحبها، فقد سئل الإمام الباقر أبو الإمام جعفر الصادق عليهماالسلام عن الرجل يأتي البهيمة؟ قال: يجلد دون الحد، ويغرم قيمة البهيمة لصاحبها، لأنه أفسدها عليه، وتذبح، وتحرق، ان كانت مما يؤكلّ لحمه، وان كانت مما يركب ظهره أغرم قيمتها، وجلد دون الحد، واخرجت من المدينة التي فعل بها إلى بلد آخر، حيث لا يعرف، فيبيعها فيها كيلا يعرفها.
قال صاحب الجواهر: «لا فرق بين ان يكون الواطىء كبيراً، أو صغيراً، عاقلاً أو مجنوناً، عالماً بالتحريم أو جاهلاً» .
3 ـ اذا شرب الحيوان من لبن خنزيرة، حتّى نبت لحمه، وقوي عظمه حرم لحمه، ولحم نسله، وان شرب منه دون أن ينبت اللحم ويقوى العظم، أو شرب من لبن كلبة، لا خنزيرة فلا يحرم هو ولا نسله، بل يكون مكروهاً، قال صاحب الجواهر: بلا خلاف أجده.. وقال الشهيد الثاني في المسالك: وفيه نصوص كثيرة لا تخلو من ضعف، ولكن لا رادّ لها .